فصل في نكاح العبيد والاماء (مسألة 1): أمر تزويج العبد والامة بيد السيد، فيجوز له تزويجهما (2) ولو من غير رضاهما، أو إجبارهما على ذلك. ولا يجوز لهما العقد على نفسهما من غير إذنه (3)، ] (1) تقدم الكلام في هذه المسألة في المسألة التاسعة عشرة من فصل المحرمات بالمصاهرة. فراجع. فصل في نكاح العبيد والاماء (2) بلا إشكال فيه ظاهر في الجملة. وسيأتي بيان التعرض لذلك في الفتاوى والنصوص في المسألة السادسة عشرة. وتقتضيه قاعدة السلطنة بعد ثبوت قابلية المحل، فإذا كان للحر ولاية تزويج نفسه، فالعبد تكون ولاية تزويجه لمولاه. (3) فقد طفحت بذلك عباراتهم من دون نقل خلاف أو احتمال خلاف في ذلك. وتقتضيه قاعدة السلطنة، فان ثبوت السلطنة على ذلك للمولى يقتضي نفيها عن غيره. مضافا إلى قوله تعالى: (فانكحوهن باذن أهلهن) (* 1)، وبعض النصوص الاتية في المسألة الثانية.
____________
(* 1) النساء:، 25.
===============
( 289 )
[ كما لا يجوز لغيرهما العقد عليهما كذلك (1)، حتى لو كان لهما أب حر. بل يكون إيقاع العقد منهما أو من غيرهما عليهما حراما إذا كان ذلك بقصد ترتيب الاثر (2). ولو لا مع إجازة المولى. نعم لو كان ذلك بتوقع الاجارة منه فالظاهر عدم حرمته، لانه ليس تصرفا في مال الغير عرفا (3) كبيع الفضولي مال غيره. وأما عقدهما على نفسهما (4) من غير إذن المولى، ومن غيرهما (5) بتوقع الاجازة فقد يقال بحرمته (6) ] (1) لما عرفت، من غير فرق بين أن يكون العاقد أبا حرا، وغيره، لعموم القاعدة للجميع. (2) لحكم العقل باستحقاق العقاب على ما يصدر من المكلف من فعل أو ترك بقصد التوصل إلى الحرام، فتكون الحرمة عقلية لا شرعية. (3) لاختصاص التصرف في مال غيره المحرم بما يكون تصرفا خارجيا، وإيقاع التزويج - كايقاع البيع الفضولي - من التصرف الاعتباري، فلا يدخل في الدليل. (4) لم يتضح الفرق بين هذه المسألة وما قبلها، فان ما قبلها كان في عقدهما على أنفسهما، وعقد غيرهما عليهما، وفي هذه المسألة كذلك. (5) التصرف من غيرهما لا يناسب التعليل الاتي، فاللازم الضرب عليه. والمظنون أن أصل العبارة غير موجود فيه قوله: " ومن غيرهما ". كما أن أصل العبارة السابقة هكذا: " نعم لو كان ذلك من غيرهما بتوقع الاجازة.. ". فتكون العبارة السابقة في إيقاع الغير لا غير، وهذه العبارة في إيقاعهما لا غير. فحينئذ تختلف المسألتان. وقد راجعت نسخة الاصل فوجدتها كما ذكرنا، على ما هو الظاهر. (6) يظهر ذلك من الجواهر، فانه بعد قول ماتنه: " لا يجوز للعبد
===============
( 290 )
[ لسلب قدرتهما وإن لم يكونا مسلوبي العبارة. لكنه مشكل، لانصراف سلب القدرة عن مثل ذلك (1). وكذا لو باشر أحدهما العقد للغير باذنه أو فضولة، فانه ليس بحرام على الاقوى وإن قيل بكونه حراما (2). (مسألة 2): لو تزوج العبد من غير إذن المولى وقف على إجازته، فان أجاز صح. وكذا الامة على الاقوى (3). ] ولا للامة أن يعقدا لانفسهما نكاحا إلا باذن المالك " قال: " بل ولا يجوز - على الاصح - أن يعقدا لغيرهما أيضا ذلك ولا غيره من العقود. وإن كان لو وقع منهما ترتب الاثر وإن أثما "، فحمل كلام الشرائع على نفي الجواز التكليفي. وفي الرياض: علل الحكم المذكور في متن الشرائع بانهما ملك له، فلا يتصرفان في ملكه بغير إذنه، لقبحه. إنتهى. ونحوه كلام غيرهما. (1) هذا الانصراف غير ظاهر. نعم ما جرت السيرة على وقوعه بغير إذن الولي مخصص لعموم سلب القدرة. لكن في كون المقام منه غير ظاهر. ومن ذلك يشكل ما يأتي في قوله (ره): " على الاقوى ". (2) تقدم ذلك عن الجواهر. (3) كما عن الاشهر، أو الاكثر، أو المشهور. وفي الشرائع: أنه الاظهر. وفي المختصر النافع: أنه أشبه. للتصريح بذلك في جملة من النصوص الواردة في العبد، كمصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): " سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده. فقال (ع): ذلك إلى سيده إن شاء أجازه. وإن شاء فرق بينهما. قلت: أصلحك الله تعالى، إن الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد، ولا تحل إجازة السيد له. فقال أبو جعفر (ع): إنه لم يعص الله سبحانه،
===============
( 291 )
إنما عصى سيده، فإذا أجازه فهو له جائز " (* 1). والمراد من معصية السيد فعله بغير إذنه، كما أن المراد من عدم معصية الله سبحانه فعله باذنه. توضيح ذلك: أن المعصية إنما يصح اعبتارها في التكليف، فهي الجري على خلاف مقتضى التكليف، كما أن الاطاعة الجري على وفق مقتضى التكليف، والمقام لما لم يكن فيه تكليف، لا من الله تعالى، ولا من السيد، تعين أن يكون المراد بالمعصية فيه معنى آخر، وهو فعل ما لم يأذن به، فمعصية السيد فعل ما لم يأذن به السيد. وعدم معصية الله تعالى عدم فعل ما لم يأذن به الله تعالى، بأن كان فعله مأذونا فيه منه تعالى، فان عقد العبد لا قصور فيه في نفسه، فهو مشروع، ومأذون فيه من الله تعالى، فلم يكن فعله معصية لله تعالى بهذا المعنى، كما انه لم يأذن فيه السيد، فيكون فعله معصية للسيد بهذا المعنى. ويشير إلى ما ذكرنا خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: " سألته عن رجل تزوج عبده امرأة بغير إذنه، فدخل بها، ثم أطلع على ذلك مولاه. قال (ع): ذاك لمولاه إن شاء فرق بينهما، وإن شاء أجاز نكاحهما. فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها، إلا أن يكون اعتدى فاصدقها صداقا كثيرا. وإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الاول. فقلت لابي جعفر (ع): فان أصل النكاح كان عاصيا؟ فقال أبو جعفر (ع): إنما أتى شيئا حلالا، وليس بعاص لله، إنما عصى سيده، ولم يعص الله، إن ذلك ليس كاتيان ما حرم الله عليه، من نكاح في عدة وأشباهه " (* 2). ومن النصوص الواردة في العبد صحيح معاوية بن وهب قال: " جاء رجل إلى أبي عبد الله (ع) فقال: إني كنت مملوكا لقوم، وإني تزوجت امرأة حرة بغير إذن موالي، ثم أعتقوني
____________
(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2.
===============
( 292 )
بعد ذلك، فاجدد نكاحي إياها حين اعتقت؟ فقال (ع) له: أكانوا علموا أنك تزوجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ فقال نعم، وسكتوا عني ولم يغيروا علي. قال: فقال: سكوتهم عنك بعد علمهم إقرار منهم. اثبت على نكاحك الاول " (* 1). ونحوها خبر الحسن بن زياد الطائي (* 2) وغيره. ومن التعليل في الصحيح يظهر عموم الحكم للامة. مضافا إلى إطلاق النصوص الدالة على أنه لا يجوز تزويج الامة إلا باذن مولاها، مثل خبر أبي العباس البقباق: " قلت لابي عبد الله (ع): يتزوج الرجل بالامة بغير علم أهلها. قال: هو زنا إن الله تعالى يقول: (فانكحوهن باذن أهلهن) " (* 3) وموثق أبي بصير قال: " سألت أبا عبد الله (ع): عن نكاح الامة. قال (ع): لا يصلح نكاح الامة إلا باذن مولاها " (* 4) بناء على عمومها للاذن بعد العقد، كما تحقق ذلك في مبحث الفضولي. وقوله (ع): " هو زنا " مختص بصورة عدم الاذن، كما يظهر من الاستشهاد بالآية الشريفة. وقيل بالبطلان فيهما، وهو المحكي عن أكثر القائلين ببطلان نكاح الفضولي، وإن كان بعضهم بنى على الصحة في العبد، كالشيخ في الخلاف والمبسوط، فقد حكي عنه أنه استثنى نكاح العبد بدون إذن سيده. وفيه: أن البناء على بطلان الفضولي في النكاح، لا يقتضي البناء عليه في المملوك، للنصوص الخاصة به التي عرفتها. وقيل بالبطلان، وأن الاجازة كالعقد المستأنف. حكي عن النهاية والتهذيب والمهذب. لكن في كشف اللثام - تبعا للمختلف - حمل البطلان
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 26 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 4.
===============
( 293 )
[ والاجازة كاشفة (1). ولا فرق في صحته بها بين أن يكون بتوقعها، أو لا بل على الوجه المحرم. ولا يضره النهي، لانه متعلق بأمر خارج (2) متحد. والظاهر اشتراط عدم الرد منه ] على التزلزل، فيرجع هذا القول إلى المشهور. وقيل بالبطلان في الامة، والصحة في العبد. حكي عن ابن حمزة. واختاره في الحدائق. للنصوص الورادة في الامة، المتضمنة أن نكاحها بغير إذن مولاها فاسد أو زنا بناء منه على عدم عمومها للاذن بعد العقد. وأما الصحة في العبد فلما تقدم من النصوص. وفيه: ما عرفت في وجه الاستشهاد بنصوص الامة. (1) قد تحقق في مبحث الفضولي: أن الاجازة كاشفة. على نحو الكشف الانقلابي، بمعنى: أن الشارع حين الاجازة يحكم بصحة العقد، وثبوت مضمونه. ومضمون العقد وإن كان نفس الزوجية لا الزوجية حين العقد، إلا أن المرتكز العرفي كون الزوجية من قبيل المسبب عن العقد، على نحو المسببات الحقيقية عن أسبابها، بحيث لا تنفك عنها. وهذا الارتكاز قرينة على حمل عمومات الصحة والنفوذ على النحو المذكور من النفوذ، أعني: النفوذ على نحو المقارنة. فلاحظ ومبحث الفضولي من كتابنا نهج الفقاهة. (2) التحقيق: أن النهي في المعاملات سواء كان متعلقا بأمر داخل أم خارج، متحد مع المعاملة أو غير متحد - لا يقتضي فساد المعاملة، فان النهي عن البيع وقت النداء نهي عن أمر داخل، بل عن نفس مضمون العقد، ولا يقتضي فساد العقد، ولا عدم ترتب المضمون. نعم في العبادات يمكن التفصيل بين النهي عن العبادة نفسها أو عن أمر داخل فيها، كالجزء، وبين النهي عن أمر خارج، فان الاول يقتضي الفساد، والثاني لا يقتضيه إذا لم يكن المنهي عنه متحدا مع ذات العبادة، ومع الاتحاد يقتضي الفساد،
===============
( 294 )
[ قبل الاجازة، فلا تنفع الاجازة بعد الرد (1). وهل يشترط في تأثيرها عدم سبق النهي من المولى فيكون النهي السابق كالرد بعد العقد، أو لا؟ وجهان. أقواهما: الثاني (2). (مسألة 3): لو باشر المولى تزويج عبده أو اجبره على التزويج فالمهر إن لم يعين في عين يكون في ذمة المولى (3) ] إلا بناء على جواز اجتماع الامر والنهي. ثم إنك عرفت أن حرمة العقد لا بتوقع الاجازة عقلية، لا شرعية، فالنهي إرشادي من باب لزوم دفع الضرر، لا شرعي، فاستحقاق العقاب علة للنهي، لا معلول له. ثم إن صحة العقد الواقع على الوجه المحرم بالاجازة اللاحقة صريح النصوص المتقدمة. (1) كما هو المشهور، بل المدعى عليه الاجماع. وكأن الوجه فيه: أن الرد بمنزلة الحائل بين الاجازة والعقد، فلا يمكن ارتباط الاجازة به، كما إذا كان بعد الايجاب قبل القبول، فانه مانع من ارتباط الايجاب بالقبول عرفا. (2) لعمومات الصحة. وعن جماعة: البناء على البطلان. وهو غير ظاهر الوجه، إلا بناء على أن النهي السابق على العقد يستوجب وقوع الكراهة حال العقد وبعده آنا ما، فيكون الكراهة بمنزلة الرد. وفيه: أن الكراهة لا تكون ردا، ولذا يصح عقد المكره إذا أجاز بعد ذلك. وبالجملة: عمومات الصحة لا فرق في شمولها لعقد الفضولي بين سبق النهي وعدمه. (3) الكلام تارة يكون في المهر المذكور في متن العقد. وأخرى في المهر المستحق بالوطء إذا لم يذكر المهر في العقد. والظاهر أن مورد فرض المسألة الصورة الاولى. وحينئذ يكون الوجه فيه ظاهر، لان المهر المذكور لما لم يعين في ذمة ولا في عين انصرف إلى ذمة العاقد المباشر
===============
( 295 )
[ ويجوز أن يجعله في ذمة العبد يتبع به بعد العتق مع رضاه. وهل له ذلك قهرا عليه؟ فيه إشكال (1) كما إذا استدان على أن يكون الدين في ذمة العبد من غير رضاه. وأما لو اذن له في التزويج فان عين كون المهر في ذمته، أو في ذمة العبد أو في عين معين تعين (2). وإن أطلق ففي كونه في ذمته، أو في ذمة العبد مع ضمانه له وتعهده أدائه عنه (3)، أو كونه في كسب العبد، وجوه. أقواها: الاول (4). لان الاذن في الشئ إذن في ] وعهدته، وفي صورة الاجبار يكون الامر بمنزلة المباشر. لكنه غير ظاهر. فالاولى إلحاق صوره الاجبار بالصورة الاتية. (1) للاشكال في دخول الذمة تحت سلطان المالك، لان الملكية قائمة بالعبد لا بذمته، فلا تكون ذمته مملوكة، ولا تحت ولاية المالك. إلا ان يقال: إن الذمة من شؤون المملوك، فتكون تحت ولاية مالكه. ويحتمل أن يكون وجهه الاشكال في أن العبد حر بعد العتق، فكونه يتبع به بعد العتق حق عليه في حال الحرية، فلا سلطان للمولى على جعله. إلا أن يقال: إن المجعول أن يكون عليه حال الرقية أن يدفعه حال الحرية، فالحق المجعول عليه جعل عليه في حال الرقية، لا في حال الحرية. (2) لانه مقتضى سلطان المولى. (3) الظاهر أن المراد من الضمان التعهد بالاداء، لا الضمان الاصطلاحي، بأن يكون المهر في ذمة المولى بعد أن كان في ذمة العبد. (4) كما في الشرائع والقواعد، وغيرهما. وحكي عن ابني حمزة وادريس وفي المسالك: أنه المشهور، وأنه الاصح. لان الاذن في النكاح يستلزم الاذن في توابعه ولوازمه، كما لو أذن له في الاحرام بالحج، فانه يكون
===============
( 296 )
[ لوارمه. وكون المهر عليه - بعد عدم قدرة العبد على شئ، ] إذنا في توابعه من الافعال وإن لم يذكر. إنتهى. لكن التعليل المذكور إنما يقتضي الاذن في جعل المهر، لا كون المهر في ذمة المولى. نعم لو ثبت أن العبد لا ذمة له تعين أن يكون المهر المجعول المأذون في جعله في ذمة المولى. ولكنه غير ظاهر. بل خلاف المتسالم عليه. فقد ذكروا أنه إذا جعل المهر أكثر من مهر المثل كان الزائد على مهر المثل في ذمته. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما في الجواهر من الاستدلال على المشهور بقوله: " ضرورة عدم ذمة للعبد صالحة للاشتغال، وإلى لكان المهر جميعه فيها، ولم يقل به أحد ". وأما عدم كون المهر جميعه فيها إذا كان زائدا على مهر المثل فليس ذلك لعدم ذمة للعبد، بل من الجائز أن يكون لدليل آخر. ولاجل ما ذكرنا من الاشكال على التعليل فسره في المتن: بأن المراد أن من لوازم الاذن في التزويج عرفا أن يكون المهر على المولى، لعدم قدرة العبد وكونه كلا على مولاه. فالجعل في ذمة العبد وإن كان ممكنا لكنه خلاف ظاهر الاذن عرفا. فكأن مراد المسالك ذلك. وكذا قبله في جامع المقاصد، فقد ذكر فيه التعليل بعينه، بزيادة أن النكاح يمتنع إخلاؤه عن المهر، والعبد لا يملك شيئا، فلا يجب عليه شئ لامتناع أن يجب عليه ما لا يقدر عليه، لامتناع التكليف بما لا يطاق. فيكون وجوبه على المولى. انتهى. فلو لم يكن تعهد من المولى بالمهر كان الاذن صوريا، لا جديا. هذا بالنظر إلى الغالب. ولذلك كان الاذن دالا على كون المولى متعهدا بالمهر بالدلالة العرفية. وليس من باب أن الاذن في الشئ إذن في لوازمه، بل من باب أن لازم الاذن عرفا التعهد بالمهر. وكان الاولى لذلك إسقاط الجملة الاولى من التعليل، والاقتصار على ما بعدها. وهو غير بعيد.
