(مسألة 19): إذا صلى في غير المأكول جاهلا أو ناسيا فالاقوى صحة صلاته (2). ] العظيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الاكرم وآله الطاهرين. (1) كأنه من جهة أن مبنى الاشكال هو القول بالشرطية، وعلى القول بها فليست شرطية مطلقة، بل منوطة باللباس الحيواني، فمع الشك فيه يشك في الشرطية، وحينئذ يكون الاصل بالبراءة منها، كما في سائر موارد الشك في الشرطية. لكن عرفت أنه بناء على المانعية لا يكون جواز الصلاة فيه بذلك الوضوح، ما عرفت من الاشكال في جريان كل من أصل البراءة وأصل الحل والاستصحاب، فليس مبنى الاشكال مختصا بالقول بالشرطية، كما عرفت أيضا الاشارة إلى أنه على تقدير القول بالشرطية يحتمل كون الشرطية تخييرية لا منوطة، وعلى هذا التقدير لا يفرق الحال في وجوب الاحتياط على تقدير القول به بين إحراز حيوانية اللباس والشك فيها. فراجع. ولو قال بدله: (فالاشكال حينئذ أخف) كان أولى. هذا والظاهر أن المراد مما في المتن صوره الشك في الحيوانية مع الشك في المأكولية على تقديرها. ولو علم بعدم المأكولية على تقديرها فالحكم فيها كما سبق أيضا. ولو علم بالمأكولية على تقدير الحيوانية فلا إشكال أصلا. (2) أما في الجاهل يعني: الجاهل بالموضوع فلصحيح
===============
( 349 )
عبد الرحمن بن أبي عبد الله: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلي في ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته؟ قال (عليه السلام): إن كان لم يعلم فلا يعيد " (* 1). وأما في الناسي: فلحديث: " لا تعاد الصلاة " (* 2)، بل بناء على عموم الحديث للجاهل يكون دليلا على عدم الاعادة فيه أيضا. هذا وعن المشهور وجوب الاعادة في الناسي، وأستدل له بما في موثق إبن بكير من قوله (عليه السلام): " لاتقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما أحل الله تعالى أكله " (* 3)، لظهور كونه في بيان حكم الصلاة الواقعة من المكلف، كأنه قيل: (إذا صلى فعليه الاعادة)، وبينه وبين حديث: " لا تعاد) وإن كان هو العموم من وجه لاختصاص الحديث بالنسيان وعمومه للخلل من حيث لا يؤكل وسائر موارد الخلل، وعموم الموثق للنسيان والجهل وإختصاصه بالخلل من حيث لا يؤكل، إلا أنه بعد خروج الجاهل عن الموثق بمقتضى الصحيح السابق يبقى مختصا بالناسي، فتنقلب النسبة بينه وبين حديث: " لا تعاد "، ويكون أخص مطلقا منه فيقدم عليه. ولو فرض بقاء النسبة فمقتضى أصالة تساقط العامين من وجه في مورد المعارضة الرجوع إلى أصالة الفساد، لفوات المشروط بفوات شرطه. وتوهم: أن ظاهر السؤال كونه سؤالا عن أصل المانعية، ومقتضى تنزيل الجواب على السؤال كون قوله (عليه السلام): " فاسدة لا تقبل.. " واردا في مقام أصل تشريع المانعية بالجعل الاولي، كأنه قال: (لا تجوز
===============
( 350 )
الصلاة فيما يحرم أكله) فلا يكون منافيا لحديث: " لا تعاد.. " الوارد في مقام التشريع الثانوي. مندفع: بأن السؤال وإن كان ظاهرا فيما ذكر إلا أن بيان المانعية لا ينحصر بلسان التشريع الاولي الدال بالمطابقة على المانعية أو بالالتزام مثل: (صل لا فيما لا يؤكل لحمه) أو (لا تصل فيما يحرم أكله)، بل يكون أيضا بلسان التشريع الثانوي مثل: (لو صلى فيما لا يؤكل فسدت صلاته)، وكم من مانعية أستفيدت من مثل ذلك، فتنزيل الجواب على السؤال لا يقتضي صرف ظهور قوله (عليه السلام): " فاسدة لا تقبل.. " في التشريع الثانوي إلى كونه في مقام التشريع الاولي، ليخرج عن صلاحية المعارضة لحديث: " لا تعاد.. "، بل المعارضة بينهما محكمة. نعم يمكن أن يقال: الموثق شامل للجاهل بالموضوع وبالحكم، قاصرا ومقصرا، وللعالم بهما الناسي والملتفت، وللغافل، وصحيح عبد الرحمن مختص بالغافل والجاهل بالموضوع، فإذا بني على تخصيص الموثق به كان الباقي بعد التخصيص العالم الناسي والملتفت، والجاهل بالحكم بقسميه، وبينه وبين حديث: " لا تعاد " بناء على إختصاصه بالناسي أيضا نسبة العموم من وجه، فلو بني على العمل بالحديث في الناسي كان الموثق حجة فيما عداه، وحينئذ لا وجه لدعوى أنه لو عمل بالحديث في الناسي يبقى الموثق بلا مورد. بل اللازم العمل بالحديث في الناسي، لوضوح دلالته، وتأكدها بالاستثناء وبذيله الذي هو كالتعليل، ويبقى الموثق حجة فيما عداه. نعم بناء على ما هو الظاهر من عموم الحديث لكل من هو في مقام تفريغ ذمته بالناقص، لنسيان أو غفلة أو جهل يعذر فيه بالحكم أو الموضوع كما هو الظاهر في الموثق أيضا يكون الموثق أخص مطلقا من
===============
( 351 )
[ (مسألة 20): الظاهر عدم الفرق بين ما يحرم أكله بالاصالة أو بالعرض (1) كالموطوء والجلال وإن كان لا يخلو عن إشكال. ] الحديث فيخصص به، ولاجل أنه أعم مطلقا من صحيح عبد الرحمن يخصص بالصحيح أيضا، ونتيجة ذلك الصحة مع عدم العلم بالموضوع والبطلان فيما عداه. ثم إنه ربما يتوهم دلالة صحيح عبد الرحمن أيضا على البطلان في صورة العلم بالمفهوم الشامل للناسي والغافل والعامد، وفيه: أن المفهوم وإن دل على البطلان فيه، لكن لا يظهر منه كونه لاجل النجاسة، أو لاجل حرمة الاكل، فإجماله مسقط له عن الحجية. فلاحظ. (1) كما يقتضيه إطلاق الادلة، من غير فرق بين أن تكون الحرمة ملحوظة مرآة لموضوعاتها، أو ملحوظة في نفسها عنوانا وموضوعا للحكم. (ودعوى) أنه على الاول تكون مرآة لخصوص العناوين الاولية، ولا مجال حينئذ لدعوى المانعية فيما هو محرم بالعارض، حتى جعل ذلك مبنى للاشكال في المسألة. (غير ظاهرة) فإن المرآتية لا تلازم الاختصاص بالمحرم بالاصل، إذ يمكن جعل الحرمة عنوانا للعنوان المحرم بالعارض مثل الموطوء، كما يمكن جعلها عنوانا للمحرم بالاصل، مثل الارنب بعينه. فالعمدة حينئذ في الاشكال في المسألة الذي أشار إليه في المتن دعوى الانصراف الآتية على الوجهين. لكنها ممنوعة، فالعمل بالاطلاق لازم (فإن قلت): لازم البناء على الاطلاق المذكور بطلان الصلاة فيما كان محرما للضرر أو الغصب أو نحو ذلك، ولا يمكن الالتزام به (قلت): الظاهر من النصوص بطلان الصلاة في الحيواني المحرم حيوانه بما أنه
===============
( 352 )
[ (الخامس): أن لا يكون من الذهب للرجال (1). ولا يجوز ] حيوان، سواء أكانت جهة التحريم عنوانا أوليا أو ثانويا، والحيوان المضر أو المغصوب ليس تحريمه بما أنه حيوان، بل بما أنه مضر أو مغصوب ملغى فيه جهة حيوانيته، بخلاف الموطوء والجلال وشارب لبن الخنزيرة. فلاحظ. (1) كما هو المعروف، بل في الجواهر: " نفي وجدان الخلاف في الساتر منه، بل ولا فيما تتم الصلاة به منه وإن لم يقع الستر به ". ويشهد له موثق عمار عن الصادق (عليه السلام): " لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه لانه من لباس أهل الجنة " (* 1)، وخبر موسى بن أكيل عنه (عليه السلام): " جعل الله الذهب في الدنيا زينة للنساء فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه " (* 2)، وما في خبر جابر: " يجوز للمرأة لبس الديباج.. " إلى أنه قال: ويجوز أن تتختم بالذهب وتصلي فيه، وحرم ذلك على الرجال إلا في الجهاد " (* 3). والمناقشة في سند الاول ضعيفة، لان التحقيق حجية الموثق. وفي الاخيرين لا تهم. لكفاية الاول، ولا سيما مع إعتماد الاصحاب عليه، كالمناقشة في دلالته من جهة التعليل في ذيله إذ الظاهر أن المراد من التعليل في ذيله: إن الله سبحانه خص لباس الرجال إياه في الجنة فلا يجوز لبسهم إياه في الدنيا. وهذا هو العمدة في إثبات المانعية. أما حرمة لبس الذهب إجماعا أو ضرورة فلا تقتضي الفساد نظير حرمة النظر إلى الاجنبية. وما عن المنتهى من الاستدلال على البطلان بأن الصلاة فيه إستعمال
===============
( 353 )
[ لبسه لهم في غير الصلاة أيضا (1). ولا فرق بين أن يكون خالصا أو ممزوجا (2). ] له فتحرم، وحرمة العبادة تقتضي الفساد. مدفوع بالمنع من حرمة إستعمال الذهب كلية، وإن أريد من الاستعمال خصوص اللباس فالحرمة مسلمة، لكن اللبس ليس عين الصلاة ولا قيدها، ولو كان قيدها كما لو كان لبسا للساتر فحرمة القيد لا توجب فساد العبادة، لعدم إعتبار العبادية في القيود، إذ هي إنما تعتبر في الصلاة التي تتحد مع أجزائها دون قيودها. ومثله في الاشكال دعوى أن حرمة اللبس منافية لاطلاق الامر بالتستر فلا بد من تقييد التستر الذي هو موضوع الامر بغير الذهب، فالتستر به كالعراء. إذ فيها أيضا أن المنافاة إنما تسلم بناء على الامتناع. وعليه فالساتر من الذهب إنما يكون خارجا عن موضوع الامر الفعلي لا عن ملاكه، ومع حصول الملاك الموجود في غيره من أنواع الساتر تصح الصلاة، ولا يكون التستر به كعدمه، وقد عرفت أن التستر الصلاتي ليس عبادة حتى يكون النهي عنه مانعا عن عباديته. مضافا إلى أن غاية مقتضى ما ذكر المنع من التستر به، لا مطلق اللبس في الصلاة. (1) إجماعا كما عن جماعة كثيرة، وفي الجواهر: " إجماعا أو ضرورة " ويدل عليه ما سبق من النصوص، ويستفاد أيضا مما تضمن النهي من التختم بالذهب، كخبر جراح المدايني عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا تجعل في يدك خاتما من ذهب " (* 1). ونحوه غيره. (2) كأنه لصدق لبس الذهب فيشمله إطلاق التحريم، لكنه يختص بما لو كان للذهب وجود ممتاز في الخارج، مثل الثوب الذي يكون سداه
===============
( 354 )
[ بل الاقوى إجتناب الملحم به والمذهب بالتمويه والطلي (1) إذ صدق عليه لبس الذهب ولا فرق بين ما تتم فيه الصلاة ] أو لحمته ذهبا. أما إذا كان المزج مانعا من أمتياز الوجود مثل ما لو ميع الذهب بالنحاس ثم علم منهما قلادة أو سوار أو درع أو نحوها فالمنع تابع للصدق العرفي، فقد يسمى نحاسا مذهبا، وقد يسمى ذهبا مغشوشا، وقد يسمى شيئا آخر. على أنه في المستند أستشكل في المنع في القسم الاول، معللا بأن ما لبسه ليس ذهبا، وما هو ذهب لم يلبسه، وفيه: أن عدم صدق الذهب على نفس اللباس لانه جزؤه لاكله لا يمنع من صدق لبس الذهب، إذ يكفي في صدق اللبس تحقق الاشتمال، وكل من السدا واللحمة مشتمل على البدن، فهو ملبوس. هذا من حيث الحكم التكليفي وأما من حيث الحكم الوضعي: فلا ينبغي التأمل في المانعية حينئذ لصدق الصلاة فيه. (1) كما نسب إلى العلامة والشهيدين وغيرهم، وفي محكي كشف الغطاء: " الشرط الثالث: أن لا يكون هو أو جزؤه ولو جزئيا أو طليه مما يعد لباسا أو لبسا ولو مجازا بالنسبة إلى الذهب من المذهب، إذ لبسه ليس على نحو لبس الثياب، إذ لا يعرف ثوب مصبوغ. منه، فلبسه إما بالمزج أو التذهيب أو التحلي.. ". وظاهر محكي الغنية والاشارة والوسيلة: الجواز: للتعبير فيها بالكراهة. وهو الاقرب، لعدم صدق لبس الذهب بمجرد ذلك ولا سيما في التمويه، لانه معدود عرفا من الالوان. والوجه الذي ذكره كاشف الغطاء إنما يتم لو كان قد ورد: (لا تلبس الثوب من الذهب) أما على ما ورد في النصوص فلا يتم، لامكان تحقق اللبس حينئذ في مثل السوار والقلادة والخاتم ونحوها. فلاحظ. نعم لو بني على حرمة التزيين
===============
( 355 )
[ وما لا تتم كالخاتم (1) والزر ونحوها ] بالذهب كما أدعى في الجواهر في كتاب الشهادات الاجماع بقسميه عليه ويستفاد من بعض النصوص الآتية أمكن المنع في الملحم إذا كان ذلك تزيينا عرفا، أما المذهب بالتمويه: ففيه إشكال، لما عرفته من عدم صدق الذهب فيه، لانه لون عرفا. هذا من حيث الحرمة النفسية. أما من حيث صحة الصلاة: فسيأتي الكلام فيه. (1) أما عدم الفرق في حرمة اللبس تكليفا: فالظاهر أنه لاإشكال فيه، لصدق اللبس حقيقة على لبس ما لا تتم به الصلاة، كصدقه على ما تتم، فإطلاق دليل حرمة لبس الذهب بلا معارض. وأما بطلان الصلاة فيه: فهو المشهور. لكن في المعتبر: " لو صلى وفي يده خاتم من ذهب ففي فساد الصلاة تردد، وأقربه أنها لا تبطل، لما قلناه في الخاتم المغصوب ومنشأ التردد رواية موسى بن أكيل النميري عن أبي عبد الله (عليه السلام).. " (* 1) ومقتضى كلامه: عدم إختصاص القول بالصحة بمثل الخاتم، بل يجري في مطلق اللباس غير الساتر، لاطراد ما ذكره من الوجه في الجميع من أن النهي عن لبسه لا يقتضي النهي عن الصلاة. وفيه: أنه إن بني على الاغماض عن النصوص المتضمنة للمانعية كان الوجه الصحة حتى في الساتر كما أشرنا إليه آنفا. وإن بني على العمل بها لم يكن فرق بين الجميع في البطلان، لاطلاقها. وحيث أن نص المانعية لا يختص بخبر موسى بن أكيل الضعيف كي يجوز الاعراض عنه، بل فيه الموثق المتقدم الداخل تحت موضوع حجية خبر الثقة، فلا وجه للتردد في المسألة فضلا عن جعل الاقرب عدم البطلان.
