فصل في الآذان والاقامة لا إشكال في تأكد رجحانهما في الفرائض اليومية (1) أداء وقضاء، جماعة وفرادى، حضرا وسفرا. للرجال والنساء وذهب بعض العلماء إلى وجوبهما (2)، ] فصل في الآذان والاقامة (1) قال في المدارك: " أجمع العلماء كافة على مشروعية الاذان والاقامة للصلوات الخمس ". وقال في الحدائق: " لا ريب ولا إشكال في رجحان الآذان والاقامة في الصلوات الخمس المفروضة أداء وقضاء، لجملة المصلين ذكورا وإناثا، فرادى وجماعة ". وقال في المستند: " لا ريب في مشروعيتهما ومطلوبيتهما لكل من الفرائض الخمس اليومية ومنها الجمعة إلا فيما يأتي الكلام فيه، للرجال والنساء، فرادى وجماعة، أداء وقضاء، حضرا وسفرا، بل هي إجماع من المسلمين، بل ضروري الدين ". ويظهر ذلك كله من كلماتهم هنا في مقام نقل الاقوال في المسألة. فراجع. وإطلاق النصوص الآتية كاف فيه. فانتظر. (2) المحكي عن المشهور كما عن جماعة كثيرة -: إستحباب الاذان
===============
( 526 )
[ وخصه بعضهم بصلاة المغرب والصبح، وبعضهم بصلاة الجماعة وجعلهما شرطا في صحتها، وبعضهم جعلهما شرطا في حصول ثواب الجماعة. والاقوى إستحباب الاذان مطلقا (1) ] والاقامة مطلقا. وعن الجمل وشرحه والمقنعة والنهاية والمبسوط والوسيلة والمهذب وكتاب أحكام النساء للمفيد (ره): أنهما واجبان على الرجال في الجماعة. وعن القاضي: نسبته إلى الاكثر. وعن الغنية والكافي والاصباح: إطلاق وجوبهما في الجماعة من دون تقييد بكونه على الرجال. وعن الشيخ (ره) ما نصه: " متى صليت جماعة بغير أذان ولا إقامة لم تحصل فضيلة الجماعة والصلاة ماضية ". وعن جمل السيد وإبن أبي عقيل وإبن الجنيد: وجوب الاقامة في الصلوات مطلقا. أما الاذان: فعن الاولين: إختصاص وجوبه بالصبح والمغرب. وعن الاخير: ذلك أيضا على الرجال خاصة. هذا ما عثرت عليه من الاقوال. وأما القول بوجوبهما مطلقا كما يظهر من المتن - فغير ظاهر، ولعل مراده الوجوب في الجملة وما بعده تفصيل له. نعم قال في المختلف: " القول بإستحباب الاذان في كل المواطن ووجوب الاقامة في بعضها خارق للاجماع وخرق الاجمع باطل ". ومقتضاه عدم الفصل بين الاذان والاقامة في الوجوب والاستحباب، فمن قال بوجوب الاقامة لزمه القول بوجوب الاذان وإلا لزم خرق الاجماع. فلاحظ. (1) كما هو المشهور شهرة عظيمة. ويشهد له من النصوص (* 1) ما تضمن أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة، ومن صلى بإقامة بلا أذان صلى خلفه صف واحد، أو ملكان عن يمينه وشماله،
____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 4 من أبواب الاذان وألاقامة.
===============
( 527 )
أو ملكان، أو ملك، وفي بعضها قال (عليه السلام): " اغتنم الصفين "، فإنها ظاهرة أو صريحة في كون فوات الاذان لا يوجب إلا فوات بعض مراتب كمال الصلاة. نعم في خبر أبي بصير عن أحدهما (عليه السلام): " أيجزئ أذان واحد؟ قال (عليه السلام): إن صليت جماعة لم يجزئ إلا أذان وإقامة، وإن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك يجزؤك إقامة، إلا الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصر فيهما كما يقصر في سائر الصلوات " (* 1)، وفي صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) " يجزؤك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان " (* 2)، وفي صحيح عبيدالله الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام): " أنه كان إذا صلى وحده في البيت أقام إقامة ولم يؤذن "، وفي موثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): " عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجئ رجل فيقول له: تصلي جماعة؟ هل يجوز أن يصليا بذلك الاذان والاقامة؟ فقال (عليه السلام): له: تصلي جماعة؟ هل يجوز أن يصليا بذلك الاذان والاقامة؟ فقال (عليه السلام): لا ولكن يؤذن ويقيم " (* 4). وعلى هذه النصوص عول القائلون بإعتباره في الجماعة مع الاقامة. مع أنه مقتضى أصالة الاحتياط في كل ما يحتمل دخله في الجماعة، لعدم الاطلاق الصالح لنفي الشك في الشرطية كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى. وفيه: أن ظاهر الاول السؤال عن إجزاء الاقامة عن الاذان والاقامة وحينئذ فالجواب بعدم الاجزاء إنما يقتضي الوجوب لو كان وجوب الاذان
____________ (* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1 وذيله في باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حدبث: 4. (* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 27 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.
===============
( 528 )
والاقامة مفروعا عنه، وهو عين المدعى، بل لا يقول به المدعي إلا في خصوص الجماعة، فالخبر ليس في مقام جعل الوجب تعبدا أو وضعا لهما في الجماعة أو مطلقا، بل في مقام بيان الاكتفاء عن المشروع ببعضه وعدمه وأين هو من المدعى؟! ومن ذلك يظهر الاشكال في الاستدلال بصحيح إبن سنان. مضافا إلى عدم وضوح دلالته على الجماعة. فتأمل. وأما صحيح الحلبي: فهو مجمل من حيث الوجوب والاستحباب، وإنما يدل على أصل المشروعية. وأما موثق عمار: فالاشكال المتقدم فيه أظهر، إذ هو كالصريح في السؤال عن الاجتزاء بالاذان والاقامة المأتي بها سابقا عن الاذان والاقامة الموظفين في الجماعة ولو على سبيل الاستحباب. مضافا إلى معارضته بما دل على إنعقاد الجماعة بلا أذان ولا إقامة إذا كان الامام قد سمعهما، ففي خبر أبي مريم الانصاري: " صلى بنا أبو جعفر (عليه السلام) في قميص بلا أزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة. إلى أن قال: فقال (عليه السلام): إني مررت بجعفر (عليه السلام): وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك " (* 1). مع معارضة الجميع بصحيح علي بن رئاب: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) قلت: تحضر الصلاة ونحن مجتمعون في مكان واحد أتجزؤنا إقامة بغير أذان؟ قال (عليه السلام): نعم " (* 2)، وخبر الحسن بن زياد: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا كان القوم لا ينتظرون أحدا إكتفوا بإقامة واحدة " (* 3) وبذلك ترفع اليد عن أصالة الاحتياط المتقدمة، ويتعين حمل النصوص المتقدمة منطوقا ومفهوما على تأكد الاستحباب. وإحتمال الجمع بحمل
____________ (* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 8.
===============
( 529 )
الطائفة الاولى على صورة الانتظار لبعض المأمومين، وبشهادة خبر الحسن إبن زياد مع أنه لا يوافق القول المذكور بعيد، ولا سيما في موثق عمار، ولو سلم فظاهر الحسن كون الفائدة المقصودة منه حضور المنتظرين بلا دخل في الصلاة، فلاحظ. وأما القائلون بإعتباره في الصبح والمغرب: فيشهد لقولهم ذيل خبر أبي بصير المتقدم (* 1)، وما في صحيح صفوان بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: " ولا بد في الفجر والمغرب من أذان وإقامة في الحضر والسفر لانه لا يقصر فيهما في حضر ولا سفر، وتجزؤك إقامة بغير أذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة، والاذان والاقامة في جميع الصلوات أفضل " (* 2)، وصحيح الصباح بن سيابة: " قال لي أبي عبد الله (عليه السلام): لا تدع الاذان في الصلوات كلها، فإن تركته فلا تتركه في المغرب والفجر فإنه ليس فيهما تقصير " (* 3)، وتصحيح إبن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " تجزؤك في الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة والمغرب " (* 4). ونحوها غيرها. لكن يعارضها في المغرب صحيح عمر بن يزيد: " سالت أبا عبد الله عليه السلام عن الاقامة بغير الاذان في المغرب. فقال (عليه السلام): ليس به بأس وما أحب أن يعتاد " (* 5). فيتعين حمل ما سبق على تأكد الاستحباب في المغرب. ولاجل إشتماله على التعليل الذي يمتنع فيه عرفا التفكيك بين المغرب والصبح، إذ لا بد أن يكون المقصود منه التعليل بجهة واحدة ذات إقتضاء واحد فيهما معا، بحمل ما سبق على تأكد الاستحباب في الصبح
____________ (* 1) تقدم في صدر هذه التعليقة. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 6.
===============
( 530 )
[ والاحوط عدم ترك الاقامة للرجال (1) ] أيضا. مضافا إلى إشتمالها على: " ينبغي " (* 1) و " يجزؤك " (* 2) مما لا يكون ظاهرا في الوجوب. (1) إذا قد عرفت ذهاب السيد (ره) وإن أبي عقيل وإبن الجنيد إلى وجوبها إما مطلقا كما عن الثاني أو على خصوص الرجال كما عن الآخرين وأختاره في الحدائق، وحكي عن الوحيد: الميل إليه، وفي البحار قال: " فأعلم أن الاخبار في ذلك مختلفة جدا ومقتضى الجمع أستحباب الاذان مطلقا وأما الاقامة ففيه إشكال، إذ الاخبار الدالة على جواز الترك إنما هي في الاذان، وتمسكوا في الاقامة بخرق الاجماع المركب وفيه ما فيه. والاحوط عدم ترك الاقامة مطلقا، والاذان في الغداة والمغرب والجمعة والجماعة ولا سيما في الحضر ". وقد أدعي أستفاضة النصوص الدالة على الوجوب. منها: ما تضمن التعبير بإجزاء الاقامة، إما في السفر (* 3)، أو إذا صلى وحده (* 4)، أو في الظهرين والعشاء (* 5)، أو إذا كان القوم لا ينتظرون أحدا (* 6)، أو نحو ذلك مما هو ظاهر في أن الاقامة أدنى ما يجزئ. وفيه: ما عرفت من أن هذا التعبير لما لم يكن في مقام التشريع الابتدائي بل في مقام بيان ما يجتزأ به عن المشروع وما لا يتجزأ
____________ (* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7. (* 2) لم أجد هذا التعبير في أحاديث الباب والموجود فيها: أدنى ما يجزي: فراجع الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب الأذان والاقامة حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 8.
===============
( 531 )
به عنه، لا يصلح للدلالة على الوجوب ولا على الاستحباب. ومنها: موثق عمار المتقدم (* 1). وفيه: أنك عرفت ما فيه. ومنها: موثقه الآخر قال: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا بد للمريض أن يؤذن ويقيم إذا أراد الصلاة ولو في نفسه إن لم يقدر على أن يتكلم به. سئل فإن كان شديد الوجع؟ قال (عليه السلام): لا بد من أن يؤذن ويقيم لانه لا صلاة إلا بأذان وإقامة " (* 2). وفيه: أن نفي الصحة بالاضافة إلى الاذان غير ممكن لما عرفت من الادلة على إستحبابه، فاما أن يحمل على نفي الصحة بالاضافة إلى الاقامة ونفي الكمال بالاضافة إلى الاذان، أو على نفي الكمال بالاضافة إليهما، والاول ممتنع لانه إستعمال في معنيين، والثاني يوجب نفي دلالته على المدعى، ونحوه في الاشكال ما في صحيح صفوان المتقدم (* 3) ونحوه. ومنها: ما دل على أن الاقامة من الصلاة كخبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث -: " وليتمكن في الاقامة كما يتمكن في الصلاة فإنه إذا أخذ في الاقامة فهو في الصلاة " (* 4)، وخبر يونس الشيباني عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث -: " إذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فإنك في الصلاة " (* 5)، وخبر أبي هارون المكفوف: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا هارون الاقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك " (* 6). وفيه: - مع ضعف سنده أنه مخالف لما دل
____________ (* 1) تقدم في التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 3) تقدم في التعليقة السابقة. (* 4) الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 12. (* 5) الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 9. (* 6) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 12.