===============
( 297 )
[ وكونه كلا على مولاه - من لوازم الاذن في التزويج عرفا. وكذا الكلام في النفقة. ويدل عليه أيضا في المهر رواية علي ابن أبي حمزة (1)، وفي النفقة موثقة عمار الساباطي (2). ولو تزوج العبد من غير إذن مولاه ثم أجاز، ففي كونه كالاذن ] (1) رواها عنه الحسن بن محبوب عن أبي الحسن (ع): " في رجل يزوج مملوكا له امرأة حرة على مائة درهم. ثم إنه باعه قبل أن يدخل عليها. فقال (ع) يعطيها سيده من ثمنه نصف ما فرض لها. إنما هو بمنزلة دين له استدانه بأمر سيده " (* 1). ومن ذيلها يظهر أن التزويج كان من العبد باذن المولى، لا من المولى مباشرة كما يظهر من صدر الرواية، وإلا لم ينسجم بذيلها. فلاحظ. (2) قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أذن لعبده في تزويج امرأة فتزوجها ثم ان العبد أبق من مواليه، فجائت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد. فقال (ع): ليس على مولاه نفقة وقد بانت عصمتها منه. فان إباق العبد طلاق إمرأته... " (* 2). فان تعليل نفي النفقة على المولى بأنها بانت عصمتها يدل على ثبوتها على السيد مع عدم البينونة. وعن المبسوط وابنى البراج وسعيد: أن المهر في كسب العبد. وفي كشف اللثام: " وهو عندي أقوى، لان الاصل براءة ذمة المولى. والاذن في النكاح لا يقتضي تعليق لازمه في الذمة، وإنما يستلزم الاذن في لازمه، وهو الكسب للمهر والنفقة ". وفيه: أنه لا مجال للاصل مع الدليل. وقد عرفت أن من لوازم الاذن في النكاح عرفا التعهد بالمهر والنفقة. ومنع استلزام الاذن في النكاح الاذن في الكسب والمهر، بل لابد في فعل
____________
(* 1) الوسائل باب: 78 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 73 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 298 )
[ السابق في كون المهر على المولى، أو بتعهده، أولا، وجهان (1). ] الكسب من الاستئذان. وكذلك صرف النماء في الوفاء. نعم إذا كانت قرينة خاصة على ذلك كان العمل عليها. وأما الكلية فغير ظاهرة. بل لو كان العبد معتادا للخدمة في المضيف أو المنزل، فاذن له المولى في التزوج، فذهب واشتغل بالكسب من نساجة وغيرها، بلا إذن في المولى في ذلك كان شاذا ومتمردا على مولاه. ولذا قال في الجواهر: " ليس في الاذن ما يقتضى اختصاص ذلك بخصوص الكسب من أموال السيد ". والاشكال عليه - كما في رسالة شيخنا الاعظم - بأن مراد كاشف اللثام أنه لا تسلط عليه في إلزامه بالدفع من غير الكسب. ضعيف. كيف؟! ولم يقل بذلك أحد. وإنما القائلون بتعلقه في ذمة المولى يريدون بذلك أنه له الدفع من أي مال شاء من كسب أو غيره. والشيخ وأتباعه يعينون الدفع من الكسب. هذا إذا كان العبد كسوبا، أما إذا لم يكن، أو كان كسبه يقصر عن المهر، بقي للمهر في ذمته، يتبع به بعد العتق، وقد يستفاد من كلام المبسوط: أنه يتعلق برقبته كأرش الجناية. وفي الجواهر: " قد يقال: إنه في ذمة العبد، لكونه عوض ما انتقل إليه من البضع، ولكن يستحق على السيد أداؤه حالا، أو عند حلول الاجل. ولعل هذا هو المراد من قولهم في ذمة السيد، وأنه في عهدته أداؤه عن العبد، وإلا فالمهر على الزوج نصا، وفتوى ". وكأنه إلى ذلك أشار في المتن بقوله: " أو في ذمة العبد... "، كما تقدم شرح المراد منه. وما ذكره (ره) غير بعيد عن الاذواق العرفية. أقربهما: الاول. لما ذكر فيما إذا كانت الاذن سابقة. وفي القواعد: " وإجازة عقد العبد كالاذن المبتدأة في النفقة. وفي المهر إشكال ". وفي كشف اللثام - في وجه الاشكال -: " أن العقد لما وقع تبعه المهر،
===============
( 299 )
[ ويمكن الفرق بين ما لو جعل المهر في ذمته فلا دخل له بالمولى (1) وإن اجاز العقد. أو في مال معين من المولى أو في ذمته (2) فيكون كما عين أو أطلق، فيكون على المولى. ثم إن المولى إذا أذن فتارة يعين مقدار المهر، وتارة يعمم، وتارة يطلق، فعلى الاولين: لا إشكال. وعلى الاخير: ينصرف إلى المتعارف (3). وإذا تعدى وقف على إجازته (4). وقيل: يكون الزائد في ذمته (5) يتبع به بعد العتق. وكذا ] ولم يلزم المولى حينئذ، وأنها رضيت بكونه في ذمة العبد. وفيهما منع ظاهر ". (1) قد عرفت أن عدم قدرة العبد على الاداء قرينة عرفية على إرادة تعهد المولى بالدفع من إجازته العقد السابق. (2) الصورتان المذكورتان غير داخلتين في محل الكلام، إذ لا ريب في أن مقتضى الاجازة صحة تعيين المملوك. (3) قد تكرر بيان أن التعارف لا يوجب الانصراف المعتد به، ولو أوجب ذلك لزم تأسيس فقه جديد. لكن بناء الفقهاء في باب التوكيل في البيع والشراء والاجارة وأمثالها. على الانصراف إلى المتعارف، وتقييد الاطلاق به، فإذا تعدى الوكيل كان العقد فضوليا، ولا يصح إلا باجازة المالك. ووجهه: أن الوكيل يجب عليه ملاحظة مصلحة الموكل، فالتعدي عن مهر المثل خلاف مصلحته. وكأنه في المقام كذلك. وعليه فلا بد من ملاحظة مصلحة المالك في تصرف العبد، والتجاوز عن مهر المثل خلاف مصلحته. وإذا كان المهر في ذمة العبد يتبع به بعد العتق، وقد أذن له المولى فلا بأس لو تجاوز المهر مهر المثل، لانه لا يرتبط بمصلحة المولى. (4) راجع إلى الصورة الاولى والاخيرة، التي يمكن فرض التعدي فيهما. (5) كما لعله المشهور، والمصرح به في الشرائع والقواعد. وفي المسالك:
===============
( 300 )
[ الحال بالنسبة إلى شخص الزوجة، فانه إن لم يعين ينصرف إلى اللائق بحال العبد من حيث الشرف والضعة (1). فان تعدى وقف على إجازته. (مسألة 4): مهر الامة المزوجة للمولى (2)، سواء ] أن الفرق بينه وبين الشراء بأكثر من ثمن المثل - حيث يبطل البيع من أصله إلا باجازة المالك، بخلاف المقام -: أن النكاح لا يتوقف على للمهر ولا تلازم بينهما بخلاف البيع، فان الثمن شرط في صحته. ويشكل: بأن ثبوت الزائد على العبد أيضا محتاج إلى الاذن، فمع عدمه لا يصح تصرف العبد، ولا يثبت شئ في ذمته. ولذا قال في جامع المقاصد: " إن الانسب بالقواعد ثبوت الخيار للمولى في العقد أو الصداق ". (1) قد عرفت الاشكال في الانصراف إذا لم يرجع إلى مصحلة المالك. وحينئذ يتعين العمل بالاطلاق، كما ذكره بعض. إلا إذا كان اللائق بحال العبد هو اللائق بحال المالك، فان التعدي عن ذلك خلاف مصحلة المالك حينئذ، فيحتاج إلى الاجازة. (2) بلا خلاف، كما في الرياض، وبلا خلاف، ولا إشكال، كما في الجواهر، واتفاقا، كما في رسالة شيخنا الاعظم. لانه عوض منافعها المستوفاة منها، فهو كأجرة الامة المستأجرة. لكن عرفت أن باب النكاح ليس من قبيل المعاوضات، والمهر المذكور في العقد لم يلحظ فيه عوضية. نعم المهر المستحق بالوطء لوحظ فيه ذلك. وكيف كان فالاتفاق المدعى كاف في استحقاق المولى للمهر. مضافا إلى خبر أبي بصير عن أحدهما (ع): " في رجل يزوج مملوكة له من رجل حر على أربعمائة درهم، فعجل له مائتي درهم، وأخر عنه مائتي درهم، فدخل بها زوجها. ثم إن سيدها باعها بعد من رجل، لمن تكن الماثتان المؤخرة على الزوج؟ قال (ع):
===============
( 301 )
[ كان هو المباشر، أو هي باذنه، أو باجازته. ونفقتها على الزوج، إلا إذا منعها مولاها (1) عن التمكين لزوجها، أو اشتراط كونها عليه (2). وللمولى استخدامها بما لا ينافي حق الزوج. والمشهور أن للمولى أن يستخدمها نهارا ويخلي بينها وبين الزوج ليلا (3). ] إن كان الزوج دخل بها وهي معه، ولم يطلب السيد منه بقية المهر حتى باعها، فلا شئ له عليه، ولا لغيره. وإذا باعها السيد فقد بانت من الزوج الحر، إذا كان يعرف هذا الامر.. " (* 1) واشتماله على ما لا يعمل بظاهره غير قادح في حجيته على المقام. (1) يعني: منعا تكوينيا بأن حبسها، أو تشريعيا وقد امتنعت بمنعه. لكن في الصورة الاولى لا موجب لسقوط النفقة، لانها معذورة في ترك التمكين، ومعه لا تسقط النفقة. وكان الاولى استثناء صورة نشوزها، بدل ما ذكر. (2) يعني: اشتراط كون أدائها عليه. أما إذا اشترط كون ثبوتها عليه ففيه إشكال، لانه مخالف للكتاب، فقد جعل فيه ثبوتها على الزوج. قال تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (* 2). (3) قال في القواعد: " وللسيد استخدام الامة نهارا. وعليه تسليمها إلى زوجها ليلا ". وفي جامع المقاصد: " لم يلزمه تسليمها إلى الزوج ليلا ونهارا قطعا. بل يستخدمها نهارا ويسلمها إلى الزوج ليلا، لان السيد يملك من أمته منفعة الاستخدام، ومنفعة الاستمتاع، فإذا زوجها فقد عقد على إحدى منفعتيها، وبقيت المنفعة الاخرى يستحق استيفاؤها
____________
(* 1) الوسائل باب: 87 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 2) البقرة: 233.
===============
( 302 )
[ ولا بأس به. بل يستفاد من بعض الاخبار (1). ولو اشترطا غير ذلك فهما على شرطهما (2). ولو أراد زوجها أن يسافر بها هل له ذلك من دون إذن السيد؟ قد يقال: ليس له، ] في وقتها. وهو النهار، كما لو أجر الامة.. ". ونحوه في كشف اللثام. ولم ينقل في ذلك خلاف، ولذلك نسبه في المتن إلى المشهور. وفيه: أنه غير ظاهر. وفي الجواهر - في المسألة الرابعة، آخر مسائل تحليل الامة - قال: " إن المتجه على أصول الامامية جريان حكم الزوجة عليها، فيجب تسليمها حينئذ ليلا ونهارا. نعم يجوز للسيد الانتفاع بها في كل منهما، ما لم يعارض حق الاستمتاع بها. وملك السيد لها لا يزيد على ملك الحرة نفسها، الذي قد انقطع بعقد التزويج الوارد على ذلك. والمقتضي تسليط الزوج على زوجته في جمع الازمنة والامكنة، فان الرجال قوامون على النساء ". ومن ذلك يظهر لك الاشكال فيما ذكر في المتن من قوله (ره): " ولا بأس به ". (1) وهو ما رواه الراوندي في محكي نوادره، باسناده عن موسى ابن جعفر (ع) عن أبائه (ع): " ان عليا (ع) قال: إذا تزوج الحر امة، فانها تخدم أهلها نهارا، وتأتي زوجها ليلا. وعليه النفقة إذا فعلوا ذلك " (* 1). لكن الخبر ضعيف لم يثبت جبره بعمل. ومورده الامة المعدة للخدمة، ولعل إعدادها لذلك قرينة على اشتراط عدم مزاحمة حقوق الزوج لها. (2) عملا بعموم نفوذ الشروط.
____________
(* 1) لم نعثر عليه بالسند المذكور في كتب الحديث، وإنما ذكره: باختلاف يسير في مستدرك الوسائل باب: 58 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1، ورواه عن الجعفريات بسنده عن موسى قال: " حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عع).. ".
===============
( 303 )
[ بخلاف ما إذا أراد السيد أن يسافر بها فانه يجوز له من دون إذن الزوج (1). والاقوى العكس، لان السيد إذا أذن بالتزويج فقد التزم بلوازم الزوجية، والرجال قوامون على النساء. وأما العبد المأذون في التزويج فأمره بيد مولاه (2)، فلو منعه من الاستمتاع يجب عليه طاعته، إلا ما كان واجبا عليه من الوطء في كل أربعة أشهر، ومن حق القسم. (مسألة 5): إذا أذن المولى للامة في التزويج وجعل المهر لها صح على الاقوى من ملكية العبد والامة (3)، وإن كان للمولى أن يتملك ما ملكاه (4). ] (1) القائل العلامة في القواعد. وعلله في جامع المقاصد: بأن السيد مالك للرقبة، وإحد المنفعتين. وليس للزوج إلا المنفعة الاخرى، فكان جانبه أقوى. وفى كشف اللثام: علله بسبق حقه، وتعلقه بالرقبة، وعدم منافاته لحق الزوج إنتهى. والاخير ممنوع. وما قبله لا يقتضي الجواز. (2) لانه لا يقدر على شئ، ومخالفته لمولاه تصرف في ملك الغير بغير إذنه. (3) تعرضنا لتحقيق ذلك في أوائل كتاب الحج من هذا الشرح. (4) لعموم عدم قدرة العبد على شئ، وعموم: " الناس مسلطون على أموالهم " (* 1)، فان إخراج شئ عن ملكه - كادخال شئ في ملكه - داخل في العموم المذكور، بل مقتضاه جواز تمليك المالك مال العبد لشخص ثالث، سواء كان فيه مصلحة للعبد، أم مفسدة عليه، إذ لا
____________
(* 1) البحار الجزء: 2 باب: 33 ما يمكن ان يستنبط من الايات والاخبار من متفرقات مسائل أصول الفقه حديث: 7 الطبعة الحديثة ص: 272.
===============
( 304 )
[ بل الاقوى كونه مالكا لهما ولمالهما ملكية طولية (1). ] يعتبر في عموم السلطنة وجود مصلحة للمملوك، كما هو ظاهر. وعن المختلف: " لو ملك (يعني: العبد) لما جاز للمولى أخذه منه قهرا. والثاني باطل إجماعا ". وهو شامل لما نحن فيه. (1) هذا لم يعرف قولا لاحد منا، فان الاقوال المحكية في المسألة - على كثرتها - ليس هذا منها، فقد حكاها جماعة، ومنهم الشيخ الكبير (قده) في شرح القواعد، ولم يذكر هذا القول منها. قال (ره) - بعد الاستدلال على عدم الملكية مطلقا -: " فلا وجه للقول بأنه يملك مطلقا. فنسب إلى الاكثر في رواية، والى ظاهر الاكثر في أخرى. أو يملك فاضل الضريبة فقط، أو أرش الجناية كذلك. ونسبا إلى الشيخ وأتباعه. أو ملكه مولاه. وربما عد منه فاضل الضريبة. أو ما أذن له في ملكه. أو المركب منهما، على اختلاف أقسامه أو يملك ملكا غير تام. أو التصرف خاصة ". وكان وجه هذ القول: الاخبار الصحيحة - كما قيل - الدالة على أن العبد وماله لمولاه. ومنها صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع): " أنه قال في المملوك: ما دام عبدا فانه وماله لاهله، لا يجوز له تحرير، ولا كثير عطاء، ولا وصية، إلا أن يشاء سيده " (* 1). وتقريب الاستدلال بها: أنه لما امتنع اجتماع ملكيتين مستقلتين على مملوك واحد، يدور الامر بين التصرف في إضافة المال إلى العبد، بحملها على غير الملكية الحقيقية، لانه يكفي في الاضافة على نحو المجاز أدنى ملابسة، والتصرف في إضافتها إلى المالك، بحملها على جواز التصرف فيه، وبين التصرف في موضوع ملكية المولى، فيجعل موضوعها المال المضاف إلى العبد، حتى تكون ملكية المولى قائمة بغير ما تقوم به ملكية العبد، فان ملكية العبد قائمة بذات
____________
(* 1) الوسائل باب: 78 من ابواب الوصايا حديث: 1.
