[ فصل في الخلل الواقع في الصلاة أي: الاخلال بشئ مما يعتبر فيها وجودا أو عدما. (مسألة 1): الخلل: إما أن يكون عن عمد، أو عن جهل، أو سهو، أو اضطرار، أو إكراه، أو بالشك. ثم إما أن يكون بزيادة أو نقيصة. والزيادة: إما بركن، أو غيره ولو بجزء مستحب - كالقنوت (1) في غير الركعة الثانية ] فصل في الخلل (1) في كون الأجزاء حقيقة تأمل أو منع - أشرنا إليه في شرائط الوضوء، وفي مبحث القيام أيضا - لامتناع كونها أجزاء للماهية، ضرورة صدق الماهية بدونها، ويمتنع صدق الكل بدون جزئه. وامتناع كونها أجزاء للفرد، لأنها لو كانت أجزاء للفرد لوجب التعبد بها بقصد الوجوب كسائر أجزاء الفرد، فان الأمر الوجوبي المتعلق بالماهية يسري إلى كل ما تنطبق عليه الماهية، فإذا فرض كون الشئ جزءا لفرد كان ذلك الشئ موضوعا للانطباق ضمنا، فيتعلق به الوجوب كذلك، فيجب التعبد به بقصد ذلك الوجوب الضمني، مع أن بناء الاصحاب (رض) على كون التعبد بالأجزاء المستحبة إنما هو بقصد الاستحباب لا غير، فيكشف ذلك عن أنها ليست أجزاء للفرد ولا للماهية، بل هي مستحبات ظرفها الواجب نظير المستحبات التي يندب إليها في زمان معين أو مكان كذلك. وعلى هذا فيكون فعلها في غير محلها ليس من الزيادة في شئ، لأن صدق الزيادة منوط بفعلها بقصذ الجزئية، إذ لو لا ذلك لزم صدقها بفعل بعض الأمور
===============
( 378 )
[ أو فيها في غير محلها - أو بركعة. والنقيصة: إما بشرط ركن - كالطهارة من الحدث والقبلة - أو بشرط غير ركن أو بجزء ركن أو غير ركن، أو بكيفية - كالجهر، والاخفات، والترتيب، والموالاة - أو بركعة. (مسألة 2): الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة، باقسامه: من الزيادة (1) ] المقارنة - مثل حركة اليد، والنظر إلى الأجنبية، وغيرهما من الافعال المقارنة المباحة أو المحرمة - وهو معلوم البطلان. وعلى هذا فلو ثبت: أن حكم مطلق الزيادة العمدية في الصلاة هو البطلان، وحكم السهوية هو وجوب سجود السهو، لم يترتبا على مثل فعل القنوت - عمدا أو سهوا في غير محله، بل لا بد - في ترتيبهما - من دلالة دليل بالخصوص، غير ما دل على حكم مطلق الزيادة العمدية والسهوية. وما في مصحح زرارة عن أحدهما (ع): (لا تقرأ في المكتوبة بشئ من العزائم، فان السجود زيادة في المكتوبة) (* 1) لابد أن يكون محمولا على غير ظاهره. (1) إما لأن العبادات كمعاجين الأطباء التي تقدح فيها الزيادة كالنقيصة أو لأنه تشريع محرم فيبطل. أو لصحيح أبي بصير: (من زاد في صلاته فعليه الاعادة) (* 2) أو لمصحح زرارة وبكير: (إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا، إذا كان قد استيقن ذلك يقينا) (* 3) أو للتعليل في مصحح زرارة السابق: (فان السجود زيادة في المكتوبة) أو للتعليل في خبر الاعمش عن جعفر (ع) - في حديث
____________
(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب القرائة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1.
