[ فصل في مسائل متفرقة (الاولى): لا يجوز في النكاح دواما أو متعة اشتراط الخيار في نفس العقد (1)، ] بالبيع. وما في بعض كتب العلامة من أنه نهى النبي عن الغرر (* 1) لم يثبت، كي يدل على المنع عن الغرر في المقام وغيره من المعاوضات غير البيع. ولو ثبت فالسيرة القطعية توجب الخروج عنه. والله سبحانه ولي السداد. فصل في مسائل متفرقة (1) اتفاقا، كما في كشف اللثام. بل في الجواهر: " لا أجد خلافا في بطلان شرط الخيار، بل لعل الاجماع بقسميه عليه " وفي مكاسب شيخنا الاعظم: " عن الخلاف والمبسوط والسرائر وجامع المقاصد والمسالك: الاجماع عليه ". وعلله في جامع المقاصد والمسالك وغيرهما: بأنه ليس معاوضة محضة. ولهذا لا يعتبر فيه العلم بالمقعود عليه. ولان فيه شائبة العبادة، والعبادات لا يدخلها الخيار. ولان اشتراط الخيار يفضي إلى فسخه بعد ابتذال المرأة، وهو ضرر، ولهذا وجب بالطلاق قبل الدخول بنصف المهر جبرا له. ولعدم الحاجة إليه، لانه لا يقع إلا بعد فكر وروية وسؤال كل من الزوجين عن صاحبه، بخلاف البيع في الاسواق بلا فكر وروية. ولما في خبر أبان من قول الصادق (ع): " إنك إن لم تشترط (يعني: تشترط الايام)
____________
(* 1) التذكرة الفصل الثاني من الاجارة الركن الثالث المسألة الثانية.
===============
( 405 )
[ فلو شرطه بطل. وفي بطلان العقد به قولان، المشهور على أنه باطل (1). ] كان تزويج مقام " (* 1). وفي خبر آخر: " تزويج البتة " (* 2)، فان ذلك يشعر بالاستقرار وعدم التزلزل، لكن الجميع كما ترى ظاهر الاشكال. وقد يستدل له بما في صحيح الحلبي المروي في الفقيه والتهذيب: " إنما يرد النكاح من البرص، والجذام، والجنون، والعفل " (* 3). ويشكل بان الظاهر نفي الرد من غير المذكورات من العيوب، لا نفي الرد مطلقا. ومثله دعوى أن اللزوم في عقد النكاح من الاحكام لا من الحقوق، فإذا كان من الاحكام كان منافيا لشرط الخيار، والشرط المنافي لمقتضى العقد باطل. فانها لا تخلو من مصادرة، إذ لا يظهر الفرق في مرتكزات العرف بين النكاح وغيره من عقود المعاوضات. اللهم إلا أن يستدل على ذلك بعد صحة التقابل فيه، فيدل ذلك على لزومه بنحو لا يكون الاختيار فيه للمتعاقدين، فيكون شرط الخيار منافيا لمقتضاه، اللهم إلا أن يناقش في ذلك بدعوى كون ذلك مقتضى اطلاقه، لا مقتضى ذاته. فإذا العمدة فيه الاجماع المدعى، وإن كان ظاهر الحدائق وجود القائل بالجواز، لانه نسب المنع إلى المشهور. ولكن لم يعرف بذلك قائل، ولا من نسب ذلك إلى قائل. وفي جامع المقاصد: أنه قطعي. وقد عرفت حكاية الاجماع عليه عن جماعة. (1) نسب البطلان إلى المشهور في كلام جماعة، منهم المسالك،
____________
(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب المتعة حديث: 2. (* 2) لم نعثر عليه في مظانه من ابواب الوسائل ومستدركها والحدائق. نعم ذكره في الجواهر في المسألة الرابعة في اشتراط الخيار في الصداق خاصة من مسائل احكام العقد. (* 3) من لا يحضره الفقيه الجزء: 3 صفحة: 273، والتهذيب: الجزء: 7 صفحة: 424 طبعة النجف الحديثة، الوسائل باب: 1 من ابواب العيوب والتدليس حديث: 6 وملحقه.
===============
( 406 )
[ وعن ابن إدريس: أنه لا يبطل (1) ببطلان الشرط المذكور. ولا يخلو قوله عن قوة، إذ لا فرق بينه وبين سائر الشروط الفاسدة فيه، مع أن المشهور على عدم كونها مفسدة للعقد. ودعوى: كون هذا الشرط (2) منافيا لمقتضى العقد، بخلاف سائر الشروط الفاسدة التي لا يقولون بكونها مفسدة. كما ترى (3). ] وكشف اللثام، والجواهر. (1) قال فيما حكى عنه: " لا دليل على بطلان العقد من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، بل الاجماع على الصحة، لانه لم يذهب إلى البطلان أحد من أصحابنا، وإنما هو من تخريج المخالفين وفروعهم. اختاره الشيخ على عادته في الكتاب ". (2) هذه الدعوى ذكرها في الجواهر، وجعلها الوجه في بطلان العقد ببطلان الشرط في المقام، وإن قلنا بان فساد الشرط بالمخالفة للكتاب والنسة لا يبطل النكاح. ووجه منافاة الشرط لمقتضى العقد: أن مقتضى العقد اللزوم، فالخيار مناف له. (3) لان بطلان العقد بالشرط المنافي إنما يكون في الشرط المنافي لمفهوم العقد كما في: " بعتك بلا ثمن " أو " أجرتك بلا أجرة "، أو المنافي لمقتضاه وكان الاقتضاء عرفيا، لانه حينئذ يمتنع القصد إلى مضمون العقد ومضمون الشرط، لانه من القصد إلى المتنافيين. اما إذا كان الاقتضاء شرعيا محظا - كما في المقام - فلا مانع من القصد إلى المضمونين معا، إما لعدم الالتفات إلى مقتضى العقد شرعا، أو مع الالتفات إليه وقصد خلافه تشريعا. ودعوى: كون اللزوم من ذاتيات النكاح، لا من أحكامه الشرعية، ولا من حقوق المتعاقدين. كما ترى، مما لا يساعدها عرف، ولا شرع، فان ثبوت الخيار لاحد الزوجين في العيوب إذا كانت في الاخر
===============
( 407 )
[ وأما اشتراط الخيار في المهر فلا مانع منه (1)، ولكن لا بد من تعيين مدته (2). وإذا فسخ قبل انقضاء المدة يكون كالعقد بلا ذكر المهر، فيرجع إلى مهر المثل. هذا في العقد الدائم الذي لا يلزم فيه ذكر المهر. وأما في المتعة حيث أنها لا تصح ] مما لا ريب فيه، ولا يعد منافيا لمفهومه. هذا مضافا إلى أن التحقيق أن عقد الانقطاع راجع إلى عقد التزويج بشرط الانفساخ في الاجل، ولا ريب أن شرط الانفساخ أولى بالمنافاة للنكاح من شرط الخيار، فإذا ثبت عدم المنافاة في الاول، فعدم المنافاة في الثاني أولى. ومن ذلك يظهر ضعف ما ذكره في الشرائع من التردد، وجعل منشأه الالتفات إلى تحقق الزوجية لوجود المقتضي وارتفاعه عن تطرق الخيار، والالتفات إلى عدم الرضا بالعقد لترتبه على الشرط. انتهى. فان وجه الثاني إن تم لم يكن وجه للصحة. وإلا فلا موجب للبطلان. (1) كما هو المعروف بينهم، المصرح به في كلام جماعة، كالشرائع والقواعد والمسالك وكشف اللثام وغيرها، مرسلين له إرسال المسلمات، من دون تعرض فيه لخلاف، أو إشكال، معللين له بأن الصداق ليس ركنا في العقد، بل عقد في ضمن العقد، فلا مانع من الخيار فيه، ويبقي اصل النكاح بحاله، كما لو خلى من أول الامر عن الصداق. (2) كما صرح بذلك في المسالك والجواهر وكشف اللثام أيضا. لكن احتمل فيه العدم، لاطلاق العبارات. وفي الجواهر: " ربما احتمل فيه عدم اعتبار ضبطه لذلك (يعني: إطلاق الاصحاب)، ولانه يغتفر فيه من الجهالة ما لا يغتفر في غيره. لكن المذهب الاول ". ولم يظهر وجهه في قبال إطلاق الادلة. اللهم إلا أن يكون ترك التعيين موجبا للابهام من كل وجه، بحيث لا يقدم عليه العقلاء.