===============
( 356 )
وأما الازرار ونحوها مما يعد جزءا من اللباس: فالاشكال فيها هو الاشكال المتقدم في الملحم بالذهب. ومنشأ الاشكال: أن المحرم تكليفا هو خصوص اللبس كما تضمنه موثق عمار (* 1) أو مطلق التزين كما هو الظاهر، وأدعي عليه الاجماع، ويستفاد من خبر حنان بن سدير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " سمعته يقول: قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): إياك أن تتختم بالذهب فإنه حليتك في الجنه " (* 2)، وخبر أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): " أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام).. إلى أن قال: لا تتختم بخاتم ذهب فإنه زينتك في الآخرة " (* 3). ونحوه خبر روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) (* 4) وخبر أبي بصير الآتي في تحلية الصبيان بالذهب (* 5)، بناء على أن المراد من الغلمان البالغون فإن قيل بالثاني: فالمنع في محل، لصدق التزين في الموارد المذكورة، وإن قيل بالاول لضعف سند النصوص المذكورة: فلا وجه للمنع، لعدم صدق اللبس فيها، لفقد الاشتمال الذي يدور عليه صدق اللبس عرفا. ثم نقول: إن كان موضوع المانعية هو موضوع الحرمة النفسية - كما هو ظاهر الجواهر كان الوجه صحة الصلاة أيضا في الموارد المذكورة، وإن كان غيره فالبطلان تابع لصدقه. وتحقيق ذلك: ما أشرنا إليه آنفا من أن حرف الظرفية في قولهم (عليهم السلام):
===============
( 357 )
[ نعم لا بأس بالمحمول منه (1) ] (يصلي في كذا) أو (لا يصلي في كذا) هل يراد منه الظرفية أو المعية؟ المحكي عن الوحيد (ره): الثاني، لامتناع ظرفية مدخولها للفعل وهو الصلاة، فيتيعن حملها على المعية، كما قيل في قوله تعالى: (فخرج على قومه في زينته " (* 1). وعليه فالوجه البطلان حتى في المحمول لو لم يقم الدليل على الصحة فيه. وظاهر غيره: الاول على ما هو الاصل في معناه تجوزا، ولو بلحاظ الظرفية للفاعل، فلا يشمل المحمول، بل يختص بما له نحو إشتمال على المصلي ولو على بعضه وهو الملبوس عرفا. وهذا هو الاظهر بل لو بني على الاول، فالظاهر من قوله (عليه السلام) في الموثق: " لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه لانه من لباس أهل الجنة " (* 2) تخصيص المانع بخصوص اللباس، لامن جهة رجوع الضمير المجرور بحرف الظرفية إلى اللباس المتصيد من قوله (عليه السلام): " لا يلبس "، فإن الظاهر رجوعه إلى الذهب، بل من جهة التعليل بأنه لباس أهل الجنة، الظاهر في أن الله سبحانه خص لباسه بأهلها، فإن ذلك يوجب تقييد الضمير بخصوص اللباس فلا يعم غيره. والمتحصل من ذلك كله: هو حرمة تقييد الضمير بخصوص اللباس فلا يعم غيره. والمتحصل من ذلك كله: هو حرمة لبس الذهب وحرمة التزيين فيه تكليفا، وأما مانعيته عن الصلاة فتختص باللباس، ولا تعم التزيين، لاختصاص الموثق باللباس، فالتزيين بالذهب لا يبطل الصلاة وإن كان حراما تكليفا. وأما اللبس: فيختص بما له نوع إشتماله على المصلي ولو بعضه، ولا يكون في غيره. (1) قيل: بلا ريب ولا إشكال سوى ما عن الوحيد (ره) في أول
===============
( 358 )
[ مسكوكا أو غيره، كما لا بأس بشد الاسنان به (1). بل الاقوى أنه لا بأس بالصلاة فيما جاز فعله فيه من السلاح (2) كالسيف والخنجر ونحوهما، وإن أطلق عليهما إسم اللبس، ولكن الاحوط إجتنابه. ] كلامه، لاستظهاره من (في) معنى المعية. لكن قيل: آخر كلامه ظاهر في الجواز. وهو الذي تقتضيه السيرة، وما ورد من أمر الحاج بشد نفقته على بطنه، المطابقين لمقتضى الاصل، بعد قصور أدلة المنع عن شمول المحمول، بل غير الملبوس، كما عرفت. (1) للاصل، وفي صحيح إبن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): " إن أسنانه (عليه السلام) استرخت فشدها بالذهب " (* 1). وقريب منه غيره. (2) أما جواز التحلية: فلا خلاف فيه ظاهر، ويشهد له مصحح إبن سنان: " ليس بتحلية السيف بأس بالذهب والفضة " (* 2)، وخبر إبن سرحان: " ليس بتحلية المصاحف والسيوف بالذهب والفضه بأس " (* 3) وأما جواز لبس المحلى بالذهب: فهو مستفاد من النصوص المذكورة بالالتزام العرفي. وأما جواز الصلاة فيها: فهو المحكي عن المحقق الخونساري في حاشية الروضة، للاصل، وضعف خبر الساباطي والنميري. وفيه: أن خبر الساباطي من الموثق الحجة، فالبناء على الجواز لابد أن يكون إما لمنع صدق اللبس حقيقة كما هو الظاهر، وما ورد من أن السيف بمنزلة الرادء تصلي فيه ما لم تر فيه دما " (* 3)، وما ورد من عدم جواز الصلاة
===============
( 359 )
[ وأما النساء: فلا إشكال في جواز لبسهن وصلاتهن فيه (1). وأما الصبي المميز فلا يحرم عليه لبسه (2)، ] في السيف إذا كان فيه (الكيمخت) الميت (* 1)، محمول على المجاز، لان الاستعمال أعم من الحقيقة. وإما لدلالة ما دل على جواز التحلية، لغلبة الابتلاء بذلك بنحو يغفل عن وجوب النزع حين الصلاة. وإما لظهور الموثق في التلازم بين المنع تكليفا ووضعا، لذكرهما في كلام واحد، وتعليلهما بأمر واحد. وهذا هو الاظهر. (1) إجماعا كما عن التذكرة. ويقتضيه الاصل وبعض النصوص، وعن الصدوق: المنع من صلاتهن، لاطلاق النهي. وهو كما ترى. (2) بلا خلاف ظاهر. ويشهد له صحيح أبي الصباح قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذهب يحلي به الصبيان؟ فقال (عليه السلام): كان علي (عليه السلام يحلي ولده ونساءه بالذهب والفضة " (* 2)، وصحيح داود بن سرحان قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذهب والفضة يحلى به الصبيان؟ فقال (عليه السلام): إنه كان أبي ليحلي ولده ونساءه الذهب والفضة فلا بأس به " (* 3). وأما خبر أبي بصير: " عن الرجل يحلي أهله بالذهب؟ قال (عليه السلام): نعم النساء والجواري، وأما الغلمان فلا " (* 4) فمع ضعفه غير صالح لمعارضة ما سبق، فلابد من طرحه، أو حمله على ما لا ينافي ذلك مثل كونه مظنة الضرر وفساد الاخلاق، أو الغلمان البالغين. وأما حمله
===============
( 360 )
[ ولكن الاحوط له عدم الصلاة فيه (1). (مسألة 21): لا بأس بالمشكوك كونه ذهبا في الصلاة (2) وغيرها. (مسألة 22): إذا صلى في الذهب جاهلا أو ناسيا فالظاهر صحتها (3). ] على الكراهة: فينفيه فعلهم (عليهم السلام) له. (1) إذ دليل تشريع عبادته إن كان هو الادلة الخاصة به فموضوعها عبادة البالغ كأنه قيل: (فليصل الصبي صلاة البالغ) وهكذا. فإذا فرض شرطية عدم الذهب في صلاة البالغ فهو كذلك في صلاة الصبي. وإن كان الادلة العامة بناء على شمولها للبالغ وغيره، وأن حديث: " رفع القلم.. " (* 1) إنما يرفع الالزام فقط كما هو الظاهر الذي أشرنا إليه مرارا في هذا الشرح فدليل المانعية يشمله. وذكر الرجل فيه، إنما هو في قبال المرأة، لا في قبال الصبي، كأنه قيل: (الذكر يصلي بلا ذهب). وكأنه للاستشكال في ذلك وإحتمال خصوصية الرجل مضافا إلى ما دل على جواز لبس الصبي، بضميمة ما تقدم في الصلاة في المحلى بالذهب - توقف المصنف (ره) عن الفتوى بالمانعية. (2) لاصالة البراءة من مانعيته. (3) لاطلاق حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 2). والاستشكال فيه من جهة ظهور الحديث في الخلل الناشئ من فوات وجودي، فلا يشمل الموانع، في غير محله، لانه خلاف إطلاقه، ولا قرينة عليه. وكون
===============
( 361 )
(مسألة 23): لا بأس بكون قاب الساعة من الذهب إذ لا يصدق عليه الآنية، ولا بأس بإستصحابها أيضا في الصلاة إذا كان في جيبه حيث أنه يعد من المحمول. نعم إذا كان زنجير الساعة من الذهب وعلقه على رقبته أو وضعه في جيبه لكن علق رأس الزنجير يحرم لانه تزيين بالذهب (1) ولا تصح الصلاة فيه أيضا. ] الخمسة المستثناة من الوجودي لا يصلح قرينة عليه. ومثلها دعوى الاختصاص بالنسيان فلا يشمل الجاهل بأنواعه، فإنه خلاف إطلاقه. وما أدعى كونه قرينة عليه غير ظاهر كما سيأتي إن شاء الله تعالى في مبحث الخلل. نعم الظاهر عدم شموله للجاهل بالحكم إذا كان شاكا حين الدخول في الصلاة مع عدم طريق شرعي أو عقلي يقتضي الاجزاء في نظره، لظهور الحديث فيمن صلى بعنوان الامتثال وتفريغ الذمة، لا مطلق من صلى ولو كان بانيا على الاعادة، أو غير مبال أصلا، فالشاك المذكور خارج عنه كالعامد، ويدخل فيه الناسي للموضع أو الحكم، والغافل، والجاهل المركب والبسيط إذا كان له طريق يقتضي الاجتزاء بالفعل، قاصرا كان أو مقصرا. (1) قد عرفت دلالة النصوص على حرمة التزيين وضعفها منجبر بالاجماع، بل ما في الجواهر في كتاب الشهادات من دعوى الاجماع بقسميه على حرمة التحلي به كاف في البناء على الحرمة. وأما عدم صحة الصلاة فيه: فلا تخلو من إشكال، لما عرفت من أن التزيين بالذهب لا دليل على مانعيته من صحة الصلاة، وإختصاص المانعية باللبس. وإحتمال أن تعليق الزنجير لبس له ممنوع، وإلا لزم كون الساعة الذهبية ملبوسة إذا علقت بقيطان، بل يلزم أن يكون القيطان ملبوسا، فإذا كان حريرا يحرم.
