[ فصل في الوصية بالحج (مسألة 1): إذا أوصى بالحج، فان علم أنه واجب أخرج من أصل التركة وإن كان بعنوان الوصية، فلا يقال: مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث (1). نعم لو صرح ] أحدهما - لا يكون اللاحق مشروعا من حينه، لارتباطية أجزائه، فإذا كان الآخر غير مشروع كان الاول غير مشروع حين وقوعه. فصل في الوصية بالحج (1) لاختصاص الحكم المذكور - وهو إخراج الوصية من الثلث - بما إذا كان وجوب إخراجه على حيث كونه وصية. وليس منه الحج، لوجوب إخراجه على كل حال. وإن شئت قلت: الثمرة العملية إنما تكون في صورة عدم اتساع الثلث للحج وغيره من الوصايا، لكن لو بني على إخراج الحج من الثلث كان مزاحما لغيرة من الوصايا. لكن المزاحمة المذكورة مبنية على أن المراد من الثلث ثلث التركة. أما إذا أريد منه ثلث ما زاد - بعد إخراج ما يجب إخراجه على كل حال - فلا مزاحمة، لان الوصايا الاخرى تخرج من الثلث بعد إخراج الحج، لما عرفت من أن المراد من الثلث - الذي تخرج منه الوصايا - الثلث مما زاد على ما يجب إخراجه من الاصل، وهو - في الفرض - ثلث ما زاد على الحج. فالوصية بالحج نظير الوصية بوفاء الدين لا تزاحم الوصايا الاخرى إذا كانت لا تزيد
===============
( 77 )
[ باخراجه من الثلث أخرج منه، فان وفى به، وإلا يكون الزائد من الاصل. ولا فرق - في الخروج من الاصل - بين حجة الاسلام، والحج النذري، والافسادي. لانه - بأقسامه - واجب مالي (1)، وإجماعهم قائم على خروج كل واجب مالي من الاصل. مع أن في بعض الاخبار: أن الحج بمنزلة الدين، ومن المعلوم خروجه من الاصل. بل الاقوى خروج كل واجب من الاصل وإن كان بدنيا، كما مر سابقا (2). وإن علم أنه ندبي فلا إشكال في خروجه من الثلث (3). وإن لم يعلم أحد الامرين، ففي خروجه من الاصل أو الثلث ] على الثلث المذكور. نعم لو كانت الوصية بالحج أو بالدين موجبة لعدم وجوب إخراجه إلا من جهة الوصية كان الاشكال محكما، وكانت المزاحمة بينه وبين الوصايا الاخرى محكمة. (1) قد تقدم - في أول مباحث الحج النذري - الكلام في ذلك، وأن التحقيق: أنه كحج الاسلام واجب مالي. لكن الحكم في الحج الافسادي غير ظاهر، نظير الكفارات المخيرة بين الخصال الثلاث، فان كونها من قبيل الدين والحج المالي غير ظاهر، بل الظاهر العدم. ومثل الحج الافسادي: الحج الواجب باليمين أو العهد، فانهما واجبان غير ماليين كما لعله ظاهر. (2) في المسألة الثامنة من فصل الحج النذري. ومر الكلام والاشكال فيه. (3) على المشهور المعروف، المدعى عليه الاجماع من جماعة، والمصرح به في النصوص - المدعى تواترها معنى - المتضمنة أنه لا تجوز الوصية بأكثر
===============
( 78 )
[ وجهان. يظهر من سيد الرياض (قده) خروجه من الاصل (1) حيث أنه وجه كلام الصدوق (قده) - الظاهر في كون جميع الوصايا من الاصل -: بأن مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجبا أولا، فان مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصية خروجها من الاصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيا ] من الثلث إلا باجازة الورثة. منها: صحيح أحمد بن محمد: (كتب أحمد ابن اسحاق إلى أبي الحسن (ع): إن درة بنت مقاتل توفيت وتركت ضيعة اشقاصا في مواضع، وأوصت لسيدنا (ع) في اشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث... (إلى أن قل): فكتب بخطه ليس يجب لها في تركتها إلا الثلث...) (* 1). ونحوه غيره. وقد عقد لها في الوسائل بابا واسعا. فراجعه في كتاب الوصية (* 2). (1) ذكر ذلك في مبحث عدم جواز الوصية بما زاد على الثلث، فانه - بعد ما ذكر ما عن والد الصدوق: من جواز الوصية بالمال كله، واستدلاله بالرضوي: (فان أوصى بماله كله فهو أعلم بما فعله، ويلزم الوصي إنفاذ وصيته على ما أوصى به) (* 3)، وببعض الاخبار الاخر، كرواية عمار عن أبي عبد الله (ع): (قال: الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح، إذا أوصى به كله فهو جائز) (* 4)، وغيرها - رده بالمناقشة في دلالة الاخبار، وبمعارضتها بغيرها. ثم قال: (ويحتمل عبارة المخالف
____________
(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10، 11، 12 من أبواب الوصايا. (* 3) فقه الرضا باب الوصية صفحة: 20. (* 4) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا حديث: 19.
===============
( 79 )
كالرضوي لما يلتئم مع فتاوى العلماء، بأن يكون المراد به يجب على الوصي صرف المال الموصى به بجميعه على ما أوصى به، من حيث وجوب العمل بالوصية وحرمه تبديلها بنص الكتاب والسنة. وإنما جاز تغيرها إذا علم أن فيها جورا ولو بالوصية بزيادة عن الثلث، وهو بمجرد الاحتمال غير كاف، فلعل الزيادة منه وقعت الوصية بها من دون حيف، كأن وجبت عليه في ماله بأحد الاسباب الموجبة له، والموصي أعلم. وهذا غير جواز الوصيه بالزيادة تبرعا، فلا يمضى منها إلا الثلث، كما عليه العلماء. وهذا التوجيه إن لم يكن ظاهرا من عبارته فلا أقل من تساوي احتماله لما فهموه منها، فنسبتهم المخالفة إليه اليس في محله. وعليه نبه في التذكرة. وعليه فلا خلاف من أحد يظهر منا). وما ذكره العلامة في التذكرة قريب مما ذكره في الرياض. والظاهر: أن مرادهما أنه مع الشك يحمل تصرف الموصي على الصحة، فيبنى على أن وصيته في الواجب لا في المندوب. فليس فيها مخالفة لما دل على عدم نفوذ الوصية فيما زاد على الثلث، ولا تمسك بالعموم في الشبهة المصداقية. فهو نظير: ما لو باع زيد مالا على عمرو وشك في أنه ماله أو مال غيره، أو علم أنه مال غيره وشك في أنه مأذون فيه أو لا، فانه يبنى على صحة البيع، وليس فيه مخالفة لما دل على عدم صحة بيع مال الغير إلا باذنه. نعم الاشكال يقع في جريان أصالة الصحة في الفرض، لاختصاصها بما يكون صحيحا وفاسدا، ووجوب العمل لا يكفي أثرا للصحة. نعم لو أوصى بعين لشخص، وشك في أنها للموصي أو لغيره، يبني على صحة الوصية حتى يثبت الخلاف، لا في مثل المقام مما لا يكون للوصية أثر غير وجوب العمل. فان عموم وجوب العمل بالوصية لما كان مخصصا بما دل
===============
( 80 )
[ وحمل الخبر الدال بظاهره على ما عن الصدوق أيضا على ذلك. لكنه مشكل، فان العمومات مخصصة بما دل على أن الوصية بأزيد من الثلث ترد إليه، إلا مع إجازة الورثة. هذا مع أن الشبهة مصداقية، والتمسك بالعمومات فيها محل إشكال. وأما الخبر المشار إليه - وهو قوله (ع): " الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح، إن أوصى به كله فهو جائز " - (* 1) فهو موهون باعراض العلماء عن العمل بظاهره (1). ويمكن أن يكون المراد بماله هو الثلث الذي أمره بيده (2). نعم يمكن ] على عدم لزوم الوصية بما زاد على الثلث، فمع الشك في الشبهة المصداقية يرجع إلى أصالة البراءة، لا إلى عموم وجوب العمل بالوصية. (1) ومعارض بغيره من الروايات، مما هو أصح سندا، وأكثر عددا وأوضح دلالة. بل هو عمار نفسه روى عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: (الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين به، فان قال: بعدي فليس له إلا الثلث) (* 2)، وفي رواية الصدوق: (فان تعدى فليس له إلا الثلث) (* 3)، يعني: فان تعدى عن زمان حياته. ولعل الجمع بين هذه الرواية والرواية السابقة - التي استدل بها للصدوق - هو حمل السابقة على ما إذا تصرف فيه منجزا وأوصى بذلك، بأن باعه محاباة أو وهبه وأوصى بذلك، بأن اعترف أنه باع أو وهب. (2) ذكره في الرياض، وحكاه عن صريح المقنع. لكنه بعيد جدا
____________
(* 1) المقصود هو خبر عمار المتقدم في صدر التعليقة. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا حديث: 12. (* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب الوصايا ملحق حديث: 12.
===============
( 81 )
[ أن يقال - في مثل هذه الازمنة، بالنسبة إلى هذه الامكنة البعيدة عن مكة -: الظاهر من قول الموصي: " حجوا عني " هو حجة الاسلام الواجبة، لعدم تعارف الحج المستحبي في هذه الازمنة والامكنة، فيحمل على أنه واجب من جهة هذا الظهور والانصراف (1). كما أنه إذا قال: " أدوا كذا مقدارا خمسا أو زكاة " ينصرف إلى الواجب عليه. فتحصل: أن - في صورة الشك في كون الموصى به واجبا حتى يخرج من أصل التركة، أولا حتى يكون من الثلث - مقتضى الاصل الخروج من الثلث، لان الخروج من الاصل موقوف على كونه واجبا، وهو غير معلوم، بل الاصل عدمه. إلا إذا كان هناك انصراف، كما في مثل الوصية بالخمس أو الزكاة أو الحج ونحوها. نعم لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب - كما إذا علم وجوب الحج عليه سابقا ولم يعلم أنه أتى به أولا - فالظاهر جريان الاستصحاب والاخراج من الاصل. ودعوى: أن ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه وهو فرع شكه، لا شك الوصي أو الوارث، ولا يعلم أنه كان شاكا حين موته أو عالما بأحد الامرين. مدفوعة: بمنع ] (1) يعني: يكون الظهور المذكور راجعا إلى إخباره بالوجوب، فيكون إخباره به حجة، فيكون العمل باخباره لا بوصيته. وبذلك افترق هذا الفرض عن الفرض السابق، فانه من حيث كونه وصية لا فرق بينهما
===============
( 82 )
[ اعتبار شكه، بل يكفي شك الوصي أو الوارث أيضا (1). ولا فرق في ذلك بين ما إذا أوصى أو لم يوص، فان مقتضى أصالة بقاء اشتغال ذمته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث (2). ولكنه يشكل على ذلك الامر في كثير من الموارد، لحصول العلم - غالبا - بأن الميت كان مشغول الذمة بدين، أو خمس، أو زكاة، أو حج، أو نحو ذلك. إلا أن يدفع بالحمل على الصحة، فان ظاهر حال المسلم الاتيان بما وجب عليه (3). ] في عدم وجوب العمل بها من جهة الشبهة المصداقية، وإنما افترقا من جهة اشتمال الثاني على الخبر الذي يكون حجة دون الاول، وإلا فأصالة الصحة في الجمع غير جارية. ويحتمل أن يكون الوجه - في عدم جريان أصالة الصحة في المقام -: أنها مختصة بما إذا كان الفعل صادرا من السلطان وشك في تماميته وعدمها أما إذا كان الشك في صدوره من السلطان ولو للشك في سلطنة المصدر فلا مجال لاصالة الصحة. لكن في اعتبار الشرط المذكور تأمل، وإن كان هو مقتضى الاقتصار على القدر المتيقن: لكن الظاهر عموم القاعدة لذلك. (1) تقدم الكلام في ذلك في المسألة الواحدة بعد المائه من الفصل الاول (* 1). وقد تقدم منه ما ربما يقتضي خلاف ما ذكره هنا. كما تقدم منه في المسأله الخامسة من ختام الزكاة خلاف ذلك. فراجع. (2) هذا الاثر لا حاجة إليه، إذ الكلام في وجوب الاخراج، ويكفي فيه ثبوت الوجوب وإن انتقل ما يقابله إلى الورثة. (3) تقدم - في بعض مسائل ختام الزكاة - الكلام في مثل هذه
____________
(* 1) راجع صفحة: 272 من الجزء العاشر من هذه الطبعة.