===============
( 408 )
[ بلا مهر، فاشتراط الخيار في المهر فيها مشكل (1). (الثانية): إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدقها، حكم لهما بذلك (2) في ظاهر الشرع، ويرتب جميع آثار الزوجية بينهما. لان الحق لا يعدوهما (3)، ولقاعدة الاقرار (4). وإذا مات أحدهما ورثة ] (1) لانه بفسخ المهر ينفسخ العقد، لاعتبار المهر في عقد المتعة حدوثا وبقاء، فيرجع اشتراط الخيار فيه إلى اشتراطه في عقد النكاح، الذي عرفت الاجماع على عدم صحته. اللهم إلا أن لا يشمل المقام. لكنه كما ترى، بل المقطوع به أن حكمهم بصحة اشتراطه في الصداق مختص بالدائم. يظهر ذلك بأقل تأمل في كلامهم. فلاحظ. (2) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما، بلا خلاف في ذلك ظاهر، وفي الحدائق: أنه لا ريب في الحكم المذكور. (3) قال في المسالك: " لان الحق ينحصر فيهما، وقد أقرا به، فيدخلان في عموم: (اقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (* 1)، لانه الفرض " ونحوه ما في كشف اللثام والحدائق والجواهر. والمصنف جعله في مقابل قاعدة الاقرار. وهو بناء على ذلك غير. ظاهر اللهم إلا أن يرجع إلى الدعوى بلا معارض. لكن دليله من النص - إن تم - لا يشمل المقام. أو يرجع إلى الاخبار عن نفسه أو ما تحت يده، كما لو أخبر بطهارة بدنه ونجاسته ونحوهما. لكن عمومه للمقام غير ثابت. وكذا لو أخبر عن نسبه، وعدالته، واجتهاده، وفقره. (4) لكن القاعدة تختص بما يكون على نفسه، فلا تشمل ما يتعلق بغيره، ومنه إرث أحدهما من الاخر، فانه يتعلق بوارثه. فالاولى التمسك
____________
(* 1) غوالي اللئالي: اواخر الفصل التاسع من المقدمة، كتاب الشهاب القضاعي الصفحة: 12.
===============
( 409 )
[ الآخر. ولا فرق في ذلك بين كونهما بلديين معروفين أو غريبين (1). وأما إذا ادعى أحدهما الزوجية وأنكر الآخر فيجري عليهما قواعد الدعوى (2)، فان كان للمدعي بينة (3) وإلا فيحلف المنكر أو يرد اليمين، فيحلف المدعي ويحكم له بالزوجية. وعلى المنكر ترتيب آثاره في الظاهر (4). لكن يجب على كل منهما العمل على الواقع (5) بينه وبين الله. وإذا ] له بالاجماع، ويكون حينئذ من صغريات قاعدة: من ملك شيئا ملك الاقرار به، فيكون الاجماع عليه دليلا على القاعدة، كسائر الموارد التي كان الاجماع عليها دليلا على القاعدة المذكورة. والظاهر أن هذه القاعدة كما هي معقد إجماع قولي، معقد إجماع عملي، وسيرة المتشرعة. بل الظاهر أنها قاعدة عقلائية أيضا. (1) خلافا لبعض العامة، فمنع من قبول الاقرار في البلديين بناء منه على اعتبار الاشهاد في النكاح، وسهولة إقامة البينة في البلديين. وضعف المبنى والابتناء ظاهر، ضرورة عدم اعتبار الاشهاد عندنا. ولو سلم فانما يعتبر في مقام الثبوت. لا الاثبات. ولو سلم فلا فرق بين البلديين والغريبين، لامكان إشهاد البلديين غريبين، فيصعب الاشهاد، وبالعكس، فيسهل الاشهاد. مضافا إلى أن قبول الاقرار لا يختص بالبلد. (2) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما، مرسلين له إرسال المسلمات. ويقتضيه عموم الادلة. (3) يعني: تسمع البينة، ويحكم بثبوت الزوجية. (4) يعني: آثار الحكم بالزوجية في الظاهر. عملا بأدلة وجوب العمل بالحكم، وحرمة رده. (5) كما صرح به في المسالك وكشف اللثام وغيرهما، ويظهر منهم
===============
( 410 )
[ حلف المنكر حكم بعدم الزوجية بينهما، لكن المدعي مأخوذ باقراره المستفاد من دعواه. فليس له إن كان هو الرجل تزويج الخامسة، ولا أم المنكرة، ولا بنتها مع الدخول بها، ولا بنت أخيها أو اختها إلا برضاها، ويجب عليه إيصال المهر إليها. نعم لا يجب عليه نفقتها، لنشوزها بالانكار (1). وإن ] أنه إجماعي. فان الحكم عندنا طريق، لا موضوع لتبدل الواقع. ففي صحيح هشام بن الحكم عن أبى عبد الله (ع): " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان، وبعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فانما قطعت له قطعة من النار " (* 1). هذا مع العلم بالواقع. أما مع قيام حجة عليه فالظاهر أن حكم الحاكم مقدم عليه، كما أشرنا إلى ذلك في بعض مباحث التقليد. فراجع. (1) قال في المسالك: " وأما النفقة: فلا تجب عليه، لعدم التمكين الذي هو شرط وجوبها " ونحوه في كشف اللثام والجواهر. وفي الحدائق نسبته إلى الاصحاب. وهو يتوقف على أن الشرط في النفقة التمكين، فإذا فات ولو لعذر لم تجب. ولاجل أن التحقيق أن التمكين ليس شرطا في وجوب النفقة، بل عدم النشوز، والنشوز مانع من وجوبها، عدل المصنف عن التعليل المذكور في كلامهم إلى التعليل بما ذكر. لكن لم يتضح كون الانكار يقتضي النشوز، لانه التمرد على الزوج والامتناع من أداء حقوقه لغير عذر، والانكار نفسه ليس كذلك. نعم العمل عليه يكون نشوزا. لكن لا مطلقا، بل إذا لم يكن عن عذر، فان الحائض يحرم عليها التمكين، فإذا امتنعت منه لم تكن ناشزا، والمستطيعة يجب عليها السفر، فإذا سافرت بغير إذن الزوج لم تكن ناشزا، إذ لا دليل على ذلك. مع أن الظاهر أنه
____________
(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب كيفية القضاء حديث: 1.
===============
( 411 )
[ كان هي المدعية لا يجوز لها التزويج بغيره (1) إلا إذا طلقها ولو بأن يقول: " هي طالق إن كانت زوجتي ". ولا يجوز لها السفر من دون إذنه. وكذا كل ما يتوقف على إذنه. ولو رجع المنكر إلى الاقرار هل يسمع منه ويحكم بالزوجة بينهما؟ (2) فيه قولان. والاقوى: السماع، إذا أظهر عذرا لانكاره، ] لا إشكال فيه. فإذا كان إنكارها الزوجية عن عذر لم تكن ناشزا، وإلا كانت ناشزا إذا عملت على ذلك الانكار، بنحو يكون فيه تمرد على حقوق الزوج. (1) كما صرح بذلك الجماعة لما سبق. (2) السماع منه تارة: بلحاظ الحكم بالزوجية، فيكون الحكم كما لو تصادقا من أول الامر. ولم أقف على وجود قولين في المسألة. والذي ينبغي أن يقال: إن الحكم بالزوجية إذا تصادقا من أول الامر إن كان المستند فيه قاعدة: " من ملك شيئا.. " فالظاهر أن القاعدة المذكورة كما تدل على حجية الاقرار بالثبوت، كذلك تدل على حجية الاقرار بالعدم. وحينئذ تتعارض في المقام بالنسبة إلى الانكار والاقرار، فلا يسمع أحدهما. اللهم إلا أن يقال: إنه يملك الاقرار بكل منهما، كما يملك الخدش فيهما، فإذا ذكر عذرا له في الانكار السابق كان الاقرار اللاحق حجة، وإذا ذكر عذرا له في الاقرار اللاحق كان الانكار السابق جحة. لان دليل القاعدة يقتضي جواز التعويل عليه في ذلك كله. وان كان المستند فيه قاعدة: " اقرار العقلاء على أنفسهم جائز " تعين العمل على الاقرار، ولا يعتد بالانكار السابق، عملا باطلاق دليل القاعدة. وكان احتمال عدم السماع في المقام مبني على انصراف القاعدتين إلى غير الفرض. وأخرى: بلحاظ جهات أخر يأتي الكلام فيها.
