فصل من أركان الدين: الحج (1). وهو واجب على كل من استجمع الشرائط الآتية، من الرجال والنساء والخناثى. بالكتاب، والسنة، والاجماع من جميع المسلمين بل بالضرورة. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين. (1) كما تضمنته الروايات الكثيرة المروية في كتب الفريقين، كصحيح زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام): " بنى الاسلام على خمس: على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية " (* 1). ونحوه مما هو كثير. وفي المنتهى: " روي عن ابن عمر: ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: بنى الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) (* 2) وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان (* 3)، وحج البيت " (* 4)
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 2. (* 2) الشهادة بالرسالة غير موجودة في رواية المنتهى، نعم هي موجودة في رواية صحيح البخاري. (* 3) هذه الفقرة غير موجودة في رواية المنتهى، ولا في رواية البخاري. (* 4) الموجود في رواية البخاري: (الحج)، مع تقديمه على الصوم. وفي رواية المنتهى زيادة: " من استطاع إليه سبيلا ". لاحظ المنتهى ج 2 كتاب الحج صفحة: 1، صحيح البخاري ج: 1 الباب: 1.
===============
( 4 )
ومنكره في سلك الكافرين (1)، وتاركه عمدا مستخفا به بمنزلتهم (2)، (1) كذا كله في الجواهر وغيرها. والظاهر أنه لا إشكال في ذلك نعم زاد في الجواهر قوله: " بل لعل تأكد وجوبه كذلك، فضلا عن اصل الوجوب... ". وكأن وجهه: قوله تعالى: (ومن كفر فان الله غني عن العالمين) (* 1) فان التعبير عن الترك بالكفر يدل على مزيد الاهمية. ولكنه غير ظاهر، إذ المراد بالكفر مقابل الشكر، وكما يحصل ذلك بترك الواجبات المؤكدة يحصل بترك الوجبات غير المؤكدة. اللهم الا ان يقال: تخصيصه بهذا التعبير يدل على نحو من الاهمية، إذ لم يرد ذلك في كثير من الواجبات، فيدل ذلك على تميزه عنها بتأكد وجوبه. لكن ذلك موجب لعده من الضروريات عند العلماء، لا عند المسلمين ومن ضروريات الدين. (2) إذا كان الوجه في ذلك ما ذكره في الجواهر: من أن تأكد وجوبه ضروري، فالاستخفاف به راجع الى إنكار الاهمية، فيكون من انكار الضروري. فمقتضاه: أن مجرد الاستخفاف به موجب لذلك وإن لم يتركه فإذا أداه مستخفا به فقد أنكر الضروري. وإن كان الوجه فيه: النصوص الكثيرة، التي منها صحيح ذريح المحاربي عن ابي عبد الله (عليه السلام)، قال: " من مات ولم يحج حجة الاسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به. أو مرض لا يطيق فيه الحجج، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديا أو نصرنيا " (* 2)، فلا اختصاص لها بالاستخفاف، ومقتضى إطلاقها ترتب الاثر المذكور على الترك ون لم يكن عن استخفاف. هذا إذا كان المراد من الاستخفاف به اعتقاد عدم أهميته، وإذا كان المراد به أنه في غير محله، فهو من انكار الضروري ضرورة، فيلحقه حكمه كما
____________
(* 1) آل عمران: 97. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب وجوب الحج حديث: 1.