===============
( 305 )
[ (مسألة 6): لو كان العبد أو الامة لمالكين أو أكثر توقف صحة النكاح على إذن الجميع أو إجازتهم (1). ولو كانا مبعضين توقف على إذنهما وإذن المالك (2). وليس له إجبارهما حينئذ (3). ] المال، وملكية المولى قائمة بالمال المضاف إليه، فتكون ملكية المولى في طول ملكية العبد، لان موضوعها متأخر رتبة عن موضوع ملكية العبد، فلا تكون من اجتماع الملكيتين في موضوع واحد، بل هما في موضوعين مترتبين. وفيه: أن هذا المعنى بعيد عن الاذواق العرفية. فيتعين أحد التصرفين الاولين. وإذا دار الامر بين التصرف في الصدر، والتصرف في الذيل، يتعين الثاني، لان الاول يقع في موقعه من الذهن، فيحمل الثاني عليه، لا العكس. مضافا إلى أن الظاهر تضاد الملكيتين ولو كانتا طوليتين. واختلاف الرتبة لا يرفع التضاد بينهما، ولا يسوغ اجتماعهما. وملكية الله سبحانه للعباد وما هو لهم ليس من باب اجتماع الملكيتين الطوليتين، فان ملكية الله تعالى قائمة بذات مال العبد، لا بما هو مضاف، بل من باب اجتماع ملكيتين من سنخين، فان سنخ ملكية الله تعالى غير سنخ ملكية العبد، والاضافة القائمة بين المال والعباد غير الاضافة القائمة بين المال وخالقه - جل شأنه. وتقدست أسماؤه - نظير اختلاف الاضافتين في مثل قولنا: " السرج للدابة " و " السرج لزيد ". فلاحظ وتأمل. (1) على ما عرفت في الملك المتحد، فانه لا فرق بين أتحاد المالك وتعدده، بلا إشكال ولا خلاف. (2) أما التوقف على ذلك: فلقاعدة السلطنة. وأما الصحة حينئذ: فلما عرفت سابقا، لعدم الفرق بين الفروض. (3) إذ لا دليل على ذلك ولا سلطنة للمالك عليهما، بعد أن كان
===============
( 306 )
[ (مسألة 7): إذا اشترت العبد زوجته بطل النكاح (1) وتستحق المهر إن كان ذلك بعد الدخول (2). وأما إن كان قبله ففي سقوطه، أو سقوط نصفه، أو ثبوت تمامه، وجوه مبنية على أنه بطلان أو انفساخ (3). ثم هل يجري عليها حكم ] بعضهما خارجا عن ملكه. (1) لانه إذا ملك أحد الزوجين صاحبه استقر الملك وبطل النكاح، إجماعا بقسميه، كما في الجواهر. ويشهد له النصوص، منها خبر سعيد ابن يسار قال: " سألت أبا عبد الله (ع): عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشتريه، هل يبطل نكاحه؟ قال (ع): نعم. لانه عبد مملوك لا يقدر على شئ " (* 1). ونحوه صحيح عبد الله بن سنان، ومصحح محمد بن قيس (* 2)، وغيرهما. (2) بلا خلاف ظاهر. لان الدخول سبب الاستحقاق، فلا يزول ببطلان العقد الطارئ، لان البطلان الطارئ لا يرفع الاستحقاق السابق. نعم لو كان البطلان من أول الامر كان مقتضاه الرجوع إلى مهر المثل، لا المسمى. (3) لا يظهر الفرق عرفا بين البطلان والانفساخ، فانهما واحد. وكأن مراده من البطلان: البطلان من أول الامر، ومن الانفساخ: الانفساخ من حين السبب الطارئ. لكن لم يذكر في كلماتهم في مبنى المسألة ذلك. وإنما المذكور في المسألة احتمالان: التنصيف، وسقوط المهر، كما سيأتي في عبارة القواعد. ومبناهما الحاق المقام بالخلع، لان الفسخ حصل من
____________
(* 1) الوسائل باب: 49 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 49 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1، 3. لكن مورد الحديثين الملك بالارث لا بالشراء.
===============
( 307 )
الزوجين، كباب الخلع قبل الدخول. أو من الزوجة فقط، كما لو أسلمت مع كفره، أو ارتدت مع إسلامه، قبل الدخول، فانها لا تستحق من المهر شيئا. نعم إذا ملك الحر زوجته الامة قبل الدخول احتمل التنصيف، وتمام المهر. قال في جامع المقاصد في الفرض الاول: " ففي سقوط نصف المهر أو جميعه وجهان ". ثم ذكر أن وجه الاول: أن الفراق حصل بصنع الزوجين. ووجه الثاني: أن الفراق حصل بالزوجة والسيد، لا اختيار للزوج فيها. ونحوه ذكر في الجواهر في آخر المسألة الاولى أول مبحث نكاح الاماء. ثم قال في جامع المقاصد: " ولو انعكس الفرض فملك الحر زوجته الامة قبل الدخول، ففي وجوب نصف المهر أو جميعه الوجهان أيضا " ووجه الاول: أن الفراق كان بفعل الزوجين. ووجه الثاني: أن الفراق كان بفعل الزوج لا غير. ثم قال: " لكن المتجه هنا وجوب الجميع، وقد سبق نظائره في الرضاع، وتجدد الاسلام ". والذي يتحصل من كلامه: أن الفراق إن كان بفعل الزوجين تعين التنصيف، وإن كان بفعل الزوجة سقط جميع المهر، وإن كان بفعل الزوج ثبت جميع المهر. قال في القواعد: " وإذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول فسد العقد في الحال. ولا مهر إن كان من المرأة، وإلا فالنصف. ويحتمل الجميع إن كان عن فطرة ". وفي كشف اللثام: جعل الاحتمال الاخير قويا، إلحاقا للارتداد بالموت، الموجب لثبوت تمام المهر. وفي جامع المقاصد في شرح ذلك قال: " وقيده المصنف (ره) بما إذا كان الارتداد عن فطرة. ولا وجه له، لانه قد سبق في غير موضع من كلام المصنف (ره) احتمال وجوب جميع المهر بعروض الفسخ من قبل الرجل، أو لا من قبل واحد الزوجين، لان المهر يجب جميعه بالعقد على أصح الاقوال، ولم يثبت تشطيره إلا بالطلاق، فيبقى وجوب جميعه ثابتا في غير الطلاق. إذ الحمل
===============
( 308 )
عليه قياس... " وفي رسالة شيخنا الاعظم (ره) فيما لو أسلمت قبل الدخول: أنه لا مهر لها، لان الحدث جاء من قبلها. وفيما لو أسلم أحد الحربيين: ان عليه نصف المهر، إن كان الاسلام منه. وقيل: عليه جميع المهر، لثبوته بالعقد، ولا دليل على سقوطه. وإلحاقه بالطلاق قياس، وإلا يكن الاسلام منه بل كان الاسلام منها فلا شئ، لما تقدم. انتهى. لكن مقتضى التعليل المذكور وجوب الجميع حتى لو كان الفسخ من الزوجة. فما الذي أوجب الفرق بين الفسخ من الزوجة، فلا يحتمل فيه التمام - كما في فرض المسألة المذكورة في المتن - والفسخ من الزوج، فيكون المتجه فيه التمام. وكيف كان فالمتحصل مما ذكرنا: أن الاحتمالات الثلاثة مبنية على الاحتمالات في إلحاق المقام بغيره مما ثبت فيه التمام، كالموت بناء على المشهور. والتنصيف، كالطلاق. أو السقوط، كالفسخ من أحد الزوجين بعيب في صاحبه، زوجا كان الفاسخ أو زوجة، إلا في العنن، ففيه التنصيف، للدليل. والذي يقتضيه الذوق العرفي: أن الفراق إن كان لقصور في موضوع العقد، لموت، أو ارتداد، أو رضاع موجب لكون الزوجة من المحارم، أو نحو ذلك، لزم جميع المهر. لعدم خلل في العقد، بل الخلل في موضوعه، فهو باق في موضوعه الحقيقي، الذي ارتفع بطرو الطارئ، فالطارئ إنما يرفع موضوع العقد، ولا يرفع نفس العقد، نظير ما لو باعه أو وهبه طعاما، فأكله، فان الاكل لا يبطل البيع ولا الهبة. وكذا موت أحد الزوجين لا يبطل النكاح. ولذلك كان الاصل فيه بقاء تمام المهر - كما هو المشهور - وإن كان التحقيق هو التنصيف، كالطلاق. لكنه للدليل، لا لانه مقتضى الاصل. فانه إذا كان العقد
===============
( 309 )
[ الطلاق قبل الدخول أولا؟ وعلى السقوط كلا إذا اشترته بالمهر الذي كان لها في ذمة السيد بطل الشراء، للزوم خلو البيع عن العوض (1). نعم لا بأس به إذا كان الشراء بعد ] باقيا في موضوعه كان المهر باقيا أيضا. وعلى هذا يتعين تمام المهر في جميع الصور المذكورة، كما يتعين العمل بالشروط التي تضمنها العقد. فإذا ماتت الزوجة وقد اشترطت على زوجها في عقد النكاح أن يسرج في المسجد عشرين سنة، وجب على الزوج الاسراج المدة المذكورة. وكذ الكلام في الشروط في عقد النكاح إذا ارتدت الزوجة، أو أسلمت، أو حرمت على زوجها برضاع، فانها لا تبطل بذلك، وإن خرجت الزوجة عن الزوجية. وإذا كان الفراق بالفسخ الاختياري بطل تمام المهر، لان المهر قائم بالعقد، وقد ارتفع وانحل. وكذا الشروط القائمة بالعقد، فانها تبطل، ولا يجب العمل بها. ولا فرق بين أن يكون المباشر للفسخ الزوج، والزوجة، كما هو الحكم في فسخ أحد الزوجين بعيب في الاخر قبل الدخول، إلا في العنن، ففيه التنصيف، للدليل. كما لا فرق في الفرض الاول بين أن يكون السبب الطارئ باختيار الزوج، أو الزوجة، وأن يكون باختيارهما معا، وأن لا يكون باختيار أحدهما. وأما الطلاق بأنواعه فمما لا يرتبط بالعقد، ولا بموضوعه، وإنما يحدث أثرا مضادا لاثر العقد، فلا مجال لالحاق المقام به. وعلى ما ذكرنا يشكل الحكم فيما ذكروه هنا، وفي باب إسلام احد الزوجين، وفي باب الرضاع المحرم. (1) قال في القواعد: " ولو اشترته زوجته أو اتهبته قبل الدخول سقط نصف المهر الذي ضمنه السيد، أو جميعه. فان اشترته بالمهر المضمون بطل الشراء إن أسقطنا الجميع، حذرا من الدور، إذ سقوط العوض بحكم
===============
( 310 )
الفسخ يقتضي عراء البيع عن العوض ". قال في جامع المقاصد في بيان ذلك: " انه إذا صح البيع دخل في ملكها، وانفسخ النكاح، فيسقط المهر، لانه المقدر. فيبقى البيع بغير عوض يقابله، فينفسخ، لامتناع صحة البيع بدون ثمن. فصحة البيع تستلزم بطلانه. وذلك دور عند الفقهاء. وبطلانه ظاهر. لان كلما يفضي صحته إلى بطلانه يجب الحكم ببطلانه ". وفي حاشية بعض الاعاظم: " اجيب عنه: بأن سقوط المهر معلول لشراء الزوجة العبد، وفي رتبة الشراء يكون المهر ثابتا، وهو كاف في صحة الشراء، فلا يلزم خلو البيع من العوض ". ويشكل: بأن سقوط المهر في الرتبة اللاحقة للشراء موجب لبطلان الشراء في الرتبة اللاحقة، ويلزم المحذور. وهكذا كل ما يلزم من وجوده عدمه الذي قيل إنه محال، فانما يلزم من وجوده في رتبة عدمه في الرتبة اللاحقة. نعم يمكن أن يقال: إن البناء على عدم صحة الشراء من جهة لزوم المحذور المذكور راجع إلى تخصيص ما دل على صحة الشراء، باخراج المورد عنه. وحينئذ يدور الامر بين التخصيص المذكور، وبين تخصيص ما دل على أن الشراء يبطل النكاح، وبين تخصيص ما دل على أن النكاح إذا بطل بطل المهر. فانه لو بني على عدم التخصيص للعمومات المذكورة، وعلى الاخذ بها، لزم المحذور. والتخلص منه كما يكون بالبناء على عدم صحة الشراء، يكون بالبناء على صحة الشراء وعدم بطلان النكاح به، ويكون أيضا بالبناء على صحة الشراء وبطلان النكاح به وعدم سقوط المهر. ولاجل أن العمومات مترتبة لترتب موضوعاتها، يتعين سقوط الاخير عن الحجية. للعلم الاجمالي إما بالتخصيص أو التخصص. ولا وجه للبناء على التخصيص الاول، فانه خلاف اصالة العموم. فالفتوى بصحة الشراء وبطلان النكاح وعدم سقوط المهر أولى من البناء على عدم صحة الشراء،
===============
( 311 )
[ الدخول، لاستقرار المهر حينئذ. وعن العلامة في القواعد (1): البطلان إذا اشترته بالمهر الذي في ذمة العبد وإن كان بعد الدخول، لان تملكها لا يستلزم براءة ذمته من المهر، فيخلو البيع عن العوض. وهو مبني على عدم صحة ملكية المولي في ذمة العبد (2). ويمكن منع عدم الصحة (3). مع أنه لا يجتمع ] وأوفق بقواعد العمل بالادلة. مضافا إلى أن الاشكال إنما يتم لو كان الشراء بالمهر بما أنه مهر. أما إذا كان بعنوانه الذاتي، فالسقوط يقتضي ضمانه على الزوجة لتصرفها فيه، ولا يقتضي بطلان البيع. كما لو اشترت به شيئأ آخر ثم فسخ النكاح، فانه يرجع عليها ببدل الصداق. وقد تنبه لذلك في جامع المقاصد. ولكن لم يكتف به في الجواب، لان التقدم اعتباري، لا زماني، بخلاف المثال المذكور. والفرق بين التقدم الزماني والاعتباري غير ظاهر. (1) قال (ره): " ولو اشترته به بعد الدخول صح: ولو جوزنا اذن المولى بشرط ثبوت المهر في ذمة العبد، فاشترته به، بطل العقد، لان تملكها له يستلزم براءة ذمته، فيخلو البيع عن العوض ". (2) إذ لو قلنا بجواز ملك السيد ما في ذمة عبده، لا يكون تملك السيد للعبد موجبا لبراءة ذمة العبد، فلا يلزم المحذور. (3) في جامع المقاصد: " لامتناع أن يستحق المولى في ذمة مملوكه مالا، لانه وذمته ملك له، فكيف يعقل أن يستحق على ماله مالا؟! ". ونحوه في كشف اللثام. وقد استشكل في ذلك المصنف (ره)، لعدم وضوح وجه المنع، ولا سيما بملاحظة أنه لو أتلف مال المولى كان ضامنا. ودعوى: أن ذلك للضرورة، حذرا من ضياع الاموال. كما ترى، فان الضرورة لا تجعل الممتنع ممكنا.
===============
( 312 )
[ ملكيتها له ولما في ذمته (1)، بل ينتقل ما في ذمته إلى المولى بالبيع حين انتقال العبد إليها. (مسألة 8): الولد بين المملوكين رق (2)، سواء كان عن تزوج مأذون فيه، أو مجاز، أو عن شبهة مع العقد أو مجردة، أو عن زنا منهما، أو من أحدهما، بلا عقد أو عن عقد معلوم الفساد عندهما، أو عند أحدهما. وأما إذا كان أحد الابوين حرا فالولد حر (3) ] (1) لان المعاوضة تقتضي انتقال كل من العوضين إلى ملك مالك الاخر، فكما أن العبد انتقل إلى الزوجة من مالكه، كذلك ينتقل المهر منها إلى مالكه، فلا يجتمع المهر والعبد في ملكية مالك واحد، وإلا لزم الجمع بين العوض والمعوض، وهو خلف. (2) بلا خلاف ولا إشكال. وفي كشف اللثام: دعوى الاتفاق عليه، لانه نماء المملوك، والنماء تابع للاصل. ولو بنى على الاشكال في ذلك كان مقتضى الاصل الحرية. ولا فرق فيما ذكرنا بين الصور المذكورة في المتن. (3) على المشهور شهرة عظيمة. ويشهد له جملة من النصوص، منها صحيح جميل بن دراج قال: " سألت أبا عبد الله (ع): عن رجل تزوج بأمة فجاءت بولد. قال (ع): يلحق الولد بأبيه. قلت: فعبد تزوج حرة. قال (ع): يلحق الولد بأمه " (* 1)، وخبره: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إذا تزوج العبد الحرة فولده أحرار. وإذا تزوج الحر الامة فولده أحرار " (* 2)، وخبره الاخر قال: " سألت أبا عبد الله (ع)
____________
(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 6.
