[ فصل في الستر والساتر إعلم أن الستر قسمان: ستر يلزم في نفسه، وستر مخصوص بحالة الصلاة. فالاول: يجب ستر العورتين (1) القبل والدبر، عن كل مكلف من الرجل والمرأة، عن كل أحد من ذكر أو أنثى، ولو كان مماثلا محرما أو غير محرم. ويحرم على كل منهما أيضا النظر إلى عورة الآخر. ولا يستثنى من الحكمين إلا الزوج والزوجة والسيد والامة إذا لم تكن مزوجة ولا محللة بل يجب الستر عن الطفل المميز، خصوصا المراهق. كما أنه يحرم النظر إلى عورة المراهق، بل الاحوط ترك النظر إلى عورة المميز. ويجب ستر المرأة تمام بدنها (2) ] إطلاق يشمل المقام، فإطلاق دليل وجوب الاستقبال بالميت محكم. نعم لو تلاشى إنتفى موضوع الاستقبال، كما أنه لو لزم هتكه حرم النبش، لان حرمة الهتك أهم من وجوب الاستقبال به وأعظم. والله سبحانه أعلم. فصل في التسر والساتر (1) تقدم الكلام في وجوب ستر العورتين وحرمة النظر إليهما في أحكام التخلي. فراجع. (2) إجماعا، بل ضرورة من الدين، ويشير إليه قوله تعالى: (وليضربن
===============
( 240 )
بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن..) (* 1)، وقوله تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) (* 2)، وصحيح الفضيل: " عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)؟ فقال (عليه السلام: نعم "، (* 3) وصحيح البزنطي: " لا تغطي المرأة رأسها من الغلام حتى يبلغ الغلام " (* 4). ونحوهما غيرهما مما ورد في هذه الابواب. وما ورد في حرمة النظر إلى الاجنبية (* 5) بناء على الملازمة بين حرمة النظر ووجوب الستر، المفروغ عنها في ظاهر النص والفتوى ولاجل وضوح الحكم في وجوب الستر وحرمة النظر لم يتعرض أكثر النصوص لها إلا عرضا بملاحظة حكم موارد الاستثناء أو توهمه، كالقواعد (* 6)، والمملوك (* 7)، والخصي (* 8)، والاعمى (* 9)، وعند العلاج (* 10)، والصبي والصبية (* 11)، والوجه والكفين (* 12)، ومن يريد تزويجها (* 13)
===============
( 241 )
[ عمن عدا الزوج والمحارم (1)، إلا الوجه والكفين (2) مع عدم التلذذ والريبة ] ونساء أهل تهامة ونحوهن ممن لا ينتهين إذا نهين (* 1)، والمرأة التي تموت ليس معها محرم (* 2)، وغير ذلك من الموارد المتفرقة التي يعثر المتتبع على مقدار وافر منها جدا. فلاحظ. (1) أما إستثناء الاول فواضح. وأما الثاني: فسيأتي الكلام فيه. (2) كما عن الشيخ في النهاية والتبيان والتهذيب والاستبصار، وأختاره جماعة ممن تأخر عنه، ومنهم شيخنا الاعظم (ره) في شرح كتاب النكاح من الارشاد. ويشهد له خبر علي بن جعفر (عليه السلام) المروي في قرب الاسناد: " عن الرجل ما يصلح له أن ينظر من المرأة التي لا تحل له؟ قال (عليه السلام): الوجه والكفان وموضع السوار " (* 3)، وخبر مسعدة بن زياد " سمعت جعفرا (عليه السلام) وسئل عما تظهر المرأة من زينتها قال (عليه السلام): الوجه والكفين " (* 4)، ومرسل مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال (عليه السلام): الوجه والكفان والقدمان " (* 5)، وخبر زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في قول الله عزوجل: (إلا ما ظهر منها). قال (عليه السلام): الزينة الظاهرة الكحل والخاتم " (* 6). ونحوه
===============
( 242 )
خبر أبي بصير (* 1)، إلا أن فيه الخاتم والمسكة وهي القلب (والقلب بالضم السوار). وخبر المفضل بن عمر: " في المرأه تموت في السفر مع رجال ليس فيهم ذو محرم. قال (عليه السلام) ولا يكشف لها شئ من محاسنها التي أمر الله سبحانه بسترها. قلت: فكيف يصنع بها؟ قال (عليه السلام): يغسل بطن كفيها، ثم يغسل وجهها، ثم يغسل ظهر كفيها " (* 2). وفي صحيح داود بن فرقد: " يغسلون كفيها " (* 3). وقريب منه خبر جابر (* 4)، وخبر ابى سعيد " في الرجل يموت مع نسوة ليس فيهن له محرم. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): بل يحل لهن أن يمسسن منه ما كان يحل لهن أن ينظرن منه إليه وهو حي " (* 5) بناء على عدم الفصل بين الرجل والمرأة، المؤيد ذلك كله أو المعتضد بما ورد من نظر سلمان (ره) لكف الزهراء (عليها السلام) دامية (* 6)، ونظر جابر (رض) وجهها أصفر تارة وأحمر أخرى (* 7)، وتعرض جملة من النصوص (* 8) الواردة في باب حكم النظر في جملة من الموارد التي هي مظنة الاستثناء للذراعين والشعر والرأس دون الوجه والكفين مع أنهما أولى بالتعرض، لغلبة الابتلاء، فالسكوت
===============
( 243 )
عنه يوجب الاطمئنان بوضوح حكمه وهو الجواز. ومثلها ما تضمن كشف المرأة وجهها في الاحرام (* 1). وبذلك كله يمكن الخروج عن عموم أدلة التحريم لو تم. كيف لا؟ وقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) مشعر بإختصاص الحكم بالجيوب فلا يعم الوجوه. وقوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن..) مخصص بغير الظاهرة، وإجماله مانع عن العموم. والامر بالغض (* 2) لاعموم في متعلقه، وحذفه لا يقتضيه، إذ حمله على العموم لكل شئ ممتنع، ولا سيما بملاحظة التعبير بقوله تعالى: (من أبصارهم) أو بقوله تعالى: (أبصارهم)، فإن كلمة (من) ظاهرة في التبعيض، والظاهر كونه بلحاظ المتعلق. وتقدير كل شئ من بدن المرأة لا قرينة عليه، بل المناسب جدا بقرينة ما بعده أن يكون متعلقه الفروج. مع أن كون المراد من الغض الغمض غير ظاهر. وما دل على أن المرأة عي وعورة ظاهر (* 3) في كونها عورة ولو كانت متسترة، ولذا أمر بسترهن في البيوت. وعموم غير ما ذكر مما هو ضعيف السند غير مجد. نعم يحتمل في خبر إبن جعفر عليه السلام كون المراد من المرأة التي لا تحل له المحرم لا الاجنبية، إلا أنه لو تم كفى غيره في الاثبات. والاشتمال على السوار والقدمين التي لا قائل بالجواز فيها لا يقدح في حجيتها في غيرها. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن التذكرة وغيرها من المنع، وقواه في الجواهر، لاطلاق آية الغض، ومعلومية كون المرأه عورة. وعن كنز
===============
( 244 )
العرفان: دعوى إطباق الفقهاء عليه. ولسيرة المتدينين على التستر. ولما ورد من أنه ما من أحد إلا يصيب حظا من الزنا فزنا العين النظر (* 1). ولما ورد في مكاتبة الصفار إلى أبي محمد (عليه السلام): " في الشهادة على المرأة هل تجوز أن يشهد عليها من وراء الستر وهو يسمع كلامها إذا شهد عدلان بأنها فلانة بنت فلان أو لا تجوز له الشهادة حتى تبرز من بيتها بعينها؟ فوقع (عليه السلام): تتنقب وتظهر للشهور " (* 2)، ولما ورد من أن النظر سهم من سهام إبليس مسموم (* 3). ولخبر سعد الاسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) المتضمن أن شابا من الانصار أستقبل إمرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها فدخل في زقاق وجعل ينظر خلفها وأعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة رأى الدماء تسيل على صدره وثوبه، فجاء النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بالآية (* 4). ولان الستر أبعد عن الوقوع في الزنا والافتتان ونحوهما. المعلوم من الشارع الاقدس إرادة عدمها، ولذا حرم ما يحتمل من النظر إيصاله إليها. وتقييد المجوز بعدم خوف الفتنة والريبة قاض بعدم الجواز غالبا. ودليله قاض بالاطلاق على وجه لو حمل على الافراد غير الغالبة كان من المؤل الذي لا حجية فيه. وتفسير (ما ظهر منها) بما عرفت كاف في عدم الوثوق به، لاختلافه إختلافا لا يرجى جمعه. مع ضعف السند في جملة منها. ولما ورد من صرف النبي (صلى الله عليه وآله) وجه الفضل بن العباس عن الخثعمية (* 5).