===============
( 362 )
[ (مسألة 24): لافرق في حرمة لبس الذهب بين أن يكون ظاهرا مرئيا أو لم يكن ظاهرا (1). (مسألة 25): لا بأس بإفتراش الذهب (2)، ويشكل التدثر به. (السادس): أن لا يكون حريرا محضا للرجال (3) ] نعم إذا وضعه في رقبته يكون ملبوسا، وهو غير الفرض. (1) لاطلاق الادلة. نعم الظاهر أن التزيين مختص بالظاهر ولا يكون بالمستور. فتأمل. (2) لعدم صدق اللبس المحرم، والاصل يقتضي البراءة. ومنه يظهر ضعف ما عن التحرير من المنع من إفتراشه، وما عن المبسوط والوسيلة من أن ما يحرم عليه لبسه يحرم عليه فرشه والتدثر به. وأما التدثر به: فإن أريد منه معناه اللغوي الذي هو قريب من الالتحاف والالتفات ومنه قوله تعالى: (يا أيها المدثر) (* 1)، وقال في القاموس " تدثر بالثوب أشتمل به " ونحوه كلام غيره فاظاهر حرمته، لصدق اللبس عليه. ولا يحضرني كلام لهم في المقام. وإن أريد معناه العرفي وهو التغطي بالغطاء الغليظ أو الكثير فصدق اللبس عليه غير ظاهر، بل ممنوع فيكون جائزا. ولعله يأتي في الحرير ما له نفع في المقام، فانتظر. (3) فتبطل صلاتهم به إجماعا، كما عن الانتصار والخلاف والتذكرة والمنتهى وغيرها. ويشهد له مصحح إسماعيل بن سعد الاحوص في حديث قال: " سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام): هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم؟ فقال (عليه السلام) له: لا " (* 2)، ومكاتبة محمد بن عبد الجبار
===============
( 363 )
[ سواء كان ساترا للعورة أو كان الساتر غيره (1)، وسواء كان مما تتم فيه الصلاة أولا على الاقوى (2)، كالتكة والقلنسوة ونحوهما. ] إلى أبي محمد (عليه السلام): " هل يصلي في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب (عليه السلام): لا تحل الصلاة في حرير محض " (* 1). ونحوهما غيرهما. نعم يعارضها صحيح إسماعيل بن بزيع قال: " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصلاة في الديباج. فقال (عليه السلام): ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس " (* 2) إلا أنه بالاعراض ساقط عن الحجية، فليحمل على بعض المحامل الصحيحة مثل حال الحرب، أو حال الضرورة، أو لغير الرجال، أو على غير المحض، أو نحو ذلك، أو على التقية. (1) صرح بذلك كثير من علمائنا، بل يكاد يفهم من الروض وغيره أنه مما إنعقد عليه إجماعنا. كذا في مفتاح الكرامة. ويقتضيه إطلاق الادلة. (2) كما عن الفقيه. والمنتهى والمختلف والبيان والموجز، ومجمع البرهان والمدارك والكفاية وغيرها. ويشهد له مكاتبة محمد بن عبد الجبار المتقدمة، ومكاتبته الاخرى: " هل يصلي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير محض أو تكة من وبر الارانب؟ فكتب (عليه السلام): لا تحل الصلاة في الحرير المحض، وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه إن شاء الله تعالى " (* 3). وما قيل من إحتمال إرادة الثوب من الحرير إن لم نقل بأنه المنساق منه كما عن المختلف والشهيد الاعتراف به بل قيل: إن الحرير المحض
===============
( 364 )
لغة هو الثوب المتخذ من الابريسم، وعليه يكون الجواب عن السؤال متروكا، ولعل ذلك لاشعار الحكم بالصحة فيه بالبطلان في غيره، وهو مخالف للتقية، لصحة الصلاة عندهم وإن حرم اللبس، من غير فرق بين ما تتم الصلاة فيه وغيره، فعدل الامام (عليه السلام) إلى بيان حرمة الصلاة المسلمة عندهم وإن أقتضى ذلك الفساد عندنا دونهم، بل في التعبير بنفي الحل دون نفي الصحة إيماء إلى ذلك (كما ترى) إذ الاحتمال مخالف للظاهر بلا قرينة. وكونه المنساق ممنوع. وما قيل من معناه لغة مخالف لوصف القلنسوة والتكة فيهما بالحرير؟ المحض، لا أقل من وجوب الحمل على الجنس الشامل لما يصنع منه الثوب وغيره، بقرينة كونه جوابا عن القلنسوة والتكة وأحتمال كون الجواب متروكا لا يؤبه به. وإشعار الحكم بالصحة فيه بالبطلان في غيره وهو مخالف للتقية ليس بأقوى من ظهور قوله (عليه السلام): " لا تحل الصلاة في حرير محض " في حرمة نفس الصلاة زائدا على اللباس، والذي يظهر أنهم يخصون الحرمة باللباس فتأمل. مع أن الظاهر من التحريم في المقام الارشاد إلى المانعية الذي لا يفرق فيه بين أهل المذهب. وحمل الحمل على حل اللبس غير ظاهر. ومثله حمل نفي الحل على نفي الاباحة المصطلحة فيكون أعم من الكراهة، فإنه بعيد جدا. وعن الشيخ والحلي والفاضلين والشهيدين والكركي وغيرهم: الجواز. ونسب إلى الاشهر، وإلى المتأخرين، وإلى أجلاء الاصحاب، لخبر الحلبي: " كل ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الابريسم والقلنسوة، والخف، والزنار يكون في السراويل ويصلى فيه " (* 1) فيقيد به إطلاق الصحيحين. ودعوى أنه من قبيل تخصيص المورد وهو مستهجن
===============
( 365 )
ممنوعة، فإن الاستجهان إنما يسلم لو كان بحيث لو ضم هذا المقيد إلى المطلق لكان الكلام متدافعا، ولو قيل: (لا تحل الصلاة في حرير محض إلا في القلنسوة ونحوها) لم يكن كذلك، فالتقييد هو مقتضى الجمع العرفي. وضعف سند الخبر بأحمد بن هلال العبرتائي المذموم الملعون كما عن الكشي الغالي المتهم في دينه كما عن الفهرست الذي رجع عن التشيع إلى النصب. كما عن سعد بن عبد الله الاشعري الذي لا نعمل على ما يختص بروايته كما عن التهذيب أو روايته غير مقبولة كما عن الخلاصة (مدفوع) كما في الجواهر بما عن الخلاصة من أن إبن الغضائري لم يتوقف في حديثه عن إبن أبي عمير والحسن بن محبوب لانه قد سمع كتابيهما جل أصحاب الحديث وأعتمدوه فيهما، وبأن التأمل في كلام الاصحاب هنا حتى بعض المانعين يرشد إلى عدم الاشكال في حجيته ضرورة كونهم بين عامل به، وبين متوقف متردد من جهته، وبين مرجح لغيره، والجميع فرع الحجية. أللهم إلا أن يقال: إن ما ذكره إبن الغضائري يختص بما رواه عن نوادر إبن أبي عمير ومشيخة إبن محبوب، ولا يعم كل ما رواه عنهما، وأن المتردد من الاصحاب لم يثبت أن تردده من جهة بنائه على حجيته، بل البناء المذكور يمنع من التردد، إذ اللازم تخصيص الصحيحين به، بل المناسب للتردد في حجيته وكذا المانع، فإن الظاهر منه عدم الاعتداد به ترجيح الصحيحين عليه، إذ ليس المقام مقام الترجيح. وبالجملة: ما أرشد إليه بعض الاصحاب غير ظاهر. نعم يمكن البناء على حجية الخبر المذكور أولا: بما عن النجاشي في ترجمة أحمد بن هلال المذكور من أنه صالح الرواية يعرف منها
===============
( 366 )
وينكر. أنتهى. فإن الظاهر من كونه صالح الرواية جواز الاعتماد على روايته، وأنه ثقة في نفسه. ولا ينافيه الطعن فيه بما سبق، إذ يكون حاله حال جماعة من العامة، والفطحية، والواقفية وغيرهم من المخالفين للفرقة المحقة مع بناء الاصحاب على العمل برواياتهم. وثانيا: بأن الذي يظهر مما ذكر في ترجمته أنه كان في أول أمره مستقيما، بل كان من أعيان هذه الطائفة ووجوهها وثقاتها، حتى أن أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا عنه ولم يقبلوا ما ورد في ذمه، حتى حملوا القاسم بن العلاء على أن يراجع في أمره مرة بعد أخرى، فوردت فيه ذموم هائلة طاحنة شديدة. وكان ذلك في أواخر عمره حتى بتر الله سبحانه عمره بدعوة الحجة عجل الله تعالى فرجه، بل المصرح به فيما روي عن أبي همام أن ذلك كان بعد وفاة عثمان بن سعيد (ره)، ومن البعيد جدا أن يرجع إليه أحد من الشيعة بعد ورود تلك الذموم، ولاسيما الراوي عنه الحديث المذكور أعني: موسى بن الحسن الاشعري الذي قيل في ترجمته: إنه ثقة عين جليل، وأن الراوي عن موسى المذكور سعد بن عبد الله الاشعري الذي هو أحد الطاعنين فيه كما تقدم كلامه، فذلك كله قرينة على كون رواية موسى عنه كانت في حال الاستقامة، نظير ما عن إكمال الدين: " حدثنا يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن هلال في حال أستقامته، عن إبن أبي عمير ". على أن المذكور في ترجمته لا يخلو من تدافع، فإن المحكي عن النجاشي: أن المذموم وردت عن العسكري (عليه السلام)، وعن الكشي: أنها من الناحية المقدسة، وعن كتاب الغيبة: أن ذاك كان بعد وفاة عثمان إبن سعيد. وقد تقدم رميه بالغلو تارة، وبالنصب أخرى، ورمي بالرجوع عن الامامة إلى القول بالوقف على أبي جعفر (عليه السلام). ومستند الاخير ما عن
===============
( 367 )
[ بل يحرم لبسه في غير حال الصلاة أيضا (1) ] كتاب الغيبة من التوقف في وكالة أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (ره)، وهو أجنبي عن النسبة المذكورة، وكأن منشأ الاشتباه تكنيه محمد بن عثمان بأبي جعفر. فلاحظ. هذا وقد خرجنا عن وضع الكتاب هنا مع أنا لم نؤد المسألة حقها من الفحص، حيث لم يحضرنا تمام كلمات المجوزين تفصيلا، لنعرف أنهم أعتمدوا على الخبر المذكور، وكيف كان أعتمادهم عليه؟ نعم في المعتبر قال: " وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد أظهره الجواز. إلى أن قال: وجه الجواز ما رواه الحلبي " وذكر الرواية المذكورة. وقريب منه ما في الذكرى. وفي جامع المقاصد قال: " فيه أي فيما لا تتم به الصلاة قولان: أقربهما الكراهة، لرواية الحلبي " ثم ذكر الرواية، ثم قال: " الثاني: العدم لمكاتبة محمد بن عبد الجبار السالفة، وحملها على الكراهة وجه جمع بين الاخبار ". والذي يظهر من نقل وجه القول بالجواز إعتماد القائلين به على الرواية المذكورة، وعليه فلا بأس بالاعتماد عليها في المقام، وإن كان لا يخلو من شبهة وإشكال، والله سبحانه أعلم. ثم إنه لا ينبغي التأمل في عدم الفرق بين أفراد ما لا تتم به الصلاة سواء أقيل بالمنع أم الجواز، لاطلاق الصحيحين وعموم خبر الحلبي، فما عن بعض من الاقتصار على ذكر التكة والقلنسوة، وآخر من زيادة الجورب والنعلين والخفين لعله من باب التمثيل، وإلا فلا وجه له. (1) إجماعا كما عن جماعة، بل عن كثير دعوى إجماع علماء الاسلام عليه بل قيل: إنه من ضروريات الدين. ويشهد له جملة من النصوص، كمرسل إبن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لا يلبس
===============
( 368 )
[ إلا مع الضرورة (1) لبرد أو مرض، وفي حال الحرب (2) وحينئذ تجوز الصلاة فيه أيضا (3)، ] الرجل الحرير والديباج إلا في حال الحرب " (* 1). ونحوه في المنع غيره. (1) إجماعا حكي عن جماعة كثيرة. ويقتضيه قولهم (عليهم السلام): " ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر " (* 2)، وقولهم (عليهم السلام): " وليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن إضطر إليه " (* 3)، وحديث رفع التسعة المشهور ومنها الاضطرار (* 4). ولو أريد من الاضطرار ما ترتفع به القدرة عقلا كفى حكم العقل بقبح التكليف. كما هو ظاهر. (2) إجماعا كما عن جماعة كثيرة أيضا، ويشهد له مرسل إبن بكير المتقدم، وموثق سماعك: " عن لباس الحرير والديباج. فقال (عليه السلام): أما في الحرب فلا بأس به وإن كان فيه تماثيل " (* 5). ونحوهما غيرهما. (3) أما في الضرورة: فالظاهر أنه لا إشكال فيه، لان الصلاة لا تسقط حينئذ قطعا، وسيأتي التعرض له في المسألة الثامنة والثلاثين. وأما في حال الحرب: فهو المعروف، بل حكي الاجماع على عدم الفصل بين الجوازين. ودليله غير ظاهر، إذ النصوص المتضمنة لاستثناء الحرب ظاهرة في الحكم التكليفي. (وما في الجواهر) من عمومها للوضعي المقدم على عموم المانعية وإن كان بينهما العموم من وجه بفهم الاصحاب، ومناسبة التخفيف. (في غير محله)، فالبناء على نفي المانعية
===============
( 369 )
[ وإن كان الاحوط أن يجعل ساتره من غير الحرير (1). ولا بأس به للنساء (2)، ] حينئذ إما لدعوى عدم الفصل، أو لدعوى إنصراف نصوصها إلى غير حال الحرب، أو خصوص المحرم من اللبس ولا عموم فيها للمحلل منه. والاولان ولا سيما الثاني لا يخلوان من إشكال، والاخير لا يخلو من وجه، ولا سيما مع أعتضاده بدعوى كون نصوص الرخصة وإن إقتضت بمدلولها اللفظي رفع التكليف، لكن بإطلاقها المقامي حيث لم تتعرض لوجوب النزع حال الصلاة مع أنه مما يغفل عنه قد دلت على رفع المانعية أيضا. فتأمل. (1) لاحتمال كون أدلة التحريم مقيدة لاطلاق أدلة وجوب الساتر، وأدلة الرخصة لاإطلاق فيها يشمله. لكنه ضعيف، لاتحاد اللسان في المقامين. نعم ربما يتوهم من بعض تعليلات الرخصة الاختصاص بما كان بطانة للدرع ليدفع ضرر زره عند الحركة، لكنه تخرص مخالف لاطلاق الادلة. (2) إجماعا كما عن جماعة، بل بإجماع أهل العلم كافة كما عن المعتبر والمنتهى والتحرير وجامع المقاصد. ويشهد له غير واحد من النصوص، كخبر ليث: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله النصوص، كخبر ليث: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كسا أسامة إبن زيد حلة حرير فخرج فيها، فقال (صلى الله عليه وآله): مهلا يا أسامة إنما يلبسها من لا خلاق له فأقسمها بين نسائك " (* 1)، وخبر جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث -: " ويجوز للمرأة لبس الديباج والحرير في غير صلاة وإحرام " (* 2)، وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن
===============
( 370 )
