فصل في الشكوك التى لا اعتبار بها وهي في مواضع: الاول: الشك بعد تجاوز المحل. وقد مر تفصيله (1). ] (1) لأصالة عدم المشكوك، أو قاعدة الاشتغال به. إلا أن يبنى على بعض المحتملات في: (لا سهو في سهو) كما تقدم. (2) قد عرفت: عدم الدليل على قدح الزيادة فيها، فأصالة البراءة من مانعيتها محكمة. (3) يعني: من رأس، لأجل الزيادة. لكن عرفت الاشكال في قدحها، فالواجب الاعادة، على نحو يحصل الترتيب بين أجزائها لاغير. نعم على بعض محتملات: (لا سهو في سهو) يتم عدم لزوم ذلك أيضا كما يتم ما ذكره بقوله: (لا يبعد عدم وجوب الاعادة). لكن حيث عرفت ضعفه، فاللازم إعادة السجدة لاغير. فصل في الشكوك التى لا اعتبار بها (4) يعني: في المسألة العاشرة من فصل الشك.
===============
( 563 )
[ الثاني: الشك بعد الوقت، سواء كان في الشروط، أو الافعال، أو الركعات، أو في أصل الاتيان (1). وقد مر الكلام فيه أيضا (2). الثالث: الشك بعد السلام الواجب (3) - وهو إحدى الصيغتين الأخيرتين - سواء كان في الشرائط، أو الافعال، أو الركعات في الرباعية أو غيرها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشك الصحة. فلو شك في أنه صلى ثلاثا أو أربعا أو خمسا بنى على أنه صلى أربعا. وأما لو شك بين الاثنتين والخمس والثلاث والخمس بطلت، لأنها إما ناقصة (4) ركعة أو زائدة. نعم لو شك ] (1) عدم الاعتبار بالشك في الثلاثة الاول لقاعدة الفراغ، وقاعدة التجاوز في بعضها وفي الأخير لقاعدة الشك بعد الوقت، فإن الظاهر قصور دليل هذه القاعدة عن شمول الشك في الأول. اللهم إلا أن يستفاد حكمه بالأولية. أو يستفاد منه عموم الحكم لكل موقت إذا شك في وجوده، سواء أكان جزءا أم شرطا، أم كلا، أم مشروطا. (2) يعني: في مسائل حكم الشك. (3) لكونه من الشك بعد الفراغ. (4) قد عرفت في المسألة السادسة عشرة من مسائل فصل الشك: أن مجرد نقص الركعة لا يوجب البطلان، بل لا ريب في الصحة لو ضم إليه محتمل النقص. نعم احتمال الزيادة يستلزم احتمال البطلان. وحينئذ فالحكم بالبطلان في الفرض يتوقف على رجوعه إلى الشك في الأثناء - للعلم بعدم وقوع التشهد والتسليم في محلهما - وعلى كون الشك المذكور مبطلا إذا كان في الاثناء - لعدم جريان أصالة عدم الزيادة - فلو لم تثبت المقدمة
===============
( 564 )
[ في المغرب بين الثلاث والخمس - أو في الصبح بين الاثنتين والخمس - يبني على الثلاث في الأولى، والاثنتين في الثانية. ولو شك بعد السلام في الرباعية بين الاثنتين والثلاث، بنى على الثلاث ولا يسقط عنه صلاة الاحتياط، لأنه يعد في الاثناء، حيث أن السلام وقع في غير محله، فلا يتوهم: أنه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة - من غير أن يأتي بصلاة الاحتياط. لانه مقتضى عدم الاعتبار بالشك بعد السلام (1). الرابع: شك كثير الشك (2) ] الأولى أمكن نفي الزيادة بقاعدة الفراغ التي لا ريب في جريانها لنفي الزيادة ولا تعارض بقاعدة الفراغ في نفي النقيصة، للعلم بعدم الاتيان بالرابعة في محلها، إما لتركها بتا، أو لفعلها في صلاة باطلة، فلا يمكن إثبات وجودها بقاعدة الفراغ، وحيث أنه لا موجب لبطلان الصلاة يجوز الاكتفاء بها، بعد ضم ركعة رابعة. أما ثبوت المقدمة الثانية فقد عرفت الكلام فيه. وأما ثبوت المقدمة الاولى فلما ذكرنا. ودعوى: أن موضوع قاعدة الفراغ هو الفراغ البنائي ما هو حاصل. مدفوعة: بالمنع، لأن الظاهر من الفراغ البنائي ما هو حاصل حال الشك لولا الشك، وليس كذلك في المقام، للعلم بكونه، في الأثناء. (1) بأن يكون المراد من الفراغ الفراغ البنائي آنا ما، فتجري القاعدة لاثبات الثالثة المشكوكة، ولا تجري بالنسبة إلى الرابعة، للعلم بعدم فعلها، فيجوز له أن يكفتي بضم ركعة واحدة. لكن عرفت: أن الظاهر من أدلة قاعدة الفراغ هو الفراغ البنائي حال الشك لولا الشك، وهو غير حاصل، للعلم بالنقص. (2) بلا خلاف. وعن الغنية والمصابيح: دعوى الاجماع عليه، بل
===============
( 565 )
[ وإن لم يصل إلى حد الوسواس (1)، سواء كان في الركعات (2) أو الافعال (3)، ] عن الثاني: أنه ضروري. ويشهد به جملة من النصوص: منها: مصحح زرارة وأبي بصير: " قلنا له: الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي عليه. قال (ع): يعيد. قلنا: فإنه يكثر عليه ذلك كلما أعاد الشك. قال (ع): يمضي في شكه، ثم قال (ع): لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فإن الشيطان خبيث معتاد لما عود، فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك. قال زرارة: ثم قال: إنما يريد الخبيث أن يطاع، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم " (* 1). وتأتي الاشارة إلى غيره. فانتظر. (1) للاطلاق. (2) كما هو مورد المصحح. ويقتضيه صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك، فانه يوشك أن يدعك، إنما هو من الشيطان " (* 2) ونحوه مرسل ابن سنان (* 3) ومرسل الفقيه عن الرضا (ع) (* 4) بناء على عموم السهو فيها للشك. (3) كما هو مورد موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا؟ ويشك في السجود فلا يدري السجود أم لا؟ فقال (ع): لا يسجد، ولا يركع
____________ (* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 6.
===============
( 566 )
[ أو الشرائط، فيبني على وقوع (1) ما شك فيه وإن كان في محله. إلا إذا كان مفسدا فيبني على عدم وقوعه. فلو شك بين الثلاث والاربع يبني على الأربع. ولو شك بين الأربع والخمس يبني على الأربع أيضا (2). وإن شك أنه ركع أم لا يبني على أنه ركع. وإن شك أنه ركع ركوعين أم واحدا بنى على عدم الزيادة. ولو شك أنه صلى ركعة أو ركعتين بنى على الركعتين ولو شك في الصبح أنه صلى ركعتين أو ثلاثا يبنى على أنه صلى ركعتين. وهكذا. ] ويمضي في صلاته حتى يستيقن يقينا) (* 1). ويقتضيه - أيضا - اطلاق الصحيح المتقدم. كما يقتضي الحكم في الشروط - أيضا - بناء على عموم السهو فيه لمطلق الشك حتى ما كان في الفعل - وإن كان محل تأمل، كما عرفت. (1) لما كان الشك مركبا من احتمالي الوجود والعدم، ولابد أن يكون أحدهما اقتضائيا دون الآخر، كان معنى عدم الاعتناء بالشك عدم ترتيب مقتضى الاحتمال الاقتضائي، فإذا شك في أنه ركع أم لا فالاحتمال الاقتضائي هو احتمال العدم، وعدم ترتيب مقتضاه يلازم البناء على أنه ركع. وإذا شك في أنه ركع ركوعين أو ركوعا واحدا فالاحتمال الاقتضائي هو احتمال الوجود، وعدم ترتيب مقتضاه يلازم البناء على أنه لم يركع. (2) هذا ظاهر لو كان في حال الجلوس مثلا. أما لو كان في حال القيام فقد يدعى: أن لازم عدم الاعتناء بالشك البناء على أن ما قام عنه رابعة، فيهدم القيام ويسلم. وفيه: أنه يتم لو لم يكن قد شرع في الخامسة المحتملة، وإلا فالاحتمال الاقتضائي للشك أن تكون ما بيده خامسة، ولازم عدم الاعتناء به البناء على أنها رابعة.