===============
( 245 )
هذا وبالتأمل فيما ذكرنا يظهر لك وجه المناقشة في جميع ما ذكر. إذ إطلاق آية الغض غير معلوم. وكذا كون جميع بدن المرأة عورة بالمعنى الذي هو محل الكلام. والاطباق عليه ممنوع. وسيرة المتدينين أعم من وجوب الستر. وزنا العين النظر مجمل المتعلق. مع أن من القريب إرادة النظر بالتلذذ. ومثله ما ورد من أنه سهم من سهام إبليس لعنه الله. وكذا ما هو مورد خبر سعد الاسكاف. مع أن النظر فيه كان إلى ما يزيد على الوجه. ومكاتبة الصفار غير ظاهرة في وجوب التستر شرعا. فلعله لدفع الحزازة العرفية. مع أن النقاب لا يستر تمام الوجه. فجواز النظر إلى بعض الوجه مع إمكان العلم بها بطريق غير النظر شاهد بالجواز. ويكفي في البعد عن الزنا حرمة النظر مع التلذذ والريبة لا مطلقا. وكونه الغالب ممنوع جدا ولو سلم فحمل دليل الجواز على غيره لا يجعله من المؤل، لوروده من حيث النظر ذاته لا من حيث آخر من تلذذ أو ريبة. وإختلاف الاخبار في بيان الزينة لاجل وروردها مورد بيان التمثيل ولو ببعض الافراد. وضعف السند ممنوع، إذ الاول صحيح كما في المستند، لكن الذي وجدته فيه روايته بتوسط عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر (عليه السلام) (و عبد الله) مهمل لم يذكره إلا بعض المتأخرين. ولم يعرف بقدح ولا مدح غير إعتماد الحميري عليه في رواية كتاب جده، ولعل هذا المقدار كاف في إعتباره في المقام عندهم. والثاني فيه هارون بن مسلم ومسعدة وكلاهما ثقة كما عن النجاشي والخلاصة. والثالث فيه (مروك) الذي قيل فيه: إنه شيخ صدوق. وإرساله ربما لا يهم، لان في سنده أحمد بن محمد بن عيسى الذي أخرج البرقي من (قم) لانه يعتمد الضعفاء ويروي المراسيل. والرابع ليس فيه من يخدش فيه إلا القاسم بن عروة وقد صحح حديثه في المواقيت
===============
( 246 )
المعدود من أدلة الاشتراك. والخامس ليس فيه من يتوقف في روايته إلا سعدان بن مسلم. ورواية كثير من الاجلاء عنه توجب إعتبار حديثه. وخبر المفضل فيه عبد الرحمن بن سالم. إلا أن في السند أحمد بن محمد إبن عيسى الذي عرفت حاله، والبزنطي الذي هو من أصحاب الاجماع وممن قيل في حقه: إنه لا يروي إلا عن ثقة. ولعل الاعتبار بهذا المقدار من الاخبار في المسألة كاف في الحكم عندهم. وصرف النبي (صلى الله عليه وآله) وجه الفضل لكون نظره مما يخاف منه الفتنة، كما يظهر من تعليله (صلى الله عليه وآله) بخوف دخول الشيطان بينهما، فهو من أدلة الجواز لا المنع. وقد يستدل على الجواز أيضا بصحيح علي بن سويد: " قلت لابي الحسن الرضا (عليه السلام): إنى مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها فقال (عليه السلام): يا علي لا بأس إذا عرف الله سبحانه من نيتك الصدق، وإياك والزنا " (* 1) وفيه: أن ظاهر التعبير بالابتلاء هو الاضطرار، وكأن الوجه في السؤال ما يدخله بعد النظر المعبر عنه بوقوله: " فيعجبني.. ". وفي الشرائع وعن العلامة في أكثر كتبه: التفصيل بين النظرة الاولى فيجوز، والثانية فتحرم. وكأنه للجمع بين ما دل على المنع والجواز، وللنبوي: " لا تتبع النظرة بالنظرة فإن الاولى لك والثانية عليك " (* 2) وقريب منه مرسلتا الفقيه (* 3)، وخبر الكاهلي: " النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة) (* 4). وفيه: أنك
===============
( 247 )
[ وأما معهما فيجب الستر (1). ويحرم النظر حتى بالنسبة إلى ] عرفت ما يقتضيه التأمل في الجمع بين أدلتي المنع والجواز. والنظر في النبوي وما بعده مجمل المتعلق. ولا يبعد أن يكون المراد من النظرة الاولى النظرة غير العمدية. وما ذكرناه من تقريب القول بالجواز والمناقشة في دليل المنع وإن كان أكثره مذكورا في كلام شيخنا الاعظم في كتاب النكاح ولاجله إختار القول بالجواز لكن الخروج به عن مرتكزات المتدينين، بل مرتكزات المتشرعة في غير النساء المتبذلات لا يخلو من إشكال. فلاحظ وتأمل. والله سبحانه أعلم. (1) إجماعا محققا إدعاه جماعة كثيرة على ما حكي عن بعضهم. ويشير إليه ما تقدم من خبر سعد الاسكاف، وخبر الكاهلي، وما تضمن صرف النبي (صلى الله عليه وآله) وجه الفضل عن الخثعمية بملاحظة التعليل بخوف أن يدخل الشيطان بينهما، وغيرهما، وفيما عن العلل والعيون: " وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالازواج وإلى غيرهن من النساء لما فيه من تهييج الرجال وما يدعو إليه التهييج من الفساد والدخول فيما لا يحل ولا يجمل وكذلك ما أشبه الشعور إلا الذي.. " (* 1). هذا وفسرت الريبة كما في المسالك بخوف الوقوع في الحرام، وجعل خوف الفتنة عبارة عن ذلك. وحكي عن التذكرة ما أستظهر منه أن الريبة غير خوف الافتتان. وفي كشف اللثام: فسر الريبة بما يخطر بالبال عند النظر. وجعل الفرق بينها وبين خوف الافتتان ظاهرا. والتعليل في خبر الفضل مع الخثعمية كاف في إثبات الجميع، إذ في جميعها يخاف
===============
( 248 )
[ المحارم وبالنسبة إلى الوجه والكفين. والاحوط سترها عن المحارم (1) من السرة إلى الركبة مطلقا، كما أن الاحوط ستر الوجه والكفين عن غير المحارم مطلقا. (مسألة 1): الظاهر وجوب ستر الشعر الموصول بالشعر (2) ] من الشيطان، والعمدة التسالم على التحريم المعتضد بإرتكازات المتشرعة على وجه لا يقبل الشك والارتياب. (1) لما عن التحريم من أنه ليس للمحرم التطلع في العورة والجسد عاريا. وعن ظاهر التنقيح: المنع عنه إلا الثدي حال الارضاع. وعن بعض: المنع في غير المحاسن وهو مواضع الزينة. ودليل الجمع غير ظاهر بعدما دل الكتاب الشريف على جواز إبداء الزينة غير الظاهرة، ورواية السكوني الدالة على جواز النظر إلى شعر الام والاخت والبنت (* 1). والجواز في غير ذلك مقتضى الاصل. مضافا إلى التسالم عليه فيما بينهم. هذا ولا يظهر الوجه في تخصيص الاحتياط بما بين السرة والركبة حيث لا ينقل قول بذلك في المقام. نعم عن بعض: تحديد العورة بذلك مطلقا حتى بالنسبة إلى الرجل، وعن بعض: تحريم نظر المرأة إلى الرجل في خصوص ما بين السرة والركبة، وعليه فالاحوط وجوب ستره مطلقا. هذا ومما سبق يظهر لك وجه الاحتياط الآتي. والله سبحانه أعلم. (2) لا يخلو من إشكال، لان ما ورد من النهي عن النظر إلى الشعر والامر بستره (* 2) ظاهر في الشعر الاصلي فلا يعم الموصول. نعم إذا كان
===============
( 249 )
[ سواء كان من الرجل أو المرأة، وحرمة النظر إليه. وأما القرامل من غير الشعر وكذا الحلي ففي وجوب سترهما وحرمة النظر إليهما مع مستورية البشرة إشكال (1) وإن كان أحوط. (مسألة 2): الظاهر حرمة النظر إلى ما يحرم النظر إليه في المرآة والماء الصافي (2) مع عدم التلذذ. وأما معه فلا إشكال في حرمته. ] من المرأة وكانت أجنبية أمكن القول بحرمة النظر إليه، لاستصحاب حرمة النظر الثابتة قبل الانفصال. لكن في وجوب ستره على المرأة الواصلة له بشعرها إشكال، لاختصاص وجوب الستر بالمرأة ذات الشعر لا غيرها. ووجوبه عليها من باب الامر بالمعروف لا يختص بها، بل يعم كل مكلف كما لا يخفى. لكن في محكي كشف الغطاء: " والزينة المتعلقة بما لا يجب ستره في النظر على الاصح والصلاة من خضاب، أو كحل، أو حمرة، أو سوار، أو حلي، أو شعر خارج وصل بشعرها ولو كان من شعر الرجال وقرامل من صوف، ونحوه يجب ستره عن الناظر دون الصلاة على الاقوى ". وظاهره تحريم إبداء مطلق الزينة حتى الظاهرة ولكنه غير ظاهر. (1) يظهر عدم البأس من النظر إلى القرامل مما سبق في الشعر الموصول وأما الحلي: فقد يقتضي ظهور الآية (* 1) وجوب سترها، لانها من الزينة المحرم إبداؤها. وما يظهر من النصوص (* 2) من تفسيرها بمواضع الزيت لا ينافي ذلك لجواز أن يكون المراد من الزينة ما يعم الذاتية والعرضية، وما ورد من ذكر المواضع غير ظاهر في الحصر فيها بالتأمل. (2) خلافا لما في المستند حيث إستظهر الجواز فيهما، لانصراف النظر