===============
( 5 )
وتركه من من غير استخفاف من الكبائر (1). ولا يجب في أصل الشرع إلا مرة واحدة في تمام العمر (2)، وهو المسمى بحجة الاسلام، أي: الحج الذي بني عليه الاسلام، مثل الصلاة والصوم والخمس والزكاة. وما نقل عن الصدوق في العلل: من وجوبه على أهل الجدة كل عام - على فرض ثبوته - (3) شاذ، مخالف للاجماع والاخبار (4)، ولا بد من حمله على تقدم، فلا يحسن جعله في مقابل ما تقدم. ولا دخل للترك عمدا في ترتب أثره. (1) لان ترك الواجب معدود من الكبائر في الروايات المتعرضة لعدد الكبائر. (2) باجماع المسلمين على ذلك - كما في المنتهى - وإجماعا بقسميه من المسلمين فضلا عن المؤمنين - كما في الجواهر - بل ينبغى عد ذلك من الضروريات. نعم قال في العلل - بعد ما روى خبر محمد بن سنان الاتى: - " جاء هذا الحديث هكذا، والذي اعتمده وأفتى به: أن الحج على أهل الجدة في كل عام فريضة.. " (* 1)، ثم استدل بالاخبار الاتية. (3) يظهر من الصمنف الارتياب في ثبوت ذلك، وسبق إلى ذلك العلامة في المنتهى. لكن لا مجال للارتياب في ثبوته، بقرينة أنه ذكره في ذيل خبر ابن سنان الاتى. اللهم إلا أن يكون الارتياب في وجود هذا الكلام في العلل. فتأمل. نعم المقام العلمي الرفيع للصدوق يأبى صدور ذلك منه لما عرفت من أنه من الواضحات، نسأله تعالى العصمة، إنه أرحم الراحمين. (4) في صحيح هشام بن سالم - المروي عن محاسن البرقي - عن أبى عبد الله (عليه السلام)، قال: " ما كلف الله تعالى العباد إلا ما يطيقون، إنما كلفهم
===============
( 6 )
بعض المحامل - كالاخبار الواردة بهذا المضمون - (1) من ارادة الاستحباب المؤكد، أو الوجوب على البدل (2)، في اليوم والليلة خمس صلوات.. (إلى أن قال): وكلفهم حجة واحدة وهم يطيقون أكثر من ذلك " (* 1) وفي خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) قال: " إنما أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك، لان الله تعالى وضع الفرائض على أدنى القوة " (* 2). وفي خبر محمد بن سنان: " إن أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله، قال: علة فرض الحج مرة واحدة: لان الله تعالى وضع الفرائض على ادنى القوم قوة، فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحدا، ثم رغب أهل القوة على قدر طاقتهم " (* 3). (1) في صحيح على بن جعفر (عليه السلام) عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: " إن الله عزوجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام، وذلك قوله عزوجل: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين) (* 4). قال: قلت: فمن لم يحج منا فقد كفر؟ قال: لا، ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر " (* 5). ونحوه صحيح أبى جرير القمى (* 6)، وخبر حذيفة بن منصور (* 7) وغيرهما. (2) هذا الاحتمالان حكاهما في الوسائل عن الشيخ. (ره)
____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب وجوب الحج حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب وجوب الحج حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب وجوب الحج حديث: 3. (* 4) آل عمران: 97. (* 5) الوسائل باب: 2 من أبواب وجوب الحج حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 2 من ابواب وجوب الحج حديث: 4. (* 7) الوسائل باب: 2 من ابواب وجوب الحج حديث: 2.
===============
( 7 )
بمعنى: أنه يجب عليه في عامه، وإذا تركه ففي العام الثاني، وهكذا. ويمكن حملها على الوجوب الكفائي، فانه لا يبعد وجوب الحج كفاية (1) على كل أحد في كل عام إذا كان متمكنا، بحيث لا تبقى مكة خالية من الحجاج، لجملة من الاخبار الدالة على أنه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحج (2)، والاخبار الدالة على أن على الامام - كما في بعضها - (3)، وعلى الوالي - كما في آخر - (4) أن يجبر الناس على الحج والمقام في مكة وزيارة الرسول (صلى الله عليه وآله) والمقام عنده، وأنه إن لم يكن (1) كما يظهر من النصوص الاتية، وحكي القول بهما عن الشيخ وغيره. (2) عقد في الوسائل بابا لهذا الحكم، وذكر فيه جملة وافرة من الروايات منها: صحيح حماد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان علي - صلوات الله عليه - يقول لولده: يا بني انظروا بيت ربكم فلا يخلو منكم فلا تناظروا " (* 1) ونحوه غيره. (3) في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لو عطل الناس الحج لوجب على الامام ان يجبرهم على الحج إن شاؤا وإن أبوا، فان هذا البيت إنما وضع للحج " (* 2). (4) في صحيح الفضلاء عن ابي عبد الله (عليه السلام): " لو ان الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده، ولو تركوا زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده فان لم يكن لهم اموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين " (* 3) ونحوه
____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب وجوب الحج حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب وجوب الحج حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب وجوب الحج حديث: 2.