===============
( 532 )
على خروج الاقامة عنها مثل ما تضمن أن إفتتاحها التكبير (* 1) وغيره، بل هو خلاف ضروري نصوص الاقامة نفسها فلاحظ أبوابها، ولا سيما باب ما تضمن أحكام ناسي الاذان والاقامة، أو الاقامة وحدها (2) فضلا عن وضوح خلاف ذلك في نفسه، فلا بد أن يحمل على التنزيل بلحاظ الاحكام مثل لزوم التمكن والترسل وحرمة الكلام والايماء باليد التي هي مورد النص المذكور ونحوها من الاحكام لا الوجوب، فإن النص المذكور ليس في مقام بيان ذلك، كما هو ظاهر بأقل ملاحظة. ومنها: ما دل على حرمة الكلام بعدها (* 3)، وعلى إعتبار الطهارة (* 4) والاستقبال (* 5) والتمكن والقيام ونحوها من شرائط الصلاة فيها. وفيه: أن ذلك أعم كما هو ظاهر. مع معارضة الاول بما دل على جواز الكلام بعدها كما سيأتي إن شاء الله. ومنها: مادل على أنه لا أذان ولا إقامة على النساء (* 6)، بضميمة ما دل على مشروعيتها لهما، إذ هو يقتضي حمله على نفي اللزوم، فيدل بالمفهوم على اللزوم للرجال، بل مقتضى حرف الاستعلاء كونه ظاهرا بنفسه في نفي اللزوم. وفيه: أن الاستدلال إن كان من أجل المفهوم فهو من مفهوم اللقب وليس بحجة. وإن كان من جهة ظهوره في كونه من قبيل الاستثناء من عموم الحكم للرجال والنساء فلا ظهور فيه بنحو يعتد به في كون الحكم المستثنى منه على نحو الوجوب، كما يشهد به
____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 1 من أبواب تكبيرة الاحرام. (* 2) راجع الوسائل باب: 28 و 29 من أبواب الاذان والاقامة. (* 3) راجع الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة. (* 5) راجع الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة. (* 6) راجع الوسائل باب: 14 من أبواب الاذان والاقامة.
===============
( 533 )
ذكر الاذان والجماعة وغيرهما من المستحبات في سياق الاقامة بنحو واحد. ومنها: ما تضمن الامر بقطع الصلاة عند نسيان الاقامة وحدها أو مع الاذان (* 1). وفيه: أن الامر فيها يراد منه الجواز أو الاستحباب بقرينة ما دل على جواز المضي وأن جواز القطع أو إستحبابه أعم من المدعى كما لا يخفى. وبالجملة: ليس في النصوص ما هو ظاهر في وجوب الاقامة بنحو معتد به، نعم في موثق عمار: " إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذن وأقم، وأفصل بين الاذان والاقامة بقعود أو كلام أو تسبيح " (* 2) وظهوره في وجوب كل من الاذان والاقامة لا مجال لانكاره، وقيام الدليل على جواز ترك الاذان غير كاف في رفع اليد عن ظهوره في وجوب الاقامة، لامكان التفكيك بينهما كما يظهر من ملاحظة نظائره. لكن مع أن ذكره في سياق الامر بالفصل بينه وبين الاقامة المراد منهما الاستحباب يوجب شيئا من الوهن أنه يمكن معارضته بما دل على أن من صلى بإقامة صلى خلفه صف واحد (* 3) ونحوه مما هو ظاهر في أن الفائدة في مشروعية الاقامة إئتمام الملائكة بالمقيم، لكمال صلاته بحيث يكون تركها موجبا لفوات إئتمامهم به لا بطلان صلاته، كأنه قيل: (ومن صلى بلا إقامة لم يصل خلفه أحد) بل حكي تذييله بذلك في روايات أهل الخلاف. والانصاف أن هذا اللسان في دليل التشريع آب عن الحمل على الوجوب جدا، بل الظاهر أن لا نظير له في الوجبات، وهذا المقدار من الظهور في الاستحباب كاف في صرف ظهور الموثق أو نحوه لو وجد.
____________ (* 1) الوسائل باب: 28 و 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1 وغيره.
===============
( 534 )
وهذا هو العمدة في نفي الوجوب لا صحيح حماد بن عيسى (* 1) المشهور المتضمن لبيان كيفية الصلاة من أجل أنه لم يتعرض فيه للاقامة، إذ ليس هو واردا إلا لبيان نفس الصلاة وما فيها من الآداب أعني: ما بين التكبير والتسليم لا ما كان خارجا عنها وإلا فالاشكال محكم على الصحيح على كل حال، إذ لا يظهر الوجه حينئذ في ترك الاذان والاقامة ولو كان من المستحبات، فإن حالهما حال غيرهما منها مما ذكر فيه. ولا خبر أبي بصير: " عن رجل نسي أن يقيم الصلاة حتى إنصرف أيعيد صلاته؟ قال (عليه السلام): لا يعيد ولا يعود لمثلها " (* 2)، فإن حمل النسيان على الترك عمدا كما عن ظاهر الشيخ والحلي وإبن سعيد غير ظاهر، والنهي عن العود لمثله لا يصلح قرينة عليه، لامكان حمله على وجوب التحفظ حتى لا يقع في النسيان. مع أن عدم وجوب إعادة الصلاة إنما ينافي الوجوب الغيري لا النفسي التعبدي الذي لا يأبى كلام بعض القائلين بالوجوب عن إرادته، وإن نص بعضهم على إرادة الاول. ولا صحيح زرارة أو حسنه عن أبي جعفر (عليه السلام): عن رجل نسي الاذان والاقامة حتى دخل في الصلاة. قال (عليه السلام): فليمض في صلاته فإنما الاذان سنة " (* 3) بناء على أن المراد من الاذان ما يعم الاقامة بقرينة السؤال إذ لا يظهر كون المراد من السنة المندوب، لاحتمال كون المراد بها مقابل الفريضة كما أطلقت على القراءة والتشهد بذلك المعنى. ولا الاجماع على عدم التفكيك بين الاذان والاقامة في الوجوب والاستحباب الذي إدعاه في المختلف، وحكي عن غيره ممن تأخر
____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب أفعال الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.
===============
( 535 )
[ في غير موارد السقوط (1)، وغير حال الاستعجال (2) والسفر وضيق الوقت. وهما مختصان بالفرائض اليومية (3). ] عنه، لعدم ثبوت ذلك، بل الثابت خلافه. ومما ذكرنا كله يظهر لك قوة القول المشهور. (1) يأتي التعرض لها إن شاء الله تعالى. (2) الادلة المستدل بها على الوجوب على تقدير تمامية دلالتها شاملة لحالي الاستعجال والسفر وغيرهما، ولا دليل على السقوط في الحالين المذكورين، فالجزم بعدم الوجوب فيهما والتوقف فيه في غيرهما غير ظاهر. نعم سيأتي التعرض لجواز الاقتصار على فصل واحد من كل من فصول الاذان والاقامة في السفر وفي الاستعجال. لكنه لا ينافي إطلاق وجوب الاقامة بوجه. وكذا حال ضيق الوقت. مع أنه لم يرد فيه نص بالقصر، إلا أن يلحق بالاستعجال، ولا يخلو من تأمل. (3) إجماعا كما في المعتبر والمنتهى، وعن التذكرة والذكرى وجامع المقاصد والغرية، بل في الاول. أنه إجماع علماء الاسلام. وفي الثاني: أنه قول علماء الاسلام. وبذلك يخرج عن إطلاق بعض النصوص الشامل لغير الفرائض، مثل ما تقدم في موثق عمار: " لا صلاة إلا بأذان وإقامة " (* 1) أو غير اليومية مثل موثقه الآخر: " إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذن وأقم.. " (* 2). ويشهد له في الجملة مصحح زرارة: " قال أبو جعفر (عليه السلام): ليس في يوم الفطر والاضحى أذان ولا إقامة. أذانهما طلوع الشمس (* 3). وخبر إسماعيل الجعفي: " أرأيت صلاة العيدين
____________ (* 1) تقدم صفحة 531. (* 2) تقدم صفحة 533. (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب صلاة العيد حديث: 5.
===============
( 536 )
[ وأما في سائر الصلوات الواجبة فيقال: (الصلاة) ثلاث مرات (1). نعم يستحب الاذان في الاذن اليمنى من المولود والاقامة في أذنه اليسرى يوم تولده (3) ] هل فيهما أذان وإقامة؟ قال (عليه السلام): ليس فيهما أذان ولا إقامة، ولكنه ينادي: الصلاة ثلاث مرات " (* 1). (1) كما عن الفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني. وكأنه لخبر إسماعيل المتقدم بإلخصوصية مورده، ولا يخلو من إشكال، إلا بناء على قاعدة التسامح وعلى شمولها للفتوى، لكن مقتضى ذلك التعميم لغير الواجبة كما عن التذكرة ونهاية الاحكام لاتحاد الوجه في الجميع. وكيف كان، فالقول المذكور إنما يشرع بقصد الاعلام بفعل الصلاة، لاأذان الاعلام بالوقت، ولا لاجل الصلاة على ما يقتضيه ظاهر النص، فيختص بما يرغب فيه بالاجتماع كما لعله ظاهر. (2) ففي رواية السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة وليقم في أذنه اليسرى فإنه عصمة من الشيطان الرجيم (* 2). ونحوه ما في خبر أبي يحيى الرازي (* 3)، ومرسل الفقيه (* 4). ولعله المراد بما في خبر حفص الكناسي من الاقامة في أذنه اليمنى (* 5). (3) كما في الخبر عن الرضا (عليه السلام) وفيه: " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________ (* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب صلاة العيد حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام الاولاد حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام الاولاد حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 46 من أبواب الاذان والاقامة: 2. (* 5) الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام الاولاد حديث: 3.
===============
( 537 )
أو قبل أن تسقط سرته (1). وكذا يستحب الاذان في الفلوات عند الوحشة (2) من الغول وسحرة الجن، وكذا يستحب الاذان في أذن من ترك اللحم أربعين يوما (3). ] أذن في أذن الحسين (عليه السلام) بالصلاة يوم ولد " (* 1). (1) كما في خبر أبي يحيى الرازي (* 2)، والجمع بينه وبين ما قبله ظاهر. (2) ففي مرسل الفقيه: " قال الصادق (عليه السلام): إذا تولعت بكم الغول فأذنوا " (* 3)، وفي خبر جابر: " إذا تغولت بكم الغيلان فأذنوا بأذان الصلاة " (* 4). ونحوه ما عن الجعفريات (* 5) والدعائم (* 6). وعن الهروي: " أن العرب تقول: إن الغيلان في الفلوات ترائي الناس تغول تغولا أي: تلون تلونا تضلهم عن الطريق وتهلكهم وروي في الحديث (لا غول). وفيه إبطال لكلام العرب " (* 7) فيمكن أن يكون الاذن لدفع الخيال الذي يحصل في الفلوات وإن لم يكن له حقيقة، فكأن ذكر سحرة الجن في المتن من باب التفسير. (3) ففي مصحح هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام): " اللحم ينبت اللحم ومن تركه أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه " (* 8). وخبر أبي حفص: " كلوا اللحم فإن اللحم من اللحم واللحم ينبت اللحم. وقال:
____________ (* 1) الوسائل باب: 36 من أبواب أحكام الاولاد حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام الاولاد حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 46 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 46 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 5) مستدرك الوسائل باب: 35 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 6) مستدرك الوسائل باب: 35 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 7) ذكره الهروي في الغريبين المجلد الاول من المجلد الثاني ورقة: 108 مصور في مكتبة آية الله الحكيم العامة. وما في المتن منقول بالمعنى عما هو مذكور في المصدر المزبور مع تقديم وتأخير. (* 8) الوسائل باب: 12 من أبواب الاطعمة المباحة حديث: 1.
===============
( 538 )
[ وكذا كل من ساء خلقه (1). والاولى أن يكون في أذنه اليمنى (2)، وكذا الدابة إذا ساء خلقها (3). ثم إن الاذان قسمان أذان الاعلام وأذان الصلاة (4). ] من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه فإذا ساء خلق أحدكم من إنسان أو دابة فأذنوا في أذنه الاذان كله " (* 1). ونحوهما غيرهما. (1) كما يستفاد من النصوص السابقة. (2) كما قيد به في خبر الواسطي. (3) كما في خبر أبي حفص المتقدم. (4) كما صرح به غير واحد. ويشهد للاول النصوص الكثيرة المتعرضة لاجر المؤذنين مثل صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة " (* 3)، وخبر سعد الاسكاف: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من أذن سبع سنين إحتسابا جاء يوم القيامة ولا ذنب له " (* 4)، وخبر سعد بن طريف عن أبي جعفر (عليه السلام): " من أذن عشر سنين محتسبا يغفر الله مد بصره وصوته في السماء، ويصدقه لك رطب ويابس سمعه، وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم، وله من كل من يصلي بصوته حسنة " (* 5) ونحوها غيرها مما هو كثير. والجميع ظاهر في رجحان الاذان في الاوقات من حيث نفسه لا من حيث الصلاة.
____________ (* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب الاطعمة المباحة حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب الاطعمة المباحة حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 2 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 2 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 5.