===============
( 250 )
[ (مسألة 3): لا يشترط في الستر الواجب في نفسه ساتر مخصوص، ولا كيفية خاصة (1)، بل المناط مجرد الستر ولو كان باليد وطلي الطين ونحوهما. (وأما الثاني): - أي الستر حال الصلاة فله كيفية خاصة (2). ويشترط فيه ساتر خاص. ويجب مطلقا سواء كان هناك ناظر محترم أو غيره أم لا (3). ] إلى الشائع المتعارف، لعدم العلم بكونه نظرا إلى المرء والمرأة، لجواز كون الرؤية فيهما بالانطباع. وفيه: أنه لو سلم فالظاهر من الادلة عدم الخصوصية لغير الفرض، وأن موضوع الحكم هو الاحساس الخاص، وإلا جاز النظر بالآلة النظارة، ولا يمكن الالتزام به. نعم قد يشكل الحكم في الماء الصافي من جهة عدم تمامية حكايته. فتأمل. (1) لاطلاق الادلة. (2) كما سيأتي إن شاء الله تعالى. (3) إجماعا كما عن المنتهى والتذكرة والذكرى وظاهر المعتبر والتحرير وغيرها. وفي الجواهر: " الاجماع بقسميه منا ومن أكثر العامة على إشتراط الصحة معه ". وقد يستدل له بصحيحه محمد بن مسلم في حديث قال: " قلت لابي جعفر (عليه السلام): الرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال (عليه السلام): إذا كان كثيفا فلا بأس به " (* 1)، وبنصوص العاري (* 2) المشتملة على إبدال الركوع والسجود بألايماء، والقيام في بعض الاحوال بالجلوس، فلولا شرطية التستر لما جاز ذلك عند فقده. وبالنهي عن الصلاة فيما شف أو
===============
( 251 )
وصف (* 1)، وبالامر بغسل الثوب من النجاسة والصلاة فيه مع الامكان وبالصلاة فيه معها مع عدم الامكان (* 2). وبما ورد من أمر المرأة بالتستر وبيان ما تستتر به (* 3). لكن الاول ليس واردا في مقام تشريع شرطية التستر، بل في مقام الاجتزاء بالواحد في مقابل إعتبار التعدد كما يظهر من رواية أبي مريم: " صلى بنا أبو جعفر (عليه السلام) في قميص بلا أزار ولا رداء فقال (عليه السلام): إن قميصي كثيف فهو يجزئ أن لا يكون علي أزار ولا رداء " (* 4) فلا فقال (عليه السلام): إن قميصي كثيف فهو يجزئ أن لا يكون علي أزار ولا رداء " (* 4) فلا يقتضي إطلاق الشرطية حتى مع عدم الناظر. ونصوص العاري مضطربة وسيأتي القول من بعض بجواز الصلاة تامة مع أمن المطلع. والنهي عن الصلاة فيما شف أو وصف مقتضى إطلاقه الشامل لصورة التعدد أن يكون محمولا على الكراهة، كما يشهد به خبر الخصال عن علي (عليه السلام): " عليكم بالصفيق من الثياب فإن من رق ثوبه رق دينه، ولا يقومن أحدكم بين يدي الرب (جل جلاله) وعليه ثوب يشف " (* 5). والامر بغسل النجاسة إرشادي إلى مانعيتها، والامر بالصلاة فيه مع إمكان تطهيره لم يثبت البناء عليه منهم كما تقدم في أحكام النجاسات، فالاستدلال به يتوقف على القول بذلك، ولا يتم بناء على القول بالآخر. والامر للمرأة بالتستر مختص بمورده. فإثبات عموم الحكم لصورتي وجود الناظر وعدمه بالنصوص غير ظاهر. والعمدة فيه الاجماع المحقق.
===============
( 252 )
[ ويتفاوت بالنسبة إلى الرجل والمرأة. أما الرجل: فيجب عليه ستر العورتين أي: القبل من القضيب والبيضتين وحلقة الدبر لا غير (1)، وإن كان الاحوط ستر العجان (2) أي: ما بين حلقة الدبر إلى أصل القضيب، وأحوط من ذلك ستر ما بين السرة والركبة (3). ] (1) هذا هو المتيقن من الادلة إجماعا وغيره. (2) لما عن حاشية الارشاد للكركي: " من أن الاولى إلحاق العجان بذلك في وجوب الستر ". وأصل البراءة يقتضي عدمه بعد عدم الدليل عليه أو على كونه عورة، بل صريح النصوص الآتية خروجه من العورة كما هو كذلك عرفا. (3) لما عن القاضي والتقي من أن العورة من السرة إلى الركبة. وكأنه لما عن الخصال عن علي (عليه السلام): " ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه ويجلس بين قوم " (* 1)، وخبر الحسين بن علوان عن أبي جعفر (عليه السلام): " إذ زوج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها، والعورة ما بين السرة والركبة " (* 2). والاول ضعيف الدلالة، مضافا إلى قصور السند كالثاني. مضافا إلى معارضته بغيره كمرسل أبي يحيى الواسطي: " العورة عورتان القبل والدبر، والدبر مستور بالالتين، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة " (* 3)، وخبر محمد بن حكيم عن الصادق (عليه السلام): " الفخذ ليست من العورة ". ونحوه مرسل الصدوق (* 5)، وفي خبر محمد بن حكيم
===============
( 253 )
[ والواجب ستر لون البشرة (1)، والاحوط ستر الشبح (2) الذي يرى من خلف الثوب من غير تميز للونه، وأما الحجم أي: الشكل فلا يجب ستره. ] الآخر: " إن الركبة ليست من العورة " (* 1) مما هو معول عندهم دونه. (1) إجماعا. (2) لم يتعرض الجماعة لذكر الشبح بخصوصه، وإما تعرضوا لذكر الحجم في مقابل لون البشرة، فعن المعتبر والتذكرة والمهذب البارع وكشف الالتباس والمدارك وغيرها: عدم وجوب ستره. وفي الذكرى: " لو كان الثوب رقيقا يبدو منه الحجم لا اللون فالاكتفاء به أقوى لانه يعد ساترا ". وعن البحار أنه أظهر. وفي جامع المقاصد وفوائد الشرائع وفوائد القواعد: الوجوب، لقاعدة الاحتياط، وتبادره من الستر الواجب، ولمرفوع أحمد إبن حماد إلى أبي عبد الله (عليه السلام): " لا تصل فيما شف أو وصف " (* 2) بناء على ضبطه بواوين كما هو المعروف، مأخوذ من الوصف كما عن الذكرى، ومعنى (وصف) حكى الحجم. وفصل في المستند بين صورة رؤيه الشبح بنفسه كما يرى الشئ من وراء الزجاجة الكثيفة أو من وراء ثوب قريب من العين وإن لم يتميز لونه، وبين عدم رؤيته وإنما يرى الحائل لا غير وإن حكى حجم الشئ، ففي الاول يجب الستر وفي الثاني لا يجب. ومرجعه إلى التفصيل بين الشبح فيجب ستره والحجم فلا يجب. وهو كلام متين. وقاعدة الاحتياط غير جارية في أمثال المقام. وتبادر
===============
( 254 )
[ وأما المرأة: فيجب عليها ستر جميع بدنها (1) ] ستر الحجم من أدلة وجوب الستر ممنوع. ومرفوع أحمد بن حماد مع ضعفه وإمكان حمله على الكراهة كما عرفت لا يقتضي وجوب ستر الحجم، كيف؟! والحجم يرى مع التستر بالجلد الذي لا ريب في كفايته. نعم إذا كان رؤية الشبح ناشئة من حيلولة ذي الشبح بين الناظر والنور المرتسم بالساتر فلا بأس بعدم ستره، إذ لا رؤية له في الحقيقة، وإنما هو يمنع من إرتسام النور المحجوب به. هذا والمصنف (ره) في المقام في وجوب ستر الشبح، وفي باب التخلي جزم بوجوبه، لانه يرجع في الحقيقة إلى ستر اللون. ولا يخلو من تدافع. أللهم إلا أن يقال: لا دليل في المقام يدل على وجوب هذه المرتبة من ستر اللون، إذ هو إما إطلاق معقد الاجماع على وجوب التستر أو ما دل على وجوب كون الثوب كثيفا. والاول لا يجدي بعد تحقق الخلاف منهم في وجوب ستر الشبح. وكذا الثاني، لان الكثافة الغلظ وهو قد لا ينافي حكاية الشبح، فأصالة البراءة عن وجوب ستره محكمة. فأفهم. (1) فعن المنتهى: " بدن المرأة البالغة الحرة عورة بلا خلاف بين كل من يحفظ عنه العلم ". وعن المتعبر والمختلف والتذكرة: " عورة المرأة الحرة جميع بدنها إلا الوجه بإجماع علماء الاسلام ". وكأن عدم إستثناء الوجه في الاول إعتمادا على ما ذكره بعد ذلك من عدم وجوب ستره الدال بالالتزام على أنه ليس بعورة، إذ إحتمال كونه عورة ولا يجب ستره ساقط وإن إستظهره في مفتاح الكرامة، للاتفاق القطعي على وجوب ستر العورة في الصلاة. وكيف كان فلا خلاف ولا إشكال في وجوب ستر بدن المرأة
===============
( 255 )