===============
( 8 )
[ لهم مال أنفق عليهم من بيت المال. (مسألة 1): لا خلاف في أن وجوب الحج - بعد تحقق الشرائط - فوري، بمعنى: أنه يجب المبادرة إليه في العام الاول من الاستطاعة (1)، فلا يجوز تأخيره عنه، وإن تركه فيه ففي. ] غيره. لكن حمل النصوص - المتقدمة في دليل الصدوق - على ما ذكر بعيد لاختصاصها بأهل الجدة، والاجبار لا يختص بهم. ولعمومها لصورة عدم حصول التعطيل، والاجبار يختص به، ولذلك جعل في الجواهر حمل النصوص على الوجوب الكفائي - الذي جعله في الوسائل أقرب - غريبا. وقريب منه في البعد والغرابة حمل الوجوب على البدل، بل كاد أن يكون مقطوعا بخلافه. واقرب الوجوه الحمل على الاستحباب المؤكد، ولذا اقتصر عليه في المعتبر وغيره. (1) في التذكرة والمنتهى: " قاله علماؤنا اجمع... ". ونحوه كلام غيره. ويشهد له النصوص، كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال الله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا..) (* 1)، قال: هذه لمن كان عنده مال وصحة. وإن كان سوفه للتجارة فلا يسعه، وإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام، إذا هو يجد ما يحج به " (* 2)، وصحيح الحلبي عن أبى عبد الله (عليه السلام): " إذا قدر الرجل على ما يحج به، ثم دفع ذلك وليس له شغل يعذره به، فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام " (* 3). ونحوهما غيرهما. وقد عقد في الوسائل بابا واسعا للاخبار المستفاد منها ذلك (* 4)،
____________
(* 1) آل عمران: 97. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب وجوب الحج حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب وجوب الحج حديث: 3. (* 4) لاحظ الباب: 6 من ابواب وجوب الحج.
===============
( 9 )
[ العام الثاني، وهكذا، ويدل عليه جملة من الاخبار. ولو خالف وأخر - مع وجود الشرائط - بلا عذر يكون عاصيا. بل لا يبعد كونه كبيرة، كما صرح به جماعة، (1)، ويمكن استفادته من جملة من الاخبار (2). ] وإن كانت دلالة كثير منها على ما نحن فيه محل مناقشة. (1) منهم المحقق في الشرائع، فذكر فيها أن التأخير كبيرة موبقة. وفي المسالك: " بلا خلاف في ذلك عندنا.. ". وفي المدارك: بعد ما ذكره ما في الشرائع وغيره من الاحكام - قال: " هذه الاحكام كلها إجماعية، على ما نقله جماعة منهم المصنف في المعتبر.. ". لكن الذي يظهر من المعتبر: ان الفورية إجماعية، أما كون التأخير كبيرة فلا يظهر منه. (2) يمكن استفادته من صحيح عبد العظيم الحسني، حيث عد من جملة الكبائر: ترك ما فرضه الله تعالى (* 1)، ومن خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) فيما كتبه إلى المأمون، حيث عد من جملة الكبائر: الاستخفاف بالحج (* 2)، بناء على ان يكون المراد منه الاستخفاف العملي، فان تركه في العام الاول نوع من الاستخفاف العملي به. وأما ما ورد من أنه: " من مات ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا " (* 3) فالظاهر اختصاصه بصورة ترك الحج في تمام العمر، فلا يشمل صورة ما إذا تركه في العام الاول وحج في العام الثاني. وأما الاية الشريفة (* 4) فقد عرفت أن المراد من الكفر فيها ترك الشكر، وهو قد يكون بفعل
____________
(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 33. (* 3) الوسائل باب: 7 من ابواب وجوب الحج حديث: 5. (* 4) يريد بها قوله تعالى: (ومن كفر فان الله غني عن العالمين) بعد قوله: (ولله على الناس حج البيت..) آل عمران: 97.
===============
( 10 )