===============
( 313 )
عن الحر يتزوج الامة، أو عبد يتزوج حرة. قال: فقال لي: ليس يسترق الولد إذا كان أحد أبويه حرا، إنه يلحق بالحر منهما، أيهما كان أبا أو أما " (* 1)، ومصحح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " في العبد تكون تحته الحرة. قال (ع): ولده أحرار. فان أعتق المملوك لحق بأبيه " (* 2). ونحوها غيرها. وعن ابن الجنيد: الالحاق بالام، كانت أمة أو حرة. ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح الحلبي عن أبى عبد الله (ع): " في رجل زوج أمته من رجل، وشرط عليه أن ما ولدت من ولد فهو حر، فطلقها زوجها أو مات عنها، فزوجها من رجل آخر، ما منزلة ولدها؟ قال: منزلتها، ما جعل ذلك إلا للاول، وهو في الاخر بالخيار، إن شاء أعتق، وإن شاء أمسك " (* 3)، وخبر الحسن بن زياد: " قلت له أمة كان مولاها يقع عليها، ثم بدا له فزوجها، ما منزلة ولدها؟ قال (ع) بمنزلتها، إلا أن يشترط زوجها " (* 4)، وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبى عبد الله (ع): " في رجل زوج جاريته رجلا، واشترط عليه أن كل ولد تلده فهو حر، فطلقها زوجها، ثم تزوجت آخر، فولدت. فقال (ع): إن شاء أعتق، وإن شاء لم يعتق " (* 5). ونحوها غيرها. لكنها لمخالفتها للاصحاب عداه لا مجال للاخذ بها، ولا سيما في مقابل ما تقدم، فيتعين طرحها أو حملها على التقية. ثم إنها ربما تقدم في المسألة الثانية من فصل
____________
(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 13. (* 4) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 12. (* 5) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 11.
===============
( 314 )
[ إذا كان عن عقد صحيح (1)، أو شبهة مع العقد أو مجردة (2) حتى فيما لو دلست الامة نفسها (3) بدعواها الحرية فتزوجها حر على الاقوى، وإن كان يجب عليه حينئذ دفع قيمة الولد إلى مولاها. وأما إذا كان عن عقد بلا إذن مع العلم من الحر بفساد العقد، أو عن زنا من الحر منهما، فالولد رق (4). ] ما يحرم بالمصاهرة ما ظاهره المنافاة لما هنا، وتقدم الكلام في ذلك. (1) كما هو مورد أكثر النصوص. (2) إجماعا ظاهرا. ويقتضيه إطلاق قوله (ع) في خبر جميل: " ليس يسترق الولد إذا كان.. "، فانه ظاهر في عموم الولد للولد عن شبهة. ومورده وإن كان التزويج، لكن المورد لا يخصص الوارد. (3) سيأتي الكلام فيه في المسألة الثانية عشرة. (4) الظاهر أنه لا إشكال فيه. ويقتضيه أن الحر إذا كان زانيا، أو عالما بفساد العقد، كان ذلك مانعا من انتساب الولد إليه، فيتعين انتسابه إلى الاخر. بل هو واضح إذا كان الحر هو الزوج، فان لحوق الولد بالام حينئذ في محله. أما إذا كان الحر الزوجة فالتحاقه بالاب دون الام مبني على إهمال قاعدة تبعية الولد لامه. وقد عرفت أنه محل تأمل. نعم قد يدل عليه خبر العلاء بن رزين: " في رجل دبر غلاما له فأبق الغلام فمضى إلى قوم فتزوج منهم ولم يعلمهم أنه عبد، فولد له أولاد وكسب مالا ومات مولاه الذي دبره... فقال (ع) العبد وولده لورثة الميت " (* 1). لكن مورده صورة جهل الحر وعلم العبد، عكس مفروض المسألة، وقد عرفت أن الحكم فيه اللحوق بالحر. فلا بد من تأويل الخبر، وإلا أمكن استفادة حكم المقام منه بالاولوية. نعم يدل على الحكم في صورة زنا الزوج
____________
(* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 315 )
[ ثم إذا كان المملوكان لمالك واحد فالولد له (1). وإن كان كل منهما لمالك فالولد بين المالكين بالسوية (2)، إلا إذا اشترطا التفاوت أو الاختصاص بأحدهما (3). هذا إذا كان العقد ] مرسل جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما (ع): " في رجل أقر على نفسه بأنه غصب جارية رجل، فولدت الجارية من الغاصب، قال (ع): ترد الجارية والولد على المغصوب إذا أقر بذلك الغاصب " (* 1). (1) بلا ريب، لانه نماء ملكه أيا منهما كان. ويشهد به رواية أبي هارون المكفوف (* 2). (2) على المشهور بين الاصحاب، بل كافتهم، عدا أبي الصلاح، فذهب إلى أنه يتبع الام كغيره من الحيوانات. وفي المسالك: " فرقوا بينهما بأن النسب مقصود في الادميين، وهو تابع لهما. بخلاف غيره من الحيوانات، فان النسب فيه غير معتبر، والنمو والتبعية فيه لاحق بالام خاصة. وفي الفرق خفاء، إن لم يكن هناك إجماع ". ونحوه في الرياض. وفي كشف اللثام: " الفرق ضعيف ". وفي الحدائق: أنه مشكل. وفي جامع المقاصد: أن الفرق - وراء النص والاجماع - ثبوت النسب المقتضي للتبعية. إنتهى. وكأنه يشير بالنص إلى ما ورد في تزويج العبد حرة، وبالعكس، المتضمن أنه يلحق بالحر منهما. وفي الجواهر: أن هذه النصوص تومئ إلى ذلك. ولكنه غير ظاهر فان جهة الحرية غير جهة المالكية والمملوكية، ومن الجائز غلبة الجهة الاولى على الثانية. فما ذكره أبو الصلاح أوفق بالقواعد، لولا أن خلافه مظنة الاجماع. (3) كما نص على ذلك في الشرائع، والقواعد. وفي الجواهر: " بلا
____________
(* 1) الوسائل باب: 61 من ابواب نكاح العبيد والاماء ملحق حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 42 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 316 )
[ باذن المالكين أو مع عدم الاذن من واحد منهما (1). وأما إذا كان بالاذن من احدهما فالظاهر أنه كذلك. ولكن المشهور ] خلاف أجده. لعموم: المؤمنون عند شروطهم " (* 1). بناء على صحة شرط النتيجة في مثله، كما ذكروا ذلك في كتاب الشركة. (1) في المسالك: " ظاهرهم الاتفاق عليه ". وفي الجواهر: " بلا خلاف ولا إشكال في الصورتين " بناء على عدم المزية لاحدهما، الموجبة لترجيح الالحاق به على الالحاق بالاخر. خلافا لابي الصلاح، كما تقدم. نعم يشكل: بأنه مع الزنا بالامة يلحق الولد بالام عندهم، والعقد بلا إذن بمنزلة العدم، فالنكاح معه يكون من الزنا. ولاجل ذلك خص بعض الحكم بالتشريك في المقام بصورة الجهل، لئلا يكون من الزنا. وفي الجواهر دفعه بان مقتضى النصوص الواردة في نكاح الامة من غير إذن مولاها المتضمنة إلحاق الولد بها، والنصوص الواردة في نكاح العبد من غير إذن مولاه المتضمنة إلحاق الولد به: هو أن عدم الاذن موجب للالحاق، وفي المقام حاصل في الابوين معا، فيلحق الولد بهما معا. لكن ما ذكر لا يخلو من خفاء، لاختلاف المورد. مع أنك عرفت الاشكال في خبر العلاء ابن رزين الدال على رقية ولد العبد المتزوج بلا إذن. وسيجئ أيضا الاشكال في نصوص الامة المتزوجة بغير إذن مولاها، والخلاف في ذلك، واختيار المصنف والجواهر حرية الولد، خلافا لما نسب إلى المشهور. ولاجل ذلك يكون تخصيص الحكم المذكور بصورة جهلهما، وإلحاق صورة علمها بالزنا في الالحاق بالام - عملا بقاعدة تبعية النماء للام - أولى، لو لم يكن إجماع على خلافه.
____________
(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب المهور حديث: 4.
===============
( 317 )
[ أن الولد حينئذ لمن لم يأذن (1). ويمكن أن يكون مرادهم في صورة إطلاق الاذن (2)، بحيث يستفاد منه اسقاط حق نمائية الولد حيث ان مقتضى الاطلاق جواز التزويج بالحر أو الحرة، وإلا فلا وجه له (3). وكذا لو كان الوطء شبهة (4) منهما سواء كان مع العقد أو شبهة مجردة، فان الولد مشترك. وأما لو كان الولد عن زنا من العبد فالظاهر عدم الخلاف في أن الولد لمالك الامة (5)، سواء كان من طرفها شبهة أو زنا. ] (1) وفي المسالك: " ظاهرهم الاتفاق عليه.. " إلى أن قال: عللوه بأن الاذن لمملوكه في التزويج مطلقا مقدم على فوات الولد منه، لانه قد يتزوج من ليس برق، فينعقد الولد حرا. بخلاف من لم يأذن، فيكون الولد له خاصة ". (2) قد عرفت تعليلهم له بذلك. لكنه عليل، لان إلحاق الولد بالمملوك حكم شرعي، لا يقبل الاسقاط، فضلا عن السقوط بالاقدام على خلافه، ولامكان فرض اختصاص الاذن بتزويج المملوك، مع أن الحكم عندهم فيه كذلك. (3) ذكر في الجواهر: أن الوجه فيه النصوص الواردة في تزويج العبد غير المأذون، والواردة في تزويج الامة غير المأذونة، المتضمنة تبعية الولد لغير المأذون، المستفاد منها اقتضاء عدم المأذونية الالحاق، كما تقدم منه نظيره في غير المأذونين. لكن عرفت إجمالا الاشكال في النصوص المذكورة. وسيأتي الكلام فيها في المسألة الثانية عشرة، والثالثة عشرة. (4) لما تقدم في غير المأذونين. (5) وفي الجواهر: " من غير خلاف، ولا إشكال ". وفي المسالك:
===============
( 318 )
[ (مسألة 9): إذا كان أحد الابوين حرا فالولد حر (1) لا يصح اشتراط رقيته على الاقوى (2) في ضمن ] " ظاهرهم الاتفاق عليه ". وقد يدل عليه مرسل جميل المتقدم. (1) كما تقدم. وتقدم الخلاف فيه من الاسكافي. (2) كما في المسالك، وغيرها. والمشهور بين الاصحاب - كما في المسالك -: القول بالصحة. وفي الشرائع: نسبه إلى قول مشهور. وظاهره التردد فيه. وصرح بالتردد في المختصر النافع. وفي الجواهر: " لم أجد فيه ترددا - فضلا عن الخلاف - قبل المصنف ". ووجه المشهور عمومات نفوذ الشرط، ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال: لو أن رجلا دبر جارية، ثم زوجها من رجل فوطئها، كانت جاريته وولدها مدبرين. كما لو أن رجلا أتى قوما فتزوج إليهم مملوكتهم كان ما ولد لهم مماليك " (* 1)، بناء على حملها على صورة شرط الرقية - كما عن الشيخ (ره) - جمعا بينها وبين ما دل على حرية المتولد بين الحر والمملوك، كما سبق. لكن الرواية - مع أنها غير واضحة السند، لان في سندها ابا سعيد، وهو مشترك بين الثقة والضعيف - غير واضحة الدلالة. والحمل على إرادة صورة شرط الرقية في مقام الجمع بينها وبين معارضها، لا يقتضي حجيتها فيه، كما لعله ظاهر. وأما عمومات نفوذ الشرط - مثل قوله صلى الله عليه وآله: " المؤمنون عند شروطهم " (* 2) - فمقيدة بما دل على بطلان الشرط المخالف للكتاب، والمحقق في محله أن المراد به شرط حكم على خلاف المقتضي الشرعي، وظاهر نصوص حرية المتولد بين الحر والمملوك
____________
(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 10. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب المهور حديث: 4، مستدرك الوسائل باب: 5 من ابواب الخيار حديث: 7.
===============
( 319 )
[ عقد التزويج، فضلا عن عقد خارج لازم. ولا يضر بالعقد (1) إذا كان في ضمن عقد خارج. وأما إن كان في ضمن عقد التزويج فمبني على فساد العقد بفساد الشرط وعدمه. والاقوى ] - مثل: " ليس يسترق ولد حر " - ان الانتساب إلى الحر مقتض للحرية، فشرط الرقية يكون مخالفا للمقتضي الشرعي، فلا يصح. ودعوى: أن الشرط راجع إلى رفع يد الحر عن مقتضى ما أثبته العقد له من الشركة في الولد، فيختص الاخر بالنماء، فيتبعه في الملك، فالرقية تكون بالتبعية للمملوك، لا بالشرط. وليس مفاد الشرط إلا رفع المزاحم لا غير. مندفعة: بأن رفع يد الحر عن المتولد خلاف الحكم الاقتضائي أيضا فيرجع الاشكال. ولا تنفع الدعوى في حله، وإن ذكرها في الجواهر. ومثلها استدلاله للمشهور بالروايات الدالة على رقية ولد الامة إذا كان زوجها حرا، فان إطلاقها شامل لصورتي الشرط وعدمه، فيعمل بها في صورة الشرط، لعمل الاصحاب بها حينئذ. وفيه: أن النصوص المذكورة - ومنها خبر ابي بصير المتقدم - ظاهرة في الرقية بالتبعية، فالبناء على الرقية بالشرط ليس عملا بتلك النصوص. ومثلهما في الاشكال مقايسته شرط الرقية بشرط الحرية، مع ما بينهما من البون البعيد، فانه لم يرد في الرقية: لا يتحرر الرق، كما ورد في الحرية: لا يسترق الحر. ولذا جاز شرط الحرية، ولم يجز شرط الرقية، وإن كانا من شرط النتيجة، لامكان صحته في بعض الموارد، كما لا يخفى. (1) يعني: عقد التزويج. أما نفس العقد الخارج الذي كان في ضمنه الشرط فبطلانه مبني على فساد العقد بفساد الشرط، كعقد التزويج إذا كان في ضمنه الشرط المذكور.
===============
( 320 )
[ عدمه (1). ويحتمل الفساد وإن لم نقل به في سائر العقود إذا كان من له الشرط جاهلا بفساده، لان في سائر العقود يمكن جبر تخلف شرطه بالخيار، بخلاف المقام حيث انه لا يجري خيار الاشتراط في النكاح (2). نعم مع العلم بالفساد ] (1) لان الشرط في ضمن العقد من قبيل الانشاء في ضمن الانشاء، على نحو تعدد المطلوب، فلا يكون فساده موجبا لفساده. وإن حكي ذلك عن أكثر المتأخرين. (2) لان خيار الاشتراط - سواء كان حكما تعبديا، دل على ثبوته الاجماع، كما يظهر من شيخنا الاعظم، أم حكما عرفيا للاشتراط، دل على إمضائه الاجماع وعدم الردع عنه، أم خيارا جعليا للمتعاقدين من لوازم الاشتراط، دل على لزومه عمومات نفوذ الشروط - لا يجري في النكاح إجماعا، ولعدم تمامية الاجماع على ثبوته، ولمثل صحيح الحلبي عن أبى عبد الله (ع): " انه قال في الرجل يتزوج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبينوا له. قال (ع): لا ترد. وقال: إنما يرد النكاح من البرص، والجذام، والجنون، والعفل " (* 1)، بناء على أن خيار العيب من قبيل خيار الاشتراط، لان الصحة شرط في موضوع النكاح، كما هي شرط في المبيع، فإذا دل الدليل على عدم الخيار في غير الموارد المذكورة، فقد دل على نفي خيار الاشتراط فيه. نعم مورد هذه النصوص شرط الصحة دون غيره من الشروط، فيحتاج في التعميم لبقية الشروط إلى دعوى الاجماع على عدم الفصل، أو إلغاء خصوصية المورد. وربما يأتي تمام الكلام في المقام في فصل مسائل متفرقة. فانتظر. ثم إن عدم ثبوت خيار الشرط في النكاح لا يستوجب فساده بفساد
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب العيوب والتدليس حديث: 6.