في الجملة، وتشهد له جملة من النصوص، كصحيح علي بن جعفر (عليه السلام): " أنه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن المرأة ليس لها إلا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال (عليه السلام): تلتف فيها تغطي رأسها وتصلي فإن خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس " (* 1). وقريب منه غيره. وما عن إبن الجنيد من إتحاد الرجل والمرأة في العورة ضعيف جدا لو ثبت. الاشكال في مواضع: (منها): الشعرن فعن القاضي: عدم وجوب سترهن وعن الكفاية التأمل فيه، وعن ألفية الشهيد: ما ظاهره التوقف فيه، وفي المدارك وعن البحار: " ليس في كلام الاكثر تعرض لذكره "، بل في المدارك: " ربما ظهر منها يعني: من عبارات أكثر الاصحاب أنه غير واجب ". وأستدل على وجوب ستره بمصحح الفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام): " صلت فاطمة (عليها السلام) في درع وخمارها على رأسها ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها " (* 2) بناء على ظهوره في تحديد الواجب لا مجرد نفي وجوب الزائد على ما ذكر. فتأمل. وصحيح زرارة: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدنى ما تصلي فيه المرأة. فقال (عليه السلام): درع وملحفة تنشرها على رأسها وتجلل به " (* 3)، ونحوه غيره مما دل على وجوب تغطية الرأس، بناء على شموله للشعر ولو للتبعية، بل ظاهر التجلل في الصحيح ذلك. أللهم إلا أن يكون الامر محمولا على الاستحباب، لعدم
===============
( 256 )
إعتبار تجليل الجسد، والتبعية في أطراف الشعر الطويل النازل عن الرأس ممنوعة. وربما أستدل عليه أيضا بما دل على وجوب الصلاة في الخمار، بناء على ظهور الخمار فيما يستر جميع الشعر. وفيه تأمل ظاهر. وأما خبر عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلي وهي مكشوفة الرأس " (* 1) فهجره مانع عن العمل به. وعدم تقييد المقنعة بالكثيفة في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): " المرأة تصلي في الدرع والمقنعة إذا كان كثيفا (يعني: ستيرا) " (* 2) من جهة أن المتعارف طي المقنعة بحيث تكون ستيرة وإن كانت رقيقة. (ومنها): الرأس فعن إبن الجنيد عدم وجوب ستره. ويشهد له خبر إبن بكير المتقدم، وإطلاق خبره الآخر الذي لم يقيد بالحرة (* 3). لكن الاول قد عرفت أنه مهجور، والثاني يمكن حمله على غير الحرة جمعا. فما دل على لزوم تغطية الرأس والاختمار كاف في وجوب ستره. (ومنها): العنق، فعن الالفية: ما ظاهره التوقف في وجوب ستره لجعله الاولى، ولعله غير مراد منه الخلاف، ففي الذكرى: " أما العنق فلا شك في وجوب ستره من الحرة ". ويشهد له صحيح زرارة الآمر بالتجلل بالملحفة (* 4). فتأمل. وما دل على لزوم الخمار بناء على أن المتعارف في إستعماله ستر العنق كالرأس. ولا ينافيه مصحح الفضيل السابق (* 5) من جهة الاقتصار فيه على الشعر والاذنين. لقرب حمله على إرادة نفي وجوب ستر الوجه، لغلبة ستر العنق بالخمار.
===============
( 257 )
[ حتى الرأس والشعر، إلا الوجه (1)، المقدار الذي يغسل في الوضوء (2)، ] (1) فقد أستثني في معاقد جملة من الاجماعات. وعن المنتهى والروض والتنقيح: الاجماع على عدم وجوب ستره. وفي الذكرى: " أجمع العلماء على عدم وجوب ستر وجهها إلا أبا بكر بن هشام ". ويشهد له مضافا إلى مصحح الفضيل السابق ونحوه مما دل على إكتفاء في الساتر بالدرع والخمار أو المقنعة اللذين لا يستران الوجه بحسب المتعارف موثق سماعة قال: " سألته عن المرأة تصلي متنقبة. قال (عليه السلام): إذا كشفت عن موضع السجود فلا بأس به وإن أسفرت فهو أفضل " (* 1). فما عن الغنية والجمل والعقود من وجوب ستر جميع البدن من غير إستثنائه، وعن الوسيلة من الاقتصار في الاستثناء على موضع السجود. ضعيف، أو غير مراد الظاهر. (2) إذ الظاهر من دليل التحديد في الوضوء هو التحديد للموضوع العرفي، لا لبيان المراد الشرعي ليقتصر فيه على مورده لا غير. وفي الذكرى: " وفي الصدغين وما لم يجب غسله من الوجه نظر لتعارض العرف اللغوي والشرعي ". ومرجعه إلى مخالفة الموضوع العرفي للتحديد الشرعي، وعليه فلا وجه للتعدي عن مورده، لعدم إطلاق دليل التحديد بحيث يشمل المقام. مضافا إلى أن الوجه لم يذكر إلا في معاقد الاجماع، والنصوص خالية عن ذكره، وإنما تضمنت الاكتفاء بستر الشعر والاذنين، أو بما يكون تحت الخمار أو المقنعة إذا أستعملا على النحو المتعارف، وما يستفاد منهما عدم وجوب ستره غير مطابق للوجه الواجب الغسل في الوضوء، فاللازم الرجوع في غير ما قام الاجماع على وجوب ستره إلى أصالة البراءة.
===============
( 258 )
[ وإلا اليدين إلى الزندين (1)، والقدمين إلى الساقين (2) ] (1) فلا يجب سترهما عندنا كما عن المختلف أو عند علمائنا كما عن المعتبر والمنتهى أو إجماعا كما عن التذكرة وجامع المقاصد والروض بل في الذكرى: " إجماع العلماء إلا أحمد وداود ". كفى بهذا دليلا على العدم. أما نصوص الاكتفاء بالدرع والخمار فإثبات العدم بها موقوف على عدم ستر الدرع للكفين وهو غير ثابت، بل في الحدائق: " إن من الجائز كون دروعهن في تلك الازمنة واسعة الاكمام طويلة الذيل كما هو المشاهد الآن في نساء أهل الحجاز بل أكثر بلدان العرب، فإنهم يجعلون القمص واسعة الاكمام مع طول زائد بحيث يجر على الارض، ففي مثله يحصل ستر الكفين والقدمين ". ولو شك كفى في البناء على العدم أصالة البراءة. أما صحيح زرارة المتقدم الآمر بالتجلل فلا يصلح لمعارضة ما دل على الاكتفاء بالدرع في ستر الجسد ولا يقتضي وجوب ستر ما يزيد على ما يستره الدرع، فالامر به إما لستر الرأس والشعر والعنق، أو محمول على الاستحباب. وأصالة وجوب التستر غير ثابتة كما أشرنا إليه آنفا. (2) كما نص عليه جماعة كثيرة على ما حكي عنهم. وفي الذكرى وعن جامع المقاصد والروض وغيرها: أنه المشهور. والعمدة فيه أصل البراءة بعد عدم ما يدل على وجوب سترها. ونصوص الدرع غير صالحة لاثباته، لعدم ثبوت كون المتعارف منه ما يكون ساترا لهما، ولا سيما ما كان مستعملا في البيوت لا عند الخروج. وصحيح زرارة الآمر بالتجلل (* 1) قد عرفت إشكاله كأصالة وجوب الستر. نعم في صحيح إبن جعفر (عليه السلام): " عن المرأة ليس لها إلا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ " قال (عليه السلام): تلتف
===============
( 259 )
[ ظاهرهما وباطنهما (1)، ويجب ستر شئ من أطراف هذه المستثنيات من باب المقدمة (2). ] فيها وتغطي رأسها وتصلي، فإن خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس " (* 1)، ومقتضى مفهوم ذيله وجوب ستر الرجل. وكأنه لذلك تردد في الشرائع. أللهم إلا أن يكون الأعراض موجبا لسقوطه عن الحجية، فيتعين العمل على المشهور. وأما دعوى عدم الفصل بين الكفين والقدمين، فغير ثابتة، ولا سيما بملاحظة دعوى الاجماع من جماعة على العدم في الاولين وعدم دعواه من أحد فيما أعلم عليه في الاخيرين، بل ظاهر نسبة العدم إلى المشهور في الثاني وجود الخلاف فيه. بل في الذكرى: نسبته إلى الشيخ فيه، وإن كان قد نسب الخلاف إليه في الكفين أيضا. لكن في صدر كلامه دعوى إجماع العلماء في الكفين كما تقدم، والتردد من المحقق في العدم فيه دون الكفين شاهد بذلك أيضا. (1) كما نص على ذلك في الدروس: وعن السرائر والتذكرة والتبصرة والارشاد والتلخيص ونهاية الاحكام: إستثناء القدمين. وظاهره العموم للباطن. وفي القواعد، وعن المبسوط والمعتبر وألاصباح والجامع: التخصيص بظهر القدمين. ومقتضى الاصل عموم الحكم، ولا دليل يقتضي التفصيل. نعم لو كان المستند في عدم وجوب الستر الاجماع لا غير كان التخصيص بالاول في محله، لعدم إنعقاده في الثاني كما هو ظاهر. (2) تقدم الكلام فيه في نظائر المقام. (* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب لباس المصلي حديث: 2. أو يحمل على غير القدم، لعدم الاطلاق فيه، لعدم وروده في مقام وجوب ستر الرجل، كما يظهر بالتأمل.