[ بل تجوز صلاتهن فيه أيضا على الاقوى (1). ] جعفر (عليه السلام) قال: " سألته عن الديباج هل يصلح لبسه للنساء؟ قال (عليه السلام): لا بأس " (* 1)، ونحوها غيرها. (1) كما نسب إلى الاكثر، وإلى المشهور، وإلى فتوى الاصحاب، وإلى عمل الناس الاعصار والامصار. وعن الفقيه: المنع. وعن مجمع البرهان: أنه أولى. وعن البهائي في الحبل المتين: أنه أوجه. وعن جماعة: التوقف. وأستدل للمنع بإطلاق أدلة المانعية الشامل للنساء، مثل: " لا تحل الصلاة في حرير محض " في صحيحي إبن عبد الجبار المتقدمين (* 2)، وذكر القلنسوة التي هي من لباس الرجل في السؤال لا يوجب إختصاص الجواب به. ومثل التوقيع: " لا تجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان " (* 3)، وخصوص خبر جابر المتقدم (* 4)، وخبر زرارة: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن، وإنما يكره الحرير المحض للرجال والنساء " (* 5)، وما دل على أنه لا يجوز للمرأة الاحرام في الحرير (* 6). بضميمة ما دل من النص والفتوى على أن ما تجوز الصلاة فيه يجوز الاحرام فيه (* 7). بل وبما دل على أنه لا تجوز في الحرير
===============
( 371 )
للرجال، بضميمة ما دل على قاعدة الاشتراك. ويمكن الاشكال في الجميع: أما في الاخير: فلان العمدة في قاعدة الاشتراك الاجماع، وفهم عدم الخصوصية للرجل حين ما يؤخذ موضوعا للاحكام، والاجماع في المقام منتف. وفهم عدم الخصوصية بعد عدم مساواة الرجل والمرأة في جواز لبس الحرير تكليفا غير حاصل، بل قد عرفت أن مناسبة الحكم والموضوع ربما تساعد على فهم الاختصاص بالرجل وأن المانعية من جهة الحرمة النفسية وهي مفقودة في المرأة. وأما فيما قبله: فيتوقف أولا على المنع من لبسها الحرير في الاحرام، وهو محل إشكال أو منع ربما يأتي في محله إن شاء الله تعالى. وثانيا على أن القضية حجة في عكس نقيضها أعني: كل ما لا يجوز الاحرام فيه لا تجوز الصلاة فيه وهو غير ظاهر كما حرر في محله في الاصول. وأما فيما قبله: فظاهره المنع عن اللبس تكليفا، وحمله على المانعية عن الصلاة من المأول الذي ليس بحجة، لجواز حمله على المرجوحية للبس تكليفا، وإن كان للرجال على نحو التحريم وللنساء على نحو الكراهة. وأما خبر جابر: فضعيف السند وأما إطلاق أدلة المانعية: فقد يجاب عنه بمعارضته بإطلاق ما دل على جواز لبسهن للحرير الشامل للصلاة بالعموم من وجه، والترجيح له بفهم الاصحاب ولو فرض التساوي فالحكم التساقط والرجوع إلى أصالة عدم المانعية. وفيه: أن إطلاق جواز اللبس إنما يتعرض لحكم اللبس تكليفا كما أشرنا إليه سابقا فشموله لحال الصلاة لا ينافي المانعية، نظير إطلاق ما دل على جواز لبس المذكى مما لا يؤكل لحمه. فالعمدة حينئذ في رفع اليد عن الاطلاق الدال على المانعية هو التمسك بمرسل إبن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " النساء تلبس الحرير والديباج
===============
( 372 )
[ بل وكذا الخنثى المشكل (1). ] إلا في الاحرام (* 1)، فإن إستثناء الاحرام قرينة على إرادة الاعم من التكليف والوضع في المستثنى منه، ولا يقدح إرساله، لانجباره بالعمل، ولان المرسل من أصحاب الاجماع، وفي السند أحمد بن محمد الظاهر في إبن عيسى الاشعري. فتأمل. ولعله مثله موثق سماعة: " لا ينبغي للمرأة أن تلبس الحرير المحض وهي محرمة، فأما في الحر والبرد فلا بأس " (* 2)، فإنه لا يبعد أن يراد ما عدا حال الاحرام من سائر الاحوال. وبينها وبين إطلاق أدلة المانعية وإن كان هو العموم من وجه، لكنهما مرجحان عليهما بقرينة مناسبة الحكم والموضوع، وبما ربما قيل من الاطلاق المقامي لادلة جواز اللبس المشار إليها آنفا، ولا سيما بملاحظة ما ورد في بعض النصوص من السؤال عن خصوص الرجال. إذ الظاهر أنه لوضوح حكم النساء، ووضوح المانعية بعيد جدا، فيتعين وضوح عدمها. مع أنه لو بني على التساقط فالمرجع أصالة عدم المانعية كما عرفت. وبالجملة: التأمل في نصوص الباب يشرف بالفقيه على القطع بالجواز. فتأمل جيدا. (1) يعني: يجوز لبسها للحرير، وتصح صلاتها فيه، كما أختاره في الجواهر، معللا للاول بأصالة براءة الذمة، وللثاني بصدق الامتثال وعدم العلم بالفساد. وعن التذكرة: المنع تغليبا لجانب الحرمة. وفي المستند: جواز اللبس، لاختصاص المنع بالرجال إجماعا نصا وفتوى، ولا تصح صلاته فيه، لاطلاقات المنع خرجت النساء فيبقى الباقي. أقول: لاجل أن المستفاد من الكتاب والسنة أن الخنثى ليست قسما
===============
( 373 )
[ وكذا لا بأس بالممتزج بغيره (1) ] برأسه، بل هو إما ذكر أو أنثى، فإما مكلف بأحكام الرجال أو بأحكام النساء، وهذا العلم الاجمالي يقتضي الاحتياط بفعل كل ما يحتمل وجوبه على الرجال أو النساء، ولا وجه للرجوع إلى أصالة البراءة، أو صدق الامتثال أو تغليب الحرمة على الحلل، مع أن الاخيرين لاأصل لهما. وأما ما ذكره في المستند من إختصاص المنع بالرجال: فلا يجدي في الجواز، لاحتمال كونه رجلا. كما أن إطلاق المنع عن الصلاة فيه لا يجدي في المنع مع أحتمال كونه من النساء المعلوم خروجهن، فلا بد مع ذلك من الرجوع إلى الاصل وقد عرفت أن المورد من موارد العلم الاجمالي بالتكليف التي لا يرجع فيها إلى الاصول النافية كما حرر في محله. وكأن كلامهم في المقام مبني على ملاحظة التكليف بالحرير تكليفا أو وضعا مع الغض عن العلم الاجمالي الحاصل من ملاحظة التكليف بغيره، لكن إطلاق الفتوى في المتن يمتنع حمله على ذلك، للابتلاء غالبا بالعلم الاجمالي، لا أقل من العلم إما بوجوب ستر الجسد أو بوجوب الاجتناب عن الحرير، ولذا قال في الذكرى: " يحرم على الخنثى لبسه أخذا بالاحتياط ". (1) إجماعا في الجملة حكاه جماعة كثيرة. ويشهد له جملة من النصوص كصحيح البزنطي: " سأل الحسين بن قياما أبا الحسن (عليه السلام) عن الثوب الملحم بالقز والقطن والقز أكثر من النصف أيصلى فيه؟ قال (عليه السلام): لا بأس، قد كان لابي الحسن (عليه السلام) منه جبات " (* 1)، وخبر إسماعيل إبن الفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في الثوب يكون فيه الحرير. فقال (عليه السلام): إن كان فيه خلط فلا بأس " (* 2). ونحوهما غيرهما.
===============
( 374 )
من قطن أو غيره (1) مما يخرجه عن صدق الخلوص والمحوضة. ] وإطلاق بعضها يقتضي الجواز بمطلق الممتزج وبما لم يكن حريرا محضا ولو كان الخليط أقل من العشر. وربما يتوهم من كلام المعتبر حيث قال: " ولو كان عشرا " إعتبار أن لا يكون الخليط أقل من العشر. لكنه ضعيف مخالف لاطلاق الادلة، مع أن ظاهره كون المراد عدم الاستهلاك. (1) يعني مطلق ما تجوز الصلاة فيه، من دون فرق بين القطن، والكتان، والخز، والصوف، والوبر مما يؤكل لحمه، وغيرها مما تجوز الصلاة فيه. وعن المعتبر والتذكرة: نسبته إلى علمائنا. وهو الذي يقتضيه خبر إسماعيل بن الفضل المتقدم، والاقتصار في المنع على الحرير المحض، لانتفاء المحوضة بالخلط في جميع ذلك. نعم ربما يوهم الاختصاص بالقطن والكتان خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال: لا بأس بلباس القز إذا كان سداه أو لحمته من قطن أو كتان " (* 1)، والتوقيع الشريف عن صاحب الزمان (عليه السلام) في حديث -: " لا تجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان " (* 2). أو الاختصاص بهما مع الخز خبر زرارة الآخر: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء إلا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أوسداه خز أو كتاب أو قطن " (* 3). لكنه محمول كما في الجواهر وغيرها على إرادة المثال، لغلبة الخلط بها، كما يشير إليه مضافا إلى إختلافها في نفسها ما في ذيل خبر
===============
( 375 )
[ وكذا لا بأس بالكف به (1) ] زرارة الاخير من قول أبي جعفر (عليه السلام): " وإنما يكره الحرير المحض للرجال والنساء ". ونحوه ذيل خبر يوسف بن إبراهيم (* 1). وعلى هذا يحمل إختلاف كلماتهم في التعميم والتخصيص، فعن بعضها: الاقتصار على القطن والكتان، كالمقنع والمراسم والنهاية والخلاف وغيرها. وعن المقنعة والمبسوط: إضافة الخز إليهما. وعن آخرين: زيادة الصوف بدله وفي الجواهر: " لا ريب في إرادة المثال بشهادة ظهور دعوى الاجماع من المعتبر والتذكرة على التعميم. مع أن هذه الاقتصارات بمرأى منهم ومسمع " وما ذكره (ره) في محله كما يقتضيه أيضا مضافا إلى ما ذكر عدم تحرير الخلاف، عدم الاستدلال لكل من الاقوال، ولو كان بينهم خلاف لم يكن وجه لاهمالهم ذلك كما لا يخفى. (1) كما نسب إلى الاكثر، والاشهر، والمشهور، وفتوى الاصحاب. ومذهب الاصحاب، وفي المدارك: " هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب ". بل قيل: لا خلاف فيه إلا من القاضي، فقد حكي عنه أنه نص على بطلان الصلاة في المدبج بالديباج والحرير المحض. ولعل مراده غير ما نحن فيه. وكيف كان فقد حكي المنع أيضا عن السيد في بعض رسائله، والميل إليه عن الاردبيلي وكاشف اللثام، والتردد فيه عن المدارك والكفاية والمفاتيح ويمكن أن يستدل له بإطلاق ما دل على المنع من لبس الحرير والصلاة فيه (* 2). وبموثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث -: " عن
===============
( 376 )
الثوب يكون علمه ديباج قال (عليه السلام): لا يصلى فيه " (* 1)، وخبر جراح المدايني عنه (عليه السلام): " أنه يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج ويكره لباس الحرير ولباس الوشي " (* 2). وفيه: أن عموم المنع من لبس الحرير لا يراد منه بقرينة إتفاق النص والفتوى على جواز المخلوط بغيره إلا المنع عن لبس الموضوعات التي تلبس إستقلالا إذا كانت حريرا محضا، مثل الثوب والقبا والسروال ونحو ذلك. إذ لا يمكن دعوى أن المراد من النهي عن لبس الحرير مطلق اللبس، ويكون خروج السدا أو اللحمة إذا كان الآخر منهما غير حرير عنه من باب التخصيص، فإن ذلك مما لا يساعده المتفاهم العرفي في مقام الجمع بين الادلة، فلبس الثوب من القطن المكفوف بالحرير ليس لبسا لثوب حرير. نعم بالاضافة إلى الكف يصدق لبس الحرير، لكن عرفت أن المراد من عموم المنع ما لا يشمل مثل ذلك، وليس الكف إلا كالسدا أو اللحمة، فالمرجع فيه أصل البراءة. وأولى بالاشكال المذكور عموم المنع من الصلاة فيه، إذ قد عرفت إنحصاره بما في مكاتبة محمد بن عبد الجبار من قوله (عليه السلام): " لا تحل الصلاة في حرير محض " (* 3). وجه الاشكال: أن التوصيف بالمحض مانع من شموله لما نحن فيه، فإن إنتفاء المحوضة كما يكون بالخلط بمثل السدا واللحمة يكون أيضا بإشتمال الثوب على القطع من الحرير ومن غيره، إذ لا يكون مثل ذلك حريرا محضا. مضافا إلى خبر الحلبي المتقدم فيما لا تتم فيه
===============
( 377 )
الصلاة. لكنه يختص بالكف بالمقدار الذي لا تتم الصلاة فيه وحده كما هو الغالب، وإحتمال التفكيك بين المستقل باللبس والتابع بعيد جدا، فإن الثاني أولى بعدم المانعية، مع أنه خلاف العموم المذكور في الخبر. ومضافا أيضا إلى خبر يوسف بن إبراهيم: " لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزره وعلمه حريرا، وإنما كره الحرير المبهم للرجال " (* 1)، فإن إطلاق نفي البأس فيه يشمل الصلاة وغيرها. مع أنه لو فرض إختصاصه بغيرها فقد عرفت أن مناسبة الحكم والموضوع تمنع من عموم المانعية لما لا يحرم لبسه. ومثله خبره الآخر: " لا يكره أن لا يكون سدا الثوب إبريسم ولا زره ولا علمه، إنما يكره المصمت من الابريسم للرجال ولا يكره للنساء " (* 2) فإن ذيلها دال على عدم مانعية الحرير إذا كان جزءا. والمناقشة في سندهما بجهالة يوسف بن إبراهيم ضعيفة، لان الراوي عنه الاول صفوان، بل والثاني أيضا بتوسط العيص بن القاسم، وصفوان أحد الاعلام من أصحاب الاجماع على تصحيح ما يصح عنهم. مضافا إلى إختصاصه مع إبن أبي عمير والحسن بن محبوب بالنص عليهم بأنهم لا يروون إلا عن ثقة فلا مجال لذلك التشكيك في حجيتها بعد كون المظنون إعتماد الاصحاب عليهما في المقام في الحكم بالجواز. وأما موثق عمار، فكفى موهنا له إعراض المشهور عن ظاهره، بل قيل: إنه خلاف إتفاقهم على جواز كون علم الثوب حريرا. مضافا إلى أنه ظاهر في المنع. فيمكن حمله على الكراهة بقرينة ما سبق، والجمع بينهما بالمنع في خصوص الصلاة موجب للتفكيك بين الصلاة ومطلق اللبس وهو
===============
( 378 )
[ وإن زاد على أربع أصابع (1)، وإن كان الاحوط ترك ما زاد عليها. ولا بأس بالمحمول منه (2) أيضا وإن كان مماتتم فيه الصلاة. ] بعيد جدا عن لسان المنع في الصلاة، لما أشرنا إليه من ظهوره في خصوص ما يحرم لبسه. وأما خبر جراح المديني: فالكراهة فيه غير ظاهرة في المنع بل أدعي ظهورها في الجواز حتى جعل الخبر دليلا عليه فيما حكي عن المعتبر والتذكرة وغيرهما. فالقول بالجواز أقوى، (1) كما صرح به غير واحد، ويقتضيه ظاهر عن الاكثر من خلو كلامهم عن التقييد بالاربع، ولم نقف له على مستند في أخبارنا كما عن الروض وغيره. نعم روى العامة عن عمر: " أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن الحرير إلا في موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع " (* 1). والاعتماد عليها مع عدم ظهور الجابر لها غير ظاهر. وفتوى الجماعة بالمنع عن الزائد لا تصلح للجابرية، لتعليل بعضهم له بالاقتصار على القدر المتيقن في الخروج عن دليل المنع، لا بالاعتماد على الرواية، والتعليل أيضا كما ترى. نعم الاحوط الاقتصار عليها ولو بني على خلافه. فالاحوط الاقتصار على ما لا تتم به الصلاة. فلاحظ. (2) بلا خلاف ظاهر، بل جواز حمله في غير الصلاة ينبغي عده من القطعيات. نعم عن بعض: أنه بنى جواز حمله في الصلاة على جواز حمل ما لا يؤكل لحمه فيها، لان الحرير معدود من فضلات ما لا يؤكل لحمه. وفيه: أن المنع على تقديره مختص بما له لحم. فلا يشمل مثل دود القز