===============
( 321 )
[ لا فرق، إذ لا خيار في سائر العقود أيضا (1). ] الشرط، لان ذلك يتوقف على كون الانشاء بنحو وحدة المطلوب. وهو كما ترى، ضرورة عدم الفرق بين النكاح وغيره في كيفية إنشائه مشروطا، فإذا كان غيره على نحو تعدد المطلوب كان هو كذلك. فيتعين البناء على الصحة من دون خيار. ولعل الوجه المميز بينه وبين غيره من العقود المالية: أن الملحوظ فيه الجهات الادبية، وتخلف الشرط لا يقدح فيها، ولذلك لا يرد بالعيوب مهما كانت غير العيوب المخصوصة. فلاحظ. كما أن عدم ثبوت خيار الاشتراط في النكاح ليس على كليته، فقد ذكر في القواعد: أنه لو شرط أحد الزوجين على الاخر نسا فظهر من غيره كان له الفسخ، لمخالفة الشرط، وكذا لو شرط بياضا، أو سوادا، أو جمالا. انتهى. ووافقه عليه في الجواهر، وغيرها. لكنه إن تم فهو لدليل خاص ذكره في الجواهر، وإن كان الاشكال عليه ظاهرا، إذ لا دليل يقتضي العموم. نعم ورد في صحيح محمد بن مسلم: الخيار فيمن تزوجت مملوكا على أنه حر فتبين أنه رق (* 1)، وفي صحيح الحلبي: ثبوته فيمن تزوجت رجلا على انه من بني فلان فتبين أنه من غيرهم (* 2). ولكن التعدي عن موردهما إلى قاعدة كلية كما ترى. (1) لان العالم بالفساد مقدم على عدم لزوم العمل بالشرط، فلا موجب لثبوت الخيار له. وفيه: أن الاقدام يكون حينئذ على عدم لزوم العمل بالشرط شرعا، لا على عدم العمل به، والذي يسقط الخيار الثاني، لا الاول.
____________
(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب العيوب والتدليس حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب العيوب والتدليس حديث: 1.
===============
( 322 )
[ (مسألة 10): إذا تزوج حر أمة من غير إذن مولاها حرم عليه وطؤها (1)، وإن كان بتوقع الاجارة (2). وحينئذ فان أجاز المولى كشف عن صحته، على الاقوى من كون الاجازة كاشفة (3). وعليه المهر (4). والولد حر. ولا يحد حد الزنا وإن كان عالما بالتحريم، بل يعزر (5). وإن كان عالما بلحوق الاجازة فالظاهر عدم الحرمة وعدم التعزير أيضا (6). ] (1) لانها أجنبية. (2) إذ التوقع للاجازة غير الاجازة، والموجب لكونها زوجة هو الاجازة، والاصل عدمها، فيكون الحكم الظاهري الحرمة. (3) أما بناء على الكشف الحقيقي: فيكون العقد صحيحا حين وقوعه، والوطء حلالا واقعا حين وقوعه، وإن كان حراما ظاهرا حين وقوعه، لاصالة عدم وقوع الاجازة، كما عرفت. أما بناء على الكشف الانقلابي - كما هو الظاهر -: فيكون باطلا حين وقوعه، والوطء حراما حين وقوعه، وبعد الاجازة يحكم بكون العقد صحيحا والوطء حلالا من حين وقوعه. فلو أخذ إلى الامام قبل تحقق الاجازة على الاول لا يحوز حده واقعا، وعلى الثاني يجوز حده واقعا، وإن كان يتبدل بالاجازة. (4) يعني المسمى، لصحة العقد. وكذا يكون الولد حرا، لحرية الوالد، ولا يلحق بالامة، لاختصاص ذلك بالزنا، وهو منتف، لان المفروض صحة العقد واقعا، ولذا لا يجد الواطئ حد الزنا، وإن كان عالما بحرمة وطء أمة الغير من غير عقد باذن مولاها. (5) لمخالفته الحكم الظاهري. (6) لصحة العقد حين وقوعه، فيحل الوطء من أول الامر، ولا
===============
( 323 )
[ وإن لم يجز المولى كشف عن بطلان التزويج. ويحد حينئذ حد الزنا إذا كان عالما بالحكم (1)، ولم يكن مشتبها من جهة أخرى (2). وعليه المهر بالدخول، وإن كانت الامة أيضا عالمة على الاقوى (3). وفي كونه المسمى، أو مهر المثل، ] موجب للتعزير، للعلم بحل الوطء حين وقوعه. نعم بناء على الكشف الانقلابي لا يكون العلم بلحوق الاجازة موجبا للعلم بصحة العقد حين وقوعه، ولا لحلية الوطء حين وقوعه، بل العقد باطل حين وقوعه، والوطء حرام حين وقوعه، ويجوز حد الواطئ قبل تحقق الاجازة، كما عرفت. (1) يعني: كان عالما بحرمة وطئها إذا لم يأذن المولى ولم يجز. (2) مثل أن يتخيل أنها أمته، أو زوجته، أو أن المولى قد حللها له، أو نحو ذلك من الاشتباه، فانه يكون الوطء شبهة، ولا يستحق الحد به، لان الحدود تدرأ بالشبهات. (3) قد تقدم من المصنف (ره) في المسألة الخامسة عشرة من (فصل: لا يجوز التزويج في عدة الغير): أن الاقوى عدم استحقاق السيد المهر مع علم الامة بحرمة الوطء. وقد تقدم في الشرح أن الذي يظهر من كلام بعضهم ان الكلام في هذه المسألة في مقامين: الاول: استحقاق السيد المهر. والثاني: استحقاق السيد الارش. والمصنف فيما سبق ذكر أن الاقوى عدم استحقاق المهر. وهنا ذكر أن الاقوى استحقاقه، وتردد في أنه المسمى، أو مهر المثل، أو العشر ونصفه، مع أن العشر ونصفه ليس من المهر، بل هو من الارش. وتبع في ذلك جماعة منهم صاحب المسالك والجواهر، فانه في الجواهر - بعد أن اختار ثبوت المهر للامة - ذكر أن في وجوب المسمى عليه، أو مهر المثل، أو العشر إن كانت بكرا ونصفه إن كانت ثيبا. وجوه، بل أقوال، لا يخلو الاخير منها من
===============
( 324 )
قوة، وفاقا للمحكي عن أبي حمزة. واختاره سيد المدارك، والرياض، على ما حكي عن أولهما. إنتهى. فجعل العشر ونصفه من وجوه المهر مع أن المذكور في كلام بعضهم أنه في مقابل المهر. ولعله هو المراد من المهر في كلام المصنف فيما سبق، فلا ينافي كلامه هنا. وكيف كان لا دليل على ثبوت مهر المثل، فضلا عن المسمى المعلوم فساده بفساد العقد. وأما الارش - وهو العشر أو نصفه -: فيدل عليه صحيح الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله (ع): " في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها امة قد دلست نفسها له. قال (ع): إن كان الذي زوجها إياه من غير مواليها فالنكاح فاسد. قلت: فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال (ع): إن وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه، وإن لم يجد شيئا فلا شئ له. وإن كان زوجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه. ولمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكرا، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها. قال: وتعتد منه عدة الامة. قلت: فان جاءت منه بولد. قال (ع): اولادها منه أحرار إذا كان النكاح بغير إذن الموالي " (* 1). وصحيح الفضيل بن يسار، قال: " قلت لابي عبد الله (ع): جعلت فداك إن بعض أصحابنا قد روى عنك أنك قلت: إذا أحل الرجل لاخيه فرج جاريته فهي له حلال. فقال (ع): نعم يا فضيل. قلت. فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة وهي بكر، أحل لاخيه ما دون فرجها، أله أن يفتضها؟ قال (ع): لا، ليس له إلا ما أحل له منها، ولو أحل له قبلة لم يحل له ما سوى ذلك. قلت أرأيت إن أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها؟ قال (ع): لا ينبغي له ذلك. قلت: فان فعل أيكون زانيا؟ قال (ع):
____________
(* 1) الوسائل باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 325 )
[ أو العشر إن كانت بكرا ونصفه إن كانت ثيبا. وجوه، بل اقوال، أقواها: الاخير. ويكون الولد لمولى الامة (1). وأما إذا كان جاهلا بالحكم أو مشتبها من جهة أخرى فلا يحد (2). ويكون الولد حرا. نعم ذكر بعضهم: أن عليه قيمته يوم سقط حيا (3). ولكن لا دليل عليه في المقام (4). ] لا، ولكن يكون خائنا. ويغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكرا، وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها " (* 1). والروايتان وإن كانتا واردتين في موراد خاصة غير ما نحن فيه، ولاجله استشكل في الحدائق في ثبوت ذلك فيما نحن فيه، لكن التعليل في اولهما بقوله (ع): " بما استحل من فرجها " ظاهر في عموم الحكم لما نحن فيه. وقد تقدم فيما سبق ماله نفع في المقام. فراجع. (1) بلا إشكال، كما في الجواهر، وبغير إشكال، كما في المسالك، لما عرفت في المسألة الثامنة. (2) لان الحدود تدرأ بالشبهات. وبكون الولد حرا لما تقدم في المسألة الثامنة. (3) قال في الشرائع - فيما إذا تزوج الحر أمة بغير إذن المولى -: " إن كان الزوج جاهلا أو كان هناك شبهة فلا حد، ووجب المهر، وكان الولد حرا. لكن يلزمه لمولى الامة قيمته يوم سقوطه حيا ". وتبعه عليه في القواعد، والمسالك، وكشف اللثام. وقال في جامع المقاصد: " ولا شك أن على الاب قيمته للمولى ". (4) في جامع المقاصد: جعله مما دلت عليه الرواية، يريد بها موثقة سماعة الاتية في الامة التي دلست نفسها. وصرح بذلك في كشف اللثام،
____________
(* 1) الوسائل باب: 35 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 326 )
[ ودعوى: أنه تفويت لمنفعة الامة (1). كما ترى، إذ التفويت إنما جاء من قبل حكم الشارع بالحرية. وعلى فرضه فلا وجه لقيمة يوم التولد، بل مقتضى القاعدة قيمة يوم الانعقاد (2) ] والرياض، والحدائق. وفي دلالتها على المقام إشكال، لاختلاف المورد، ولعدم ظهور قوله (ع) فيها: " وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه " في قيمة يوم الولادة، كما سيأتي. ومثله الاستدلال عليه بموثق جميل عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها، ثم يجئ مستحق الجارية؟ قال (ع): يأخذ الجارية المستحق. ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد. ويرجع على من باعه بثمن الجارية، وقيمة الولد التي أخذت منه " (* 1). ونحوه مرسله (* 2). وخبر اسماعيل ابن جابر عن أبي عبد الله (ع) الوارد في رجل زوجه قوم أمة غيرهم وقد كان طلب منهم أن يزوجوه امرأة منهم (* 3). (1) علله في التذكرة: بأنه نماء ملكه، وقد حال بينه وبينه بالحرية. وفي الجواهر: بأنه كالمتلف مال غيره بغير إذنه. واشكال المصنف (ره) على ذلك ظاهر. وفي بعض الحواشي: أن الاستيلاد استيفاء لمنفعة امة الغير، فيكون مضمونا على المستوفي. ومقتضاه ضمان منفعة الامة هذه المدة، لا ضمان قيمة الولد كما هو المدعى. (2) قال في التذكرة: " ولا يقوم قبل سقوطه، لانه لا قيمة له حينئذ ". وفي جامع المقاصد: " وإنما تعتبر القيمة وقت سقوطه حيا، لانه وقت الحيلولة، ووقت افراده بالتقويم، ووقت الحكم عليه بالمالية ". ونحوه في المسالك. وقال في كشف اللثام: " لانه أول وقت إمكان التقويم ".
____________
(* 1) الوسائل باب: 88 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 88 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 7.
===============
( 327 )
[ لانه انعقد حرا، فيكون التفويت في ذلك الوقت. (مسألة 11): إذا لم يجز المولي العقد الواقع على أمته ولم يرده أيضا حتى مات، فهل يصح إجازة وارثه له، أم لا؟ وجهان، أقواهما: العدم، لانها على فرضها كاشفة، ولا يمكن الكشف هنا، لان المفروض أنها كانت للمورث (1) وهو نظير من باع شيئا ثم ملك (2). ] والاشكال في الجميع ظاهر، ولا سيما بملاحظة أنه لو ضربها جان وهي حامل فاسقطت كان ضامنا. وذلك يدل على ان له مالية، وقابل للتقويم، وإلا لم يكن وجه للضمان. فكان الاولى الاستدلال عليه بأن النصوص الدالة على الضمان تضمنت ضمان قيمة الولد، وعنوان الولد إنما يكون بالولادة، لا بالانعقاد. نعم إذا كان المستند في ضمان القيمة القاعدة كان مقتضاها ضمان قيمة زمان الانعقاد. (1) وعلى تقدير الكشف تكون للمشتري من حين العقد، فيلزم اجتماع ملكيتين في زمان العقد: ملكية المورث، وملكية المشتري، إذ لو لم تكن ملكا للمورث لم تنتقل إلى الوارث. (2) فان المالك فيه حين البيع غير المالك حين الاجازة، فيكون كما نحن فيه. نعم يفترقان بأن الفضولي في المقام غير المالك الثاني، بخلاف النظير، فانه عينه. ويمكن أن يقال: بأن المالك حال الاجازة لما كان وارثا فقد لوحظ فيه قيامه مقام مورثه، فالاجازة منه كأنها إجازة من مورثه، وكان المالك حال الاجازة هو المالك حال العقد، ولا يلحقه حكم تجدد المالك حال الاجازة. ثم إنه لو تعذر البناء على الكشف الحقيقي في الفرض ونحوه يدور الامر بين البناء على البطلان وعدم الفائدة للاجازة، والبناء على الصحة والقول بالنقل أو الكشف عن ثبوت المضمون حين تبدل المالك
===============
( 328 )
[ (مسألة 12): إذا دلست أمة فادعت أنها حرة فتزوجها حر ودخل بها ثم تبين الخلاف (1) وجب عليه المفارقة. وعليه المهر لسيدها (2). وهو العشر ونصف العشر ] لا حين العقد. وحيث يدور الامر بينهما يكون البناء على أحد الاخيرين مما فيه العمل بالدليل في الجملة أولى من الاول الذي فيه طرح للدليل بالمرة. كما أن هذا كله مبني على القول بالكشف الحقيقي. أما بناء على الكشف الانقلابي أو الحكمي فلا مانع من الالتزام به هنا، فكيون المال ملكا للمورث حين الموت وينتقل إلى الوارث، وبعد إجازة الوارث يحكم الشارع بثبوت ملكية المشتري من حين وقوع العقد، إما حقيقة، أو حكما. ثم إن هذا الاشكال المذكور في المتن إنما يتوجه في بيع الفضولي ونحوه، لا في مثل النكاح بما لا نقل فيه للملكية. فلا تنافي بين الكشف فيه وبين ثبوت الملكية للمورث. نعم بعض الاشكالات في تلك المسألة جارية هنا، مثل ما يقال من أنه يلزم نفوذ التصرف في ملك المالك بدون إجازته لا سابقا ولا لاحقا. ولعل ذلك مراد المصنف، وإن بعد عن ظاهر كلامه. (1) يعني: تبين أنها أمة غير مأذونة في التزويج، لا سابقا ولا لاحقا. (2) في المسالك: " هكذا أطلق الجميع. بل ادعى عليه بعضهم إجماع المسلمين، ولم يفرقوا بين كونها عالمة بالتحريم وجاهلة " فان كان المراد من المهر العشر ونصفه كان الاطلاق في محله، لانه مقتضى إطلاق الصحيح السابق (* 1) الشامل للعالمة والجاهلة. وإن كان المراد، المسمى فلا وجه له، وإن نسبه في المسالك إلى ظاهر الشرائع والاكثر، لان فساد العقد يقتضي فساد المسمى فلا ملزم به. وكذا إذا كان المراد به مهر المثل،
____________
(* 1) راجع المسألة: 10 من هذا الفصل.
===============
( 329 )
[ على الاقوى، لا المسمى، ولا مهر المثل. وإن كان أعطاها المهر استرد منها إن كان موجودا (1)، وإلا تبعت به بعد العتق (2). ولو جاءت بولد ففي كونه حرا أو رقا لمولاها قولان، فعن المشهور: أنه رق (3)، ] بناء على عموم قوله صلى الله عليه وآله: " لا مهر لبغي " (* 1) لما نحن فيه. وقد تقدم الكلام في ذلك في المسألة الخامسة عشرة من (فصل: لا يجوز التزويج في عدة الغير). أما بناء على عدم عمومه ففي محله - كما عن الشيخ في المبسوط، ونقل عن ابن حمزة - لو لا ورود الصحيح المذكور، فانه ظاهر في خلافه. ولاجله يتعين البناء على ما في المتن، كما اختاره في الجواهر، وحكاه عن سيد المدارك، والرياض. وفي الشرائع جعله المروي. ولعل ظاهره الميل إليه، وإن كان لا يخلو من تأمل، ونسب في كشف اللثام إلى المقنع، والنهاية والمهذب والجامع. (1) كما صرح به في الصحيح. وتقتضيه قاعدة السلطنة على المال بعد أن لم يخرج عن ملكه بالعقد الفاسد. (2) بذلك صرح في القواعد، وجامع المقاصد، والمسالك، وكشف اللثام. عملا بالقواعد العامة. لكن ذكر في الصحيح: " وإن لم يجد شيئا فلا شئ له ". وظاهره عدم اشتغال ذمتها بشئ من المهر مع التلف. ولعل المراد به أنه لا شئ له فعلا. (3) نسبه إلى المشهور في الحدائق. واختاره في الشرائع، والقواعد. ونسبه في الجواهر إلى الشيخ واتباعه، لانه نماء المملوك، ولخبر محمد بن
____________
(* 1) لم نعثر عليه في كتب الحديث وان اشتهر في كتب الفقه، نعم ورد في نصوص كثيرة عده من السحت. راجعها في الوسائل باب: 5 من ابواب ما يكتسب به وغيرها. وفى مستدرك الوسائل في الباب المذكور وفى صحيح البخاري باب: 51 في مهر البغي من كتاب الطلاق.
