فصل في مبطلات الصلاة وهي أمور: أحدها: فقد بعض الشرائط في أثناء الصلاة كالستر، وإباحة المكان، واللباس، ونحو ذلك مما مر في المسائل المتقدمة (1). الثاني: الحدث الاكبر أو الاصغر فانه مبطل أينما وقع فيها ولو قبل الآخر بحرف، من غير فرق بين أن يكون عمدا (2) ] في مادة " شيع ": " روي أن النبي صلى الله عليه وآله جلس ليلا يحدث أصحابه في المسجد فقال: يا قوم إذا ذكرتم الانبياء الاولين فصلوا علي ثم صلوا عليهم، وإذا ذكرتم أبي ابراهيم فصلوا عليه ثم صلوا علي... ". فصل في مبطلات الصلاة (1) مر الكلام فيه فراجع. (2) إجماعا كما عن المعتبر، والتذكرة، والروض، ومجمع البرهان، وكشف اللثام، وعن المدارك إجماع العلماء كافة، وعن المنتهى، وجامع المقاصد، والذخيرة: نفي الخلاف فيه، وعن شرح المفاتيح: " لعله من
____________ الوسائل باب: 43 من ابواب الذكر حديث: 1.
===============
( 526 )
ضروريات الدين أو المذهب ". نعم عبارة الفقية تحتمل القول بالصحة مع العمد، قال: " وإن رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة وأحدثت فان كنت قد قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك، وإن لم تكن قلت ذلك فقد مضت صلاتك، فتوضأ ثم عد إلى مجلسك فتشهد " (* 1) كما أنه ربما يكون ظاهر بعض النصوص، كصحيح الفضيل: " قلت لابي جعفر (ع): أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني، أو أذى، أو ضربانا. فقال (ع): انصرف ثم توضأ وابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا... " (* 2) بناءا على أن المراد الانصراف لقضاء حاجته ثم يتوضأ، وأظهر منه في ذلك خبر القماط: " سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله (ع) عن رجل وجد غمزا في بطنه، أو أذى، أو عصرا من البول وهو في صلاة المكتوبة في الركعة الاولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة. فقال (ع) إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته، ما لم ينقض الصلاة بالكلام. قلت: وان التفت يمينا أو شمالا أو ولى عن القبلة؟ قال (ع): نعم كل ذلك واسع، إنما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاث من المكتوبة فانما عليه أن يبني على صلاته، ثم ذكر سهو النبي صلى الله عليه وآله " (* 3). لكن لا مجال للاعتماد عليهما في قبال الاجماعات السالفة والنصوص الآتية، فيتعين طرحهما أو حملهما على التقية.
____________ (* 1) من لا يحضره الفقيه ج: 1 صفحة: 233 طبع النجف الحديث. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 11.
===============
( 527 )
[ أو سهوا (1) أو اضطرارا (2) عدا ما مر في حكم المسلوس ] (1) إجماعا كما عن الناصرية، وفي التذكرة، وعن نهاية الاحكام، ونهج الحق، وكشف الالتباس، والروض، ومجمع البرهان، وإرشاد الجعفرية بناء منهم على أن الخلاف إنما هو فيمن سبقه الحدث دون السهو وإن كان ظاهر الشرائع، ومحكي السرائر، وغيرهما أن الخلاف في السهو أيضا. لكن لا يبعد - كما اعترف به غير واحد - أن المراد من السهو في كلامهم غير الاختيار، فيختص بمن سبقه الحدث، لظهور العبارات التي نسب إليها الخلاف في ذلك. وكيف كان فلا يظهر من النصوص ما يدل على الصحة فيه بالخصوص. (2) على المشهور شهرة عظيمة وعن الخلاف والمبسوط ومصباح السيد: أنه يتطهر ويبني، وفي النسبة المذكورة إشكال، ففي محكي الخلاف والمصباح: " من سبقه الحدث من بول أو ربح أو غير ذلك لاصحابنا فيه روايتان: إحداهما - وهو الاحوط - أنه يبطل الصلاة، وقريب منه محكي المبسوط، وظاهره التوقف أو الميل إلى العدم، بل عن الخلاف أنه قال بعد ذلك: والذي أعمل عليه وأفتي به الرواية الاولى ". وكأنه يشير بالرواية الثانية إلى ما سبق من صحيح الفضيل وخبر القماط الظاهرين في العمد اللذين قد عرفت الاجماع على خلافهما. وعن المقنعة: التفصيل بين المتيمم الذي يسبقه الحدث ويجد الماء فيتوضأ ويبني وغيره، متيمما كان ولا يجد الماء أم متوضئا فيستأنف. وتبعه عليه في محكي النهاية، وعن التهذيب، والاستبصار احتماله، ونسب أيضا إلى الحسن وابن حمزة لصحيح زرارة ومحمد عن أحدهما (ع): " رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فأصاب ماء، قال (ع):
===============
( 528 )
يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم " (* 1). قال في المعتبر: " وهذه الرواية متكررة في الكتب بأسانيد مختلفة، وأصلها محمد بن مسلم، وفيها إشكال من حيث أن الحدث يبطل الطهارة، وتبطل ببطلانها الصلاة، واضطر الشيخان بعد تسليمهما إلى تنزيلها على المحدث سهوا والذي قالاه حسن، لان الاجماع على أن الحدث يبطل الصلاة فيخرج من إطلاق الرواية، ولا بأس بالعمل بها على الوجه الذي ذكره الشيخان فانها رواية مشهورة... ". وفي الذكرى الميل إليه، وعن الاردبيلي: الجزم به، وعن المدارك: أنه قوي، ولا يعارضها النصوص الدالة على قاطعية الحدث، كصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال: " ليس يرخص في النوم في شئ من الصلاة " (* 2)، موثق عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع؟ قال (ع): إن كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوءه، وإن خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء، وإن كان في صلاته قطع صلاته وأعاد الوضوء والصلاة " (* 3) وخبر الحسن بن الجهم قال: " سألته - يعني أبا الحسن (ع) - عن رجل صلى الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة، قال (ع): إن كان قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فلا يعد، وإن كان لم يتشهد قبل أن يحدث فليعد " (* 4)، وخبر الكناني: " عن الرجل يخفق وهو في الصلاة، فقال (ع): إن كان لا يحفظ حدثا منه إن كان فعليه
____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة ملحق حديث: 10. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب نواقض الصلاة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 6.
===============
( 529 )
الوضوء وإعادة الصلاة " (* 1)، وخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى ابن جعفر (ع) قال: " عن الرجل يكون في الصلاة فيعلم أن ريحا قد خرجت فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها، قال (ع): يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا... " (* 2) إلى غير ذلك. إذ هي إما ظاهرة في غير المسألة المذكورة أو شاملة لها بنحو يمكن تقييدها بغيرها. والمناقشة في دلالتها بأن المراد من الركعة الصلاة التامة، أو المراد من أحدث أمطر، أو المراد مما مضى من صلاته الصلاة السابقة التي صلاها بالتيمم لا الركعة لبطلانها بالحدث فلا تكون مما صلاه... بعيدة جدا، لا يجوز ارتكابها إلا بعد البناء على سقوطها عن الحجية. ومثل هذه النصوص السابقة في الاشكال صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: " في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الاخيرة وقبل أن يتشهد، قال (ع): ينصرف فيتوضأ، فان شاء رجع إلى المسجد وإن شاء ففي بيته، وإن شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته " (* 3)، ونحوه صحيحه الآخر (* 4) وموثق عبيد ابنه (* 5)، وخبر بن مسكان المروي المحاسن (* 6). وظاهر ما سبق عن الفقية الاعتماد عليها، وفي كشف اللثام نفي البأس عن العمل بها. وأما حملها على أن مقصود الراوي الحكاية عن رجل من العامة
____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب نواقض الوضوء حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 13 من ابواب التشهد حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب التسليم حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 13 من ابواب التشهد حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 13 من ابواب التشهد حديث: 3.
===============
( 530 )
[ والمبطون والمستحاضة. نعم لو نسي السلام ثم أحدث فالاقوى عدم البطلان (1) وإن كان الاحوط الاعادة أيضا. الثالث: التكفير (2) ] كان يعمل ذلك لا السؤال عن حكم المسألة ومقصود الامام (ع) تتميم القصة لا الجواب، فيبعد أيضا كما سبق. والجمع العرفي بينها وبين إطلاق النصوص الدالة على البطلان بالتقييد قريب، وخبر الحسن بن الجهم - لوتم سنده - يمكن حمله على الاستحباب كما في نظائره. فالعمدة في وهن النصوص في المقامين إعراض المشهور عنها وبناؤهم على طرحها مع ماهي عليه من صحة السند وقوة الدلالة حتى التجأوا إلى ارتكاب التأويلات البعيدة التي لم يكن بناؤهم عليها في غيرها، ولاسيما بملاحظة اشتمالها على الخروج والرجوع إلى مكان الصلاة من مسجد أو غيره مما هو غالبا من الفعل الكثير الماحي المستلزم لاستدبار القبلة اللذين هما من القواطع عندهم كالحدث، فان ذلك كله يوجب الوثوق بورودها لغير بيان الحكم الواقعي، فحالها حال صحيح الفضيل، وخبر القماط لا مجال للاعتماد عليها في رفع اليد عن قاطعية الحدث للصلاة مطلقا. والمظنون قويا أن أكثر الجماعة الذين يظهر منهم العمل بها إنما كان ذلك منهم في مقام الاستدلال لا في مقام الفتوى، والله سبحانه أعلم. (1) قد عرفت في مبحث التسليم أن البطلان أقوى. (2) على المشهور، بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه، والعمدة فيه من النصوص صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قلت: " الرجل يضع يده في الصلاة وحكى اليمنى على اليسرى فقال (ع): ذلك التكفير لا تفعل " (* 1)
____________ (* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1.
===============
( 531 )
وصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " ولا تكفر فانما يصنع ذلك المجوس " (* 1) ونحوه صحيح حريز عن رجل عنه (ع) (* 2)، وفي خبر ابن جعفر (ع): " قال أخي (ع): قال علي بن الحسين (ع): وضع الرجل إحدى يديه على الاخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة عمل " (* 3)، ونحوه المروي عن كتابه، وزاد: " وسألته عن الرجل يكون في صلاته أيضع إحدى يديه على الاخرى بكفه أو ذراعه؟ قال (ع): لا يصلح ذلك، فان فعل فلا يعود له " (* 4)، وفي حديث الاربعمائة عن علي (ع): " لا يجمع المسلم يديه في الصلاة وهو قائم بين يدي الله عزوجل يتشبه بأهل الكفر، يعني المجوس " (* 5) وقد يستدل عليه تارة: بالاجماع، وأخرى: بأنه فعل كثير، وثالثة: بأنه مقتضى قاعدة الاحتياط وكون العبادات توقيفية. هذا والجميع لا يخلو من نظر، إذ النهي في أمثال المقام وإن كان ظاهرا في المانعية إلا أنه بقرينة ارتكاز كون موضوعه من مظاهر العبودية والتذلل والخضوع، وما روي من أن السبب في مشروعيته عند العامة استحسان عمر له حين رأى الفرس يفعلون تعظيما لملوكهم كما تشير إليه النصوص، ومارود في خبر ابن جعفر (ع): " أنه عمل وليس في الصلاة عمل " يكون ظاهرا في المنع التشريعي كالنهي عن سائر العبادات غير المشروعة كظهور السؤال عنه في جوازه كذلك. وأما الاجماع - فلو سلم بنحو يصح الاعتماد عليه، ولم يعتد بخلاف من ذهب إلى الكراهة كالمحقق في المعتبر تبعا لابي الصلاح، وتبعهما عليه
____________ (* 1) الوسائل باب: 15 من ابوب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 15 من ابوب قواطع الصلاة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 15 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 7.
===============
( 532 )
[ بمعنى وضع إحدى اليدين على الاخرى على النحو الذي يصنعه غيرنا (1). ] جماعة - فلم يظهر انعقاده على المانعية كما يظهر من تمسك غير واحد بأن العبادات توقيفية، فان ذلك إنما يقتضى المنع التشريعي أيضا لاغير، وأما أنه من الفعل الكثير ففي نهاية المنع، إذ ليس هو إلا كوضعها على الفخذين في القيام والجلوس، أو على الركبتين في الركوع مما لا مجال لتوهم ذلك فيه، وكأن المستدل به أخذه مما ورد فيه من أنه عمل، لكن فيه ما أشرنا إليه من أن المراد منه أن عمل غير عبادي فلا يكون مأمورا به في الصلاة التي هي عبادة. وغاية ما يقتضي ذلك عدم جواز الاتيان به بقصد الامر، لانه تشريع، لا أنه فعل كثير ماح لصورة الصلاة. وأما أنه مقتضى قاعدة الاحتياط فهو ممنوع، إذ التحقيق الرجوع عند الشك في المانعية إلى قاعدة البراءة، ومن ذلك تعرف ضعف القول بالبطلان به - كما في المتن تبعا للمشهور - لعدم وفاء الادلة بأكثر من الحرمة التشريعية وهي لا تقتضي بطلان الصلاة إلا بالفعل بقصد الجزئية، أو بلزوم خلل في الامتثال لتقييد الامتثال به، وإلا لم يكن وجه للبطلان، ويشير إليه ما في الخبر المروي عن كتاب ابن جعفر (ع): " فان فعل فلا يعود له " كما تعرف ضعف القول بأنه حرام غير مبطل، كما عن المدارك، ورسالة صاحب المعالم حملا للنهي على الذاتي النفسي الذي قد عرفت أنه خلاف ظاهر النصوص، وقوله (ع): " فان فعل فلا يعود له " أعم من الحرمة النفسية والتشريعية. نعم لا يبعد البناء على الكراهة الذاتية لظاهر تعليل النهي في بعض النصوص بأن فيه تشبها بالمجوس فلاحظ. (1) كما عن الشيخ، وبني حمزة وادريس، وسعيد، والشهيدين، وغيرهم، وهو الذي يقتضيه إطلاق النصوص عدا صحيح ابن مسلم، فان
===============
( 533 )
[ إن كان عمدا لغير ضرورة. فلا بأس به سهوا (1) وإن كان الاحوط الاعادة معه أيضا، وكذا لا بأس به مع الضرورة (2) بل لو تركه حالها أشكلت الصحة (3) ] ظاهر اسم الاشارة فيه اختصاصه بوضع اليمنى على اليسرى كما هو ظاهر المحكي عن الفقيه، والمقنعة، والانتصار، والغنية، والنافع، والشرائع، وغيرها. اللهم إلا أن يكون المراد باسم الاشارة فيه نفس وضع اليد على الاخرى لا خصوص وضع اليمني على اليسرى، ولعله أولى من حمله على الخصوص وتقييد المطلقات به لان الظاهر تحقق التكفير لغة بكل منهما وليس للشارع تصرف فيه. ويشهد له خبر الدعائم حيث صرح فيه بأنه وضع كل من اليدين على الاخرى، وما في كلام اللغويين من أنه الخضوع للغير، أو الايماء له بالسجود، أو نحو ذلك. (1) بلا خلاف أجده فيه، بل ظاهر إرساله إرسال المسلمات من جماعة كونه من القطعيات. كذا في الجواهر، ويقتضيه عموم: " لا تعاد الصلاة " (* 1) بناء على عمومه للشرائط والموانع كالاجزاء، ومن ذلك يظهر الاشكال فيما في الجواهر من الاستشكال في وجه خروج صورة السهو، خصوصا على القول باجمال العبادة، وكأنه لاجل ذلك احتاط بالاعادة في المتن، وأما حديث رفع الخطأ والنسيان (* 2) فاثبات الصحة به لا يخلو من إشكال لانها تتوقف على وجوب الباقي وهو لا يصح لذلك. (2) إجماعا ظاهرا كما في الجواهر لعموم أدلة التقية. (3) قال في جامع المقاصد: " لو وجب فعله تقية فخالف ففي إبطال
____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 37 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. وباب: 30 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2 وباب 56 من ابواب جهاد النفس حديث: 1 و 2 و 3.