____________ (* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 5.
===============
( 567 )
[ ولو كان كثرة شكه في فعل خاص يختص الحكم به (1) فلو شك اتفاقا في غير ذلك الفعل يعمل عمل الشك. وكذا لو كان كثير الشك بين الواحدة والاثنتين لم يلتفت في هذا الشك ويبني على الاثنتين. وإذا اتفق أنه شك بين الاثنتين والثلاث - أو بين الثلاث والاربع - وجب عليه عمل الشك: من البناء والاتيان بصلاة الاحتياط. ولو كان كثير الشك بعد تجاوز المحل مما لا حكم له دون غيره، فلو اتفق أنه شك في المحل وجب عليه الاعتناء. ولو كان كثرة شكه في صلاة خاصة، أو الصلاة في مكان خاص ونحوه ذلك اختص الحكم به، ولا يتعدى إلى غيره. (مسألة 1): المرجع في كثرة الشك العرف (2). ] (1) كما في الجواهر وغيرها، لأن المتبادر من النصوص عدم الحكم لما كان من الشك الكثير، دون ما لم يكن منه، خلافا عن المدارك والرياض بل تمكن نسبته إلى إطلاق الاصحاب من عموم الحكم للشك الاتفاقي في غير ذلك الفعل، لاطلاق النصوص، وكونه ليس من الكثير إنما يتم بلحاظ الخصوصية، وإلا فبلحاظ نفس الشك هو منه. ولا قرينة على لحاظ الخصوصية لكن الانصاف أن دعوى الانصراف قريبة، فما في الجواهر وغيرها أقوى. (2) كما عن جماعة التصريح به، كما هو القاعدة في الألفاظ التي تذكر في القضايا الشرعية، حيث أنها تحمل على المعاني العرفية. إلا أن يرد تحديد شرعي، فيكون هو المرجع. وليس ما يتوهم منه في القمام عدا صحيح محمد بن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة: أن الصادق (ع): قال: (إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو) (* 1) ولا دلالة
____________ (* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 7.
===============
( 568 )
[ ولا يبعد تحققه إذا شك في صلاة واحدة ثلاث مرات (1)، أو في كل من الصلوات الثلاث مرة واحدة. ويعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض: من خوف، أو غضب، أو هم، أو نحو ذلك مما يوجب اغتشاش الحواس (2). ] فيه على التحديد، إلا من جهة مفهوم الشرطية. لكن يتعين رفع اليد عن المفهوم، بقرينة قوله (ع) في الجزاء: (فهو ممن...) الذي هو كالصريح في وجود فرد آخر له، فيتعين لأجله البناء على كون القضية مسوقة للمنطوق لا غير، فيكون مفادها جعل فرد لكثير السهو. وأما الشرط فهو وإن كثرت فيه الاحتمالات، إلا أن الأظهر أن يكون المراد أن يكون المصلي بحال لا يصلي ثلاث صلوات إلا وهو يسهو في واحدة منها، فإذا سها في الظهر والعشاء من يوم، وفي العصر من اليوم الثاني، وفي الصبح من اليوم الثالث فهو من كثير السهو. وإذا سها في الظهر من اليوم الأول، والظهر من اليوم الثاني لم يكن منه. نعم لو أريد بافراد الثلاث الثلاث المتباينات بالذات كان منه، لأن المفروض أنه سها في الثلاث الأول، وفي الثاث الثواني. لكن الظاهر ما ذكرنا، وعليه فلا يعتبر أن يكون قد شك في كل ثلاث صلوات، بل يكفي أن يكون بحال يوجب الشك كذلك، فإذا شك أول شك، وكان ناشئا عن تلك الحال كان ملغى حكمه عند الشارع، إذ الظاهر من قوله (ع): (يسهو...) أنه من قبيل الملكة لا الفعل. (1) لا يخلو من إشكال. وأشكل منه: جعله معنى للكثرة المذكورة في النص، كما حكاه في الشرائع قولا. وكذا الحال فيما بعده، فقد حكاه - أيضا - في الشرائع قولا آخر. (2) لأن مورد النصوص غير هذا الشك، فانه مما لا يكون من الشيطان ولا ترك الاعتناء به موجبا لزواله.
===============
( 569 )
[ (مسألة 2): لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك أم لا بنى على عدمه، كما أنه لو كان كثير الشك وشك في زوال هذه الحالة بنى على بقائها. (مسألة 3): إذا لم يلتفت إلى شكه، وظهر بعد ذلك خلاف ما بنى عليه، وأن - مع الشك في الفعل - الذي بنى على وقوعه لم يكن واقعا، أو أن ما بنى على عدم وقوعه (1) كان واقعا يعمل بمقتضى ما ظهر (2)، فإن كان تاركا لركن بطلت صلاته (3)، وإن كان تاركا لغير ركن - مع فوت محل تداركه - وجب عليه القضاء فيما فيه القضاء، وسجدتا السهو فيما فيه ذلك (4)، وإن بنى على عدم الزيادة فبان أنه زاد يعمل بمقتضاه من البطلان، أو غيره: من سجود السهو. (مسألة 4): لا يجوز له الاعتناء بشكه (5)، فلو شك ] (1) لاستصحاب العدم. وكذا في الفرض الآتي. (2) إذ الظاهر من أدلة الباب كون الحكم بعدم الاعتناء بالشك من قبيل الحكم الظاهرى. وقد تحقق في محله من الاصول: أن الحكم الظاهري لا يدل على الاجزاء، فإذا انكشف مخالفته للواقع وجب ترتيب آثار فوات الواقع من أول الامر، فقد يجب الاستئناف، وقد يجب تدارك الفائت، وقد يجب قضاؤه، إلى غير ذلك من أحكام الخلل. (3) يعني: مع فوات محل تداركه. (4) يعني: سجود السهو. (5) كما هو ظاهر الاصحاب - كما قيل - خلافا لما عن الاردبيلي: من جواز الاعتناء به، كما يجوز ترك الاعتناء به. وعن الذكرى: أنه
===============
( 570 )
[ في أنه ركع أولا لا يجوز أن يركع، وإلا بطلت الصلاة (1). نعم في الشك في القراءة أو الذكر إذا اعتنى بشكه وأتى بالمشكوك فيه بقصد القربة لا بأس به (2)، ما لم يكن إلى حد الوسواس. (مسألة 5): إذا شك في أن كثرة شكه مختص بالمورد المعين الفلاني أو مطلقا اقتصر على ذلك المورد (3). ] احتمله، لورود الأمر بالمضي في النصوص مورد توهم الحظر، فلا يدل إلا على نفي الحظر. ولأنه مقتضى الجمع بين جوابي السؤال في مصحح زرارة وأبي بصير (* 1) فيحمل الأمر بالاعادة - في الاول - وبالمضي - في الثاني - على التخيير. وفيه: أن الظاهر من قولهما: (الرجل يشك كثيرا...) هو كثرة المحتملات، بقرينة قولهما: (حتى لا يدري كم صلى) لا أقل من احتمال ذلك فيه، فيحمل عليه، جمعا بينه وبين ما بعده. والأمر بالمضي وإن كان في مورد الحظر، إلا أن ما اشتمل عليه النصوص من الخصوصيات مثل: (إنما هو من الشيطان) وقوله (ع): (لا تعودوا الخبيث...) ونحوهما آب عن حمل الامر على الرخصة. (1) للزيادة الظاهرية. (2) لجواز إتيان ذلك عمدا كذلك (3) لعدم ثبوت الكثرة في غيره، والأصل عدمها. نعم مع الجهل بالحالة السابقة - لتعاقب الحالتين مع الجهل بالمتقدم والمتأخر - يشكل الرجوع إلى أدلة أحكام الشك، لكون الشبهة مصداقية، والتحقيق سقوط العام فيها عن الحجية. كما لاريب في عدم الرجوع إلى حكم كثير الشك، للشك في موضوعه فيتعين الرجوع إلى القواعد. ويختلف مقتضاها باختلاف الموارد، فلو شك