===============
( 539 )
[ ويشترط في أذان الصلاة كالاقامة قصد القربة (1)، بخلاف أذان الاعلام (2) فإنه لا يعتبر فيه، ] ويشهد للثاني المستفيضة (* 1) المتضمنة: أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة، ومن صلى بإقامة بلا أذان صلى خلفه صف واحد، أو ملكان. أو غير ذلك كما تقدمت الاشارة إليها. ومثلها النصوص الكثيرة المتضمنة لحكم الصلاة بالاذان والاقامة المتقدم بعضها في أدله الوجوب والاستحباب مثل: " لا صلاة إلا بأذان وإقامة " (* 2). وحينئذ فما عن جماعة من أنه إنما شرع للاعلام، وشرعه للقضاء بالنص. غير ظاهر. وكذا ما عن ظاهر حواشي الشهيد من أنه إنما هو مشروع للصلاة خاصة والاعلام تابع. (1) للاجماع ظاهرا على كونه عبادة لا يصح إلا بقصد القربة، والارتكاز المتشرعي شاهد به. (2) كما صرح بذلك في الجواهر تبعا للعلامة الطباطبائي في منظومته لحصول الغرض بفعله مطلقا، وكأنه مما لا إشكال فيه عندهم. ولولاه أشكل ذلك بأنه لا إطلاق يقتضي عدم الاعتبار، لعدم كون القربة من القيود للموضوع الشرعي. ومنه يظهر عدم جريان الاصول الشرعية النافية مثل حديث الرفع ونحوه، بل الاصول العقلية، لعدم العقاب على كل حال. مع أن ما ذكر لا يناسب ما ذكره الجماعة في تعليل إعتبار الذكورة في أذان الاعلام من أن النهي عنه مفسد له، إذ النهي إنما يفسد العبادة لا غير.
____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 4 من أبواب الاذان والاقامة. (* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.
===============
( 540 )
[ ويعتبر أن يكون أول الوقت (1)، وأما أذان الصلاة فمتصل بها (2) وإن كان في آخر الوقت. وفصول الاذان ثمانية عشر: الله أكبر. أربع مرات (3) ] (1) لانه شرع للاعلام بدخوله. (2) على ما يأتي. (3) إجماعا. أو مذهب علمائنا، أو مذهب الشيعة ومن والاهم، أو عليه عمل الاصحاب، أو عمل الطائفة، أو مذهب الاصحاب لا يعلم فيه مخالف، أو الاصحاب لا يختلفون فيه في كتب فتاواهم، أو نحو ذلك من كلماتهم المحكية في المقام. ويدل عليه من النصوص خبر الحضرمي وكليب الاسدي جميعا عن أبي عبداله (عليه السلام): " أنه حكى لهما الاذان فقال: والله أكبر، ألله أكبر، ألله أكبر، ألله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله الله. حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح. حي على خير العمل، حي على خير العمل. ألله أكبر، ألله أكبر. لا إله إلا الله، لا إله إلا الله " (* 1). والاقامة كذلك، وخبر المعلى: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يؤذن فقال: ألله أكبر.. " (* 2) إلى آخر ما ذكر فيما قبله. لكنه فعل مجمل لا يمنع من أحتمال أن ألله أكبر.. " (* 2) إلى آخر ما ذكر فيما قبله. لكنه فعل مجمل لا يمنع من إحتمال أن يكون ما فعله (عليه السلام) بعض الافراد. وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " يا زرارة تفتح الاذن بأربع تكبيرات وتختمه بتكبيرتين وتهليلتين " (* 3)
____________ (* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.
===============
( 541 )
وخبر إسماعيل الجعفي: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: الاذن والاقامة خمسة وثلاثون حرفا، فعد ذلك بيده واحدا واحدا، الاذان ثمانية عشر حرفا، والاقامة سبعة عشر حرفا " (* 1). وهو ينطبق على ما في الخبر الاول. وفي علل الفضل عن الرضا (عليه السلام) في الاذان: " وإنما جعل مثنى مثنى ليكون.. إلى أن قال (عليه السلام): وجعل التكبير في أول الاذان أربعا لان أول الاذان.. " (* 2). نعم يعارضها صحيح صفوان: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الاذان مثنى مثنى، والاقامة مثنى مثنى " (* 3). وصحيح عبد الله بن سنان: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاذان. فقال (عليه السلام) تقول: ألله أكبر ألله أكبر. أشهد.. " إلى أخر ما ذكر في الخبر الاول من الفصول يقول (عليه السلام) كل واحد من الفصول مرتين (* 4). ومثله صحيح زرارة والفضيل الحاكي لاذن النبي (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى البيت المعمور، وفي أخره قال (عليه السلام): " والاقامة مثلها إلا أن فيها: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة. بين: حي على خير العمل، وبين: ألله أكبر. فأمر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلالا فلم يزل يؤذن بها حتى قبض الله تعال رسوله " (5) وصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " الاذان مثنى مثنى والاقامة واحدة " (* 6)، وخبر عبد السلام: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
____________ (* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 14. (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 8. (* 6) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7.
===============
( 542 )
[ وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وحي على الصلاة، وحي على الفلاح، وحي على خير العمل والله أكبر، ولا إله إلا الله، كل واحد مرتان. وفصول الاقامة سبعة عشر: ألله أكبر (1) في أولها مرتان، ] في حديث -: إنه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرئيل (عليه السلام) مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى " (* 1). ونحوها غيرها. والجمع العرفي يقتضي حمل ما دل على الاقل على الاجزاء وما دل على الاكثر على الفضل. بل لعل الافضل ما روي عن النهاية (* 2) والمصباح (* 3) من أن الاذان والاقامة إثنان وأربعون فصلا، فيكون التكبير أربع مرات في أول الاذان وآخره وأول الاقامة وآخرها والتهليل مرتين فيهما. لكن لا مجال لذلك بعد حكاية ظاهر الاجماعات على العلم بالاول. نعم عن الخلاف عن بعض الاصحاب: أنه عشرون كلمة وأن التكبير في آخره أربع. لكنهإ غير معتد به. قال في مفتاح الكرامة: " إن الشيعة في الاعصار والامصار، في الليل والنهار، في المجامع والجوامع ورؤوس المآذن يلهجون بالمشهور، فلا يصغى بعد ذلك كله إلى قول القائل بخلاف ذلك ". (1) حكي عليه الاجماع، وأنه مذهب العلماء، وأنه لا يختلف فيه الاصحاب، وأن عليه عمل الاصحاب، وعمل الطائفة، وأنه مذهب الشيعة وأتباعهم، ونحو ذلك مما هو ظاهر في الاجماع. وليس في النصوص ما يشهد له إلا خبر إسماعيل الجعفي المتقدم. مع أنه محتاج في تتميم الدليلية
____________ (* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 17. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 22. (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 23.
===============
( 543 )
[ ويزيد بعد حي على خير العمل: (قد قامت الصلاة) مرتين وينقص من لا إله إلا الله في آخرها مرة. ويستحب الصلاة على محمد وآله عند ذكر إسمه (1). ] إلى إجماع أو نحوه كما هو ظاهر. وأما النصوص الاخر: فمنها: ما دل على أن الاقامة مثنى مثنى كالاذان، مثل صحيح صفوان وخبر عبد السلام إبن صالح. ومنها: ما دل على أنها واحدة مثل صحيح معاوية بن وهب. ومنها: ما دل على أنها مرة مرة إلا قول: (ألله أكبر) فإنه مرتان (* 1) ومنها: ما تضمن أنها كالاذان إلا في زيادة: (قد قامت الصلاة)، بعد بيان تثنية التكبير في أوله والتهليل في آخره كصحيح زرارة والفضيل. ومنها: ما دل على أنها كالاذان بعد بيان تربيع التكبير في أوله وتثنية التكبير في آخره كخبر الحضرمي والاسدي. وكذا خبر يزيد بن الحسن الذي قد ترك فيه ذكر: (حي على خير العمل). في الاذان (* 2). ومنها: ما عرفت حكايته عن النهاية والمصباح. وقد عرفت أن الجمع العرفي بين النصوص المذكورة يقتضي حمل ما دل على الاقل على أقل مراتب الفضل وما دل على الزائد عليه على الافضل على إختلاف مراتبه. لكن لا مجال لذلك بعد وضوح خلافه عند المتشرعة، فالعمل على المشهور لازم. نعم لا بأس بالاتيان بغيره برجاء المطلوبية، ولا سيما مع ما عن النهاية من جواز تربيع التكبير في آخر الاذان وأول الاقامة وآخرها. والله سبحانه أعلم. (1) لصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " وصل على النبي كلما
____________ (* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 18 وباقي النصوص المشار إليها في هذه التعليقة تقدم ذكرها والاشارة إلى مصدرها في التعليقة السابقة.
===============
( 544 )
[ وأما الشهادة لعلي (عليه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين فليست جزءا منها (1). ] ذكرته أو ذكره عندك في أذان أو غيره ". مضافا إلى عموم ما تضمن الامر بالصلاة عليه عند ذكره. (1) بلا خلاف ولا إشكال قال في محكي الفقيه بعد ذكر حديث الحضرمي والاسدي المتقدم -: " هذا هو الاذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا زادوا بها في الاذان: (محمد وآل محمد خير البرية) مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله: (اشهد أن عليا ولي الله) مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك: (أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا) مرتين، ولا شك في أن عليا ولي الله وأمير المؤمنين حقا وأن محمدا وآله صلى الله عليهم خير البرية، لكن ليس ذلك في أصل الاذان ". قال: " وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم في جملتنا " (* 2) وقال الشيخ (ره) في محكي النهاية: " فأما ما روي في شواذ الاخبار من قول: (أن عليا ولي الله وآل محمد خير البرية) فمما لا يعمل عليه في الاذان والاقامة فمن عمل به كان مخطئا ". وقال في المبسوط: " وأما قول: (أشهد أن عليا أمير المؤمنين وآل محمد خير البرية) - على ما ورد في شواذ الاخبار فليس بمعمول عليه في الاذان، ولو فعله الانسان لم يأثم به، غير أنه ليس من فضيلة الاذان ولا كمال فصوله ". وفي المنتهى: " وأما
____________ (* 1) الوسائل باب: 42 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 25 الفقيه: ج 1 صفحة: 188 طبع النجف الحديث.
===============
( 545 )
[ ولا بأس بالتكرير في: (حي على الصلاة) أو: (حي على الفلاح) (1) للمبالغة في إجتماع الناس، ولكن الزائد ليس جزءا من الاذان.، ] ماروي من الشاذ من قول: (إن عليا ولي الله) و (أن محمدا وآله خير البرية) فممالا يعول عليه ". ونحوه كلام غيرهم. والظاهر من المبسوط إرادة نفي المشروعية بالخصوص، ولعله أيضا مراد غيره. لكن هذا المقدار لا يمنع من جريان قاعدة التسامح على تقدير تماميتها في نفسها، ومجرد الشهادة بكذب الراوي لا يمنع من إحتمال الصدق الموجب لاحتمال المطلوبية. كما أنه لا بأس بالاتيان به بقصد الاستحباب المطلق لما في خبر الاحتجاج: " إذا قال أحدكم: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. فليقل: علي أمير المؤمنين (* 1). بل ذلك في هذه الاعصار معدود من شعائر الايمان ورمز التشيع، فيكون من هذه الجهة راجحا شرعا بل قد يكون واجبا، لكن لا بعنوان الجزئية من الاذان. ومن ذلك يظهر وجه ما في البحار من أنه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الاجزاء المستحبة للاذان، لشهادة الشيخ والعلامة والشهيد وغيرهم بورود الاخبار بها، وأيد ذلك بخبر القاسم بن معاوية المروي عن إحتجاج الطبرسي عن الصادق (عليه السلام) وما في الجواهر من أنه كما ترى. غير ظاهر. (1) إتفاقا كما في المختلف وظاهر غيره، لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لو أن مؤذنا أعاد في الشهادة، أو في حي على الصلاة أو حي على الفلاح، المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إنما يريد
____________ (* 1) رواه في الاحتجاج عن القاسم بن معاوية عن الصادق (ع) في طي احتجاجات علي (عليه السلام) مع المهاجرين والانصار في ذيل تفصيل ما كتب على العرش وغيره صفحة: 78.
===============
( 546 )
[ ويجوز للمرأة الاجتزاء (1) ] به جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس " (* 1). وفي صحيح زرارة: " قال لي أبو جعفر (عليه السلام) في حديث -: " إن شئت زدت على التثويب حي على الفلاح. مكان: الصلاة خير من النوم " (* 2). ومن الاول يظهر عموم الحكم للشهادة، ولا يختص بما ذكر في المتن. (1) لا إشكال ظاهرا في مشروعية الاذان والاقامة للنساء. وعن المدارك وفي الحدائق: دعوى الاجماع عليه. وعن الذكرى: نسبته إلى علمائنا وعن كشف اللثام: الظاهر أنه إتفاقي. وكذا ظاهر محكي المعتبر والمنتهى والتذكرة. ويشهد له صحيح إبن سنان: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة تؤذن للصلاة. فقال (عليه السلام): حسن إن فعلت، وإن لم تفعل أجزأها أن تكبر وأن تشهد أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (* 3) وفي مرسل الفقيه: " قال الصادق (عليه السلام): ليس على المرأة أذان ولا إقامة إذا سمعت أذان القبيلة، ويكفيها الشهادتان، ولكن إذا أذنت وأقامت فهو أفضل " (* 4). وبذلك يخرج عما دل على أنه لا أذان ولا إقامة عليها، مثل صحيح جميل بن دراج قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة أعليها أذان وإقامة؟ فقال (عليه السلام): لا " (* 5). ومثله خبر جابر (* 6)، وخبر وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) (* 7). ويشهد لما
____________ (* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 14 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 6) مستدرك الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 7) الوسائل باب: 14 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7.