===============
( 83 )
[ لكنه مشكل في الواجبات الموسعة (1)، بل في غيرها أيضا، في غير الموقتة (2). فالاحوط - في هذه الصورة - الاخراج من الاصل. (مسألة 2): يكفي الميقاتية (3)، سواء كان الحج الموصى به واجبا أو مندوبا. ويخرج الاول من الاصل، والثاني من الثلث. إلا إذا أوصى بالبلدية، وحينئذ فالزائد عن أجرة الميقاتية - في الاول - من الثلث. كما أن تمام الاجرة - في الثاني - منه. (مسألة 3): إذا لم يعين الاجرة، فاللازم الاقتصار ] المسألة. كما تقدم الاشكال في جريان أصالة الصحة في المسلم، وأنه لم يثبت. (1) فان التأجير فيها لما كان جائزا لم يكن ظاهر المسلم عدمه. (2) مما كانت تجب المبادرة إليها وإن لم يكن على نحو التوقيت، لما عرفت من عدم ثبوت أصالة الصحة فيه بنحو تقتضي البناء على وجوب الاداء. أما الموقتة فيمكن التمسك فيها بقاعدة الشك بعد خروج الوقت فقد تضمنت بعض النصوص: أنه إذا شك بعد خروج الوقت فقد دخل حائل فلا يلتفت (* 1)، بناء على ما يستفاد منها من عموم الحكم لكل شك في الموقت بعد خروج وقته. (3) تقدم الكلام في المسألة الثامنة والثمانين من الفصل الاول (* 2). وبقية الاحكام المذكورة في هذه المسألة واضحة.
____________
(* 1) الوسائل باب: 60 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 2) راجع صفحة: 258 من الجزء العاشر من هذه الطبعة.
===============
( 84 )
[ على أجرة المثل (1)، للانصراف إليها. ولكن إذا كان هناك من يرضى بالاقل منها استئجاره، إذ الانصراف إلى أجرة المثل إنما هو نفي الازيد فقط (2). وهل يجب الفحص عنه ] (1) كما في الشرائع وغيرها. لكن في القواعد: (وإن لم يعين القدر أخرج أقل ما يستأجر به...). واستدل بعضهم على الاول: بتوقف الحج عليه. لكن وجوب ما يتوقف عليه الواجب يقتضي إرادة الثاني. وعليه فإذا أمكن الاستيجار بالاقل لم يجز الاستيجار بأجرة المثل. كما أنه لو لم يمكن الاستيجار بأجرة المثل تعين الاستيجار بالاكثر، مع الاقتصار على أقل ما يمكن منه. (2) أراد به دفع الاشكال الذي ذكر في المستند على من جمع بين الاستدلال على لزوم أجرة المثل بالانصراف وبين الحكم بوجوب الاستيجار بالاقل مع وجود من يرضى به، وتوضيح الدفع: أن المراد من الانصراف إلى أجرة المثل الانصراف عن الاكثر، لا ما يقابل الاكثر والاقل. والوجه في الانصراف المذكور أن الوصي بمنزلة الوكيل، وإطلاق التوكيل يقتضي الانصراف إلى ما تقتضيه مصلحة الموكل، ومن المعلوم، أن مصلحة الموكل تقتضي استيجار بالاقل مع تهيئه هذا إذا لم يكن التصرف مزاحما لحق الورثة - كما إذا كان قد أوصى باخراجه من الثلث - أما مع المزاحمة لحق الورثة - بأن كان اللازم إخراجه من الاصل - فالحكم أوضح، فانه لو صرح الموصي بأجرة المثل ليس للوصي العمل بالوصية مع مزاحمة حق الورثة، لان فيه حيفا عليهم، فيتعين الاخذ بالاقل، ومن ذلك يظهر أن ما ذكره في الشرائع إن لم يرد به الثاني فالاشكال عليه ظاهر
===============
( 85 )
[ لو احتمل وجوده؟ الاحوط ذلك (1)، توفيرا على الورثة خصوصا مع الظن بوجوده. وإن كان في وجوبه إشكال، خصوصا مع الظن بالعدم (2). ولو وجد من يريد أن يتبرع فالظاهر جواز الاكتفاء به، بمعنى: عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار - بل هو المتعين - توفيرا على الورثة، فان أتى به صحيحا كفى، وإلا وجب الاستئجار. ولو لم يوجد من يرضى بأجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الازيد إذا كان الحج واجبا، بل وان كان مندوبا ايضا مع وفاء الثلث (3). ولا يجب الصبر إلى العام القابل ولو مع العلم بوجود من يرضى بأجرة المثل أو أقل - بل لا يجوز - لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمة الميت في الواجب، والعمل بمقتضى الوصية في المندوب (4) ] (1) بل هو الاقوى، لعدم العلم بالتوقف على أجرة المثل، فلا يعلم الاذن فيه. نعم الفحص اللازم إنما هو بالمقدار الذي لا يلزم فيه تعطيل الواجب، ولا يلزم من وجوبه الحرج، فان لزم أحدهما لم يلزم، كما هو ظاهر: (2) لكن بعد أن كان الظن ليس بحجة فلا طريق إلى الاذن في التصرف. نعم لو لم يكن فيه ضرر على الورثة - كما لو أوصى باخراجه من الثلث، وفهم من الموصي الاذن بالتصرف من دون فحص - لم يجب الفحص حينئذ. لكن فهم ذلك يحتاج إلى قرينة خاصة، لما عرفت من أن إطلاق الوصية يقتضي اختصاص الاذن بما فيه مصلحة الموصي. (3) مع الاقتصار على أقل الممكن، كما سبق. (4) هذا إذا فهم من الموصي الوصية بالمبادرة، والا فمقتضى الاطلاق
===============
( 86 )
[ وإن عين الموصي مقدارا للاجرة تعين وخرج من الاصل في الواجب إن لم يزد على أجرة المثل، وإلا فالزيادة من الثلث. كما أن في المندوب كله من الثلث. (مسألة 4): هل اللازم في تعيين أجرة المثل الاقتصار على أقل الناس أجرة، أو يلاحظ من يناسب شأن الميت في شرفه وضعته؟ لا يبعد الثاني، والاحوط الاظهر الاول (1). ومثل هذا الكلام يجري أيضا في الكفن الخارج من الاصل أيضا. (مسألة 5): لو أوصى بالحج وعين المرة أو التكرار بعدد معين تعين (2)، وإن لم يعين كفى حج واحد (3). إلا أن يعلم أنه أراد التكرار. وعليه يحمل ما ورد في الاخبار: ] جواز التأخير، لان الامر لا يقتضي الفور، وليس في المقام حق للغير تجب المبادرة إلى أدائه. اللهم إلا أن تكون الوصية من حق الميت تجب المبادرة إلى أدائه. لكنه غير ظاهر، ولا يناسب سيرة المتشرعة. فلاحظ: (1) قد عرفت: أنه - مع اختلاف مراتب أجرة المثل - يتعين الاقتصار على الاقل، إما لانه أصلح للميت، أو لان في الاكثر منافاة لحق الورثة. لكن إذا كان الاقل منافيا لشرف الميت فلا تبعد دعوى انصراف الدليل عنه. ولاجل ذلك قال المصنف (ره): (الاظهر الاول). (2) بلا إشكال ولا خلاف، كما يظهر ذلك من ملاحظة كلماتهم. (3) كما هو المشهور بين المتأخرين. أما في صورة يكون لكلام الموصي إطلاق، فلان الاطلاق يقتضي أن يكون المراد صرف الطبيعة،
===============
( 87 )
[ من أنه يحج عنه ما دام له مال - كما في خبرين - (1) أو ما بقي ] وصرف الطبيعة يصدق على الواحد كما يصدق على الكثير، ولذا ذكروا ان الامر لا يقتضي التكرار كما لا يقتضي المرة. وحينئذ فان أخرج من الاصل اقتصر على الواحد، لمنافاة الاكثر لحق الوارث، ولا يجوز إلا باذنه. وإن أخرج من الثلث جاز الواحد، كما جاز المتعدد في سنة واحدة أما في سنتين فالظاهر عدم مشروعية التعدد، لان صرف الوجود لا يتكرر انطباقه، فإذا كان منطبقا على الاول امتنع أن ينطبق على الثاني، فالحج في السنة الثانية لا يكون مما أوصى به، فلا يكون مأذونا فيه. أما إذا لم يكن لكلام الموصي إطلاق وتردد الموصى به بين الواحد والمتعدد اقتصر على الواحد، للشك في الوصية بما زاد على الواحد، والاصل عدمها. (1) أحدهما: خبر محمد بن الحسن الاشعري: (قلت لابي الحسن (ع): جعلت فداك. إني سألت أصحابنا عما أريد أن أسالك عنه فلم أجد عندهم جوابا، وقد اضطررت إلى مسألتك. وإن سعد بن سعد أوصى إلي، فأوصى في وصيته حجوا عني مبهما ولم يفسر، فكيف أصنع؟ قال (ع): يأتي جوابي في كتابك. فكتب لي: يحج عنه ما دام له مال يحمله) (* 1): وثانيهما: خبر محمد بن الحسين قال لابي جعفر (ع): (جعلت فداك، قد إضطررت إلى مسألتك، فقال: هات. فقلت: سعد بن سعد أوصى حجوا عني مبهما ولم يسم شيئا، ولا ندري كيف ذلك. قال: يحج عنه ما دام له مال) (* 2).
____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب النيابة في الحج ملحق حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
===============
( 88 )
[ من ثلثه شئ - كما في ثالث - (1) بعد حمل الاولين على الاخير من إرادة الثلث من لفظ المال (2). فما عن الشيخ وجماعة، من وجوب التكرار ما دام الثلث باقيا ضعيف (3). مع أنه يمكن (4) أن يكون المراد من الاخبار: أنه يجب الحج ما دام يمكن الاتيان به ببقاء شئ من الثلث بعد العمل بوصايا أخر وعلى فرض ظهورها في إرادة التكرار - ولو مع عدم العلم ] (1) وهو خبر محمد بن الحسن بن خالد: (سألت أبا جعفر (ع) عن رجل أوصى أن يحج عنه مبهما. فقال: حج عنه ما بقي من ثلثه شئ) (* 1). (2) المقتضإي لهذا الحمل إما الجمع العرفي بين الاولين والاخير - لان الاخير من قبيل المقيد والاولين من قبيل المطلق - أو الاجماع. (3) لاجمال مورد السؤال في الاخبار المذكورة، لاجمال الابهام المذكور فيها. ولاسيما بملاحظة عجز أصحابنا (رض) عن الجواب - حسب ما ذكر في الخبر الاول - فانه لو كان إطلاق في كلام الموصي أو لم يبين تعين الاكتفاء بالمرة - كما عرفت - وليس ذلك مما يخفى الحكم فيه على أصحابنا وغيرهم. وحينئذ لا مجال للاستدلال بها على ما ذكره الشيخ (ره) - وتبعه عليه في الحدائق والمستند - من أنه إذا لم ينص على تعيين المقدار يتعين التكرار. واستدل له في الحدائق أيضا: بأنه الموافق لاصالة الشغل. مع أن الاصل البراءة من وجوب الزائد على المرة. (4) هذا الامكان ذكره كاشف اللثام. هو أيضا بعيد عن الابهام وعدم التفسير، وعجز أصحابنا عن الجواب، المذكورة في النصوص.