____________ (* 1) تقدم ذكرهما في الرابع من الشكوك التي لا اعتبار بها.
===============
( 571 )
[ (مسألة 6): لا يجب على كثير الشك وغيره ضبط الصلاة بالحصى، أو السبحة أو الخاتم، أو نحو ذلك (1)، ] في القراءة وهو في المحل قرأ، عملا بقاعدة الاشتغال. ولو شك في الركوع ركع، عملا بها، واحتمال الزيادة منفي بأصالة عدمها. ولو شك في الأوليين أعاد، لقاعدة الاشتغال. ولو شك في الأخيرتين بنى على الأكثر، للعلم بأن حكمه ذلك على كل من التقديرين، وفي وجوب صلاة الاحتياط وعدمه وجهان، مبنيان على انقلاب التكليف - فيرجع في المقام إلى أصل البراءة منها - وعدمه، فيرجع إلى قاعدة الاشتغال. ولو شك بين الأربع والخمس لم يجب عليه سجود السهو، لأصالة البراءة. فلاحظ. (1) بلا خلاف فيه يعرف. للاصل، وإطلاق النصوص المتقدمة اللفظي والمقامي، مع عدم دليل على الوجوب، إذ لا دلالة في خبر الخثعمي: - (شكوت إلى أبي عبد الله (ع) كثرة السهو في الصلاة، فقال (ع): أحص صلاتك بالحصى، أو قال: احفظها بالحصى) (* 1) - على الوجوب، لظهور الأمر - بقرينة السؤال - في الارشادي، لا المولوي. لا أقل من احتمال ذلك، بل لو فرض ظهوره في الوجوب المولوي فلا يبعد وجوب حمله على الارشادي، بقرينة خبر حبيب بن المعلى: (إني رجل كثير السهو فما أحفظ صلاتي إلا بخاتمي أحوله من مكان إلى مكان فقال (ع): لا بأس به) (* 2) وصحيح ابن المغيرة: (لا بأس أن يعد الرجل صلاته بخاتمه، أو بحصى يأخذ بيده فيعد به) (* 3) لظهور نفي البأس في نفي الوجوب. وأما الامر بالادراج، في موثق الحلبي، قال:
____________ (* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 28 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 28 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 3.
===============
( 572 )
[ وإن كان أحوط فيمن كثر شكه (1). الخامس: الشك البدوي الزائل بعد التروي (2) سواء تبدل باليقين بأحد الطرفين، أو بالظن المعتبر، أو بشك آخر. السادس: شك كل من الامام والمأموم (3) مع حفظ ] (سألت أبا عبد الله (ع) عن السهو، قلت: فانه يكثر علي فقال (ع): أدرج صلاتك إدراجا...) (* 1) فمحمول على الاستحباب، إذ الوجوب خلاف ظاهر الاخبار المتقدمة جدا. ويناسب الاستحباب التعبير، (ينبغي) في رواية عمران الحلبي عن أبي عبد الله (ع): أنه قال: (ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو) (* 2) (1) خروجا عما يوهمه بعض ما تقدم. (2) قد عرفت: أن ظاهر أحكام الشك أنها منوطة به حدوثا وبقاء فإذا زال الشك وتبدل بالعلم - أو بالظن أو بشك آخر - زال حكمه، وثبت حكم ما تبدل إليه. ومن هنا يظهر: أنه لا فرق في عدم الاعتناء بالشك الزائل بين البدوي وغيره. ولعل وجه تخصيص الأول بالذكر: كونه الغالب من أفراد الزائل. (3) بلا خلاف - كما عن المفاتيح والرياض - وقطع به الاصحاب، كما عن المدارك والذخيرة. ويشهد به صحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع) (عن الرجل يصلي خلف الامام لا يدري كم صلى هل عليه سهو؟ قال (ع): لا) (* 3)، ومصحح حفص عن أبي عبد الله (ع): (ليس على الامام
____________ (* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 22 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 24 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1.
===============
( 573 )
[ الآخر، فإنه يرجع الشاك منهما إلى الحافظ، لكن في خصوص الركعات، لا في الأفعال (1)، حتى في عدد السجدتين (2) ولا يشترط في البناء على حفظ الآخر حصول الظن للشاك، ] سهو، ولا على من خلف الامام سهو...) (* 1)، ومرسل يونس - الوارد في اختلاف المأمومين في عدد الركعات والامام مائل مع بعضهم أو معتدل الوهم - قال (ع): (ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم، وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام...) (* 2). (1) لاختصاص الخبر الأول بالركعات. والأخير محمول عليه، بقرينة سائر الفقرات. ولاسيما وكون السؤال فيه عن خصوص الشك في الركعات. فتأمل. نعم لامانع من إطلاق المصحح، لولا دعوى: أن امتناع الأخذ بإطلاقه الاحوالي والافرادي يناسب أن يكون واردا في مقام إثبات الحكم - في الجملة - لا مطلقا، فيمتنع التمسك به في المقام. هذا مع قرب دعوى: كون المراد من السهو في هذه النصوص - التي هي بلسان واحد ومساق واحد هو خصوص الشك في الركعات، كما أشرنا إلى ذلك في مسألة: (لا سهو في سهو) فلا تعرض فيها لحكم الشك في الافعال. وكأنه لأجل ما ذكرنا تأمل في الجواهر في شمول الأدلة. ومنه يظهر: ضعف ما عن جماعة من التصريح بعدم الفرق بين الركعات والأفعال وعن المدارك: نسبته إلى الأصحاب. (2) لعدم الفرق بينهما وبين سائر الافعال.
____________ (* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة ملحق حديث: 8.
===============
( 574 )
[ فيرجع وإن كان باقيا على شكه على الأقوى (1). ولا فرق في المأموم بين كونه رجلا أو امرأة (2)، عادلا أو فاسقا (3) واحدا أو متعددا (4). والظان منهما أيضا (5) يرجع إلى ] (1) كما عن المشهور. ويقتضيه - مضافا إلى إطلاق الأدلة الذي لا وجه لرفع اليد عنه لمجرد غلبة حصول الظن، فإن الانصراف الناشئ من الغلبة لا يقدح في الاطلاق - ظهور الأدلة في الخصوصية لكل من الامام والمأموم، ولو اعتبر حصول الظن لم يكن لهما خصوصية. ومنه يظهر: ضعف التأمل في جواز اعتماد أحدهما على الآخر، إذا لم يحصل الظن، كما عن المجمع للأردبيلي والمصابيح للوحيد. (2) كما عن المشهور، لاطلاق المصحح والمرسل، وإمكان التعدي عن مورد الصحيح لقاعدة الاشتراك. لكن القاعدة تفيد جواز رجوعها إلى الامام، لا رجوع الامام إليها. ومنه يظهر: ضعف الاشكال فيها مطلقا، كما عن بعض. (3) بلا خلاف ظاهر. وعن الدرة: نسبته إلى الاصحاب. ويقتضيه الاطلاق. (4) بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه إطلاق مصحح حفص. لكن لو تم وجب تقييده بالمرسل لظهوره في اختصاص جواز رجوع الامام بالمأموم المتعدد. اللهم إلا أن يستفاد منه عرفا - كما هو الظاهر - مجرد كونه مأموما. وأن فرض التعدد فيه إنما هو لكونه جوابا عن سؤال قد فرض فيه التعدد، لا لتقييد جواز الرجوع به. (5) كما عن الميسية والمقاصد العلية والروض والروضة والمفاتيح. وكأنه لاطلاق النصوص المتقدمة، ولا سيما مرسل يونس المفروض فيه ميل الامام مع بعض المأمومين. لكن عن مجمع البرها والذخيرة وشرح المفاتيح: الاستشكال فيه، لان الظن حجة شرعا. وفيه: أن كونه حجة في المقام أول الكلام
===============
( 575 )
[ المتيقن، والشاك لا يرجع إلى الظان (1)، إذا لم يحصل له الظن. ] لاطلاق أدلة الرجوع إلى الحافظ. وما بينها وبين أدلة الحجية وإن كان عموما من وجه، لكن الجمع العرفي يقتضي تقديمها، لظهورها في أن الموارد له خصوصية، كما هو الحال في نظائر المقام، اللهم إلا أن يمنع هذا الاطلاق لما عرفت من قرب دعوى: إرادة خصوص الشك من لفظ السهو، بقرينة حرف الاستعلاء المناسب جدا للشك دون الظن، مضافا - في المرسل - إلى تأيد ذلك بأنه مقتضى بقية الفقرات. وفرض ميل الامام إلى بعض المأمومين في السؤال لاأثر له فيما نحن فيه، بعد كون الجواب ليس جوابا عن ذلك الفرض، كما هو ظاهر بالتأمل في خصوصياته. ومضافا - في الصحيح - إلى أن دليل حجية الظن موجب لكونه ممن يدري، لا ممن لا يدري، بل ذلك أيضا جار في المصحح ونحوه، فإن دليل الحجية للظن أيضا موجب لنفي السهو، فعمل الظان منهما بظنه، وعدم تعويله على يقين صاحبه أوفق بالأدلة. (1) لعدم الدليل عليه، إذ الظاهر من الحفظ المذكور في المرسل هو ما يساوق العلم. ودعوى: أن دليل حجية الظن يقتضي قيامه مقام الحفظ غير ظاهرة، لقصور مثل قوله: (وإن ذهب وهمك إلى الثلاث فابن عليه) (* 1) عن تنزيله منزلة العلم، بلحاظ عمل غير الظان، بل الظاهر في تنزيله منزلته في وجوب عمل الظان عليه لاغيره، مضافا إلى أن الموجود - في الكافي والتهذيب عنه - رواية مرسل يونس هكذا: (ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه باتفاق منهم) (* 2).