===============
( 412 )
[ ولم يكن متهما (1)، وإن كان ذلك بعد الحلف (2). وكذا المدعي إذا رجع عن دعواه (3) وكذب نفسه. ] (1) اقتصارا على القدر المتيقن من معقد الاجماع في قاعدة: " من ملك شيئا ملك الاقرار به ". (2) فان الحلف وحكم الحاكم به لا يوجبان تبدل الواقع، إذ لا موضوعية لهما في ذلك عندنا. نعم في مسألة اختلاف الزوجين في وقوع العقد حال الاحرام إذا كان المدعي لذلك الزوج، وكانت المرأة منكرة، فحلفت، وحكم لها الحاكم، فعن المبسوط: أنه يتنصف المهر إذا كان قبل الدخول. وفى الدروس: " ظاهر الشيخ انفساخ العقد حينئذ، ووجوب نصف المهر إذا كان قبل المسيس وجميعه بعده ". واشكاله ظاهر، إذ لا مقتضى لهذا الانفساخ، ولا سيما وكونه خلاف ظاهر الاصحاب. وأما السماع بلحاظ الخصومة: فلا مجال له. إذ بالاقرار حصل الاتفاق بين الزوج والزوجة والتصادق على الزوجية، فلا خصومة بينهما. أما السماع بلحاظ إلزام المنكر باللوازم الشرعية، بمعنى: أن الاقرار مانع من الزامه بلوازم الانكار من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو الظاهر، لانه يكفي في سقوط ذلك الالزام احتمال الصحة، إذ لا دليل على وجوب الامر بالمعروف إذا لم تكن حجة على الاصرار على المنكر، فما دام الفاعل محتمل الصحة يسكت، ولا يجب أمره بالمعروف. اللهم إلا أن يكون دليل نفوذ الاقرار على المقر يقتضي ذلك، كما سيأتي من بعض. (3) يعني: أنكر الزوجية، ووافق خصمه على نفي الزوجية، فانه يسمع إنكاره وإن كان إنكارا بعد الاقرار. والسماع هنا إن كان بالنسبة إلى نفي الزوجية: فهو في محله، لما عرفت في الفرض السابق بعينه. وإن كان بالنسبة إلى إلزامه باحكام الزوجية التي أقر بها: فقيل: يؤخذ
===============
( 413 )
باقراره، قال في الجواهر: " وفي المسالك لا فرق في ثبوت هذه الاحكام بين حلف الاخر وعدمه، لانها مترتبة على نفس دعوى الزوجية. بل قيل: ولا بين تكذيب المدعي دعواه بعد ذلك وعدمه. قلت: هو كذلك. لكن قد يقال: ان ذلك كله جائز للمدعي إذا اعترف بعد ذلك بأنه قد كان مبطلا في الدعوى. لانه شئ لا يعلم إلا من قبله. مع احتمال الالزام باقراره ". انتهى ما في الجواهر. والظاهر أن مراد المصنف بالسماع في هذا الفرض: السماع بلحاظ ذلك، لا بلحاظ نفي الزوجية. ووجهه: أنه لا عموم في قاعدة الاقرار لما إذا ذكر عذرا في الاقرار غير بيان الواقع، لانها وإن كانت شرعية، لكنها امضاء لما عند العقلاء، لا تأسيس حجية، فالدليل الدال عليها بقرينة ذلك ينزل على ما عند العقلاء. والظاهر أن بناءهم على عدم الاخذ بالاقرار إذا كان صادرا لغير بيان الواقع بل لامر آخر. لذلك قال في الشرائع في كتاب الاقرار: " إذا شهد على نفسه بالبيع وقبض الثمن، ثم أنكر فيما بعد، وادعى أنه أشهد تبعا للعادة، ولم يقبض. قيل: لا تقبل دعواه، لانه مكذب لاقراره. وقيل: يقبل، لانه ادعى ما هو معتاد. وهو أشبه " وفي المسالك: نسبه الاخير إلى الاكثر. وفي الجواهر: " لم نتحقق القائل بالاول من العامة، فضلا عن الخاصة، وانه لم نجد خلافه في القبول ". واستدل له بما دل على أن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. ويشكل: بأنه خلاف ما دل على عدم قبول الانكار بعد الاقرار. ويندفع بان الدليل عليه ليس الا ما دل على نفوذ الاقرار، فإذا كان الدليل قاصرا عن شمول الاقرار الصادر لغير بيان الواقع، بل لسبب من الاسباب، لم يكن دليل على عدم قبول الانكار في المقام، فتكون دعوى المواطاة مسموعة، لعموم الادلة، كدعوى فسق الشاهد.
===============
( 414 )
نعم لما كانت دعوى المواطاة خلاف الاصل في الخبر كان مدعيها مدعيا، ومنكرها منكرا عليه اليمين، فإذا حلف المنكر المشتري على عدم المواطاة بطلت دعوى المواطاة من البائع. ومن ذلك يظهر ان اليمين من المنكر في المقام على عدم المواطاة لا على عدم القبض - كما عن الكفاية - ولا على أحدهما كما عن جامع المقاصد والروضة - لان الدعوى لم تكن على القبض، وإنما كانت على المواطاة لا غير، فاليمين على القبض خارجة عن محط الدعوى. ومن ذلك يتحصل أمور: (الاول): ان الاقرار في قاعدة " إقرار العقلاء على أنفسهم جائز " وقاعدة: " من ملك شيئا ملك الاقرار به "، يختص بالاقرار الصادر لبيان الاعلام، ولا يشمل ما كان صادرا لفرض آخر أو غلطا. (الثاني): ان الاقرار في قاعدة: " من ملك شيئا ملك الاقرار به " لا يختص بالاقرار بالوجود، بل يعم الاقرار بالعدم، والاقرار بالخدش في اقراره بالوجود أو العدم. فإذا أقر الحاكم الشرعي بالحكم بالهلال قبل، وإذا أقر بعدم الحكم قبل، وإذا اقر بان اقراره بالحكم كان سهوا أو غلطا قبل، وكذا في اقراره بالعدم. (الثالث): أنه لا يختص الاقرار الخارج عن عموم القاعدتين بما كان خلافه عاديا كما يظهر من الشرائع. فإذا ادعى المقر بخدش في إقراره بأمر غير عادي يقبل الخدش، ويسقط الاقرار. ولذلك قال في الجواهر: " إن الاقوى في النظر، إن لم يكن إجماع، عدم خصوصية للمقام، فتسمع الدعوى مطلقا إذا ذكر وجها ممكنا لاقراره الاول ". (الرابع): ان السماع في الفرض الاول المذكور في المتن بلحاظ الحكم بالزوجية، والسماع في الفرض الثاني بلحاظ إلزامه بأحكام ما أقر به أولا من باب الامر بالمعروف، فلا يلزم به (الخامس): أن الوجه في السماع في الاول قاعدة: " من ملك.. " والوجه في السماع
===============
( 415 )
[ نعم يشكل السماع منه إذا كان ذلك بعد إقامة البينة منه على دعواه (1)،، إلا إذا كذبت البينة أيضا نفسها. (الثالثة): إذا تزوج امرأة تدعي خلوها عن الزوج فادعى زوجيتها رجل آخر، لم تسمع دعواه، إلا بالبينة (2). نعم له مع عدمها على كل منهما اليمين. فان وجه الدعوى ] في الثاني: اختصاص قاعدة: " إقرار العقلاء على أنفسهم جائز " بغير المورد. فالسماع في المقامين ليس بلحاظ واحد، ولا دليله في المقامين واحد. (1) لان تكذبيه البينة لا يسقطها عن الحجية، وإنما يوجب سقوط حقه عند الحاكم، فيجب العمل بالبينة، ويكون الحال كما إذا أنكر بعد الاقرار من دون بيان خلل في الاقرار. وعليه فإذا كان مقتضاها إلزامه بأحكام الاقرار من عدم تزويج الخامسة، أو تزويج أمها، أو أختها، أو بنتها، ونحو ذلك، لزم العمل به. (2) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما. ونسب إلى جمع من الاصحاب، والى الاكثر. واستدل له بخبر يونس قال: " سألته عن رجل تزوج امرأة في بلد من البلدان، فسألها: لك زوج؟ فقالت: لا، فتزوجها. ثم إن رجلا أتاه، فقال: هي امرأتي، فأنكرت المرأة ذلك، ما يلزم الزوج؟ فقال (ع): هي امرأته إلا أن يقيم البينة " (* 1). ونحوه مكاتبة الحسين ابن سعيد. وفي خبر عبد العزيز بن المهتدي قال: " سألت الرضا (ع) قلت: جعلت فداك إن أخي مات وتزوجت امرأته، فجاء عمي فادعى أنه كان تزوجها سرا، فسألتها عن ذلك، فأنكرت أشد الانكار. وقالت: ما بيني وبينه شئ قط. فقال (ع): يلزمك إقرارها. ويلزمه إنكارها " (* 2).