____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
===============
( 89 )
[ بارادته - لا بد من طرحها، لاعراض المشهور عنها (1). فلا ينبغي الاشكال في كفاية حج واحد مع عدم العلم بارادة التكرار. نعم لو أوصى باخراج الثلث ولم يذكر إلا الحج. يمكن أن يقال بوجوب صرف تمامه في الحج (2)، وكذا لو لم يذكر إلا المظالم، أو إلا الزكاة، أو إلا الخمس. ولو أوصى أن يحج عنه مكررا كفى مرتان، لصدق التكرار معه (3). (مسألة 6): لو أوصى بصرف مقدار معين في الحج ] (1) لكن في كون الاعراض المذكور موجبا للوهن والسقوط عن الحجية تأمل ظاهر. وفى المستند: أنه لا يظهر راد لهما من المتقدمين عدا شاذ... انتهى. وإعراض المتأخرين لا يجدي بعد عمل القدماء. (2) قال في الجواهر: (بل قد يدعى ظهور الاقتصار على الوصية بالحج عنه في ارادة الوصية بالثلث، وأنه يصرف في ذلك وإن لم يوص بالثلث بغير اللفظ المزبور، نحو ما لو قال: (أخرجوا رد مظالم) أو (تصدقوا عني) أو نحو ذلك. ولعل مراد الشيخ ومن تبعه ذلك، لا الحمل على التكرار تعبدا. وان كان ظاهر اللفظ خلافه، ضرورة استبعاد مثل ذلك من مثله). أقول: دعوى الظهور المذكور غير ظاهرة، بل يختلف الظهور باختلاف المقامات. ومثله حمل كلام الشيخ (ره) عليه، فانه بعيد. واستبعاد مثل ذلك من مثله إنما هو لو كان المستند القواعد، وقد عرفت أنه النصوص (3) كما صرح به غير واحد. إلا أن يفهم إرادة التكرار مهما أمكن
===============
( 90 )
[ سنين معينة، وعين لكل سنة مقدارا معينا، واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة، صرف نصيب سنتين في سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلا، وهكذا..... (1). لا لقاعدة الميسور (2)، لعدم جريانها في غير مجعولات الشارع (3). ] (1) بلا خلاف أجده فيه - كما في الجواهر - ومن غير خلاف يعرف - كما في الحدائق - وفى المدارك وعن غيرها: أنه مقطوع به في كلام الاصحاب. لما رواه ابراهيم بن مهزيار قال: (كتب إليه علي بن محمد الحضيني: إن ابن عمي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنه وليس يكفي، ما تأمرني في ذلك؟ فكتب (ع): يجعل حجتين في حجه فان الله تعالى عالم بذلك) (* 1)، وروايته الاخرى: (كتبت إليه (ع): إن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة - صير ربعها لك - في كل سنة حجة إلى عشرين دينارا، وأنه قد انقطع طريق البصرة فتضاعفت المؤن على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا. وكذلك أوصى عدة من مواليك في حجهم. فكتب (ع): يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء الله) (* 2). (2) كما استدل بها في الرياض، وهو ظاهر كشف اللثام. وظاهر الحدائق: نسبة الاستدلال بها إلى الاصحاب، وفي المدارك: أنه لا بأس به. وإن أمكنت المناقشة فيه: بأن انتقال القدر المعين بالوصية إنما يتحقق مع إمكان صرفه فيها... إلى آخر ما ذكره. (3) لان مفاد القاعدة كون الطلب بنحو تعدد المطلوب، وذلك
____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1.
===============
( 91 )
[ بل لان الظاهر من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحج، وكون تعيين مقدار كل سنة بتخيل كفايته (1). ويدل عليه أيضا: خبر علي بن محمد الحضيني (2)، وخبر ابراهيم ابن مهزيار، ففي الاول: تجعل حجتين في حجة، وفي الثاني: تجعل ثلاث حجج في حجتين، وكلاهما من باب المثال كما لا يخفى (3). هذا ولو فضل من السنين فضلة لا تفي ] إنما يصح بالنسبه إلى الطلب الشرعي الذي يمكن فيه الكشف عن ذلك، الذي هو خلاف التقييد. أما الطلب الصادر من غير الشارع فلا يمكن فيه الكشف المذكور. ووجوب العمل بالوصية وإن كان شرعيا، لكنه يتوقف على صدق الوصيه على البعض، فإذا فرض انتفاؤه - لانتفاء القيد - انتفى صدق الميسور، ضرورة أنه لا يصدق مع انتفاء الوصية. وإن شئت قلت: ضرورة عدم وجوب ما لم يوص به الميت. (1) من المحتمل: أن يكون ذلك مراد من استدل بقاعدة الميسور. (2) كذا في الجواهر. وقد عرفت أن الخبر خبر ابراهيم بن مهرياز فانه روى أن علي بن محمد كتب إليه (ع). (3) وحينئذ يتعدى عن موردهما إلى سائر الموارد، فيتم الاستدلال بهما على القاعدة الكلية. هذا والخبران رواهما الشيخ عن محمد بن علي بن محبوب، عن ابراهيم بن مهزيار (* 1)، وطريقه إليه صحيح. ورواهما الصدوق أيضا عنه (* 2)، وطريقه أيضا صحيح. وأما إبراهيم فهو من الثقات. وفى الحدائق: (إنه في أعلى مراتب الصحة)، وعن علي بن
____________
(* 1)، (* 2) لاحظ الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج.
===============
( 92 )
[ بحجة (1)، فهل ترجع ميراثا، أو في وجوه البر، أو تزاد على أجرة بعض السنين؟ (2) وجوه (3). ولو كان الموصى به ] طاووس في كتاب ربيع الشيعة: (أنه من سفراء الصاحب (ع) والابواب المعروفين الذين لا يختلف الاثنا عشرية فيهم). وقد تعرض في مستدرك الوسائل لذكر القرائن الداله على وثاقته. فراجع. نعم رواهما في كتاب الكافي عن محمد بن يحيى، عمن حدثه عن ابراهيم بن مهزيار (* 1). (1) هذا يتعلق بما قبله من ضم السنين إلى بعض، بأن كان الضم يستوجب زيادة فضلة. (2) يعني: البعض الآخر. (3) في الجواهر ذكر الوجهين الاولين، تبعا لكشف اللثام، ثم قال: (قد يقال: بتعين الثاني مع فرض الوصية بها، وأنه ذكر ذلك مصرفا لها فاتفق تعذره. كما أنه يتعين الاول إذا فرض إخراجها عن الوارث بالوصية المزبورة، التي قد فرض تعذرها. فتأمل). وكأن وجه التأمل أن إخراجها بالوصية المزبورة عن ملك الوارث لا ينافي الوصية بها على وجه آخر. فالعمدة، ما سيشير إليه المصنف (ره)، من أنه إن فهم تعدد المطلوب لم ترجع ميراثا، وإن لم يفهم ذلك - أو فهم وحدة المطلوب - رجعت ميراثا، ويختلف ذلك باختلاف المناسبات. والوجه الاخير مبني على أن المطلوب ينحل إلى أمور ثلاثة، صرف المال في مصلحته، وصرفه في الحج، وصرفه في خصوص السنة المعينة، فإذا تعذر الاخير تعين الاولان. لكن الاذواق العرفية - غالبا - لا تساعد عليه. ولذا لم
____________
(* 1) لاحظ الوسائل باب: 3 من أبواب النيابة في الحج.
===============
( 93 )
[ الحج من البلد، ودار الامر بين جعل أجرة سنين - مثلا - لسنة، وبين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكل سنة، ففي تعيين الاول أو الثاني، وجهان (1) ولا يبعد التخيير، بل أولوية الثاني (2). إلا أن مقتضى إطلاق الخبرين الاول (3). هذا كله إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحج بذلك المقدار على ] يتعرضوا له. (1) في كشف اللثام اختار الثاني، ثم قال: (ولكن الخبر الاخير قد يوهم الخلاف. ويمكن تنزيله على عدم إمكانه من الميقات...) وفى الجواهر: (قلت: لا داعي إلى هذا الاجتهاد في مقابلة النص المعمول به بين الاصحاب...). (2) لان الحج أفضل من الطريق. (3) أما الخبر الثاني فظاهر في البلدية، ومطلق من حيث التمكن من الاستنابة من الميقات وعدمه. وأما الخبر الاول فهو مطلق من حيث البلد، ومن حيث التمكن من الاستنابة من الميقات. وحينئذ يكون مقتضى الاطلاق الحج من البلد، والجمع بين أجور السنين. وربما ينافي ذلك ما يأتي من رواية علي بن مزيد المتضمنة: أنه إذا أوصى بمال لا يكفي للحج من البلد يحج به من الميقات (* 1)، وصحيحة البزنطي المتضمنة: أنه يحج من البلد فان لم يمكن فمن حيث يمكن (* 2)، المحمولة على صورة الوصية بمال للحج. لكن الخبرين المذكورين في غير المورد، والاخذ باطلاق الخبرين الواردين في المورد أولى وأظهر.
____________
(* 1) يأتي ذكرها في اواخر المسألة التاسعة من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3.
===============
( 94 )
[ وجه التقييد، وإلا فتبطل الوصية، إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير، أو كانت الوصية مقيدة بسنين معينة (1). (مسألة 7): إذا أوصى بالحج وعين الاجرة في مقدار فان كان الحج واجبا، ولم يزد ذلك المقدار عن أجرة المثل، أو زاد وخرجت الزيادة من الثلث (2) تعين. وإن زاد ولم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصية، ويرجع إلى أجرة المثل (3). وإن كان الحج مندوبا فكذلك تعين - أيضا - مع وفاء الثلث بذلك المقدار، والا فبقدر وفاء الثلث، مع عدم كون التعيين على وجه التقييد. وإن لم يف الثلث بالحج، أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصية، وسقط وجوب الحج (4). ] (1) لفوات المقيد بفوات قيده. وأما الخبران فاطلاقهما اللفظي وإن كان يشمل الفرض، لكن من المعلوم - بقرينة المناسبات العرفية - عدم ظهورهما في وجوب ما لم يوص به الميت. نعم مع الشك لا بأس بالاخذ باطلاق الخبرين، وتكون فائدتهما ذلك، إذ مع الشك في ذلك يكون المرجع أصالة عدم الوصية. والظاهر أن الخبرين واردان هذا المورد، فهما في مقام الحكم الظاهري اعتمادا على القرائن العامة. نعم لو اتفق حصول بعض ما يمنع من القرائن العامة، ففى جواز الاخذ بهما إشكال، والاوجه العدم. (2) بأن وفى الثلث بها من دون مزاحم. (3) لعدم صحة الوصية بما زاد على الثلث. (4) أما في الاول فللتعذر، وأما في الثاني فلتعذر القيد.