===============
( 260 )
[ (مسألة 4): لا يجب على المرأة (1) حال الصلاة ستر ما في باطن الفم من الاسنان واللسان، ولا ما على الوجه من الزينة كالكحل والحمرة والسواد والحلي ولا الشعر الموصول بشعرها والقرامل وغير ذلك وإن قلنا بوجوب سترها عن الناظر (2) (مسألة 5): إذا كان هناك ناظر ينظر بريبة إلى وجهها أو كفيها أو قديمها يجب عليها سترها، لكن لا من حيث الصلاة، فإن أتمت ولم تسترها لم تبطل الصلاة. وكذا بالنسبة إلى حليها وما على وجهها من الزينة. وكذا بالنسبة إلى الشعر الموصول والقرامل في صورة حرمة النظر إليها. (مسألة 6): يجب على المرأة ستر رقبتها حال الصلاة (3). وكذا تحت ذقنها، حتى المقدار الذي يرى منه عند إختمارها على الاحوط (4). ] (1) للاصل، بل عدم التعرض في النصوص له دليل على عدمه. وما في كشف الغطاء من إحتمال إلحاق ما في باطن الفم من اللسان والاسنان ونحوهما بعورة الصلاة للمرأة في وجه قوي. ضعيف. (2) لعدم الملازمة بين المقامين. وكم من واجب نفسي لا يكون شرطا في الصلاة أو غيرها، وما يظهر من كشف الغطاء من قوله: " ومع كشفها للناظر في غير محل الرخصة عمدا لا يبعد البطلان " غير ظاهر. ومنه يظهر الحال في المسألة الآتية. (3) تقدم الكلام فيه. (4) لاطلاق كلماتهم وجوب الستر ما عدا الوجه والكفين والقدمين المقتضية لوجوب ستر الذقن من دون فرق بين ما يظهر عند الاختمار وعدمه
===============
( 261 )
[ (مسألة 7): الامة كالحرة في جميع ما ذكر (1) من المستثنى والمستثنى منه، لكن لا يجب عليها ستر رأسها (2) ولا شعرها ولا عنقها (3) ] لكن إقامة الدليل عليه لا تخلو من صعوبة كما سبق. (1) لاطلاق أدلة المستثنى والمستثنى منه الشاملة للحرة والامة. فما في محكي المبسوط من وجوب ستر الامة ما عدا رأسها ضعيف، أو غير مراد الظاهر. ولعله في قبال بعض الشافعية وأحمد من أنها بمنزلة الرجل في جواز كشف ما عدا العورة كما أحتمله في الجواهر وعن كشف اللثام. (2) إجماعا محصلا، ومنقولا مستفيضا، عنا وعن غيرنا من علماء الاسلام، عدا الحسن البصري فأوجبه على الامة إذا تزوجت أو أتخذها لنفسه وقد سبقه الاجماع ولحقه. كذا في الجواهر. ويشهد له كثير من النصوص كصحيح إبن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: " قلت له: الامة تغطي رأسها إذا صلت؟ فقال (عليه السلام): ليس على الامة قناع " (* 1) وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث قال: " ليس على الاماء أن يتقنعن في الصلاة " (* 2). ونحوهما غيرهما. (3) كما يقتضيه سقوط التقنع عنها نصا وفتوى، إذ قد عرفت أن إستفاده وجوب سترهما إنما كانت بما دل على وجوب الصلاة بالقناع أو الخمار، ولم يعرف في ذلك خلاف. نعم على الروض: إحتمال عدم دخول الرقبة في الرأس ووجوب سترها. ولكنه ضعيف جدا، ولا سيما بملاحظة ما دل على أنه لا بأس أن تصلي في قميص واحد.
===============
( 262 )
[ من غير فرق بين أقسامها (1) من القنة، والمدبرة، والمكاتبة، والمستولدة. ] (1) كما يقتضيه إطلاق النص والفتوى، بل إستثناء الحسن البصري في الزوجة والسرية كالصريح في عموم الاجماع للجميع، وفي صحيح محمد إبن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): " قال: ليس على الامة قناع في الصلاة ولا على المدبرة قناع في الصلاة، ولا على المكاتبة إذا أشترط عليها مولاها قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى تؤدي جميع مكاتبتها.. (إلى أن قال): وسألته عن الامة إذا ولدت عليها الخمار؟ فقال (عليه السلام): لو كان عليها لكان عليها إذا حاضت وليس عليها التقنع في الصلاة " (* 1). نعم في صحيحه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قلت له: الامة تغطي رأسها؟ فقال (عليه السلام): لا ولا على أم الولد أن تغطي رأسها إذا لم يكن لها ولد " (* 2)، ومفهومه يقتضي إلحاق أم الولد إذا كان لها ولد بالحرة ومعارضته بخبره السابق بالعموم من وجه، المتقضية لترجيح حمله على غير الصلاة على تقييد الخبر به بحمل الخبر على صورة فقد الولد موقوفة على كون المراد من قوله (عليه السلام) في الخبر -: " إذا ولدت " أنها ولدت من مولاها، وهو غير ظاهر، بل قيل: ذيله يشهد بأن المراد مجرد الولادة في مقابل عدمها، لتوهم السائل أن الولادة دخيلة في إجراء أحكام الحرة، لانها من أمارات البلوغ، ولذا أجاب (عليه السلام) بأنه لو كان عليها الخمار إذا ولدت لكان عليها إذا حاضت. فالعمدة في رفع اليد عن ظاهر الصحيح ظهور الاجماع الذي هو كالصريح في عدم الفرق بين أنواع الامة ]
===============
( 263 )
[ وأما المبعضة: فكالحرة (1) مطلقا. ولو أعتقت في أثناء الصلاة وعلمت به ولم يتخلل بين عتقها وستر رأسها زمان صحت صلاتها (2)، بل وإن تخلل زمان إذا بادرت إلى ستر رأسها للباقي من صلاتها بلا فعل مناف (3). ] بل عن الخلاف: الاجماع على أن أم الولد كغيرها. إذ مع ذلك كيف يمكن الاعتماد على الصحيح؟! (1) إتفاقا ظاهرا، لاختصاص الامة في النص والفتوى بغير المبعضة فتبقى هي داخلة تحت إطلاق وجوب التستر على المرأة. وما في بعض النصوص من التقييد بالحرة لا يوجب تقييد غيره بها، كي يرجع في المبعضة إلى الاصل، بل إنما يوجب سقوط إطلاق ذلك النص بالخصوص. هذا مضافا إلى مصحح حمزة بن حمران عن أحدهما (عليه السلام): " قلت: فتغطي رأسها منه حين أعتق نصفها؟ قال (عليه السلام): نعم، وتصلي وهي مخمرة الرأس " (* 2). وقد يظهر أيضا من صحيح إبن مسلم السابق (* 3). فلاحظ. (وتصلي وهي مخمرة الرأس " (* 2). وقد يظهر أيضا من صحيح إبن مسلم السابق (* 3). فلاحظ. (2) بلا إشكال، لوقوعها على وجهها بلا خلل فيها. (3) بلا خلاف يعرف كما أعترف به في الجواهر. نعم في كشف اللثام عن إبن إدريس: البطلان، لكن في محكي السرائر: " إن بلغت الصبية بغير الحيض وجب عليها ستر رأسها وتغطيته مع قدرتها على ذلك. وكذلك حكم الامة إذا أعتقت في أثناء الصلاة ". وهو ظاهر في المشهور.