____________ (* 1) تقدم ذلك في المسألة: 6 من فصل الشك في الركعات. وما نقله هنا - دام ظله - من النقل بالمعنى. فراجع. (* 2) مر ذلك في أوائل المسألة. فراجع.
===============
( 576 )
[ (مسألة 7): إذا كان الامام شاكا والمأمومون مختلفون في الاعتقاد لم يرجع إليهم (1)، ] هذا ولكن يمكن أن يقال: إن الحفظ إنما ذكر في رجوع الامام إلى المأموم. وأما رجوع المأموم إلى الامام فإنما ذكر فيه عدم سهو الامام الذي قد عرفت ظهوره في عدم خصوص الشك. ومقتضاه الشك. ومقتضاه أن دليل الحجية بالنسبة إلى الامام كاف في ترتب الأثر بالنسبة إلى عمل المأموم، لان موضوع عمل المأموم الحجة عند الامام. وحينئذ لا يحتاج إلى إثبات تعرض دليل حجية الظن لعمل غير الظان، كي يتأمل فيه بما سبق، وعليه فلا يبعد أن يكون المراد من الحفظ في رجوع الامام إلى المأموم ذلك أيضا - أعني وجود الحجة عنده بلحظا عمله - فلا مجال للاشكال المذكور. هذا ولو سلم أن موضوع عمل أحدهما ليس هو مطلق وجود الحجة عند الاخر بل خصوص حفظ الآخر فلا يبعد أن يدعي: أن المفهوم من الدليل عرفا هو عموم الاثر، لمساعدة ارتكاز العقلاء على كون الظن من قبيل الطريق الحقيقي مطلقا، من دون اختصاص الحجية بجهة دون أخرى، ويكون الامر بالعمل إرشاديا إلى الحجية. ولذا لم يقع التشكيك في صلاحية الأمر بالعمل بالخبر - الذي اشتمل عليه كثير من أدلة حجيته - لاثبات قيامه مقام العلم في الأثار المترتبة على نفسه، كقيامه مقامه في الأثار المترتبة على مؤداه. والأخذ ب (الكافي والتهذيب) وإن كان أولى عند معارضتهما ب (الفقيه)، لكن الأولى في المقام العكس، لمناسبة ذيل المرسل لرواية الفقيه جدا، دون رواية الكافي والتهذيب، فرجوع الشاك إلى الظان لا يخلو عن قوة. (1) لعدم الدليل. مضافا إلى التقييد بالاتفاق - كما في رواية الفقيه - وإلى ما في ذيل المرسل من قوله (ع): (فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الاعادة والأخذ بالجزم). وعدم إمكان
===============
( 577 )
[ إلا إذا حصل له الظن من الرجوع إلى إحدى الفرقتين (1). (مسألة 8): إذا كان الامام شاكا والمأمومون مختلفين - بأن يكون بعضهم شاكا وبعضهم متيقنا - رجع الامام إلى المتيقن منهم (2)، ورجع الشاك منهم إلى الامام، لكن الاحوط إعادتهم الصلاة، إذا لم يحصل لهم الظن وإن حصل للامام. (مسألة 9): إذا كان كل من الامام والمأمومين شاكا فإن كان شكهم متحدا - كما إذا شك الجميع بين الثلاث والاربع - عمل كل منهما عمل ذلك الشك. وإن اختلف شكه مع شكهم، فإن لم يكن بين الشكين قدر مشترك - كما إذا ] الأخذ بظاهره لا ينافي الاستدلال به على المقام. مع أن المحكي عن بعض نسخ الفقيه: إخلاء لفظ (الأخذ) عن العاطف وإدخاله على لفظ (الاعادة) وحينئذ فلا مانع من الأخذ بظاهره. (1) وحينئذ يكون الظن حجة، لاقولهم. (2) على الأشهر الاظهر، كما في الحدائق. واستشكله: بأن مقتضى المرسلة: المنع من الرجوع، لتحقق الاختلاف. وحكى عن بعض مشايخه: دفعه، بحمل المرسلة على صورة الاختلاف في اليقين، فلا تشمل الفرض لكن لو تم فلا تصلح دليلا على جوازه - بناء على رواية الفقيه - لعدم الاتفاق المأخوذ شرطا في الجواز. اللهم إلا أن يكون المراد منه عدم الاختلاف على النحو المذكور - كما هو الظاهر - وإلا لا متنع غالبا الرجوع لعدم إحراز شرطه غالبا. ثم لو تم رجوع الامام إلى البعض الحافظ، فرجوع البعض الشاك إلى الامام حينئذ غير ظاهر، إذ برجوع الامام إلى حفط بعض المأمومين لا يكون حافظا، كي ينتفي سهو المأموم معه. اللهم إلا أن
===============
( 578 )
[ شك الامام بين الاثنين والثلاث والمأمومون بين الأربع والخمس - يعمل كل منهما على شاكلته (1)، وإن كان بينهما قدر مشترك - كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع - يحتمل رجوعهما إلى ذلك القدر المشترك (2)، لأن كلا منهما ناف (3) للطرف الآخر من شك الآخر، لكن الأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها. وإذا اختلف شك الامام مع المأمومين - وكان المأمومون أيضا مختلفين في الشك - لكن كان بين شك الامام وبعض المأمومين قدر مشترك يحتمل رجوعهما إلى (4) ذلك القدر المشترك، ] يستفاد منه طريقية الحفظ، على نحو ما ذكرنا في رجوع الشاك إلى الظان وعليه فالتفكيك بين المسألتين - كما في المتن - صعب جدا. فلاحظ. (1) لعلم كل منهما بخطأ الآخر، فلا مجال لرجوعه إليه. (2) وعن الميسية والروض والروضة والمسالك وغيرها: الجزم به. وعن المجلسي: إنه المشهور. (3) يعني: إن كلا منهما حافظ في مورد شك الآخر، لأن الشاك بين الثلاث والاربع حافظ لوجود الثلاث شاك في وجود الاربع وعدمها، والشاك بين الاثنتين والثلاث حافظ لعدم الرابعة وشاك في وجود الثالثة وعدمها فيرجع كل منهما في مورد شكه إلى حفظ الآخر. ودعوى: انصراف أدلة المقام عن مثل ذلك ممنوعة. ولا سيما بملاحظة الارتكاز العرفي، فيكون المقام نظير ما لو كان الامام شاكا في الأفعال وحافظا للركعات والمأموم بالعكس، فانه لا ينبغي التأمل في رجوع كل منهما إلى الآخر، بناء على رجوع الشاك في الأفعال إلى الآخر. (4) للوجه المتقدم.
===============
( 579 )
[ ثم رجوع البعض الآخر إلى الامام (1)، لكن الأحوط - مع ذلك - إعادة الصلاة أيضا، بل الأحوط في جميع صور أصل المسألة إعادة الصلاة (2)، إلا إذا حصل الظن من رجوع أحدهما إلى الآخر. السابع: الشك في ركعات النافلة (3)، سواء كانت ركعة (4) - كصلا الوتر - أو ركعتين - كسائر النوافل - ] (1) للوجه المتقدم في المسألة الثامنة، فلو شك الامام بين الثلاث والأربع، وبعض المأمومين بين الاثنتين والثلاث، وبعضهم بين الاثنتين والثلاث والاربع بنى الجميع على الثلاث. (2) لشبهة القول باعتبار حصول الظن. (3) بلا إشكال ولا خلاف. ويدل عليه الصحيح الآتي، بناء على ظهور السهو فيه في الشك، أو ما يعمه. (4) لا طلاق النص والفتوى. وعن المفاتيح: الاجماع عليه. لكن في صحيح العلاء عن أبي عبد الله (ع): (عن الرجل يشك في الفجر. قال (ع): يعيد. قلت: المغرب، قال: نعم، والوتر والجمعة، من غير أن أسأله) (* 1) وقريب منه خبره الآخر (* 2) ونحوه حسن الحسين ابن أبي العلاء (* 3) وفي حديث الاربعمائة: (لا يكون السهو في خمس في الوتر والجمعة.) (* 4) وحملها على الشك في أصل الوجود لا يناسب السياق. كما أن حملها على الاستحباب - كما في الوسائل - غير ظاهر. إلا
____________ (* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 7. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 15. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة ملحق حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 14.