===============
( 379 )
[ (مسألة 26): لا بأس بغير الملبوس من الحرير كالافتراش (1)، والركوب عليه، والتدثر به (2). ] والابريسم، ولو سلم فالنصوص الدالة على جواز لبس الحرير الممزوج بغيره ونحوه دالة على إستثنائه. (1) كما هو المشهور، وفي المدارك: أنه المعروف من مذهب الاصحاب، للاصل بعد عدم الدليل على حرمته، إذ أدلة المنع مختصة باللبس صريحا أو ظاهرا كما أعترف به غير واحد، وإطلاق بعض النصوص منزل عليه للانصراف إليه. مضافا إلى صحيح علي بن جعفر (عليه السلام) قال: " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الفراش الحرير، ومثله من الديباج، والمصلى الحرير ومثله من الديباج هل يصلح للرجل النوم عليه والتكأة والصلاة؟ قال (عليه السلام): يفترشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه " (* 1). وفي خبر مسمع: " لا بأس أن يؤخذ من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف أو يجعله مصلى يصلي عليه " (* 2) فما عن المبسوط من المنع من فرشه والتدثر به والاتكاء وإسباله سترا ضعيف، ومن ذلك تعرف جواز الركوب عليه. (2) فعن غير واحد منهم جامع المقاصد والمسالك جوازه، وعن مجمع البرهان: " إن كان عموم يدل على تحريم اللبس حرم التدثر به والالتحاف ". وفي المدارك: " وفي حكم الافتراش التوسد عليه والالتحاف به. أما التدثر: فالاظهر تحريمه، لصدق إسم اللبس عليه ". وفي حاشيتها: " هذا لا يخلو من تأمل ولذا حكم جده بأنه مثل الافتراش. فتأمل ". ومنشأ الخلاف إختلافهم في صدق اللبس وعدمه، وفي الجواهر: " الظاهر
===============
( 380 )
[ ونحو ذلك في حال الصلاة وغيرها، ولا بزر الثياب وأعلامها (1) والسفائف والقياطين الموضوعة عليها وإن تعددت وكثرت. (مسألة 27): لا يجوز جعل البطانة من الحرير (2) للقميص وغيره وإن كان إلى نصفه. وكذا لا يجوز لبس الثوب الذي أحد نصفيه حرير. وكذا إذا كان طرف العمامة منه إذا كان زائدا على مقدار الكف (3)، ] عدم صدقه على الالتحاف والتدثر ". وهو في محله إن أريد منه التغطي بالدثار واللحاف حال الاضطجاع، ولو أريد سائر الاحوال من جلوس وقيام ومشي فالظاهر صدق اللبس. ولعل المراد مما في المتن الاول. (1) بلا خلاف ظاهر عدا ما عن الكاتب من المنع من كون علم الثوب حريرا، وخلافه غير معتد به وإن كان يطابقه موثق عمار المتقدم (* 1) لكن عرفت أنه لا مجال للعمل به بعد إعراض المشهور عنه، على أنه معارض بخبر يوسف بن إبراهيم المتقدم، فيتعين حمله على الكراهة، فإنه أولى من تقييد خبر يوسف بغير الصلاة. فلاحظ. (2) كما نص عليه في الجواهر معللا له بأنها ملبوسة كالظهارة. وقد عرفت أن المستفاد من العمومات حرمة ما يكون ملبوسا مستقلا إذا كان حريرا، وحلية ما يكون ملبوسا تبعا أو بعض الملبوس. نعم قد يشكل الحكم في الثوب الذي يكون نصفه الاعلى قطنا والاسفل حريرا، وقد صرح في الجواهر بالمنع عنه، لكن الحل أظهر، إذ لا يصدق على النصف الاسفل أنه ملبوس تام. (3) يعني: كفة الثوب، وهذا التقييد غير ظاهر، إذ ليس جواز
===============
( 381 )
[ بل على أربع أصابع على الاحوط (1). (مسألة 28): لا بأس بما يرقع به الثوب من الحرير إذا لم يزد على مقدار الكف (2). وكذا الثوب المنسوج طرائق بعضها حرير وبعضها غير حرير إذا لم يزد عرض الطرائق من الحرير على مقدار الكف. وكذا لا بأس بالثوب الملفق من قطع بعضها حرير وبعضها غيره بالشرط المذكور. (مسألة 29): لا بأس بثوب جعل الابريسم بين ظهارته وبطانته (3) عوض القطن ونحوه. وأما إذا جعل ] كون كفة الثوب حريرا مستندا إلى دليل بالخصوص عليه كي يقتصر في الخروج عن عموم المنع عليه، ويكون الحكم بالجواز فيما يساويه في المقدار مستفادا من دليل جوازه، لما عرفت من مجموع ما ذكرنا أن المستفاد من الادلة حرمة الحرير المبهم لا غير، ولاجل عدم إنطباقه على كفة الثوب قلنا بالجواز فيها، وبعين ذلك نقول في حكم أبعاض الثوب وإن كانت أكثر مقدارا من الكف، فالتقييد بمقدار الكف في غير محله. (1) تقدم وجهه. (2) قد عرفت الاشكال في هذا التقييد. (3) كما عن التنقيح الجزم به، وفي الذكرى: أنه غير بعيد، وعن المجلسي الاول: الميل إليه، ونقله عن شيخه التستري. ويشهد له، صحيح الريان: " أنه سأل الرضا (عليه السلام) عن أشياء، منها المحشو بالقز. فقال (عليه السلام): لا بأس بهذا كله إلا بالثعالب (* 1). وعدم ظهوره في الصلاة لا يقدح
===============
( 382 )
لما عرفت من إمكان دعوى إختصاص دليل المانعية بالمحرم بالخصوص. وصحيح الحسين بن سعيد: " قرأت في كتاب محمد بن إبراهيم إلى الرضا عليه السلام يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قز. فكتب إليه وقرأته -: لا بأس بالصلاة فيه " (* 1). وقريب منه سفيان إبن السمط (* 2). ومصحح إبراهيم بن مهزيار: " كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام): الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا هل يصلي فيه؟ فكتب (عليه السلام): نعم لا بأس به " (* 3) وهذه النصوص وإن كان موردها القز، لكن بعدم الفصل، وبما دل على أنه والابريسم سواء ثبت الحكم في الابريسم. وما في المعتبر عن الصدوق من حمل القز على قز الماعز لا قز الابريسم خلاف الظاهر. وعن الفقيه، وفي المعتبر، وعن المنتهى والتذكرة والدروس وجامع المقاصد والروض والمسالك وغيرها: المنع. لعموم النهي عن لبس الحرير. أللهم إلا أن يستشكل في صدق الحرير على غير المنسوج. ولانه سرف. إلا أنه لو تم لا يقتضي حرمة اللباس بعد التحشية، ولو سلم فلا يصلح لمعارضة النصوص المذكورة. أللهم إلا أن يكون إعراض المشهور مسقطا لها عن الحجية، بل لا يعرف القول بمضمونها إلى زمان الذكرى وإن حكى فيها عن الصدوق أنه روى مصحح إبراهيم وأورده بصيغة الجزم، إذ لا يجدي ذلك بعد حمله القز على قز الماعز، كما تقدمت حكايته عنه في المعتبر. لكن هذا المقدار غير كاف في ثبوت الوهن، فإنه لم يعرف القول بخلافها من القدماء، والمحقق في المعتبر لم يتعرض لغير مصحح إبراهيم، وطعن فيه
===============
( 383 )
[ وصلة من الحرير بينهما فلا يجوز لبسه ولا الصلاة فيه. (مسألة 30): لا بأس بعصابة الجروح والقروح، وخرق الجبيرة، وحفيظة المسلوس والمبطون إذا كانت من الحرير (1). (مسألة 31): يجوز لبس الحرير لمن كان قملا (2) ] بالضعف، لاسناد الراوي إلى ما وجده في كتاب لم يسمعه من محدث. لكن الطعن كما ترى: وبالجملة: الصحاح المذكورة لم يتحقق لنا إعراض موهن لها، فالعمل بها متعين. نعم قد عرفت أن موردها القز، وعدم الفصل بينه وبين الابريسم غير ثابت، والرواية الدالة على مساواتهما ضعيفة، فالتعدي إلى الابريسم غير ظاهر. أللهم إلا أن يكون الجواز فيه مقتضى الاصل بناء على إختصاص أدلة المنع بالمنسوج. أو دعوى عدم صدق اللباس على الحشو. نظير ما في المسألة الآتية. فتأمل. (1) كما نص على ذلك في الجواهر، لعدم صدق اللبس في جميع ذلك، وقد عرفت أنه بالخصوص موضوع الحرمة. (2) كما عن المنتهى، وفي الذكرى وجامع المقاصد وغيرها. قال في جامع المقاصد: " لما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في لبس الحرير لما شكوا إليه القمل ". وفي الذكرى. رواها عن صحيح مسلم عن أنس (* 1). وعن الفقيه: " لم يطلق النبي (صلى الله عليه وآله) لبس الحرير لاحد من الرجال إلا لعبد الرحمن بن عوف
===============
( 384 )
[ على خلاف العادة لدفعه، والظاهر جواز الصلاة فيه حينئذ (1). (مسألة 32): إذا صلى في الحرير جهلا أو نسيانا فالاقوى عدم وجوب الاعادة (2) وإن كان أحوط. ] وذلك أنه كان رجلا قملا " (* 1). ونحوه ما عن الراوندي (* 2) في الشرائع. قال في المعتبر بعد نقله: " والمشهور أن الترخيص لعبد الرحمن والزبير ولم يعلم من الترخيص لها بطريق القمل الترخيص ليغرهما بفحوى اللفظ، ويقوى عندي عدم التعدية ". ويظهر منه المفروغية عن ثبوت الترخيص كما يظهر من غيره أيضا، فالرواية وإن لم تكن من طرقنا كما إعترف به غير واحد، لكنها منجبرة بتسالم الاصحاب على ثبوت مضمونها نعم الذي ينبغي هو الاشكال في دلالتها، لانها من قبيل حكاية الاحوال التي يتطرق إليها الاحتمال كما أشار إليه في المعتبر، فيجوز أن تكون الشكاية من جهة الاضطرار، لا مجرد الزيادة على العادة، ومعه لا مجال لرفع اليد عن العمومات زائدا على موارد الاضطرار التي تقدم جواز اللبس فيها فلاحظ. (1) وجهه يظهر مما تقدم في جواز صلاة المحارب والنساء في الحرير، فراجع. (2) لعموم حديث: " لا تعاد " (* 3) الشامل للخلل بفقد الشرط العدمي شموله للخلل بفقد الشرط الوجودي، وتخصيصه بالثاني لا قرينة عليه ومنه يظهر وجه القول بالاعادة. ثم إن بني على عموم الحديث للناسي، والجاهل بالحكم والموضوع، والغافل عم الحكم بعدم وجوب الاعادة تمام
===============
( 385 )
[ (مسألة 33): يشترط في الخليط أن يكون مما تصح فيه الصلاة، كالقطن والصوف مما يؤكل لحمه، فلو كان من صوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه لم يكف في صحة الصلاة (1) وإن كان كافيا في رفع الحرمة. ويشترط أن يكون بمقدار يخرجه عن صدق المحوضة فإذا كان يسيرا مستهلكا بحيث يصدق عليه الحرير المحض لم يجز لبسه ولا الصلاة فيه، ولا يبعد كفاية العشر في الاخراج عن الصدق. (مسألة 34): الثوب الممتزج إذا ذهب جميع ما فيه من غير الابريسم من القطن أو الصوف لكثرة الاستعمال وبقي الابريسم محضا لا يجوز لبسه بعد ذلك. (مسألة 35): إذا شك في ثوب أن خليطه من صوف ما يؤكل لحمه أو مما لا يؤكل فالاوقي جواز الصلاة ] الصور المذكورة، وإن أختص بالناسي للموضوع أختص به، ووجبت الاعادة في غيره، عملا بإطلاق أدلة الشرطية الموجبة لفوات المشروط بفوات شرطه، وإن أختص بما لا يمكن ثبوت التكليف معه كالناسي للموضوع والغافل عنه إختص الحكم بالعدم به، ولزمت الاعادة في غيره، (وبالجملة): عموم الحكم بالاعادة وخصوصه تابع عموم الحديث وخصوصه على إختلاف الاذواق في ذلك، فلاحظ. ولعله يأتي في مباحث الخلل التعرض لذلك. (1) بلا خلاف ظاهر، لاطلاق دليل مانعية الخليط. هذا والحكم في بقية المسألة والمسألة الآتية ظاهر.
===============
( 386 )
[ فيه (1)، وإن كان الاحوط الاجتناب عنه. (مسألة 36): إذا شك في ثوب أنه حرير محض أو مخلوط جاز لبسه والصلاة فيه على الاقوى (2). (مسألة 37): الثوب من الابريسم المفتول بالذهب لا يجوز لبسه ولا الصلاة فيه (3). ] (1) الفرض من فروض الشك في كون اللباس مما يؤكل ولا يؤكل التي تقدم أن الاوقى فيها الجواز. (2) للشك في حرمته ومانعيته وذلك من موارد أصالة البراءة، ولا فرق بين كون المانعية ملحوظة بنحو صرف الوجود أو بنحو الوجود الساري كما تقدم في اللباس المشكوك كونه مما لا يؤكل لحمه. نعم يمكن أن يقال: المرجع أصالة عدم الحرير ممزوجا ومخلوطا، لان المزج طارئ على الحرير فيستصحب عدمه. وفيه: أنك عرفت أن الذي يظهر من الادلة أن موضوع المانعية كون تمام الملبوس التام حريرا، ومن الواضح أن الملبوس التام أعني: الثوب الخاص مما ليس له حالة سابقة في الحريرية وعدمها، بل هو من الازل إما حرير، أو بعضه حرير وبعضه غير حرير. وبعبارة أخرى: المانع هو الحرير المبهم، ولا أصل يحرز ذلك في الثوب، لان الحريرية من الذاتيات التي لا يجري الاصل في عدمها ولو قلنا بصحة إستصحاب العدم الازلي. نعم لو كان موضوع المانعية صرف وجود الحرير غير المنضم إليه شئ جرت أصالة عدم الانضمام. لكنه ليس كذلك. (3) لانه لبس للذهب وصلاة فيه. وأما الحرير: فليس من المبهم المصمت بل من الممزوج فلا يقدح لبسه في الصلاة.
===============
( 387 )
[ (مسألة 38): إذا إنحصر ثوبه في الحرير فإن كان مضطرا إلى لبسه لبرد أو غيره فلا بأس بالصلاة فيه (1)، وإلا لزم نزعه وإن لم يكن له ساتر غيره فيصلي حنيئذ عاريا (2). وكذا إذا إنحصر في الميتة أو المغصوب أو الذهب. ] (1) بلا خلاف ظاهر، بل في المستند: " لاشك فيه ". ونحوه ظاهر غيره، بل ظاهر كلماتهم في المقام أنه من الواضحات. ويقتضيه ما أشرنا إليه من أن أدلة المانعية بقرينة مناسبة الحكم والموضوع منصرفة إلى اللبس المحرم، ولولا ذلك أشكل إنطباقه على القواعد، لان إطلاق دليل المانعية يقتضي البطلان حتى مع الاضطرار، (وما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر " (* 1) ونحوه إنما يقتضي إرتفاع الاثم لا إرتفاع المانعية، فالعمدة ظهور الاجماع عليه. (2) عندنا كما في الذكرى، وبلا خلاف أجده كما في الجواهر. وعلله في الذكرى بأن وجوده كعدمه. وتنظر فيه في مفتاح الكرامة بأن الصلاة عاريا تستلزم فوات واجبات كثيرة ركن وغير ركن وترك الواجب حرام. وفيه: أن ما دل على كيفية صلاة العاري موضوعه من لم يجد ساترا، وعدم الوجدان كما يكون بفقد أصل الساتر يكون بوجدان الساتر المحرم اللبس كالحرير والمغصوب والذهب. مع أن لزوم فوات الركن وغيره مبني على أحد القولين في صلاة العاري، وعلى القول الآخر لا يلزم ذلك إلا مع عدم الامن من المطلع، أما مع الامن منه فلا يلزم إلا فوات التستر. وعليه فالكلام (تارة) بالنظر إلى القواعد الاولية (وأخرى) بالنظر إلى القواعد الثانوية. (* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب قضاء الصلوات حديث: 13.