===============
( 547 )
[ عن الاذان بالتكبير والشهادتين، بل بالشهادتين (1). وعن الاقامة بالتكبير وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله (2). ويجوز للمسافر والمستعجل الاتيان بواحد من كل فصل منهما (3). ] في المتن من إجتزائها عن الاذان بالتكبير والشهادتين صحيح إن سنان المذكور. (1) كما في مرسل الفقيه المتقدم. وفي صحيح زرارة: " قلت لابي جعفر (عليه السلام): النساء عليهن أذان؟ فقال (عليه السلام): إذا شهدت الشهادتين فحسبها " (* 1). (2) كما يشهد به صحيح أبي مريم الانصاري: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إقامة المرأة أن تكبر وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله " (* 2). بل قد يظهر من المرسل المتقدم الاكتفاء عنها بالشهادتين فقط. (3) كما عن جماعة من الاصحاب التصريح به، بل عن الذخيرة نسبة الحكم في الاول إلى الاصحاب، ففي خبر بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام: الاذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة، الاذان واحدا واحد، والاقامة واحدة " (* 3). ولعل ذيله قرينة على إرادة الاقامة من الاذان في أوله كما هو الظاهر من صحيح عبد الرحمن الآتي، وخبر نعمان الرازي: " سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: يجزؤك من الاقامة طاق طاق في السفر " (* 4) وصحيح أبي عبيدة: " رأيت أبا جعفر (عليه السلام)
____________ (* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 21 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 5.
===============
( 548 )
[ كما يجوز ترك الاذان والاكتفاء بالاقامة (1). بل الاكتفاء ] يكبر واحدة واحدة في الاذان. فقلت له (عليه السلام): لم تكبر واحدة واحدة؟ فقال (عليه السلام): لا بأس إذا كنت مستعجلا " (* 1). لكن لم يتعرض فيه للاقامة. بل ولا لغير التكبير، إلا أن يكون المراد من التكبير تمام الفصول بقرينة قوله: " واحدة واحدة "، لان التكرار في الوحدة لا يكون إلا بلحاظ الفصول غير التكبير. فتأمل. (1) ففي صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (عليه السلام): " يجزئ في السفر إقامة بغير أذان " (* 2). وصحيحه الآخر: " يقصر الاذان في السفر كما تقصر الصلاة، تجزئ إقامة واحدة " (* 3). ومرسل بريد مولى الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام): " سمعته يقول: لان أقيم مثنى مثنى أحب إلي من أن أؤذن وأقيم واحد واحد " (* 4). ومنه يستفاد أن الاقتصار على الاقامة أفضل من فعل الاذان والاقامة فصلا فصلا. بل منه يظهر أيضا حكم الاستعجال بناء على مشروعية إفراد الفصول منهما معا فيه. مضافا إلى خبر أبي بصير المتقدم: " إن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك يجزؤك إقامة إلا الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصر فيهما كما يقصر في سائر الصلوات " (* 5) لكنه مختص بغير الفجر والمغرب.
____________ (* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 9. (* 4) الوسائل باب: 20 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7. وتقدم في البحث عن أستحباب الاذان في صدر هذا الفصل.
===============
( 549 )
[ بالاذان فقط. ويكره الترجيع (1) على نحو لا يكون غناء، ] هذا ولعل الظاهر من عبارة المتن إرادة بيان جواز ترك الاذان والاكتفاء بالاقامة مطلقا، لا في خصوص حال السفر كما يقتضيه إستحبابه مستقلا. وصحيح الحلبي: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل هل يجزؤه في السفر والحضر إقامة ليس معها أذان؟ قال (عليه السلام): نعم لا بأس به " (* 1). وقريب منه غيره. لكن الحمل على هذا المعنى يقتضي أيضا حمل ما بعده من الاكتفاء بالاذان فقط على مطلق الحال لا خصوص الحالين المذكورين وهو لا يوافق ما سبق من الاحتياط اللزومي في فعل الاقامة. كما أن الحمل على خصوص الحالين أيضا يوجب الاشكال عليه بعدم الدليل بالخصوص على الاكتفاء بالاذن فقط لا في حال السفر ولا في حال الاستعجال، كما أشرنا إليه سابقا. فلاحظ. (1) يعني: ترجيع الصوت فيه. ولا يظهر عليه دليل كما أعترف به غير واحد إلا ما يحكى عن الرضوي حيث قال فيه بعد ذكر فصول الاذان وعددها: " ليس فيها ترجيع ولا ترديد.. " (* 2) بناء على أن المراد منه ترجيع الصوت كما عن البحار إحتماله. نعم ذكر الاصحاب (رض) الترجيع في المقام، وأختلفوا في حكمه ومفهومه، فهم بين قائل بكراهته، وآخر بحرمته وعدم جوازه، وآخر ببدعيته، وآخر بعدم كونه مسنونا ولا مستحبا. وبين مفسر له بتكرير التكبير والشهادتين في أول الاذان، وآخر بأنه تكرير الشهادتين مرتين أخريين، وآخر بأنه تكرير الشهادتين برفع
____________ (* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 19 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1 ولكن المذكور فيه " تردد " مكان " ترديد " وهكذا الموجود في الحدائق.
===============
( 550 )
[ وإلا فيحرم (1)، وتكرار الشهادتين جهرا بعد قولهما سرا أو جهرا (2)، بل لا يبعد كراهة مطلق تكرار واحد من الفصول إلا للاعلام. (مسألة 1): يسقط الاذان في موارد: (أحدها): أذان عصر يوم الجمعة إذا جمعت مع الجمعة (3) أو الظهر ] الصوت بعد فعلهما مرتين بخفض الصوت، أو برفعين، أو بخفظين، وآخر بأنه تكرير الفصل زيادة على الموظف. وعن جماعة من أهل اللغة: أنه تكرير الشهادتين جهرا بعد إخفاتهما. وعن بعض العامة: أنه الجهر في كلمات الاذان مرة والاخفات أخرى من دون زيادة. وتعيين واحد من المعاني المذكورة لا يهم بعد عدم ذكر لفظ الترجيع في النصوص. نعم خبر أبي بصير المتقدم في مسألة تكرير: (حي على الصلاة) (* 1) يدل على ثبوت البأس بإعادة ما عدا الشهادة والحيعلتين الاولتين مطلقا، وبإعادة الشهادة والحيعلتين لغير الاعلام، وذلك في أمثال المقام من المندوبات ظاهر في الكراهة. وأما قاعدة التسامح على تقدير تماميتها فهي تقتضي كراهة جميع المعاني المذكورة بناء على صدق بلوغ الثواب بمجرد الفتوى حتى لو كانت بالحرمة أو الكراهة. هذا كله لو لم يؤت بالزائد بقصد المشروعية وإلا كان تشريعا محرما. (1) هذا بناء على حرمة الغناء مطلقا، وإلا أختص بصورة تحريمه لاغير. (2) مما سبق في الترجيع تعرف الكلام هنا. (3) بلا خلاف معتد به أجده فيه كما في الجواهر. وعن الذكرى: نسبته إلى الاصحاب. وعن الغنية والسرائر والمنتهى: الاجماع عليه. وأستدل
____________ (* 1) راجع صفحة 545.
===============
( 551 )
له برواية حفص بن غياث عن جعفر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام): " الاذان الثالث يوم الجمعة بدعة " (* 1) بنا على تفسيره بأذان العصر كما عن بعض لانه ثالث الاذان والاقامة للظهر، أو ثالث الاذانين للصبح والظهر. ولكنه كما ترى مجمل غير ظاهر. وقد حمله بعض على الاذان الثاني للظهر الذي قيل: إنه إبتدعه عثمان. كما عن مجمع البيان رواية ذلك عن السائب إبن زيد. وعن بعض: أنه إبتدعه معاوية. هذا وعن الشيخ (ره) الاستدلال له بصحيح رهط منهم الفضيل وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين " (* 2) وفي المدارك وغيرها: الاشكال عليه بأنه إنما يدل على ترك الاذان للعصر والعشاء مع الجمع بين الفرضين مطلقا سواء أكان يوم الجمعة أم غيره، وهو غير المدعى. ودفعه غير واحد بأنه لم يظهر من المستدل إختصاص الدعوى بالجمعة، ولذا قال في المعتبر: " يجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذانين وإقامتين كذا قاله الثلاثة وأتباعهم لان الجمعة تجمع صلواتها وتسقط ما بينها من النوافل ". وفي محكي كشف اللثام: " يسقط الاذان بين كل صلاتين جمع بينهما كما قطع به الشيخ والجماعة لانه المأثور عنهم بل عن الخلاف الاجماع على أنه ينبغي لمن جمع بين الصلاتين أن يؤذن للاولى ويقيم للثانية ". قلت: إشكال المدارك مبني على ما هو الظاهر من ذكر عصر الجمعة موردا لسقوط الاذان بالخصوص في قبال سائر موارده من كونه بخصوصه
____________ (* 1) الوسائل باب: 49 من أبواب صلاة الجمعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 36 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.
===============
( 552 )
موردا للسقوط، كالاذان لعصرعرفة، وعشاء المزدلة، وغيرهما من موارد السقوط، والصحيح المذكور خال عن الدلالة عن ذلك. مع أن فهم الكلية المذكورة أعني: سقوط الاذان في مورد الجمع منه غير ظاهر، إذ مجرد وقوع ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله) لا يدل عليه، لجواز تركه للمستحب كتركه للنافلة، وحكاية الامام (عليه السلام) له يمكن أن يكون المقصود منها التنبيه على جوازه كالجمع بين الصلاتين، كصحيح إبن سنان عن الصادق (عليه السلام): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان واحد وإقامتين " (* 1). ولذإ تعرضت جملة من النصوص لجمعه (صلى الله عليه وآله) بين الصلاتين من دون تعرض للاذان، كموثق زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة، وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غير علة في جماعة، وإنما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليستع الوقت على أمته " (* 2). وخبر عبد الملك القمي عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أجمع بين الصلاتين من غير علة؟ قال (عليه السلام): قد فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد التخفيف عن أمته " (* 3). ونحوهما غيرهما ومن التعليل المذكور في هذه النصوص وغيرهما يظهر ضعف ما ذكره بعض من إستبعاد أن يكون المقصود من الترك بيان إستحباب الترك وعدم وجوب الفعل، لان الترك الذي يمكن أن يكون لجهات عديدة مجمل الدلالة
____________ (* 1) الوسائل باب: 32 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب المواقيت حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 32 من أبواب المواقيت حديث: 3.