===============
( 379 )
شرائع الدين -: (ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته، لأنه زاد في فرض الله عزوجل) (* 1) ونحوه ما عن تفسير العياشي. لكن تمكن المناقشة في جميع ذلك. فان الأول مصادرة - بل ممنوع - بشهادة صحة العبادة المقارنة لكثير من الافعال المباحة أو المحرمة، كما تقدم والتشريع وإن كان لا يبعد اقتضاؤه عقلا تحريم الفعل كاقتضائه تحريم الالتزام الذي هو من أعمال القلب، بل ما دل على تحريم البدعة ظاهر في كون موضوعه نفس العمل الخارجي إلا أنه يختص تحريمه به ولا يسري إلى بقية الأجزاء، كي تبطل من جهة امتناع التعبد بما هو حرام. نعم إذا كان تشريعا في أمر العبادة لا في أمر الجزء كان مبطلا لها، لفقد التعبد بالامر الواقعي. وكذا لو كان الامتثال مقيدا بالزيادة على نحو وحدة المطلوب. لكنه ليس من محل الكلام. وصحيح أبي بصير منصرف إلى زيادة الركعة أو محمول على ذلك، بقرينة ما دل على عدم قدح زيادة الجزء سهوا، الموجب لرفع اليد عن إطلاقه على كل حال. والمصحح ظاهر في السهو، فيجب حمله على زيادة الأركان، لعدم قدح زيادة غيرها سهوا. مع أن المروي في الوسائل والكافي: زيادة: (ركعة) بعد (المكتوبة) (* 2) فيختص بزيادة الركعة. والتعليل في مصحح زرارة لا يخلو من إجمال، لما عرفت: من أن سجدة العزيمة ليست زيادة في الصلاة، لعدم قصد الجزئية بها. وخبر الاعمش - مع ضعفه في نفسه - ظاهر في الزيادة على ما افترضه الله سبحانه - أعني: الركعتين - لا مطلق الزيادة. هذا ولكن الانصاف منع دعوى: الانصراف إلى الركعة في الصحيح ورفع اليد عن إطلاقه في الزيادة السهوية - في غير الركن - لا يوجب حمله
____________
(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 8. (* 2) راحع الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل حديث: 1 وباب: 14 من ابواب الركوع حديث: 1، والكافي باب السهو في الركوع حديث: 3.
===============
( 380 )
على الركعة، فانه خلاف أصالة الاطلاق (* 1) وظهور المصحح في السهو غير ظاهر. ومفهوم الاستيقان أعم من السهو. وزيادة: (ركعة) - في رواية الكافي - إنما هي في رواية زرارة المروية في باب السهو في الركوع، لا في رواية زرارة وبكير المروية في باب من سها في الأربع والخمس، بل هي مروية فيه خالية عن كلمة (ركعة) وكذا في التهذيب في باب: (من شك فلم يدر أثنتين صلى أم ثلاثا)؟. وأما ما في الوسائل فالظاهر أنه خطأ. إلا أن يقال: لو بني على كونهما روايتين يتعين الجمع العرفي بينهما بحمل المطلق على المقيد، كما أشرنا إلى ذلك في مبحث الالتفات من فصل القواطع. ولو كانت رواية واحدة فاما أن يبنى على تقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة، أو يبنى على تعارضهما. وكيف كان لا مجال للعمل بالرواية الخالية عن ذكر الركعة. وإشكال التعليل - في مصحح زرارة - لا يمنع من ظهوره في قدح الزيادة، إذ غاية الأمر أن يكون تطبيق الزيادة على السجود للعزيمة تطبيقا ادعائيا، وذلك لا ينافي كون حكم الزيادة العمدية هو الابطال. وضعف خبر الاعمش ربما تمكن دعوى انجباره بشهرة الحكم بين المتأخرين، بل قيل: ربما يستشعر من كلماتهم كونه من المسلمات. فتأمل. وحمله على إرادة الزيادة على الركعتين خلاف إطلاقه. كما أن تخصيصه بما دل على عدم وجوب الاعادة في الجاهل - وبعض صور الناسي - لا يقدح في وجوب العمل بظاهره في غيرهما. ومنه يظهر قوة ما في المتن، وضعف ما قد يظهر من جماعة كثيرة، إذ لم يتعرضوا لقدح مطلق الزيادة.
____________
(* 1) يمكن أن يقال - في تقريب الانصراف عن العمد -: إنه لما كان لسانه لسان التشريع الابتدائي - أعني: حدوث التشريع بعد العدم - فالفعل الواقع المأخوذ موضوعا له - بقرينة التعبير بالاعادة فيه - مفروض وقوعه قبل التشريع، ولابد أن يكون في غير حال العلم. فإذا كانت صورة العلم خارجة عنه بالانصراف، وصورة السهو خارجة عنه بحديث: (لا تعاد...) ونحوه تعين تخصيصه بالركن أو الركعة. إلا أن يقال: الفعل الصادر قبل التشريع لا يشمله عموم التشريع، وإنما يختص بما يكون بعد التشريع. (منه مد ظله).