____________
(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب عقد النكاح حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب عقد النكاح حديث: 1.
===============
( 416 )
وكأن عدم التعرض فيه للبينة من جهة فرض السر في السؤال. واستدل له أيضا في المسالك وغيرها: بأن اليمين إنما تتوجه على المنكر إذا كان بحيث لو اعترف لزمه الحق ونفع المدعي، والامر هنا ليس كذلك، لان المرأة لو صادقت المدعي على دعواه لم تثبت الزوجية، لان إقرارها واقع في حق الغير، وهو الزوج. وكذا الحال لو ردت اليمين على المدعي، فانها لا تصلح حجة في منع الزوج عن حقه الثابت شرعا. ونحوه يقرر فيما لو وجه الدعوى على الزوج. لكن في المسالك: " ذهب جماعة من الاصحاب إلى قبول الدعوى، وتوجه اليمين والرد هنا، وإن لم تسمع في حق الزوج. وفائدته على تقدير الاقرار ثبوت مهر المثل على الزوجة للمدعي، لحيلولتها بينه وبين البضع بالعقد الثاني.. إلى أن قال: وعلى تقدير رد اليمين على المدعي، أو نكولها عن اليمين، والقضاء للمدعي بالنكول، أو مع اليمين، فالحكم كذلك. ومبنى القولين: أن منافع البضع هل تضمن بالتفويت أم لا؟.. إلى أن قال: والقول بسماع الدعوى وثبوت الغرم متجه. عملا بالقاعدة المستمرة من ثبوت اليمين على من أنكر ". ويمكن أن يقال - كما في الجواهر وغيرها -: بسماع الدعوى وإن لم نقل بمالية البضع، ولا بثبوت الغرم للحيلولة، لعموم الادلة. ويكفي في صحة سماع الدعوى ترتب الاثر في الجملة، ولو عند فراق الزوج الثاني، أو عند توجيه الدعوى عليه أيضا فينكلان هو والزوجة، فتثبت دعوى الاول، أو يردا معا اليمين عليه، فيحلف فتثبت أيضا. إذ يكفي في صحة السماع ترتب الثمرة العملية في الجملة، فانه إذا اختلف المالك والمستأجر في مدة الاجارة، فقال المالك: عشر سنين، وقال المستأجر: عشرين سنة، سمعت دعوى المستأجر، وإن لم يكن لها أثر فعلى، وكذلك لو باع عينا
===============
( 417 )
[ على الامرأة فأنكرت وحلفت سقط دعواه عليها. وإن نكلت أو ردت اليمين عليه فحلف لا يكون حلفه حجة على الزوج وتبقى على زوجية الزوج مع عدمها (1)، سواء كان عالما بكذب المدعي أولا، وإن أخبر ثقة واحد بصدق المدعي، وإن كان الاحوط حينئذ طلاقها (2). فيبقى النزاع بينه وبين ] في يده على آخر، فادعى ثالث أنها له، لم تسمع دعواه، وإن كان البائع عاجزا عن دفع الغرامة، فيكفي في سماع الدعوى ترتب الاستحقاق إذا كان في معرض أن يترتب عليه فعلية الاستيفاء. نعم إذا لم تكن هذه المعرضية لا مجال للسماع. والظاهر أنه إجماع. ثم إنك عرفت في بعض المباحث السابقة أن منافع البضع غير مضمونة، فإذا صح الابتناء - كما في المسالك - فاللازم القول بعدم السماع. لكن الابتناء غير ظاهر، كما تقدم. وهو العمدة فيما ذكره في الشرائع وغيرها. وأما النصوص: فظاهرها بيان تكليف الزوج، وما يلزمه حين ما يدعي الرجل الزوجية، قبل مراجعة القاضي والتحاكم عنده، لا بيان كيفية حسم النزاع والخصام فإذا لا مجال للاستدلال بها على عدم انقطاع الدعوى إلا بالبينة، أخذا بالاطلاق. ومن ذلك يظهر لك الوجه فيما ذكره المصنف (ره) بقوله: " نعم له مع عدمها.. "، وكان المناسب أن يقيد عبارته الاولى بما إذا كان التداعي بينهم في غير مجلس القضاء، وهذه العبارة بما إذا كان التداعي في مجلس القضاء. (1) يعني: عدم البينة. (2) لموثق سماعة قال: " سألته عن رجل تزوج أمة (جارية. خ ل) أو تمتع بها، فحدثه رجل ثقة أو غير ثقة، فقال: إن هذه امرأتي،
===============
( 418 )
[ الزوج، فان حلف سقط دعواه بالنسبة إليه أيضا، وإن نكل أو رد اليمين عليه فحلف حكم له بالزوجية إذا كان ذلك بعد أن حلف في الدعوى على الزوجية بعد الرد عليه، وإن كان قبل تمامية الدعوى مع الزوجة فيبقى النزاع بينه وبينها كما إذا وجه الدعوى أولا عليه. والحاصل: ان هذه دعوى على كل من الزوج والزوجة، فمع عدم البينة إن حلفا سقط دعواه عليهما، وإن نكلا أو رد اليمين عليه فحلف ثبت مدعاه. وإن حلف أحدهما دون الآخر فلكل حكمه، فإذا حلف الزوج في الدعوى عليه فسقط بالنسبة إليه، والزوجة لم تحلف بل ردت اليمين على المدعي أو نكلت ورد الحاكم عليه فحلف وإن كان لا يتسلط عليها لمكان حق الزوج، إلا أنه لو طلقها أو مات عنها ردت إليه، سواء قلنا (1) إن اليمين المردودة بمنزلة الاقرار، أو بمنزلة البينة، أو قسم ثالث (2). نعم ] وليست لي بينة فقال (ع): إن كان ثقة فلا يقربها، وإن كان غير ثقة فلا يقبل منه " (* 1). ولم يعرف عامل به، فيتعين حمله على الاستحباب، للاحتياط. (1) إذ هي على كل واحد من الوجوه المذكورة تكون مثبتة لحق الحالف على خصمه. (2) إذا كانت بمنزلة الاقرار تكون طريقا إلى إثبات الحق على المنكر فقط، فلا يتعدى إلى غيره، كما هو حال الاقرار. وإذا كانت بمنزلة البينة تكون طريقا إلى إثبات المدعي ولوازمه، كما هو حال البينة. وإذا
____________
(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب عقد النكاح حديث: 2.