===============
( 580 )
[ أو رباعية - كصلاة الأعرابي - فيتخير - عند الشك - بين البناء على الأقل أو الأكثر (1)، إلا أن يكون الأكثر مفسدا فيبني على الأقل (2)، والأفضل البناء على الأقل مطلقا (3). ولو ] أن يكون من جهة الاجماع. (1) إتفاقا، كما عن صريح المعتبر والتذكرة وظاهر غيرهما. وعن ظاهر الامالي: أنه من دين الامامية. وقد يشهد له صحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): (عن السهو في النافلة، فقال (ع): ليس عليك شئ) (* 1) وظاهره وإن كان تعين البناء على الاكثر لو كان صحيحا - نظير ما تقدم في كثير الشك - الا أنه يجب حمله على التخيير للاجماع المتقدم. أو لأنه مقتضى حمله على الرخصة - بناء على جريان أصالة الاقل - فيكون الترخيص في قبال ذلك، لافي قبال البطلان كما هو - بناء على أنه مقتضى الأصل - على ما تقدم في مبحث الشك في الركعات: من عموم بطلان الثنانية بالشك فيها. أو لأنه مقتضى الجمع بينه وبين المرسل المحكي عن الكافي: (وروي: أنه إذا سها في النافلة بنى على الأقل) (* 2) المنجبر ضعفه بالعمل. والجمع بينهما: بحمل الصحيح على نفي حكم الشك الثابت في الفريضة - وهو البطلان - خلاف الظاهر، وإن كان لا يبعد، بناء على ثبوت نسخة: (سهو) بدل (شئ) لكن أيضا لا مجال لارتكابه بعد ما عرفت. (2) لانه مقتضى عدم الاعتناء بالشك، كما تقدم في كثير الشك. وعن المصابيح: (احتمال البناء على الاكثر ولو كان مبطلا، كما يقتضيه إطلاق الفتوى...) لكنه - مع عدم ثبوت الاطلاق المذكور خلاف ظاهر النص، فلا مجال له. (3) اجماعا، كما عن المعتبر والمصابيح وظاهر الذخيرة. وعن الرياض:
____________ (* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1.
===============
( 581 )
[ عرض وصف النفل للفريضة (1) - كالمعادة والاعادة للاحتياط الاستحبابي، والتبرع بالقضاء عن الغير - لم يلحقها حكم النفل ولو عرض وصف الوجوب للنافلة لم يلحقها حكم الفريضة، بل المدار على الأصل، وأما الشك في أفعال النافلة فحكمه ] لا خلاف فيه. وعن المدارك: لاريب فيه. وعلله فيها: بأنه المتيقن. لكنه كما ترى، لان كون الاقل متيقنا لا يقتضي أفضلية البناء عليه. وأصالة عدم الزيادة لو جرت اقتضت لزوم البناء عليه، وإن لم تجر - كما هو المتسالم عليه - فاحتمال النقيصة كاحتمال الزيادة لا يترجح أحدهما على الآخر فالاولى الاستدلال عليه بالاجماع والمرسل المتقدم. (1) هذا البيان ربما يجري على لسان غير واحد، وأن المدار في الفرض والنفل على الاصل، فمثل: صلاة الطواف، وصلاة العيد، والمعادة، وعبادة الصبي، والمتبرع بها عن الغير، ونحوها يجري عليها حكم الفريضة وان كانت مستحبة، لعدم كونها نفلا في الاصل. ومثل: النوافل الاستئجارية، والمنذورة، والمأمور بها بأمر الوالد والسيد يجري عليها حكم النفل، لكونها كذلك في الاصل وإن وجبت بالعارض. أو أن المدار على العارض فينعكس الحكم. ولكنه لا يخلو من مسامحة، فان صلاتي الطواف والعيد تكونان واجبتين إذا جمعتا شرائط الوجوب، وتكونان مستحبتين إذا فقدتا بعض الشرائط ولا وجه لدعوى: كونهما فريضتين بالاصل وتستحبان بالعارض، إذ ليس هو أولى من العكس. كما أن الصلاة المعادة واجبة بالاصل واواجبة بالعارض ولذا ينوي بها الوجوب، على ما تقد عند جماعة. وعباده الصبي مستحبة بالاصل في قبال عبادة البالغ، ولا وجه لعدها مستحبة بالعارض، بل الاولى عد عبادة البالغ واجبة بالعارض مستحبة بالاصل، لطروء البلوغ بعد الصبا. وأما المتبرع بها عن الغير فقد عرفت في مبحث القضاء: أن
===============
( 582 )
[ حكم الشك في أفعال الفريضة، فإن كان في المحل أتى به (1)، ] المتبرع إنما يأتي بها للامر الوجوبى المتوجه إلى المتبرع عنه، ولا دخل للامر بالتبرع في الامتثال، لان متعلقه حيثية كون الفعل للغير لانفس الفعل فراجع. وأما النوافل الاستئجارية وما بعدها فالامر الوجوبي فيها لم يتعلق بالفعل بعنوان كونه صلاة، بل هو في الاوليين من باب وجوب تسليم كل مال إلى مالكه فان الاجارة توجب ملك المستأجر لعمل المؤجر فيجب تسليمه إليه، والنذر يوجب ملك الله سبحانه للفعل المنذور فيجب تسليمه إليه، فالوجوب إنما هو متعلق بعنوان تسليم ملك الغير إلى مالكه. وفي الاخيرتين من باب وجوب الاطاعة للوالد والسيد، وهذه العناوين أجنبية عن الصلاة، والظاهر من الفرض والنفل الوصفيين ما يجب ويستحب بعنوان كونه صلاة لا بعنوان آخر. وعلى هذا فلا ينبغي التأمل في إجراء الحكم المذكور للنافلة على النوافل الاستئجارية وأخواتها، إذ الاجارة والنذر ونحوهما لا توجب تبدل أحكام موضوعاتها، ولا تصلح لتشريع أحكام جديدة. كما لا ينبغي التأمل في عدم إجرائه على الفرائض المتبرع بها لذلك أيضا. وفي إجرائه على صلاة الطواف والعيد وعبادة الصبي ونحوها وعدمه وجهان، مبنيان على ظهور النافلة في النص والفتوى - في االمعنى الوصفي أو الاسمي - أعني. ما لا يكون فرضا في نوعه - فيكون العنوان المذكور ملحوظا مرآة لتلك الذوات من الصلوات، لا يخلو ثانيهما عن قوة. لا أقل من احتمال ذلك، الموجب لاجمال الصحيح ونحوه، فيجب الاقتصار على المتيقن، والرجوع في غيره إلى عموم: أدلة أحكام الشك الشاملة للفريضة والنافلة، لوجوب الرجوع إلى العام عند اجمال الخاص. (1) كما عن فوائد الشرائع والروض والمدارك، لقاعدة الشك في المحل الشامل دليلها للنافلة، وقصور الصحيح ونحوه عن شمول حكم الشك في الافعال، لقرب احتمال كون المراد من السهو فيه خصوص الشك في الركعات
===============
( 583 )
[ وإن كان بعد الدخول في الغير لم يلتفت (1). ونقصان الركن مبطل لها كالفريضة (2)، ] كما يشهد به ملاحظة كثير من النصوص، كمرسل يونس الوارد في: (لا سهو في سهو) (* 1) وموثق عمار: (ألا أجمع لك السهو كله في كلمتين، متى شككت فخذ بالاكثر) (* 2) وصحيح زرارة الوارد في قدح الشك في العشر ركعات (* 3) وغير ذلك، كما تقدمت الاشارة إلى ذلك في مسألة: (لا سهو في سهو " فلا مجال لرفع اليد به عن عموم القاعدة، وأولوية الفعل من العدد غير ثابتة. وأما دعوى: كون وجوب الفعل مع الشك في المحل ليس من أحكام السهو ليصح نفيه بالصحيح، بل هو لاصالة عدم الاتيان بالفعل - كما في الجواهر وغيرها - فلا تصلح للخدش في الصحيح ونحوه، إذ كونه لاصالة عدم الاتيان بالفعل لا يخرجه عن أحكام السهو - أعني: الشك أو ما يشمله - إذ المراد من أحكام السهو ما كان ثابتا للشك أو لما يشمله، سواء أكان ثبوته بدليل الاستصحاب أم بقاعدة أخرى غيره ولا وجه لدعوى: الاختصاص بالثاني، كما لا يخفى. (1) لعموم قاعدة التجاوز، بلا مخصص. (2) كما عن صريح الموجز وظاهر الدروس والمدارك وفوائد الشرائع ومجمع البرها لقاعدة فوات الكل بفوات جزئه، مع عدم ما يوجب الخروج عنها، عدا الصحيح ونحوه. وقد عرفت الاشكال في عموم السهو المذكور فيه للمقام واستفادة العدم مما دل على عدم قدح زيادة الركن غير ظاهرة. ومجرد مساواتهما في القدح في الفريضة غير كاف في مساواتهما في المقام.