===============
( 534 )
[ وإن كانت أقوى (1) والاحوط عدم وضع إحدى اليدين على الاخرى بأي وجه كان (2).، ] الصلاة تردد، نظرا إلى وجوب التقية، والاتيان بالواجب أصالة ". (1) فان أدلة وجوب التقية إنما اقتضت وجود المصلحة فيها لا تقييد مصلحة الصلاة بها في ذلك، فإذا كانت مصلحة الصلاة على إطلاقها كان الاتيان بها بلا تكفير موافقة للامر بها فتصح. اللهم إلا أن يقال، مقتضى ما تضمن من النصوص: " أن التقية ديني ودين أبائي " (* 1) هو تقييد المصلحة الصلاتية. اللهم إلا أن يكون مذهب المخالفين الوجوب النفسي لا الغيري، لكن لو سلم ذلك فالاتيان بالصلاة بلا تكفير مخالف للتقية فيحرم فلا يصح التقرب به وليست مخالفة التقية مجرد ترك التكفير كي لا يكون تحريمه موجبا لفساد الصلاة، بل مخالفتها بفعل الصلاة خالية عن التكفير. (2) فعن غير واحد التصريح بعدم الفرق بين الوضع فوق السرة وتحتها وفي جامع المقاصد: " لافرق في التحريم والابطال بين وضع اليدين فوق السرة أو تحتها بحائل وبدونه لعموم الادلة، وكذا لافرق بين وضع الكف على الكف ووضعه على الذراع لتناول اسم التكفير له ". وفي الجواهر: " لا أجد فيه خلافا لاطلاق الادلة ". ولاجله يبنى على عدم الفرق بين وجود الحائل وعدمه، وبين وضع الكف على الكف والذراع والساعد، لكن عن التذكرة التأمل لاحتمال انصراف الادلة إلى غيره والاصل الاباحة. هذا ولا ينبغي التأمل في عدم الفرق بين الانواع كلها بناء على الحرمة التشريعية، أما بناء على الحرمة الذاتية أو أو المانعية فيتوقف على كونه تكفيرا يعمله المجوس، فإذا علم عدمه أو شك فيه فالرجوع إلى أصل البراءة متعين وكذلك الحال في الكراهة الذاتية بناء عليها، لكن الظاهر الصدق في الجميع.
____________ (* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حديث: 23.
===============
( 535 )
[ في أي حالة من حالات الصلاة وإن لم يكن متعارفا بينهم، لكن بشرط أن يكون بعنوان الخضوع والتأدب، وأما إذا كان لغرض آخر كالحك ونحوه فلا بأس به مطلقا (1) حتى على الوضع المتعارف الرابع: تعمد الالتفات (2) بتمام البدن إلى الخلف. ] ويشير إلى التعميم الاخير في الجملة خبر ابن جعفر المتقدم (* 1). وأما احتمال الانصراف المتقدم عن التذكرة فلا يعول عليه، إذ الظاهر أن منشأه الغلبة التي لا يعتد بها في سقوط الاطلاق. وكأنه للتأمل في ذلك توقف في الحكم في المتن فجعله أحوط. (1) كما صرح به بعض. وفي جامع المقاصد: " لو دعته حاجة إلى الوضع كدفع أذي ووضع يده لدفعه أمكن عدم التحريم للحاجة، ويحتمل أنه لا يعد تكفيرا لكن ظاهر الرواية يتناوله ". أقول: إطلاق الوضع في بعض النصوص منزل على التكفير كما يظهر من صحيح ابن مسلم المتقدم (* 2) والتكفير لابد فيه من قصد الخضوع، فينتفي بانتفائه. نعم لا يبعد ثبوت الكراهة للمشابهة - ولو مع عدم قصد الخضوع والتشبه - في حديث الاربعمائة عن علي (ع) (* 3) يراد منه مجرد المشابهة كما قد يظهر من غيره فتأمل (2) بلا إشكال فيه ولا خلاف في الجملة، وعن غير واحد دعوى الاجماع عليه، وإنما الخلاف في اعتبار كونه بتمام البدن وعدمه، وكونه إلى الخلف وعدمه، والنصوص فيه مختلفة، فمنها: مادل على قدحه مطلقا كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " سألته عن الرجل يلتفت في
____________ (* 1) راجع صفحة: 531. (* 2) راجع صفحة: 530. (* 3) راجع صفحة: 531.
===============
( 536 )
صلاته؟ قال (ع): لا، ولا ينقض أصابعه " (* 1). وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة " (* 2). ومنها: مادل على عدم قدحه مطلقا، كخبر عبد الملك: " سألت أبا عبد الله (ع): عن الالتفات في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال (ع): لا، وما أحب أن يفعل " (* 3). ومنها: ما يدل على قدحه إذا كان فاحشا، كمصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا " (* 4)، وفي حديث الاربعمائة عن علي عليه السلام: " الالتفات الفاحش يقطع الصلاة " (* 5). ومنها ما يدل على قدحه إذا كان بكله، كصحيح زرارة: " أنه سمع أبا جعفر (ع) يقول: الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله " (* 6). ومنها: ما يدل على قدحه إذا كان إلى خلفه كالمروي في محكي السرائر عن جامع البزنطي صاحب الرضا (ع): " عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال (ع): إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به، وإن كانت نافلة لا يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود " (* 7)، ونحوه خبر ابن جعفر (ع) (* 8)، وفي صحيحه:
____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من قواطع الصلاة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة حديث 2. (* 5) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 7. (* 6) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 3. (* 7) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 8. (* 8) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة ملحق حديث: 8.
===============
( 537 )
[ أو إلى اليمين، أو اليسار، بل وإلى ما بينهما على وجه يخرج عن الاستقبال (1) ] " عن الرجل يكون في صلاته فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شئ هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسه؟ قال (ع): إن كان في مقدم ثوبه أو جانبه فلا بأس، وإن كان في مؤخره فلا يلتفت فانه لا يصلح " (* 1). هذا، ولا ينبغي التأمل في وجوب حمل المطلقات نفيا وإثباتا على المقيدات، ولاجل أن المقيد الاول أعم مطلقا من كل الاخيرين يتعين حمله عليهما، ولاجل أن بين الاخيرين عموما من وجه يتعين الاخذ باطلاق كل منهما على ما هو المقرر في الجمع العرفي بين القضايا الشرطية التي يتحد جزاؤها ويتعدد شرطها: من أنه إذا كان بين الشرطين عموم مطلق يحمل العام على الخاص، مثل: إن كان زيد عالما فأكرمه وإن كان زيد عالما عادلا فأكرمه، وإن كان بينهما عموم من وجه يؤخذ باطلاق كل منهما مثل إن كان زيد عالما فأكرمه وإن كان زيد عادلا فأكرمه. والمتحصل من ذلك قادحية الالتفات بالكل مطلقا ولو كان إلى اليمين أو اليسار، وقادحية الالتفات إلى الخلف مطلقا ولو كان بوجهه لابكله، وعدم قدح الالتفات بالوجه إذا لم يكن بكله ولم يكن إلى خلفه وإن كان فاحشا كما هو الظاهر من صحيح ابن جعفر (ع). ومن ذلك كله تعرف صحة ما في المتن، كما تعرف الاشكال في ظاهر جملة من عبارات الاصحاب في مقام تحديد موضوع الابطال في المقام، ففي بعضها: أنه الالتفات إلى ما وراءه، وفي آخر: أنه الالتفات بحيث يرى من خلفه، وفي آخر: أنه الالتفات بكله، وفي آخر: غير ذلك. (1) ليتحقق مفهوم الالتفات الظاهر في الالتفات عن القبلة.
____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.
===============
( 538 )
[ وإن لم يصل إلى أحدهما، وإن لم يكن الالتفات حال القراءة أو الذكر (1)، بل الاقوى ذلك في الالتفات بالوجه إلى الخلف (2) مع فرض إمكانه، ولو بميل البدن على وجه لا يخرج عن الاستقبال (3). وأما الالتفات بالوجه يمينا ويسارا مع بقاء البدن مستقبلا فالاقوى كراهته (4) مع عدم ] (1) لاطلاق دليل البطلان به. نعم يحتمل اختصاص أدلة اعتبار الاستقبال في الصلاة بحال الذكر والقراءة وغيرهما من أفعالها، لان الصلاة عن أجزائها، فدليل اعتبار شئ فيها راجع إلى اعتباره في أجزائها لاغير ولاجل ذلك كان دليل قادحية الالتفات تأسيسا لا تأكيدا لدليل اعتبار الاستقبال في الصلاة. (2) كما عرفت أنه مقتضى إطلاق صحيح البزنطي وغيره. (3) يعني بالبدن، وإلا فالالتفات بالوجه وحده أيضا مناف للاستقبال المعتبر في الصلاة كما تقدم في فصل ما يستقبل له. (4) عدم البطلان به هو المشهور كما عن المقاصد العلية، ومجمع البرهان، والذخيرة، والحدائق. وعن المعتبر والتذكرة نسبة الخلاف إلى بعض الحنفية وعن جماعة نسبته إلى فخر المحققين، وعن الحدائق وغيرها أن الاصحاب متفقون على رده. ويقتضيه ما عرفت من الجمع بين النصوص، ولاجل ذلك يضعف القول بالبطلان كما نسب إلى الفخر والالفية، وعن المفاتيح والمدارك وغيرهما: الميل إليه، وعن كشف اللثام أنه الاقوى. واستدل له باطلاق مادل على اعتبار الاستقبال، ولاحتمال كونه من الالتفات الفاحش الممنوع في مصحح الحلبي وغيره، ولاطلاق مادل على قادحية الالتفات، وقلب الوجه عن القبلة، وصرفه عنها، ونحو ذلك.
===============
( 539 )
[ كونه فاحشا، وإن كان الاحوط اجتنابه أيضا خصوصا إذا كان طويلا (1)، وسيما إذا كان مقارنا لبعض أفعال الصلاة ] وفيه: أن الطلاق الدال على اعتبار الاستقبال في الصلاة قد عرفت اختصاصه بأفعالها، فلا يشمل الا كوان المتخللة بينها كما هو محل الكلام. واحتمال كونه من الفاحش - مع أنه ممنوع في بعض صوره وان كان مقطوعا به في البعض الآخر - أنه لايهم بعد ما عرفت من أن إطلاق الفاحش مقيد بالكل أو بالخلف الذي هو مقتضى الجمع العرفي، ومنه يظهر الاشكال في التمسك باطلاق قدح الالتفات الذي لاريب في لزوم تقييده بما عرفت. (1) فقد احتمل في الذخيرة الابطال به، كما احتمل أيضا - تبعا للاردبيلي - الابطال في الثاني، ثم قال في محكي كلامه: " ويحتمل الفرق بين مالا يمكن تداركه كالاركان، وغيره كالقراءة ". أقول: كأن وجه الاول: انصراف نصوص جواز الالتفات إلى غير الطويل فيرجع فيه إلى القواعد المقتضية للمنع، بناء على أن إطلاق أدلة اعتبار الاستقبال في الصلاة تقتضي اعتباره في جميع أكوانها. ووجه الثاني: ما تقدم احتماله من أن النصوص المتعرضة للالتفات - نافية إو مثبتة - إنما تتعرض له من حيث هو لا من حيث فوات الاستقبال المعتبر في الصلاة، لان ذلك إنما هو في أفعالها لا غير، فلا إطلاق لنصوص جواز الالتفات يقتضي جوازه في حال الافعال بحيث يقيد به دليل الشرطية، ووجه الثالث: أنه مع إمكان التدارك يتدارك الجزء فلا فوات بخلاف مالا يمكن تداركه. وفي الاول ما عرفت، ولاجله يتعين البناء على الثاني، وأما الثالث ففيه: أن التدارك إنما يصح مع السهو، إذ الجزء المأتي به مع الالتفات عمدا إن لم يكن صحيحا زيادة مبطلة.
===============
( 540 )
[ خصوصا الاركان سيما تكبيرة الاحرام (1)، وأما إذا كان فاحشا ففيه إشكال (2) ] (1) كأن وجه التخصيص بها انصراف أدلة جواز الالتفات بالوجه إلى اليمين واليسار عن الالتفات حال التكبير، لان موضوعها الالتفات في الصلاة الظاهر في الالتفات بعد انعقادها الذي يكون بتكبيرة الاحرام فيرجع في الالتفات فيها إلى عموم المنع. وفيه: أنه مبني على شمول نصوص الالتفات للالتفات حال الجزء، وقد عرفت إشكاله، فلا فرق بين الالتفات في التكبيرة والالتفات في غيرها من الافعال في اقتضاء المنع. (2) ينشأ من احتمال كونه موضوعا ثالثا للمانعية. لكن عرفت أنه أخص مطلقا من غيره فيحمل عليه، ولو شك في عمومه مطلقا بالاضافة إلى الالتفات بالكل فلاشك في عمومه كذلك بالاضافة إلى الالتفات إلى الخلف وهو كاف في سقوطه عن الحجية ولزوم حمله عليه فان قلت: من المحتمل قويا أنه مع تعدد الشرط تسقط أداة الشرط عن الدلالة على المفهوم، ويكون مفادها ثبوت الحكم للشرط لاغير، وحينئذ لا تنافي بين العام والخاص كي يحمل أحدهما على الآخر. قلت: هذا لو سلم ففي غير العام والخاص، أما فيهما فالجمع يكون بالتقييد، ولا ينافي ذلك ابتلاء الخاص بخاص آخر معارض له موجب لسقوط مفهومه، فان سقوط مفهومه بالاضافة إلى المفاهيم المباينة له لا يلازم سقوطه بلحاظ ما هو أعم، فان العرف في مثله يساعد على كون القيد واردا في مقام تحديد الموضوع فيقيد به المطلق، وملاحظة النظائر والامثال كافية في إثبات ذلك. هذا مضافا إلى صحيح ابن جعفر (ع) المتقدم (* 1) المتضمن لجواز النظر إلى جانب ثوبه الذي هو من الالتفات الفاحش، فلاحظ.
____________ (* 1) راجع صفحة: 537.
===============
( 541 )
[ فلا يترك الاحتياط حينئذ وكذا تبطل مع الالتفات سهوا (1) ] (1) كما هو المحكي عن جماعة من القدماء، وفي كشف اللثام: أنه الاقوى لاطلاق أدلة القاطعية، وأما حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1) فلاشتماله على استثناء القبلة فيه يكون معاضدا له لا حاكما عليه، ومثله في المعاضدة ما ورد في من سلم على نقص: من " أنه يتم ما لم يحول وجهه عن القبلة " (* 2) بعد حمله على الالتفات القادح إما بكله أو إلى خلفه، وما في بعض النصوص من " أنه يتم " (* 3) محمول عليه. نعم في بعضها: " أنه يتم وإن بلغ الصين " (* 4)، أو " انتقل من مثل الكوفة إلى مكة "، أو " المدينة "، أو " البصرة "، أو " بلدة من البلدان "، أو نحو ذلك (* 5). وهو مطروح قطعا، ومن ذلك يظهر ضعف المحكي عن أكثر الاصحاب من القول بالصحة، ونسب إلى المبسوط، والجمل، والنهاية، والمراسم، والسرائر، والنافع، والشرائع، والقواعد، والمنتهى، وغيرها من كتب القدماء والمتأخرين للاصل، وحديث الرفع (* 6)، ولاطلاق بعض ما ورد فيمن سلم على نقص من أنه يتم، الذي قد عرفت وجوب حمله على صورة عدم حدوث المبطل جمعا. أما الاصل فلا مجال له مع الدليل، وأما حديث الرفع فلا يصلح لاثبات صحة المأتي به كما أشرنا إليه في المسألة السابقة، ولذا قال في كشف اللثام: " وأما العدم سهوا فللاصل، ورفع النسيان، وضعفهما ظاهر".
____________ (* 1) تقدم في المورد الثالث من مبطلاة الصلاة. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في حديث: 20. (* 5) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 19. (* 6) تقدم في المورد الثالث من مبطلات الصلاة.
===============
( 542 )
[ فيما كان عمده مبطلا، إلا إذا لم يصل إلى حد اليمين واليسار، بل كان فيما بينهما فانه غير مبطل إذا كان سهوا وإن كان بكل البدن (1). الخامس: تعمد الكلام بحرفين (2) ولو مهملين غير ] (1) لما دل على صحة صلاة الناسي إذا كان منحرفا عن القبلة بالمقدار المذكور (* 1)، كما تقدم في مبحث الاستقبال، فيلحق به المقام للاولوية. وبالجملة: كل مادل على صحة الصلاة إلى غير القبلة ناسيا جاز في المقام للاولوية حتى بالنسبة إلى الصحة في خارج الوقت فقط. (2) إجماعا حكاه جماعة كثيرة كالشيخ، وابن زهرة، والفاضلين، والشهيدين، والمحقق الاردبيلي، والسيد في المدارك، والمحدث الكاشاني، والفاضل الهندي، وغيرهم، ويشهد له جملة من النصوص، كموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: " أن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة " (* 2)، وفي صحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع) فيمن يأخذه الرعاف: " وان تكلم فليعد صلاته " (* 3) وفي مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يصيبه الرعاف قال: إن لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أن يتكلم فقد قطع صلاته " (* 4)، وفي صحيح الفضيل عن أبي جعفر (ع): " وابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا، وإن تكلمت ناسيا فلا شئ عليك " (* 5)... إلى غير ذلك.
____________ (* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب القبلة. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 7 وباب: 2 حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 6 وباب: 2 حديث: 6.. (* 5) الوسائل باب: 25 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 5.