===============
( 419 )
[ في استحقاقها النفقة والمهر المسمى على الزوج إشكال (1)، خصوصا إن قلنا أنه بمنزلة الاقرار (2) أو البينة. هذا كله إذا كانت منكرة لدعوى المدعي. وأما إذا صدقته وأقرت بزوجيته فلا يسمع بالنسبة إلى حق الزوج، ولكنها مأخوذة باقرارها، فلا تستحق النفقة على الزوج ولا المهر المسمى، بل ولا مهر المثل إذا دخل بها، لانها بغية بمقتضى إقرارها ] كانت على وجه آخر فيمكن أن يثبت بعض اللوازم دون بعض. وقد ذكروا فروعا تتفرع على الخلاف المذكور. منها: ما لو أقام المدعى عليه بينة على أداء الدين أو الابراء منه، بعد أن حلف المدعي للدين. فان قلنا ان اليمين كالبينة سمعت البينة من المدعى عليه. وإن جعلناها كالاقرار منه لم تسمع، لكونه باقراره (* 1) مكذب لبينته. والذي حكاه في الجواهر عن بعض متأخري المتأخرين: أنها قسم ثالث، فقد يجري عليها حكم الاقرار، وقد يجري عليها حكم البينة، وقد لا يجري عليها حكم أحدهما. وجعله في الجواهر هو المتجه. وكذلك المصنف في كتاب القضاء. (1) لان النفقة والمهر المسمى من حقوق الزوجة الثابتة لها لاجل زوجيتها، فإذا ثبتت زوجيتها للمدعي باليمين المردودة فقد سقطت حقوق زوجيتها للاخر، وثبتت لها بالاضافة إلى المدعي لولا إقرارها بنفي الزوجية له، فلا وجه لمطالبتها الزوج بها. وبالجملة: مقتضى اليمين المردودة نفي حقوقها الثابتة لها من جهة زوجيتها لغير المدعي. (2) لما هو ظاهر من مقتضى الاقرار، وسيأتي في المتن. وحال البينة أظهر فانها حجة على نفي الاستحقاق.
____________
(* 1) كذا ذكر الجماعة لكنه لا ينطبق على الفرض، لكون الحالف غير المقيم للبينة (منه قدس سره)
===============
( 420 )
[ إلا أن تظهر عذرا (1) في ذلك. وترد على المدعي (2) بعد موت الزوج أو طلاقه إلى غير ذلك. (الرابعة): إذا ادعى رجل زوجية امرأة وأنكرت فهل يجوز لها أن تتزوج من غيره قبل تمامية الدعوى مع الاول وكذا يجوز لذلك الغير تزويجها، أولا إلا بعد فراغها من المدعي؟ وجهان (3)، ] (1) على ما تقدم في المسألة الثانية. (2) عملا بحكم الحاكم. (3) قال في المسالك: " ومما يتفرع على الخلاف الاول (يعني: الخلاف في المسألة الثالثة) جواز العقد على هذه لغير المدعي قبل انتهاء الدعوى وعدمه. فان قلنا بسماعها بعد التزويج وترتب فائدتها السابقة صح العقد الثاني، وبقيت الدعوى بحالها. لكن العقد الثاني يفيد سقوط تسلط المدعي على البضع، فيحتمل لذلك عدم جواز العقد حتى ينهي الاول دعواه، لسبق حقه، فلا يسقطه الثاني بعقده. نعم لو تراخى الاول في الدعوى أو سكت عنها فجواز العقد أجود، حذرا من الاضرار المترتب على المنع، فان الزوج إذا علم بعدم إقدام أحد عليها أمكن أن يؤخر دعواه لذلك، ليطول الامر عليها، ويتوجه عليه الضرر بترك التزويج، فكيون وسيلة إلى الرجوع إليه، وهو يستلزم الحرج والاضرار المنفيين بالاية والرواية (* 1). وإن قلنا بعد سماع الدعوى على المعقود عليها أصلا
____________
(* 1) مثل قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة: 185 وقوله تعالى (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) المائدة: 6 وقوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج: 78. وقد يدل عليه خبر عبد الاعلى مولى آل سام (الوسائل باب: 39 من ابواب الوضوء حديث: 5.
===============
( 421 )
[ من أنها (1) قبل ثبوت دعوى المدعي خلية ومسلطة على نفسها. ومن تعلق حق المدعي بها (2)، وكونها في معرض ] - كما ذهب إليه المصنف - اتجه عدم جواز تزويجها إلى ان تخرج من حقه بانتهاء الدعوى. ويشكل الامر حينئذ لو ماطل بها وقصد ما ذكرناه، ولعل الجواز حينئذ مطلقا أقوى ". والتحقيق جواز التزويج على كل من القولين، إذ ليس ما يحتمل المانعية على القول الاول إلا عدم تسلط المدعي على البضع على تقدير اليمين المردودة من المرأة أو نكولها، وعلى القول الثاني إلا سقوط حق الدعوى، لكنهما لا يصلحان للمانعية إذ لا دليل على قصر سلطنة المرأة على نفسها بمجرد ذلك. وسقوط حق الدعوى بالتزويج لا يقتضي حرمة التزويج، ولا المنع من السلطنة عليه، لانه ليس تصرفا في الحق، بل من قبيل رفع موضوعه، فيسقط. على أن جواز الادعاء من الاحكام، ولم يثبت انه من الحقوق، فانه لا يسقط بالاسقاط. وبالجملة: بناء على عدم سماع الدعوى من المدعي على المزوجة، يكون الشرط في سماع الدعوى كونها خلية، فيكون من قبيل شرط الوجوب، وشرط الوجوب لا يجب بالوجوب، فلا مانع من أن تجعل نفسها مزوجة غير خلية، فتتخلص من الادعاء عليها. وأولى منه بذلك عدم تسلط المدعي على البضع على تقدير النكول أو اليمين المردودة، إذ هو محتمل الثبوت بعد ذلك، ولا يصلح العلم بثبوته لقصر السلطنة، فضلا عن احتمال ثبوته. وفي كونه من الحقوق إشكال ظاهر، فانه أيضا لا يسقط بالاسقاط. والى بعض ما ذكرنا أشار في الجواهر. (1) هذا وجه الجواز. ومرجعه إلى قاعدة السلطنة على النفس. (2) إن كان المراد به حق الدعوى، فقد عرفت أن حق الدعوى مشروط بكونها خلية. مضافا إلى أنه لم يثبت كونه من الحقوق.