===============
( 264 )
والعمدة فيه: إما أصالة البراءة عن شرطية التستر في الآن المتخلل إذ الادله اللفظية الدالة عليها إنما تدل على شرطيته للافعال الصلاتية، لا مطلق الاكوان الصلاتية حتى ما يكون بين الافعال، والاجماع وإن قام على قدح التكشف في أثناء الصلاة، إلا أنه لا يشمل المقام، لما عرفت من إنعقاد الشهرة على الصحة فيه. وإما حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1) بناء على شموله لمطلق الخلل وإن كان عن غير سهو ما لم يكن عن عمد وإختيار، وعلى جوإز تطبيقه ولو في أثناء الصلاة، فلا يقدح فوات التستر في الزمان المتخلل بين عتقها وبين وقوعه. وإما صحيح إبن جعفر (عليه السلام) عن أخيه (عليه السلام) قال: " سألته عن الرجل صلى وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه إعادة أو ما حاله؟ قال (عليه السلام): لا إعادة عليه وقد تمت صلاتة " (* 2) بناء على إطلاقه الشامل لصورة الالتفات في الاثناء، الدال بالملازمة العرفية على عدم قدح التكشف من زمان العلم إلى زمان وقوع التستر منه، فيتعدى منه إلى المقام. ويمكن المناقشة في جميع ما ذكر بأن الظاهر من النصوص الناهية عن الصلاة بغير خمار قدح ترك الاختمار حال الصلاه أعني: ما بين المبدأ والمنتهى لا خصوص حال الافعال. فتأمل. وبأن منصرف حديث: " لا تعاد " خصوص الفعل المأتي به بعنوان الامتثال، فلا يشمل صورة ما لو كان الفعل في نظر المكلف ليس مصداقا للمأمور به، فلو علم في أثناء الصلاة إنه مضطر إلى ترك جزء أو شرط لا يجوز له إتمام الصلاة إعتمادا على حديث: " لا تعاد " والملازمة العرفية بين الصحة من حيث فوات التستر حال الجهل به وبينها من حيث فواته من حين العلم به إلى زمان التستر إنما تسلم لو كان
===============
( 265 )
[ وأما إذا تركت سترها حينئذ بطلت (1). وكذا إذا لم تتمكن من الستر إلا بفعل المنافي (2)، ولكن الاحوط الاتمام ثم الاعادة. ] مورد الصحيح خصوص صورة الالتفات في الاثناء، أما لو كان مورده مطلقا فإطلاقه إنما يقتضي الصحة من حيث فوات التستر حال الجهل ولو كان في الاثناء، ولا يقتضي الصحة من حيث فواته حال العلم. (1) لتوفيت التستر عمدا، وهو قادح نصا وفتوى. لكن عن الخلاف: " إذا أعتقت فأتمت صلاتها لم تبطل صلاتها "، ثم نسب التفصيل بين التستر فتصح وتركه فتبطل إلى الشافعي. وظاهره الصحة مطلقا. وهو غير ظاهر، بل مناف لما دل على إعتبار التستر في غير الامة. ولاجله لا مجال لجريان إستصحاب الحكم الاول قبل العتق، لان الدليل المذكور حاكم على الاستصحاب. وفي المدارك: " التستر إنما ثبت وجوبه إذا توجه التكليف قبل الشروع في الصلاة ". وهو كما ترى. (2) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما، إذ حينئذ يدور الامر بين فوات التستر وفعل المنافي، وكلاهما قادح بمقتضي الاطلاق، ولا دليل على الصحة حينئذ. وعن جامع المقاصد والمنتهى: التردد، من ذلك، ومن تساوي المانع الشرعي والعقلي مع إنعقاد الصلاة صحيحة، وعموم: (ولا تبطلوا أعمالكم) (* 1)، وأصالة البراءة. وفيه ما لا يخفى، إذ المراد من المانع العقلي إن كان ما كان في تمام الوقت فلا وجه لالحاق المانع الشرعي به، لكن المفروض إمكان التدارك بلا فعل مناف، وإن كان ما كان في خصصوص تلك الصلاة فالحكم فيه ممنوع، ولو ثبت بدليل فلا وجه للتعدي منه إلى المقام. وعموم: (لا تبطلوا) غير منطبق للانبطال.
===============
( 266 )
[ نعم لو لم تعلم بالعتق حتى فرغت صحت صلاتها على الاقوى (1) بل وكذا لو علمت لكن لم يكن عندها ساتر (2)، أو كان الوقت ضيقا (3). وأما إذا علمت عتقها لكن كانت جاهلة بالحكم وهو وجوب الستر فالاحوط إدعاتها (4). ] وأصالة البراءة لا مجال لها مع الدليل. ومنه يظهر ما عن المبسوط والمعتبر من أنها تستمر على صلاتها وتصح. ولاجل ذلك تعرف وجه الاحتياط الآتي. (1) كما عن المعتبر والمنتهى والبيان وغيرها. وعن شرح الوحيد: أنه لا تأمل فيها. وأستدل له بإمتناع تكليف الغافل. وهو كما ترى لا يقتضى صحة الناقص وإجزاءه. فالاولى الاستدلال له بحديث: " لا تعاد الصلاة " الحاكم على إطلاق دليل وجوب التستر، وبه ترتفع مناقشة الجواهر في الصحة بأنها خلاف الاخذ بالاطلاق. (2) بأن كان يشرع لها الصلاة إبتداء، فإنها تستمر على صلاتها بإجماع علماء الاعصار كما في المنتهى. أما لو كان الساتر مفقودا في ذلك الآن لا غير أشكل الحال بناء على عدم جواز البدار لذوي الاعذار. (3) فعن التذكرة والتحرير ونهاية الاحكام: الاستمرار، لسقوط الشرطية مع الضيق. وأختاره في كشف اللثام لسقوط الستر مع ضيق الوقت. (4) لما يظهر من محكي التذكرة والمنتهى من المفروغية عن البطلان حينئذ، فإنهم ذكروه من دون ذكر خلاف فيه، وتوقف المصنف لذلك ولدخوله في حديث: " لا تعاد " الذي لا مانع من شموله للجاهل بالحكم. والاجماع على عدم معذوريته إذا كان على تقصير ممنوع الشمول لما نحن فيه، والمتيقن منه حيثية العقاب لا غير. وسيأتي في مبحث الخلل إن شاء الله ما له نفع في المقام.
===============
( 267 )
[ (مسألة 8): الصبية غير البالغة حكمها حكم الامة في عدم وجوب ستر رأسها ورقبتها (1) بناء على المختار من صحة صلاتها وشرعيتها (2). ] (1) إجماعا محققا. وتشير إليه مصححة يونس بن يعقوب: " أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلي في ثوب واحد؟ قال (عليه السلام): نعم. قلت: فالمرأة؟ قال (عليه السلام): لا، ولا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار " (* 1)، وخبر أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليه السلام): " إذا حاضت الجارية فلا تصلي إلا بخمار " (* 2)، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وعلى الجارية إذا حاضت الصيام والخمار " (* 3) بناء على إرادة شرطيته للصلاة بقرينة تخصيص الخمار بالذكر كما أن الاستدلال بها جميعا يتوقف على إرادة البلوغ من الحيض، كما يشير إليه تعليق وجوب الصيام عليه في الخبر الثاني، وبذلك كله يخرج عن عموم شرطية التستر. وإنكار العموم من جهة أن أدلة الشرطية موضوعها المرأة غير الصادقة على الصبية ليس على ما ينبغي، إذ يكفي في عموم الحكم للصبية قاعدة الالحاق التي يعول عليها في أمثال المقام. ومثله في الضعف الاستدلال على الحكم المذكور بحديث: " رفع القلم عن الصبي " (* 4). ووجه الضعف ظهور الحديث في رفع الالزام، لا رفع الشرطية والجزئية للعبادة المشروعة ولو ندبا. فتأمل. (2) إلحاق الصبية بالامة لا يتوقف على شرعية عبادة الصبي، بل
===============
( 268 )
[ وإذا بلغت في أثناء الصلاة فحالها حال الامة المعتقة في الاثناء (1) في وجوب المبادرة إلى الستر، والبطلان مع عدمها إذا كانت عالمة بالبلوغ. (مسألة 9): لا فرق في وجوب الستر وشرطيته بين أنواع الصلوات (2) الواجبة والمستحبة. ويجب أيضا في توابع الصلاة من قضاء الاجزاء المنسية (3)، بل سجدتي السهو على الاحوط (4). نعم لا يجب في صلاة الجنازة (5) وإن كان هو الاحوط فيها أيضا. وكذا لا يجب في سجدة التلاوة وسجدة الشكر. (مسألة 10): يشترط ستر العورة في الطواف أيضا (6) ] يتم ولو بناء على كونها تمرينية، لاطلاق النص والفتوى. هذا وقد تقدمت الاشارة إلى وجه كونها شرعية لا تمرينية مرارا. (1) لاتحاد الادلة بأنواعها في البابين. فراجع. (2) بلا خلاف ظاهر، بل حكي عليه الاجماع، ويقتضيه إطلاق الادلة. (3) لاعتبار المطابقة بين القضاء والمقضي في جميع الخصوصيات، فإذا كان التستر شرطا في سجود الصلاة كان شرطا في قضائه. (4) يأتي في الخلل إن شاء الله الاشارة إلى وجهه، وقد سبق مكررا أيضا في القبلة وغيرها. (5) لعدم ثبوت شمول الادلة لها، والاصل يقتضي البراءة فيها، كما يقتضيها أيضا في سجدة التلاوة، كما يقتضيها الاطلاق فيها وفي سجدة الشكر. (6) كما عن جماعة، للنبوي: " لا يطوف بالبيت عريان"