===============
( 95 )
[ (مسألة 8): إذا أوصى بالحج وعين أجيرا معينا تعين استئجاره بأجرة المثل. وإن لم يقبل إلا بالازيد، فان خرجت الزيادة من الثلث تعين أيضا، وإلا بطلت الوصية واستؤجر غيره بأجرة المثل في الواجب مطلقا. وكذا في المندوب إذا وفى به الثلث، ولم يكن على وجه التقييد. وكذا إذا لم يقبل أصلا (1). (مسألة 9): إذا عين للحج أجرة لا يرغب فيها أحد وكان الحج مستحبا بطلت الوصية إذا لم يرج وجود راغب فيها. وحينئذ فهل ترجع ميراثا، أو تصرف في وجوه البر، أو يفصل بين ما إذا كان كذلك من الاول فترجع ميراثا أو كان الراغب موجودا ثم طرأ التعذر؟ وجوه (2). والاقوى هو الصرف في وجوه البر. لا لقاعدة الميسور، بدعوى: أن ] (1) يعلم حكم هذه المسألة مما سبق. (2) الاول: محكي عن ابن ادريس، والشيخ في أجوبة المسائل الحائريات، واختاره في المدارك. لتعذر العمل بالوصية، فتبطل. والثاني: محكي عن المشهور، واختاره في الشرائع وغيرها. بناء منهم على أنها بنحو تعدد المطلوب، فإذا لم تصح الوصية بالحج بطل القيد، وتبقى الوصية بالمال فيصرف في مصلحة الميت. والثالث: محكي عن الكركي، واختاره في المسالك. إذ - مع طرؤ العذر - لما صحت الوصية ابتداء، وخرج المال من ملك الوارث لا يعود إليه إلا بدليل، ولم يثبت. غاية الامر: أنه قد تعذر صرفه في الوجه المعين، فيصرف في وجوه البر، بخلاف ما لو كان العذر من الاول، فانها لم تصح الوصية من الاول. والاشكال فيه
===============
( 96 )
[ الفصل إذا تعذر يبقى الجنس - لانها قاعدة شرعية، وإنما تجري في الاحكام الشرعية المجعولة للشارع، ولا مسرح لها في مجعولات الناس، كما أشرنا إليه سابقا (1). مع أن الجنس لا يعد ميسورا للنوع (2)، فمحلها المركبات الخارجية إذا تعذر ] ظاهر، لانها إذا بطلت لم يكن لوجوب الصرف وجه إلا البناء على التبعيض وهو مبني على تعدد المطلوب، ومعه يكون الحكم كذلك في العذر المقارن للوصية. فالعمدة: هو أن الوصية في أمثال ذلك مبنية على وحدة المطلوب أو على تعدده، فعلى الاول يتعين التبعيض ويلزم الصرف في وجوه البر - كما ذكر المشهور - وعلى الثاني يتعين الرجوع ميراثا - كما ذكر ابن ادريس - والتفصيل بلا فاصل. (1) في المسألة السادسة. فراجع. (2) من المعلوم أن مفهوم الميسور كسائر الموضوعات التي تذكر موضوعا للاحكام في لسان الشارع، فإذا لم يتعرض الشارع لبيان المراد بها تحمل على المفاهيم العرفية، بمقتضى الاطلاقات المقامية، فالمراد بالميسور هو الميسور العرفي. وحكم العرف بصدق الميسور تابع للمرتكزات العرفية في مناسبات الاحكام وموضوعاتها، فقد يصدق الميسور على الجنس عند تعذر الفصل وقد لا يصدق، وقد يصدق على المقيد عنه زوال قيده وقد لا يصدق، وقد يصدق على المباين وقد لا يصدق، وقد يصدق على بعض الاجزاء عد تعذر البعض الآخر وقد لا يصدق، كل ذلك لاختلاف المناسبات العرفية بين الاحكام وموضوعاتها، فهذه المناسبات العرفية وإن لم تكن قطعية ولا حجية فيها، لكن عرفت أن الاطلاق المقامي يقتضي جواز الاعتماد عليها.
===============
( 97 )
[ بعض أجزائها ولو كانت ارتباطية - (1) بل لان الظاهر من حال الموصي - في أمثال المقام - إرادة عمل ينفعه، وإنما عين عملا خاصا لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدد المطلوب وإن لم يكن متذكرا لذلك حين الوصية. نعم لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللب أيضا يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة. ولا فرق في الصورتين بين كون التعذر طارئا أو من الاول. ويؤيد ما ذكرنا: ما ورد من الاخبار في نظائر المقام (2). ] (1) قد عرفت عمومها لها، وللمقيدات عند تعذر قيدها، وللاجناس عند تعذر فصلها. لكن لا بنحو الكلية في الجميع، بل يختلف باختلاف المناسبات الارتكازية العرفية. (2) كصحيحي ابراهيم بن مهزيار المتقدمين في المسألة السادسة، وخبر محمد بن الريان قال: (كتبت إلى أبي الحسن (ع) أسأله عن إنسان أوصى بوصية، فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا، كيف يصنع بالباقي؟ فوقع (ع): الابواب الباقية اجعلها في وجوه البر) (* 1). وما ورد - فيمن أوصى أن تشترى رقبة بثمن معين وتعتق، فوجدت بأقل من ذلك الثمن -: من أنه تشترى بالاقل، وتعتق، ويدفع إليها الباقي (* 2). وقد يستدل بما ورد - فيمن أوصى للكعبة، أو نذر لها، أو جعل لها هديا -: من أنه يباع ويصرف على الحجاج المنقطعين (* 3). لكنه غير ما نحن فيه، لان
____________
(* 1) الوسائل باب: 61 من أبواب الوصايا حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 77 من أبواب الوصايا حديث: 1. (* 3) راجع الوسائل باب: 22 من ابواب مقدمات الطواف.
===============
( 98 )
[ بل يدل عليه خبر علي بن سويد عن الصادق (ع) (1) ] الظاهر أن المراد به ذلك من أول الامر، لا بعد التعذر. ثم إن المصرح به في كلام جماعة: البناء على أن الصرف في وجوه البر تعبدي، نظير البدل الاضطراري، وحينئذ لا فرق بين وحدة المطلوب في الوصية وتعدده. لكن فهم ذلك من النصوص غير ظاهر الوجه، لكون منصرفها أن ذلك كان عملا بالوصية، واعتمادا على القرائن العامة، فلا مجال للاخذ بها مع العلم بأن الوصية على نحو وحدة المطلوب، أو قيام بعض القرائن الخاصة المانعة من الاخذ بالقرائن العامة، كما أشرنا إليه آنفا. ثم إن ما ذكر يختص بالاعمال الخيرية التي قصد فيها التقرب إلى الله سبحانه أما غيرها مما يقصد به وجه آخر فاللازم فيها البناء على الرجوع إلى الوارث كما هو مقتضى الاصل الاولي، لعدم ما يوجب الخروج عنه. (1) رواه المشايخ الثالثة قال: (أوصى إلي رجل بتركته، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكفي للحج. فسألت أبا حنيفة وفقهاء الكوفة، فقالوا: تصدق بها عنه. فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطواف، فسألته وقلت له: إن رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات فأوصى بتركته إلي، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكف في الحج، فسألت من قبلنا من الفقهاء، فقالوا: تصدق بها، فتصدقت بها، فما تقول؟ فقال لي: هذا جعفر بن محمد فأته وأسأله. قال: فدخلت الحجر فإذا أبو عبد الله (ع) تحت الميزاب مقبل بوجهه على البيت يدعو، ثم التفت فرآني، فقال: ما حاجتك؟
____________
هكذا في نسخ المتن المطبوعة. ولكن الموجود في الفقيه والتهذيب: (ابن مزيد). وفي الكافي: (ابن فرقد). وهناك نسخ أخرى ليس فيها ابن سويد.
===============
( 99 )
[ قال: قلت مات رجل فأوصى بتركته أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكف للحج، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها. فقال (ع): ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها. فقال (ع): ضمنت. إلا أن لا تكون تبلغ أن يحج بها من مكة، فان كانت تبلغ أن يحج بها من مكة فأنت ضامن " ويظهر مما ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصية لجهة ] فقلت: جعلت فداك، إني رجل من أهل الكوفة من مواليكم، فقال (ع): دع ذا عنك، حاجتك، قلت: رجل مات فأوصى بتركته أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج، فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدق بها. فقال: ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها فقال (ع): ضمنت. إلا أن لا يبلغ أن يحج به من مكة، فان كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان، وإن كان يبلغ أن يحج به من مكة فانت ضامن) (* 1). ودلالة الرواية على التنازل من الحج البلدي إلى الميقاتي واضحة. وكذا دلالتها على التنازل من النائب إلى غيره، وهو غير ما نحن فيه. كما أن الظاهر اختصاصها بصورة ما إذا لم يعلم أن التقييد على نحو وحدة المطلوب، فان إطلاقها اللفظي وإن كان شاملا لذلك، لكن المنصرف إلى الذهن منها. أن وجوب الصرف من باب العمل بالوصية، لا من باب آخر في مقابل ذلك. نعم الظاهر منها الشمول لصورة الشك، أخذا بالارتكاز الغالب.
____________
(* 1) الوسائل باب: 37 من ابواب الوصايا حديث: 2، الفقيه الجزء: 4 صفحة: 154 طبعة النجف الاشرف.