[ (مسألة 2): لو توقف إدراك الحج - بعد حصول الاستطاعة - على مقدمات: من السفر وتهيئة أسبابه، وجب المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحج في تلك السنة. ولو تعددت الرفقة، وتمكن من المسير مع كل منهم، اختار أوثقهم سلامة وإدراكا (1). ] الكبيرة، وقد يكون بفعل الصغيرة. (1) قال في المدارك: " ولو تعدد الرفقة في العام الواحد، قيل: وجب المسير مع أولها، فان أخر عنها وأدركه مع التالية، وإلا كان كمؤخره عمدا في استقرار، وبه قطع جدي في الروضة. وجوز الشهيد في الدروس التأخير عن الاولى إن وثق بالمسير مع غيرها. وهو حسن، بل يحتمل قويا: وجواز التأخير بمجرد احتمال سفر الثانية، لانتفاء الدليل على فوريه المسير بهذا المعنى. وأطلق العلامة في التذكرة جواز التأخير عن الرفقة الاولى. لكن المسألة في كلامه مفروضة في حج النائب، وينبغي القطع بالجواز إذا كان سفر الاولى قبل أشهر الحج. وقيل تضيق الوقت الذي يمكن ادراكه فيه، لانه الاصل، ولا مقتضى للخروج عنه.. ". اقول: أما ما ذكره المصنف (ره)، من لزوم اختيار الاوثق سلاما وإدراكا، ففيه: إنه غير ظاهر. بل هو خلاف طريقة العقلاء والمتشرعة، فانهم لا يزالون يسلكون الطرق المعتادة في السفر إلى الحج وغيره من الواجبات، مع اختلافها في الوثوق المذكور، وما كانوا يجتمعون على سلوك الاوثق ويتركون غيره. وكذلك في مراجعتهم الاطباء في معالجات امراضهم مع اختلاف الاطباء في الوثاقة. إذ ليس بناؤهم على مراجعة الاوثق لا غير، بحيث تكون مراجعتهم لغيره تقصيرا منهم في حفظ الصحة أو حفظ النفس نعم الاوثق أرجح عندهم، وقد يكون لغير الاوثق مرجع آخر، فليس
===============
( 11 )
[ ولو وجدت واحدة ولم يعلم حصول أخرى، أو لم يعلم التمكن من المسير والادراك للحج بالتأخير، فهل يجب الخروج مع الاولى، أو يجوز التأخير إلى الاخرى بمجرد احتمال الادراك، أو لا يجوز إلا مع الوثوق؟ أقوال، أقواها الاخير (1). ] الترجيح بالاوثقية على نحو اللزوم. نعم مع التعارض والتكاذب بان يقول أحد الطيبين: الدواء كذا لا غيره، ويقول الاخر: الدواء شئ آخر لا غيره، بحيث ينفى كل منهما قول صاحبه لا ينبغى التأمل في لزوم العمل - عقلا - بالاوثق، لا في مثل المقام مما يحتمل الاصابة في كل من القولين. فالانسب مقايسة المقام بباب الموسعات، لا بباب لزوم تقليد الاعلم. فتأمل. ومثله في الاشكال: ما حكاه في المدارك عن بعض - وقطع به جده في الروضة -: من لزوم السير مع القافلة الاولى وإن حصل العلم بوجود الثانية، فانه ايضا غير ظاهر. والسبق الزماني لا يصلح للترجيح. اللهم إلا ان يختص كلامه بصورة العلم بادراك الاولى وعدم العلم بادراك الثانية، فيكون الترجيح من جهة الاوثقية - كما ذكره المصنف (ره) - وقد عرفت إشكاله. وأما ما ذكره: من حصول الاستقرار إذا لم يدرك الحج، فهو لا يختص بالفرض الذي ذكره، بل يجرى فيما لو سافر مع الاولى فلم يدركه وكان بحيث لو سافر مع الثانية أدركه، لان المدار في الاستقرار القدرة الحاصلة بالسفر مع إحدى القافلتين، وإن كان قد سافر مع غيرها التي لم تدرك. وبالجملة: مع تعدد القوافل لا موجب للخروج مع الاولى، لعدم الخصوصية لها، لا من حيث التكليف، ولا من حيث الوضع. (1) قد عرفت من عبارة المدارك: أن القول الاول اختاره في الروضة، والثاني اختاره في التذكرة. والثالث اختاره في الدروس، ومال
===============
( 12 )
[ وعلى أي تقدير إذا لم يخرج مع الاولى، واتفق عدم التمكن من المسير، أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير استقر عليه الحج (1)، وإن لم يكن آثما بالتأخير، لانه كان متمكنا من الخروج مع الاولى. إلا إذا تبين عدم إدراكه لو سار معهم أيضا. ] إليه في الجواهر. والعمدة في وجهه: ان التأخير مع الوثوق المذكور لا يعد تفريطا في اداء الواجب. ولا يبعد ان يكون الامر كذلك ايضا مع الظن، كما يشهد به بناؤهم على جواز تأخير الصلاة عن اول الوقت إذا لم تكن أمارة على الموت، وكذا تأخير قضائها وغيرهما من الموسعات. والفرق بين ذلك وبين ما نحن فيه، بوجود المقتضي للبقاء هناك وعدم وجوده هنا. مندفع: بان المقتضى قد يحرز في الفرض، فيكون العدم فيه لوجود المانع. على ان الفرق المذكور غير فارق، لان الظاهر من ملاحظة كلماتهم في غير المقام جواز التأخير ما لم تظهر أمارات العجز. فان قلت: قد اشتهر أنه مع الشك في القدرة يجب الاحتياط. قلت: يختص ذلك بصورة ما إذا كان الشك في القدرة موجبا للشك في التكليف، ولا يشمل مثل المقام. نعم إذا فرض الشك في حصول التفريط بالتأخير مع الظن، فالمرجع قاعدة الاحتياط، لعدم المؤمن عقلا، فيلزم دفع الضرر المحتمل. (1) كما عرفت في الحاشية السابقة.