===============
( 269 )
[ (مسألة 11): إذا بدت العورة كلا أو بعضا لريح أو غفلة لم تبطل الصلاة (1)، لكن إن علم به في أثناء الصلاة وجبت المبادرة إلى سترها وصحت (2) أيضا، وإن كان الاحوط الاعادة بعد الاتمام، خصوصا إذا إحتاج سترها إلى زمان معتد به. ] وعن المختلف: " للمانع أن يمنعه، والرواية بالاشتراط غير مسندة من طرقنا ". لكن عن كشف اللثام: " إن الخبر يقرب من التواتر من طريقنا وطريق العامة ". وفي الجواهر: " قد تمنع دلالة ذلك على إعتبار الستر فيه للرجل والمرأة على حسب إعتباره في الصلاة، ضرورة أعمية النهي عن العراء منه.. أللهم إلا أن يقال: إن المراد من العراء ستر العورة للاجماع في الظاهر على صحة طواف الرجل عاريا مع ستر العورة ". وتمام الكلام فيه موكول إلى محله. (1) يعني: مع الجهل إلى الفراغ أو إلى حصول التستر له من باب الاتفاق، والظاهر أنه لا إشكال فيه ولا خلاف، إلا ما يحكى عن إبن الجنيد (ره) حيث قال: " لو صلى وعورتاه مكشوفتان غير عامد أعاد في الوقت فقط ". ويدل عليه صحيح إبن جعفر (عليه السلام): " عن الرجل صلى وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه إعادة؟ أو ما حاله؟ قال (عليه السلام): لا إعادة عليه وقد تمت صلاته " (* 1). (2) أما وجوب المبادرة: فالظاهر أنه من القطعيات، وإن كانت إستفادته من الادلة موقوفة على شرطية التستر في جميع الاكوان الصلاتية، التي لا يخلو إثباتها بالادلة اللفظية من تأمل كما أشرنا إليه فيما لو أعتقت
===============
( 270 )
[ (مسألة 12): إذا نسي ستر العورة إبتداء أو بعد التكشف في الاثناء فالاقوى صحة الصلاة (1)، وإن كان الاحوط الاعادة. وكذا لو تركه ] الامة في أثناء الصلاة وإن كان غير بعيد. وأما صحة الصلاة حينئذ: فالظاهر أنه المشهور. وفي الجواهر نفي وجدان مخالف صريح فيه. نعم ظاهر التحرير: إحتمال البطلان، لاطلاق صحيح إبن جعفر (عليه السلام) السابق لكن عرفت الاشارة إلى أن الصحيح وإن كان شاملا لصورة الالتفات في الاثناء إلا أنه غير متعرض إلا لحكم التكشف حال الجهل، فلا يمكن إستفادة حكمه من حال الالتفات إلى زمان التستر، والملازمة العرفية بين الحكمين إنما تسلم لو كان واردا في خصوص الالتفات في الاثناء، لا ما لو كان شاملا لها بإطلاقه. كما عرفت أيضا الاشكال في التمسك بحديث: " لا تعاد الصلاة ". فلا بد في البناء على الصحة من عدم ثبوت إطلاق لفظي لادلة وجوب التستر، كي يكون المرجع عند الشك أصالة البراءة من الشرطية. وقد عرفت المناقشة في ثبوت الاطلاق المذكور في صدر المبحث. نعم في النصوص ما يدل بإطلاقه على وجوب الاختمار ولم يثبت في غيره. فلاحظ. (1) كما عن المدارك والرياض وشرح الوحيد. وعن الشهيد وغيره: البطلان. وعن ظاهر التذكرة والمنتهى والمحكي عن المعتبر: الاجماع عليه ظهورا كالصريح. وكذا في الجواهر. ولم يتضح وجهه بعد عموم حديث: " لا تعاد الصلاة ". ومن الغريب عدم التعرض للاستدلال على الصحة به والاستدلال عليها بصحيح إبن جعفر (عليه السلام) المتقدم، إما بدعوى شموله للناسي، أو بتنقيح المناط المشترك بينه وبين مورده، مع وضوح منع الوجهين
===============
( 271 )
[ من أول الصلاة أو في الاثناء غفلة (1). والجاهل بالحكم كالعامد على الاحوط (2). (مسألة 13): يجب الستر من جميع الجوانب بحيث لو كان هناك ناظر لم يرها، إلا من جهة التحت فلا يجب (3). نعم إذا كان واقفا على طرف سطح أو على شباك بحيث ترى عورته لو كان هناك ناظر فالاوقي والاحوط وجوب الستر من تحت أيضا (4)، بخلاف ما إذا كان واقفا على طرف بئر ] جميعا أو خفائهما. وأضعف من القول بالبطلان ما يظهر من عبارة إبن الجنيد المتقدمة من التفصيل بين الوقت وخارجه. (1) لكونه حينئذ من الجاهل الذي هو مورد صحيح إبن جعفر (عليه السلام)، ومشمول لحديث: " لا تعاد الصلاة ". أيضا. (2) كما هو المشهور بناء منهم على عدم عموم حديث: " لا تعاد " له. فتشمله أدلة الشرطية. وقد ذكرنا في مبحث الخلل ما يمكن إقتضاؤه لمنع الشمول له. فراجع. (3) إجماعا أو ضرورة، ويقتضيه ما دل على الاكتفاء بالدرع والقميص اللذين لا يستران العورة من جهة التحت، وخلو النصوص عن الامر بلبس السراويل أو الاستثفار ونحوه. (4) فإن مقتضى الجمود على ما تحت عبارة النصوص وإن كان عدم الوجوب، لخلوها عن التعرض لذلك، إلا أن مناسبة الحكم والموضوع تساعد على أن موضوع الشرطية أن لا يكون المكلف على حالة ذميما مهتوكا ستره وحجابه، ومقتضى ذلك أنه لا فرق في أعتبار الستر بين الجهات، والاكتفاء في النصوص بالقميص إنما هو لكون الصلاة على الارض غالبا الذي لا يكون
===============
( 272 )
[ والفرق من حيث عدم تعارف وجود الناظر في البئر فيصدق الستر عرفا، وأما الواقف على طرف السطح لا يصدق عليه الستر إذا كان بحيث يرى، فلو لم يستر من جهة التحت بطلت صلاته وإن لم يكن هناك ناظر. فالمدار على الصدق العرفي، ومقتضاه ما ذكرنا. ] معه المصلي في معرض النظر من تحت، فلو كان في معرض النظر كالامام والخلف بأن وقف على مخرم أو على طرف سطح فلا بد من التستر من تحت بالسراويل أو الاستثفار مثلا، وإلا بطلت الصلاة، كما عن غير واحد منهم العلامة في التذكرة والنهاية، والوحيد في حاشية المدارك. فما في الذكرى من التردد في الحكم فيما لو وقف على طرف سطح، والجزم بالصحة فيما لو قام على مخرم، غير ظاهر. والمراد من كونه في معرض النظر صلاحيته لان ينظر إليه بلحاظ خصوصية المكان وإن علم بعدم وجود الناظر أو إمتناع النظر عقلا، فلا تجوز الصلاة بلا ساتر لمن كان في سجن قد بنيت أبوابه بحيث يمتنع عقلا دخول الناظر فيه، فالمدار في صدق التستر الواجب عرفا كونه غير مكشوف في مكان من شأنه أن يكون فيه ناظر وإن إمتنع وجوده فيه من جهة أنه لا باب له، ولا فرق بين التحت وغيره من الجهات. وبذلك يظهر الفرق بين طرف السطح وشفير البئر، فإن خصوصية البئر مانعة من وجود الناظر. نعم إذا كانت البئر قريبة القعر ومن شأنها أن يكون فيها ناظر كان شفيرها كطرف السطح. لكن يشكل ذلك بأن مقتضاه جواز الصلاة عاريا في الحفيرة التي يساوي فراغها بدن المصلي، وجواز الصلاة عاريا في المكان إذا كان فيه
===============
( 273 )
[ (مسألة 14): هل يجب الستر على نفسه بمعنى أن يكون بحيث لا يرى نفسه أيضا. أم المدار على الغير؟ قولان الاحوط الاول، وإن كان الثاني لا يخلو عن قوة (1)، فلو صلى في ثوب واسع الجيب بحيث يرى عورة نفسه عند الركوع لم تبطل على ما ذكرنا، والاحوط البطلان. هذا إذا لم يكن بحيث قد يراها غيره أيضا. وإلا فلا إشكال في البطلان. (مسألة 15): هل اللازم أن يكون ساتريته في جميع الاحوال حاصلا من أول الصلاة إلى آخرها. أو يكفي الستر بالنسبة إلى كل حالة عند تحققها؟ مثلا إذا كان ثوبه مما يستر حال القيام لا حال الركوع فهل تبطل الصلاة فيه وإن كان في حال الركوع يجعله على وجه يكون ساترا، أو يتستر عنده بساتر آخر، أو لا تبطل؟ وجهان، أقواهما الثاني (2)، وأحوطهما الاول. وعلى ما ذكرنا فلو كان ثوبه مخرقا بحيث تنكشف عورته في بعض الاحوال لم يضر إذا سد ذلك الخرق ] جدار وكان المصلي متصلا بالجدار حال القيام ومكشوف القبل، وهكذا، وذلك كله مما لا يمكن الالتزام به. ولعل ذلك يقوي ما تقدم عن الذكرى من صحة الصلاة على المخرم. وينبغي إلحاق طرف السطح به. فلاحظ. (1) لعدم الدليل على إعتبار التستر بلحاظ نفسه، ومنصرف النص والفتوى التستر بلحاظ الغير. (2) لصدق الصلاة متسترا في جميع الاحوال، وعدم التستر على تقدير مفقود لا دليل على قدحه.