===============
( 100 )
[ من الجهات، هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث وعين له مصارف وتعذر بعضها، وأما فيه فالامر أوضح، لانه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك فلا يعود إليه (1). (مسألة 10): إذا صالحه على داره مثلا وشرط عليه أن يحج عنه بعد موته صح ولزم، وخرج من أصل التركة وإن كان الحج ندبيا، ولا يلحقه حكم الوصية. ويظهر من المحقق القمي (قدس سره) في نظير المقام إجراء حكم الوصية عليه، بدعوى: أنه بهذا الشرط ملك عليه الحج، وهو عمل له أجرة (2)، فيسحب مقدار أجرة المثل لهذا العمل، فان كانت زائدة عن الثلث توقف على إمضاء الورثة. وفيه: أنه لم يملك عليه الحج مطلقا في ذمته ثم أوصى أن يجعله عنه (3) ] (1) تعليل الوضوح بما ذكر خفي، إذ لا مانع من العود إلى ملك الوارث بعد أن بطل السبب المخرج. فالعمدة في الوضوح: أنه لما اشتملت الوصية على أمرين كان البناء على تعدد المطلوب فيها أوضح من الوصية المشتملة على أمر واحد، لان ذلك في الثانية محتاج إلى التحليل العقلي، بخلاف الاولى، لاشتمالها على التحليل الخارجي. (2) يعني: فيكون مملوكا للمصالح، فيكون لورثته بعد موته كسائر تركته. وحينئذ يكون أمره للمصالح - بالفتح - بفعله عنه وصية منه بذلك فتخرج من ثلثه. (3) توضيح الاشكال: أن الوصية تصرف في المملوك بعد المفروعية عن الملكية له. مثل أن يوصي بداره لزيد، وبفرسه لعمرو، ونحو ذلك
===============
( 101 )
[ بل إنما ملك بالشرط الحج عنه، وهذا ليس مالا تملكه الورثة (1)، ] وليس المقام كذلك، فان المملوك هو الحج عن نفسه، وهذا المملوك لم يؤخذ موضوعا لتصرف آخر زائد عليه، فلا يدخل في باب الوصية بالمال ولا تجري عليه أحكامها. (1) كيف لا يكون مالا وقد جعل عوضا عن مال؟ كما لو استأجره للحج عنه بعد وفاته، أو في حياته، أو يحج عن ميت له، كما تقدم في كلام المحقق القمي. مع أن الانتقال إلى الوارث لا يتوقف على المال، مثل حبة الحنطة، فانها تنتقل إلى الوارث إذا كانت مملوكة للمورث، لعموم ما دل على انتقال ما ترك الميت إلى وارثه. ومن ذلك يظهر لك الاشكال. في قوله (ره): (لا ينتقل إلى الورثة). والمتحصل مما ذكرناه: أن الوصية - التي لا تنفذ فيما زاد على الثلث - تختص بالوصية الواردة على الملك، بحيث يكون الملك موضوعا لها، فلا تشمل المقام مما كان التصرف موضوعا للملكية، فلا مجال لاجراء حكم الوصية عليه، ومقتضى كونه مما ترك الميت أن يكون ملكا لوارثه. ومثله: ما لو ملكه بالعقد لا بالشرط، كما لو استأجره على أن يحج عنه في حياته أو بعد مماته فمات المستأجر، فان الحج لما كان مملوكا للميت بعقد الاجارة في حياته كان لوارثه بعد مماته، ومقتضى الانتقال إليهم أن للورثة المعاوضة وإبراء ذمة الاجير عنه، ونحو ذلك من أحكام الملك. اللهم إلا أن يدعى انصراف دليل عموم الانتقال إلى الوارث إلى ما لم يكن له تعين في التصرف ويكون التصرف فيه مرددا بين الوارث وغيره، مثل الاعيان والحقوق التى لا تعين لها في الصرف واعمال السلطنة، فديليل الانتقال يوجب انتقالها إلى الوارث، فلا يشمل المقام، فان الحج المشروط أو المملوك بالاجارة يتعين
===============
( 102 )
[ فليس تمليكا ووصية، وإنما هو تمليك على نحو خاص لا ينتقل إلى الورثة. وكذا الحال إذا ملكه داره بمائة تومان - مثلا - بشرط أن يصرفها في الحج عنه أو عن غيره (1)، أو ملكه ] صرفه للميت بمقتضى العقد والشرط، فلا يدخل في عموم الانتقال. والسبب في هذا الانصراف قصور: (ما ترك الميت...) عن شمول مثل ذلك، لاختصاصه بالسائب الذي لا تعين له. ولعل هذا هو المراد مما في حاشية المقام لبعض الاعاظم، من الاشكال على المحقق القمي. بأن الظاهر أن شرط الحج أو الصرف في مصرف آخر بعد موته استيفاء منه بهذا الوجه، ويخرج عن الوصية وملك الورثة. انتهى. إذ لو لم يرد ما ذكرناه من الانصراف فلا يظهر للاستيفاء المذكور وجه. إذ ليس مفاد الشرط إلا ملك المشروط له معنى الشرط كسائر موارد جعل الملكية، فمن أين جاء هذا الاستيفاء؟!. نعم لو كان مفاد الشرط مجرد التكليف بالفعل - كالحج، أو الصرف - كان لما ذكره وجه، لان الوجوب الشرعي بمنزلة الوجوب العقلي، فيكون استيفاء، لكنه خلاف التحقيق. وقد اتفق لهذه المسألة في حياة المصنف (ره) من الاختلاف فيها بينه وبين معاصريه ومزيد النقضى والابرام ما لم يتفق لاكثر المسائل العلمية. والله سبحانه ولى السداد والتوفيق. (1) في إجراء الحكم السابق هنا إشكال ظاهر، لان الشرط هنا تصرف في ماله وملكه بعد الموت، فيكون الملك موضوعا للتصرف، فيشمله ما دل على عدم نفوذ الوصية فيما زاد على الثلث، ويتوجه فيه ما ذكره المحقق القمي.
===============
( 103 )
[ إياها بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في الحج أو نحوه (1). فجميع ذلك صحيح لازم من الاصل (2) وان كان العمل المشروط عليه ندبيا. نعم له الخيار عند تخلف الشرط. وهذا ينتقل إلى الوارث (3)، بمعنى: أن حق الشرط ينتقل إلى الوارث، فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة. ] (1) هذا المثال أشبه بالمثال الاول، لعدم كون الشرط تصرفا في ماله وملكه بل تصرف في مال غيره. بل لو بني على أن صرف المال - الذي هو الشرط - ليس بمال كان الحكم فيه أوضح. إذ حينئذ لا يكون الشرط مالا وإن كان ملكا له بالاشتراط، فأولى أن لا يدخل تحت ما دل على عدم نفوذ الوصية بما زاد على الثلث، لاحتمال اختصاص ذلك بالمال. (2) قد عرفت أن ذلك في المثال الاول والاخير، لا في الثاني، فانه من الوصيه، فيكون حينئذ من الثلث. (3) إذا كان الشرط على الوارث امتنع أن ينتقل الشرط إليه، وحينئذ يبقى على ملك الميت. ومن ذلك يظهر أنه لا يكون الخيار للوارث، لانه إنما يكون لمن يملك الشرط الفائت لتدارك ما فات منه، ولا يكون لغيره مضافا إلى أنه لا معنى لثبوت الخيار له على عقد نفسه. وحينئذ لا بد من البناء على أنه يكون للحاكم الشرعي، لولايته على الميت، فإذا فسخ الحاكم رجع العوض إلى ملك الميت، فيكون لوارثه. ولا يجب عليه صرفه فيما شرط على المفسوخ عليه، لعدم الدليل على ذلك، لان المفروض بطلان المعاملة المقتضية لذلك، ولا تصرف سواها يقتضي ذلك.
===============
( 104 )
[ (مسألة 11): لو أوصى بأن يحج عنه ماشيا أو حافيا صح، واعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيا، وخروج الزائد عن أجرة الميقاتية منه (1) إن كان واجبا. ولو نذر في حال حياته أن يحج ماشيا أو حافيا، ولم يأت به حتى مات وأوصى به أو لم يوص، وجب الاستئجار عنه من أصل التركة كذلك (2). نعم لو كان نذره مقيدا بالمشي ببدنه أمكن أن يقال: بعدم وجوب الاستئجار عنه، لان المنذور هو مشيه ببدنه، فيسقط بموته (3)، لان مشي الاجير ليس ببدنه ففرق بين كون المباشرة قيدا في المأمور به أو موردا (4). ] نعم قد يقال: بأن الشرط لما كان راجعا إلى الوصية جرى عليه حكمها، من وجوب العمل بها إذا لم تزد على الثلث. ويشكل: بأن الوصية المذكورة كانت مبنية على المعاوضة، فإذا بطلت بطلت. اللهم إلا أن يفهم أن ذلك على نحو تعدد المطلوب - كما هو غير بعيد - فإذا بطلت المعاملة بالفسخ بقيت الوصية بحالها، فيجب تنفيذها من الثلث. (1) وكذلك الزيادة من جهة المشي أو الحفاء. وكذلك الحكم في الخصوصيات التي يوصي بها الميت حينما يوصي بالحج الواجب، فان الجميع - لما كان زائدا على الحج الواجب إخراجه من الاصل - لم يجب إخراجه من الاصل، ووجب إخراجه من الثلث، عملا بعموم أدلة أحكام الوصية. (2) لما تقدم من وجوب قضاء الحج النذري. (3) لتعذر القضاء. (4) قد تقدم أن المستفاد من أدلة التشريع أن المباشرة قيد للمأمور به
===============
( 105 )
[ (مسألة 12): إذا أوصى بحجتين أو أزيد، وقال: ] وأن نسبة الفاعلية في الواجبات نسبة قيام الفعل بفاعله، فلا تشمل النيابة وإن كانت بنحو التسبيب، فالحج المنذور هو الحج المباشر القائم بالناذر وكذا نسبة المشي أو الحفاء القائمين بالحاج حينما يقول الناذر: (لله علي أن أحج ماشيا أو حافيا) فالمنذور هو الحج القائم بالناذر، المقيد بالحفاء والمشي القائمين به أيضا، فالمباشرة ملحوظه في المشي أو الحفاء كما هي ملحوظه قيدا في الحج. نعم يختلفان من حيث ان المباشرة - الملحوظة قيدا في الحج - لوحظت بما هي كذلك. أما الملحوظة قيدا في المشي أو الحفاء فقد تكون ملحوظة كذلك. وقد تكون ملحوظة بما هي مباشرة في الحج. وبعبارة أخرى: المشي أو الحفاء المأخوذان قيدا، تارة: يؤخذان قيدا بما هما منسوبان إلى الناذر من حيث هو، وأخرى: من حيث كونه حاجا. فان أخذا على النحو الاول وجب القضاء، لان المباشرة في الحج وإن كانت مفقودة في فعل النائب، لكن دليل وجوب القضاء يقتضي ثبوتها تنزيلا. والمباشرة في الحفاء والمشي غير مفقودة، لان المفروض أنهما أخذا قيدا من حيث كونهما قائمين بالحاج، وهو حاصل. أما إذا أخذا على النحو الثاني فلا يمكن القضاء، لانتفاء نسبتهما إلى الناذر من حيث هو، إذ الناذر غير النائب. والمتحصل: أن المشي والحفاء المأخوذين قيدا، تارة: يؤخذان قيدا بما هما منسوبان إلى الناذر من حيث هو، وأخرى: يؤخذان قيدا بما هما منسوبان إليه من حيث كونه حاجا. فعلى الاول يتعذر القضاء، وعلى الثاني لا يتعذر فيجب.
===============
( 106 )
[ إنها واجبة عليه، صدق، وتخرج من أصل التركة (1). نعم لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت، وكان متهما في إقراره، فالظاهر أنه كالاقرار بالدين فيه (2)، في خروجه من الثلث إذا كان متهما، على ما هو الاقوى (3). (مسألة 13): لو مات الوصي بعد ما قبض من التركة أجرة الاستئجار، وشك في أنه استأجر الحج قبل موته أولا فان مضت مدة يمكن الاستئجار فيها فالظاهر حمل أمره على الصحة مع كون الوجوب فوريا منه (4)، ومع كونه موسعا إشكال (5). ] (1) الظاهر أنه لا إشكال فيه، وكأنه لما دل على حجية إخبار المرء عن نفسه، كاخبار ذي اليد عما في يده، لاستقرار سيرة العقلاء والمتشرعة عليه. وأما ما دل على حجية الاقرار فيختص بنفوذه على نفسه، فلا يشمل المقام، بعد أن كان النفوذ موجبا لضياع حق الوارث. (2) فان مفهوم الدين - المذكور في نصوص نفوذ إقراره من الاصل إذ لم يكن متهما ومن الثلث إذا كان متهما - شامل لما نحن فيه، إذ لا فرق في الدين بين العين والعمل، وما كان للناس وما كان لله تعالى، كما عرفت ذلك في أول مبحث نذر الحج. (3) تحقيق ذلك يطلب من محله من كتاب الوصية. (4) في عموم قاعدة: (حمل فعل المسلم على الصحة...) لما نحن فيه إشكال ظاهر. ومثله ما إذا مات المدين وشك في وفاء دينه، إذا كان الدائن مطالبا. (5) ضعف الاشكال ظاهر، إذ ليس ما يقتضي وجوب البناء على
===============
( 107 )
[ وإن لم تمض مدة يمكن الاستئجار فيها وجب الاستئجار من بقية التركة إذا كان الحج واجبا، ومن بقية الثلث إذا كان مندوبا. وفي ضمانه لما قبض وعدمه - لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان - وجهان (1). نعم لو كان المال المقبوض موجودا أخذ حتى في الصورة الاولى (2)، وإن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان مما يحتاج إلى بيعه وصرفه في الاجرة، وتملك ذلك المال بدلا عما جعله أجرة، لاصالة بقاء ذلك المال على ملك الميت. ] وقوع الفعل عدا قاعدة: (حمل المسلم على الصحة)، التي عرفت الاشكال فيها. (1) مقتضى أصالة البراءة الثاني. وليس ما يقتضي الاول عدا عموم: (على اليد...) الذي يجب الخروج عنه في يد الامين. وسيأتي منه في المسألة الآتية: استظهار عدم الضمان مع الشك في الضمان. ولا يظهر الفرق بين المقام وما يأتي، إلا أنه في المقام لم يعلم التلف وفى المسألة الآتية يعلم بالتلف. ولكن عدم الضمان مع الشك في التلف أولى منه مع العلم به. (2) لكن حينئذ يعلم إجمالا بالمخالفة للتكليف - المعلوم في الصورة المذكورة - إذا علم بعدم التبرع، لانه إن عمل بالوصية فقد خرج المال عن ملك الميت، وإن بقي على ملك الميت لم يعمل بالوصية، فالبناء على العمل بالوصية وبقاء المال على ملك الميت يعلم بمخالفته للواقع، فيتعين الرجوع إلى أصالة عدم الاتيان بالموصى به، وأصالة حرمة التصرف في المال.