===============
( 553 )
لا يستكشف منه أن المتروك مستحب، ولا شبهة أن القول أبلغ في بيان المقصود وأظهر. (إنتهى). وجه الضعف: أن الاستدلال ليس بالترك، بل بالتعليل لصراحته في كون الترك للدلالة على نفي الوجوب لا نفي المشروعية. وعليه فكلية سقوط مشروعية الاذان في حال الجمع المستحب أو مطلقا غير ظاهرة من النصوص وإن نسبت إلى المشهور، بل قد عرفت عن الخلاف دعوى الاجماع عليها، وكذا في ظاهر المعتبر وكشف اللثام. ولذلك قوى في الجواهر عدم السقوط فيما لو صلى الظهر أربعا في يوم الجمعة فضلا عن الجمع بين الظهرين في غيره، وإن إختار السقوط فيما لو صلى الظهر جمعة أعتمادا منه على الاجماعات صريحة أو ظاهرة على السقوط فيه، المحكية عن إعتمادا منه على الاجماعات صريحة أو ظاهرة على السقوط فيه، المحكية عن الغنية والسرائر والمنتهى وغيرها، التي بها ترفع اليد عن إطلاقات الاستحباب أو عموماته، ولا سيما مع إعتضاد دعوى الاجماع بإستمرار سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والتابعين وتابعي التابعين على تركه، ولم يقم مثل هذه الاجماعات على السقوط فيما لو صلى الظهر أربعا يوم الجمعة، فقد حكي العدم فيه عن المقنعة والاركان والكامل والمهذب والسرائر وغيرها، فضلا عن كلية الجمع بين الصلاتين ولو في غيره، ولم تثبت سيرة المعوصمين (عليهم السلام) على الترك فيه، فالعمل فيها على إطلاقات المشروعية بلا مانع، بل في السقوط في الصورة الاولى تأمل وإشكال حيث لم يتحقق إجماع يجب العمل به، لحكاية القول بالعدم فيها عن جماعة منهم سيد المدارك وأستاذه الاردبيلي. ومن ذلك يظهر الاشكال على المصنف (ره) حيث لم يتعرض لسقوط الاذان في مطلق الجمع، الظاهر منه بناؤه على عدمه، ومع ذلك بنى على سقوط أذان العصر يوم الجمعة إذا جمعت مع الظهر من دون ظهور دليل عليه بالخصوص. وفي الجواهر: " وأولى منه
===============
( 554 )
[ وأما مع التفريق فلا يسقط (1). (الثاني): أذان العصر يوم عرفة إذا جمعت مع الظهر (2) لا مع التفريق. ] في عدم السقوط الجمع في غير محل إستحبابه ". وما ذكره في محله. فلاحظ. (1) لاطلاق دليل المشروعية من دون مقيد من نص أو إجماع، ويشهد له بناء على منافاة النافلة للجمع خبر زريق المروي في الوسائل عن مجالس الشيخ (ره) عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال (عليه السلام): وربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات إذا إرتفع النهار وبعد ذلك ست ركعات أخر وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذن وصلى ركعتين فما يفرغ إلا مع الزوال ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر ويصلي بعد الظهر أربع ركعات ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي العصر " (* 1). لكن الخبر ضعيف السند، ومتضمن لمشروعية تقديم أذان الظهر على الزوال. (2) بلا خلاف ظاهر، بل عن جماعة كثيرة: دعوى الاجماع صريحا وظاهر عليه. ويشهد له صحيح إبن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " السنة في الاذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان، وكذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة " (* 2)، ومرسل الفقية: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء ب (جمع) بأذان واحد وإقامتين " (* 3). ومقتضى إطلاق الصحيح عدم الفرق بين عرفة وغيرها من المواضع، لظهوره في كون موضوع السقوط هو يوم عرفة، لكن عن ظاهر السرائر
____________ (* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب صلاة الجمعة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 36 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 36 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3.
===============
( 555 )
[ (الثالث): أذان العشاء في ليلة المزدلفة (1) مع الجمع أيضا لا مع التفريق (2) (الرابع): العصر والعشاء للمستحاضة التي تجمعها مع الظهر والمغرب (3) ] إختصاص الحكم بعرفة، وفي الجواهر: " لعله المنساق من النص ". ويناسبه جدا كونه في سياق المزدلفة، فيكون المطلق من قبيل المقرون بما يصلح للقرينية، فيسقط إطلاقه. هذا ومقتضى إطلاقه عدم الفرق في السقوط بين صورتي الجمع والتفريق. لكن لا تبعد دعوى كون المنسبق من عبارته خصوص صورة الجمع. فما قد يظهر من إطلاق جملة من العبارات من عموم الحكم للتفريق أيضا ضعيف. (1) بلا خلاف ظاهر. ويشهد له مضافا إلى ما تقدم صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام: " صلاة المغرب والعشاء ب (جمع) بأذان واحد وإقامتين ولا تصل بينهما شيئا. وقال (عليه السلام): هكذا صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (* 1)، ومصحح الحلبي عنه (عليه السلام): " لا تصل المغرب حتى تأتي (جمعا) فصل بها المغرب والعشاء والآخرة بأذان وإقامتين " (* 2). (2) إذ النصوص المتقدمة الدالة على السقوط ما بين مختص بصورة الجمع وبين منصرف إليها، لان الجمع هو الوظيفة الدارجة. (3) ليس في النصوص الورادة في أحكام المستحاضة تعرض لسقوط الاذان في الفريضة الثانية، وإنما تضمنت الجمع بين الظهرين بغسل وبين
____________ (* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
===============
( 556 )
[ (الخامس): المسلوس (1) ونحوه في بعض الاحوال التي يجمع بين الصلاتين (2). كما إذا أراد أن يجمع الصلاتين بوضوء واحد. ويتحقق التفريق بطول الزمان بين الصلاتين (3) لا بمجرد قراءة تسبيح الزهراء، أو التعقيب والفصل القليل ] العشاءين بغسل، فالبناء على السقوط يتوقف على تمامية كلية سقوط الاذان مع الجمع. وما في الجواهر من ورود السقوط في المستحاضة في النصوص لم نقف عليه. (1) لصحيح حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان في حين الصلاة أخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وأدخل ذكره فيه ثم صلى يجمع بين صلاتين الظهر والعصر، يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء بأذان وإقامتين " (* 1). (2) إلحاق مثل المبطون والمسلوس سلس الريح بالمسلوس بالبول يتوقف إما على ثبوت كلية سقوط الاذان في الجمع بين الصلاتين، أو إلغاء خصوصية المورد. وإذ أن ظاهر المصنف (ره) عدم ثبوت الكلية المذكورة يتعين كون الوجه عنده الثاني. ولا يخلو من تأمل. (3) قد يظهرمن غير واحد ممن علل سقوط الاذان في الجمع بأن الاذان للوقت ولا وقت للعصر، أو أن الوقت لواحدة منهما: أن الجمع عبارة عن فعل الفريضتين في وقت إحداهما، فيكون التفريق عبارة عن فعلهما وفي وقتهما. لكن يرده ما ورد في المسلوس من تأخير الظهر وتعجيل العصر وتأخير المغرب وتعجيل العشاء، الظاهر منه حصول الجمع بفعل
____________ (* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب نواقض الوضوء حديث: 1.
===============
( 557 )
الفريضتين في وقتهما معا، كما أن المنسوب لجماعة من المحققين: أن الجمع عبارة عن وصل الصلاة الثانية بالاولى على نحو يصدق عرفا إيقاعهما في زمان واحد، إعتمادا منهم على كون ذلك هو المفهوم منه عرفا ويقابله التفريق. وما ذكره هؤلاء في محله. نعم المحكي عن السرائر والروض وظاهر غيرهما: أن الجمع عبارة من عدم التنفل بين الفريضتين، والتفريق عبارة عن التنفل بينهما. وقد يشهد له خبر محمد بن حكيم: " سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوع، فإذا كان بينهما تطوع فلا جمع " (* 1)، وخبره الآخر عنه (عليه السلام): " إذا جمعت بين صلاتين فلا تطوع بينهما " (* 2). وخبر الحسين بن علوان عن جعفر (عليه السلام): " رأيت أبي وجدي القاسم بن محمد يجمعان مع الائمة المغرب والعشاء في الليلة المطيرة ولا يصليان بينهما شيئا " (* 3). لكن لا يخفى أن الظاهر من الخبرين الاولين قدح التطوع في الجمع، لا أن المراد من الجمع عدم التطوع ولو مع الفصل الطويل، كما يقتضيه ظاهر القول المذكور، ولا بأس بالالتزام بمنافاة التطوع للجمع، فإنه مناف لمفهومه عرفا. مضافا إلى ظهور نصوصه في ذلك كصحيح إبن سنان المتقدم في يوم عرفة وصحيح حريز في المسلوس، فلاحظهما. بل هو صريح صحيح منصور الوارد في المزدلفة الناهي عن التطوع بين العشائين، وأنه خلاف ما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله). نعم قد ينافي ذلك صحيح أبان بن تغلب: " صليت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) المغرب بالمزدلفة فلما إنصرف أقام الصلاة
____________ (* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب المواقيت حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 33 من أبواب المواقيت حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 33 من أبواب المواقيت حديث: 4.
===============
( 558 )
فصلى العشاء الآخرة لم يركع بينهما ثم صليت معه بعد ذلك بسنة فصلى المغرب ثم قام فتنفل بأربع ركعات ثم أقام فصلى العشاء الآخرة " (* 1). لكن لاجماله لانه حكاية عن واقعة لا يصلح لمعارضة ما سبق. وأما خبر عبد الله بن سنان: " شهدت صلاة المغرب ليلة مطيرة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحين كان قريبا من الشفق نادوا وأقاموا الصلاة فصلوا المغرب، ثم أمهلوا الناس حتى صلوا ركعتين، ثم قام المنادي في مكانه في المسجد فأقام الصلاة فصلوا العشاء، ثم إنصرف الناس إلى منازلهم فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك، فقال (عليه السلام): نعم قد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) (* 2) عمل بهذا ". فلا يظهر منه أن ترك الاذان كان لاجل تحقق الجمع بين الفريضتين ليدل على عدم قدح النافلة فيه، لجواز أن يكون لاجل الاستعجال أو المطر أو غيرهما مما إقتضى ترك الاذان للمغرب أيضا. ومثله صحيح أبي عبيدة: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كانت ليلة مظلمة وريح ومطر صلى المغرب ثم مكث قدر ما يتنفل الناس ثم أقام مؤذنه ثم صلى الآخرة ثم إنصرفوا " (* 3). وحمله على كون المراد من الاقامة ما يعم الاذان، أو كون المراد من قوله (عليه السلام): " قدر ما يتنفل الناس " مقدارا من الزمان بلا تنفل، أو كون (صلى الله عليه وآله) لم يتنفل والعبرة بصلاته، بعيد. مع أن كون العبرة بصلاته أول الكلام، إذ لا نيابة في الاذان. وأما خبر الحسين بن علوان فإجماله ظاهر، ومن ذلك تعرف الاشكال فيما ذكره المصنف بقوله: " بل لا يحصل.. ".
____________ (* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب المواقيت حديث: 3.
===============
( 559 )
[ بل لا يحصل بمجرد فعل النافلة (1) مع عدم طول الفصل. والاقوى أن السقوط في الموارد المذكورة رخصة لا عزيمة (2) وإن كان الاحوط الترك، خصوصا في الثلاثة الاولى. ] (1) قد عرفت ظهور النصوص في منافاته للجمع. (2) أما في الاول: فالمحكي عن البيان والروضة وكشف اللثام وغيرها: أنه حرام، وعن المبسوط والعلامة في جملة من كتبه، والذكرى، وجامع المقاصد وتعليقة النافع وغيرها: أنه مكروه، وعن الدروس: أنه مباح. وإذا عرفت أن عمدة المستند في السقوط هو الاجماع والسيرة يتعين البناء على الاخير، لعدم ثبوت الاجماع على واحد منها بعينه، والسيرة أعم من كل منهما، ومع إجمالهما تكون إطلاقات التشريع الدالة على وجود المصلحة المصححة للتعبد به والتقرب بفعله بلا مقيد لها. وأما ما في الجواهر من أنه لا جهة للتمسك بإطلاق أوامر الاذان أو عموماته. ضرورة الاتفاق على عدم شمولها للمفروض، وإلا لاقتضيا بقاء ندبه، فالمرجع أصالة عدم المشروعية المقتضية للحرمة. ففيه: أن البناء على إنتفاء البعث إليه بظهور السيرة في ذلك لا يقتضي البناء على عدم المصلحة المصححة للتشريع والتعبد، لاحتمال ملازمته لعنوان مرجوح، فلا موجب لرفع اليد عن دلالة الادلة العامة على رجحانه ووجود المصلحة فيه، لان دلالة الاوامر العامة على البعث والحث عليه بالمطابقة، وعلى وجود المصلحة المصححة للتشريع بالالتزام، ولا تلازم بين الدلالتين في الحجية، فسقوط الاولى عن الحجية لظهور السيرة في خلافها لا يقتضي سقوط الثانية عنها، كما أشرنا إلى ذلك مرارا في مطاوي هذا الشرح. ولذا بني على أصالة التساقط في المتعارضين، وعلى كونهما حجة في نفي الثالث. وحصول
===============
( 560 )
القطع بمرجوحيته بنحو ينافي مشروعيته من الاجماع والسيرة ممنوع جدا. نعم لو كان المستند في السقوط خبر إبن غياث كان البناء على الحرمة التشريعية كما هو لازم كونه بدعة في محله. لكن عرفت عدم تماميته. وأما في الثاني: فأستظهر في الجواهر كون السقوط عزيمة ناسبا الوفاق فيه إلى صريح بعض، وإلى ظاهر التعبير بالبدعة. وعن الشهيد في بعض كتبه والمحقق: أنه مكروه، وعن الدروس: الاباحة. وظاهر ما تضمنه صحيح إبن سنان (* 1) السابق من أن السنة إيقاع الصلاة الثانية بلا أذان أنه تخصيص لعموم المشروعية، فيتعين كونه عزيمة، لانتفاء الامر به. وكذا الكلام بعينه في الثالث، لاتحاد لسان السقوط فيهما. وأما الرابع: فلانك عرفت أنه لا دليل على السقوط فيه فإطلاقات المشروعية فيه بلا معارض. نعم قد يشكل فعله من جهة ظهور ما دل على أنها تجمع بين الظهرين بغسل وبين العشائين بغسل في البعدية على نحو ينافيها الاذان. لكنه لو تم لاشكل الاذان في الاولى أيضا مع أنه في غير محله كما تقدم في غسل المستحاضة. بل عن الشهيد: أنه لا إشكال في مشروعية الاذان لها. وأما في الخامس: فمقتضى الجمود على صحيح حريز (* 2) عدم جواز الفصل بين الوضوء والصلاتين إلا بما ذكر في الصحيح من الاذان للاولى والاقامة لها وللثانية، بمعنى: أنه لو فصل لم تبق طهورية الوضوء للصلاة المفصولة بالاذان. لكن لم تم فهو أجنبي عن عدم المشروعية، بل من جهة لزوم تحصيل الطهارة في الصلاة، فهو نظير ما لو كانت له