===============
( 274 )
[ في تلك الحال بجمعه أو بنحو آخر ولو بيده على إشكال في الستر بها (1). (مسألة 16): الستر الواجب في نفسه من حيث حرمة النظر يحصل بكل ما يمنع عن النظر (2)، ولو كان بيده، أو يد زوجته، أو أمته. كما أنه يكفي ستر الدبر بالاليتين (3) وأما الستر الصلاتي: فلا يكفي فيه ذلك (4) ولو حال الاضطرار بل لا يجزئ الستر بالطلي بالطين أيضا حال الاختيار. نعم يجزئ حال الاضطرار على الاقوى وإن كان الاحوط خلافه وأما الستر بالورق والحشيش: فالاقوى جوازه حتى حال الاختيار، لكن الاحوط الاقتصار على حال الاضطرار. وكذا يجزئ مثل القطن والصوف غير المنسوجين، وإن كان الاولى المنسوج منهما أو من غيرهما مما يكون من الالبسة المتعارفة. ] (1) ينشأ من ظهور النص والفتوى في إعتبار التستر بما هو خارج عن المصلي. ومن أن المتيقن إعتبار التستر بالخارج في الجملة، أما وجوب إستقلاله في الستر به فمما لا دليل عليه، والاصل البراءة. وأستقرب في محكي الذكرى البطلان. وظاهر محكي نهاية الاحكام: الصحة. وهو الاقوى. ولذا لا يظن الاشكال من أحد في الاكتفاء بوضع خرقة فوق القبل إذا كان مستورا من الجانبين بالفخذين، ولا يتوقف حصول التستر الواجب على لفه بالخرقة. (2) هذا مما لا إشكال فيه بأقل تأمل في أدلته. (3) كما في النص. (4) بلا خلاف ولا إشكال، لما يظهر من النصوص من إعتبار
===============
( 275 )
التستر بشئ من ثوب أو نحوه. وقد أختلفت كلماتهم في تعيينه أختيارا وأضطرارا، ففي محكي المبسوط: " إن لم يجد ثوبا يستر العورة ووجد جلدا طاهرا أو قرطاسا أو شيئا يمكنه أن يستر به عورته وجب عليه ذلك، فإن وجد طينا وجب أن يطين به عورته ". ونحوه ما عن السرائر والمنتهى والتحرير والنهاية والبيان. وظاهرها كما عن المحقق الثاني وجماعة الاعتراف به أنه لا يجوز التستر بالحشيش والطين إلا عند الضرورة وفقد الثوب. لكن عن البحار: " ذهب الاكثر ومنهم الشيخ والفاضلان والشهيد في البيان إلى أنه مخير بين الثوب والروق والطين "، فأستظهر من العبارات المذكورة التخيير وعدم الترتيب. وتبعه عليه في مفتاح الكرامة والجواهر، بقرينة ذكر الجلد والخرق في جملة منها. وعن الدروس وغاية المرام وحاشية الارشاد وحاشية الميسي والروض والمسالك: التصريح بأنه لا يجوز التستر بالحشيش والورق إلا عند تعذر الثوب، وأنه إذا تعذر الحشيش تعين الطين. ونحوه ما عن المدارك إلا أنه ذكر أنه إذا تعذر الحشيش إنتقل إلى الايماء، فلم يجعل الطين ساترا صلاتيا في جميع المراتب. وعن المهذب البارع والموجز: أن الحفيرة مقدمة على الماء الكدر، جميع المراتب. وعن المهذب البارع والموجز: أن الحفيرة مقدمة على الماء الكدر، وهو مقدم على الطين وعن المسالك وغيرها: تقدم الماء الكدر على الحفيرة. وعن جامع المقاصد: أحتمال التخيير، وأحتمال تقدم كل على الآخر. وفي غيرها غير ذلك. وملخص ما ينبغي أن يقال في المقام: إن نصوص إعتبار الساتر المشتملة على الثوب والقميص والدرع والملحفة والقناع والخمار ونحوها مما لا مجال لان يستفاد منها جواز التستر بمثل الحشيش والورق أختيارا، بل لا يستفاد منها كونهما ساترا صلاتيا ولو في بعض الاحوال، لخروجهما عن العناوين المذكورة فيها، والتعدي منها إليهما محتاج إلى قرينة مفقودة. كما لا يستفاد منها عدم
===============
( 276 )
الجواز أيضا، لعدم ظهورها في التقييد بغيرهما، لقرب إحتمال كون العناوين المذكورة فيها مثالا لمطلق الساتر، فلا تصلح دليلا لنفي ساتريتهما. ومثلها صحيح إبن جعفر (عليه السلام): " عن رجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا وحضرت الصلاة كيف يصلي؟ قال (عليه السلام): إن أصاب حشيشا يستر به عورته أتم صلاته بالركوع والسجود، وإن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ وهو قائم " (* 1)، فإن فقد الثوب ونحوه فيه لم يؤخذ قيدا لجواز التستر بالحشيش في كلام الامام (عليه السلام)، وإنما ذكر في مفروض السؤال، وذلك إنما يقتضي الاجمال. وحينئذ فالمرجع في جواز التستر بالحشيش والورق الاصل ولاجل أن الظاهر أن منشأ الشك هو الشك في إعتبار هيئة مخصوصة للساتر منهما، لا الشك في جواز التستر بمادتهما إذ لا يظن الاشكال من أحد في جواز التستر بالثوب المصنوع من الحشيش أو الورق كالمنسوج من سعف النخل ونحوه يكون المقام من الشك في الشرطية الذي يكون المرجع فيه أصل البراءة، ومقتضاه جواز التستر بهما أختيارا، لا من الشك في التعيين والتخيير ليكون المرجع فيه أصالة الاحتياط، بناء على ما هو المشهور من أنها المرجع فيه. وأما الطين والوحل ونحوهما: فلا دليل على كونهما ساترا صلاتيا فضلا عن كونهما ساترا في حال الاختيار. ولاجل أن الشك هنا في تعيين ما عداهما من أنواع الساتر يكون المقام من الشك في التعيين والتخيير، لا في أعتبار خصوصية فيهما ليكون من الشك في الشرطية كما في الحشيش والورق فالمرجع فيه أصالة الاحتياط لا أصالة البراءة، فلا يجوز التستر بهما في حال الاختيار. وأما في حال الاضطرار فمقتضى أصالة البراءة عدم وجوب التستر
===============
( 277 )
بهما لاجل الصلاة. نعم لما كان التستر بهما موجبا للامن من المطلع الموجب لصلاة قائما مومئا أو راكعا وساجدا، فلا بأس بدعوى وجوبه مقدمة لقيام الواجب وحده، أو مع الركوع والسجود. وهو واضح بناء على وجوب إتمام الركوع والسجود على العاري إذا أمن المطلع، أما بناء على أنه يومئ لهما وإن أمن المطلع، فقد يقال بوجوب الجمع عليه، للعلم الاجمالي وجوب أحد الامرين من إتمامهما والايماء لهما، إذ على تقدير كونهما ساترا صلاتيا يتعين الاول، وعلى تقدير عدمه يتعين الثاني، وحيث لا دليل على أحد الامرين يجب الجمع بينهما. ولا فرق بين أمن المطلع من جهة التستر بهما، وأمنه من غير جهته، كما إذا كان في بيت وحده. نعم على الاول يعلم بوجوب التستر بهما تفصيلا، وإما لانه ستر صلاتي، أو لانه مقدمة للقيام وفي الثاني، لا يعلم بذلك، بل يتردد بين لزوم التستر بهما وإتمام الصلاة، وبين الصلاة مومئا ولو بدون تستر بهما. لكن فرض إمكان إتمام الصلاة في الوحل ونحوه بعيد جدا، بل من جهة ذكر الركوع والسجود ممتنع. هذا وقد يدعى أنحلال العلم الاجمالي بأن الايماء في صلاة العاري على تقدير القول به يمكن أثباته بأثبات موضوعه، سواء أكان موضوعه عدم وجود الساتر الشرعي أم عدم ساترية الموجود شرعا، فإن كلا من العدمين مما يمكن إثباته بالاصل، فإذا ثبت وجوب الايماء أنحل العلم الاجمالي على ما تقرر في محله من أنه إذا ثبت التكليف في أحد أطراف العلم الاجمالي يسقط العلم الاجمالي عن المنجزية، فيرجع في الطرف الآخر إلى أصالة البراءة، فلا يجب التستر به، ولا إتمام الركوع والسجود. (وفيه): أن حكم العاري ليس موضوعه عدم ساترية الموجود، بل موضوعه عدم وجوده، وأصالة عدم وجوده لا تجري لانها من قبيل الاصل الجاري في