===============
( 381 )
[ والنقيصة (1)، حتى بالاخلال بحرف من القراءة أو الأذكار أو بحركة، أو بالموالاة بين حروف كلمة، أو كلمات آية، أو بين بعض الأفعال مع بعض. وكذا إذا فاتت الموالاة سهوا أو اضطرارا - لسعال أو غيره - ولم يتدارك بالتكرار متعمدا (2). (مسألة 3): إذا حصل الاخلال - بزيادة أو نقصان - جهلا بالحكم (3)، فان كان بترك شرط ركن، كالاخلال ] والله سبحانه أعلم. (1) إجماعا صريحا وظاهرا، حكاه جماعة. لفوات الكل بفوات جزئه، والمشروط بفوات شرطه، مع قصور حديث: (لا تعاد...) (* 1) عن شمول العامد. (2) لاطراد ما ذكر من جهة البطلان في جميع الصور المذكورة. (3) المعروف بين الاصحاب: أن الجاهل بالحكم بمنزلة العامد في جميع المنافيات من فعل أو ترك، بل عن شرح الألفية للكركي: نسبته إلى عامة الأصحاب. والعمدة فيه: عموم أدلة الجزئية للعالم والجاهل، بل اشتهر: امتناع اختصاصها بالأول، للزوم الدور - فتأمل - ومقتضى ذلك هو البطلان بالاخلال للوجه المتقدم في العامد. وأما ما عن مسعدة بن زياد - في قوله تعالى: (الحجة البالغة...) - (* 2) (إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما؟ فان قال: نعم. قال تعالى له: أفلا عملت بعلمك؟ وإن قال كنت جاهلا. قال تعالى: أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصمه، فتلك الحجة البالغة) (* 3) فانما يدل على حسن عقاب
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 14. (* 2) الأنعام: 149. (* 3) كما في تفسير البرهان ج 2 صفحة 340 من الطبعة القديمة، نقلا عن أمالي الشيخ (قده) عن الصادق عليه السلام.
===============
( 382 )
[ بالطهارة الحدثية، أو بالقبلة - بأن صلى مستدبرا أو إلى اليمين أو اليسار - أو بالوقت - بأن صلى قبل دخوله - أو بنقصان ركعة أو ركوع أو غيرهما من الأجزاء الركنية، أو بزيادة ] الجاهل لانقطاع عذره، ولا يدل على بطلان عمله الناقص، لامكان كون الصلاة ذات مراتب متفاوتة في الكمال والنقصان، فيكون الشئ جزءا أو شرطا لبعضها فيفوت بفواته، ولا يكون جزءا أو شرطا لبعضها الآخر فيصح بدونه، بنحو لا يمكن تدارك الفائت. ولذا نسب إلى الأصحاب: الحكم بصحة عمل الجاهل بالجهر والاخفات والقصر والتمام، مع استحقاق العقاب فالعقاب لا يستلزم البطلان ووجوب التدارك. كما أن مما ذكرنا يظهر: أن تسليم عموم أدلة الجزئية وامتناع تقييدها بالعلم لا ينافي قيام الدليل على صحة الناقص وعدم وجوب التدارك، إذ على هذا يكون التكليف بالكامل مشتركا بين العالم والجاهل، والتكليف بالناقص منوطا بالجهل بالتكليف بالكامل. فالعمدة - إذا - إثبات ذلك الدليل الدال على الصحة فان تم، وإلا فالحكم بالبطلان للقاعدة المتقدمة. والمصنف (قده) يرى تمامية ذلك الدليل. وكأنه إطلاق صدر صحيح زرارة - المروي في الفقية والتهذيب - عن أبي جعفر (ع): (لا تعاد الصلاة إلا من خمسة: الطهور، والوقت، والقبلة، والركوع، والسجود، ثم قال: القراءة سنة والتشهد سنة، ولا تنقض السنة الفريضة) (* 1) فان إطلاقه شامل للجاهل بالحكم. ولأجله فصل بين الخلل في الركن - زيادة أو نقيصة وبين الخلل في غيره، فجزم بالبطلان في الأول، لقيام الدليل بالخصوص على قدحه في الصحة - كالاستثناء في الصحيح المذكور، وكغيره مما سنشير إليه في محله - فترفع به اليد عن صدر الصحيح. وقوى الصحة في الثاني، أخذا باطلاقه.
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث 14.