===============
( 543 )
[ مفهمين للمعنى (1) أو بحرف واحد بشرط كونه مفهما للمعنى (2) ] (1) بلا خلاف كما عن الذخيرة، وعن شرح المفاتيح نسبته إلى الفقهاء بل عن الحدائق الاجماع عليه. ويقتضيه إطلاق النصوص لعموم الكلام للموضوع والمهمل كما عن شمس العلوم، وشرح الكافية لنجم الائمة، وجماعة من النحويين. بل لا ينبغي التأمل في صدقه عرفا بذلك، وما عن الروضة من قوله: " وفي اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى وجهان " الظاهر في توقفه في ذلك غير ظاهر. (2) كماعن الشهيد وجماعة ممن تأخر عنه، وعن المنتهى أنه الوجه، وفي الحدائق، " ظاهر الاصحاب دعوى صدق الكلام عليه لغة وعرفا، بل هو كلام عند أهل العربية فضلا عن اللغة لتضمنه الاسناد المفيد فيدخل في عموم الاخبار المتقدمة ". أقول، صدق الكلام لغة عليه غير ظاهر، وإن قيل أنه في أصل اللغة يطلق على كل حرف من حروف المعجم كان أو من حروف المعنى أو على أكثر، لكنه اشتهر في المركب من حرفين فصاعدا كما صرح به نجم الائمة (رحمه الله)، وكذا الحال في العرف. وقولهم، تكلم زيد بحرف، أو ما تكلم بحرف مبني على المساهلة، ولذا لا يقال لمن قال: (ب) أنه تكلم كما أشار إلى ذلك في محكي المدارك، وأما أنه كلام عند أهل العربية فهو مسلم لكنه لا يصحح حمل الكلام الصادر من الشارع في مقام البيان عليه نظير إطلاق الكلمة على حرف المعنى مع أنها ليست كذلك عرفا، ولاجل ذلك يشكل الجزم بالبطلان به ولذا تردد فيه في القواعد، وعن التذكرة، والنهاية، والدروس، وغيرها. لكن علل في بعضها بإنه لا يعد كلاما لكنه أشبه الكلام، وللاعراض به عن الصلاة، وفيه مالا يخفى.
===============
( 544 )
[ نحو: " ق " فعل أمر من " وقى " بشرط أن يكون عالما بمعناه (1) وقاصدا له (2) بل أو غير قاصد أيضا مع التفاته إلى معناه على الاحوط (3). (مسألة 1): لو تكلم بحرفين حصل ثانيهما من إشباع حركة الاول بطلت (4) بخلاف مالو لم يصل الاشباع (5) إلى حد حصول حرف آخر. (مسألة 2): إذا تكلم بحرفين من غير تركيب (6) ] ودعوى كون الكلام إسما لما تركب من حرفين، أو كان مفهما ولو كان حرفا واحدا، عهدتها على مدعيها. (1) إذ الظاهر من المفهم ما يكون مفهما لمراد المتكلم، ولولا ذلك كان من غير المفهم، ولم يكن فرق بينه وبين (ق) من (قيام) (2) يعني: قصدا جديا بأن قصد به الامر بالوقاية. (3) لاحتمال كون المراد من المفهم ما أفهم معناه بأن يقصد استعماله في معناه وإن لم يقصد منه الاخبار أو الانشاء. (4) كما استظهره في الجواهر، إذ لا ينقص عن الكلمة المركبة وضعا منهما، من غير فرق بين ما كان بمده أشبه الكلمة الموضوعة ك (با) و (تا) و (ثا) علما للحروف، وبين ما لا يكون كذلك ك (عا) و (كا)، لما تقدم من عدم الفرق بين الموضوع والمهمل، وعن الروض اعتبار ذلك، وقد تقدم نظيره عن الروضة وعرفت إشكاله. (5) فانه غير مبطل إجماعا كما عن المنتهى، والذكرى، والروض، والمقاصد العلية، وظاهر المدارك، والكفاية. (6) الظاهر أن مراده عدم قصد التركيب. لكن الظاهر تحقق التركيب.
===============
( 545 )
[ كأن يقول: " ب ب " - مثلا - ففي كونه مبطلا أو لا وجهان والاحوط الاول. (مسألة 3): إذا تكلم بحرف واحد غير مفهم للمعنى لكن وصله باحدى كلمات القراءة أو الاذكار أبطل من حيث إفساد (1) تلك الكلمة إذا خرجت تلك الكلمة عن حقيقتها. (مسألة 4): لا تبطل بمد حرف المد واللين وإن زاد فيه بمقدار حرف آخر، فانه محسوب حرفا واحدا (2). (مسألة 5): الظاهر عدم البطلان بحروف المعاني (3) مثل " ل " حيث أنه لمعني التعليل أو التمليك أو نحوهما، وكذا مثل ] بوصل أحد الحرفين بالآخر على نحو يكون كلاما واحدا، سواء أقصد المتكلم التركيب أم لم يقصد، وحينئذ فالاقوى البطلان، نعم في مفروض المتن - أعني صورة عدم التركيب - الاقوى الصحة لعدم البطلان بالحرف الواحد. (1) فإذا فسدت أبطلت إذا كانت عمدا لحصول الزيادة العمدية، وللكلام عمدا. (2) لان المد - كما قيل - ليس بحرف ولا حركة، وإنما هو زيادة في مد الحرف والنفس. (3) كما جزم في الجواهر، لعدم الفهم منها وضعا. وفيه: أنها موضوعة كالاسماء لمعانيها غاية الامر أن معانيها غير مستقلة فلا تفيدها إلا في ظرف الانضمام إلى أجزاء الجملة، فالمراد من الحرف المفهم إن كان خصوص المفهم مستقلا لم تكن الحروف المذكورة منه، وإن أريد ماله معنى يفيده ولو في حال الانضمام إلى أجزاء الجملة كانت منه. والعمدة ملاحظة الاصل الجاري في المقام، فان كان خروج غير المفهم للاجماع
===============
( 546 )
[ " و " حيث يفيد معنى العطف أو القسم، ومثل " ب " فانه حرف جر وله معان، وإن كان الاحوط البطلان مع قصد هذه المعاني، وفرق واضح بينها (1) وبين حروف المباني. (مسألة 6): لا تبطل بصوت التنحنح (2)، ولا بصوت النفخ (3) ] - كما اختاره في الجواهر - فغير ظاهر الشمول لهذه الحروف فيتعين البناء على البطلان. (1) لوضع هذه الحروف لمعنى، ولذا كانت من أنواع الكلمة المنقسمة إلى اسم وفعل وحرف، بخلاف حروف المباني. (2) كماعن التذكرة، والذكرى، والروض، ومجمع البرهان، والمدارك والكفاية والمفاتيح، وشرحه، وغيرها، لانه ليس من جنس الكلام. بل لاتبعد دعوى السيرة القطعية على جوازه. ويشهد له موثق عمار: " سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته وأهله، لتأتيه، فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو، قال (ع): لا بأس " (* 1)، والسؤال وإن لم يكن لاحتمال مبطلية التنحنح فقط، بل لاحتمال مبطلية الافعال المذكورة جميعها لكن بنفي البأس عنها يدل على المطلوب، وأما ما عن المنتهى وغيره من أنه لو تنحنح بحرفين وسمي كلاما بطلت، فليس تفصيلا منه، بل مجرد فرض. (3) الكلام فيه كما في سابقه، ويشهد لعدم البطلان خبر إسحاق عن رجل: " سألت أبا عبد الله (ع) عن المكان يكون فيه الغبار فانفخه إذا
____________ (* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.
===============
( 547 )
[ والانين (1) والتأوه (2) ونحوها. نعم تبطل بحكاية أسماء ] أردت السجود، فقال (ع): لا بأس " (* 1)، ولا يبعد أن يكون السؤال فيه لاحتمال كون النفخ فعلا قادحا لا كلاما. (1) أما إذا كان بحرف واحد فلا إشكال في عدم البطلان به وإن نص جماعة على كراهته. أما إذا كان بحرفين، فعن الخلاف، والوسيلة، والتذكرة، والدروس، والذكرى، وغيرها: أنه لا يجوز، لانه يصدق عليه الكلام. وفيه: أن الانين ليس من سنخ الكلام كي يكون تارة: بالحرف، وأخرى، بالحرفين إذ لا تقطيع للصوت فيه. نعم قد يكون مشابها تارة: للحرف الواحد، وأخرى: للحرفين، لكن ذلك المقدار غير كاف في إجراء حكم التلفظ بالحرفين عليه. وأما خبر طلحة ابن زيد عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) عن علي (ع): " من أن في صلاته فقد تكلم " (* 2)، ومثله المرسل المروي في الفقيه (* 3) فمع عدم وضوح سنده وهجره عند الاصحاب لا مجال للاعتماد عليه، وإن جعله الاجود في الحدائق فيكون الانين من جملة القواطع زائدا على الكلام، ويكون المراد من الخبر التنزيل منزلة الكلام. (2) الكلام فيه هو الكلام في الانين من أنه لا إشكال في عدم البطلان به إذا كان بحرف واحد. نعم صرح جماعة بكراهته. أما إذا كان بحرفين فقد صرح في غير واحد من الكتب منها التحرير والبيان بالبطلان به، والمراد به هنا الصوت الخاص الذي هو من قبيل الانين، ولذا فرق بعضهم بينهما باختصاص الانين بالمرض، وعموم التأوه لمطلق الشكاية فالحكم
____________ (1) الوسائل باب: 7 من ابواب السجود حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2.
===============
( 548 )
[ هذه الاصوات مثل: " إح " و " يف " و " أوه ". (مسألة 7): إذا قال: " آه من ذنوبي ": " آه من نار جهنم " لا تبطل الصلاة قطعا إذا كان في ضمن دعاء أو مناجاة (1)، وأما إذا قال: " آه " من غير ذلك المتعلق فان قدره فكذلك (2)، وإلا فالاحوط اجتنابه وإن كان الاقوى عدم البطلان إذا كان في مقام الخوف من الله ]. فيه وهو الحكم فيه لانه ليس من سنخ الكلام. لكن قال في القاموس: " (أوه) كجير، وحيث، وأين و (آه) و (أوه) بكسر الهاء والواو والمشددة، و (أو) بخذف الهاء و (أوه) بفتح الواو المشددة... " إلى أن قال بعد تعداد كلمات التأوه: " (آه أوها)، (وأوه تأويها) و (تأوه) قالها " وقريب منه ما عن الصحاح، وفي المجمع، لكن الظاهر أنه ليس محلا للكلام هنا، فانه لاريب في كونه كلاما مبطلا، ومثله ما ذكره في المتن في ذيل المسألة. (1) لكونه من جملة أجزائه. (2) هذا إذا كانت في ضمن الدعاء أو المناجاة ظاهر لانها أيضا معدودة من جملة أجزائهما، أما إذا كانت منفردة فالتقدير لا يجدي في إدخالها في الدعاء أو المناجاة وليست هي ذكرا. فإذا مقتضى عموم قادحية الكلام البطلان بها، ولذلك استشكل غير واحد على المحقق في المعتبر حيث حكى عن أبي حنيفة أن التأوه للخوف من الله تعالى عند ذكر المخوفات لا يبطل الصلاة وان كان بحرفين، ويبطلها إن كان لغير ذلك كألم يجده. ثم قال: " وتفصيل أبي حنيفة حسن، ونقل عن كثير من الصلحاء التأوه في الصلاة، ووصف إبراهيم (ع) بذلك يؤذن بجوازه ".
===============
( 549 )
[ مسألة 8): لافرق في البطلان بالتكلم (1) بين أن يكون هناك مخاطب أم لا. وكذا لافرق بين أن يكون مضطرا في التكلم أو مختارا. نعم التكلم سهوا ليس مبطلا (2) ] والتحقيق، أنه لافرق بين ذكرها في ضمن دعاء أو مناجاة وعدمه وبين كونه المتعلق بها مثل: " من ذنوبي " أو " من ألمي " وغير ذلك من أمور الدنيا والآخرة، وبين التصريح بالمتعلق وتقديره وعدمهما، والحكم في الجميع أنه إن صدرت في مقام الشكاية إلى الله تعالى لم تبطل وإن كانت من أمر دنيوي، وإن لم تكن كذلك أبطلت وإن كانت في ضمن دعاء أو مناجاة. نعم كونها في ضمن أحدهما قرينة على صدورها في مقام الشكاية إليه تعالى، والمدار في الصحة عليه لاعلى القرينة. (1) للاطلاق فيه وفيما بعده، واحتمال التمسك بحديث رفع الاضطرار (* 1) لرفع قاطعيته لو كان عن الاضطرار - كما احتمله في الذكرى فيما لو تكلم مكرها - قد عرفت الاشكال فيه، وأن الحديث لا يصلح لاثبات صحة الصلاة معه، وفي المنتهى قرب البطلان في المكره حملا لحديث الرفع على رفع المؤاخذة. (2) بلا خلاف ظاهر، وفي المنتهى: " عليه علماؤنا "، ويشهد له النصوص كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم فقال (ع): يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا شئ عليه " (* 2)، وصحيح ابن الحجاج: " عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم قال) ع): يتم صلاته ثم يسجد سجدتين... " (* 3)
____________ (* 1) تقدم في المورد الثالث من مبطلات الصلاة. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1.
===============
( 550 )
[ ولو بتخيل الفراغ من الصلاة (1). (مسألة 9): لا بأس بالذكر والدعاء في جميع أحوال الصلاة (2) بغير المحرم وكذا بقراءة القرآن (3) ] ونحوهما غيرهما. (1) على المشهور، ويشهد له النصوص الكثيرة منها صحيح زرارة المتقدم، وعن الشيخ وجماعة البطلان حينئذ، وسيأتي الكلام فيه في مبحث الخلل. (2) بلا خلاف ولا إشكال، ويشهد به - مضافا إلى الاصل بعد عدم دخولهما في الكلام المنهي عنه - النصوص مثل موثق عمار: " عن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أيجوز لهما أن يقولا سبحان الله؟ قال (ع): نعم، ويوميان إلى ما يريدان " (* 1) وصحيح ابن مهزيار: " سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي به ربه قال (ع) نعم " (* 2) وصحيح الحلبي: " قال أبو عبد الله (ع): كلما ذكرت الله عزوجل والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة " (* 3)، ونحوها غيرها. (3) بلا خلاف ولا إشكال ظاهر، بل في المستند: " الظاهر الاجماع عليه "، وقد يشهد له - مضافا إلى الاصل المتقدم - صحيح معاوية بن وهب (* 4) المتضمن لقراءة أمير المؤمنين (ع) في الركعة الثانية من الصبح قوله تعالي: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) (* 5)
____________ (* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 13 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 34 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 5) الروم: 60.
===============
( 551 )
[ غير ما يوجب السجود (1) وأما الدعاء بالمحرم كالدعاء على مؤمن ظلما فلا يجوز (2) بل هو مبطل للصلاة وان كان جاهلا (3) بحرمته. نعم لا يبطل مع الجهل بالموضوع كما إذا اعتقده كافرا فدعا عليه فبان أنه مسلم. (مسألة 10): لا بأس بالذكر والدعاء بغير العربي (4) إيضا وان كان الاحوط العربية. (مسألة 11): يعتبر في القرآن قصد القرآنية (5) فلو قرأ ما هو مشترك بين القرآن وغيره لا بقصد القرآنية ولم يكن ] في جواب ابن الكواحين قرأ: (ولقد أوحي اليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) (* 1)، وقد يستفاد مما ورد في النهي عن القراءة في الركوع أوفيه وفي السجود (* 2). (1) على ما سبق في قراءة العزائم في الفريضة. (2) تقدم في القنوت الاشكال في تحريم الدعاء بالمحرم كالاشكال في البطلان به، كما تقدم وجه تحريم الدعاء على المؤمن ظلما. فراجع. (3) كما في الجواهر حاكيا له عن المسالك، إذ بالجهل بحرمة المدعو به لا يخرج الدعاء عن كونه دعاء بالمحرم فيشمله الدليل المتقدم. نعم إذا كان الجهل عن قصور كما إذا أدى اجتهاده إلى حليته فحكمه كالجهل بالموضوع في المعذورية الموجبة لدخوله في عموم عدم قادحية الدعاء، فتأمل. (4) كما تقدم في القنوت. فراجع. (5) تقدم في القراءة اعتبار القصد في صدق قراءة القرآن من دون