____________ (* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1.
===============
( 584 )
[ بخلاف زيادته (1) فإنها لا توجب البطلان على الأقوى. ] (1) كما عن صريح الموجز وظاهر الدروس، لعدم الدليل على قدحها والاجماع عليه في الفريضة غير ثابت هنا. مضافا إلى خبر الصيقل عن الصادق (ع): (في الرجل يصلي الركعتين من الوتر، ثم يقوم فينسى التشهد حتى يركع، فيذكر وهو راكع. قال (ع): يجلس من ركوعه يتشهد، ثم يقوم فيتم. قال: قلت: أليس قلت في الفريضة إذا ذكره بعد ما ركع مضى في صلاته، ثم سجد سجدتي السهو بعد ما ينصرف يتشهد فيهما؟ قال (ع): ليس النافلة مثل الفريضة) (* 1). وحسن الحلبي: (عن الرجل سها في الركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتى قام فركع في الثالثة، فقال (ع): يدع ركعة ويجلس ويتشهد ويسلم، ثم يستأنف الصلاة بعد) (* 2). اللهم إلا أن يخدش في الأخير: بظهوره في كون الثالثة من صلاة أخرى، فلا تكون زيادة في الأولى، كي يدل على عدم قدح الزيادة الركنية بل وفي الأول: بوجوب حمله على ذلك، بناء على لزوم فصل الشفع عن الوتر بالتسليم. لكن يأباه جدا قوله (ع): 2 ليس النافلة كالفريضة) إذ لو حمل على كون الركعة الثالثة صلاة أخرى لم يكن فرق بين النافلة والفريضة في ذلك. ويبعده أيضا: عدم ذكر التسليم فيه - كما ذكر في حسن الحلبي - فلا بد من طرحه. هذا ولكن قد يقال: إن مستند قدح زيادة الركن ليس منحصرا بالاجماع، بل عرفت سابقا: وفاء النصوص بقدح زيادة الركوع - بل وزيادة السجدتين - فإن تم عدم الفصل بين الاركان كان اللازم الحكم به مطلقا في المقام أيضا. نعم لو تمت دلالة الخبرين المذكورين على جواز
____________ (* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب التشهد حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 4.
===============
( 585 )
[ وعلى هذا فلو نسي فعلا من أفعالها تداركه وإن دخل في ركن بعده (1)، سواء كان المنسي ركنا أو غيره. ] زيادة الركن وجب التعدي عن موردهما بعدم القول بالفصل، فيعارضان عموم ما دل على القدح، فيخصص بهما. وإن لم يتم عدم الفصل وجب التفصيل بين ما ذكر - فتقدح زيادته، إلا في مورد الخبرين - وبين غيره فلا تقدح. وكيف كان فلا يتم إطلاق الحكم بعدم قدح الزيادة. (1) أما إذا زاد ركعة فلا مجال للتدارك، للمنع عن زيادتها في الفريضة، الجاري في النافلة، لاطلاق دليل المنع الشامل للنافلة. ولقاعدة إلحاق النافلة بالفريضة، المعول عليه في سائر المقامات. نعم قد يظهر من صحيح زرارة -: (إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة ركعة فليستقبل صلاته استقبالا) (* 1) - عدم قدح زيادة الركعة في غير المكتوبة. لكن لا يظن التزامهم به، فليحمل على كون موضوع الشرطية الصلاة المكتوبة. أو أن الشرطية مسوقة لبيان المنطوق لا غير - ولو لاجل الاجماع على عدم الأخذ بلاطلاق المفهوم - لعدم الفرق في بطلان الصلاة المكتوبة بين زيادة الركعة وزيادة سائر الاركان، فلا يكون له تعرض للنافلة ثم إنه على تقدير قدح زيادة الركعة لو نسي الفاتحة من الركعة الأولى وذكرها قبل التسليم لم يتدارك. أما بناء على عدم قدحها وجب التدارك. ولو ذكرها بعد التسليم وفعل المنافي لم تبطل صلاته، لحديث: (لا تعاد الصلاة...) ولو بناء على عدم مخرجية التسليم الواقع في غير محله. وكذا لو ذكرها بعد التسليم قبل فعل المنافي، بناء على مخرجية التسليم الواقع في غير محله. أما بناء على عدم مخرجيته وجب التدارك.
____________ (* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب الركوع حديث: 1.
===============
( 586 )
[ (مسألة 10): لا يجب قضاء السجدة المنسية والتشهد المنسي في النافلة (1)، كما لا يجب سجود السهو لموجباته فيها (2). (مسألة 11): إذا شك في النافلة بين الاثنتين والثلاث فبنى على الاثنتين ثم تبين كونها ثلاثا بطلت (3)، ] (1) بل في الجواهر: (ينبغي الجزم بعدم مشروعيته). وعلله بالخبرين السابقين، ثم قال: (وإن كان العمل بهما لا يخلو من نظر، خصوصا مع التعدي لغير موردهما. لكن يستفاد منهما ومن غيرهما سهولة الأمر في النافلة). ولقد أجاد فيما أفاد. وعليه فقاعدة: إلحاق النافلة بالفريضة محكمة، بعد ما عرفت من الاشكال في عموم نفي السهو للمقام. والخبران لو تمت دلالتهما فهما حجة في جواز التدارك في الأثناء، لا في عدم القضاء لو لم يمكن التدارك، كما إذا لزم من بقاء محل تداركه زيادة ركعة، التي قد عرفت أنها مبطلة، فبحديث: (لا تعاد...) يبنى على سقوط جزئية المنسي. نعم لو فرض دلالة الخبرين على جواز تدارك المنسي في الأثناء، بلا لزوم زيادة للبناء على ما أتى به من الاجزاء بلا استئناف لم يكن للقضاء فرض خارجي، إلا إذا ذكر بعد الفراغ، بناء على مخرجية التسليم. (2) كما هو المشهور. وعن صريح الخلاف وظاهر المنتهى: نفي الخلاف فيه، بل الاجماع ظاهر التذكرة أيضا. وهو العمدة - لو تم - وإلا فقد عرفت الاشكال في عموم نفي السهو للمقام، ولا مانع من الوجوب بناء على كونه غيريا، بل وكذا على القول بالوجوب التعبدي، وإن كان بعيدا. وكأنه لذلك - مع الاشكال في ثبوت الاجماع - حكم في الروض بوجوب السجود، على ما حكي. (3) لزيادة الركعة القادحة، بناء على ما عرفت.