===============
( 422 )
[ ثبوت زوجيتها للمدعي (1). مع أن ذلك تفويت حق المدعي (2) إذا ردت الحلف عليه وحلف، فانه ليس حجة على غيرها، وهو الزوج. ويحتمل التفصيل (3) بين ما إذا طالت الدعوى فيجوز، للضرر عليها بمنعها حينئذ، وبين غير هذه الصورة والاظهر الوجه الاول. وحينئذ فان أقام المدعي بينة، وحكم له بها كشف عن فساد العقد عليها (4). وإن لم يكن له بينة وحلفت بقيت على زوجيتها. وإن ردت اليمين على المدعي وحلف ففيه وجهان: من كشف كونها زوجة للمدعي فيبطل العقد عليها، ومن أن اليمين المردودة لا يكون مسقطا لحق الغير، وهو الزوج. وهذا هو الاوجه (5). فيثمر فيما إذا ] (1) المعرضية لا تزاحم قاعدة السلطنة على النفس. (2) الحق المذكور استقبالي، فلا يمنع من قاعدة السلطنة إذا كان معلوما، فضلا عما إذا كان محتملا كما عرفت. (3) قد احتمله في المسالك. (4) لان البينة حجة في المداليل الالتزامية. (5) الذي تقتضيه القواعد العامة، فانه لم يثبت أن اليمين المردودة تصلح لاثبات نفي زوجية الرجل الذي تزوجها حين الدعوى. اللهم إلا أن يقال: إذا ثبتت زوجية الرجل المدعي انتفت زوجية الاخر، لان الثاني من أحكام الاول لا من لوازمه، فلو فرض أن اليمين المردودة كالاصل كانت كافية. في نفي زوجية الاخر. اللهم إلا أن يقال: إنها لا تصلح لاثبات زوجية الرجل المدعي مطلقا، بل تثبتها من وجه آخر. نظير أصالة صحة الصلاة مع الشك في الطهارة، فانها لا تثبت الطهارة
===============
( 423 )
[ طلقها الزوج أو مات عنها، فانها حينئذ ترد على المدعي. والمسألة سيالة تجري في دعوى الاملاك (1) وغيرها أيضا. والله العالم. (الخامسة): إذا ادعى رجل زوجية امرأة فأنكرت وادعت زوجيته امرأة أخرى لا يصح شرعا زوجيتها لذلك الرجل مع الامرأة الاولى - كما إذا كانت أخت الاولى أو أمها أو بنتها - فهناك دعوايان: إحداهما: من الرجل على الامرأة والثانية: من الامرأة الاخرى على ذلك الرجل، وحينئذ فاما أن لا يكون هناك بينة لواحد من المدعيين، أو يكون لاحدهما دون الآخر أو لكليهما. فعلى الاول: يتوجه اليمين على المنكر في كلتا الدعويين، فان حلفا سقطت الدعويان، وكذا (2) إن نكلا وحلف كل من المدعيين اليمين المردودة. وإن حلف ] مطلقا، إنما تثبتها بلحاظ الصلاة لا غير، نظير الاقرار. (1) كما إذا آجر الانسان ما في يده، فادعاه آخر، فان كانت له بينة حكم له بها، وإلا فاليمين المردودة أو نكول المالك لا يسوغ انتزاع المال من المستأجر، كالاقرار من المؤجر. وعليه فإذا ادعاه مدع قبل أن يؤجره يقع الكلام في صحة الاجارة قبل انتهاء الدعوى. وكذا إذا كان وقف بيد وليه فآجره ثم ادعى الولاية عليه آخر، فانه يجري فيه ما ذكر في المسألة الثالثة. وهو يجوز له إيجاره بعد الدعوى على الولي، أولا، فينتظر حتى تنتهي الدعوى؟. (2) يعني: تسقط الدعويان، مع أنه حينئذ تثبت الدعويان باليمين المردودة على المدعي، لكن لما كانت الدعويان متكاذبتين ومتعلقتين بشخص
===============
( 424 )
[ أحدهما ونكل الآخر وحلف مدعيه اليمين المردودة، سقطت دعوى الاول (1) وثبت مدعي الثاني. وعلى الثاني - وهو ما إذا كان لاحدهما بينة - يثبت مدعى من له البينة. وهل تسقط دعوى الآخر، أو يجري عليه قواعد الدعوى من حلف المنكر أو رده؟ قد يدعى القطع بالثاني، لان كل دعوى لا بد فيها من البينة أو الحلف. ولكن لا يبعد تقوية الوجه الاول. لان البينة حجة شرعية وإذا ثبت بها زوجية إحدى الامرأتين لا يمكن معه زوجية الاخرى، لان المفروض عدم إمكان الجمع بين الامرأتين، فلازم ثبوت زوجية إحداهما بالامارة الشرعية عدم زوجية الاخرى (2). ] واحد لم يمكن الحكم بثبوتهما معا ولاجل ذلك قد يشكل جواز رد اليمين من أحدهما بعد أن رد عليه اليمين من الاخر، لان نتيجة الرد التساقط. ولذا قال في الجواهر: " لو ردت الاولى عليه اليمين مثلا فحلف هو، فهل له رد اليمين على المدعية؟ وجهان ". إلا أن يقال: إن التساقط ليس من آثار الرد الثاني، بل من آثار الردين واجتماع اليمينين المردودتين. (1) بيمين المنكر، وثبتت دعوى الثاني باليمين المردودة عليه. (2) هذا يتم بناء على قبول بينة المنكر، وتكون بدلا عن يمنيه، كما عليه جماعة، ومنهم المصنف (ره). أما على المشهور من عدم قبولها فلا بد من الرجوع إلى يمين المنكر، أو اليمين المردودة على المدعي. مضافا إلى أن بينة أحدهما على الزوجية لا تكون بينة على نفي زوجية الاخرى حتى تشهد بذلك مطابقة، وإلا فالشهادة بزوجية إحداهما لا تكون شهادة بنفي زوجية الاخرى، لامكان الغفلة عن ذلك، أو لعدم اعتقاد الملازمة.
===============
( 425 )
[ وعلى الثالث: (1) فأما أن يكون البينتان مطلقتين، أو مؤرختين متقارنتين، أو تاريخ إحداهما أسبق من الاخرى. فعلى الاولين تتساقطان (2)، ويكون كما لو لم يكن بينة أصلا. وعلى الثالث: ترجح الاسبق (3) إذا كانت تشهد بالزوجية من ] نعم هي حجة على نفي زوجية الاخرى، لكنها ليست شهادة بالنفي. ثم إن شيخنا في الجواهر ذكر أنه لا بد له من اليمين على نفي ما ادعته الاخت، وفاقا للشهيد. ضرورة كونه منكرا بالنسبة إلى دعواها. والبينة على زوجية أختها لا تقتضي العلم بكذبها، ضرورة إمكان صدق البينة مع تقدم العقد عليها. انتهى. وفيه: أن ذلك يتم إن كان مستند البينة وقوع العقد المبني على ظاهر الصحة، أما إذا كان المستند العلم فالبينة كما تشهد بالزوجية المدعاة للرجل مثلا، تدل على كذب دعوى الاخت ضرورة. (1) الصور المتصورة في المقام هي أن البينتين إما مطلقتان، أو مؤرختان، أو إحداهما مطلقة والاخرى مؤرخة. والمؤرختان تارة: يتفق تاريخهما، وأخرى يختلف. ومع الاختلاف تارة: يتقدم تاريخ بينته، وأخرى يتقدم تاريخ بينتها. والجميع تارة: يكون كل منهما مع الدخول، وأخرى مع عدمه. (2) للتعارض بينهما والتكاذب. (3) هذا إذا كانت تشهد بالبقاء استنادا إلى العلم، وكانت الثانية تشهد استنادا إلى ظاهر وقوع العقد في كونه صحيحا، فان الاولى على هذا تكون رافعة لمستند الثانية، فتبطل. أما إذا كانت الثانية أيضا تشهد اعتمادا على العلم فهما حينئذ متعارضتان، ولا وجه لترجيح الاسبق تاريخا. كما أنه إذا كانت الاولى تشهد بالبقاء اعتمادا على الاستصحاب، والثانية تشهد اعتمادا على العلم، كانت الثانية مقدمة على الاولى، لانها رافعة لمستند
===============
( 426 )
[ ذلك التاريخ إلى زمان الثانية. وإن لم تشهد ببقائها إلى زمان الثانية فكذلك (1) إذا كانت الامرأتان الام والبنت مع تقدم تاريخ البنت، بخلاف الاختين والام والبنت مع تقدم تاريخ الام، لامكان صحة العقدين، بأن طلق الاولى وعقد على الثانية في الاختين، وطلق الام مع عدم الدخول بها. وحينئذ ففي ترجيح الثانية أو التساقط وجهان (2). هذا ولكن وردت رواية (3) تدل على تقديم بينة الرجل، الا مع سبق بينة ] الاولى في البقاء، وهو الاستصحاب. وكذا إذا كان مستند الثانية اصالة الصحة، فانها أيضا مقدمة على الاستصحاب. (1) يعني: ترجح الاسبق. للتعارض والتكاذب الواقع بينهما الناشئ من تنافيهما وإن اختلف تاريخهما. هذا مع الاشتراك في المستند. وأما مع اختلافه: فإذا كانت الثانية تشهد استنادا إلى العلم والاسبق تشهد استنادا إلى الظاهر لزم ترجيح الثانية، لانها تشهد ببطلان مستند الاولى. (2) أقربهما الاول، سواء كان مستند الثانية العلم، أم وقوع العقد المبني على ظاهر الصحة. إذ بقاء العقد الاول إنما يكون بالاستصحاب، وهو لا يجري مع الشهادة بمنافيه، لتقدم البينة على الاستصحاب. وبالجملة: إذا كان مستند إحدى البينتين مقدما على مستند الاخرى عند المشهود عنده تكون البينة الاخرى باطلة المستند، فلا تكون حجة، فالبينة التي مستندها العلم ترفع حجية الاصل أو الظاهر الذي هو مستند الاخرى، فتكون الاخرى باطلة المستند، فتخرج عن دليل الحجية. وكذا البينة التي مستندها الظاهر المقدم على الاصل، فان ذلك المستند يبطل الاصل عند المشهود عنده، فتبطل البينة المستندة إليه. (3) وهي رواية الزهري عن علي بن الحسين (ع): " في رجل
===============
( 427 )
[ الامرأة المدعية أو الدخول بها في الاختين. وقد عمل بها المشهور (1) ] ادعى على امرأة أنه تزوجها بولي وشهود، وأنكرت المرأة ذلك، فأقامت اخت هذه المرأة على هذا الرجل البينة أنه تزوجها بولي وشهود، ولم يوقتا وقتا. فكتب: ان البينة بينة الرجل، ولا تقبل بينة المرأة، لان الزوج قد استحق بضع هذه المرأة، وتريد أختها فساد النكاح، فلا تصدق ولا تقبل بينتها إلا بوقت قبل وقتها، أو بدخول بها " (* 1). ورواها الشيخ في التهذيب أيضا عن عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفي عن أبي عبد الله (ع) (* 2). (1) في جامع المقاصد: " كان هذا الحكم مجمع عليه بين الاصحاب "، وفي المسالك: " لا يظهر فيه خلاف بينهم، وأنه ربما ادعى عليه الاجماع "، وفي كشف اللثام: " الاصحاب عملوا به من غير خلاف يظهر، إلا من المحقق في النكت ". وفي الكفاية: أن بعضهم نقل الاجماع عليه. انتهى. وفي الجواهر: " من غير خلاف يعرف على ما اعترف به غير واحد. وعن بعض دعوى الاجماع عليه ". وفي المسالك: " هو مخالف للقواعد الشرعية في تقديم بينة الرجل مع إطلاق البينتين أو تساوي التاريخين، لانه منكر، ويقدم قوله مع عدم البينة، ومن كان القول قوله فالبينة بينة صاحبه ". ونحوه في جامع المقاصد. وفيه: أنه منكر بالنسبة إلى دعوى الاخت لا بالنسبة إلى دعواه على أختها، فانه حينئذ مدع. إلا أن يقال: إن النص دل على تقديم بينته حتى بالاضافة إلى دعوى الاخت عليه، التي يكون فيها منكرا. اللهم إلا أن يقال: إنما يتم بناء على عدم الحاجة إلى اليمين، أما بناء
____________
(* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب كيفية القضاء حديث: 13.