____________ (* 1) الزمر: 65. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب الركوع.
===============
( 552 )
[ دعاء أيضا أبطل، بل الآية المختصة بالقرآن أيضا إذا قصد بها غير القرآن أبطلت، وكذا لو لم يعلم أنها قرآن. (مسألة 12): إذا أتى بالذكر بقصد تنبيه الغير والدلالة على أمر من الامور فان قصد به الذكر وقصد التنبيه برفع الصوت مثلا فلا إشكال بالصحة (1) وإن قصد به التنبيه من دون قصد الذكر أصلا بأن استعمله في التنبيه والدلالة فلا إشكال في كونه مبطلا (2) وكذا إن قصد الامرين معا على أن يكون له مدلولان واستعمله فيهما (3) وأما إذا قصد به الذكر وكان داعيه على الاتيان بالذكر تنبيه الغير فالاقوى الصحة (4). (مسألة 13): لا بأس بالدعاء مع مخاطبة الغير (5) بأن يقول: " غفر الله لك " فهو مثل قوله " اللهم اغفر لي أو لفلان ". ] فرق بين المختص والمشترك، فلا تصدق قراءة القرآن عدم قصد القرآنية فضلا عن قصد غيرها. (1) لكونه المتيقن من النصوص. (2) لدخوله في الكلام وعدم شمول استثناء الذكر له. (3) لا يبعد القول بعدم البطلان به لصدق الذكر عليه، لا أقل من ز الشك في شمول إطلاق مانعية الكلام لمثله. (4) الظاهر أن هذه الصورة كالصورة الاولى في وضوح دخولها في نصوص استثناء الذكر. (5) موضوع نصوص الاستثناء خصوص صورة الكلام معه سبحانه
===============
( 553 )
[ (مسألة 14): لا بأس بتكرار الذكر أو القراءة عمدا (1) أو من باب الاحتياط. نعم إذا كان التكرار من باب الوسوسة فلا يجوز، بل لا يبعد بطلان الصلاة به (2). (مسألة 15): لا يجوز ابتداء السلام (3) للمصلي، وكذا سائر التحيات مثل: " صبحك الله بالخير " أو " مساك الله بالخير " أو " في أمان الله " أو " أدخلوها بسلام " إذا قصد مجرد التحية وأما إذا قصد الدعاء بالسلامة أو الاصباح والامساء بالخير ونحو ذلك فلا بأس به (4) وكذا إذا قصد القرآنية من نحو قوله: " سلام عليكم " أو: " أدخلوها بسلام " وإن كان الغرض منه السلام أو بيان المطلب بأن يكون من باب الداعي على الدعاء (5) أو قراءة القرآن. ] مناجاته فلا يشمل مثل ذلك. (1) لكن يشكل جواز الاتيان به بقصد الجزئية، وما في النصوص من أن الذكر من الصلاة فالظاهر منه ما هو أعم من ذلك. (2) قد عرفت الاشكال فيه في الدعاء المحرم. (3) بلا إشكال ظاهر لان التحية عرفا ليست من الدعاء وإن كان أصل معناها الدعاء، لكنه غير مقصود للمحيي فتكون من كلام الآدميين المبطل للصلاة لو وقع عمدا. مع أنك عرفت الاشكال في الدعاء إذا لم يكن المخاطب به الله سبحانه. (4) لكن عرفت أنه إذا قصد به مخاطبة الغير يشكل دخوله في المستثنى من الدعاء. (5) فعليه تكون التحية وبيان المطلب بالعفل لا بالقول، لكن تقدم
===============
( 554 )
[ (مسألة 16): يجوز رد سلام التحية (1) في أثناء الصلاة بل يجب (2) وإن لم يكن السلام أو الجواب بالصيغة ] في المسألة الثامنة من فصل مستحبات القراءة إمكان الجمع بين قراءة القرآن وإنشاء التحية بمثل: " سلام عليكم " و " ادخلوها " بأن يكون اللفظ مستعملا في نفس ألفاظ القرآن وإن كان المنشأ بها الدعاء، أو التحية، أو الاذن بالدخول، أو غير ذلك. (1) بلا خلاف كما عن غير واحد، بل إجماعا كما عن آخرين، وفي الجواهر: " الاجماع بقسميه عليه، والنصوص مستفيضة فيه إن لم تكن متواترة ". وسيأتي جملة منها. نعم في خبر مسعدة (* 1) النهي عن السلام على المصلي معللا بأنه لا يستطيع أن يرد السلام، لكن لا مجال للعمل به في مقابل ما عرفت. (2) كما هو المذكور في معقد الاجماعات الصريحة أو الظاهرة في كلمات المتأخرين. نعم كلمات القدماء وكثير من غيرهم خالية عنه، وفي كشف اللثام: " لم يتعرض غيره - يعني غير المصنف - للوجوب "، وعن التذكرة: " ظاهر الاصحاب مجرد الجواز ". وعن التنقيح: " الاكثر على أنه - إي الرد - جائز وليس في عباراتهم ما يشعر بالوجوب ". ولكن الظاهر - كما في الذكري، وعن النفلية، والفوائد الملية - أنهم أرادوا شرعيته في مقابل من أنكرها من العامة، ويبقى الوجوب معلوما من القواعد، وعن المسالك: أن كل من قال بالجواز قال بالوجوب، وعن مجمع البرهان: " كأنه على تقدير الجواز يجب كما يفهم من عباراتهم وأدلتهم كالآية ونحوها " نعم في المعتبر - بعد ذكر الروايات المتضمنة لرد السلام في الصلاة - قال: " وهذه الروايات محمولة على الجواز لعدم الرجحان ". وظاهره أن عدم
____________ (* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1.
===============
( 555 )
[ القرآنية. ولو عصى ولم يرد الجواب واشتغل بالصلاة قبل فوات وقت الرد (1) لم تبطل على الاقوى (2). (مسألة 17): يجب أن يكون الرد في أثناء الصلاة بمثل ما سلم (3) فلو قال: " سلام عليكم " يجب أن يقول في ] الرجحان مفروغ عنه فضلا عن عدم الوجوب، ولكنه غير ظاهر، فانه خلاف إطلاق مادل على وجوب رد السلام الشامل للصلاة كما ذكره هو (قده) في صدر كلامه. (1) يعني: اشتغل إلى أن فات الرد. (2) كما صرح به جماعة منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد، وعن المختلف وغيره: " لو اشتغل بالقراءة عقيب التسليم عليه بطلت صلاته، لانه فعل منهي عنه ". لكن النهى للمضادة، والتحقيق عدم اقتضاء الامر بالشئ النهي عن ضده. قال في الذكري: " وبالغ بعض الاصحاب في ذلك، فقال تبطل الصلاة لو اشتغل بالاذكار، ولما يرد السلام. هو من مشرب اجتماع الامر والنهي في الصلاة كما سبق، والاصح عدم الابطال بترك رده ". (3) كما لعله المشهور، بل لعله ظاهر معقد إجماع محكي الانتصار والخلاف وغيرها، ويشهد له مصحح ابن مسلم: " دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وهو في الصلاة فقلت: السلام عليك. فقال (ع): السلام عليك. فقلت: كيف أصبحت؟ فسكت، فلما انصرف قلت: أيرد السلام وهو في في الصلاة؟ قال (ع): نعم مثل ما قيل له " (* 1) وصحيح منصور عن أبي عبد الله (ع): " إذا سلم عليك الرجل وأنت تصلي، قال
____________ الوسائل باب: 16 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1.
===============
( 556 )
عليه السلام: ترد عليه خفيا كما قال " (* 1). نعم يعارضها موثق سماعة عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن الرجل يسلم عليه وهوفي الصلاة، قال (ع): يرد سلام عليكم ولا يقول: وعليكم السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قائما يصلي فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه عمار فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله هكذا " (* 2)، وصحيح ابن مسلم الآخر عن أبي جعفر (ع): " إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه تقول: السلام عليك وأشر باصبعك " (* 3) ونحوه خبر ابن جعفر (ع) المروي عن قرب الاسناد (* 4). فان ظاهر الاول تعين الجواب مطلقا ب " سلام عليكم " كما أن ظاهر الاخيرين تعينه ب " السلام عليك " لكن الجمع العرفي بينها بتقييد كل منهما بصورة المماثلة كما هو الغالب، إذا بذلك يرتفع التنافي فيما بينها نفسها، وفيما بينها وبين الصحيحين الاولين لا بحملمها على التخيير. ثم حمل المماثل على إحدى الصيغتين لانهما الغالب. فانه خلاف الظاهر جدا، ولا سيما وأن فيه تصرفا في كل من الطوائف الثلاث، وعليه فمقتضى إطلاق المماثلة المماثلة التامة في الافراد والجمع، والتعريف، والتنكير. نعم قد يوهن هذا الاطلاق ما في الذكرى قال: " روى البزنطي في سياق أحاديث الباقر (ع): إذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم، وإذا سلم عليك فاردد فاني أفعله، وإن عمار بن ياسر (رحمه الله) مر على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي فقال: السلام عليك يارسول الله ورحمة الله وبركاته فرد صلى الله عليه وآله عليه السلام " (* 5) فان المستفاد منها - بعد
____________ (* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 16 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 16 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 3.
===============
( 557 )
[ الجواب: " سلام عليكم " - مثلا - بل الاحوط المماثلة في التعريف والتنكير والافراد والجمع فلا يقول: " سلام عليكم " في جواب " السلام عليكم " أوفي جواب " سلام عليك " - مثلا - وبالعكس وإن كان لا يخلو من منع. نعم لو قصد القرآنية في الجواب فلا بأس بعدم المماثلة (1). (مسألة 18): لو قال المسلم: " عليكم السلام " فالاحوط في الجواب (2) أن يقول: " سلام عليكم "، بقصد القرآنية أو بقصد الدعاء. ] ضمها إلى موثق سماعة المتقدم مع البناء على كون القضية المحكية فيهما واحدة كما قد يقتضيه ظاهر هما -: أن سلام عمار كان بما في رواية البزنطي، وجواب النبي صلى الله عليه وآله كان بما في موثق سماعة، وعليه فالمراد من المماثلة المماثلة في تقديم السلام على الخبر فيكون السلام عليك، وسلام عليك، والسلام عيلكم، وسلام عليكم كلها متماثلة، ويومئ إليه ما في الموثق من الاقتصار في المنع على عليكم السلام دون الصيغ الثلاث. اللهم إلا أن يمنع ظهور الروايتين في وحدة الواقعة والايماء في الموثق ليس بنحو يصلح قرينة لرفع اليد عن إطلاق المماثلة، ولا سيما مع عدم تعرض الموثق للمنع عن بقية الصيغ التي قدم فيها الخبر أيضا، ولعل الوجه في الاقتصار على الصيغة المذكورة فيه كونها الفرد الشائع المتعارف، ولاجل ذلك يشكل رفع اليد عن إطلاق المماثلة، ومما ذكرنا تعرف الوجه فيما ذكره المصنف (رحمه الله) من الاحتياط ومن وجه المنع. (1) لانصراف أدلة اعتبار المماثلة إلى غير ذلك. (2) قال في محكي التذكرة: " لو قال: عليك السلام، لم يكن
===============
( 558 )
[ (مسألة 19): لو سلم بالملحون وجب الجواب صحيحا (1) ] مسلما إنما هي صيغة جواب "، وعن الحدائق: عدم وجوب الرد إذا كان بغير الصيغ الاربع، وقريب منهما كلام غيرهما، للاصل بعد تنزيل أدلة الوجوب على المتعارف، وفي النبوي العامي: أنه صلى الله عليه وآله قال لمن قال له: عليك السلام يارسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تقل عليك السلام تحية الموتى، إذا سلمت فقل: سلام عليك يقول الراد: عليك السلام " (* 1). وفيه: أن التعارف لا يسقط المطلق عن الحجية فلا مجال للاصل، ولا سيما وفي خبر عمار: " عن النساء كيف يسلمن إذا دخلن على القوم؟ قال (ع): المرأة تقول: عليكم السلام، والرجل يقول السلام عليكم " (* 2) والنبوي ضعيف السند والدلالة، وعليه يتعين الجواب ب " عليكم السلام " لانه المماثل، والنهي عنه في موثق سماعة المتقدم (* 3) لا ينافيه لما عرفت من أن مورده صورة الابتداء ب " سلام عليكم " كما هو الغالب فلا يشمل الصورة المذكورة. ومما ذكرنا تعرف أن ما في المتن من كون الاحوط أن يقول: " سلام عليكم " بقصد القرآنية أو الدعاء إنما هو بلحاظ صحة الصلاة، أما بلحاظ وجوب الرد فغير ظاهر، لكونه أدنى، وظاهر الآية تعين المثل أو الاحسن. هذا مضافا إلى الاشكال في جواز الدعاء إذا كان المخاطب غيره سبحانه كما سبق. نعم بناء على جواز حكاية مفردات القرآن في أثناء الصلاة - كما هو الظاهر - يمكن تأليف " عليكم السلام " بقصد حكاية مفردين من سورتين بقصد التحية فيكون الاحتياط من الجهتين. (1) أما وجوب الجواب فلعموم وجوب الرد، وانصرافه عن الملحون
____________ (* 1) راجع الجواهر ج: 11 صفحة: 104 طبع النجف الحديث، والحدائق ج: 9 صفحة: 72. (* 2) الوسائل باب: 39 من ابواب احكام العشرة حديث: 3. (* 3) راجع صفحة: 556.
===============
( 559 )
[ والاحوط قصد (1) الدعاء أو القرآن. (مسألة 20): لو كان المسلم صبيا مميزا أو نحوه أو امرأة أجنبية أو رجلا أجنبيا على امرأة تصلي فلا يبعد بل الاقوى جواز الرد (2) بعنوان رد التحية، لكن الاحوط قصد القرآن أو الدعاء. ] ليس بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق، والتشكيك في صدق التحية عليه - كما في المستند - في غير محله، وأما كونه صحيحا فغير ظاهر وإن جزم به في الجواهر، إذ هو خلاف إطلاق الرد، وليس هو من الموظف في الصلاة ليدعى انصرافه إلى خصوص الصحيح كما تقدم في القنوت. (1) كما عن شرح المفاتيح مشعرا بالتردد في أصل الوجوب، وكأنه لما عرفت. (2) أما في الصبي فهو المعروف، وفي الجواهر: " لم أجد مخالفا هنا في وجوب الرد إلا ما يحكى عن فوائد الشرائع ". لصدق التحية فيشملها الاطلاق، من دون فرق بين القول بشرعية عباداته وكونها تمرينية إذ لا يختص وجوب الرد بالتحية العبادية. ودعوى الانصراف إلى خصوص ما كان مشروعا غير ظاهرة. فتأمل. وأما في المرأة فلا ينبغى التأمل فيه بناء على جواز سماع صوتها. نعم بناء على ما نسب إلى المشهور من حرمة ذلك لا يبعد انصراف الادلة عنها، لان المحرم لا يستأهل الجواب. وإن أمكن الاشكال عليه - بناء على عدم دخول الاسماع في مفهوم التحية - بأن المحرم الاسماع لانفس التحية، والرد إنما يكون لها لا له. نعم لو سلم رياء لم يرد الاشكال المذكور، وتعين القول بعدم وجوب رده، خلافا للجواهر. وأما في الرجل الاجنبي فمقتضى العموم وجوب ردها عليه وحرمة إسماعه صوتها.
===============
( 560 )
[ (مسألة 21): لو سلم على جماعة منهم المصلي، فرد الجواب غيره، لم يجز له الرد (1). نعم لو رده صبي مميز، ففي كفايته إشكال (2). والاحوط رد المصلي بقصد القرآن أو الدعاء. (مسألة 22): إذا قال: " سلام "، بدون " عليكم " وجب الجواب في الصلاة (3) إما بمثله، ويقدر " عليكم "، وإما بقوله: " سلام عليكم " (4). والاحوط الجواب كذلك بقصد القرآن أو الدعاء. (مسألة 23): إذا سلم مرات عديدة يكفي في الجواب ] مع إمكان دعوى تخصيص تحريم الاسماع على تقدير تماميته بغير المورد، كما يقتضيه الاصل بعد كون التعارض بالعموم من وجه. (1) كما مال إليه في الجواهر لظهور الادلة في وجوب الرد، المقتضي لكون مفروضها غير ما نحن فيه. وفيه: منع، لورود الادلة مورد توهم الخطر، فلا مانع من شمولها لما نحن فيه. فالاولى دعوى انصراف دليل الجواز إلى الرد الواجب، فيكون المرجع في غيره عموم دليل القادحية. (2) كأنه للاشكال في الاكتفاء برد الصبي غير الصلاة. ولكنه ضعيف، لانه خلاف الاطلاق. (3) لصدق التحية. ومنه يعلم ضعف ما عن جماعة من إنكار الوجوب وعن آخرين من التردد فيه، لعدم ثبوت كونه تحية. (4) هذا بناء على الاكتفاء بالمماثلة بغير تقدير الخبر وذكره. لكنه خلاف الاطلاق. وقد تقدم الاشكال أيضا في الدعاء مع مخاطبة الغير.