===============
( 388 )
[ وكذا إذا إنحصر في غير المأكول (1). وأما إذا إنحصر في النجس ] فعلى الاول: يتعين البناء على حرمة لبس الحرير وسقوط الصلاة، أما الاول: فلاطلاق دليله. وأما الثاني: فلتعذر الصلاة إما لفقد الشرط إن صلى عاريا، أو لوجود المانع. إن صلى لابسا للحرير. وعلى الثاني: فمقتضى ما دل على وجوب الصلاة الناقصة في هذه الحال يدور الامر بين الصلاة عاريا والصلاة متسترا بالحرير، والمتعين الصلاة عاريا، إذ ليس في العراء إلا فوات التستر، وفي الصلاة في الحرير خلل المانعية، مضافا إلى مفسدة الحرمة التكليفية، وإلى إحتمال عدم حصول التستر به فتكون الصلاة فاقدة للساتر. والثاني إن لم يكن أهم فلا أقل من كونه محتمل الاهمية الواجب عقلا تقديمه كمعلوم الاهمية. نعم يشكل الحال لو إستلزم العراء فوات الركوع والسجود، فإن أهميتها محتملة كأهمية مفسدة الحرير الوضعية والتكليفية، ومع إحتمال الاهمية في كل من المتزاحمين يجب الاحتياط بالجمع إن أمكن، وإلا فالتخيير. لكن ذلك كله مبني على الغض عما ذكرنا أولا من أن أدلة حرمة لبس الحرير تستوجب العجز عن الساتر وإجراء حكم العاري عليه الخلاف في حكمه، إذ عليه لا مجال للعمل بالاحتملات المذكورة، ولا سيما بملاحظة ما عرفت من الاجماع على إجراء حكم العاري. وهذا الكلام بعينه جار في المذهب والمغصوب والميتة بناء على حرمة لبسها، ولو بني على جوازه كان حكمه حكم ما لا يؤكل. (1) ما سبق في الحرير ونحوه مما يحرم في نفسه غير آت هنا، لعدم حرمة لبس غير المأكول حتى تكون تلك الحرمة موجبة لسلب قدرة المكلف على لبسه، كي يصدق عدم وجدان الساتر. وقد عرفت أن مقتضى القواعد الاولية سقوط الصلاة لتعذرها، لكن الظاهر الاجماع على وجوب
===============
( 389 )
الناقصة، قال في المعتبر: " لا يسقط فرض الصلاة مع عدم الساتر، وعليه علماء الاسلام ". وحينئذ يدور الامر بين الخلل الحاصل من وجود المانع على تقدير لبس غير مأكول اللحم وبين الخلل الحاصل بفقد الساتر فقط على تقدير نزعه، أو مع فوات الركوع والسجود لو فرض أن حكم العاري الايماء، فيرجع حينئذ إلى قواعد التزاحم من ترجيح الاهم المعلوم الاهمية، وكذا محتمل الاهمية، ومع التساوي يتخير، ومع إحتمال الاهمية في كل منهما يحتاط بالتكرار مع الامكان، ومع عدمه يتخير في الاقتصار على أحدهما في الوقت ويؤتى بالآخر بعد خروج الوقت إن لم يمكن الفرد التام وإلا قضى بفعله على إشكال في وجوب القضاء، لعدم إحراز الفوت بفعل الناقص في الوقت، وأصالة عدم الاتيان بالواجب غير جارية، لانها من الاصل الجاري في المردد بين ما يعلم الاتيان به وما يعلم عدمه. أللهم إلا أن يقال: الواجب الاولي لم يؤت به قطعا، وما أتي به لم يعلم بدليته عنه شرعا، ويكفي في وجوب القضاء عدم الاتيان بالواجب الاولي مع عدم إحراز سقوط الامر بفعل البدل، فتأمل جيدا. هذا ويمكن أن يقال: حيث عرفت في المسألة السادسة عشرة من فصل الساتر أنه لا إطلاق يحرز به ساترية ما يشك في كونه ساترا، ففي المقام يدور الامر بين لبسه فيعلم بالخلل من حيث وجوده، وبين نزعه فلا يعلم بخلل من نزعه، لاحتمال عدم كونه ساترا صلاتيا. فتكون الصلاة مختلة بفقد الساتر على كل حال نزعه أو لبسه، ومع الدوران بين معلوم القادحية ومحتملها يترجح الاول عقلا، ولازمه وجوب الصلاة عاريا. نعم لو فرض كون نزعه سببا لفوات الركوع والسجود يدور الامر بين فعل المانع وترك الجزء، ولا ينبغي التأمل في أهمية الثاني في المقام لركنيته، ومقتضاه لبسه
===============
( 390 )
[ فالاقوى جواز الصلاة فيه (1) وإن لم يكن مضطرا إلى لبسه والاحوط تكرار الصلاة، بل وكذا في صورة الانحاصر في غير المأكول فيصلي فيه ثم يصلي عاريا. (مسألة 39): إذا إضطر إلى لبس أحد الممنوعات من النجس، وغير المأكول، والحرير، والذهب، والميتة، والمغصوب، قدم النجس على الجميع (2) ثم غير المأكول (3)، ] والصلاة بالركوع والسجود، إلا أن يدعى أن ظاهر دليل بدلية الايماء؟؟ الركوع والسجود أن موضوعه عدم وجدان الساتر الذي تصح به الصلاة تحقق موضوع البدلية في حال إنحصار الساتر بما لا تصح به الصلاة، يكون الحكم العراء والصلاة عاريا موميا. لكنه بعيد. (1) قد تقدم الكلام في ذلك في أحكام النجاسات. فراجع. (2) هذا ظاهر بناء على جواز الصلاة في النجس عند الانحصار، فإن ذلك يدل على أهونية النجاسة من غيرها من الموانع التي لا تجوز الصلاة فيها مع الانحصار. وأما بناء على وجوب الصلاة عاريا فيشكل التقديم المذكور بعدم ما يوجب الاهمية أو إحتمالها. نعم علله في الجواهر تبعا لما في الذكرى بأن النجاسة مانع عرضي بخلاف غير المأكول. وفيه: أن هذا المقدار لا يوجب ذلك. مع إمكان معارضته بصحة الصلاة في غير المأكول مع النسيان بخلاف الصلاة في النجس. (3) لجواز لبسه تكليفا وحرمة لبس ما عداه، ولا مسوغ لمخالفة الحرمة. نعم بناء على جواز لبس الميتة كما تقدم إختياره من المصنف (ره) في أحكام النجاسات يشكل وجه تأخيرها عن غير المأكول. أللهم إلا أن يكون مزيد التأكيد في المنع عن لبسها في الصلاة منشأ لاحتمال
===============
( 391 )
[ ثم الذهب والحرير، ويتخير بينهما (1)، ثم الميتة (2)، فيتأخر المغصوب عن الجميع (3). (مسألة 40): لا بأس بلبس الصبي الحرير (4)، ] أهمية مانعيتها. (1) بناء على الترجيح بإعتبار عرضية المانعية وذاتيتها قد يرجح الحرير، لان مانعيته من جهة الابهام، وهي جهة عرضية، فإن المقدار الخاص من الحرير المبهم لو فرض خلطه بالقطن لم يكن مانعا من الصلاة. (2) يشكل تأخيرها عن الذهب والحرير لحرمة لبسهما تكليفا، ومخالفتها بلا مسوغ غير جائزة. (3) لانه مضافا إلى حرمته تكليفا من حقوق الناس المقدمة على حقوق الله تعالى، وهذه الكلية وإن لم تكن صحيحة بعمومها، إلا أنها في المقام غير بعيدة، لكثرة التأكيد في حرمة الغصب والظلم والعدوان، لا أقل من إقتضاء ذلك إحتمال الاهمية. (4) أما عدم حرمته عليه: فضروري. وأما عدم الحرمة على الولي: فهو الذي جزم به في جامع المقاصد، وجعله الاقرب في الذكرى، وحكاه عن التذكرة. وجعله في المعتبر أشبه. ويقتضيه أصل البراءة لعدم دليل على الحرمة، وليس المقام من قبيل ما علم من الشارع كراهة وجوده في الخارج حتى من الصبيان ليتوجه الخطاب إلى أوليائهم بمنعم عنه كما أشار إلى ذلك في الجواهر. وما عن جابر: " كنا ننزعه عن الصبيان ونتركه على الجواري " (* 1) إن صح فهو محمول على التورع. مع أنه لا يصلح للحجية. ومنه يظهر ضعف القول بالحرمة كما حكي في المدارك.
===============
( 392 )
[ فلا يحرم على الولي إلباسه إياه، وتصح صلاته فيه (1) بناء على المختار من كون عباداته شرعية. (مسألة 41): يجب تحصيل الساتر للصلاة ولو بإجارة أو شراء، ولو كان كان بأزيد من عوض المثل (2) ما لم يجحف بماله، ولم يضر بحاله. ويجب قبول الهبة أو العارية ما لم يكن فيه حرج. بل يجب الاستعارة والاستيهاب كذلك. ] (1) يشكل بأنه خلاف إطلاق قوله (عليه السلام): " لا تحل الصلاة في حرير محض " (* 1). نعم قد يدعى إنصرافه بقرينة مناسبة الحكم والموضوع إلى خصوص اللبس المحرم، فإذا حل اللبس لم يكن مانعا من الصلاة، كما تقدم في صحة الصلاة في الحرير في الحرب وللنساء. لكن ذلك لو تم إختص بما إذا كان الحل لعدم مقتضي الحرمة كما في الموردين المذكورين لا لمزاحمتها بما يوجب الترخيص كالضرورة وللصبي، فالبناء على البطلان أوفق بإطلاق أدلة المانعية. نعم لو كان دليل بالخصوص على جواز لبسه أمكن التمسك بإطلاقه المقامي على جواز لبسه في الصلاة، فتأمل جيدا. (2) فإن ذلك كله مقتضى إطلاق دليل شرطيته للواجب المطلق الذي يجب تحصيل مقدماته على كل حال. نعم قد يقال: إن الشراء بأكثر من ثمن المثل ضرر مالي منفي بقاعدة الضرر فيسقط. ويشكل بأنه يتم لو لم يكن وجوب التستر في الصلاة من الاحكام الضررية، إذ حينئذ تكون قاعدة الضرر حاكمة على دليله، مقتضية لتخصيصه بغير صورة لزوم الضرر المالي كما في سائر الموارد، لكنه ليس كذلك، فإنه حكم ضرري، فيكون دليله
===============
( 393 )
[ (مسألة 42): يحرم لبس لباس الشهرة (1) بأن يلبس خلاف زيه من حيث جنس اللباس، أو من حيث لونه، أو من أخص مطلقا من أدلة القاعدة، فيقدم عليها ويؤخذ بإطلاقه من حيث مراتب الضرر فيجب التستر بأي مرتبة كان لزوم الضرر. نعم إذا كان بحيث يجحف بحاله ويضر به يسقط دليل نفي الحرج، فيختص وجوب التستر بما إذا لم يكن حرجيا، ويسقط إذا كان حرجيا. ومن ذلك تعرف الوجه في قوله (ره): " ويجب قبول.. ". هذا ولكن الانصاف يقتضي المنع من كون وجوب التستر من الاحكام الضررية نوعا، فالعمدة في وجوب الشراء بأكثر من ثمن المثل دعوى الاجماع على وجوبه، فتأمل جيدا. (1) للنهي عنه في جملة من النصوص كمصحح أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن الله يبغض شهرة اللباس " (* 1)، ومرسل إبن مسكان عن (ره): " كفى بالمرء خزيا أن يلبس ثوبا يشهره أو يركب دابة تشهره " (* 2)، ومرسل عثمان بن عيسى عنه (عليه السلام): " الشهرة خيرها وشرها في النار " (* 3)، وخبر أبى الجارود عن أبي سعيد عن الحسين (عليه السلام): " من لبس ثوبا يشهره كساه الله سبحانه يوم القيامة ثوبا من النار " (* 4) وخبر إبن قداح عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): نهاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن لبس ثياب الشهرة " (* 5). والعمدة المصحح
===============
( 394 )
[ حيث وضعه وتفصيله وخياطته، كأن يلبس العالم لباس الجندي أو بالعكس مثلا. وكذا يحرم على الاحوط لبس الرجال ما يختص لباس الجندي أو بالعكس مثلا. وكذا يحرم على الاحوط لبس الرجال ما يختص بالنساء (1) وبالعكس والاحوط ترك الصلاة فيهما، وإن ] الاول، والظاهر منه حرمة اللباس الموجب لشهرة لابسه بين الناس، ولم أقف عاجلا على كلماتهم في المقام. نعم ظاهر الرياض ومفتاح الكرامة في مسألة تزيين الرجل بما يحرم عليه عدم الخلاف في حرمته، لكن صريح الوسائل في أحكام الملابس الكراهة، ولا بد من مراجعة كلماتهم، فراجع. (1) على الاشهر الاظهر المحتمل فيه الاجماع كما في الرياض. ويشهد له ما عن الكافي عن عمر بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث: " لعن الله المحلل والمحلل له، ومن تولى غير مواليه، ومن إدعى نسبا لا يعرف، والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.. " (* 1). لكن أستشكل فيه غير واحد بأن الظاهر من التشبه التذكر والتأنث، كما يشير إليه ما عن العلل عن زيد بن علي عن علي (عليه السلام): " أنه رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (عليه السلام) له أخرج من مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا لعنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال علي (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) (* 2). لكن الاستظهار المذكور غير ظاهر، وما عن العلل على تقدير حجيته غير ظاهر في تفسير الحديث المذكور بذلك. نعم تطبيقه على مورده يدل على عمومه له، فالبناء على عمومه للتشبه باللباس في محله. نعم ظاهر التشبه
===============
( 395 )
[ كان الاقوى عدم البطلان (1). (مسألة 43): إذا لم يجد المصلي ساترا حتى ورق الاشجار والحشيش (2)، فإن وجد الطين، أو الوحل، أو الماء ] فعل ما به تكون المشابهة بقصد حصولها، فلبس الرجل مختصات النساء لا بقصد مشابهتهن ليس تشبها بهن ولا منهيا عنه، بل يحتمل إنصراف النص عن التشبه إتفاقا في مدة يسيرة لبعض المقاصد العقلائية. (1) لعدم الملازمة بين الحرمة النفسية والمانعية، فلا يصلح دليلها لاثباتها. وما عن كشف الغطاء من الحكم ببطلان الصلاة به ضعيف. (2) قد عرفت في المسألة السادسة عشرة في فصل الساتر تقريب جواز التستر بهما إختيارا، كما عرفت أن الطين ليس ساترا حال الاختيار وإن كان ساترا حال الاضطرار، وأن في إلحاق الوحل والماء الكدر به إشكالا. نعم لا يبعد إلحاق الوحل به إذا أمكن الاطلاء به بنحو يستر البشرة وإن لم يستر الحجم، بناء على ما عرفت من الاكتفاء بذلك في صحة الصلاة، كما عرفت أن مقتضى الاصل فيما لم يثبت كونه ساترا ولو إضطراريا هو الاحتياط بتكرار الصلاة من جهة العلم الاجمالي، فراجع، وأن العمدة في ساترية ما ذكر صحيح إبن جعفر (عليه السلام) عن أخيه موسى (عليه السلام): " عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا وحضرت الصلاة كيف يصلي؟ قال (عليه السلام): إن أصاب حشيشا يستر به عورته أتم صلاته بالركوع والسجود، وإن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ وهو قائم " (* 1) وأما الحفيرة: فهي وإن لم يشملها عموم ذيل الصحيح المذكور يستفاد حكمها من مرسلة أيوب بن نوح عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام): " العاري