===============
( 428 )
على ضم اليمين إلى البينة فيكون الاخذ بقوله لاجل اليمين. فتأمل. والعمدة في مخالفة الرواية للقواعد الحكم فيها بتقديم بينة الرجل إلا في صورتين، فان وجه التقديم غير ظاهر بالنظر إلى القواعد. وقد تصدى في كشف اللثام لتطبيقها على القواعد فقال: " إن الوجه في ترجيح بينته على بينتها أنها تنكر ما هو فعله، ولعله عقد على الاولى قبل العقد عليها وهي لا تعلم، ولا يعلم فعله إلا من قبله ". وقد أطال شيخنا الاعظم في تقريبه، وحاصله: أن كلا من بينة الرجل والاخت إنما يكون مستندها العقد فهما تتساويان في الاستناد والاعتماد، لكن الرجل والاخت يختلفان في الاعتماد. فان اعتماد الاخت في دعواها على ظاهر العقد كبينتها، لكن اعتماد الرجل في دعواه على العلم بصحة ما يدعيه وفساد ما تدعيه الاخت، لان مناط صحة ما تدعيه الاخت من زوجية نفسها وتنكره من زوجية أختها إنما يعرف من قبل الرجل، فهو اعرف به. ويشكل: بأنه يمكن أن يكون الاعتماد من الاخت على العلم كما يمكن ذلك من بينتها، فتكون حينئذ كالرجل. كما أنه يمكن أن يكون اعتماد الرجل على ظاهر قول أو فعل أو إخبار وكيل. وكذا اعتماد بينته. فلا وجه حينئذ لاطلاق الترجيح. ولا سيما وأن هذا المقدار من الاختلاف لا يوجب الترجيح. فإذا ما ذكره ممنوع صغرى وكبرى. وبالجلمة: يتعين الرجوع في الترجيح إلى ما سبق من أنه إذا تساوى مستند البينتين تساقطتا، وإذا اختلف بان كان مستند إحداهما العلم ومستند الاخرى حجة غيره فالبينة الاولى مقدمة، لانها دالة على بطلان مستند الثانية، وإن كان مستند إحداهما أصلا ومستند الاخرى أمارة كانت الثانية مقدمة، لانها أيضا دالة على بطلان مستند الاولى، ومع ثبوت بطلان
===============
( 429 )
[ في خصوص الاختين. ومنهم من تعدى إلى الام والبنت أيضا (1) ولكن العمل بها حتى في موردها مشكل، لمخالفتها للقواعد (2) وإمكان حملها على بعض المحامل (3) التي لا تخالف القواعد. ] المستند تخرج عن دليل الحجية. وكذا كل حجة تبين بطلان مستندها. (1) يظهر من الجواهر الميل إليه، قال (ره) في وجهه: " ضرورة عدم المدخلية للاخوة فيه، بل إنما هو لتحريمه، وهو مشترك بين الجميع. مضافا لى ما عرفته من موافقة الحكم للقواعد الشرعية في الجملة، التي لا فرق فيها بين الجميع كما يومئ إليه التعليل في الخبر ". وفي القواعد: " وفي انسحاب الحكم في مثل الام والبنت إشكال ". وفي جامع المقاصد: الجزم بعدم التجاوز عن مورد النص. ونحوه في المسالك. (2) قد تقدم في المسالك: أن الوجه في المخالفة للقواعد الاخذ ببينة المنكر. وفى غيرها: الوجه تقديم إحدى البينتين على الاخرى من غير مرجح. وكيف كان فقد عرفت أن هذا لا يصلح مانعا من العمل بها، فأكثر الروايات الدالة على الوجوب والحرمة ونحوهما مخالفة للقواعد العامة. (3) ذكر في الحدائق: أن حكمه (ع) بتقديم بينة الرجل وصحة دعواه وبطلان دعوى الاخت، لعله لامر ظهر له بقرائن الحال يومئذ، فانه (ع) جزم وحكم بصحة دعوى الزوج، وأنه قد استحق بضع هذه المرأة، وحكم ببطلان دعوى أختها. وأنها إنما تريد فساد النكاح، فلا تصدق إلا على أحد الوجهين المذكورين. انتهى. فيحتمل أن يكون مراده أن مورد السؤال قضية خاصة لا كلية. لكن ينافيه جدا التفصيل المذكور. ويحتمل أن يكون مراده أن التعليل المذكور يشهد بأن السؤال في الرواية كان مشتملا على بعض القيود الدالة على لزوم تقديم بينة الرجل وصحة دعواه، وأن ما كان من الاخت كان مناصرة منها لاختها. وربما تشير إلى ذلك في
===============
( 430 )
[ (السادسة): إذا تزوج العبد بمملوكة ثم اشتراها باذن المولى، فان اشتراها للمولى بقى نكاحها على حاله (1)، ولا إشكال في جواز وطئها (2). وإن اشتراها لنفسه بطل نكاحها (3) ] الجملة فاء الترتيب في قول السائل: " فأقامت.. ". وعلى هذا تكون الرواية مجملة، للجهل بالقيود المأخوذة في السؤال، ولا مجال حينئذ للعمل بالرواية في الاختين، فضلا عن غيرهما ممن لا يمكن الجمع بينهما في الزوجية. (تنبيه): قال في القواعد: " والاقرب الافتقار إلى اليمين على التقديرين إلا مع السبق ". وقال في المسالك: " إن ظاهر النص أن من قدم جانبه لا يفتقر معه إلى اليمين. وكذلك أطلق المصنف الحكم تبعا لظاهره.. (إلى أن قال): والاقوى الافتقار إلى اليمين إلا مع سبق تاريخ إحدى البينتين ". ثم علله: بانه مع التعارض بتساوي التاريخ أو إطلاقه يتساقط البينتان، فلا بد من مرجح للحكم باحداهما. وفيه: أنه لا وجه له بعد الاعتراف بأنه خلاف ظاهر النص. (1) بلا خلاف فيه ظاهر ولا إشكال. ويظهر منهم أنه من المسلمات. ويقتضيه الاصل، إذ ليس ما يحتمل ابطاله العقد الا الانتقال من مالك إلى آخر، ولم يقم على ابطاله دليل، فيتعين البناء على عدمه. (2) إذا أحرز الاذن من السيد له في ذلك ولو بالاصل، وإلا فعموم عدم جواز التصرف من مال الغير بغير إذنه كاف في المنع. (3) بلا خلاف ظاهر، وفي الجواهر - في مباحث بيع الحيوان -: دعوى الاجماع بقسميه على بطلان النكاح إذا اشترى أحد الزوجين صاحبه. وهذا هو العمدة. نعم تعضده النصوص الدالة على بطلان نكاح الامة من العبد إذا ملكت زوجها (* 1)، بضميمة عدم القول بالفصل. وقد استدل
____________
(* 1) راجع الوسائل باب: 49 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1، 3.