===============
( 561 )
[ مرة (1). نعم لو أجاب، ثم سلم يجب جواب الثاني أيضا، وهكذا، إلا إذا خرج عن المتعارف، فلا يجب الجواب حينئذ (2). (مسألة 24): إذا كان المصلي بين جماعة فسلم واحد عليهم، وشك المصلي في أن المسلم قصده أيضا أم لا، لا يجوز له الجواب (3). نعم لا بأس به بقصد القرآن أو الدعاء. (مسألة 25): يجب جواب السلام فورا (4)، فلو أخر عصيانا، أو نسيانا، بحيث خرج عن صدق الجواب، ] (1) إما لكون الجميع تحية واحدة. أو لما يستفاد مما ورد في دخول النبي صلى الله عليه وآله على علي (ع) وفاطمة (ع) وهما في لحافهما فسلم صلى الله عليه وآله عليهما (ع) فاستحييا، فلم يجيبا، ثم سلم ثانيا، فسكتا، ثم سلم ثالثا، فخافا إن لم يجيبا انصرف، فأجابا مرة، ونحوه غيره. وقد عقد في الوسائل بابا لذلك في آداب العشرة (* 1). ولاجل ذلك يخرج عن أصالة عدم التداخل. وإلا فاشكاله ظاهر. فتأمل جيدا. (2) فان صدق التحية حينئذ محل تأمل أو منع. والاصل البراءة. (3) لاصالة عدم قصده، الموجبة لنفي السلام عليه. (4) على المشهور. بل عن مصابيح الظلام: " الظاهر اتفاق الاصحاب عليه "، وفي المستند: " الظاهر أنه إجماعي ". وهو الذي يقتضيه ظاهر الادلة، المنزلة على المرتكزات العرفية، فان جواب التحية عندهم له وقت معين، يكون التعدي عنه تعديا عن الموظف. ولاجل ذلك يعلم أن الفورية الواجبة يراد فيها ما يصدق معها التحية. كما أنه لاجله أيضا يشكل الوجوب بعد خروج الوقت، وإن حكي عن الاردبيلي. ولعله استند إلى الاستصحباب
____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 40 من ابواب احكام العشرة. والحديث المذكور هو اول احاديث الباب.
===============
( 562 )
[ لم يجب، وإن كان في الصلاة لم يجز. وإن شك في الخروج عن الصدق، وجب، وإن كان في الصلاة (1). لكن الاحوط حينئذ قصد القرآن أو الدعاء. (مسألة 26): يجب إسماع الرد، سواء كان في الصلاة أولا (2)، ] إلا أن يقال: الواجب هو الجواب بعنوان التحية، وهو غير ممكن في خارج الوقت. (1) كأنه للاستصحاب. ويشكل بأن الشك في بقاء الموضوع كاف في المنع عن الاستصحاب، كالعلم بارتفاعه. اللهم إلا أن يكون المرجع هنا استصحاب بقاء الوقت. لكنه إذا كان الشك للشبهة المفهومية كان من قبيل الاستصحاب في المفهوم المردد، وقد حرر في محله عدم جوازه. نعم إذا كان الشك بنحو الشبهة الموضوعية جرى بلا مانع. إلا أن الظاهر أنه غير محل الفرض. فتأمل جيدا. (2) أما في غير الصلاة فهو المعروف. وعن الذخيرة: " لم أجد أحدا صرح بخلافه ". وقد يقتضيه - مضافا إلى ظهور الاجماع، والى انصراف الادلة - خبر ابن القداح عن أبي عبد الله (ع): " إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه، ولا يقول: سلمت فلم يردوا علي، ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم فإذا رد أحدكم فليجهر برده ولا يقول المسلم: سلمت فلم يردوا على " (* 1) ويشير إليه خبر عبد الله بن الفضل الهاشمي (* 2)، المتضمن التعليل بكون التسليم أمانا من المسلم، إذ لا يحصل الامن إلا بالعلم به. لكن من جهة ظهور التعليل في كونه من الآداب، فهما قاصران عن إثبات الوجوب،
____________ (* 1) الوسائل باب: 38 من ابواب اجكام العشرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 13.
===============
( 563 )
فضلا عن إثبات وجوب الاسماع، إذ التعليل إنما يقتضي الاعلام، ولو بالاشارة بالاصبع أو غيرها. وأشكل من ذلك دعوى دخوله في مفهوم الرد والتحية لمنافاتها للاكتفاء بالاسماع التقديري. وأما في الصلاة فمقتضي إطلاق النصوص كون الرد فيها كالرد في غيرها. لكن في صحيح منصور المتقدم (* 1): انه يرد خفيا، وفي موثق عمار: " إذا سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة، فرد عليه فيما بينك وبين نفسك، ولا ترفع صوتك " (* 2)، وظاهرهما وجوب الاخفات. ويعضدهما صحيح ابن مسلم المتقدم (* 3)، حيث تضمن الاشارة بالاصبع، الظاهر في كون المقصود منه الاعلام، ونحوه خبر ابن جعفر (عليه السلام) (* 4). وفي الجواهر بعد ذكر الاولين قال " ولم أجد من عمل بهما من أصحابنا إلا المصنف في المعتبر، حيث حملهما على الجواز "، وفيه - مع أنه ليس عملا بهما -: أنه مخالف للمنساق من غيرهما من النصوص والفتاوى. والاولى حملهما على الجهر المنهي عنه - وهو المبالغة في رفع الصوت - أو على التقية، لان المشهور بين العامة عدم الرد نطقا، بل بالاشارة... ويمكن أن يقال: إن الامر والنهي فيهما في مقام توهم الحظر ووجوب الاسماع، فلا يدلان على أكثر من الرخصة في الاحفات، فيرجع في جواز الاسماع إلى غيرهما من النصوص. وحينئذ لا ينافيان صحيح ابن مسلم الآخر المتقدم (* 5) المتضمن إسماع الباقر (ع) جوابه له. ولا موجب لحملهما
____________ (* 1) راجع المسألة: 17 من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 3) راجع المسألة: 17 من هذا الفصل. (* 4) راجع المسألة: 17 من هذا الفصل. (* 5) راجع المسألة: 17 من هذا الفصل.
===============
( 564 )
[ إلا إذا سلم، ومشى سريعا، أو كان المسلم أصم، فيكفي الجواب على المتعارف (1) بحيث لو لم يبعد، أو لم يكن أصم كان يسمع. (مسألة 27): لو كانت التحية بغير لفظ السلام كقوله: " صبحك الله بالخير " أو: " مساك الله بالخير " لم يجب الرد (2). وإن كان هو الاحوط. ولو كان في الصلاة فالاحوط الرد بقصد الدعاء. ] على التقية - كما جزم به في جامع المقاصد - ولا سيما بملاحظة اشتمالهما على الرد، الذي لا يقول به أكثر هم كما قيل. لكن ما ذكره في الجواهر أولا أقرب في وجه الجمع. ولا ينافيه التعبير بالخفاء في صحيح منصور، لامكان حمله على عدم رفع الصوت، كما في الموثق، جمعا بينهما في نفسهما، وبينهما وبين ما دل على وجوب الاسماع. ولعله لذلك لم يعرف القول بوجوب الاخفات. (1) كأنه لقصور ما تقدم من ظهور الاجماع، والانصراف، والتعليل، عن اقتضاء الاسماع في مثل ذلك. أما دعوى دخول الاسماع في مفهوم الرد، فقد عرفت أنه لا يفرق فيها بين المستثني والمستثنى منه. (2) كما هو المشهور، للاصل. ويشير إليه صحيح محمد بن مسلم السابق (* 1)، فان قوله: " كيف أصبحت " نوع من التحية. وأما عموم الآية (* 2)، فغير ثابت إما لان المراد من التحية السلام: قال في محكي المدارك: " التحية لغة: السلام، على ما نص عليه اللغة، ودل عليه العرف "، وفي القاموس: " والتحية السلام " وعن المصباح:
____________ (* 1) راجع المسألة: 17 من هذا الفصل. (* 2) وهو قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا باحسن منها أو ردوها) النساء: 86.
===============
( 565 )
[ مسألة 28): لو شك المصلي في أن المسلم سلم بأي صيغة فالاحوط أن يرد بقوله: " سلام عليكم " (1) بقصد القرآن أو الدعاء. ] " حياة تحية أصله الدعاء بالبقاء، ومنه التحية لله تعالى، أي البقاء، وقيل: الملك، ثم كثر حتى استعمل في مطلق الدعاء، ثم استعمله الشرع في دعاء مخصوص، وهو سلام عليكم ". وإما لان المراد منها في الآية ذلك، كما نسب إلى أكثر المفسرين، وعن البيضاوى نسبته إلى الجمهور. ولعله لقيام السيرة القطعية على عدم وجوب الرد لغير السلام من أنواع التحيات، فيدور الامر بين حمل الامر على الاستحباب، وبين حمل التحية على خصوص السلام، والثاني أقرب. ومن ذلك يشكل ما عن ظاهر التحرير، والمنتهى، من جواز رد التحية غير السلام في الصلاة، اعتمادا على ظاهر الآية، وعن البيان احتماله. مضافا إلى أنه لو سلم العموم فليس مقتضاه إلا وجوب الرد. أما صحة الصلاة معه بحيث لا يكون قاطعا ويخرج به عن عموم مانعية الكلام. فليس بظاهر الوجه. (1) لانه إن كان الابتداء بالصيغ التي قدم فيها المبتداء، فهذه الضيغة جواب له، لعدم اعتبار المماثلة بأكثر من تقديم المبتدأ. وإن كان بالصيغة التي قدم فيها الظرف، فقد عرفت سابقا الاكتفاء بذلك جوابا عنه، فيجوز له الجواب به لا بقصد القرآن، ولا بقصد الدعاء. نعم بناء على اعتبار المماثلة في جميع الخصوصيات، ووجوب الجواب عن الصيغة التي يتقدم فيها الخبر يتعين عليه التكرار بقصد الدعاء فيهما، أو بقصد الدعاء في أحدهما والقرآن في الآخر، حتى لا يلزم قطع الفريضة بالكلام العمدي المنطبق على غير الجواب.
===============
( 566 )
[ (مسألة 29): يكره السلام على المصلي (1). (مسألة 30): رد السلام واجب كفائي (2)، فلو كان المسلم عليهم جماعة، يكفي رد أحدهم. ولكن الظاهر عدم سقوط الاستحباب بالنسبة إلى الباقين (3) ] (1) للنهي عنه في خبر مسعدة المتقدم في صدر المبحث (* 1)، ونحوه غيره. وفي جامع المقاصد: " لا يكره السلام على المصلي. للاصل، ولعموم: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) (* 2)، ولقول الباقر (عليه السلام): " إذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم " (* 3) لكن الاخير مختص بمورده. مع أنه معارض بخبر الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد (ع): " كنت أسمع أبي يقول: إذا دخلت المسجد والقوم يصلون فلا تسلم عليهم... " (* 4)، والجمع العرفي حمل الامر في الاول على المشروعية. نعم إن لم يمكن الجمع والمذكور فالترجيح للاول، لقوة السند. هذا والاولان لا يصلحان لمعارضة النص. (2) بلا خلاف، كما في كلام غير واحد، بل عن التذكرة الاجماع عليه. ويشهد له خبر غياث عن أبي عبد الله (ع): " إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم، وإذا رد واحد أجزأ عنهم " (* 5)، ونحوه مرسل ابن بكير (* 6). (3) كما احتمله في الجواهر، وجزم به في غيرها. لانصراف التعبير
____________ (* 1) راجع المسألة: 16 من هذا الفصل. (* 2) النور: 61. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 46 من ابواب احكام العشرة حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 46 من ابواب احكام العشرة حديث: 3.
===============
( 567 )
[ بل الاحوط رد كل من قصد به (1)، ولا يسقط برد من لم يكن داخلا في تلك الجماعة (2)، أو لم يكن مقصودا. والظاهر عدم كفاية رد الصبي المميز أيضا (3) والمشهور على أن الابتداء بالسلام أيضا من المستحبات الكفائية، فلو كان الداخلون جماعة يكفي سلام أحدهم (4). ] بالاجزاء إلى الاكتفاء به في سقوط الوجوب، فلا ينافي بقاء المشروعية المستفادة من إطلاق الامر بالرد، وان كان إطلاقه يقتضي السقوط بالمرة. (1) كأن منشأ الاحتياط استضعاف النص. وإلا فلم أقف على قول بالوجوب العيني. (2) لعدم دخوله في النصوص، فيبقى عموم وجوب الرد محكما. وكذا في الفرض الثاني. (3) كما في الجواهر، وعن المدارك. لعدم ظهور " القوم " المذكور في النص في شموله، فالمرجع عموم وجوب الرد. وعن جماعة بناء ذلك على تمرينية عباداته، لكونها كافعال البهائم، بخلاف البناء على شرعيتها، لان تحيته حينئذ كتحية غيره لا قصور فيها. وفيه ما أشرنا إليه من أن صدق التحية لا يختلف فيه البناءان، فان كان هو المدار فلا فرق بينهما في السقوط، وليس السقوط تابعا للشرعية، فانه لا إشكال في السقوط إذا رد البالغ وان لم يكن بعنوان العبادة. نعم لو كان المنشأ في قصور عموم النص للصبي قوله (ع): " أجزأ عنهم ". الظاهر في ثبوت الرد عليهم جميعا، كان البناء على عدم السقوط برده بناء على التمرينية في محله، لعدم ثبوته في حقه. فتأمل. هذا وعن الاردبيلي القول بالسقوط مطلقا. وكأنه مبني على إطلاق النص بنحو يشمله. (4) كما صرح به في الجواهر، وغيرها. لخبر غياث المتقدم، ونحوه
===============
( 568 )
[ ولا يبعد بقاء الاستحباب بالنسبة إلى الباقين أيضا (1) وإن لم يكن مؤكدا. (مسألة 31): يجوز سلام الاجنبي على الاجنبية، وبالعكس، على الاقوى إذا لم يكن هناك ريبة (2)، أو خوف فتنة، حيث أن صوت المرأة من حيث هو ليس عورة (3). (مسألة 32): مقتضى بعض الاخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر (4)، ] مرسل ابن بكير. (1) لجريان نظير ما تقدم هنا أيضا. (2) ففي مصحح ربعي عن أبي عبد الله (ع): " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسلم على النساء، ويردون عليه السلام، وكان أمير المؤمنين (ع) يسلم على النساء، وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن، ويقول: أتخوف أن يعجبني صوتها، فيدخل علي أكثر مما أطلب من الاجر " (* 1). ولاجل ذلك يتعين حمل خبر غياث: " لاتسلم على المرأة " (* 2)، والمرسل: " لا تبدؤا النساء بالسلام " (* 3)، على الصورة المذكورة. (3) كما تقدم في مبحث القراءة. (4) كما صرح به غير واحد لخبر غياث: " قال أمير المؤمنين (ع): لا تبدؤا أهل الكتاب بالتسليم، وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم " (* 4) ونحوه خبر أبي البختري (* 5)، وفي خبر الاصبغ: " ستة لا ينبغي أن
____________ (* 1) الوسائل باب: 48 من ابواب احكام العشرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 131 من ابواب مقدمات انكاح حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 131 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1. لكنه حديث مسند. (* 4) الوسائل باب: 49 من ابواب احكام العشرة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 49 من ابواب احكام العشرة حديث: 9.
===============
( 569 )
[ إلا لضرورة. لكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة (1). وإن سلم الذمي على مسلم فالاحوط الرد بقوله: " عليك " (2) ] يسلم عليهم اليهود والنصارى... " (* 1). (1) كأنه لمصحح ابن الحجاج: " قلت لابي الحسن (ع) أرأيت إن احتجت إلى الطبيب وهو نصراني أسلم عليه وأدعو له؟ قال (ع): نعم إنه لا ينفعه دعاؤك " (* 2). فان الحاجة إلى الطبيب - لو سلم ظهورها في الضرورة - فليس لها ظهور في الحاجة إلى السلام، بل ظاهر الكلام عدمها، وفي خبر أبي بصير: " عن الرجل تكون له الحاجة إلى المجوسي أو إلى اليهودي، أو إلى النصراني، فيكتب له في الحاجة العظيمة أيبدأ بالعلج ويسلم عليه في كتابه، وإنما يصنع ذلك لكي تقضى حاجته؟ فقال عليه السلام: أما أن تبدأ به فلا، ولكن تسلم عليه في كتابك، فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكتب إلى كسرى وقيصر " (* 3). فانه ظاهر جدا في عدم الضرورة، بقرينة النهي عن الابتداء باسمه. نعم مورده الكتابة. (2) ففي مصحح زرارة: " إذا سلم عليكم مسلم فقولوا: سلام عليكم فإذا سلم عليكم كافر فقولوا: عليك " (* 4)، وفي موثق معاوية: " إذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل: عليك " (5)، ونحوهما غيرهما، وقد تقدم في خبر غياث الجواب ب " عليكم " ونحوه خبر أبي البختري (* 6).
____________ (* 1) الوسائل باب: 49 من ابواب احكام العشرة حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 53 من ابواب احكام العشرة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 54 من ابواب احكام العشرة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 49 من ابواب احكام العشرة حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 49 من ابواب احكام العشرة حديث: 3. (* 6) راجع المسألة: 32 من هذا الفصل.
===============
( 570 )
[ أو بقوله: " سلام " (1) دون " عليك ". (مسألة 33): المستفاد من بعض الاخبار: أنه يستحب أن يسلم الراكب على الماشي، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال، وهم على أصحاب الحمير، والقائم على الجالس، والجماعة القليلة على الكثيرة، والصغير على الكبير (2). ] (1) كما في خبر زرارة عن أبي عبد الله (ع): " تقول في الرد على اليهودي والنصراني: سلام " (* 1). ثم إن الوجه في توقف المصنف (رحمه الله) عن الجزم بالوجوب: وجود القولين في الوجوب وعدمه، واختلاف الوجهين. والذي اختاره في الجواهر العدم. وهو ضعيف، فان النصوص الواردة في الكافر بالخصوص، وإن كانت لاتدل على الوجوب، لورودها مورد توهم الخطر، لكن عموم الآية الشريفة (* 2) كاف في إثباته. (2) روى عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع): القليل يبدؤن الكثير بالسلام، والراكب يبدأ الماشي، وأصحاب البغال يبدؤن أصحاب الحمير، وأصحاب الخيل يبدؤن أصحاب البغال " (* 3) وفي خبر ابن القداح عنه (ع): " يسلم الراكب على الماشي، والقائم على القاعد " (* 40)، وفي خبر جراح عنه: (ع): " ليسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير " (* 5)، وفي مرسل ابن بكير:
____________ (* 1) الوسائل باب: 49 من ابواب احكام العشرة حديث: 2. (* 2) وهو قوله تعالى " وإذا حييتم بتحية.. " النساء: 86. (* 3) الوسائل باب: 45 من ابواب احكام العشرة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 45 من ابواب احكام العشرة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 45 من ابواب احكام العشرة حديث: 1.