===============
( 330 )
قيس عن أبي جعفر (ع) قال: " قضى علي (ع) في امرأة أتت قوما فخبرتهم أنها حرة، فتزوجها أحدهم وأصدقها صداق الحرة، ثم جاء سيدها. فقال (ع): ترد إليه. وولدها عبيد " (* 1)، وموثق سماعة قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن مملوكة أتت قوما وزعمت أنها حرة، فتزوجها رجل منهم وأولدها ولدا، ثم إن مولاها أتاهم فأقام عندهم البينة أنها مملوكة، وأقرت الجارية بذلك. فقال (ع): تدفع إلى مولاها هي وولدها. وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه. قلت: فان لم يكن لابيه ما يأخذ ابنه به. قال (ع): يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤديه ويأخذ ولده. قلت: فان أبي الاب أن يسعى في ثمن ابنه. قال (ع): فعلى الامام أن يفتديه. ولا يملك ولد حر " (* 2)، وحسن زرارة قال: " قلت لابي عبد الله (ع): أمة أبقت من مواليها فأتت قبيلة غير قبيلتها فادعت أنها حرة، فوثب عليها رجل حينئذ فتزوجها، فظفر بها مولاها بعد ذلك وقد ولدت أولادا. قال (ع): إن أقام البينة الزوج على أنه تزوجها على أنها حرة أعتق ولدها وذهب القوم بأمتهم، وإن لم يقم البينة أوجع ظهره واسترق ولده " (* 3)، وموثق سماعة الاخر قال: " سألته عن مملوكة قوم أتت قبيلة غير قبيلتها وأخبرتهم أنها حرة، فتزوجها رجل منهم فولدت له. قال (ع): ولده مملوكون، إلا أن يقيم البينة أنه شهد لها شاهدان أنها حرة، فلا يملك ولده، ويكونون أحرارا " (* 4).
____________
(* 1) الوسائل باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2.
===============
( 331 )
[ ولكن يجب على الاب فكه (1) بدفع قيمته يوم سقط حيا (2) وإن لم يكن عنده ما يفكه به سعى في قيمته (3)، وإن أبى ] (1) بلا خلاف، كما في كشف اللثام. ويقتضيه موثق سماعة الاول، وصحيح محمد بن قيس الآتي ونحوه مرسل الفقيه (* 1). كما يقتضي الاول ما يأتي من الاحكام، ولم يشاركه في ذلك غيره من النصوص. (2) بلا خلاف، كما في كشف اللثام. لكن الموثق ظاهر في القيمة يوم دفع القيمة. ويقتضيه إطلاق صحيح محمد بن قيس المتقدم (* 2). (3) كما في الشرائع، والقواعد، وغيرهما. وأنكر في المختلف الاستسعاء، وكذا وجوب الاخذ من بيت المال، لانه دين يجب فيه الانتظار، ولا يؤدى من بيت المال. وفيه: أنه لا مجال لذلك بعد ورود النص المعتبر به. والطعن في السند، وحمل الامر على الاستحباب غير ظاهر. نعم لم يعين في النص أنه من بيت المال، ولا من الزكاة. ومقتضى أن الاول مصرفه المصالح العامة وليس هذا منها، وأن سهم الرقاب مصرفه المكاتبون والعبيد تحت الشدة وليس هذا منهما: أنه لا يجوز الفك من المالين المذكورين. نعم لا بأس بصرف سهم سبيل الله في ذلك، فكان أولى بالذكر في كلام الجماعة من ذكر المالين. ثم إنه بناء على الرقية فالقيمة ليست من الدين، وإنما يجب دفعها تكليفا من باب وجوب الفك. وكذلك بناء على الحرية، فانه لم يثبت أنه من باب الضمان ليكون دينا، بل من الجائز كونه تكليفيا تعبديا، فاجراء أحكام الدين في المقام غير ظاهر. والكلام في ذلك لا يهم بعد أن كان من وظائف الامام.
____________
(* 1) الوسائل باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 8. وقد رواه مرسلا. والموجود في الفقيه روايته بسنده عن محمد بن قيس فراجع الفقيه جزء: 3 صفحة: 262 الطبعة الحديثة. (* 2) لم يتقدم في كلامه (قده) التعرض له، وانما يأتي منه ذكره قريبا.
===============
( 332 )
[ وجب على الامام (ع) دفعها من سهم الرقاب (1) أو من مطلق بيت المال (2). والاقوى كونه حرا (3)، ] (1) كما في كشف اللثام عن النهاية، والغنية، والوسيلة، والمهذب. (2) كما عن النكت. وقد عرفت الاشكال فيه، وفيما قبله. (3) في كشف اللثام حكاه عن المبسوط، ونكت النهاية، والسرائر. وفي الجواهر: أنه الاقوى، للاصل، ولظهور الادلة في كون الشبهة كالعقد الصحيح في لحوق النسب، المقتضي لحرية الولد على الوجه الذي عرفته سابقا، ولما في ذيل صحيح الوليد المتقدم (* 1) ولصحيح محمحد بن قيس عن أبي جعفر (ع): " في رجل تزوج جارية رجل على أنها حرة، ثم جاء رجل آخر فأقام البينة على أنها جاريته. قال (ع): يأخذها ويأخذ قيمة ولدها " (* 2)، بدعوى أنه ظاهر في حرية الولد، وبموثق سماعة الاول، بناء على ما في جامع المقاصد من أن الذي ضبطه المحققون أن قوله (ع): " ولا يملك ولد حر " بالوصف لا الاضافة. قال في جامع المقاصد: " نص جماعة - منهم ابن إدريس - على وجوب قراءة " حر " بالرفع والتنوين على أنه صفة لولد، وقالوا: إن قراءته بالجر وهم ". وفي كشف اللثام: " الاظهر كون " حر " صفة، لانه الذي لا يملك. وقال قبل ذلك: ولم نظفر في الباب بخبر صحيح. والاصل الحرية، فهو الاقوى. وبعضده صحيح الوليد بن صبيح ". ويشكل: بأن خبر محمد بن قيس السابق في دليل الرقية موثق، وهو حجة، ومانع من الرجوع إلى الاصل. ومنه يظهر الاشكال فيما في الجواهر، فان ما ذكره من النصوص معارض بما
____________
(* 1) راجع المسألة: 10 من هذا الفصل. (* 2) ذكره في الفقيه جزء: 3 صفحة: 262 بتغيير يسير، وذكره في الوسائل مرسلا باب: 67 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 8، كما أشرنا إليه قريبا.
===============
( 333 )
دل على الرقية. مع أن الاستدلال بصحيح محمد بن قيس على حرية الولد غير ظاهر، وإن علله في الجواهر: بأنه لو كان رقا كان الجائز له أخذها وأخذ ولدها. إذ فيه: أنه إذا كان يجب أخذ قيمة الولد بناء على الرقية لا يجوز له أخذ الولد. فلاحظ. وكذا الاستدلال بموثق سماعة الاول، لضعف المبنى الذي ذكره في جامع المقاصد من أنه بالوصف لا بالاضافة أولا: من جهة أن الحكم بأنه لا يملك يكون عقليا لا شرعيا. وثانيا: بأن الحر الذي لا يملك لا يختص بالولد، بل الوالد الحر أيضا لا يملك، فيكون التخصيص بلا مخصص، بخلاف ما لو كان على الاضافة. والتحقيق أن نصوص المقام في مقام الدلالة على أقسام: الأول: ما ظاهره رقية الولد، كموثق محمد بن قيس المذكور في أدلة الرقية. الثاني: ما ظاهره حرية الولد، كصحيح الوليد بن صبيح المتقدم في العشر ونصف العشر. الثالث: ما ظاهره التفصيل بين أن يشهد الشاهدان بحرية الامة فيتزوجها الرجل، وبين أن يتزوجها اعتمادا على قولها المعتضد بأصالة الحرية، وهو موثق سماعة الاخير. لكن ظاهره التفصيل في الحكم الظاهري في مقام حسم النزاع بين الزوج والسيد، لا الحكم الواقعي في حرية الولد مع شهادة الشاهدين. الرابع: ما ظاهره التفصيل بين أن يقيم بينة على أنه تزوجها على أنها حرة فالولد حر، وأن لا يقيم بينة على ذلك فالولد رق، وهو رواية زرارة. وظاهرها أيضا التفصيل في الحكم الظاهري في مقام حسم النزاع والخصومة. الخامس: ما هو قصر الدلالة على الحرية والرقية، كموثق سماعة الاول، فان دفع الولد إلى مولى الامة فيه أعم من كونه رقا أو حرا يتعلق به المال كالعين المرهونة. وكذلك قوله (ع) في ذيله: " ولا يملك ولد حر ". بناء على الاضافة، كما هو الظاهر كما عرفت، فان ذكر ذلك علة للافتداء بالقيمة ربما كان قرينة على كون المراد
===============
( 334 )
أنه لا يبقى على الملكية. ومثله صحيح محمد بن قيس، فان اخذ قيمة الولد فيه أعم من كونه حرا، كما سبق. ثم إن دلالة الاول على الرقية لا مجال للمناقشة فيها. وما في الجواهر من حمله على الحكم الظاهري في مقام حسم النزاع - يعني: إذا لم تكن حجة للزوج على كونه مشتبها يحكم برقية الولد - بخلاف الظاهر جدا، ولا سيما بملاحظة عطف التزويج بالفاء على إخبارها بالحرية، وقوله: " أصدقها صداق الحرة "، فانه كالصريح في كون التزوج من باب الاشتباه، وأن السؤال عن حكمه من حيث هو. كما أن الظاهر تأتي المناقشة في الاستدلال بصحيح الوليد على الحرية وإن كان تام الدلالة عليها، لان تعليق الحرية فيه على النكاح بغير إذن الموالي يقتضي انتفاءها إذا كان باذن الموالي، وليس الحكم كذلك كما تقدم. فيتعين التصرف فيه إما بحمل الكلام على الانكار - كما ذكره في الوسائل - أو على صورة رد الاب القيمة، أو صورة شهادة الشاهدين بحرية الامة - كما ذكر الشيخ (ره) - أو حمل الشرط على تقرير موضوع الحكم بالحرية - كما احتمله في الجواهر - أو غير ذلك من المحتملات. ومع الاحتمال لا مجال للاستدلال. وأما الثالث: فدلالته على حرية الولد مع شهادة الشاهدين، ورقيته مع عدهما لا غبار عليها. وهو في الحكم الثاني معاضد لموثق محمد بن قيس. وفي الحكم الاول غير مناف له، لظهور السؤال فيه في غير هذه الصورة، أو غير ظاهر فيها، فلا يتنافى مع الموثق المذكور فيها، ولا مانع من العمل به فيهما حينئذ، وإن كان واردا في مقام الحكم الظاهري للحاكم، لا الحكم الواقعي، لكن من المعلوم أن الحكم الظاهري عين الحكم الواقعي مع الموافقة، فلا مانع من الاخذ باطلاقه. وأما الرابع: فالكلام فيه هو الكلام في الثالث، فيدل على الحكم الواقعي. لكن كان التعبير فيه بالاعتاق المناسب للرقية،
===============
( 335 )
[ كما في سائر موارد اشتباه الحر، حيث أنه لا إشكال في كون الولد حرا، فلا خصوصية لهذه الصورة. والاخبار الدالة على رقيته منزلة على أن للمولى أخذه (1) ليتسلم القيمة، ] لانه تحرير الرق، ويكون المراد به الاعتاق بدفع القيمة إلى الاب، فيكون الخبر موافقا لموثق محمد بن قيس في إطلاق الرقية مع الاشتباه. وكأنه لاجل ذلك استدل به على الرقية. ولا يمكن تقييده بصورة عدم شهادة الشاهدين بحرية الامة، لانه لو قيد بذلك كان مفهومه لزوم أن يوجع ظهره إذا لم يشهد الشاهدان بحرية الامة، وهو مما لا يمكن الالتزام به. وحينئذ يتعارضان في صورة شهادة الشاهدين. ولا يبعد الاخذ بالموثق حينئذ، لضعف الخبر، لان في سنده في الكافي عبد الله بن بحر (* 1)، وفى التهذيب (* 2) وإن كان بدله عبد الله بن يحيي، لكن الكافي أضبط، بل جزم المجلسي (ره) بأنه تصحيف. ومن ذلك يظهر قوة ما عن الشيخ (ره) - في النهاية، والتهذيب والاستبصار، ونسب إلى المهذب - من التفصيل بين أن يشهد شاهدان بحرية الامة فيتزوجها الرجل لذلك فالولد حر، وبين أن يتزوج اعتمادا على أصالة الحرية أو نحوها فالولد رق. وعلى الاب فكه بالقيمة. وجعله في الحدائق مقتضى التدبر في نصوص الباب بعد ضم بعضها إلى بعض. كما يظهر ضعف القول بالرقية مطلقا، والحرية كذلك، وإن كان أولهما أقرب من ثانيهما. (1) قد عرفت أنه لا موجب لهذا التنزيل، وأن العمدة فيما دل على الحرية صحيح الوليد، وقد عرفت إشكاله.
____________
(* 1) الجزء: 5 صفحة: 405 الطبعة الحديثة. (* 2) الجزء: 7 صفحة: 350 الطبعة الحديثة، والاستبصار الجزء: 3 صفحة: 217.
===============
( 336 )
[ جمعا بينها وبين ما دل على كونه حرا. وعلى هذا القول أيضا يجب عليه ما ذكر من دفع القيمة، أو السعي، أو دفع الامام (ع)، لموثقة سماعة (1). هذا كله إذا كان الوطء حال اعتقاده كونها حرة. وأما إذا وطئها بعد العلم بكونها أمة (2) فالولد رق، لانه من زنا حينئذ (3)، بل وكذا لو علم سبق رقيتها فادعت أن مولاها أعتقها، ولم يحصل له العلم بذلك ولم يشهد به شاهدان، فان الوطء حينئذ أيضا لا يجوز لاستصحاب بقائها على الرقية (4). نعم لو لم يعلم سبق رقيتها جاز له التعويل على قولها، لاصالة الحرية (5). فلو تبين ] (1) في الاحكام الثلاثة. ويشاركه في الاول منها صحيح محمد بن قيس، ومرسل الفقيه (* 1). (2) يعني: لم يأذن مولاها لها في النكاح. (3) تقدم في آخر المسألة الثامنة وجه الحكم فيه. (4) ويحتمل قبول خبرها، لان إخبار الانسان عن نفسه وعما في يده حجة مقدمة على الاستصحاب، كما إذا أخبر عن تطهير بدنه ونحوه. نعم إذا كانت قرينة على اتهامه لم يقبل خبره. ولعل دعوى صيرورتها حرة من ذلك. ونظير المقام دعوى العدالة، والاجتهاد، والنسب، ونحوها فلا يصدق مدعيها إلا ببينة. وقد تقدم الكلام في ذلك فيما تثبت به الطهارة والنجاسة من كتاب الطهارة. كما أنه إذا كان يباع في الاسواق فقد دلت النصوص (* 2) على عدم قبول إخباره بالحرية مسبوقة بالرقية أو غير مسبوقة. (5) لصحيح عبد الله بن سنان قال: " سمعت أبا عبد الله (ع):
____________
(* 1) تقدم التعرض لهما في اوائل المسألة. (* 2) راجع الوسائل باب: 5 من ابواب بيع الحيوان.
===============
( 337 )
[ الخلاف لم يحكم برقية الولد (1). وكذا مع سبقها مع قيام البينة على دعواها (2). (مسألة 13): إذا تزوج عبد بحرة من دون إذن مولاه ولا إجازته كان النكاح باطلا، فلا تستحق مهرا ولا نفقة (3) بل الظاهر أنها تحد حد الزنا (4) إذا كانت عالمة ] يقول كان علي بن أبي طالب يقول: الناس كلهم احرار، إلا من أقر على نفسه بالعبودية وهو مدرك من عبد أو أمة، ومن شهد عليه بالرق صغيرا كان أو كبيرا " (* 1). لكن على هذا يكون التعويل على الاصل لا على قولها. (1) على ما تقدم منه. وهو مورد نصوص الباب. (2) هذا يدخل في عموم موثق سماعة الاخير (* 2)، المتضمن لحرية الولد إذا شهد شاهدان لها بالحرية. (3) أما البطلان: فلما سبق من عدم سلطان الرق على نفسه. وأما نفي المهر: فلانها بغي. وفي خبر السكوني عن أبى عبد الله (ع) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله أيما امرأة حرة زوجت نفسها عبدا بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها، ولا صداق لها " (* 3). وأما نفي النفقة: فلانتفاء الزوجية. والظاهر أنه لا إشكال في جميع ما ذكر. (4) لعموم الادلة. لكن قال في كشف اللثام: " قيل: ولا حد عليها، لمكان الشبهة. والفرق بينها وبين الحر إذا تزوج أمة كذلك: أنها لنقصان عقلها وعدم مخالطتها لاهل الشرع يكفي العقد شبهة لها. والفرق
____________
(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب العتق حديث: 1. (* 2) راجع صفحة: 330. (* 3) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3.