===============
( 396 )
[ الكدر، أو حفرة يلج فيها ويتستر بها أو نحو ذلك مما يحصل به ستر العورة (1) صلى صلاة المختار قائما مع الركوع والسجود. وإن لم يجد ما يستر به العورة أصلا، فإن أمن من الناظر بأن لم يكن هناك ناظر أصلا، أو كان وكان أعمى، أو في ظملة، أو علم بعدم نظره أصلا، أو كان ممن لا يحرم نظره إليه كزوجته أو أمته فالاحوط تكرار الصلاة بأن يصلي صلاة المختار تارة وموميا للركوع والسجود أخرى قائما (2) وأن لم يأمن من الناظر ] الذي ليس له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها ويسجد فيها ويركع " (* 1). وإرسالها غير قادح، لاعتماد جماعة من الاكابر عليها كالفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم. (1) كل ذلك لاطلاق مفهوم ذيل الصحيح المتقدم. (2) المشهور كما عن جماعة كثيرة -: أن من لا يجد ساترا إن كان أمن من المطلع صلى قائما موميا وإلا صلى جالسا موميا. ومستندهم في ذلك الجمع بين مادل على وجوب القيام والايماء مطلقا كصحيح إبن جعفر (عليه السلام) المتقدم، وموثق سماعة على رواية التهذيب: " سألته عن رجل يكون في فلاة من الارض فأجنب وليس عليه إلا ثوب واحد فأجنب فيه وليس يجد الماء. قال (عليه السلام) يتيمم ويصلي عريانا قائما يومئ إيماء " (* 2)، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: " وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما " (* 3) وبين ما دل على وجوب الجلوس والايماء مطلقا
===============
( 397 )
كموثق سماعة المتقدم على رواية الكافي (* 1)، حيث رواه (قاعدا) بدل (قائما)، ومصحح زرارة: " قلت لابي جعفر (عليه السلام): رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلى فيه، فقال (عليه السلام): يصلي إيماء، وإن كانت إمرأة جعلت يدها على فرجها، وإن كان رجلا وضع يده على سوأته، ثم يجلسان فيومئان إيماء، ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما، تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما.. " (* 2)، وخبر أبي البختري عن جعفر بن محمد (عليه السلام): " من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت، يبتغي ثيابا فإن لم يجد صلى عريانا جالسا يومئ إيماء، يجعل سجوده أخفض من ركوعه " (* 3)، وخبر محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) فيمن لا يجد إلا ثوبا واحدا فأجنب فيه. قال (عليه السلام): " يتيمم ويطرح ثوبه فيجلس مجمتعا فيصلي فيومئ إيماء " (* 4) بحمل الاول على من أمن المطلع والاخيرة على غيره بشهادة مرسل الفقيه (* 5) الظاهر إتحاده مع مرسل إبن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة قال (عليه السلام): يصلي عريانا قائما إن لم يره أحد، فإن رآه أحد صلى جالسا " (* 6)، ومسنده الحسن أو الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام): " في رجل عريان ليس معه ثوب. قال (عليه السلام): إذا كان حيث لا يراه أحد
===============
( 398 )
فيصل قائما " (* 1)، وما عن نوادر الراوندي: " قال علي (عليه السلام) في العاري: إن رآه الناس صلى قاعدا، وإن لم يره الناس صلى قائما " (* 2) وفي المعتبر: أحتمل التخيير بين القيام موميا والجلوس كذلك، وحكاه عن إبن جريح، حملا لنصوصهما على التخيير، لضعف ما يصلح لشهادة الجمع المشهور بينهما، إذ ما عدا مسند إبن مسكان ظاهر الضعف، وأما هو فقد أعترف غير واحد بغرابة ما فيه من رواية إبن مسكان عن أبي جعفر عليه السلام، فإن المذكور في ترجمته أنه قليل الرواية عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأنه من أصحاب الكاظم (عليه السلام)، بل عن يونس أنه لم يسمع عن أبي عبد الله عليه السلام إلا حديث: " من أدرك المشعر فقد أدرك الحج "، ومرسله كان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام). فالموثوق به أنه مرسل عن أبي جعفر (عليه السلام). وفيه: أن المراسيل حجة إذا كانت مجبورة بعمل المشهور ولذا قال في الذكرى في المقام: " وأما المراسيل فإذا تأديت بالشهرة صارت في قوة المسانيد ". ومثله في الاشكال ما عن السرائر في بحث لباس المصلي من تعين القيام والايماء مطلقا، ترجيحا لنصوصه على نصوص الجلوس، بناء منه على تعارضها وعدم الشاهد على الجمع بينها. وكذا ما عن الصدوق في الفقيه والمقنع، والسيد في الجمل والمصباح، والشيخين في المقنعة والتهذيب من تعين الجلوس والايماء مطلقا، لما ذكر. هذا وعن إبن زهرة: أن العريان إذا كان بحيث لا يراه أحد صلى قائما وركع وسجد وإلا صلى جالسا موميا مدعيا عليه الاجماع. وجعله.
===============
( 399 )
الاصح في نجاة العباد، وقواه في الجواهر للاصل، وخبر الحفيرة (* 1) وموثق إسحاق: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): قوم قطع عليهم الطريق وأخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون؟ قال (عليه السلام): يتقدمهم إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيومئ إيماء للركوع والسجود، وهو يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم " (* 3). وللاجماع المنقول، ولان الذي يسوغ له القيام المقتضي لانكشاف قبله الامن من المطلع فليقتض أيضا وجوب الركوع والسجود وإن أستلزم أيضا إنكشاف العورة، ولا سيما وظاهر نصوص التفصيل بين الامن من المطلع وغيره جواز كشف العورة من جهة الصلاة. وبذلك يظهر وهن الصحيح والموثق، لا سيما وكان الثاني مرويا في الكافي (قاعدا) بدل (قائما) كما عرفت. والاول موهون بعدم العمل بإطلاقه من حيث الامن من المطلع وعدمه، وبإحتمال إرادة أول مراتب الركوع من الايماء فيه، وبظهوره في لزوم التشهد والتسليم قائما، ولم يعرف دليل عليه ولا مصرح به، وفي المنع من الايماء جالسا بدل السجود ولو مع عدم بدو العورة، مع أنه أقرب إلى هيئة الساجد. ولذا حكى في الذكرى عن السيد العميدي وجوب الايماء جالسا. وفيه: أن الاصل لا مجال له مع الدليل حتى لو كان المراد به إطلاق دليل وجوب الركوع والسجود، فإنه مقيد بالصحيح. وخبر الحفيرة مختص بها. وموثق إسحاق مورده المأمومون لا المنفرد. والاجماع لا حجية فيه مع العلم بمخالفته للواقع. ولا ملازمة بين جواز بدو القبل وجواز بدو الدبر بحيث يرفع بها اليد عن ظاهر الدليل. وسقوط إعتبار التستر مسلم، لكن لا يقتضي رفع اليد
===============
( 400 )
عن الصحيح، فإنه أيضا يدل على ذلك وإن دل على عدم جواز بدو الدبر ومجرد ذلك لا يوجب وهن الصحيح. وكذا الموثق، ورواية الكافي (قاعدا) لا يمنع من التمسك به وإن كان الكافي أضبط، لما حكي من نص الشيخ في الاستبصار على رواية الكافي له (قاعدا) وإلتفاته إلى ذلك (* 1) وروايته (قائما) الظاهر في إطلاعه على ما يوجب خطأ الكافي، فتأمل. مع أن في الصحيح كفاية، ولا يقدح فيه عدم العمل بإطلاقه. وإحتمال إرادة أول مراتب الركوع من الايماء فيه غريب، ولا سيما بملاحظة كونه في مقابل ما ذكر في صدره من إتمام الركوع والسجود إذا أصاب حشيشا وظهوره في الايماء للسجود الذي لا يمكن حمله على السجود التام أصلا، وكفى يه دليلا على لزوم التشهد والتسليم قائما، وعلى عدم جواز الايماء جالسا بدل السجود. (وبالجملة): دلالة الصحيح على وجوب الايماء قائما لا مدافع لها، فالعمل عليها متعين، وتوهينه بعدم ثبوت شهرة العمل به موهون، فإن الصحيح حجة وإن لم يعلم به المشهور. نعم لو ثبت إعراضهم عنه كان موهونا، لكنه غير ثابت، بل عرفت شهرة القول بالايماء شهرة عظيمة وإن إختلف في القعود والقيام والتفصيل. هذا وربما يستشكل في التفصيل بين الامن وعدمه مع أن نصوصه تضمنت الفرق بين أن يراه أحد، وأن لا يراه أحد، وبين العنوانين فرق ظاهر. ويندفع بأن الظاهر من مسند إبن مسكان: " إذا كان حيث لا يراه.. " أن يكون في مكان هو في معرض أن يراه أحد، فليحمل غيره عليه. مع قرب إحتمال إرادة ذلك منه، ولا سيما بملاحظة ما دل على وجوب التحفظ في ستر العورة يعني: وجوب التستر مع عدم الامن
===============
( 401 )
[ المحترم صلى جالسا وينحني للركوع والسجود بمقدار لا تبدو عورته (1)، وإن لم يمكن فيومئ برأسه، وإلا فبعينيه (2). ويجعل الانحاء أو الايماء للسجود أزيد من الركوع (3)، ] فإن ذلك الارتكاز كقرينة على صرف الكلام إلى ما ذكر. كما أن مقتضى إطلاق النص والفتوى عدم الفرق بين من يحرم نظره ومن يحل كالزوجة والامة. وبه جزم في كشف الغطاء على ما حكي، لكن لا يبعد دعوى الانصراف إلى الاجنبي، لانه الذي يحرم نظره ويجب التستر عنه الملحوظان في وجوب الجلوس كما إستوضحه في الجواهر، وحكاه عن الرياض. (1) كما في الذكرى وعن جامع المقاصد وفوائد الشرائع وغيرها، لقاعدة الميسور. وفيه: أنه خلاف إطلاق النص، بل لعله خلاف ظاهر قوله (عليه السلام) في مصحح زرارة: " إيماء برؤوسهما " (* 1)، كما لا يخفى. (2) كما صرح به في الذكرى، ونص عليه في الجواهر وغيرها، لانه من مراتب الايماء كما يظهر مما ورد في المريض إذا صلى مستلقيا، قال (عليه السلام) فيه: " فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم سبح، فإذا سبح فتح عينيه، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع.. " (* 2)، بناء على إتحاد كيفية الايماء في كل مقام يجب، أو أن المقام أولى من المريض كما في الذكرى. (3) كما في الذكرى نسبته إلى الاصحاب. ويشهد له خبر أبي البختري المتقدم (* 3). لكنه ضعيف، وإعتماد الاصحاب عليه بنحو ينجبر غير ظاهر. وفي الذكرى علله بتحصيل الافتراق.
===============
( 402 )
[ ويرفع ما يسجد عليه ويضع جبهته عليه (1). وفي صورة القيام يجعل يده على قلبه (2) على الاحوط. (مسألة 44): إذا وجد ساترا لاحدى عورتيه ففي وجوب تقديم القبل، أو الدبر، أو التخيير بينهما وجوه، أوجهها: الوسط (3). ] (1) كما في الذكرى وغيرها، لما ورد في المريض مما تضمن ذلك (* 1) بل هنا أولى كما عن الذكرى. لكن في صحيح الحلبي في المريض: " وأن يضع جبهته على الارض أحب إلي " (* 2) مما يظهر منه الاستحباب. مع أن في التعدي منه إلى المقام مع خلو الاخبار عنه إشكالا. (2) فقد تضمن ذلك مصحح زرارة، لكنه مع مخالفته لاطلاق النصوص والفتاوى ظاهر في الستر من جهة الناظر، كما يقتضيه عطف قوله (عليه السلام): " يجلسان عليه " ب " ثم " الموجب لظهوره في كونه قبل الصلاة، إذ حمله على كون الستر باليد حال القراءة قائما ثم يجلسان بعدها للايماء للركوع والسجود غريب لا قائل به، فأصالة البراءة من وجوب الستر باليد محكمة. وبه يندفع إحتمال كونه من الستر الصلاتي الواجب بعد عدم إطلاق دليل وجوب الساتر بنحو يشمله، بل ظاهر النصوص عدمه. (3) كما عن البيان إحتماله لاستتمام الركوع والسجود بستره، وزاد في الجواهر بأن الدبر لم يسقط أعتبار مستوريته في حال من الاحوال، بخلاف القبل. وعن الفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم: ترجيح القبل لبروزه، وكونه إلى القبلة، ولان الدبر مستور بالاليتين. وعن حواشي
===============
( 403 )
الشهيد (ره): أنه أحتمل كلا منهما. وما عدا الاول من وجوه الترجيح غير ظاهر. والاول إنما يقتضي وجوب ستر الدبر حال الركوع والسجود لا غير، فالبناء عليه متعين، ويتخير في سائر الاحوال. أللهم إلا أن يلزم من نقله من موضع إلى آخر التكشف، فيتعين حينئذ عليه الوضع على الدبر في جميع الاحوال. ومنه يظهر ضعف إطلاق التخيير كما نسب إلى قوم، وقد يظهر من محكي المبسوط. تنبيه المرأة العارية حكمها حكم الرجل في بدلية الايماء عن الركوع والسجود مطلقا، لانها أولى من الرجل بالاحتفاظ على بدو العورة، مضافا إلى مصحح زرارة المتقدم (* 1). ولاجل أختصاصه بصورة عدم الامن من المطلع بقرينة ما فيه من الامر بوضع اليد على الفرج قبل الصلاة، ووحدة سياقها مع الرجل المحمول جلوسه على خصوص الصورة المذكورة يكون حكمها القيام مع الامن، لقاعدة الاشتراك المعول عليها عند الاصحاب، كما يظهر من إطلاقهم حكم العاري من دون تعرض لحكم المرأة بالخصوص مما هو ظاهر في الاتفاق على إلحاقها بالرجل، بل لعل ذلك بنفسه كاف في وجوب القيام عليها مع الامن كالرجل، وإن كان مقتضى القواعد وجوب الجلوس عليها حيث يجب كما في التشهد والتسليم مع التحفظ من بدو العورة. ومن ذلك يظهر أنها لو وجدت ما يستر العورتين وجبت عليها صلاة المختار، إذ لا وجه لرفع اليد عن القواعد الاولية حينئذ، والله سبحانه أعلم.