===============
( 571 )
[ ومن العلوم أن هذا مستحب في مستحب (1)، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضا. (مسألة 34): إذا سلم سخرية أو مزاحا، فالظاهر عدم وجوب رده (2). (مسألة 35): إذا سلم على أحد شخصين ولم يعلم أنه أيهما أراد، لا يجب الرد على واحد منهما (3) وإن كان الاحوط في غير حال الصلاة الرد من كل منهما (4). (مسألة 36): إذا تقارن سلام شخصين، كل على الآخر، وجب على كل منهما الجواب (5)، ولا يكفي سلامه الاول، لانه لم يقصد الرد، بل الابتداء بالسلام. (مسألة 37): يجب جواب سلام قارئ التعزية، ] وإذا لقيت جماعة جماعة، سلم الاقل على الاكثر، وإذا لقي واحد جماعة يسلم الواحد على الجماعة " (* 1). (1) لعدم موجب للجمع بالتقييد، فيحمل الامر على الافضل. (2) لانصراف الدليل عنه. (3) لاصالة البراءة، والعلم الاجمالي لا أثر له، كما في واجدي المني في الثوب المشترك. (4) أما فيها فلا يجوز. لعموم المنع من الكلام، الذي يكون مرجعا في المورد، بعد جريان أصالة عدم السلام عليه، النافي لكون المورد من أفراد الخاص المستثنى. (5) لعموم وجوب الرد.
____________ (* 1) الوسائل باب: 45 من ابواب احكام العشرة حديث: 4.
===============
( 572 )
[ والواعظ، ونحوهما من أهل المنبر. ويكفي رد أحد المستمعين (1) (مسألة 38): يستحب الرد بالاحسن في غير حال الصلاة بأن يقول في جواب: " سلام عليكم ": " سلام عليكم، ورحمة الله وبركاته "، بل يحتمل ذلك فيها أيضا (2). وإن كان الاحوط الرد بالمثل. (مسألة 39): يستحب للعاطس ولمن سمع عطسة الغير وإن كان في الصلاة، أن يقول: " الحمد لله " أو يقول: " الحمد لله وصلى الله على محمد وآله " (3) بعد أن يضع إصبعه ] (1) على ما سبق من الاكتفاء برد واحد من الجماعة. (2) على ما تقدم منه (رحمه الله) من كون المراد من المثل في النصوص تأخير الظرف في مقابل تقديمه، وتقدم إشكاله. (3) إجماعا، على الظاهر. والتعبير بالجواز في محكي كلام غير واحد يراد منه معناه الاعم، لا مقابل الاستحباب. كما يشهد به - مضافا إلى مادل على استحباب الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله - صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا عطس الرجل في صلاته فليحمد الله تعالى " (* 1) وخبر أبي بصير: " أسمع العطسة فأحمد الله تعالى وأصلي على النبي صلى الله عليه وآله وأنا في الصلاة؟ قال (ع): نعم، وإذا عطس أخوك وأنت في الصلاة فقل، الحمد لله وصلى الله على النبي صلى الله عليه وآله وآله وإن كان بينك وبين صاحبك اليم " (* 2).
____________ (* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.
===============
( 573 )
[ على أنفه (1). وكذا يستحب (2) تسميت (3) العاطس، بأن يقول له: " يرحمك الله "، أو " يرحمكم الله " (4)، وإن ] (1) المذكور في خبر الحسن بن راشد عن أبي عبد الله (ع): " من عطس، ثم وضع يده على قصبة أنفه، ثم قال: الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا كما هو أهله، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم، خرج من منخره الايسر طائر أصغر من الجراد، وأكبر من الذباب، حتى يصير تحت العرش يستغفر الله تعالى له إلى يوم القيامة " (* 1)، وفي خبر مسمع: " عطس أبو عبد الله فقال: الحمد لله رب العالمين، ثم جعل إصبعه على أنفه، فقال: رغم أنفي لله رغما داخرا " (* 2). (2) بلا إشكال. والنصوص به شاهدة، وفي بعضها: انه من حق المؤمن على المؤمن. وهو لا ينافي استحبابه حتى للكافر. كما يقتضيه إطلاق الامر به. مضافا إلى مارود في تسميت النصراني (* 3). (3) بالسين، والشين، كما في كلام جماعة من اللغويين، وعن تغلب: الاختيار بالسين المهملة، وعن أبي عبيدة، الشين أعلى في كلامهم وأكثر. (4) كما ذكره جماعة من الفقهاء واللغويين. ويشهد له خبر ابن مسلم: " إذ سمت الرجل فليقل: يرحمك الله، وإذا رد فليقل: يغفر الله لك ولنا، فان رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن آية أو شئ فيه ذكر الله، فقال صلى الله عليه وآله: كلما ذكر الله عزوجل فيه فهو حسن " (* 4)، وفي خبر الخصال: " إذا
____________ (* 1) الوسائل باب: 63 من ابواب احكام العشرة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 62 من ابواب العشرة حديث 3. (* 3) الوسائل باب: 65 من ابواب احكام العشرة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 58 من ابواب احكام العشرة حديث: 2.
===============
( 574 )
[ كان في الصلاة (1)، وإن كان الاحوط الترك حينئذ. ويستحب ] عطس أحدكم فسمتوه، قولوا: يرحمكم الله، وهو يقول: يغفر الله تعالى لكم ويرحمكم. قال الله عزوجل: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " (* 1) لكن الذي صرح به في كلام آخرين عدم اختصاصه بذلك، بل يكون بكل دعاء له. ويشير إليه ذيل خبر ابن مسلم، وما ورد في تسميت النصراني حيث قال له الجماعة: هداك الله تعالى، وقال أبو عبد الله (ع) له: يرحمك الله، من دون أن ينكر عليهم مشروعية قولهم. (1) كما هو المعروف، من دون نقل خلاف فيه. واستدل له في الجواهر بالاصل. ولان التسميت الدعاء للعاطس، وهو غير ممنوع في الصلاة فيبقى إطلاق الامر به على حاله. وفيه - مضافا إلى الاشكال في كون التحية من الدعاء، كما تقدم في السلام - ما عرفت من أن المتيقن مما دل على عدم قدح الدعاء ماكان مناجاة لله تعالى ومكالمة معه، فغيره باق تحت إطلاقات المنع عنه في الصلاة، المانعة عن جريان الاصل. إلا أن يقال: إطلاقات المنع معارضة بالعموم من وجه باطلاق دليل الاستحباب، فيرجع في مورد المعارضة إلى أصالة البراءة. وفيه: أن التعارض المذكور إنما يكون بعد تحكيم ما دل على المنع من قطع الفريضة، وإلا فلا مانع عن العمل بالاطلاقين معا، والحكم ببطلان الصلاة، فيكون التعارض في الحقيقة بين الادلة الثلاثة. لكن التعارض الاول من أصله ممنوع جدا. إذ لا نظر لادلة الاستحباب إلى نفي القاطعية أصلا، كما لا نظر فيها إلى جواز قطع الفريضة، ولو بعد الجمع بينها وبين أدلة المنع عنه بل العرف في مثله يجمع بين الدليلين
____________ (* 1) الوسائل باب: 58 من ابواب احكام العشرة حديث: 3 والآية في سورة النساء: 86.
===============
( 575 )
[ للعاطس كذلك أن يرد التسميت (1) بقوله: " يغفر الله لكم " (2). السادس: تعمد القهقهة (3) ] بجعل المورد من التزاحم، الذي يقدم فيه المنع على الاستحباب ووحينئذ فالبناء على جوازه في الصلاة محل تأمل أو منع. اللهم إلا أن يكون إجماع. لكنه غير ثابت، ولاسيما بملاحظة استدلال كثير منهم على الحكم، بأن الدعاء غير مبطل للصلاة، مما يوجب كون الاجماع معلوم المستند، فيسقط عن الحجية. ولاسيما بملاحظة خبر غياث عن جعفر (ع): " في رجل عطس في الصلاة فسمته رجل فقال (ع): فسدت صلاة ذلك الرجل " (* 1). (1) كما هو المعروف، وعن الحدائق: الوجوب، وعن الروض، والذخيرة: التردد فيه. لعموم وجوب رد التحية، وخصوص خبر الخصال المتقدم (* 2). لكن العموم قد عرفت إشكاله. ولاجله يحمل خبر الخصال على نحو من العناية في التطبيق، كتطبيقه في الهدية. (2) تقدم في خبر الخصال (* 3) زيادة: " ويرحمكم " ونحوه خبر ابن أبي خلف (* 4). (3) بلا خلاف أجده فيه، نصا وفتوى، بل في المعتبر، والمنتهى والتذكرة، والذكرى، وعن غيرها: الاجماع عليه. كذا في الجواهر. ويشهد له مصحح زرارة عن أبي عبد الله (ع): " القهقهة لا تنقض الوضوء، وتنقض الصلاة " (* 5) وموثق سماعة: " سألته عن الضحك،
____________ (* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 5. (* 2) راجع الصفحة السابقة. (* 3) راجع الصفحة السابقة. (* 4) الوسائل باب: 58 من ابواب احكام العشرة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 7 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1.
===============
( 576 )
[ ولو اضطرارا (1)، وهي الضحك المشتمل على الصوت والمد والترجيع (2) ] هل يقطع الصلاة؟ قال (ع): أما التبسم فلا يقطع الصلاة، وأما القهقة فهي تقطع الصلاة " (* 1)، وفي صحيح ابن أبي عمير عن رهط سمعوه يقول: " إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء، إنما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة " (* 2). (1) لعموم النصوص، ومعاقد الاجماع، وعدم شمول حديث: " لا تعاد " (* 3) له. وعن الاردبيلي نفي البعد عن إلحاقه بالسهو، لحديث رفع الاضطرار (* 4). ولكنه غير ظاهر، لما عرفت من الاشكال في صلاحية حديث الرفع لاثبات الصحة، ولا سيما وأن الغالب صورة الاضطرار، فحمل النصوص على غيرها مستهجن. فتأمل. (2) المحكي عن العين: أنه قال: " قهقه الضاحك، إذا مد ورجع " وكذا عن تهذيب اللغة، عن ابن المظفر. لكن عن الصحاح: " القهقهة في الضحك معروفة، وهي أن يقول، قه قه "، ومثله ما عن الديوان، والاساس، والقاموس، مجمع البحرين. وظاهرها اعتبار الترجيع فقط. اللهم إلا أن يكون الترجيع ب (قه) يلازم المد. وعن الجمل، والمقاييس: أنها الاغراق في الضحك. وعن شمس العلوم: أنها المبالغة فيه. ولا يخلو عن إجمال. وكيف كان فالمستفاد من مجموع كلماتهم أن القهقهة ليست مطلق
____________ (* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 3. (* 3) تقدم في المورد الثالث من مبطلات الصلاة. (* 4) تقدم في المورد الثالث من مبطلات الصلاة.
===============
( 577 )
[ بل مطلق الصوت، على الاحوط. ولا بأس بالتبسم (1)، ولا بالقهقهة سهوا (2). نعم الضحك المشتمل على الصوت تقديرا، ] الضحك المشتمل على الصوت - كما عن جماعة من الفقهاء -، ولا مطلق الضحك - كما عن آخرين منهم -. إلا أن يكون المراد بها هنا ذلك، لوقوعها في النص في قبال التبسم الذي هو أقل الضحك - كما في القاموس - أو أنه ليس من الضحك - كما عن الجوهري -. وذلك لان الظاهر من موثق سماعة - بقرينة السؤال -: كونه في مقام بيان حكم تمام أفراد الضحك. وحينئذ فاما أن يكون المراد بها ما يقابل التبسم، سواء اشتمل على المد والترجيع، أم لا. أو المراد به ما يقابلها. والمتعين الاول. إما لان أول الكلام أولى بالقرينية على آخره من العكس. وإما لان استعمالها فيما عدا التبسم أقرب إلى الحقيقة، لما عن المفصل للزوزني، والمصادر للبيهقي: انها الضحك بصوت، بخلاف استعمال التبسم فيما عداها. هذا ولكن في اقتضاء ذلك ظهورا للكلام معتدا به، بحيث لا يجوز الرجوع فيه إلى الاصل، إشكال، أو منع. (1) إجماعا، فتوى، ونصا. كما عرفت. (2) إجماعا. كما عن التذكرة، ونهاية الاحكام، والذكرى، والغرية، وجامع المقاصد، وإرشاد الجعفرية، والروض، والمقاصد العلية، و النجيبية، والمفاتيح. وفي الجواهر: " لعله لان المراد من النصوص الاهمال، لا الاطلاق فيبقي حينئذ على الاصل. أو لانها إنما تنصرف إلى الفرد الشائع، دون الفرد النادر، وهو ناسي الحكم، أو أنه في الصلاة ". وفي الامرين معا تأمل واضح. نعم الصحة مقتضى حديث: " لا تعاد الصلاة "، كما يقتضيه إطلاقه، الشامل للاجزاء، والشرائط، والموانع. ويقتضيه في الجملة استثناء القبلة، والطهور، والوقت.
===============
( 578 )
[ كما لو امتلا جوفه ضحكا، واحمر وجهه، لكن منع نفسه من إظهار الصوت حكمه القهقهة (1). السابع: تعمد البكاء (2) المشتمل على الصوت، بل وغير المشتمل عليه (3) ] (1) كما استظهره في الجواهر. للقطع بخروجه عن التبسم، فيدخل في القهقهة - على ما سبق -. لكنه يتم بناء على عموم الحكم لما ليس بتبسم أما بناء على الاشكال فيه - كما في المتن - فيكون أيضا محلا للاشكال. هذا إذا صدق عليك الضحك. وإلا - كما هو الظاهر - تعين الرجوع فيه إلى أصل البراءة. (2) على المشهور. كما عن جماعة. وعن شرح نجيب الدين نفي الخلاف فيه. وعن المدارك: " ظاهر هم الاجماع عليه ". ويشهد ليه خبر النعمان بن عبد السلام، عن أبي حنيفة: " سألت أبا عبد الله (ع) عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال (ع): إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الاعمال في الصلاة، وإن كان ذكر ميتا له فصلاته فاسدة " (* 1) وربما استدل له بأنه فعل خارج عن الصلاة، فيكون قاطعا لها، كالكلام. وعن الاردبيلي وغيره الاشكال فيه. لضعف سند الخبر. وما ذكر أخيرا أشبه بالقياس، فلا يصلح لاثباته. وهو في محله لولا انجبار ضعف الخبر باعتماد الاصحاب. (3) المحكي عن الصحاح: أن البكاء يمد ويقصر، فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت أردت الدموع، ونحوه حكي عن الخليل، والراغب، وابن فارس في المجمل، وعن المقاييس نسبته إلى النحويين. هذا ولاجل أن المسؤول عنه في صدر الرواية هو الممدود،