===============
( 383 )
[ ركن بطلت الصلاة. وإن كان الاخلال بسائر الشروط أو الاجزاء - زيادة أو نقصا - فالاحوط الالحاق بالعمد في البطلان ] وربما يستشكل فيه، وتارة: بعدم وروده لبيان نفي الاعادة مطلقا بشهادة وجوب الاعادة على العامد إجماعا، فيسقط إطلاقه عن الحجية. ويجب الاقتصار فيه على المتيقن - وهو نفي الاعادة في خصوص السهو والنسيان - كما فهمه الأصحاب. مع أنه لو سلم وروده في مقام البيان وظهوره في الاطلاق دار الامر بين تقييده وتقييد إطلاق أدلة الجزئية والشرطية الشامل لحالي العلم والجهل، والأول أولى. مع أنه يكفي في تقييدة الاجماع - المستفيض بالنقل - على مساواة الجاهل للعالم. وفيه: أن وجوب الاعادة على العامد لا يدل على عدم وروده في مقام البيان كسائر العمومات المخصصة بالأدلة اللبية التي لا ينبغي الاشكال في حجيتها في الباقي. مع أن البناء على ذلك يمنع من التمسك به في السهو مطلقا وكون الحكم فيه متيقنا - لو سلم - فالاعتماد يكون على اليقين لا عليه. وكون تقييده أولى من تقييدة إطلاق أدلة الجزئية والشرطية غير ظاهر، بل العكس أولى، لأنه حاكم عليها، وهو مقدم على المحكوم. والاجماع في المقام بنحو يجوز به رفع اليد عن ظاهر الأدلة غير ظاهر لقرب دعوى كون مستنده ملاحظة القواعد الأولية، وعدم ثبوت ما يوجب الخروج عنها عند المجمعين لا أنه إجماع على البطلان تعبدا. وأخرى: بأن ظاهر ذيل الصحيح كون الوجه - في نفي الاعادة - كون ما عدا الخمسة سنة، فيجب تقييده بما دل على وجوب الاعادة بترك السنة متعمدا، كصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): (إن الله - عزوجل - فرض الركوع والسجود. والقراءة سنة، فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة
===============
( 384 )
ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه) (* 1) واطلاق العمد يشمل الجاهل، لأنه عامد في ترك الجزء وإن كان عن جهل. وفيه: أن الظاهر من العمد صورة العلم - كما هو الشائع من استعماله في العرف وفي النصوص - فلا يشمل الجاهل. وكون المراد ما يقابل الناسي - ولو بقرينة المقابلة - غير ظاهر، إذ هو ليس بأولى من أن يراد بالنسيان مطلق العذر والاقتصار عليه بالخصوص، لكونه الشائع المتعارف. بل الثاني أولى، لأن حمل اللاحق على ما يقابل السابق أولى من العكس. مع أن لازمه وجوب الاعادة في ناسي الحكم، وفي جاهل الموضوع، وفيمن اعتقد أنه فعل الجزء فتركه ثم تبين له أنه لم يفعل وغير ذلك من أنواع الخلل عن سهو وعذر مما لم يكن نسيانا للقراءة، ولا يظن الالتزام به، فيتعين لذلك رفع اليد عن ظاهر التعبير بالنسيان، وحمله على مطلق العذر العرفي المقابل للعمد، فيدخل جميع ذلك فيه حتى الجاهل. لا أقل من المساواة بين الحملين، الموجبة للاجمال والرجوع إلى إطلاق حديث: (لا تعاد...). وأما موثق منصور: (قلت لأبي عبد الله (ع): إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلها، فقال (ع): أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت: بلى. قال (ع): فقد تمت صلاتك إذا كنت ناسيا) (* 2) فيمكن أن يكون الحصر فيه في قبال العامد، بقرينة عدم وجود الاعادة على غيره من المعذورين في إيقاع الخلل. وثالثة: بأن نفي الاعادة يراد به ما يقابل وجوبها. ومن المعلوم أن وجوب الاعادة، تارة: يكون حكما تأسيسيا حادثا في ظرف صدق الاعادة وعدمها، وذلك حيث يكون الفعل المعاد حين وقوعه لا حكم له يقتضي
____________
(* 1) الوسائل باب: 27 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2.