____________ (* 1) تقدم في المورد الثاني لسقوط الاذان. (* 2) تقدم في المورد الخامس لسقوط الاذان.
===============
( 561 )
[ (مسألة 2): لا يتأكد الاذان لمن أراد إتيان فوائت في دور واحد (1) ] فترة لا تسع إلا الوضوء ونفس الصلاة من دون مقدماتها، فإنه حينئذ للمزاحمة بين شرط نفس العمل وشرط الكمال، لا لانه غير مشروع، فلو جدد وضوءه ثانيا شرع الاذان للصلاة الثانية، كما لعله ظاهر. (1) أما أصل السقوط في الجملة: فالظاهر أنه لا خلاف فيه، ويشهد له صحيح محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك. قال (عليه السلام): يتطهر ويؤذن ويقيم في أولاهن ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير أذان حتى يقضي صلاته " (* 1)، وصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) " قال: إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذن لها وأقم ثم صل ما بعدها بإقامة لكل صلاة " (* 2). وفي صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) " سألته عن الرجل يغمى عليه ثم يفيق. قال (عليه السلام): يقضي ما فاته يؤذن في الاولى ويقيم في البقية " (* 3) وأما مكاتبة موسى بن عيسى: " رجل يجب عليه إعادة الصلاة أيعيدها بأذان وإقامة؟ فكتب (عليه السلام): يعيدها بإقامة " (* 4). فليست مما نحن فيه لظهورها في الفعل ثانيا بعد فعله أولا. فتأمل. مع أنها غير ظاهرة في المتعدد. ومثلها موثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الاذان والاقامة؟ قال (عليه السلام): نعم " (* 5).
____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب قضاء الصلوات حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب قضاء الصلوات حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب قضاء الصلوات حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 37 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 8 من أبواب قضاء الصلوات حديث: 2.
===============
( 562 )
[ لما عدا الصلاة الاولى، فله أن يؤذن للاولى منها، ويأتي بالبواقي بالاقامة وحدها لكل صلاة. (مسألة 3): يسقط الاذان والاقامة في موارد: أحدها: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها (1) ] وهل السقوط فيما عدا الاولى عزيمة كما عن المدارك وغيرها بدعوى ظهور الصحاح المتقدمة في عدم مشروعية الاذان لها أو رخصة كما نسب إلى المشهور بل حكي عليه الاجماع صريحا وظاهرا؟ الاظهر الثاني عملا بعمومات المشروعية التي لا يعارضها الصحاح المذكورة بعد إمكان الجمع بينها بحمل الصحاح على نفي التأكد تسهيلا وتخفيفا على المصلي، كما في نظائره من المستعجل والمسافر. ودعوى: أنه ينافيه قوله (عليه السلام): بغير أذان " في الصحيح الاول. مندفعة بأنه وارد مورد الرخصة والتخفيف، ولا ينافي المشروعية. نعم لو بني على السقوط على نحو العزيمة في مطلق الجمع بين الفريضتين تعين البناء عليه في المقام، لانه من صغرياته، ونصوصه من جملة نصوصه. (1) بلا إشكال ظاهر وإن قل من تعرض له، ويشهد له مضافا إلى السيرة القطعية موثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): " عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجئ آخر فيقول له: نصلي جماعة. هل يجوز أن يصليا بذلك الاذان والاقامة؟ قال (عليه السلام): لا، ولكن يؤذن ويقيم " (* 1) لظهوره في مفروغية السائل عن الاكتفاء بأذان الامام وإقامته، وخبر أبي مريم الانصاري الآتي في المورد الثالث، وخبر إبن عذافر عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أذن خلف من قرأت خلفه " (* 2)، وخبر معاوية
____________ (* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.
===============
( 563 )
[ وأقاموا وإن لم يسمعها، ولم يكن حاضرا حينهما، أو كان مسبوقا، بل مشروعية الاتيان بهما في هذه الصورة لا تخلو عن إشكال (1). ] إبن شريح عن أبي عبد الله (عليه السلام): " ومن أدرك الامام وهو في الركعة الاخيرة فقد أدرك فضل الجماعة، ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الاخيرة وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولا إقامة، ومن أدركه وقد سلم فعليه الاذان والاقامة (* 1). فإنه ظاهر في أن حكم من أدرك الجماعة أن لا أذان عليه ولا إقامة. وتدل عليه أيضا النصوص الآتية في المورد الثاني. (1) لظهور قوله (عليه السلام) في خبر معاوية: " وليس عليه أذان ولا إقامة ". في إنتفاء الامر بهما، بل هو ظاهر التعبير بالاجزاء في خبر أبي مريم. تنبيه الظاهر أنه لا إشكال في سقوط الاذان والاقامة عن الداخل في الجماعة وإن لم يسمع. وفي جواز إكتفاء الامام بأذان بعض المأمومين وإقامتهم وإن لم يسمعهما إشكال. والذي يظهر من بعض النصوص ذلك أيضا، كخبر حفص بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة. أيقوم الناس على أرجلهم أو يجلسون حتى يجئ إمامهم؟ قال (عليه السلام): لا بل يقومون على أرجلهم فإن جاء إمامهم، وإلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم " (* 2)، وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله (عليه السلام)
____________ (* 1) الوسائل باب: 49 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 42 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 1.
===============
( 564 )
[ الثاني: الداخل في المسجد للصلاة (1) ] في حديث -: " إذا قام المؤذن: قد قامت الصلاة. ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم ويقدموا بعضهم ولا ينتظروا الامام " (* 1)، وخبر إسماعيل بن جابر: " إن أبا عبد الله (عليه السلام) كان يؤذن ويقيم غيره. قال: وكان يقيم وقد أذن غيره " (* 2). ونحوه مرسل الصدوق عن علي (عليه السلام) (* 3) وخبر السكوني عن جعفر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) عن علي: " إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا دخل المسجد وبلال يقيم الصلاة جلس " (* 4). وقد يراد ذلك من النصوص المتضمنة: أنه لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم (* 5). يعني: يكتفي الامام بأذانه إذا كان مؤموما لبالغ. وكذا ما تضمن أن عليا (عليه السلام) وأبا عبد الله (عليه السلام) ربما يؤذنان ويقيم غيرهما، وربما يقيمان ويؤذن غيرهما (* 6). فلاحظ. (1) بلا خلاف أجده في ذلك في الجملة، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه. كذا في الجواهر. ويشهد له جملة من النصوص، كموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قلت له: الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم؟ قال (عليه السلام): إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى بأذانهم وإقامتهم، وإن كان تفرق الصف أذن وأقام " (* 7)، وخبر زيدا بن علي (عليه السلام): " دخل رجلان المسجد وقد صلى الناس، فقال لهما
____________ الوسائل باب: 42 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 31 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 31 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 5) راجع الوسائل باب: 32 من أبواب الاذان والاقامة. (* 6) الوسائل باب: 31 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3 و 1. (* 7) الوسائل باب: 35 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.
===============
( 565 )
[ علي (عليه السلام): إن شئتما فليؤم أحدكما صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم "، (* 1) وخبر السكوني عن علي (عليه السلام): " أنه كان يقول: إذا دخل رجل المسجد وقد صلى أهله فلا يؤذنن ولا يقيمن، ولا يتطوع حتى يبدأ بصلاة الفريضة ولا يخرج منه إلى غيره حتى يصلي فيه " (* 2)، وخبر أبي علي: " كنا جلوسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فقال له: جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أحسنت، إدفعه عن ذكل وإمنعه أشد المنع. فقلت: فإن دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة؟ قال (عليه السلام): يقومون في ناحية فإن دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة؟ قال (عليه السلام): يقومون في ناحية المسجد ولا يبدوا بهم إمام " (* 3) وخبر أبي بصير: " سألته عن الرجل ينتهي إلى الامام حين يسلم. فقال (عليه السلام): ليس عليه أن يعيد الاذان فليدخل معهم في أذانهم فإن وجدهم قد تفرقوا أعاد الاذان " (* 4). وعن كتاب زيد النرسي عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا أدركت الجماعة وقد إنصرف القوم ووجدت الامام مكانه وأهل المسجد قبل أن يتفرقوا أجزأك أذانهم وإقامتهم فأستفتح الصلاة لنفسك، وإذا وافيتهم وقد أنصرفوا من صلاتهم وهو جلوس أجزأك إقامة بغير أذان، وإن وجدتهم قد تفرقوا وخرج بعضهم من المسجد فأذن وأقم لنفسك " (* 5). وهذه النصوص بعد إعتضاد بعضها ببعض والاتفاق على العمل بها لا مجال للمناقشة في حجيتها.
____________ الوسائل باب: 25 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 65 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 25 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 5) مستدرك الوسائل باب: 22 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.
===============
( 566 )
[ منفردا أو جماعة (1) وقد أقيمت الجماعة حال إشتغالهم (2) ] وما عن المدارك من الاستدلال للحكم بروايتي أبي بصير الاولى وأبي علي، والاستشكال فيه لاشتراك راوي الاولى بين الثقة والضعيف، وجهالة راوي الثانية، في غير محله، ولا سيما وأن المحقق أن أبا بصير ثقة سواء أكان ليثا أم يحيى، وإبن أبي عمير الراوي عن أبي علي في طريق الصدوق (ره) لا يروي إلا عن ثقة كما عن الشيخ، فتأمل. وأما ما في الجواهر من أن أبا علي الحراني سلام بن عمر الثقة، فلم أعرف مأخذه، إذ ليس فيمن يسمى سلاما من ينسب إلى حران. نعم سلامة بن ذكاء الحراني يكنى أبا الخير صاحب التلعكبري. وكذا ليس فيهم من هو ثقة عندهم سوى سلام بن أبي عمرة الخراساني. ومثله في الاشكال ما ذكره من أن الحسين إبن سعيد الراوي عن أبي علي في طريق الشيخ (ره) من أصحاب الاجماع. وهذا شئ ما أحتمله أحد، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في عددهم وأختلافهم فيه. فراجع. (1) لاطلاق جملة من النصوص المتقدمة، وأختصاص بعضها بمن يريد الصلاة جماعة مع القوم لا ينافيه، لكونهما مثبتين فلا يحمل المطلق منهما على المقيد. كما أن دعوى أنصراف المطلقات إلى خصوص من يريد الائتمام بإمام الجماعة لكونه الغالب، ممنوعة، لمنع كون الغلبة لو سلمت صالحة لصرف المطلقات إلى موردها. (2) يمكن أستفادة حكم الفرض من خبر معاوية بن شريح المتقدم في المورد الاول، لكنه يختص بصورة قصد الائتمام بالامام. وأما النصوص في هذا المورد فلا إطلاق لها يشمله. نعم يمكن أستفادته منها بالاولوية.
===============
( 567 )
[ ولم يدخل معهم، أو بعد فراغهم مع عدم تفرق الصفوف (1) فإنهما يسقطان، لكن على وجه الرخصة لا العزيمة (2) على ] (1) قد صرح بإشتراط ذلك في خبري أبي بصير وإطلاق غيرهما مقيد بهما. وأما خبر زيد النرسي فلو سلمت حجيته لا يخلو من إجمال. نعم مقتضى إطلاق خبري أبي بصير السقوط بمجرد ذهاب البعض، لان الظاهر من التفرق فيهما تفرق الجمع، وهو يحصل بتفرق كل من آحاده ولو بلحاظ بعضهم، لا تفرق كل من آحاده عن كل منها، فإن ذلك خلاف الاطلاق. نعم مقتضى خبر أبي علي عدم السقوط بذلك، فيحمل عليه الخبران. لكن في تمامية حجيته بمجرد رواية إبن أبي عمير عنه تأملا. أللهم إلا أن يكون ذلك بملاحظة طريق الصدوق (ره) إليه المشتمل على جماعة من الاعاظم وفيهم إبن الوليد، ورواية الشيخ (ره) لهذا الحديث بتوسط أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد يوجب الوثوق بالصدق، فيدخل الخبر بذلك في موضوع الحجية، ويتيعن تقييد غيره به. (2) كما لعله المشهور، ولعله لموثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في الرجل أدرك الامام حين سلم. قال (عليه السلام): عليه أن يؤذن ويقيم ويفتتح الصلاة " (* 1)، ولما في خبر معاوية بن شريح المتقدم: " ومن أدركه وقد سلم فعليه الاذان والاقامة " (* 2). وطرحهما لمعارضته لما سبق مما هو ظاهر في عدم المشروعية غير ظاهر بعد إمكان الجمع العرفي بحملهما على الرخصة. وأما حملهما على ما بعد التفرق كما قيل فبعيد جدا. هذا ولكن الانصاف أن ما في خبر أبي علي من قوله (عليه السلام) بعد قول الرجل:
____________ (* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 5. (* 2) تقدم في المورد الاول لسقوط الاذان والاقامة.