____________ (* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.
===============
( 579 )
فقوله (ع): " وإن كان ذكر ميتا " منزل عليه، فلا إطلاق له يشمل البكا المقصور، والمرجع فيه أصل البراءة ودعوى: أنه لم يثبت كون المذكور في السؤال ممدودا. أولم يثبت الفرق بين الممدود والمقصور. أو سلمنا الفرق في العرف أيضا، لكن قوله (ع): " بكى " - في الجواب - مطلق، لانه مشتق من الجامع بين الممدود والمقصور. على ما هو التحقيق من كون الافعال مشتقة مما تشتق منه المصادر، لا أنها مشتقة منها، ليكون الفعل مشتركا لفظيا بين معنى الممدود ومعنى المقصور. وحينئذ يتعين الاخذ باطلاقه، ولا يعول على السؤال. أو سلمنا إجمال النص، لكن المرجع قاعدة الاحتياط، لكون الشغل يقينيا. مندفعة: بأن النسخ المضبوطة بالمد. مع أن الاحتمال كاف في المنع عن الاطلاق، لان الكلام حينئذ يكون من قبيل المقرون بما يصلح للقرينية. وبأن نقل الثقات الاثبات من أهل اللغة كاف في الاثبات، ولا سيما مع الاستشهاد عليه بقول الشريف الرضي (رحمه الله) في رثاء جده سيد الشهداء الحسين (ع): " يا جد لا زالت كتائب حسرة * تغشى الفؤاد بكرها وطرادها - أبدا عليك وأدمع مسفوحة * إن لم يراوحها البكاء يغادها " وبأن العرف المقدم على اللغة هو العرف العام وفي عصر صدور الكلام وظاهر النقل هو الفرق عنده، لا في أصل اللغة. والاطلاق في الفعل ممنوع بعد اقترانه بالبكاء المذكور في السؤال الذي هو بمعنى الصوت. والمرجع في الشك في المانعية أصل البراءة، كما هو محقق في محله. هذا والانصاف: أن الاعتماد في الفرق على نقل أولئك الجماعة، الذين عمدتهم الجوهري، الظاهر خطؤه في استشهاده ببيت حسان: " بكت عيني وحق لها بكاها * وما يجدي البكاء ولا العويل "
===============
( 580 )
[ على الاحوط، لامور الدنيا (1). وأما البكاء للخوف من الله ولامور الآخرة، فلا بأس به، بل هو من أفضل الاعمال. والظاهر أن البكاء اضطرارا أيضا مبطل (2). نعم لا بأس به إذا كان سهوا (3). بل الاقوى عدم البأس به إذا كان لطلب أمر دنيوي من الله (4) فيبكي تذللا له تعالى ليقضى حاجته. ] كما اعترف به غير واحد، وظهور كلام غيرهم من اللغويين في عدمه. لا يخلو من إشكال. نعم ظاهر بن قتيبة في أدب الكاتب: أن المقصور والممدود كلاهما مختص بالصوت. ولعل ذلك هو الوجه فيما تقدم من الرضي (رحمه الله) وإن كان بعيدا جدا. فالتوقف عن حكم غير المشتمل على الصوت - كما في المتن - في محله. (1) كما ذكره الاصحاب. لفهمهم من قوله (ع): " وإن كان ذكر ميتا... "، بقرينة المقابلة بينه وبين ذكر الجنة والنار، كما هو الظاهر، فيكون ذكر الميت مثالا لكل ما كان من الامور الدنيوية، سواء أكان من قبيل فوات المحبوب، أم حصول المكروه. (2) كما هو المشهور، بل قيل: " لم يعرف مخالف فيه ". لاطلاق النص، من دون مقيد وحديث رفع الاضطرار، قد عرفت إشكاله. ودعوى اختصاصه بالاختصار. غير مسموعة. (3) لا خلاف أجده فيه صريحا، وإن أطلق جماعة. كذا في الجواهر ويقتضيه حديث: " لا تعاد الصلاة "، كما تقدم في القهقهة. (4) لعدم دخول مثل ذلك في النص والفتوى. إذ الظاهر من البكاء لامور الدنيا، هو البكاء لفواتها أو عدم حصولها - كما عرفت -، فلا يشمل
===============
( 581 )
[ الثامن: كل فعل ماح لصورة الصلاة قليلا كان أو كثيرا (1)، ] البكاء تذللا لله تعالى واستعطافا له في حصول المحبوب أو دفع المكروه. ولا سيما بملاحظة النصوص الواردة في الحث على ذلك. كخبر أبي بصير: " قال أبو عبد الله (ع): إذا خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها، فابدأ بالله تعالى. فمجده واثن عليه، كما هو أهله، وصل على النبي صلى الله عليه وآله، واسأل حاجتك، وتباك ولو مثل رأس الذباب " (* 1). (1) المذكور في كلام الاصحاب: أن الفعل الكثير مبطل للصلاة. والظاهر أنه لا خلاف فيه ولا إشكال في الجملة. وفي المعتبر، " عليه العلماء "، وفي المنتهي: " هو قول أهل العلم كافة "، وفي جامع المقاصد: نفي الخلاف فيه بين علماء الاسلام، ونحوها في دعوى الاجماع عليه غيرها. وقد اعترف غير واحد بعدم الوقوف على نص يدل عليه، قال في محكي المدارك: " لم أقف على رواية تدل بمنطوقها على بطلان الصلاة بالفعل الكثير " وقال في محكي الذخيرة: " لم أطلع على نص يتضمن أن الفعل الكثير مبطل، ولاذكر نص في هذا الباب في شئ من كتب الاستدلال " ونحوهما غيرهما. بل هو ظاهر تعليله في كلام غير واحد بالخروج عن كونه مصليا، قال في المعتبر - بعد نسبة البطلان به إلى العلماء -: " لانه يخرج عن كونه مصليا "، ونحوه ما في المنتهى وغيره. ويشير إليه تفسير غير واحد للفعل الكثير بما يخرج فاعله عن كونه مصليا، كالحلي في السرائر، والشهيد في الذكرى: والمحقق الثاني في جامع المقاصد، والشهيد الثاني في الروض، والمسالك. وغيرهم في غيرها. وأما ما عن شرح المفاتيح من الاستدلال عليه بالنصوص الظاهرة في
____________ (* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب الدعاء حديث: 4.
===============
( 582 )
المنع عن بعض الافعال في الصلاة، مثل موثق عمار بن موسى قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون في الصلاة، فيقرأ، فيرى حية بحياله، يجوز له أن يتناولها فيقتلها؟ فقال (ع): إن كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها: وإلا فلا " (* 1). أوفي قاطعية بعض الافعال: مثل صحيح حريز عن أبي عبد الله (ع): " قال: إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق، أو غريما لك عليه مال، أو حية تخافها على نفسك فاقطع الصلاة واتبع غلامك، أو غريمك، واقتل الحية " (* 2). ففيه: أنه لو تمت دلالة مثل ذلك وجاز العمل به، فانما هو في أفعال خاصة لاتمكن استفادة الكلية المذكورة منها. وعليه ينحصر مستندها في الاجماع. وإن كان يشكل الاعتماد عليه، بعد ما تقدم من تفسيره بما يخرج به عن كونه مصليا. لاشكال المراد به، إذ هو إن كان الخروج شرعا لزم أخذ الحكم في موضوعه. مع أنه لا يرفع إجمال الموضوع، وذلك خلف. وإن كان الخروج عرفا، فمع أنه لا حاكمية للعرف في الموضوعات الشرعية، المخترعة للشارع، ولا اعتبار بحكمه في ذلك أنه لا يطرد في الافعال الكثيرة، المقارنة لافعال الصلاة، مثل الخياطة، والحياطة، ونحوهما، فان الاشتغال بها مقارنا للاشتغال بافعال الصلاة، لا يعد خروجا عنها. وان كان الخروج من عرف المتشرعة، بحسب مرتكزاتهم، المتلقاة من الشارع، فهو وإن كان صحيحا في نفسه، لحجية ارتكازهم، المعبر عنه بالسيرة الارتكازية، التي هي في عداد الحجج، كالسيرة العملية، المعبر عنها بالاجماع العملي، وكالاجماع القولي. إلا أن ذلك ليس من وظيفة الفقيه، إذ وظيفته الفتوى في كل مورد من موارد
____________ (* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1.
===============
( 583 )
الارتكاز المذكور، اعتمادا عليه، مثل أن يقول: تجب نية القرية في الوضوء أو الغسل، أو التيمم للسيرة المذكورة، أو أنه يقطع الرقص، أو الوثبة الفاحشة، أو رفع الصوت شديدا، اعتمادا على السيرة المذكورة. وليس وظيفته أن يقول: يقطع الصلاة كل ماكان قاطعا لها في نظر المتشرعة، وبحسب ارتكازهم. إذ تشخيص ذلك مما لا يقوى عليه العامي، ولابد من الرجوع فيه إلى الفقيه، ولو اتفق حصوله للعامي لم يحتج إلى مراجعة الفقيه في الفتوي، بل كان ذلك الارتكاز بنفسه حجة عليه في عمله، كما أنه حجة للمجتهد في فتواه. هذا كله مضافا إلى عدم ثبوت هذا الارتكاز في مورد من الموارد. وثبوته في مثل الرقص ونحوه، غير معلوم، إذ ليس هو إلا كثبوته في النظر إلى الاجنبية بشهوة، الذي اشتهر أنه لا يبطل الصلاة، وكثبوته في ضم الجارية إليه في الصلاة: الذي ورد في الصحيح عن مسمع عن أبي الحسن (ع): " أنه لا بأس به " (* 1). فيبعد جدا أن يكون المراد من الفعل الكثير ذلك، ولا سيما مع عدم القرينة عليه، بل وعدم المناسبة المصححة للاستعمال واحتمال أن التعبير عنه بذلك تبعا للعامة، وإن اختلف المراد، لا شاهد عليه. لكن الانصاف: إن الاشكالات المذكورة إنما تتوجه لو كان المعتمد في قاطعية الفعل الكثير هو ارتكاز المتشرعة. أما لو كان الاجماع، أو الدليل الذي عول عليه المجمون، والارتكاز إنما جعل معيارا وضابطا للموضوع الذي جعل قاطعا، فلا مجال لتوجهها. إذ ارتكاز منافاة بعض الافعال للصلاة عند المتشرعة، مما لا مجال لانكاره، فان جملة من الافعال، إما لكثرتها وطول أمدها، كالخياطة، والكتابة، والنساجة، ونحوها، إذا كانت كثيرة
____________ (* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1.
===============
( 584 )
أو لذاتها، مثل الصفق، والرقص الواقعين على نحو التلهي واللعب، مما لا يتأمل واحد من المتشرعة في منافاتها للصلاة، سواء أو قعت في خلال الافعال، أم مقارنة لبعضها، ويعد فاعلها مشغولا بغير الصلاة، وليس في مقام امتثال أمر الصلاة، بل هو في مقام فعل آخر. وحينئذ لا مانع من أن يجعل الفقيه مثل ذلك ضابطا للقاطع، فيفتي بأن الفعل المنافي للصلاة عند المتشرعة وبحسب ارتكازهم مبطل لها. من دون أن يعتبر في الارتكاز أن يكون حجة، كي يتوجه إشكال صعوبة تشخيص ما هو حجة، وما ليس بحجة، وأن ذلك من وظيفة المجتهد لا العامي. بل يجعل مطلق ارتكاز المنافاة، ولو بنحو يمكن ردع المجتهد عنه موضوعا للابطال. فلا إشكال حينئذ في الكلية من هذه الجهة، ولا من جهة الدليل عليها، لماعرفت من استفاضة حكاية الاجماع عليها. نعم قد يوهم التعليل بأنه يخرج به عن كونه مصليا إرادة الاحتجاج بارتكاز المتشرعة. وحينئذ يتوجه الاشكال على من فسره بذلك. لكن الظاهر من التعليل ما ذكرنا، أعني: التعليل بارتكاز المتشرعة في الجملة ولو لم يحرز أنه حجة ولذا قال في محكي المدارك: " المراد من الفعل الكثير ما تنمحي به صورة الصلاة بالكلية "، ثم نسبه إلى ظاهر المعتبر. وعلى هذا فالمراد من تفسيره بما يخرج به عن كونه مصليا، هو ذلك المعنى كما لعله المراد أيضا من تفسيره بما يكون كثيرا في العادة، كما نسب إلى المشهور - يعنى: ما يكون كثيرا في عادة المتشرعة، لكونه زائدا على المقدار السائغ عندهم، فيكون ممنوعا عنه عنهم -. فترجع التفاسير الثلاثة إلى أمر واحد، وهو ذهاب الصورة بحيث يمتنع التئام الاجزاء وتألفها بنحو يكون مصداقا للصلاة وموضوعا للمأمور به. لكن يأبى هذا الحمل في التفسير الاخير تفصيل غير واحد في السهو بين الماحي وغيره.
===============
( 585 )
[ كالوثبة، والرقص، والتصفيق، ونحو ذلك مما هو مناف للصلاة. ولافرق بين العمد والسهو (1). وكذا السكوت الطويل الماحي. وأما الفعل القليل غير الماحي، بل الكثير غير ] وكيف كان، فالمتيقن من القاعدة المذكورة هو خصوص الماحي. كما في المتن، تبعا للمدارك، وغيرها. فلا يعم غيره، ولو كان كثيرا. كما أن الظاهر عدم الفرق في الماحي بين القليل، كالعفطة، وغيره، فان الجميع داخل في معقد الاجماع. (1) المنسوب إلى المشهور في كلام غير واحد، منهم الدروس: عدم البطلان بالفعل الكثير مع السهو، بل في الذكرى وعن الكفاية: نسبته إلى قول الاصحاب، وفي جامع المقاصد، وعن الروض، وغيرهما: نسبته إلى ظاهر الاصحاب، وعن التذكرة: أنه مذهب علمائنا. وعن البيان، والدروس وفوائد الشرائع، وتعليق النافع، وغيرها: أن الاصح الابطال عمدا وسهوا وعن الميسية، والمسالك، والمدارك، وغيرهما: البطلان بشرط المحو. وعن الروض أنه حينئذ يشكل بقاء الصحة. وفي جامع المقاصد، وعن الغرية: أنه بعيد. أقول: بل هو الاقرب. إذ العمدة في دليل البطلان: الاجماع. وهو غير ثابت في السهو. بل عدم البطلان مظنة الاجماع، كما عرفت من العبارات المتقدمة. ولا سيما مع إمكان دعوى دلالة بعض النصوص عليه، كصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): " عن رجل دخل مع الامام في صلاته، وقد سبقه الامام بركعة، فلما فرع الامام خرج مع الناس، ثم ذكر أنه قدا فاتته ركعة. قال (ع): يعيدها ركعة واحدة، يجوز له ذلك اذالم يحول وجهه عن القبلة " (* 1) ونحوه غيره.
____________ (* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2.
===============
( 586 )
[ الماحي، فلا بأس به مثل الاشارة باليد لبيان مطلب، وقتل الحية، والعقرب، وحمل الطفل، وضمه، وارضاعه عند بكائه، وعد الركعات بالحصى، وعد الاستغفار في الوتر بالسبحة، ونحوها مما هو مذكور في النصوص. وأما الفعل الكثير، إذا لم يكن ماحيا للصورة، فسهوه لا يضر. والاحوط الاجتناب عنه عمدا (1). التاسع: الاكل والشرب والماحيان للصورة. فتبطل الصلاة بهما، عمدا كانا (2)، ] (1) تقدم الكلام فيه في فصل الموالاة. (2) إجماعا. كما عن الخلاف، وجامع المقاصد، والروض، وغيرها. وظاهر ذكرهما في قبال الفعل الكثير: الابطال بهما مطلقا، ولو مع القلة، بل عن بعض الابطال بالمسمى، وهو ما يبطل الصوم. لكن المصرح به في كلام غير واحد: التقييد بالتطاول - كما في المعتبر والمنتهى -، أو بالكثرة - كما في غيرهما -. ومنه يشكل الاعتماد على الاجماع في إبطالهما مطلقا، ولاسيما وفي مفتاح الكرامة: " الذي وجدته بعد التتبع: أن من أطلقهما وعطفهما على الفعل الكثير صرح في ذلك، أوفي غيره، بان المبطل منهما الكثير، أو ما آذن بالانمحاء، أو نافى الخشوع ". نعم في محكي التذكرة ونهاية الاحكام: تعليل الحكم، بأنهما فعل كثير لان تناول المأكول، ومضغه، وابتلاعه، أفعال متعددة، وكذا المشروب. لكن تنظر فيه في جامع المقاصد، ثم قال: " واختار شيخنا الشهيد في بعض كتبه: الابطال بالاكل والشرب المؤذنين بالاعراض عن الصلاة،
===============
( 587 )
[ أو سهوا (1). والاحوط الاجتناب عما كان منهما مفوتا للموالاة العرفية عمدا (2). نعم لا بأس بابتلاع بقايا الطعام الباقية في الفم، أو بين الاسنان (3) ]. وهو حسن، إلا أنه لا يكاد يخرج عن التقييد بالكثرة ". ولاجل ذلك يشكل الاعتماد على إطلاق معقد الاجماع نعم تمكن دعوى منافاة الاكل والشرب للصلاة في مرتكزات المتشرعة فيجري عليها حكم الفعل الكثير. وحينئذ يكون المدار على ما به تكون المنافاة الارتكازية وإن لم يعدا أكلا كثيرا وشربا كذلك. على نحو ما سبق في الفعل الكثير. وأما دعوى: مانعيته في مرتكزات المتشرعة مطلقا، لامن جهة ذهاب الصورة، فيعول على هذا الارتكاز في الحكم بها مطلقا. فغير ظاهرة بعد ما عرفت من كلمات الاصحاب. وأضعف منها دعوى كونها من الضروريات المستغنية بضروريتها عن إقامة الدليل عليها. كيف وقد استظهر من المنتهى دعوى الاجماع على أنه لو كان في فيه لقمة ولم يبلعها إلا في الصلاة، لم تبطل، لانه فعل قليل. (1) قد حكي الاجماع على عدم البطلان في كلام جماعة، منهم العلامة في المنتهي، قال فيه: " لو أكل أو شرب في الفريضة ناسيا لم تبطل صلاته عندنا، قولا واحدا ". لكن قيده جماعة بعدم المحو. والكلام فيه هو الكلام في الفعل الماحي بعينه. فراجع. (2) تقدم الكلام فيه في فصل الموالاة. (3) كما عن جماعة كثيرة التصريح به، بل عن المنتهي، وفي جامع المقاصد أن الصلاة لا تفسد بذلك قولا واحدا.