===============
( 338 )
[ بالحال، وأنه لا يجوز لها ذلك. نعم لو كان ذلك لها بتوقع الاجازة واعتقدت جواز الاقدام حينئذ بحيث تكون شبهة في حقها لم تحد. كما أنه كذلك إذا علمت بمجئ الاجازة (1). وأما إذا كان بتوقع الاجازة وعلمت مع ذلك بعدم جواز ذلك فتحد مع عدم حصولها، بخلاف ما إذا حصلت، فانها تعزر حينئذ، لمكان تجريها. وإذا جاءت بولد فالولد لمولى العبد (2) مع كونه مشتبها، ] بين ذلك وما إذا تزوجت حرا بعقد تعلم فساده: ان هذا العقد فضولي يجوز فيه إجازة المولى. ويؤيده ما في الاخبار من: " أنه لم يعص الله وإنما عصى سيده " (* 1)، وحسن منصور بن حازم عن الصادق (ع): " في مملوك تزوج بغير إذن مولاه أعاص لله تعالى؟ قال (ع): عاص لمولاه. قلت: حرام هو؟ قال (ع): ما أزعم أنه حرام.. " (* 2). انتهى كلام كشف اللثام. وكأنه لذلك اقتصر في الشرائع والقواعد على ذكر الحكمين الاولين فقط ولم يتعرض للحد. بل في الحدائق: لم يذكره أحد. وربما مال إليه في كشف اللثام. ولكنه يشكل - كما في الحدائق وفى الجواهر - بأن الشبهة العرفية منتفية، والشرعية لا دليل عليها. والاخبار قد عرفت المراد منها في أول هذا المبحث. فراجع. ونقصان العقل غير كاف في تحقيق الشبهة الدارئة للحد بعد فرض العلم بالحرمة، وإلا سقط الحد عن المرأة كلية (1) تقدم الكلام في ذلك في شرح المسألة العاشرة. (2) بلا خلاف، كما في الجواهر. وفي كشف اللثام: أنه قطع به الاصحاب، لكونه من نماء المملوك، لانتفاء النسب بينه وبين الام بالزنا.
____________
(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1، 2. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2.
===============
( 339 )
[ بل مع كونه زانيا أيضا، لقاعدة النمائية بعد عدم لحوقه بالحرة. وأما إذا كانت جاهلة بالحال فلا حد. والولد حر (1). ] ولكنه كما ترى، فانه شامل لما إذا كان العبد زانيا أيضا مع انتفاء النسب بينه وبينه أيضا، فهو إما نماء لهما، أو للام، ولا وجه لالحاقه بالاب بالخصوص مطلقا. وقد يستدل له بخبر العلاء بن رزين عن أبى عبد الله (ع) قال: " في رجل دبر غلاما له فأبق الغلام فمضى إلى قوم، فتزوج منهم ولم يعلمهم أنه عبد، فولد له أولاد، وكسب مالا، ومات مولاه الذي دبره، فجاء ورثة الميت الذي دبر العبد فطالبوا العبد، فما ترى؟ فقال: العبد وولده لورثة الميت... " (* 1). لكن الاستدلال به يتوقف على إطلاقه وعدم ظهوره في الحرة الجاهلة. ولكنه غير ظاهر. وحينئذ ينحصر دليله بالفحوى إن امكن العمل بمورد الخبر، وبالاجماع. (1) أما الاول: فللشبهة الدارئة للحد. وأما الثاني: فلما تقدم من أن المتولد بين الحر والرق يلحق بأشرف الابوين. وعن مقنعة المفيد: أن الولد رق كما لو كانت عالمة. ومثله ظاهر محكي التهذيب، عملا باطلاق النص المتقدم. لكن عرفت الاشكال في إطلاقه وأنه ظاهر في الجاهلة. وحمله في الجواهر على صورة عدم قيام البينة على كون الحرية مشتبهة، لما بني عليه غير مرة من أن الولد يلحق بالرق غير المأذون. والمراد من قول السائل: " ولم يعلمهم أنه عبد ": أنه لم يعلمهم أنه عبد آبق، لا أنه لم يعلمهم أنه عبد، لتكون الحرة التي تزوجت مشتبهة. ولكن ما ذكره (قده) - وإن جعله مقطوعا به - غير ظاهر، بل خلاف الظاهر. وقد عرفت في المسألة الثامنة الاشكال فيما بني عليه غير مرة. فراجع. نعم قد يقال: إن الخبر المذكور لا يصلح لمعارضة ما دل على حرية الولد
____________
(* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 340 )
[ وتستحق عليه المهر (1)، يتبع به بعد العتق (2). (مسألة 14): إذا زنى العبد بحرة من غير عقد فالولد حر (3)، وإن كانت الحرة أيضا زانية. ففرق بين الزنا المجرد عن عقد والزنا المقرون به مع العلم بفساده حيث قلنا إن الولد لمولى العبد (4). (مسألة 15): إذا زنى حر بأمة فالولد لمولاها (5) وإن كانت هي أيضا زانية. وكذا لو زنى عبد بأمة الغير، ] المتولد من الحر، بضعفه في نفسه، وإعراض المشهور عنه. (1) لما يفهم من غير واحد من النصوص من استحقاق المهر بالدخول في غير الزنا (* 1). (2) كما صرح به في الشرائع، والقواعد، وغيرهما. لانه مملوك لمولاه، فلا يمكن استيفاء دينه من منافعه أو من عينه. (3) بلا خلاف ولا إشكال، كما في الجواهر. ويقتضيه أصالة تبعية النماء للام ما لم يقم دليل على خلافها. (4) في الجواهر: وجه الفرق النص، وهو خبر العلاء المتقدم. لكن ظاهر المصنف الفرق من غير جهة النص، فانه في العقد المعلوم الفساد ألحق الولد بالعبد، فيكون لمولاه، لقاعدة النمائية. وهذه القاعدة بعينها جارية في الزنا بدون العقد. (5) كما في الجواهر. لقاعدة النماء في الام. قال " ولا يشكل ما ذكرنا بالحرة التي تزوجت عبدا غير مأذون عالمة بالتحريم، لما عرفته من الدليل المخصوص في النكاح دون الزنا ". ويشير بذلك إلى خبر العلاء.
____________
(* 1) راجع الوسائل باب: 54 من ابواب المهور، ومستدرك الوسائل باب: 38 من ابواب المهور.
===============
( 341 )
[ فان الولد لمولاها (1). (مسألة 16): يجوز للمولى تحليل أمته لعبده (2). ] (1) قد سبق ذلك في آخر المسألة الثامنة. (2) كما عن الحلي. واختاره في الشرائع. ولكن عن الشيخ في النهاية، والعلامة في المختلف، وولده: العدم، لصحيحة علي بن يقطين عن أبى الحسن (ع) " أنه سئل عن المملوك أيحل له أن يطأ الامة من غير تزويج إذا أحل له مولاه؟ قال (ع): لا يحل له " (* 1)، ولانه نوع تمليك، والعبد ليس أهلا له. والاخير كما ترى، مبني على عدم ملك العبد مطلقا. مع أن التحليل ليس تمليكا، كما سيأتي. والصحيح معارض بغيره، ففي صحيح محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله تعالى: (والمحصنات من النساء الا ما ملكت أيمانكم) قال: هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته فيقول: اعتزل امرأتك ولا تقربها، ثم يحبسها عنه حتى تحيض، ثم يمسها، فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح " (* 2)، والصحيح عن فضيل مولى راشد قال: " قلت لابي عبد الله (ع): لمولاي في يدي مال فسألته أن يحل لي ما أشتري من الجواري، فقال: إن كان يحل لي أن أحل لك فهو لك حلال. فقال (ع): إن أحل لك جارية بعينها فهي لك حلال، وإن قال: اشتر منهن ما شئت، فلا تطأ منهن شيئا إلا ما يأمرك، إلا جارية يراها فيقول هي لك حلال، وإن كان لك مال فاشتر من مالك ما بدا لك " (* 3). ولعل وجه الجمع حمل الصحيح الاول على صورة التحليل من غير تعيين.
____________
(* 1) الوسائل باب: 33 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 45 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 33 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 342 )
ولكن قال في الشرائع: " وفي تحليل أمته لمولاه روايتان: إحداهما: المنع، ويؤيدها أنه نوع تمليك والعبد بعيد عن التمليك. والاخرى: الجواز إذا عين له الموطوءة، ويؤيدها أنه نوع من الاباحة، وللمملوك أهلية الاباحة. والاخير أشبه ". ومما ذكرنا تعرف أن القول بالجواز أشبه وأوفق بالقواعد، سواء قلنا بان التحليل عقد نكاح، أم تمليك، وأن العبد يملك،، أو لا يملك، فانه لا مجال لطرح النصوص المذكورة بالمباني المزبورة. ومن ذلك تعرف الاشكال فيما في القواعد حيث قال: " ولو أباح أمته لعبده، فان قلنا أنه عقد أو تمليك منفعة وأن العبد يملك حلت، وإلا فلا. والاول أولى، لانه نوع إباحة، والعبد أهل لها ". وفي كلامه الاخير إشارة إلى ما هو التحقيق من أن التحليل ليس عقد النكاح - كما عن المرتضى - ولا تمليك منفعة - كما عن المشهور - ولا تمليك انتفاع - كما قد يظهر من عبارة جامع المقاصد - بل هو إباحة وإذن في الانتفاع دل الدليل القطعي عليه، فوجب القول به، ويكون الدليل مخصصا لقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم، أو ما ملكت أيمانهم، فانهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون) (* 1)، فيدل على جواز قسم ثالث في مقابل القسمين المذكورين. اللهم إلا أن يقوم إجماع على الانحصار بالقسمين، كما يظهر من دعوى الاتفاق في كشف اللثام وغيره. فيتعين إرجاع التحليل إلى أحد القسمين ولاجل انتفاء أحكام العقد من الطلاق إن كان دائما، ولزوم ذكر المهر إن كان متعة، يتعين كونه من ملك اليمين، كما قيل. ولما عرفت من أن العقد يقتضي ثبوت الزوجية، وهي منتفية في التحليل، وأنه لا ملكية للرقبة فيه، ولا للمنفعة، يتعين أن يكون المراد من ملك اليمين ما يشمل
____________
(* 1) المؤمنون: 5، 6، 7. المعارج: 29، 30، 31.
===============
( 343 )
[ وكذا يجوز له أن ينكحه إياها (1). والاقوى أنه حينئذ نكاح لا تحليل (2). كما أن الاقوى كفاية أن يقول له: " أنكحتك ] تحليل الامة المملوكة، ولا موجب للالتزام بانه تمليك منفعة، أو انتفاع. كيف؟! وهو خلاف المرتكز في أذهان المتشرعة، وكيف يمكن البناء على إنشاء الملك بالتحليل من دون قصد المنشئ؟! كما لعله ظاهر. (1) بلا إشكال. وتشهد به النصوص، كصحيحة علي بن يقطين المتقدمة في أول المسألة، ونحوها غيرها مما هو كثير، ويأتي بعضه. (2) كما هو المشهور. لان النكاح هو الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة، والموجب إنما يوقع هذه الزوجية. بخلاف التحليل فانه إذن في الانتفاع من دون زوجية. وظاهر النصوص الواردة في المقام مشروعية التزويج وايقاع الزوجية بين العبد والامة. وعن ابن إدريس: أنه إباحة، إما الجواز تفريق المولى بينهما بالامر بالاعتزال، ولو كان عقد نكاح لم ينفسخ إلا بالطلاق، ونحوه من فواسخ النكاح. وفيه: أن الطلاق ليس انفساخا للعقد، وانما هو إيقاع الفراق، ومن الجائز أن يكون الامر بالاعتزال يقتضي ذلك، أو يقتضي الانفساخ كغيره من أسباب الانفساخ. وإما لصحيح محمد بن مسلم عن أبى جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل كيف ينكح عبده أمته؟ قال (ع): يجزيه ان يقول: قد أنكحتك فلانة، ويعطيها شيئا من قبله أو من مولاه ولو مدا من طعام أو درهما أو نحو ذلك.. " (* 1). وفيه أن قوله (ع): " قد انكحتك " ظاهر في إيقاع الزوجية لا مجرد التحليل. فهو دليل على القول الاول، ولا سيما بملاحظة الامر باعطاء شئ، فان الظاهر منه أنه من باب المهر الذي لا يجب في التحليل، كما ذكر ذلك في المسالك.
____________
(* 1) الوسائل باب: 43 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.
===============
( 344 )
[ فلانة "، ولا يحتاج إلى القبول منه أو من العبد (1)، لاطلاق الاخبار (2)، ] (1) كما اختاره في المختلف، لان القبول إنما يشترط في حق من يمكله، العبد هنا لا يملك القبول، لان للمولى إجباره على النكاح، فله هنا ولاية طرفي العقد. وفي المسالك: " هو متجه، لان اعتبار قبول العبد ساقط، وايجاب المولى دال على قبوله، والمعتبر من القبول الدلالة على رضاه، فهو متحقق فيه بما يصدر عنه من اللفظ المفيد للنكاح ". وظاهر صدر كلامه كظاهر المختلف عدم اعتبار القبول في المقام، وظاهر ذيل كلامه اعتبار القبول، لكن من باب الدلالة على الرضا، فإذا علم الرضا من الايجاب كفى. ويشكل الاخير: بأن الرضا النفساني غير كاف في القبول، وإنما المعتبر الرضا الانشائي. وأما الاول فغير بعيد، إذ ليس الفرق بين المعاني العقدية والايقاعية أن الاولى تتعلق بغير الموجب، والثانية لا تتعلق بغير الموجب، ضرورة أن كلا من النكاح والطلاق يتعلق بغير الموجب، مع أن الاول معنى عقدي والثاني إيقاعي. بل الفرق أن المعنى العقدي تحت سلطان الموجب والقابل، والمعنى الايقاعي لا يكون إلا تحت سلطان الموجب فقط، وإنكاح المولى عبده لما لم يكن تحت سلطان العبد، بل هو تحت سلطان المولى فقط، كان معنى إيقاعيا. (2) كصحيح محمد بن مسلم المتقدم عن أبي جعفر (ع)، وخبره عن أبى جعفر (ع): " في المملوك يكون لمولاه أو لمولاته أمة فيريد أن يجمع بينهما، أينكحه نكاحا، أو يجزيه أن يقول: قد أنكحتك فلانة ويعطي من قبله شيئا أو من قبل العبد؟ قال (ع): نعم ولو مدا. وقد رأيته يعطي الدارهم " (* 1)، ومصحح الحلبي قال: " قلت لابي عبد الله (ع):
____________
(* 1) الوسائل باب: 43 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3.
===============
( 345 )
[ ولان الامر بيده (1)، فايجابه مغن عن القبول. بل لا يبعد أن يكون الامر كذلك في سائر المقامات، مثل الولي والوكيل ] الرجل كيف كان ينكح عبده أمته؟ قال (ع): يقول قد أنكحتك فلانة، ويعطيها ما شاء من قبله أو قبل مولاه ولو مدا من طعام أو درهما أو نحو ذلك " (* 1). وفي الجواهر - تبعا لجامع المقاصد -: " والخبران إنما كان السؤال فيهما عن كيفية إنكاح المولى العبد أي ما يتعلق بالمولى من الايجاب، لا أن المراد كفاية ذلك من دون قبول لا من العبد ولا من السيد الذي هو وليه، بل لعل دلالته على القبول أوضح كما في كشف اللثام، للفظ الانكاح. واجتزأ به عن ذكر القبول لظهوره. فحينئذ يبقى ما دل على اعتبار العقدية في النكاح بحاله ". وفى القواعد: " ولو زوج عبده أمته ففي اشتراط قبول المولي أو العبد إشكال ينشأ من أنه عقد أو اباحة ". ويظهر منه المفروغية عن اعتبار القبول بناء على أنه عقد. وفي كشف اللثام: التردد في ذلك. والانصاف أن النصوص لا تخلو من دلالة على عدم اعتبار القبول. وما في جامع المقاصد والجواهر وغيرهما غير ظاهر. (1) قد عرفت وجهه. وفي الجواهر: " قد يناقش بعدم التلازم بين تولية طرفي العقد وبين الاكتفاء في الايجاب عن القبول، فان باقي الاولياء وإن جاز لهم تولي طرفي العقد لكن لابد من ذكر صورة العقد. اللهم إلا ان يفرق بكونه هنا مالكا لا أنه قائم مقام المولى عليه. وفيه: أنه مع ذلك لابد من ذكر صورة العقد، لمعلومية كون النكاح من العقود ". ويظهر ما فيه مما عرفت من منع كونه من العقود في الفرض، بل هو من الايقاع، لانه تحت سلطنة سطان واحد.