===============
( 568 )
[ الاقوى سواء صلى جماعة إماما أو مأموما أو منفردا (1). ويشترط في السقوط أمور: أحدها: كون صلاته وصلاة الجماعة كلتاهما أدائية، فمع كون إحداهما أو كلتيهما قضائية عن النفس أو عن الغير على وجه التبرع أو الاجارة لا يجري الحكم (2). الثاني: أشتراكهما في القوت (3)، فلو كانت السابقة ] " فمنعناه ودفعناه عن ذلك " -: " أحسنت إدفعه عن ذلك وأمنعه أشد المنع " ينافي الرخصة، فالخبران إما أن يحملا على ما لا ينافي ذلك، أو يطرحا ويرد علمهما إليهم (عليهم السلام) فالبناء على العزيمة كما قربه في الجواهر وحكي عن بعض أنسب بقواعد العمل بالنصوص. (1) أما في الاول: فلخبري زيد وأبي علي. وأما في الثاني: فلما عداهما من النصوص الشاملة بإطلاقها لهما. وما ربما ينسب إلى المشهور من تخصيص الحكم بالاول غير ظاهر الوجه. أللهم إلا أن يكون لبنائهم على عدم حجية ما عدا الخبرين، لمعارضتهما بالموثق وخبر معاوية. لكنه كما ترى. مع إمكان التعدي في السقوط من الأول إلى الثاني بالاولوية. فتأمل. (2) لانصراف النصوص إلى الادائيتين. لكن أستشكل فيه في الجواهر من ذلك ومن إطلاق النصوص. وفي الحدائق تعرض في الاشكال لخصوص صورة كون صلاة الداخل قضائية. وليس منشأ الانصراف الغلبة ليتوجه عليه أن الغلبة لا توجب الانصراف المعتد به، بل هو التوظيف. (3) كما ربما نسب إلى المعظم. ووجهه ما سبق في الشرط الاول. مضافا إلى عدم مشروعية الاذان قبل الوقت وعدم الاجتزاء به، فإن غاية ما تفيده أدلة السقوط في المقام أن يفرض أذان الجماعة أذانا له، فإذا كان أذانه قبل الوقت لا يجزؤه فكيف يجزؤه أذان غيره؟
===============
( 569 )
[ عصرا وهو يريد أن يصلي المغرب لا يسقطان. الثالث: إتحادهما في المكان عرفا (1)، فمع كون إحداهما داخل المسجد والاخرى على سطحه يشكل السقوط. وكذا مع البعد كثيرا، الرابع: أن تكون صلاة الجماعة السابقة مع الاذان والاقامة (2)، فلو كانوا تاركين لا يسقطان عن الداخلين وإن كان تركهم من جهة إكتفائهم بالسماع من الغير (3). الخامس: أن تكون صلاتهم صحيحة (4)، فلو كان الامام فاسقا مع علم المأمومين لا يجري الحكم. وكذا لو كان البطلان من جهة أخرى. السادس: أن يكون في المسجد فجريان الحكم في الامكنة الاخرى محل إشكال (5). ] (1) كما جزم به في الجواهر، لكونه المنساق إلى الذهن من النصوص وهو في محله. (2) كما جزم به في الجواهر لما يظهر من النصوص خصوصا خبري أبي بصير من أن الوجه في السقوط الاجتزاء بأذان الجماعة الاولى وإقامتها، وإن كان ظهور غير الخبرين ممنوعا. (3) لان ظاهر من أذانهم وإقامتهم في الموثق ما لا يشمل ذلك، وما في كلام بعض من أنه لا ينبغي التردد في إطراد الحكم في الفرض غير ظاهر. (4) لانها هي الظاهر من النصوص. (5) ينشأ من إطلاق خبر أبي بصير الثاني (* 1). ومن كون الغالب
____________ (* 1) تقدم في المورد الثاني لسقوط الاذان والاقامة.
===============
( 570 )
[ وحيث أن الاقوى كون السقوط على وجه الرخصة فكل مورد شك في شمول الحكم له الاحوط أن يأتي بهما (1)، ] إقامة الجماعة في المساجد الموجب ذلك لانصراف الاطلاق المذكور، ولا سيما وأن الحكم بالسقوط في خبر السكوني قد عبر عنه بصورة القضية الشرطية وجعل شرطها الدخول في المسجد، ويدل مفهومها على عدم السقوط في غيره. أللهم إلا أن يقال: الدخول في المسجد لم يجعل شرطا في خبر السكوني للسقوط فقط، بل ضم إليه أحكام أخر تخص المسجد، ومن الجائز أن يكون للمسجدية دخل في إجتماع تلك الاحكام، فمع عدمها ينتفي مجموعها لا كل واحد منها. مثلا إذا قيل: (إن جاءك زيد راكبا فخذ ركابه وأخلع عليه، و (إذا جاءك زيد فأخلع عليه) لا يقيد إطلاق الجزاء في الثانية بمفهوم الشرطية الاولى ليختص وجوب الخلعة بصورة المجئ راكبا وأما الغلبة: فقد عرفت عدم إقتضائها الانصراف المعتد به. فالبناء على عموم الحكم لغير المسجد كما عن الذكرى وفوائد الشرائع وحاشية الارشاد وحاشية الميسي ومجمع البرهان والمدارك وظاهر جملة أخرى في محله. نعم لا يبعد إختصاص الخبر بمن قصد الائتمام بإمام الجماعة، فالتعدي عنه في غير المسجد إلى غيره لا يخلو من إشكال. (1) إذا شك في ثبوت الحكم في مورد من الموارد، فإن كان الشك بنحو الشبهة الحكمية فالمرجع عموم المشروعية، وإن كان بنحو الشبهة الموضوعية فالمرجع الاصول الموضوعية أو الحكمية، ولو إنتفت وأريد الاحتياط في إستحباب الاذان والاقامة جئ بهما بقصد المشروعية بناء على الرخصة، وبرجاء المشروعية بناء على العزيمة، ولا يختص كون الاحتياط بالاتيان بهما بمعنى دون آخر، وإنما يختلف المبنيان في كيفية الاحتياط من
===============
( 571 )
[ (كما لو شك في صدق التفرق (1) وعدمه، أو صدق إتحاد المكان وعدمه، أو كون صلاة الجماعة أدائية أو لا، أو أنهم أذنوا وأقاموا لصلاتهم أم لا. نعم لو شك (2) في صحة صلاتهم حمل على الصحة، الثالث: - من موارد سقوطهما -: إذا سمع الشخص أذان غيره أو إقامته (3) ] حيث قصد المشروعية أو رجائها، وكذلك لو كان الشك بنحو الشبهة الحكمية ولم يسع الفقيه الفحص وإستقصاء النظر الذي هو شرط صحة الفتوى فلو أراد هو أو مقلدوه الاحتياط كان بالاتيان بهما على أحد النحوين. (1) الظاهر أن مراده الشك من حيث الشبهة المفهومية، فالشهبة حكمية، وقد عرفت الرجوع فيها إلى عموم التشريع. لكن لو أريد الاحتياط كان على أحد النحوين. ويحتمل أن يكون مراده الشبهة الموضوعية، والمرجع فيها أصالة عدم التفرق المثبتة للسقوط، ولو أريد الاحتياط كان على أحد النحوين أيضا. وكذا الحال في الشك في إتحاد المكان، لكن لو كانت الشبهة موضوعية فالاصل يقتضي المشروعية، لاصالة عدم الاتحاد. وكذا لو شك في كون الصلاة أدائية أم لا، أو أنهم أذنوا لها وأقاموا أم لا، اللذان هما من الشبهة الموضوعية. (2) لا يظهر الفرق بين الفرض وما قبله في جريان الاصول المسقطة أو المثبتة، فلا يتضح وجه الاستدراك. (3) بلا خلاف فيه في الجملة، ويشهد له خبر أبي مريم: " صلى بنا أبو جعفر (عليه السلام) في قميص بلا أزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة.. إلى أن قال: وإني مررت بجعفر (عليه السلام) وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فاجزأني
===============
( 572 )
[ فإنه يسقط عنه سقوطا على وجه الرخصة (1)، بمعنى: أنه ] ذلك " (* 1)، وخبر عمر بن خالد عن أبي جعفر (عليه السلام): " كنا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة فقال (عليه السلام): قوموا فقمنا فصلينا معه بغير أذان ولا إقامة، وقال (عليه السلام): يجزؤكم أذان جاركم " (* 2)، وصحيح إبن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا أذن مؤذن فنقص الاذان وأنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه " (* 3). وقد تشير إليه النصوص المتضمنة: أنه لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم (* 4)، وما تضمن صلاة النبي (صلى الله عليه وآله) بأذان جبرئيل وإقامته (* 5)، وما تضمن. أن أبا عبد الله (عليه السلام) كان يؤذن ويقيم غيره، وكان يقيم ويؤذن غيره (* 6)، وكان علي (عليه السلام) كذلك (* 7). لكن يقرب إراده الاكتفاء بنفس الاذان والاقامة للجماعة ولو مع عدم السماع أو مع قطع النظر عنه، كما أشرنا إليه في المورد الاول. ثم إن ظاهر صحيح إبن سنان وخبر إبن الوليد بدلية أذان الغير في حال السماع، فالسقوط بالاذان والسماع شرطه، لا بالسماع، وخبر أبي مريم محتمل لذلك بل لعله ظاهر فيه، فكان الاولى التعبير بالسقوط بأذان الغير عند سماعه، لا بالسماع. والامر سهل. (1) كما عن جماعة من المتأخرين، لقصور النصوص عن المنع، فعموم المشروعية بحاله. بل صحيح إبن سنان ظاهر في أن ذلك موكول إلى إرادة
____________ (* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 30 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 4) راجع الوسائل باب: 32 من أبواب الاذان والاقامة. (* 5) الوسائل باب: 31 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4 و 5 و 6. (* 6) الوسائل باب: 31 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 7) الوسائل باب: 31 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3.
===============
( 573 )
[ يجوز له أن يكتفي بما سمع إماما كان الآتي بهما أو مأموما أو منفردا (1). وكذا في السامع (2). لكن بشرط أن لا يكون ] المصلي، وعن المبسوط: المنع عنه. وأختاره في المستند، لانه مقتضى التعبير بالاجزاء، فإن الظاهر منه الاجزاء عن المأمور به في سقوط الامر. نعم ربما يفهم منه الرخصة بقرينة وروده مورد التسهيل، أو يكون هناك ما يدل على المشروعية، فيجمع بينهما بالحمل على الرخصة، وليس منه المقام. فإن قلت: عموم دليل التشريع يقتضي المشروعية، فليجمع بينهما بذلك. قلت: الجمع العرفي يقتضي بدلية الاذان المسموع عن الاذان الموظف، ومقتضاها سقوط الامر. وأما صحيح إبن سنان: فالمراد به ما يقابل عدم إرادة الصلاة بعد السماع، إما لانه صلاها، أو لانه عازم على التأخير، لا ما يقابل إرادة الصلاة بالاذان، إذ لا إطلاق فيه من هذه الجهة. ولو سلم أختص الجواز بمورده أعني: خصوص الناقص ولا يشمل التام. (1) لاطلاق الخبرين الاولين. (2) أما الامام: فلا خلاف فيه كما قيل لانه مورد الخبرين. وأما المأموم: فالظاهر من النصوص المشار إليها في المورد الاول ومنها الخبران المذكوران هنا كون صلاته تبعا لصلاة الامام فإذا إكتفى الامام بالسماع كفى ذلك للمأموم، بل هو صريح الخبرين المذكورين. وأما إذا لم يسمع الامام ولم يؤذن فالمأموم كالمنفرد، والمشهور أن سماعه أيضا كاف قيل: لاطلاق الصحيح. وفيه: أن الصحيح لا إطلاق له، لانه وارد مورد حكم آخر، ولما في خبر عمر بن خالد من قوله (عليه السلام): " يكفيكم " لكنه غير ثابت الحجية. نعم يمكن أن يستفاد بالاولوية من ثبوت الحكم في الامام. فتأمل.