===============
( 588 )
[ وكذا بابتلاع قليل من السكر، الذي يذوب وينزل شيئا فشيئا (1). ويستثنى أيضا مارود في النص (2) بالخصوص من جواز شرب الماء لمن كان مشغولا بالدعاء، في صلاة الوتر، وكان عازما على الصوم في ذلك اليوم، ويخشى مفاجأة الفجر، وهو عطشان، والماء أمامه، ومحتاج إلى خطوتين. أو ثلاثة: فانه يجوز له التخطي والشرب حتى يروى، وإن ] (1) كما عن جماعة كثيرة، وعن المنتهى: " لم تفسد صلاته عندنا، وعند الجمهور تفسد "، وعن جامع المقاصد: " أغرب بعض المتأخرين، فحكم بابطال مطلق الاكل، حتى لو ابتلع ذوب سكرة. وهو بعيد ". (2) هو ما رواه الشيخ (رحمه الله)، باسناده عن أحمد بن محمد، عن الهيثم ابن أبي مسروق النهدي، عن محمد بن الهيثم، عن سعيد الاعرج، قال: " قلت لابي عبد الله (ع): إني أبيت وأريد الصوم، فأكون في الوتر، فأعطش، فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب، وأكره أن أصبح وأنا عطشان، وأمامي قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث، قال (ع): تسعى إليها وتشرب منها حاجتك، وتعود في الدعاء " (* 1)، ورواه الفقيه، باسناده عن سعيد الاعرج، أنه قال: " قلت لابي عبد الله (ع): جعلت فداك إني أكون في الوتر، وأكون نويت الصوم، فأكون في الدعاء، وأخاف الفجر، فأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء، وتكون القلة أمامي، قال: فقال (ع): لي: فاخط إليها الخطوة، والخطوتين والثلاث. واشرب وارجع إلى مكانك، ولا تقطع على نفسك الدعاء " (* 2)
____________ (* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. .
===============
( 589 )
[ طال زمانه (1) إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة (2) حتى إذا أراد العود إلى مكانه رجع القهقرى، لئلا يستدبر القبلة. والاحوط الاقتصار على الوتر المندوب (3). وكذا على خصوص شرب الماء. فلا يلحق به الاكل وغيره. نعم الاقوى عدم الاقتصار على الوتر، ولا على حال الدعاء فيلحق به مطلق النافلة، وغير حال الدعاء. وإن كان الاحوط الاقتصار العاشر: تعمد قول: " آمين " (4) ] (1) لاطلاق النص. (2) كما صرح به جماعة، إذ لا إطلاق في النص يقتضي جوازه، فيرجع فيه إلى أصالة المنع. (3) كما هو المشهور. عملا بأصالة المنع، واقتصارا فيما خالفها على مورد النص، وهو ما ذكر. لكن عن ظاهر الخلاف، والمبسوط: التعدي إلى مطلق النافلة وفي الشرائع، وعن غيره: التعدي إلى غير الدعاء من أحول الوتر. ووجه الاول - كما عن الخلاف -: اختصاص دليل المنع بالفريضة، فلا يعم النافلة. ووجه الثاني: ما عن التنقيح من الاجماع على استثناء الوتر مطلقا. مضافا إلى ما يظهر من قول السائل: " فاكره أن أقطع الدعاء " من أنه يعتقد أنه لا يقطع الصلاة، وإنما يقطع الدعاء لاغير فالاقتصار في ردعه على الثاني دليل على صحة الاول. وأما ما عن الخلاف من وجه الاول، فمقتضاه جواز الاكل في النافلة، بل كل فعل كثير ماح للصلاة، وعن مجمع البرهان الميل إليه. ولكن في الجواهر: " هو في غاية الضعف ". وكأنه لاطلاق معاقد الاجماع على قاطعيته، كغيره من القواطع. الذي لا يقدح فيه ما في الخلاف، لانه لشبهة، من جهة الرواية (4) على المشهور، وعن الانتصار، والخلاف، ونهاية الاحكام،
===============
( 590 )
والتحرير: حكاية الاجماع على البطلان، وفي المنتهى، وعن كشف الالتباس: نسبته إلى علمائنا، وعن جماعة: نسبة حكاية الاجماع على البطلان إلى المفيد أيضا، وفي المنتهى: " قال علماؤنا: يحرم قول: " آمين "، وتبطل به الصلاة، وقال الشيخ: سواء كان ذلك سرا، أو جهرا، في آخر الحمد أو قبلها، للامام والمأموم، وعلى كل حال، وادعى الشيخان والسيد المرتضى إجماع الامامية عليه ". واستدل له بجملة من النصوص، كمصحح جميل عن أبي عبد الله (ع): " إذا كنت خلف إمام، فقرأ الحمد، وفرغ من قراءتها، فقل أنت: الحمد الله رب العالمين، ولا تقل: آمين " (* 1). ونحوه في النهي كذلك مصحح زرارة (* 2)، وخبر الحلبي (* 3). وقد يشير إليه صحيح معاوية ابن وهب: " قلت لابي عبد الله (ع): أقول: آمين، إذا قال الامام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين؟ قال (ع): هم اليهود والنصارى " (* 4) فان ترك الجواب عن السؤال، والتعرض لامر آخر، غير مسؤول عنه، ظاهر في الخوف في الجواب، ولا خوف في الجواب بالرخصة، لانها مذهب العامة. فتأمل. نعم قد يعارضها صحيح جميل: " سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب: آمين قال (ع): ما أحسنها، واخفض الصوت بها " (* 5). لكنه يتوقف على قراءة:
____________ (* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاه حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث 2. (* 5) الوسائل باب: 17 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 5.
===============
( 591 )
" ما أحسنها " بصيغة التعجب، لا بصيغة النفي، ولا بصيغة الاستفهام. وإن كان قد ينفي الاخيرين الامر في الذيل بخفض الصوت بها. واحتمال كونه من كلام الرواي - يعني: أنه (ع) حين قال: " ما أحسنها ". خفض صوته - بعيد، لان خفض الصوت ثلاثي، وما في النسخة رباعي لكن يتعين حمله على التقية، لموافقته للعامة. ولا مجال للجمع بينه وبين ما سبق بالحمل على الكراهة. لكونه ظاهرا في الرجحان. كما لا مجال للجمع بحمل ما سبق على غير الجماعة. لصراحة المصحح الاول فيها أيضا. نعم يمكن أن يستشكل في الاستدلال بالنصوص بظهور النهي فيها في نفي المشروعية. كما سبق في التكتف فان المنهي عنه إذا كان من سنخ العبادة يكون النهي عنه ظاهرا في نفي المشروعية. ولا سيما ما كان مسبوقا بالسؤال. ولا سيما وكونه كذلك عند العامة لا السؤال عن مانعيته، ليكون ظاهر النهي الارشاد إليها. وكأن ذلك هو المراد مما عن المدارك من أن الاجود التحريم، دون البطلان. لا التحريم التكليفي. وإلا كان ضعيفا جدا إذ النهي في أمثال المقام إما ظاهر في نفي المشروعية، إن تم ما ذكرنا. أو في الارشاد إلى المانعية، كما يظهر من ملا حظة النظائر، وعليه ديدن الفقهاء (رضوان الله عليهم). فإذا العمدة في الحكم بالبطلان الاجماعات المدعاة. اللهم إلا أن يناقش في صحة الاعتماد عليها، لعدم اقتضائها العلم بالمطابقة لرأي المعصوم. هذا وقد استدل غير واحد على البطلان بأنه من كلام الآدميين، كما عن الخلاف، وعن حاشية المدارك نسبته إلى فقهائنا وعن الانتصار: " لا خلاف في أنها ليست قرآنا، ولادعاء مستقلا "، وعن التنقيح " اتفق الكل على أنها ليست قرآنا، ولادعاء، وإنما هي اسم للدعاء، والاسم غير المسمى " ونحوه ما في غيره. لكن في كشف اللثام: " إن ذلك
===============
( 592 )
[ بعد تمام الفاتحة (1)، لغير ضرورة، من غير فرق بين الاجهار به، والاسرار (2) للامام، والمأموم، والمنفرد (3) ] مبني على أن أسماء الافعال أسماء لالفاظها. والتحقيق خلافه. أقول: لو سلم ذلك لم تخرج عن كونها دعاء. لان أسماء الافعال حاكية عن نفس الافعال بما هي حاكية عن معانيها، لوضوح الفرق بين قولنا: " اسكت فعل أمر " وقولنا: " صه "، فان الاول حاك عن اللفظ محضا، على أنه بنفسه موضوع الحكم، والثاني حاك عن معنى " اسكت " بتوسط حكايته عن لفظ " اسكت ". نظير ما سبق في القرآن المقصود به الدعاء. فآمين إذا كان اسما ل " استجب " كان دعاء مثله، ولا يكون بذلك من كلام لآدميين. نعم كونه من الدعاء الجدي موقوفا على فرض دعاء، ليطلب استجابته. وإلا كان لقلقة لسان، ويخرج بذلك عن كونه مناجاة لله تعالى، ومكالمة له سبحانه. فلاحظ. (1) كما قيده بذلك غير واحد. ويقتضيه الاعتماد على النصوص، لاختصاصها بذلك. نعم لو كان المعتمد كونه من كلام الآدميين لم يفرق في البطلان به بين آناء الصلاة. وكذا لو كان المعتمد بعض معاقد الاجماعات كما تقدم في عبارة المنتهى. وفي محكي التحرير: " قول آمين حرام تبطل به الصلاة سواء جهر بها، أو أسر، في آخر الحمد، أو قبلها، إماما كان، أو مأموما، وعلى كل حال. واجماع الامامية عليه. للنقل عن أهل البيت (ع) " ونحوه ما عن الخلاف والمبسوط. (2) كما صرح به في جملة من معاقد الاجماعات، التي منها ما تقدم عن المنتهى، والتحرير. ويقتضيه إطلاق النصوص. (3) كما نص عليه في جملة معاقد الاجماعات. كما تقدم. ويشهد.
===============
( 593 )
[ ولا بأس به في غير المقام المزبور بقصد الدعاء، كما لا بأس به مع السهو (1). وفي حال الضرورة (2). بل قد يجب معها، ولو تركها أثم. لكن تصح صلاته، على الاقوى (3). الحادى عشر: الشك في ركعات الثنائية والثلاثية والاوليين من الرباعية. على ما سيأتي (4). ] للثاني: مصح جميل (* 1). وللاول والاخير: إطلاق خبر الحلبي (* 2). وما في المعتبر من الميل إلى تخصيص المنع بالمنفرد ضعيف. كما عرفت. (1) لعموم حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 3)، الشامل للمقام، كالاجزاء، والشرائط. هذا بناء على المانعية. وإلا فلا إشكال. (2) بلا إشكال ظاهر، بل قيل: " الظاهر الاجماع عليه ". لعموم أدلة التقية، الدلالة على صحة العمل الموافق لها. (3) كما نص عليه في الجواهر وغيرها. لعدم كون ذلك من الكيفية اللازمة في صحة الصلاة عندهم. وتخيل الجهلاء منهم اعتبارها فيها، لا يترتب عليه الحكم. لكن يتم ذلك لو كانت التقية من العلماء. أما لو كانت من الجهلاء، فاللازم الحكم بالبطلان. فان أدلة التقية لا يفرق في جريانها بين مذهب العلماء والجهلاء. نعم لو تمت دعوى: عدم ظهور أدلة التقية في اعتبار ذلك في الصلاة، وأنها ظاهرة في وجوبه فقط، كان ما ذكر في محله. لكنها خلاف الظاهر. كما تقدم في مباحث الوضوء. (4) يأتي الكلام فيه وفيما بعده في مبحث الخلل.
____________ (* 1) راجع صفحة: 590. (* 2) راجع صفحة: 590. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4. (* 4) راجع الجزء الثاني من المستمسك المسألة: 35 من فصل افعال الوضوء.
===============
( 594 )
[ الثاني عشر: زيادة جزء أو نقصانه عمدا، إن لم يكن ركنا. ومطلقا إن كان ركنا. (مسألة 40): لو شك بعد السلام في أنه هل أحدث في أثناء الصلاة أم لابنى على العدم والصحة (1). (مسألة 41): لو علم بأنه نام اختيارا، وشك في أنه هل أتم الصلاة ثم نام، أو نام في أثنائها بنى على أنه أتم ثم نام (2). وأما إذا علم بأنه غلبه النوم قهرا، وشك في أنه كان في أثناء الصلاة، أو بعدها، وجب عليه الاعادة (3). وكذا إذا رأى نفسه نائما في السجدة، وشك في أنها السجدة الاخيرة من الصلاة، أو سجدة الشكر بعد إتمام الصلاة، ولا يجري قاعدة الفراغ في المقام. ] (1) لاستصحاب العدم، أو لقاعدة الفراغ، التي لا يفرق في جريانها بين الشك في وجود الجزء، والشرط، والمانع، والقاطع. (2) هذا ظاهر إذا كان قد أحرز الفراغ البنائي. لجريان قاعدة الفراغ حينئذ. ويشكل مع عدم إحراز ذلك. كما هو ظاهر المتن. ومجرد النوم اختيارا، لا يكفي في إحرازه. وأما إجراء قاعدة التجاوز فقد عرفت فيما سبق الاشكال فيه، وأنه لا يكفي في التجاوز عن الشئ الدخول فيما ينافيه وكأن وجه ما في المتن: قاعدة الصحة، التي يقتضيها ظاهر حال المسلم. لكن في صلاحيتها لاثبات صحة الفعل، وتماميته إشكال. بل في جريانها في نفسها مع اتحاد الفاعل والحامل - كما في المقام - منع. فتأمل جيدا. (3) أما عدم جريان قاعدتي الفراغ، والتجاوز، فلما سبق. وأما عدم جريان أصالة الصحة، فلعدم الظهور هنا.
===============
( 595 )
[ مسألة 42): إذا كان في أثناء الصلاة في المسجد فرأى نجاسة فيه، فان كانت الازالة موقوفة على قطع الصلاة أتمها ثم أزال النجاسة (1). وإن أمكنت بدونه، بأن لم يستلزم الاستدبار، ولم يكن فعلا كثيرا موجبا لمحو الصورة، وجبت الازالة ثم البناء على صلاته. (مسألة 43): ربما يقال بجواز البكاء على سيد الشهداء أرواحنا فداه في حال الصلاة وهو مشكل (2). (مسألة 44): إذا أتى بفعل كثير، أو بسكوت طويل وشك في بقاء صورة الصلاة ومحوها معه، فلا يبعد البناء على البقاء (3). لكن الاحوط الاعادة، بعد الاتمام. ] (1) تقدم في أحكام النجاسات تقريب وجوب القطع والازالة. لجواز قطع الفريضة للحاجة. لا أقل من استفادة أهمية وجوب الازالة من حرمة القطع. وسيأتي في الفصل الثاني بعض الكلام في المقام فانتظر. (2) هذا إذا كان البكاء لعظم المصيبة، بحيث لو فرض وقوعها على غيره (ع) من الناس لاقتضت البكاء. لامكان دعوى شمول قوله (ع): " وإن ذكر ميتا له " (* 1) لمثل ذلك، أما لو كان لاجل ما يترتب على مصيبته (ع) من فوات الخيرات، المترتبة على وجوده الشريف، أو وقوع المضرات لاأخروية، فلاينبغي الاشكال في عدم شمول النص له. (3) إما لاستصحاب بقاء الصورة. وفيه: أنه إن كان المنشأ للشك إجمال المفهوم امتنع الاستصحاب. كما حرر في محله، وتكرر في غير موضع من هذا الشرح. مضافا إلى أن الصورة، التي يحكم المتشرعة بمحوها بالفعل
____________ (* 1) راجع المورد السابع من مبطلات الصلاة.
===============
( 596 )
الكثير، عبارة عن صلاحية الاجزاء الواقعة لانضمام الاجزاء اللاحقة إليها، بحيث تكون معها صلاة واحدة لو لم يتحقق الماحي. وهذا المعنى مما لم يطرأ عليه الشك، وإنما كان الشك في وجود الماحي وعدمه لاغير. وإما لاستصحاب عدم الماحي. وفيه: أن الشك لم يكن في وجوده وعدمه وإنما كان في المحو وعدمه. وقد عرفت الاشكال في استصحاب عدم المحو. وإما لاستصحاب الهيئة الاتصالية. المستفاد وجودها للصلاة من التعبير في النص والفتوى بالقاطع، فان القطع إنما يصح اعتباره للمتصل. بذلك افترق القاطع عن المانع، فان المانع ما يمنع من تأثير المقتضي في المحل، والقاطع ما يقطع الوجود المتصل. فإذا شك في وجود القاطع فقد شك في بقاء الامر المتصل فيستصحب بقاؤه. وفيه: أن الهيئة الاتصالية إن كانت قائمة بالمصلي، فهو خلاف ظاهر التعبير بقطع الصلاة. وإن كانت قائمة بالصلاة، فبالنظر إلى أن أجزاء الصلاة مما يتخلل بينها العدم يمتنع أن تكون تلك الهيئة مستمرة الوجود، لامتناع بقائها بلا موضوع. وحينئذ فالتعبير بالقاطع لابد أن يكون على نحو من العناية والادعاء. والظاهر أو المحتمل أن يكون ذلك لمنعه عن انضمام الاجزاء اللاحقة إلى السابقة. بحيث يتألف منها المركب، وتترتب عليه المصلحة الواحدة، المقصودة منه. فليس هناك شئ مستمر حقيقة أو عرفا بنحو يصح استصحابه. أما الاشكال عليه بأنه لادليل على أخذه موضوعا للطلب، كسائر الاجزاء. أو بأنه لو سلم فلا إشكال في تعلق الطلب بعدم وقوع القواطع لثبوت النهي عنها. وحينئذ فإذا شك في وجود القاطع من جهة الشبهة الحكمية، أو الموضوعية، لا يجدي استصحاب بقاء الهيئة في رفع الشك المذكور. لان الشك في بقاء الهيئة مسبب عن الشك في قاطعية الموجود،