===============
( 587 )
[ واستحب إعادتها (1)، بل تجب إذا كانت واجبة بالعرض. (مسألة 12): إذا شك في أصل فعلها بنى على العدم (2)، إلا إذا كانت مؤقتة وخرج وقتها (3). (مسألة 13): الظاهر أن الظن في ركعات النافلة حكمه حكم الشك في التخيير (4) بين البناء على الأقل أو الأكثر، وإن كان الأحوط العمل بالظن ما لم يكن موجبا للبطلان. (مسألة 14): النوافل التي لها كيفية خاصة، أو سورة مخصوصة، أو دعاء مخصوص - كصلاة الغفيلة، وصلاة ليلة الدفن، وصلاة ليلة عيد الفطر - إذا اشتغل بها ونسي تلك الكيفية. فإن أمكن الرجوع والتدارك رجع وتدارك ] (1) هذا الاستحباب عين استحبابها قبل فعلها. (2) لاستصحاب العدم. (3) لقاعدة الشك بعد خروج الوقت، التي لا يفرق فيها بين النافلة والفريضة لصحيح زرارة (* 1). وهو وإن كان المذكور في صدره خصوص الفريضة، إلا أن الظاهر من التعبير بالحائل في ذيله: أن الوجه في عدم الالتفات: جهة الحائل وهي مطردة في النافلة. فتأمل. (4) لدخوله في السهو المنفي، وإن كان لا يخلو من تأمل، لاحتمال ارادة خصوص الشك المتساوي الطرفين الموجب للبطلان. أم للبناء على الاكثر أو نحوهما من الوظائف، لا ما يعم الظن الذي هو حجة، كسائر الطرق الشرعية - من البينة وغيرها - التي لا يعمها نفي السهو في الصحيح قطعا. وحينئذ فما يستفاد منه عموم حجية الظن في الركعات حتى في النافلة
____________ (* 1) الوسائل باب: 60 من ابواب المواقيت حديث: 1.
===============
( 588 )
[ وإن استلزم زيادة الركن، لما عرفت من اغتفارها في النوافل وإن لم يمكن أعادها (1)، لأن الصلاة وإن صحت (2) إلا أنها لا تكون تلك الصلاة المخصوصية. وإن نسي بعض التسبيحات في صلاة جعفر قضاه متى تذكر (3). ] - كصحيح صفوان - (* 1) محكم. (1) لفوات الكل بفوات جزئه. وحديث: (لا تعاد...) لا يجري في أمثال هذه القيود التي لها دخل في بعض الخواص والآثار الزائدة على خاصية أصل الصلاة، وليست قيودا لأصل الصلاة، كما هو ظاهر. (2) هذا إذا كان ناويا لأصل الصلاة، ولو بنحو تعدد المطلوب. أما إذا كان ناويا لخصوص الصلاة المعينة - بنحو وحدة المطلوب - فلا موجب للصحة، لعدم النية المعتبرة في العبادة. نعم لو جرى حديث: (لا تعاد...) كان هو دالا على الصحة. لكن عرفت: أنه لا يجري مع أنه لو جرى اقتضى نفي الاعادة أيضا، فالجمع بين الاعادة وصحة الصلاة مشكل. (3) للمحكي عن الاحتجاج والغيبة من توقيع الحميري (ره) حيث سأله - عليه السلام - عن صلاة جعفر (ع): (إذا سها في التسبيح - في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود - وذكر في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصلاة، هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكره أم يتجاوز في صلاته؟ التوقيع: إذا سها في حالة من ذلك ثم ذكره في حالة أخرى قضى ما فاته في الحالة التي ذكره) (* 2). وفي عمومه لما بعد الصلاة تأمل ظاهر، ففي إطلاق المتن تأمل أيضا.
____________ (* 1) المراد صحيحة الآتي في المسألة: 16. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب صلاة جعفر حديث: 1.
===============
( 589 )
[ (مسألة 15): ما ذكر من أحكام السهو والشك والظن يجري في جميع الصلوات (1) الواجبة أداء وقضاء - من الآيات، والجمعة، والعيدين، وصلاة الطواف - فيجب فيها سجدة السهو لموجباتها، وقضاء السجدة المنسية والتشهد المنسي، وتبطل بنقصان الركن وزيادته لا بغير الركن، والشك في ركعاتها موجب للبطلان، لأنها ثنائية (2). (مسألة 16): قد عرفت سابقا (3): أن الظن المتعلق بالركعات في حكم اليقين، من غير فرق بين الركعتين الأولتين والأخيرتين، ومن غير فرق بين أن يكون موجبا للصحة أو البطلان (4)، كما إذا ظن الخمس في الشك بين الاربع والخمس ] (1) لاطلاق بعض أدلة الاحكام، وإلغاء خصوصية مورد البعض الآخر عرفا، كإلغائها بالاضافة إلى الصلاة اليومية. (2) كما تقدم ذلك في أول فصل الشك. (3) وعرفت وجهه أيضا. (4) في هذا العموم إشكال، لقصور أدلة حجية الظن عن إثباته. أما ما ورد في الموارد الخاصة فظاهر، لعدم كون المقام منها. وأما مثل صحيح صفوان عن أبي الحسن (ع): (إن كنت لا تدري كم صليت، ولم يقع وهمك على شئ فأعد الصلاة) (* 1) فان مقتضى كون المفهوم عدم وجوب الاعادة اختصاصه بالظن بالصحيح. لكن لا يبعد أن يدعى: كون المفهوم وجوب العمل بالوهم الذي قد يقتضي الاعادة وقد لا يقتضيها. هذا ولو تم عدم القول بالفصل بين الظن بالصحيح والظن بالفاسد - كما يقتضيه
____________ (* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1.
===============
( 590 )
[ أو الثلاث والخمس. وأما الظن المتعلق بالافعال ففي كونه كالشك أو كاليقين إشكال (1)، فاللازم مراعاة الاحتياط. وتظهر الثمرة: فيما إذا ظن بالاتيان وهو في المحل، أو ظن بعدم الاتيان بعد الدخول في الغير. وأما الظن بعدم الاتيان وهو في المحل، أو الظن بالاتيان بعد الدخول في الغير فلا يتفاوت الحال في كونه كالشك أو كاليقين، إذ على التقديرين يجب الاتيان به في الاول، ويجب المضي في الثاني. وحينئذ ] إطلاق الفتاوى ومعاقد الاجماعات - أو تمت حجية النبوي -: (إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليبن عليه) (* 1) والآخر: (إذا شك أحدكم في الصلاة فليتحر الصواب) (* 2) - كان الاطلاق واضحا (1) ينشأ: من شهرة القول بذلك شهرة عظيمة، بل عن المحقق الثاني: نفي الخلاف فيه. وعن غيره: عدم وجدانه. ومن أنه لادليل عليه إلا فحوى ما دل على حجيته في الركعات، والنبويان المتقدمان، المنجبران بالشهرة ونفي الخلاف المحكيين. والأولى غير ظاهرة. والنبويان لا ينجبران بمجرد الموافقة للفتوى، بل لابد من الاستناد اليهما في ذلك وهو غير ثابت. وربما يستدل له: بكفاية الظن في حصول الامتثال عقلا، وبأنه المناسب لشرع الصلاة التي هي كثيرة الافعال والتروك، وبما دل على عدم الاعتناء بالشك في الركوع إذا أهوى إلى السجود (* 3) إذ ليس الوجه فيه إلا حصول الظن بالركوع، وبأخبار رجوع الامام والمأموم (* 4) وأخبار حفظ الصلاة بالحصى
____________ (* 1) راجع الذكرى المسألة: 1 من المطلب الثالث في الشك من الركن الثاني في الخلل. (* 2) كنز العمال ج: 4 صفحة: 101 حديث: 2143. (* 3) الوسائل باب: 13 من ابواب الركوع حديث: 6. (* 4) راجع السادس من الشكوك التي لا اعتبار بها من هذا الفصل.
===============
( 591 )
[ فنقول: إن كان المشكوك قراءة أو ذكرا أو دعاء يتحقق الاحتياط (1) بإتيانه بقصد القربة، وإن كان من الافعال ] والخاتم (* 1) ورواية إسحاق بن عمار: (إذا ذهب وهمك إلى التمام إبدأ في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع) (* 2) وفيه: المنع من الاول ولذا اشتهر: أن شغل الذمة اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني. ومجرد المناسبة لا يصلح لاثبات الأحكام الشرعية. وكون الوجه - في عدم الاعتناء بالشك في الركوع حال الهوي - هو الظن غير ظاهر. ولو سلم فلا يدل على الكلية لاختصاصه بصورة التجاوز - نظير أخبار قاعدة التجاوز - بل المورد منها كما عرفت. ومنه يظهر الحال في أخبار رجوع الامام والمأموم، كما تقدم. وتقدم الاشكال أيضا في رجوع أحدهما إلى الآخر في الافعال. وأما أخبار الحفظ بالحصى والخاتم فظاهرها العلم. مع أن منصرف تلك النصوص الركعات لا الافعال. ورواية اسحاق ظاهرة في الظن بعد الفراغ. ولو سلم شمولها للظن بالتمام في الأثناء فلا تشمل الظن بالفعل في المحل، لان الصلاة حينئذ لا تتصف بالنقص على تقدير عدم الفعل، ولا الظن بالعدم ظن بالنقص، كما هو ظاهر. وعلى هذا فالقول بعدم حجية الظن في الافعال والرجوع إلى قاعدتي الشك في المحل وبعد التجاوز متعين. وقد يشعر بالقاعدة الثانية الصحيح: (في الذي يذكر أنه لم يكبر في أول صلاته، فقال (ع): إذا استيقن أنه لم يكبر فليعد، ولكن كيف يستيقن؟) (* 3) فتأمل. (1) يعني: حيث يظن بالاتيان وهو في المحل. وأما إذا ظن بعدم