===============
( 108 )
[ (مسألة 14): إذا قبض الوصي الاجرة وتلف في يده بلا تقصير لم يكن ضامنا (1)، ووجب الاستئجار من بقية التركة أو بقية الثلث (2)، وإن اقتسمت على الورثة استرجع منهم (3). وإن شك في كون التلف عن تقصير أولا فالظاهر عدم الضمان أيضا (4). وكذا الحال إن استأجر ومات الاجير ولم يكن له تركة، أو لم يمكن الاخذ من ورثته. (مسألة 15): إذا أوصى بما عنده من المال للحج ندبا، ولم يعلم أنه يخرج من الثلث أولا (5)، لم يجز صرف جميعه (6). نعم لو ادعى أن عند الورثة ضعف هذا، أو أنه أوصى سابقا بذلك والورثة أجازوا وصيته، ففي سماع ] نعم لو بني على أصالة حلية التصرف في المال إلا أن يعلم أنه مال الغير، وجب العمل بالوصية، وجاز أخذ المال. كما أنه لو بني على أن أصالة الصحة تثبت انتقال المال عن ملك الميت إلى ملك الوصي، ثبت عدم جواز أخذ المال وانحل بذلك العلم الاجمالي. (1) بلا إشكال، لانه أمين. (2) لوجوب العمل بالوصية. (3) لانكشاف بطلان القسمة. (4) لاصالة البراءة. (5) يعني: لم يعلم أنه تصرف في الثلث أو في الزائد عنه. (6) لاحتمال أنه تصرف في الزائد عن الثلث فيتوقف على إذن الوارث لكن حمل التصرف على الصحة يقتضي أنه تصرف في الثلث.
===============
( 109 )
[ دعواه وعدمه وجهان (1). (مسألة 16): من المعلوم أن الطواف مستحب مستقلا من غير أن يكون في ضمن الحج (2)، ويجوز النيابة فيه عن الميت، وكذا عن الحي (3) ] (1) أقواهما السماع، لانه إخبار عما في يده. (2) لا إشكال في ذلك. ويقتضيه النصوص الكثيرة، وقد عقد في الوسائل أبوابا تتضمن ذلك. منها: باب استحباب التطوع بالطواف، وتكراره واختياره على العتق المندوب (* 1) وذكر فيه أخبارا كثيرة، ومنها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع): (قال: إن الله تعالى جعل حول الكعبة عشرين ومائة رحمة، منها ستون للطائفين). فراجع. (3) في كشف اللثام: (كأنه لا خلاف فيه حيا كان أو ميتا، والاخبار به متظافرة...). ويستفاد ذلك. من النصوص الوارة في الموارد المتفرقة. منها: ما ورد في الطواف عن المعصومين أحياء وأمواتا وقد عقد لها في الوسائل بابا (* 2). ومنها: خبر يحيى الازرق: (قلت لابي الحسن (ع): الرجل يحج عن الرجل، يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال (ع): إذا قضى مناسك الحج فليصنع ما شاء) (* 3). فتأمل. ومنها: رواية أبي بصير: (قال أبو عبد الله (ع): من وصل أبا أو ذا قرابة له، فطاف عنه، كان له أجره كاملا، وللذي طاف عنه
____________
(* 1) لاحظ باب: 4 من أبواب الطواف. (* 2) لاحظ باب: 21 من أبواب النيابة في الحج. (* 3) الوسائل باب: 21 من ابواب النيابة في الحج حديث: 1.
===============
( 110 )
[ إذا كان غائبا عن مكة (1)، أو حاضرا وكان معذورا في الطواف بنفسه (2). ] مثل أجره، ويفضل هو _ بصلته إياه - بطواف آخر) (* 1). (1) كما وردت بذلك النصوص. وقد عقد في الوسائل بابا في أبواب النيابة، تضمنت الطواف عن أهل بلد الطائف وأقاربه (* 2). (2) بلا خلاف ولا إشكال. ويدل عليه جملة من النصوص، كصحيح حريز عن أبي عبد الله (ع): (المريض المغلوب، والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه) (* 3)، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع): (أنه قال: المبطون، والكسير يطاف عنهما، ويرمى عنهما) (* 4)، وصحيح حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله (ع): (أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن طاف عن المبطون، والكسير) (* 5)، وصحيح معاوية: (والمبطون يرمى، ويطاف عنه، ويصلى عنه) (* 6). وقد اشتملت النصوص على ذكر المريض المغلوب، والمغمى عليه، والكسير، والمبطون وقد تعرض الاصحاب لهم بالخصوص. كما تعرض بعضهم للحائض - أيضا - إذا ضاق وقتها، أو لم يمكنها الانتظار. قال في المسالك: (ويدخل في عموم العبارة - يعني: قولهم:
____________
(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج. (* 3) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 5. (* 6) الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 6.
===============
( 111 )
(ولا تجوز النيابة في الطواف للحاضر إلا مع العذر - الحائض، لان عذرها مانع شرعي من دخول المسجد، وإنما يتصور لحوقها - مع ضيق الوقت بالحج - بالنسبة إلى طواف العمرة، أو خروج القافلة بالنسبة إلى طواف الحج. وفي جواز استنابتها حينئذ نظر، لانتفاء النص الدال على ذلك. بل قد حكم الاكثر بعدولها إلى حج الافراد عند ضيق الوقت عن الطواف وإتمام عمرة التمتع، ورواه جميل بن دراج في الصحيح (* 1)، وهو يقتضي عدم جواز النيابة. ولو قيل بجواز الاستنابة مع الضرورة الشديدة اللازمة بانقطاعها عن أهلها في البلاد البعيدة كان قويأ...). وفى المدارك - بعد أن حكى ذلك عن المسالك - قال: (وهو غير بعيد، ويقوى الجواز في طواف النساء. بل مقتضى صحيحة أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز جواز تركه والحال هذه، فانه قال: (كنت عند أبي عبد الله (ع)، فدخل عليه رجل، فقال: أصلحك الله، إن امرأة معنا حائضا ولم تطف طواف النساء، ويأبى الجمال أن يقيم عليها. قال: فأطرق، وهو يقول: لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها، ولا يقيم عليها جمالها. ثم رفع رأسه إليه فقال (ع): تمضي، فقد تم حجها) (* 2). وفى كشف اللثام: (من أصحاب الاعذار أو الغيبة: الحائض إذا ضاق الوقت، أو لم يمكنها
____________
(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 2. (* 2) رواه في الوسائل - عن الكافي - باب: 59 من أبواب الطواف حديث: 1. وفيه أيضا - عن الفقيه - باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 13. ولكنه يختلف عن نسخة الفقيه. كما أن متن الرواية المذكورة هنا لا يوافق متن الرواية بالطريقين. وإن كان أقرب إلى نسخة الفقيه منه إلى الوسائل. لاحظ الكافي جزء 4 صفحة 451 طبع ايران الحديثة، الفقيه جزء 2 صفحة 245 طبع النجف الاشرف.
===============
( 112 )
المقام حتى تطهر...). لكن في الدروس: (في استنابة الحائض عندي تردد...). قال في الجواهر: (قلت: لعله من ذلك ومن عدم قابليتها لوقوع الطواف - الذي هو كالصلاة - منها، فكذا نائبها، ومن بطلان متعتها وعدولها إلى حج الافراد لو قدمت إلى مكة حائضا وقد تضيق وقت الوقوف، إذ لو كانت النيابة مشروعة لصحت متعتها...). والاشكال فيه ظاهر، فان عدم صحة طوافها - لاعتبار الطهارة فيه - لا يلازمه عدم صحة النيابة عنها، كما يظهر بملاحظة مورد النصوص المتقدمة وغيرها من موارد النيابة. نعم يعتبر في صحة النيابة كون المنوب فيه مشروعا في حق المنوب عنه، لاصحته من المنوب عنه. وبطلان متعتها - لو قدمت إلى مكة حائضا وقد تضيق وقت الوقوفين - لا يدل على ما نحن فيه، لامكان خصوصية في الفرض المذكور دل عليها الدليل بالخصوص. مع أنه حكى القول بالاستنابة عن بعض، كما سيأتي. وبالجملة: إطلاق كلمات الاصحاب جواز النيابة في الطواف عن المعذور يقتضي العموم للحائض، كما ذكر في كشف اللثام. والنصوص الواردة في الاعذار المتقدمة لا يبعد التعدي عن موردها إلى المقام. وفى الجواهر - بعد أن ذكر استدلال المدارك بصحيح الخزاز المتقدم على جواز تركها طواف النساء - قال: (قلت: وهو كذلك، إلا أنه - بقرينة عدم القائل به - يجب حمله على الاستنابة. ولعله لا بأس به إذا فعلت ذلك بعد غيبتها وطهارتها، لا أنه يطاف عنها مع حضورها حال حيضها. بل جعل المدار على ذلك في صحة الاستنابة عنها في الطواف متجه). لكن الاعتماد على الرواية في تشريع النيابة غير ظاهر، لان حملها على ذلك لا يخرجه عن التأويل، والمؤول ليس بحجة. وكان الاولى من ذلك الاعتماد على نصوص
===============
( 113 )
[ وأما مع كونه حاضرا وغير معذور فلا تصح النيابة عنه (1). ] المعذور بالغاء خصوصية موردها. وأما اعتبار الطهارة فلما ذكره سابقا من عدم صحة النيابة فيما لا يصح من المنوب عنه، مما عرفت الاشكال فيه، وأما اعتبار الغيبة، فكأنه لما يأتي من عدم صحة النيابة عن الحاضر. وفيه: أنه يختص بغير المعذور، لما عرفت من النصوص. مضافا إلى أنها إن تركت السعي وسافرت فقد تركت واجبا من غير عذر، وإن سمعت ثم سافرت فقد فوتت الترتيب بينه وبين الطواف من دون عذر، فاللازم - بناء على ما عرفت من عموم أدلة النيابة عن المعذور للحائض - أن تستنيب في الطواف، ثم تسعى، ثم تسافر. (1) وفى كشف اللثام: كأنه اتفاقي. واستدل له - فيه، وفى الجواهر وغيرهما -: بمرسل عبد الرحمن بن أبي نجران، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (ع) قال: (قلت له: الرجل يطوف عن الرجل وهما مقيمان بمكة. قال (ع): لا، ولكن يطوف عن الرجل وهو غائب عن مكة قال: قلت: وكم مقدار الغيبة؟ قال (ع): عشرة أميال) (* 1)، وخبر اسماعيل بن عبد الخالق قال: (كنت إلى جنب أبي عبد الله (ع) وعنده ابنه عبد الله، أو ابنه الذي يليه، فقال له رجل: أصلحك الله تعالى يطوف الرجل عن الرجل وهو مقيم بمكة ليس به علة؟ فقال: لا، لو كان ذلك يجوز لامرت ابني فلانا فطاف عني. سمى الاصغر وهما يسمعان) (* 2). ولاجل ذلك يخرج عن إطلاق ما دل على جواز النيابة في الطواف، الشامل للحاضر والغائب.