===============
( 404 )
[ (مسألة 45): يجوز للعراة الصلاة متفرقين (1)، ويجوز بل يستحب لهم الجماعة (2) وإن أستلزمت للصلاة جلوسا وأمكنهم الصلاة مع الانفراد قياما، فيجلسون ويجلس الامام (3) ] (1) بلا خلاف ولا إشكال في أصل مشروعية الصلاة فرادى لهم بل عن ظاهر المقنع، وصلاة الخوف والمطاردة من الخلاف: وجوبها لهم وكأنه لخبر أبي البختري المتقدم (* 1) إذ في ذيله عطفا على ما سبق -: " فإن كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثم صلوا كذلك فرادى ". لكنه مع ضعفه وإعراض الاصحاب عنه محمول على إرادة أنهم إذا أرادوا الصلاة فرادى فليتباعدوا ليأمنوا من المطلع فيتأتى لهم الصلاة قياما. فتأمل. (2) إجماعا كما عن المنتهى والمختلف والتذكرة وفي الذكرى، لاطلاق ما دل على أستحباب الجماعة في الصلاة، مضافا إلى النصوص الآتية التي بها يخرج عما دل على وجوب القيام مع الامكان. (3) المحكي عن النهاية والوسيلة والمعتبر والمنتهى والدروس وغيرهما: أنهم يجلسون جميعا ويتقدمهم إمامهم بركبتيه فيومئ للركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه. ومقتضى إطلاقهم عدم الفرق بين الامن من المطلع وعدمه، إعتمادا منهم على إطلاق صحيح إبن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام: " عن قوم صلوا جماعة وهم عراة. قال (عليه السلام): يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس " (* 2)، وموثق إسحاق إبن عمار: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): قوم قطع عليهم الطريق وأخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون؟ فقال (علهيه السلام): يتقدمهم
===============
( 405 )
[ وسط الصف (1) ويتقدمهم بركبتيه ويومئون للركوع والسجود (2)، إلا إذا كانوا في ظلمة آمنين من نظر بعضهم ] إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيومئ إيماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم " (* 1). لكن لما كان بينهما وبين نصوص وجوب القيام على العاري مع أمن المطلع عموم من وجه، دار الامر بين التصرف فيهما بحملهما على صورة عدم الامن من المطلع وبين التصرف فيها بحملها على خصوص المفرد، ولاجل أن التصرف الاول أقرب، لان الاجتماع غالبا ملازم لعدم الامن من المطلع كان التصرف فيهما أولى وكأنه لذلك إختار جماعة وجوب القيام مع الامن لظلمة أو عمى أو نحوهما بل عن المدارك والذخيرة: نسبته إلى الاكثر. وهو في محله. (1) كما يظهر من قوله (عليه السلام) في الصحيح: " يتقدمهم الامام بركبتيه " ومنه يظهر وجه ما بعده. (2) كما عن الحلي، ونسب أيضا إلى المقنعة وغيرها. بل في محكي السرائر الاجماع عليه، وأن قول الشيخ (ره): " إن الامام يومئ فقط والمأمومين يركعون ويسجدون جلوسا " مخالف للاجماع. إنتهى. وفي الجواهر: نسبته إلى القواعد والبيان والمدارك وغيرها من كتب متأخري المتأخرين. وكأنهم أعتمدوا في ذلك على إطلاق ما دل على وجوب الايماء على العاري المعتضد بإجماع الحلي. وفيه: أن الاجماع لا يعول عليه مع شهرة الخلاف. وإطلاق ما دل على الايماء مقيد بالموثق، فإنه أخص مطلقا منه، ولذا قال في المعتبر: " وهذه يعني: الرواية حسنة، ولا يلتفت مطلقا منه، ولذا قال في المعتبر: " وهذه يعني: الرواية حسنة، ولا يلتفت إلى من يدعي الاجماع على خلافها ". وما في الذكرى من إستبعاد أن يكون
===============
( 406 )
[ إلى بعض فيصلون قائمين صلاة المختار تارة ومع الايماء أخرى (1) على الاحوط. (مسألة 46): الاحوط بل الاقوى تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر (2) وأحتمل وجوده في آخر الوقت. (مسألة 47): إذا كان عنده ثوبان يعلم أن أحدهما حرير أو ذهب أو مغصوب والآخر مما تصح فيه الصلاة لا تجوز الصلاة في واحد منهما (3)، ] للمأمومين خصوصية عن غيرهم من العراة. لا يسوغ رفع اليد عن الموثق ولا سيما بعد إعتماد من الاساطين عليه. وما عن كشف اللثام من إحتمال إرادة الايماء من قوله (عليه السلام): " وهم يركعون.. " بعيد جدا مخالف للظاهر، فالعمل على الموثق متعين. (1) الوجه في الجمع بين الصلاتين على النحو المذكور قد تقدم في المسألة الثالثة والاربعين. (2) كما عن السيد وسلار، ومال إليه في المعتبر. وعن الشيخ في النهاية: جواز الصلاة في سعة الوقت. وقد أشرنا مكررا إلى أن إطلاق أدلة البدلية يقتضي جواز البدار لذوي الاعذار. إلا أن مناسبة الحكم والموضوع وكون البدلية من جهة الاضطرار قرينة على إرادة جعل البدلية حيث يتعذر الامتثال الاختياري في تمام الوقت. وعليه فالصحة في أول الوقت أو في أثنائه تدور على إستمرار الاضطرار إلى آخر الوقت، فإن إستمر صح الفعل الاضطراري أول الوقت وإن إحتمل حاله إرتفاع الاضطرار، وإن لم يستمر لم يصح الاضطراري وإن عمل حاله بإستمرار الاضطرار. (3) لان العلم الاجمالي بالتكليف بالاجتناب عن الذهب أو الحرير أو
===============
( 407 )
[ بل يصلي عاريا. وإن علم أن أحدهما من غير المأكول والآخر من المأكول. أو أن أحدهما نجس والآخر طاهر صلى صلاتين (1). وإذا ضاق الوقت ولم يكن إلا مقدار صلاة واحدة يصلي عاريا في الصورة الاولى (2) ويتخير بينهما في الثانية. ] المغصوب بعدما كان منجزا للواقع موجب عقلا ترك كل من محتملات الواقع فلو صلى في واحد منها لم يجتزئ بها، لعدم العذر على تقدير الثبوت واقعا. نعم إذا أنكشف أن ما صلى فيه ليس مانعا صحت صلاته، لان حرمة اللبس عقلا من جهة العلم الاجمالي وحصول التجرؤ به لا ينافي صحة العبادة وحصول التقرب بها. (1) ليحصل له اليقين بفعل الصلاة الصحيحة. (2) كما في نجاة العباد، وحكاه في الجواهر عن بعض، وكأنه لان العلم الاجمالي بعدما كان منجزا للواقع يكون كل واحد من محتملاته بمنزلة المعلوم بالتفصيل، فكما يصلي عاريا مع الانحصار في المعلوم كونه من غير مأكول اللحم، كذلك مع الانحصار في محتملات المعلوم بالاجمال. لكن قد يشكل بأن وجوب الصلاة عاريا مع الانحصار بالمعلوم من جهة أنه يصدق أنه لا يجد ساترا به عورته، كما أشرنا إليه سابقا، ولا يصدق ذلك مع العلم الاجمالي، للعلم بوجود الساتر الشرعي أيضا في المحتملات، وحينئذ لو صلى في واحد منها فقد أحتمل الموافقة والمخالفة، ولو تركهما وصلى عاريا قطع بالمخالفة، فيتعين الاول. وفيه: أن المنع الفعلي كالمنع الشرعي في سلب القدرة، فهو لا يقدر على الصلاة في الساتر الشرعي، فقد تحقق المنع العقلي من جهة العلم الاجمالي. نعم في الصورة الثانية لما لم يكن منع عن صلاة في واحد. بل كان علم بوجوب الصلاة في واحد
===============
( 408 )
[ (مسالة 48): المصلي مستلقيا أو مضطجعا، لا بأس بكون فراشه أو لحافه نجسا أو حريرا أو من غير المأكول (1) إذا كان له ساتر غيرهما. وأن كان يتستر بهما أو باللحاف فقط فالاحوط كونهما مما تصح فيه الصلاة (2). ] مردد، وجب عليه أن يصلي في واحد من باب الاحتياط. لكن في الاكتفاء به عن القضاء إشكالا، إذ لا دليل على سقوط التكليف بالصلاة التامة، والجهل لا يوجب سلب القدرة عليها، فيجب عليه بعد الوقت إتيان الصلاة بالثوب الآخر، أو في ثوب معلوم أنه من مأكول اللحم، أو معلوم الطهارة، ليحصل له اليقين بالفراغ. (1) لعدم صدق اللبس فيما ذكر، ولا الصلاة فيه. (2) كأنه لاحتمال صدق الصلاة فيه. لكنه غير ظاهر، إذ الفارق بين الصورتين لا يقتضي الفرق بينهما في ذلك. نعم يمكن أن يقال: لما لم يكن إطلاق في دليل الساتر يصلح أن يستدل به على ساترية ما يشك في ساتريته لا يجوز التستر بالحرير، وما لا يؤكل لحمه في هذا الحال، للشك في كونهما من الساتر، وقاعدة الاشتغال تقتضي الاحتياط بالتستر بغيرهما. وأما النجس: فلما علم أنه ساتر في نفسه لولا النجاسة، فالشك يرجع إلى الشك في مانعية النجاسة في هذه الحال، والاصل البراءة، وما دل على عدم جواز الصلاة في النجس لا مجال للتمسك به، لان الكلام مبني على عدم صدق الصلاة في النجس. أللهم إلا أن يدعى عدم وجوب التستر على المضطجع أو المستلقي مع وضع الغطاء عليه، لا أن الغطاء ساتر له، وإلا فلا يمكن دعوى كونه متسترا من تحته بالارض التي إفترشها، فكما لا يجب عليه التستر من تحت لا يجب التستر من فوق مع التغطي، وأدلة
===============
( 409 )
[ (مسألة 49): إذا لبس ثوبا طويلا جدا وكان طرفه الواقع على الارض غير المتحرك بحركات الصلاة نجسا أو حريرا أو مغصوبا أو مما لا يؤكل، فالظاهر عدم صحة الصلاة ما دام يصدق أنه لابس ثوبا كذائيا (1). نعم لو كان بحيث لا يصدق لبسه، بل يقال: لبس هذا الطرف منه كما إذا كان طوله عشرين ذراعا، ولبس بمقدار ذراعين منه أو ثلاثة وكان الطرف الآخر مما لا تجوز الصلاة فيه فلا بأس به. (مسألة 50): الاقوى جواز الصلاة فيما يستر ظهر القدم ولا يغطي الساق (2) كالجورب ونحوه. ] وجوب التستر غير شاملة لمثله. لكنه مجال تأمل ظاهر. (1) هذا لا يتم في المغصوب، إذ لا دليل على مانعيته بالخصوص، وإنما هي على تقدير القول بها من جهة المنافاة لقصد التقرب، وذلك يختص بما إذا كانت الصلاة فيه تصرفا فيه، والواقع على الارض الذي لا يتحرك بحركات المصلي لا يصدق على الصلاة فيه أنها تصرف فيه، فلا وجه لبطلان الصلاة فيه وإن صدق أنه لابس له، أو أنه صلى فيه. وأما في الذهب فقد عرفت أن موضوع المانعية هو موضوع الحرمة. فإذا كان مثله لبسا محرما أبطل. وأما ما لا يؤكل لحمه والحرير: فالمانعية دائرة مدار الصلاة فيه، لا مدار اللبس له، فجعل الجميع دائرا مدار اللبس غير ظاهر، إلا أن يراد ما ذكرنا. (2) كما عن العلامة في المنتهى والتحرير، والمحقق والشهيد الثانيين، والميسي والمدارك والمفاتيح، ونسب أيضا إلى المبسوط والوسيلة وغيرها، وعن المفاتيح: نسبته إلى أكثر المتأخرين، وعن البحار: أنه أشهر.
===============
( 410 )
للاصل، ولما عن الاحتجاج أن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري كتب إلى صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه -: " هل يجوز للرجل أن يصلي وفي رجليه بطيط لا يغطي الكعبين أم لا يجوز؟ فوقع (عليه السلام): جائز " (* 1). والبطيط كما في القاموس رأس الخف بلا ساق. لكن الاستدلال به يتوقف إما على كون المراد بالكعبين العظمين في جانبي الساق، أو على كون المراد مما لا يستر ظهر القدم ما لا يستر تمامه ولا بعضه. هذا والمنسوب إلى كبراء الاصحاب، أو المشهور، أو الاشهر، أو مذهب الاكثر، أو أكثر القدماء: المنع، وإن كانت النسبة إلى جماعة لا تخلو من خدشة، لان المنقول عنهم الاقتصار على خصوص الشمشك والنعل السندية. (وكيف كان) فأستدل للمنع بالمرسل عن الوسيلة: " روى أن الصلاة محظورة في النعل السندية والشمشك " (* 2)، وخبر سيف إبن عميرة: " لا يصلى على جنازة بحذاء " (* 3). بناء على أن صلاتها أوسع. وبما في المعتبر وعن التذكرة من عدم فعل النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة والتابعين، لقوله (صلى الله عليه وآله): " صلوا كما رأيتموني أصلي " (* 4). والجميع كما ترى، إذ المرسل قاصر السند، ولا سيما مع عدم عمل مرسله به، ومجرد الموافقة لفتوى المشهور غير جابرة، وإعتمادهم عليه غير ثابت. مع أنه لا يظهر منه دلالة على المقام، إذ من الجائز أن يكون وجه المنع في مورده عدم التمكن من وضع الابهامين على الارض. وخبر سيف بن عميرة مع قصوره سندا غير معمول بظاهره. كما في الجواهر وغيرها. وعدم