____________
(* 1) الوسائل باب: 43 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2.
===============
( 346 )
[ عن الطرفين (1). وكذا إذا وكل غيره في التزويج (2)، ] (1) فانه لما كان له سلطان على الايجاب والقبول كان إيجابه مغنيا عن القبول، لانه في نفوذ إيجابه لا ينتظر قبول قابل، فيكون نافذا بلا قبول القابل. اللهم إلا أن يقال: لما كان كل من الموكل والمولى عليه ذا سلطان فالوكيل في إيجابه إنما يعمل سلطنة الموجب لا سلطنة القابل، فلا يكون الايجاب نافذا إلا بعد إعمال سلطنة القابل، وإنما يكون ذلك بالقبول عنه، فلا ينفذ الايجاب بدون القبول. اللهم إلا أن يقال: هذا إذا كان وليا أو وكيلا على الايجاب وعلى القبول، اما إذا كان وليا أو وكيلا عن الطرفين على ايجاد مضمون العقد، وهو جعل الزوجية بينهما، فايقاعه للمضمون المذكور لا ينتظر فيه قبول، لانه مورد التسليط من الطرفين. وكذا الكلام في غير النكاح من العقود كالبيع والاجارة والرهن والصلح ونحوها، فانها من الايقاع إذا وكل أحد الطرفين فيها الاخر أو وكلا ثالثا، ويكون المضمون حاصلا بمجرد حصول الايجاب من الوكيل عن أحد الطرفين والاصيل من الطرف الاخر، أو الوكيل عن الطرفين، لما عرفت من أن المعيار في كون المفهوم عقدا أو إيقاعا كونه تحت سلطنة واحدة أو سلطنتين متقابلتين، ولما كان الوكيل له سلطان على الجهتين كان المفهوم حاصلا بمجرد إيقاعه، فإذا وقع من الاصيلين كان عقدا، وإذا وقع من الوكيل عنهما كان إيقاعا. وما في المسالك من دعوى الاتفاق على اعتبار كل من القبول الايجاب في عقد الولي على الطرفين وأنه لا يكتفي أحد من الفقهاء بلفظ واحد منه عنهما - ذكر ذلك في مبحث الاجتزاء بالامر عن القبول - غير مسموعة كما يظهر من تنزيل الشهيد في شرح الارشاد خبر سهل. فراجع. (2) يعني: لا يحتاج إلى القبول، لان فعل الوكيل كفعل الاصيل.
===============
( 347 )
[ فيكفي قول الوكيل: " أنكحتك أمة موكلي لعبده فلان "، أو " أنكحتك عبد موكلي أمته ". وأما لو أذن للعبد والامة في التزويج بينهما فالظاهر الحاجة إلى الايجاب والقبول (1). (مسألة 17): إذا أراد المولى التفريق بينهما لا حاجة إلى الطلاق، بل يكفي أمره إياهما بالمفارقة (2). ولا يبعد ] (1) لان ظهور الاذن لهما بالفعل على وجه التشريك يقتضي اختصاص التسليط بجهته دون جهة الاخر، فلا بد من اعماله سلطان الاخر. نعم إذا كان الاذن لكل منهما في التزويج مطلقا كان كما لو أذن لاجنبي في ذلك، ولا يحتاج إلى القبول، كما ذكره فيما قبل. (2) بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه. كذا في الجواهر. ونحوه كلام غيره. ويشهد له النصوص، كصحيح محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبد الله (ع): عن رجل ينكح أمته من رجل أيفرق بينهما إذا شاء؟ فقال (ع): إن كان مملوكه فليفرق بينهما إذا شاء، إن الله تعالى يقول: (عبدا مملوكا لا يقدر على شئ)، فليس للعبد شئ من الامر. وإن كان زوجها حرا فان طلاقها صفقتها " (* 1). ومصحح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: " سمعته يقول: إذا زوج الرجل عبده أمته ثم اشتهاها قال له: اعتزلها، فإذا طمثت وطئها، ثم يردها عليه إن شاء " (* 2)، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا أنكح الرجل عبده امته فرق بينهما إذا شاء " (* 3). ونحوها غيرها، ومنه صحيح محمد بن مسلم المتقدم في أول المسألة. وفي كشف اللثام -
____________
(* 1) الوسائل باب: 64 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 45 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 45 من ابواب نكاح العبيد والاماء ملحق حديث: 4.
===============
( 348 )
[ جواز الطلاق أيضا بأن يأمر عبده بطلاقها، وإن كان لا يخلو من إشكال أيضا (1). (مسألة 18): إذا زوج عبده أمته يستحب أن يعطيها شيئا سواء ذكره في العقد أم لا. بل هو الاحوط (2). ] بعد الاستدلال به على المقام - قال: " ويشكل على القول بكونه نكاحا إن لم يكن عليه إجماع، للاحتياط، وعدم نصوص الاخبار ". لكن الاحتياط لا يجب مع وجود الحجة. وعدم نصوصيتها لا تقدح إذا كان لها ظهور، فان الظهور حجة كالنص. (1) فيه نوع دلالة على التوقف في صحة الطلاق، مع أنه ادعى الاجماع عليه في كلام جماعة. وفي الجواهر: دعوى الاجماع بقسميه عليه. وفي جامع المقاصد: " إن زوجة العبد إذا كانت أمة لمولاه فان طلاقها وإزالة عقد نكاحها هو بيد المولى ولا دخل للعبد فيه إجماعا ". وفي الحدائق: " لا خلاف نصا وفتوى - فيما أعلم - في أنه إذا زوج السيد عبده امته فان الطلاق بيد السيد، وله أن يأمره به، وان يفرق بينهما بغير لفظ الطلاق ". ونحوه كلام غيرهم. نعم في الجواهر: " قد تشكل صحته (يعني: الطلاق) من العبد باذن السيد إذا لم يكن بطريق الوكالة ". وكأنه لاجل أن المفهوم من النصوص أن الطلاق من وظائف السيد، فلا يصح من غيره إذا لم يكن وكيلا عنه. وفيه: ان الظاهر من كون الطلاق بيد السيد أنه لا يصح إلا بأمرة أو إذنه، لا أنه لا يصح إلا بالمباشرة أو التوكيل. (2) فان المحكي عن الشيخين، وابني حمزة والبراج، وأبى الصلاح: الوجوب. للنصوص المتقدمة في مسألة عدم اعتبار قبول العبد في إنكاحه أمة مولاه، المتضمنة للامر باعطائها مدا من طعام، أو درهما، أو نحو
===============
( 349 )
[ وتملك الامة ذلك بناء على المختار من صحة ملكية المملوك إذا ملكه مولاه أو غيره. (مسألة 19): إذا مات المولى وانتقلا إلى الورثة فلهم أيضا الامر بالمفارقة بدون الطلاق (1). والظاهر كفاية أمر ] ذلك. لكن الاكثر - كما قيل - على الاستحباب. وفي كشف اللثام: نسبه إلى المفيد أيضا. للاصل، وعدم التنصيص على الوجوب. لكن الاصل لا مجال له مع الدليل وعدم التنصيص لا يقدح في الحجية مع وجود الظاهر. وفي الجواهر: إستدل على الاستحباب بالاصل، وعدم تصور استحقاقه لنفسه على نفسه: ضرورة ان مهر الامة لسيدها، كعدم تصور استحقاق ماله عليه مالا. إنتهى. وهو كما ترى، بناء على التحقيق من ملكية العبد ولو في الفرض. وكذا بناء على عدمها، لامكان وجوب تمكينها من المهر وإن لم يكن ملكا لها. ومثله الاشكال بعدم ظهور الخبرين في كون المدفوع مهرا، مع أن المدعى ذلك، فالدليل لا يثبت الدعوى، والدعوى لا دليل عليها. إذ فيه: إنه إن تم ذلك منع من القول بكون المدفوع مهرا، لا من القول بوجوب الدفع. ثم إن الظاهر عدم كون المدفوع مهرا بقرينة أنه لم يذكر في ضمن الجملة الانشائية، وإنما ذكر الامر به بعد ذلك، فان قام إجماع على عدم وجوب دفع غير المهر تعين حمل النصوص على الاستحباب، وإلا لزم الاخذ بظاهرها والبناء على وجوب الدفع تعبدا. (1) كما نص على ذلك في الشرائع، والقواعد، وغيرهما. ويظهر من شراحهما كونه من المسلمات، معللين له بأنه مقتضى انتقال الملك إليهم. بل في المسالك هنا أولى، لقيامه مقام المورث الذي كان أمره بيده.
===============
( 350 )
[ أحدهم في ذلك (1). (مسألة 20): إذا زوج الامة غير مولاها (2) من حر فأولدها جاهلا بكونها لغيره، عليه العشر أو نصف العشر لمولاها، وقيمة الولد. ويرجع بها على ذلك الغير، لانه كان مغرورا من قبله (3). كما أنه إذا غرته الامة بتدليسها ودعواها ] (1) إن كان المراد كفاية امر أحدهم في حرمة الوطء ففي محله، لعدم جواز التصرف بدون إذن المالك، وإن كان مالكا جزءا مشاعا. وإن كان المراد الخروج عن الزوجية بذلك، فلا يخلو من إشكال، لان الخروج عن الزوجية كالدخول في الزوجية تحت سلطة جميع المالكين، فلا يستقل به أحدهم. اللهم إلا أن يقال: إذا حرم الوطء فقد بطلت الزوجية، إذ لا مجال لانتزاعها حينئذ. ولذا استفيد بطلان عقد التزويج من تحريم وطء الام وغيرها من ذوات المحارم. (2) هذا مورد صحيح الوليد بن صبيح المتقدم في المسألة الثانية عشرة، المتضمن ضمان الزوج لمولى الامة العشر أو نصف العشر. وأما ضمان قيمة الولد فيمكن استفادته مما يأتي، ومن موثق سماعة المتقدم هناك. (3) إشارة إلى قاعدة الغرور، المستفادة من النبوي: " المغرور يرجع على من غره " (* 1)، المعول عليها في جملة من الموارد اتفاقا. ويقتضيها ايضا خبر محمد بن سنان عن اسماعيل بن جابر قال: سالت أبا عبد الله (ع): عن رجل نظر إلى أمرأة فأعجبته فسأل عنها فقيل: هي ابنة فلان، فاتى أباها فقال: زوجنى ابنتك، فزوجه غيرها، فولدت منه، فعلم بها بعد انها غير ابنته، وأنها امة، قال (ع): ترد الوليدة على مواليها. والولد
____________
(* 1) هذا الحديث وان وجد في بعض الكتب الفقهية الا انه لم نعثر عليه بعد الفحص في كتب الحديث للعامة والخاصة وبعد الاستعانة ببعض الفهارس المعدة لضبط السنة النبوية.
===============
( 351 )
[ الحرية تضمن القيمة (1)، وتتبع به بعد العتق. وكذا إذا صار مغرورا من قبل الشاهدين على حريتها (2). (مسألة 21): لو تزوج أمة بين شريكين باذنهما ثم اشترى حصة أحدهما أو بعضها أو بعضا من حصة كل منهما بطل نكاحه، ولا يجوز له بعد ذلك وطؤها (3). ] للرجل. وعلى الذي زوجه قيمة ثمن الوليد يعطيه موالي الوليدة كما غر الرجل وخدعه " (* 1). وخبر رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (ع).. إلى أن قال: وسألته عن البرصاء. قال: قضى أمير المؤمنين (ع) في امرأة زوجها وليها وهي برصاء أن لها المهر بما استحل من فرجها، وأن المهر على الذي زوجها، وأنه صار عليه المهر، لانه دلسها. ولو أن رجلا تزوج امرأة وزجه إياها رجل لا يعرف دخلية أمرها لم يكن عليه شئ وكان المهر يأخذه منها " (* 2). وربما يستفاد أيضا من غيرها. لكنه قاصر عن إفادة العموم، وإنما يدل عليها في موارد خاصة. والعمدة ما ذكرنا. والاول يدل على الرجوع بقيمة الولد بالخصوص. (1) كما مال إليه في الجواهر، لما ذكر من القاعدة. (2) كما عن الحلي في السرائر، مدعيا نفي الخلاف في ذلك وأن الاجماع منعقد عليه. وهو مقتضى قاعدة الغرور المتقدمة. (3) على المشهور، بل إجماها إذا لم يرض الشريك الاخر. لعدم التبعيض في اسباب النكاح ابتداء واستدامة، كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى: (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) (* 3)، وموثق سماعة: " سألته
____________
(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب العيوب والتدليس حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب العيوب والتدليس حديث: 2. (* 3) المعارج: 30.
===============
( 352 )
[ وكذا لو كانت لواحد واشترى بعضها (1). وهل يجوز له وطؤها إذا حللها الشريك؟ قولان، أقواهما: نعم، للنص (2) ] عن رجلين بينهما أمة فزوجاها من رجل، ثم إن الرجل اشترى بعض السهمين. فقال (ع): حرمت عليه باشترائه إياها. وذلك أن بيعها طلاقها. إلا أن يشتريها من جميعهم " (* 1) وعن النهاية: جواز الوطء إذا رضي الشريك بالعقد، وتبعه عليه القاضي. ودليله غير ظاهر في قبال ما عرفت. ولذا قال في الشرائع: " ولو أمضى الشريك الاخر العقد بعد الابتياع لم يصح. وقيل: يجوز له وطؤها بذلك وهو ضعيف ". (1) لما ذكر، فان قوله (ع): " وذلك أن بيعها طلاقها " بمنزلة العام الشامل للمقام. (2) وهو صحيح محمد بن قيس المروي في الكافي والتهذيب عن أبي جعفر (ع) قال: " سألته عن جارية بين رجلين دبراها جميعا، ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه. قال (ع): هو له حلال. وأيهما مات قبل صاحبه فقد صار نصفها حرا من قبل الذي مات ونصفها مدبرا. قلت: أرأيت إن أراد الباقي منهما أن يمسها، أله ذلك؟ قال (ع): لا، إلا أن يثبت عتقها، ويتزوجها برضا منها متى ما أراد. قلت له: أليس قد صار نصفها حرا قد ملكت نصف رقبتها، والنصف الاخر للباقي منهما؟ قال (ع): بلى. قلت: فان هي جعلت مولاها في حل من فرجها وأحلت له ذلك. قال (ع): لا يجوز له ذلك. قلت: لم لا يجوز لها ذلك كما أجزت للذي كان له نصفها حين أحل فرجها لشريكه منها؟ قال (ع): إن الحرة لا تهب فرجها، ولا تعيره، ولا تحلله. ولكن لها من نفسها يوم وللذي دبرها يوم، فان أحب أن يتزجها متعة بشئ في اليوم الذي
____________
(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2.
===============
( 353 )
[ وكذا لا يجوز وطء من بعضه حر إذا اشترى نصيب الرقية لا بالعقد، ولا بالتحليل منها. نعم لو هاياها فالاقوى جواز التمتع بها (1) في الزمان الذي لها، عملا بالنص الصحيح، ] تملك فيه نفسها فيتمتع منها بشئ قل أو كثر " (* 1). ورواه الشيخ بطريق فيه علي بن فضال (* 2)، والصدوق في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) (* 3). وما قواه المصنف حكي عن ابن إدريس وجماعة، منهم الشهيد في اللمعة. وفي الشرائع: " ولو حللها، قيل: تحل. وهو مروي. وقيل: لا، لان سبب الاستباحة لا يتبعض ". ويشكل ما ذكره أخيرا بان التحليل نوع من الملك، كما عرفت، فلا تبعض، كما أشار إليه في كشف اللثام بعد ان قوى الجواز. مع أنه لا مجال لرد النص والاخذ بالقواعد العامة لو تمت. فإذا الجواز متعين. ومن الغريب نسبة الضعف إلى الرواية في المسالك وغيرها، مع أنها مروية في الكافي والتهذيب عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) بطريق صحيح (* 4)، وفي الفقيه عن محمد بن مسلم عنه (ع) بطريق صحيح ايضا (* 5)، ورويت في التهذيب في أوائل كتاب النكاح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) بطريق فيه علي بن فضال (* 6)، فيكون من الموثق. (1) كما عن الشيخ، وجماعة. وفي الشرائع: " قيل: يجوز أن
____________
(* 1) الكافي الجزء: 5 صفحة: 482. التهذيب الجزء: 7 صفحة: 245، الوسائل باب: 41 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1 وملحقه الاول. (* 2) الوسائل باب: 41 من ابواب نكاح العبيد والاماء الملحق الثاني لحديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 41 من ابواب نكاح العبيد والاماء الملحق الثالث لحديث: 1. (* 4) الكافي الجزء: 5 صفحة: 482، التهذيب الجزء: 8 صفحة: 203 الطبعة الحديثة. (* 5) من لا يحضره الفقيه الجزء: 3 صفحة: 290 الطبعة الحديثة. (* 6) التهذيب الجزء: 7 صفحة: 245 الطبعة الحديثة.
===============
( 354 )
[ وإن كان الاحوط خلافه.