____________
(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 51 من أبواب الطواف حديث: 1.
===============
( 114 )
[ وأما سائر أفعال الحج فاستحبابها مستقلا غير معلوم (1)، حتى مثل السعي بين الصفا والمروة (2). (مسألة 17): لو كان عند شخص وديعة، ومات صاحبها (3) وكان عليه حجة الاسلام، وعلم أو ظن أن الورثة لا يؤدون عنه إن ردها إليهم (4)، جاز - بل وجب ] (1) إذ لا دليل على مشروعيته في نفسه في غير حال الانضمام إلى بقية الافعال. (2) الذي يظهر من جملة من النصوص استحبابة لنفسه. ففي خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع): (قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل من الانصار: إذا سعيت بين الصفا والمروة كان لك عند الله تعالى أجر من حج من بلاده، ومثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة) (* 1). وخبر أبي بصير قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ما من بقعة أحب إلى الله تعالى من المسعى، لانه يذل فيه كل جبار) (* 2). ونحوهما غيرهما. ودلالتهما على استحبابه لنفسه ظاهر. (3) هذا الحكم - في الجملة - ذكره الاصحاب، كما في الحدائق. وفى المستند: (بلا خلاف فيه في الجمله...). (4) اقتصر في الشرائع، والقواعد، واللمعة، والارشاد، وغيرها على خصوص صورة العلم، وعن النهاية والمبسوط والمهذب والسرائر: إلحاق الظن الغالب به.
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب السعي حديث: 15. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب السعي حديث: 14.
===============
( 115 )
[ عليه - أن يحج بها عنه (1)، وإن زادت عن أجرة الحج رد الزيادة إليهم. لصحيحة بريد: (عن رجل استودعني مالا فهلك، وليس لوارثه شئ، ولم يحج حجة الاسلام. قال (ع) حج عنه، وما فضل فأعطهم) (2). وهي وإن كانت مطلقة إلا أن الاصحاب قيدوها بما إذا علم أو ظن بعدم تأديتهم لو دفعها إليهم (3). ] (1) كما في المسالك وغيرها. لظاهر الامر. وحمله على مجرد الرخصة - لانه في مقام الحظر - بعيد. (2) رواه الصدوق باسناده عن سويد القلا، عن أيوب بن الحر، عن بريد، عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته عن رجل...) (* 1) واسناده إلى سويد صحيح، وسويد وأيوب ثقتان، وبريد من الاعيان. ورواه - في الكافي - عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي ابن النعمان، عن سويد القلا، عن أيوب، عن بريد. ورجال السند كلهم ثقات أو أعيان. نعم أيوب مشترك، لكن - بقرينة رواية الصدوق - يظهر أنه ابن الحر الثقة. ورواها الشيخ - بهذا الاسناد - عن حريث، عن بريد. ورجال السند كلهم أعيان، وأيوب قد عرفت المراد منه. (3) هذا مما لا إشكال فيه عندهم، وقد حكى ذلك جماعة من دون حكايه شبهة أو إشكال. فيحتمل أن يكون الوجه فيها الاقتصار - في الاخذ بالرواية - على مورد لا يخالف القواعد، كما يظهر من الشرائع، حيث علل الحكم المذكور: بأن المال خارج عن ملك الورثة. وفيه: أنه
____________
(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب النيابة في الحج حديث: 1.
===============
( 116 )
[ ومقتضى إطلاقها عدم الحاجة إلى الاستئذان من الحاكم الشرعي (1) ] لا يجوز رفع اليد عن إطلاق الرواية للقاعدة، فان إطلاق الرواية مقيد للقاعدة، كما هو ظاهر. ويحتمل أن يكون الاجماع. وهذا هو الاظهر. وعليه إذا شك في التقييد - سعة وضيقا - تعين الاقتصار على الاول، لانه المتيقن من معقد الاجماع. ومن ذلك يظهر: أنه لا وجه لتقييد الرواية بصورة العلم بالامتناع - بعدما عرفت من اكتفاء جماعة بالظن - لان التقييد بالعلم تقييد زائد. إلا أن يقال: الاجماع إنما هو على تقييد الرواية بصورة امتناع الوارث واقعا، والعلم أو الظن طريق إليه لا موضوع للحكم. ولما لم يكن دليل على اعتبار الظن بالامتناع يتعين الاقتصار على صورة العلم بالامتناع لا غير. وهذا هو الاقرب. وسيأتي - في كلام المصنف - تقريب كون التقييد بالامتناع مقتضى القاعدة. فانتظر. (1) هذا مما لا ينبغي التأمل فيه. وعن التذكرة: أنه اعتبر - في صحة تصرف الودعي - عدم التمكن من الحاكم، أو إثبات الحق عنده، وإلا وجب الاستيذان منه... وفى الروضة: (وهل يتوقف تصرفهم على إذن الحاكم؟ الاقوى ذلك، مع القدرة على إثبات الحق عنده، لان ولاية إخراج ذلك قهرا على الوارث إليه. ولو لم يمكن فالعدم أقوى، حذرا من تعطيل الحق الذي يعلم من بيده المال ثبوته. وإطلاق النص إذن له...). والاشكال فيه ظاهر، لانه خلاف الاطلاق، كما اعترف به في الروضة في آخر كلامه. وحكى الشهيد - في اللمعة - قولا بالافتقار إلى إذن الحاكم مطلقا، حتى مع عدم إمكانه، وعليه لو لم يمكن يبقى الحق معطلا. وفى اللمعة: إنه بعيد. وعلله في الروضة: باطلاق النص.
===============
( 117 )
[ ودعوى: أن ذلك للاذن من الامام (ع) (1) كما ترى، لان الظاهر من كلام الامام (ع) بيان الحكم الشرعي، ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلى الاذن من الحاكم. والظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شئ (2). وكذا عدم الاختصاص بحج الودعي بنفسه (3)، لانفهام الاعم من ذلك منها. وهل يلحق بحجة الاسلام غيرها من أقسام الحج الواجب أو غير الحج من سائر ما يجب عليه مثل: الخمس، والزكاة، والمظالم، والكفارات، والدين، أولا؟. وكذا هل يلحق ] وهو في محله. (1) هذه الدعوى ذكرها في المدارك، قال - في الاشكال على ما ذكره في الروضة في تعليل البعد الذي ذكره في اللمعة -: (وهو غير جيد، فان الرواية إنما تضمنت أمر الصادق (ع) لبريد في الحج عمن له الوديعة، وهو إذن وزيادة...). وفى الجواهر: احتمال أن الامر منه لبريد إذن له فيه، فلا إطلاق فيه حينئذ يدل على خلافها. انتهى. والاشكال فيه بما ذكره المصنف (ره) في محله. (2) يظهر من الاصحاب التسالم على ذلك، حيث لم يذكروه في قيود المسألة. ومقتضى الاقتصار على مورد النص الاختصاص بذلك، لذكره في السؤال. لكن الظاهر أن الوجه في ذكره في السؤال: احتماله أنه إذا لم يكن لهم شئ لا يجب الحج عنه، لانه يؤدي إلى حرمانهم من الميراث، لا احتمال أن له دخلا في الوجوب، كما لعله ظاهر بالتأمل. (3) الظاهر أنه لا إشكال فيه عندهم، ولم يتعرض أحد للخلاف
===============
( 118 )
[ بالوديعة غيرها مثل: العارية، والعين المستأجرة، والمغصوبة والدين في ذمته، أولا؟ وجهان. قد يقال بالثاني، لان الحكم على خلاف القاعدة (1) إذا قلنا أن التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث، وإن كانوا مكلفين بأداء الدين ومحجورين عن التصرف قبله (2). بل وكذا على القول ببقائها معه على ] فيه. ولذلك اقتصر بعضهم على الاستيجار، كما في الشرائع وغيرها، وفى القواعد: (يحج أو يستأجر...) نعم في المسالك: (والظاهر جواز استنابته فيه، كما يجوز مباشرته...). وظاهره أنه محل نوع تأمل. وكأن ذلك منهم لفهمهم من الامر بالحج ما هو أعم من التسبيب والمباشرة، ولذا قال في المستند - بعد ما ذكر أن مقتضى النص حج الودعي بنفسه _: (لكن الاصحاب جوزوا له الاستيجار، بل ربما جعلوه اولى. مع أن ارادة الحج بنفسه من اللفظ في هذا المقام محل تأمل ظاهر). وأشار بقوله: (ربما جعلوه أولى) إلى ما ذكره في المدارك، قال: (مقتضى الرواية أن المستودع يحج. لكن جواز الاستيجار ربما كان أولى. خصوصا إذا كان الاجير أنسب بذلك...). (1) هذا القول حكاه في المستند عن جماعة. كما حكى التعدي إلى سائر الحقوق المالية إلى آخرين، وحكاه في كشف اللثام عن الدروس. (2) قد تقدم في بعض المباحث السابقة: أن التركة - مع الدين المستغرق - هل تنتقل إلى الورثة ويتعلق بها حق الديان - كما في العين المرهونة - أو أنها باقية على ملك الميت؟ وكذا مع الدين غير المستغرق بالنسبة إلى ما يقابله من التركة. وقد اختار المصنف (ره) - تبعا لجماعة - الاول. وذهب آخرون إلى الثاني. وهو الاظهر. وقد تعرضنا لتحرير
===============
( 119 )
[ حكم مال الميت، لان أمر الوفاء إليهم، فلعلهم أرادوا الوفاء ] المسأله - على الاجمال _ في مكان المصلي من كتاب الصلاة. فعلى الاول يكون تصرف غير الوارث تصرفا في ملك الوارث، فلا يجوز إلا باذنه، لعموم قاعدة: (الناس مسلطون على أموالهم). وعلى الثاني فالمال وإن كان ملكا للميت، لكن ولاية التصرف فيه إما للوارث، لعموم: (أولى الناس بالميت أولاهم بميراثه)، فالتصرف من غير الوارث تصرف من غير السلطان، فلا يجوز إلا باذن من له السلطنة عليه. أو للحاكم الشرعي، لان العموم المذكور لا دليل عليه إلا الاجماع والنصوص الواردة في تغسيل الميت والصلاة عليه، والاخيرة لا عموم فيها لما نحن فيه، والاجماع غير محقق على وجه يشمل ما نحن فيه، والقدر المتيقن منه شؤون تجهيز الميت - مثل تغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه) ودفنه، ونحوها - وحينئذ يكون تصرف الاجنبي بغير إذن الحاكم تصرفا بغير إذن الولي. وكأنه لذلك قال في الجواهر: (بل قد يشكل الدفع - مع العلم بالاداء - من دون استيذان الحاكم، لتعلق دين الحج به -، كما في تركة المديون المتوقف دفعها للوارث على الاذن، والتخيير في جهات القضاء لا يسقط الحق المزبور. وان كان قد يدفع: بأن حق الدين وإن تعلق بالعين لكن المخاطب به الوارث، فمع فرض العلم بتأديته لم يجز منعه عنه. بل لعله كذلك مع العلم بحاله، فضلا عن حال العلم). لكن كلامه الاخير ينبغي أن يبتني على انتقال التركه إلي الوارث حتى ما يقابل الدين. كما أن كلامه الاول ينبغي أن يبتني على بقاء ما يقابل الدين على ملك الميت، ليكون التصرف فيه من وظائف الحاكم، كما ذكرنا سابقا. اللهم إلا أن يقال: إن السيرة القطعية على عدم مداخلة الحاكم
===============
( 120 )
[ من غير هذا المال (1)، أو أرادوا أن يباشروا العمل الذي على الميت بأنفسهم. والاقوى مع العلم بأن الورثة لا يؤدون - بل مع الظن القوي أيضا - جواز الصرف فيما عليه. لا لما ذكره في المستند: من أن وفاء ما على الميت - من الدين أو ] الشرعي في وفاء الديون عن الميت إذا لم يوص به الميت إليه، فتكون الولاية فيه للوارث ولو على القول بالبقاء على ملك الميت. ويشهد بذلك النصوص أيضا، ففي صحيح عباد بن صهيب - أو موثقه - عن أبي عبد الله (ع): (في رجل فرط في إخراج زكاته في حياته، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه مما لزمه من الزكاة، ثم أوصى أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له. قال: فقال (ع): جائز، يخرج ذلك من جميع المال. إنما هو بمنزلة دين لو كان عليه، ليس لوارثه شئ حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة...) (* 1)، ورواية يحيى الازرق: (عن رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا، فأخذ أهله الدية من قاتلة، عليهم أن يقضوا دينه؟ قال (ع): نعم. قلت: وهو لم يترك شيئا. قال (ع): إنما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا دينه) (* 2). (1) هذا ذكره في المدارك، قال (ره): (لان مقدار أجرة الحج وان كان خارجا عن ملك الورثة، إلا أن الوارث مخير في جهات القضاء وله الحج بنفسه والاستقلال بالتركة، والاستيجار بدون أجرة المثل، فيقتصر في منعه من التركة على موضع الوفاق...). وظاهره المفروغية عن ولاية الوارث إذا كان مقدما على إخراج الدين.