____________ (* 1) راجع المسألة: 6 من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب حديث: 2.
===============
( 592 )
[ فالاحتياط فيه أن يعمل بالظن ثم يعيد الصلاة: مثلا إذا شك في أنه سجد سجدة واحدة أو اثنتين - وهو جالس لم يدخل في التشهد أو القيام - وظن الاثنتين يبني على ذلك ويتم الصلاة، ثم يحتاط بإعادتها (1). وكذا إذا دخل في القيام أو التشهد وظن أنها واحدة يرجع ويأتي بأخرى ويتم الصلاة ثم يعيدها (2). وهكذا في سائر الافعال. وله أن لا يعمل بالظن (3) بل يجري عليه حكم الشك ويتم الصلاة ثم يعيدها. وأما الظن المتعلق بالشروط ] الاتيان وقد تجاوز المحل فلا مجال للاحتياط، لأن مقتضى الطن الرجوع إلى المحل والتدارك، فتلزم زيادة الجزء الذي به يتحقق التجاوز. (1) لاحتمال النقيصة العمدية، كما هو مقتضى قاعدة الشك في المحل. (2) لاحتمال الزيادة العمدية، كما هو مقتضى قاعدة التجاوز. اللهم إلا أن يقال: إن الجزء المأتي به بعنوان الاحتياط لا يصدق عليه الزيادة على تقدير عدم الحاجة إليه، لتوقف الزيادة على قصد الجزئية وقوله (ع): (لا تقرأ في الفريضة سور العزائم، فان السجود زيادة في المكتوبة) (* 1) جار على خلاف القاعدة، فيقتصر في العمل به على مورده، ولا إطلاق في السجود، لاحتمال إرادة خصوص سجود التلاوة المشار إليه في الصدر فيكون من قبيل الكلام المقرون بما يصلح للقرينية، الموجب لسقوطه عن الحجية. وحينئذ فيمكن الاحتياط بالاتيان بالجزء عند الظن بوجوده أو عدمه بلا لزوم زيادة، ولا نقيصة، وإن كان ظاهر الاصحاب: عدم الجواز. (3) بل يعمل بمقتضى قاعدة الشك في المحل - في الفرض الاول - فيسجد ثانيا، وبمقتضى قاعدة التجاوز - في الفرض الثاني - فيترك السجود ويمضي.
____________ (* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.
===============
( 593 )
[ وتحققها فلا يكون معتبرا (1)، إلا في القبلة والوقت في الجملة (2). نعم لا يبعد اعتبار شهادة العدلين فيها - وكذا في الافعال والركعات - وإن كانت الكلية لا تخلو عن إشكال (3) (مسألة 17): إذا حدث الشك بين الثلاث والاربع قبل السجدتين - أو بينهما، أو في السجدة الثانية - يجوز له تأخير التروي (4) إلى وقت العمل بالشك، وهو ما بعد الرفع من السجدة الثانية. (مسألة 18): يجب تعلم ما يعم به البلوى من أحكام الشك والسهو (5)، ] (1) للأصل، وإن كان مقتضى بعض الادلة المتقدمة هو الاعتبار. لكن عرفت ضعفه. (2) على تفصيل تقدم في مباحثهما. (3) للتشكيك في عموم يدل على الحجية مطلقا، فيلزم الاقتصار على المتيقن من موارد الاجماع أو غيره. لكن تقدم في مباحث المياه: تقريب عموم الحجية من رواية مسعدة بن صدقة. فراجع (* 1). (4) إذ لا يترتب أثر على تقديمه، للعلم بوجوب فعل السجدتين على كل حال، سواء استقر شكه بالتروي، أم انقلب إلى الظن. وحينئذ فيقصر دليل وجوبه عن شمول المورد، لو تم في نفسه. (5) قد تقدم في مباحث التقليد: أن الوجوب المذكور عقلي بمناط وجوب الفحص عن الأحكام الشرعية الواقعية، بل هو من بعض مصاديقه ومرجعه إلى حكم العقل بعدم عذر المكلف لو وقع في مخالفة الواقع جهلا:
____________ (* 1) راجع المسألة: 6 من فصل ماء البرء ج: 1 من هذا الشرح.
===============
( 594 )
[ بل قد يقال ببطلان صلاة من لا يعرفها (1)، لكن الظاهر ] مثلا لو لم يفحص عن حكم الشك بين الأقل والاكثر فابتلى بالشك في صلاته فبنى على الأقل جهلا وأتم الصلاة لم يكن معذورا في حرمة إبطال الفريضة لو كانت صلاته في الواقع مطابقة لاحتمال الأكثر. وليس وجوبه نفسيا، لعدم الدليل عليه، وقصور ما تضمن الأمر به - من الكتاب والسنة - عن إثباته، لظهورها فيما ذكرنا، خلافا لما عن الاردبيلي ومن تبعه لوجوه مضعفة في محلها من الاصول. كما أنه ليس غيريا، لعدم مقدمية التعلم للموافقة، وإنما له دخل في حصول العلم بها، ولا طريقيا، لأن الأمر الطريقي عين الأمر بالوقاع على تقدير المصادفة، وليس هنا كذلك، لظهورأ مباينة العلم للواقع مطلقا، فيمتنع أن يكون الأمر بأحدهما عين الأمر بالآخر، والكلام في ذلك موكول إلى محله في الأصول. وقد أشرنا إليه في مطاوي هذا الشرح. وعلى ما ذكرنا من معنى الوجوب فثبوته على تقدير العلم بالابتلاء ظاهر أما مع الشك فيه فلا يخلو عن إشكال. اللهم إلا أن يكون بناء العقلاء على الاكتفاء - في حسن المؤاخذة على المخالفة بمجرد احتمال الابتلاء، وكون المكلف في معرض الابتلاء - كما هو غير بعيد - ويقتضيه ظاهر الأصحاب حيث بنوا على عدم عذرية الجهل قبل الفحص مطلقا. نعم في صورة الاطمئنان بعدم الابتلاء لا ينبغي التأمل في المعذورية عقلا، لبناء العقلاء عليها. (1) بل لعله المشهور، وظاهر السيد المرتضى وأخيه: دعوى الاجماع عليه. لكنه غير ظاهر الوجه، لما عرفت: من عدم الدليل على اعتبار قصد الوجه تفصيلا، ولا يتوقف عليه التعبد والامتثال. والاجماع المذكور غير صالح للاعتماد عليه.
===============
( 595 )
[ عدم الوجوب إذا كان مطمئنا بعدم عروضها له، كما أن بطلان الصلاة إنما يكون إذا كان متزلزلا بحيث لا يمكنه قصد القربة (1) أو اتفق له الشك أو السهو ولم يعمل بمقتضى ما ورد من حكمه (2). وأما لو بنى على أحد (3) المحتملين أو المحتملات من حكمه وطابق الواقع - مع فرض حصول قصد القربة منه - صح: مثلا إذا شك في فعل شئ - وهو في محله - ولم يعلم حكمه لكن بنى على عدم الاتيان فأتى به، أو بعد التجاوز وبنى على الاتيان ومضى صح (4) عمله، إذا كان بانيا (5) على أن يسأل بعد الفراغ عن حكمه والاعادة إذا خالف، كما أن من كان عارفا بحكمه ونسي في الأثناء - أو اتفق له شك أو سهو نادر الوقوع - يجوز له أن يبني على أحد المحتملات في نظره، بانيا على السؤال والاعادة مع المخالفة لفتوى مجتهده. ] (1) التزلزل لادخل له في المنع عن قصد القربة، ضرورة كون الاحتياط عبادة قطعا. (2) البطلان حينئذ في محله، لعدم مطابقة المأتي به للواقع، ولا دليل على إجزائه. (3) يعني: عمل على أحد... (4) لاجزاء الواقع ضرورة. (5) قد تقدم في مسائل التقليد: الوجه في اعتبار ذلك وضعفه، وأن المدار في صحة المأتي به كونه مطابقا للواقع، صادرا برجاء الواقع. فراجع، والحمد لله رب العالمين كما هو أهله.