===============
( 431 )
[ وحلت له بالملك (1) على الاقوى من ملكية العبد. وهل يفتقر وطؤها حينئذ إلى الاذن من المولى، أو لا؟ وجهان. أقواهما: ذلك (2)، لان الاذن السابق إنما كان بعنوان الزوجية وقد زالت بالملك (3) فيحتاج إلى الاذن الجديد. ولو اشتراها لا بقصد كونها لنفسه أو للمولى، فان اشتراها بعين مال المولى كانت له (4)، وتبقى الزوجية (5). وإن اشتراها بعين ماله كانت له، وبطلت الزوجية. وكذا إن اشتراها في الذمة، لانصرافه إلى ذمة نفسه. وفي الحاجة إلى الاذن الجديد وعدمها الوجهان ] عليه بقوله تعالى: (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) (* 1) بناء على ظهورة في منع الجمع بينهما. لكن لو تم توقف على إثبات صحة البيع، وإلا فالبناء على بطلان البيع وبقاء الزوجية أولى، عملا بالاستصحاب. فإذا العمدة فيه الاجماع. (1) عملا بعموم الادلة. (2) كما في الجواهر. للحجر عليه في التصرف وإن قلنا بملكيته. والاذن في شرائها لا يقتضى الاذن في التصرف. (3) يعني: وإذا زال الموضوع زال حكمه، ولا مجال لاستصحابه. اللهم إلا أن يقال: الزوجية ليست مقومة لموضوع الاستصحاب عرفا فزوالها لا يوجب تبدل الموضوع، فلا مانع من الاستصحاب. (4) يعني للمولى. إذ المعاوضة بينها وبين المال تقتضي أن تدخل في كيس من خرج من كيسه المال. (5) لما سبق من الاصل. ومما ذكرنا يظهر وجه ما بعده.
____________
(* 1) المؤمنون: 6.
===============
( 432 )
[ (السابعة): يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خلية من الزوج من غير فحص (1)، مع عدم حصول العلم بقولها، بل وكذا إذا لم تدع ذلك (2) ولكن دعت الرجل إلى تزويجها ] (1) بلا إشكال ظاهر. ويقتضيه خبر ميسر قال: " قلت لابي عبد الله (ع) ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد، فأقول لها: ألك زوج؟ فتقول: لا فأتزوجها؟ قال (ع): نعم هي المصدقة على نفسها " (* 1). وخبر أبان بن تغلب: " قلت لابي عبد الله (ع) إني أكون في بعض الطرقات، فأرى المرأة الحسناء، ولا آمن أن تكون ذات بعل أو من العواهر. قال (ع): ليس هذا عليك. إنما عليك أن تصدقها في نفسها " (* 2). ونحوهما خبر يونس وخبر عبد العزيز بن المهتدي المتقدمان في المسألة الثالثة. وأما خبر عمر بن حنظلة قال: " قلت لابي عبد الله (ع): إني تزوجت امرأة فسألت عنها، فقيل فيها. فقال: وأنت لم سألت أيضا؟! ليس عليكم التفتيش " (* 3) فغير ظاهر فيما نحن فيه. (2) كما يفهم من خبر الفضل مولى محمد بن راشد عن أبي عبد الله (ع) قال: " قلت إني تزوجت امرأة متعة، فوقع في نفسي أن لها زوجا ففتشت. فقال أبو عبد الله (ع): ولم فتشت؟! " (* 4) وخبر محمد بن عبد الله الاشعري قال: " قلت للرضا (ع): الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه أن لها زوجا فقال (ع): وما عليه، أرأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج؟ " (* 5). لكن الظاهر من الخبرين ترك السؤال بعد التزويج
____________
(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب عقد النكاح حديث: 2. (* 2) الكافي الجزء: 5 الصفحة 462 طبعة ايران الحديثة. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 10 من ابواب المتعة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 10 من ابواب المتعة حديث: 5.
===============
( 433 )
[ أو أجابت إذا دعيت إليه، بل الظاهر ذلك وإن علم كونها ذات بعل سابقا وادعت طلاقها أو موته (1). نعم لو كانت متهمة في دعواها فالاحوط الفحص عن حالها (2). ومن هنا ظهر جواز تزويج زوجة من غاب غيبة منقطعة ولم يعلم ] اعتمادا على العلم بأنها خلية، وإن كان الجواب في الثاني يشعر بعموم الحكم لما قبل التزويج. (1) لاطلاق النصوص. (2) كما يقتضيه صحيح أبي مريم عن أبى جعفر (ع): " أنه سئل عن المتعة فقال: إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم، إنهن كن يومئذ يؤمن واليوم لا يؤمن، فاسألوا عنهن " (* 1). لكن في الشرائع في مبحث المتعة استحباب السؤال مع التهمة وعدم وجوبه. ويظهر من الحدائق وغيرها: أنه إجماعي. وفي المسالك: " ليس السؤال شرطا في الصحة، للاصل، وحمل تصرف المسلم على الصحيح. وقد روى أحمد ابن أبى نصر وغيره قال: (قلت للرضا (ع)...) "، وذكر رواية الاشعري السابقة. وكأن المراد من الاصل عموم الادلة. لكنه غير ظاهر الجريان مع الشبهة الموضوعية. وأما أصالة عدم المانع، فغير مطردة في صورة سبق المانع. كما إذا علم أن لها زوجا. ومثله في الاشكال حمل التصرف على الصحة، فانه غير ظاهر الشمول لما نحن فيه مما كان التصرف حلالا أو حراما، لا صحيحا أو فاسدا. مع أن ذلك لا يصلح لمعارضة الصحيح السابق. فالعمدة هو خبر الاشعري ونحوه المعول عليه عندهم على نحو يتعين الخروج به عن ظاهر الصحيح. ومن ذلك يظهر الكلام فيما يأتي من تزويج زوجة الغائب إذا لم تكن متهمة وإذا كانت متهمة.
____________
(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب المتعة حديث: 1.
===============
( 434 )
[ موته وحياته، إذا ادعت حصول العلم لها بموته من الامارات والقرائن، أو باخبار المخبرين، وإن لم يحصل العلم بقولها. ويجوز للوكيل أن يجري العقد عليها ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم. ولكن الاحوط الترك خصوصا إذا كانت متهمة. (الثامنة): إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلك كونها ذات بعل لم تسمع دعواها (1). نعم لو أقامت البينة على ذلك فرق بينها وبينه (2)، وإن لم يكن هناك زوج معين بل شهدت بأنها ذات بعل على وجه الاجمال. (التاسعة): إذا وكلا وكيلا في إجراء الصيغة في زمان معين لا يجوز لهما المقاربة بعد مضي ذلك الزمان (3)، إلا إذا حصل لهما العلم بايقاعه. ولا يكفي الظن بذلك. وإن حصل من إخبار مخبر بذلك، وإن كان ثقة (4). نعم ] (1) إذ لا دليل على سماعها. والنصوص المتقدمة لا تشملها. (2) عملا بحجية البينة. بل يجب على الزوج فراقها لذلك. وإخبارها السابق لا يصلح لمعارضة البينه، لا قبل التزويج، ولا بعده لاختصاص دليله بغير ذلك. (3) للشك في تحقق العقد، الموجب للرجوع إلى أصالة عدمه. (4) لعدم الدليل على حجية خبر الثقة. وبناء العقلاء إن تم فهو لا يصلح لمعارضة ما دل على نفي الحجية في الموضوعات لغير البينة. مثل قوله (ع): " والاشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك. أو تقوم به البينة " (* 1).
____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يكتسب به حديث: 4.
===============
( 435 )
[ لو أخبر الوكيل بالاجراء كفى إذا كان ثقة، بل مطلقا (1) لان قول الوكيل حجة فيما وكل فيه.