____________
(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الوصايا حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب الوصايا حديث: 1.
===============
( 121 )
[ نحوه - واجب كفائي على كل من قدر على ذلك (1)، وأولوية الورثة بالتركة إنما هي ما دامت موجودة (2)، وأما إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتى تكون الورثة أولى به. إذ هذه الدعوى فاسدة جدا. بل لامكان فهم المثال من الصحيحة (3). ] (1) قال فيه: (مقتضى الاخبار المتواترة معنى، المصرحة بوجوب قضاء الحج عن الميت من أصل ماله من غير خطاب إلى شخص معين: وجوبه على كل مكلف، وهو يجعل الوجوب الكفائي لمستودع أصلا ثانيا، فالتوقف على الاذن يحتاج إلى دليل...). وحاصل استدلاله: أن إطلاق الوجوب الكفائي يقتضي عدم الاحتياج إلى الاذن من الوارث أو الحاكم. وفيه أن ذلك الدليل إنما ورد في مقام أصل التشريع، فلا ينافي ولاية الوارث، ولذا لا يتوهم منه جواز حج الاجنبي وأخذ العوض قهرا من الوارث أو سرقة منه. (2) هذا لم يذكره في المستند، بل اقتصر على ما حكيناه عنه. ولو فرض ذكره له فالاشكال عليه ظاهر، إذ مبادرة أحد إلى صرف المال إن كان المقصود منه الاستيجار به، فهو لا يصح مع فرض كونه تصرفا بغير اذن الولي، فكيف يترتب عليه انتفاء موضوع الولاية؟!. وإنما يترتب ذلك لو صح التصرف، وهو ممنوع. أو كان الاتلاف خارجيا، وهو خلاف المفروض. (3) هذا بعيد جدا. ولا سيما وكون الوديعة مذكورة في السؤال، الظاهر في كونه عن حكم القضية الخارجية.
===============
( 122 )
[ أو دعوى تنقيح المناط (1). أو أن المال إذا كان بحكم مال الميت فيجب صرفه عليه (2)، ولا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه (3)، بل وكذا على القول بالانتقال إلى الورثة، حيث أنه يجب صرفه في دينه، فمن باب الحسبة (4) يجب على من عنده صرفه عليه، ويضمن لو دفعه إلى الوارث، لتفويته على الميت. نعم يجب الاستئذان من الحاكم، لانه لوي من لا ولي له (5) ويكفي الاذن الاجمالي، فلا يحتاج إلى إثبات وجوب ذلك ] (1) استدل بذلك - في المسالك والمدارك - للقول بالتعدي. (2) هذا لا ينبغي التأمل فيه. لكنه أعم من جواز الاستقلال به ومراجعة الحاكم الشرعي، كما سيأتي. (3) هذا مما لا ينبغي الاشكال فيه. لانه دفع إلى غير المستحق. (4) المراد به الامور التي يعلم من الشارع إرادة إيقاعها، فان إفراغ ذمة الميت من الدين من ذلك الباب، فإذا امتنع الوارث منه لزم الأجنبي القيام به. وحينئذ لا فرق بين من بيده المال وغيره. إلا أن يحتمل أن يكون لمن بيده المال خصوصية تقتضي اختصاصه بالوجوب، وحينئذ لا يعلم غيره بالوجوب إلا في ظرف امتناعه. (5) قال شيخنا الاعظم في مكاسبه: (إنه اشتهر في الالسن، وتداول في بعض الكتب: السلطان ولي من لا ولي له، ونسبت روايته عن النبي إلى كتب العامة والخاصة. وفى دعائم الاسلام: السلطان وصي من لا وصي له (* 1). ودلالته على ولاية الحاكم مبنية على عموم النيابة).
____________
(* 1) مستدرك الوسائل باب: 64 من ابواب الوصايا حديث: 1.
===============
( 123 )
[ الواجب عليه، كما قد يتخيل (1). نعم لو لم يعلم، ولم يظن (2) عدم تأدية الوارث يجب الدفع إليه (3). بل لو كان الوارث منكرا أو ممتنعا، وأمكن اثبات ذلك عند الحاكم، أو أمكن اجباره عليه، لم يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه (4). (مسألة 18): يجوز للنائب - بعد الفراغ عن الاعمال ] (1) قال في المسالك: (وصرح بعضهم بوجوب الاستيذان من الحاكم مع إمكانه. وهو حسن، مع القدرة على إثبات الحق عنده). وظاهره توقف لزوم الاستيذان على ذلك. ووجهه غير ظاهر، لكفاية الاذن الاجمالي في المحافظة على حق الميت، وولاية الحاكم. (2) أقول: بعد ما عرفت من عموم الدليل على ولاية الوارث، فالخارج عنه صورة امتناعه من الاداء، فمع الشك فيه تكون الشبهة موضوعية، وأصالة عدم الامتناع تقتضي ثبوت الولاية ظاهرا. نعم إذا كان دليل التخصيص يدل على تقييده بالمقدم، فمع الشك في الاقدام يكون مقتضى الاصل عدم الولاية، لاصالة عدم الاقدام. لكن القدر المتيقن في التخصيص الاول، فمع الشك يبنى على ثبوت الولاية. ولذلك استقرت السيرة على دفع العين للوارث في حال الشك. وعليه فالبناء على إلحاق الظن بالعلم محل تأمل، لعدم الدليل على حجيته، فاللازم إجراء حكم الشك عليه، لا العلم. (3) لما عرفت من ولايته على الوفاء، حتى على القول ببقاء المال على ملك الميت. (4) إذا كان الخارج عن العموم الممتنع، فمع الامتناع يبنى على عدم ولايته وإن أمكن اجباره. وكذلك إذا كان إنكاره لا عن عذر، فانه
===============
( 124 )
[ للمندوب عنه - أن يطوف عن نفسه وعن غيره (1). وكذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غيره. (مسألة 19): يجوز لمن أعطاه رجل مالا لاستئجار الحج أن يحج بنفسه، ما لم يعلم أنه أراد الاستئجار من الغير (2). ] نوع من الامتناع، الموجب لسقوط ولاية الوارث. إلا ان يقال: إن القدر المتيقن في الخروج صورة تعذر الاداء من قبله، فإذا أمكن إجباره على الاداء لم يحصل التعذر المذكور، فلم تبطل ولايته. (1) بلا إشكال ظاهر ولا خلاف. وعقد له في الوسائل بابا (* 1)، وذكر فيه: صحيح صفوان بن يحيى، عن يحيى الازرق قال: (قلت لابي الحسن (ع): الرجل يحج عن الرجل، يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ قال (ع): إذا قضى مناسك الحج فليصنع ما شاء) (* 2). وقريب منه روايته الاخرى (* 3). وهو الذي تقتضيه القواعد العامة. (2) لا إشكال في أن الاستيجار من العناوين القائمة بن الاثنين: المؤجر والمستأجر، وأن المؤجر - بمعنى: من يملك فعل الاجير - قائم بالاصل. وبمعنى: من قام به إيقاع الاجارة، قائم بالموقع، سواء أكان الاصيل أم الوكيل. فالاستيجار القائم بين الاصيلين، هو بمعنى الموقع - بالفتح - وهو المضمون المنشأ بالعقد، والقائم بين الوكيلين بمعنى الايقاع نفسه. وهو - بهذا المعنى - لا يتوقف على الاثنينية الخارجية، بل يكفي فيه الاثنينية الاعتبارية، بخلاف ما هو بالمعنى الاول، فانه لابد فيه من
____________
(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب النيابة في الحج. (* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب النيابة في الحج حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب النيابة في الحج حديث: 2.
===============
( 125 )
[ والاحوط عدم مباشرته (1)، إلا مع العلم بأن مراد المعطي حصول الحج في الخارج. وإذا عين شخصا تعين، إلا إذا علم عدم أهليته، وأن المعطي مشتبه في تعيينه (2). أو أن ذكره من باب أحد الافراد (3). ] الاثنينية الخارجية. فالوكيل عن طرفي العقد مؤجر ومستأجر باعتبارين، وكذا الوكيل عن البائع والمشتري بائع ومشتر، فإذا وكله في الاستيجار للحج - مثلا - كان مقتضى الاطلاق جواز استيجار نفسه. نعم ينصرف إلى الاثنينية الخارجية. لكنه ابتدائي. ولذا بنى المشهور على جواز تولي طرفي العقد لشخص واحد، وتترتب الاحكام عليه، مع تحقق الانصراف إلى الاثنينية في عموم صحة العقد وثبوت الاحكام. (1) منشأه الانصراف الابتدائي، الذي عرفته. (2) إذ حينئذ لا يكون استيجاره صحيحا، فلا يكون موضوعا للوكالة، وحينئذ تبطل الوكالة بالمرة. (3) وحينئذ يبطل التعيين، وتكون الوكالة عامة.