===============
( 574 )
[ ناقصا (1)، وأن يسمع تمام الفصول (2). ومع فرض النقصان يجوز له أن يتم ما نقصه القائل (3)، ويكتفي به. وكذا إذا لم يسمع التمام يجوز له أن يأتي بالبقية (4) ويكتفي به، لكن بشرط مراعاة الترتيب (5). ولو سمع أحدهما لم يجزئ للآخر (6) والظاهر أنه لو سمع الاقامة فقط فأتى بالاذان لا يكتفي بسماع الاقامة. لفوات الترتيب حينئذ بين الاذان والاقامة. الرابع: إذا حكى أذان الغير أو إقامته، فإن له أن يكتفي بحكايتهما (7). ] (1) لعدم شمول الادلة له. (2) فإنه الظاهر من سماع الاذان والاقامة، ولا ينافيه ما في خبر أبي مريم من جهة إستبعاد سماع تمام فصول الاذان والاقامة بمجرد المرور. إذ مجرد الاستبعاد لا يصحح رفع اليد عن الظاهر. مع أن أصل الاستبعاد ممنوع في بعض أنحاء المرور كما لا يخفى. (3) لصحيح إبن سنان السابق. (4) يفهم من صحيح إبن سنان أيضا. (5) لاطلاق أدلة الترتيب التي لا يعارضها نصوص المقام، لعدم تعرضها لهذه الجهة. (6) لعدم الدليل على الاجزاء. (7) كما ذكر في نجاة العباد. ولم أقف على ما يدل عليه. نعم ما دل على الاكتفاء بالسماع يدل على الاكتفاء بالحكاية، لانها إنما تشرع بعد السماع لا مطلقا. لكنه لا ينبغي عدها قسما برأسه في مقابل السماع. ويحتمل أن يكون الوجه فيه: أن الحكاية أذان بقصد المتابعة نظير صلاة
===============
( 575 )
[ مسألة 4): يستحب حكاية الاذان عند سماعه (1) ] المأموم، فلو لم يدل على الاكتفاء بالسماع دليل أمكن الاكتفاء بها، لانها مصداق حقيقي للاذان. ودعوى: أن الحكاية ليست من الاذان، لان المؤذن يقصد معنى الفصول والحاكي يقصد لفظ الفصول. فيها: أن التعبير بالحكاية إنما كان في كلمات الاصحاب، وأما النصوص فإنما أشتملت على أن يقول مثل ما يقول المؤذن، وفسرها بذلك الاصحاب، والظاهر إرادتهم قصد معنى الفصول كما يظهر ذلك مما ورد أنه ذكر لله تعالى (* 1). لكن في ظهور نصوص الحكاية في كونها أذانا بقصد المتابعة نظير صلاة المأموم تأملا أو منعا. بل الظاهر منها أن أستحبابها من باب الذكر. فلاحظ ولو سلم لم يناسب قوله (ره): " له أن يكتفى.. ". الظاهر في الرخصة. مضافا إلى أنه ينبغي تخصيص الاكتفاء بصورة حكاية جميع الفصول من دون تبديل بالحوقلة. فلاحظ. (1) إجماعا حكاه جماعة كثيرة. ويشهد له جملة من النصوص كصحيح إبن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا سمع المؤذن يؤذن قال مثل ما يقول في كل شئ " (* 2)، وصحيحه الآخر عنه (عليه السلام): " يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله عزوجل على كل حال، ولو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فأذكر الله عزوجل وقل كما يقول المؤذن " (* 3). ونحوهما غيرهما. وفي بعضها: أنه يزيد في الرزق (* 4).
____________ (* 1) يأتي في التعليقة الاتية. (* 2) الوسائل باب: 45 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 45 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام الخلوة حديث: 3.
===============
( 576 )
[ سواء كان أذان الاعلام أو أذان الاعظام (1)، أي أذان الصلاة جماعة، أو فرادى، مكروها كان (2) أو مستحبا. نعم لا يستحب حكاية الاذان المحرم (3). والمراد بالحكاية: أن يقول مثل ما قال المؤذن (4) عند السماع، من غير فصل معتد به (5) وكذا يستحب حكاية الاقامة (6) أيضا. لكن ينبغي إذا قال ] (1) بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه إطلاق النصوص. (2) للاطلاق أيضا. والمراد بالمكروه: الاذان في بعض موارد السقوط. (3) كما عن نهاية الاحكام والتذكرة وكشف الالتباس والروض والمسالك وجامع المقاصد حيث خصوا الاستحباب بالاذان المشروع، وكأنه لانصراف النصوص إليه. لكن التعليل في بعضها بأن ذكر الله تعالى حسن على كل حال (* 1)، يقتضي العموم كما عن بعض التصريح به. (4) كما هو المأخوذ موضوعا للحكم في النصوص، وليس فيها ذكر الحكاية كما عرفت. وفي الشرائع وعن المبسوط والوسيلة وغيرها: يستحب أن يحكيه مع نفسه. والظاهر منه إرادة الحكاية بنحو كأنه يتكلم مع نفسه ودليله غير ظاهر. وعن فوائد الشرائع: تفسيره بأن لا يرفع صوته كالمؤذن. قال في محكي كلامه: " وسمعت من بعض من عاصرناه من الطلبة إستحباب الاسرار بالحكاية ولا يظهر لي وجهه الآن ". وكما لم يظهر له وجه إستحباب الاسرار لم يظهر لنا وجه إستحباب أن لا يرفع صوته كالمؤذن. (5) كما يظهر من النصوص، ولا سيما ما أشتمل منها على حرف المعية. (6) كما عن بعض الاصحاب. ولا دليل عليه ظاهر، لاختصاص النصوص بالاذان. وإرادة ما يعم الاقامة منه. غير ظاهرة. ولذا صرح
____________ (* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام الخلوة حديث: 2.
===============
( 577 )
[ المقيم: (قد قامت الصلاة) أن يقول هو: (أللهم أقمها وأدمها وأجعلني من خير صالحي أهلها) (1). والاولى تبديل الحيعلات بالحولقة (2) بأن يقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله). ] جماعة على ما حكي بالاختصاص بالاذان دون إقامة، بل نسب ذلك إلى المشهور. نعم يمكن أن يستفاد التعميم من التعليل في بعض النصوص بأن ذكر الله تعالى حسن، لكنه لا يشمل الحيعلات. أللهم إلا أن يستفاد الشمول لها من جعله علة لحكاية تمام الفصول أن تمامها من الذكر. ومثله مرسل الدعائم عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا قال المؤذن: ألله أكبر. فقل: ألله أكبر، فإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقل: أشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا قال: الله عليه وآله) فقل: أشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا قال: قد قامت الصلاة. فقل: أللهم أقمها وأدمها وأجعلنا من خير صالحي أهلها عملا " (* 1). بل تمكن المناقشة في دلالته على أستحباب حكاية جميع أذكار الاقامة أيضا. فلاحظ. (1) لما في خبر الدعائم المتقدم. (2) كما تضمنه مرسل الدعائم عن علي بن الحسين (عليه السلام): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول، فإذا قال: حي على الصلاة حي على الفلاح حي على خير العمل. قال: لا حول ولاقوة إلا بالله " (* 2) ونحوه خبر الآداب والمكارم (* 3) على ما حكاه العلامة الطباطبائي في منظومته لكن في صلاحيتهما لمعارضة الصحاح المتقدمة الدالة على أستحباب حكاية الحيعلات تأملا ظاهرا. فالجمع بينها بعد البناء على قاعدة التسامح
____________ (* 1) مستدرك الوسائل باب: 34 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 6. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 34 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 5. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 34 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 9.
===============
( 578 )
[ (مسألة 5): يجوز حكاية الاذان وهو في الصلاة (1) لكن الاقوى حينئذ تبديل الحيعلات بالحولقة (2). ] يقتضي البناء على أستحباب كل منهما جمعا. (1) كما صرح به جماعة وحكي عن ظاهر آخرين، ويقتضيه أطلاق النصوص المتقدمة، الشامل لحال الصلاة وغيرها. ودعوى عدم الاطلاق فيها ممنوعة جدا. وما عن صريح المبسوط والخلاف والتذكرة ونهاية الاحكام والبيان وجامع المقاصد والروض وغيرها من نفي أستحباب الحكاية في الصلاة، معللا بأن الاقبال على الصلاة أهم. غير ظاهر أولا: لعدم ثبوت الاهمية وثانيا: لان الاهمية لا تنافي الاستحباب. (2) يعني: لو لم يبدل الحيعلات بالحولقة بطلت صلاته كما نص عليه جماعة لان الحيعلات من كلام الآدميين المبطل، وحينئذ فلو حرم الابطال حرمت الحكاية، ولو جاز كما في النافلة جازت. ودعوى: أنها ليست من كلام الآدميين بل هي من الذكر غير المبطل، كما يظهر من نصوص الحكاية. ممنوعة جدا. كيف؟! والظاهر أنه لا إشكال في الابطال بها في غير مورد الحكاية. وأضعف منها دعوى: أن ما بين ما دل على إستحباب الحكاية مطلقا وما دل على البطلان بكلام الآدميين عموم من وجه، فالبناء على البطلان يتوقف على ترجيح الثاني، وهو غير ظاهر، فيكون المرجع في مورد المعارضة الاصل. إذ فيها: أن الاول لا يدل على عدم البطلان بوجه وإنما يتعرض لحيثية الاستحباب لا غير، فإطلاق الثاني محكم. نعم في مورد يحرم الابطال فيه يقع التعارض بين إطلاق الاستحباب وإطلاق حرمة الابطال. لكن في مثل ذلك يجمع العرف بين الدليلين بحمل الاول على كونه واردا لبيان حكمه بالنظر إلى عنوانه الاولي فلا يصلح
===============
( 579 )
[ (مسألة 6): يعتبر في السقوط بالسماع عدم الفصل الطويل بينه وبين الصلاة (1). (مسألة 7): الظاهر عدم الفرق بين السماع والاستماع (2). (مسألة 8): القدر المتيقن من الاذان الاذان المتعلق بالصلاة (3)، فلو سمع الاذان الذي يقال في أذان المولود أو وراء المسافر عند خروجه (4) إلى السفر لا يجزؤه. ] لمعارضة إطلاق الدليل المتعرض لحكمه بالنظر إلى عنوانه الثانوي وهو عنوان الابطال، فيكون التعارض من قبيل تعارض اللامقتضي مع المقتضي المقدم فيه الثاني. ولذلك يتعين القول بحرمة الحكاية حيث يحرم الابطال وبجوازها حيث يجوز. ثم إنه بناء على عدم جواز حكاية الحيعلات قد يستشكل في مشروعية حكاية ما عداها من الفصول، لانه بعض الاذان، ولا دليل على مشروعية حكاية البعض، ولا دليل معتد به على بدلية الحولقة كي يكون الاتيان بها مع بقية الفصول حكاية لتمام الاذان. وفيه: أنه مبني على عدم تمامية قاعدة التسامح الدالة على البدلية. مع أن الظاهر من أدله إستحباب الحكاية هو إستحباب حكاية كل فصل لنفسه لا أنه إرتباطي بين جميع الفصول فلاحظ. (1) إذ لا تفي أدله كفاية المساع إلا ببدليته عن المسموع، فما دل على أعتبار عدم الفصل بين الاذان والاقامة وبين الصلاة محكم. (2) الموضوع في الادلة السماع، والاستماع من جملة أفراده. (3) لانه ظاهر من نصوص البدلية، ولا سيما ملاحظة ذكر الاقامة معه فيها. (4) قال في الجواهر: " قد شاع في زماننا الاذان والاقامة خلف
===============
( 580 )
[ (مسألة 9): الظاهر عدم الفرق بين أذان الرجل والمرأة (1)، إلا إذا كان سماعه على الوجه المحرم، أو كان أذان المرأة على الوجه المحرم. (مسألة 10): قد يقال: يشترط في السقوط بالسماع أن يكون السامع من الاول قاصدا للصلاة. فلو لم يكن قاصدا وبعد السماع بنى على الصلاة لم يكف في السقوط. وله وجه (2). ] المسافر، حتى إستعمله علماء العصر فعلا وتقريرا، إلا أني لم أجد به خبرا، ولا من ذكره من الاصحاب ". (1) لا يخلو من إشكال، إذ لا إطلاق في النصوص يشمل المرأة. وأما ما في خبر إبن خالد من قوله (عليه السلام): " يجزؤكم أذان جاركم " (* 1) لو سلم شموله المرأة فضعيف السند. وقاعدة الاشتراك لو سلمت أختصت بما إذا كان الرجل موجها إليه الحكم، لا ما إذا كان قيدا لموضوعه كما تقدم في بعض المباحث السابقة. ثم إنه لو بنى على التعميم إختص بالاذان والسماع المحللين، لانهما مورد النصوص كما تقدم في المسألة السابقة، لا أقل من عدم الاطلاق الشامل لغيرهما. (2) كأنه من جهة أن إعتبار التعيين في الاذان كما سيأتي يقتضي إعتباره في السماع المنزل منزلته. لكنه يتوقف على كون البدل هو السماع لا نفس الاذان المسموع، ويلزمه إعتبار تعيين الصلاة المقصودة أيضا، لا مجرد قصد الصلاة في الجملة.
____________ (* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3.