===============
( 385 )
الاعادة - كالفعل المشتمل على الخلل الناشئ عن نسيان الجزء أو الشرط - فان النسيان منشأ للعجز عن فعل المنسي وارتفاع القدرة عليه التي هي شرط التكليف، فلا يكون مكلفا حال النسيان بالاعادة، وأخرى: يكون تأكيدا - كوجوب الاعادة على العامد الملتفت أو الجاهل المقصر - فان الخطب لما لم يكن مانع من ثبوته كان مقتضيا لوجوب الاعادة من حين وقوع الفعل من العامد أو الجاهل، فإذا ورد الامر بالاعادة كان تأكيدا لما قبله. وحينئذ نقول - (لا تعاد...) المذكور في الصحيح إما أن يراد به ما يقابل وجوب الاعادة مطلقا. ولازمه أن يكون معارضا لجميع أدلة الجزئية والشرطية في المستثنى منه، إذ لازمه نفي مفاد تلك الأدلة من الجزئية والشرطية، وحيث انه لا يصلح لمعارضتها، فاللازم حمله على ما يقابل وجوب الاعادة تأسيسا، فلا يشمل العامد، ولا الجاهل ولا الناسي للحكم. وفية: ما قد عرفت الاشارة إليه: من أن حمله على ما يقابل وجوب الاعادة مطلقا - الذي يقتضيه الاطلاق - لا يخرجه عن كونه حاكما على أدلة الجزئية والشرطية، لأن الحكومة ناشئة عن كونه ناظرا إلى تلك الأدلة ولا يخرج عن كونه كذلك بمجرد حمله على نفي الاعادة في الجاهل. ودعوى: أنه لا يقوى على الحكومة على تلك الأدلة التى هي كالصريحة في الجزئية والشرطية على اختلاف ألسنتها. مدفوعة: إذ هو لا ينفي الجزئية والشرطية مطلقا، وإنما ينفيها بالنسبة إلى بعض مراتب الصلاة، كما في سائر موارد تعدد المطلوب. ومقتضى الجمع - بينه وبين أدلة الجزئية - هو الالتزام بأن الصلاة ذات مرتبتين مثلا: إحداهما: كاملة متقومة بالشئ المعين، ويكون جزءا لها. وأخرى: ناقصة غير متقومة به، فإذا فات الشئ المعين فاتت المرتبة الكاملة وفاتت مصلحتها أيضا، وبقيت الناقصة وحصلت مصحلتها على نحو لا يمكن التدارك. وليس حمل تلك الأدلة على
===============
( 386 )
الجزئية بلحاظ مراتب الصلاة مما تأباه، حتى يجب التصرف بالحديث الشريف. كيف لا! والناسي - الذي هو المورد المتيقن للحديث - يتعين الالتزام فيه بذلك أيضا، لأن الجزء المنسي في حال النسيان لم يخرج عن كونه جزءا ذاتا ضرورة، وإنما ثبت الاجتزاء بدونه، نظير موارد قاعدة الميسور. فإذا الأخذ باطلاق الحديث متعين. فان قلت: ظاهر الصحيح كون نفي الاعادة لأجل صحة الصلاة مطلقها وتماميتها مطلقا، وهذا ينافي عدم تماميه الصلاة ببعض مراتبها، فلا يكون الجمع المذكور عرفيا. قلت: لا يظهر من الصحيح ذلك، لأن عدم لزوم الاعادة أعم من ذلك، بل لعل ظاهر قوله (ع) - في ذيلة -: (ولا تنقض السنة الفريضة) هو عدم بطلان الفريضة - من الأجزاء والشرائط - بالخلل الآتي من قبل السنة، لاعدم الخلل أصلا بفوات السنة، فيكون في نفسه ظاهرا في الجمع المذكور، لا أنه آب عنه. وأما ما في صحيح ابن مسلم المتقدم: (فقد تمت صلاته) - ونحوه في موثق منصور - فالمراد منه تمامية صلاته المأتي بها وصحتها، وهو لا ينافي عدم بطلان صلاة الجاهل بالحكم بفوات بعض مراتب المصلحة، كما ورد في صحيح زرارة - الوارد في فوات الجهر والاخفات جهلا (* 1) مع بنائهم على نقص صلاته في الجملة، وفوات بعض مراتب مصلحتها واستحقاق العقاب لذلك، فلا مانع من أن يكون الحديث الشريف واردا هذا المورد. نعم لاتبعد دعوى انصرافه إلى صورة صدور الفعل المعاد بداعي الامتثال الجزمي، فلا يشمل العامد في الترك، ولا المتردد في الصحة والفساد. والوجه فيه: أن الظاهر كونه مسوقا لاحداث الداعي إلى الاعادة، فلا يشمل من
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب في الصلاة حديث: 1.
===============
( 387 )
[ لكن الأقوى إجراء حكم السهو عليه. (مسألة 4): لا فرق - في البطلان بالزيادة العمدية - بين أن يكون في ابتداء النية أو في الأثناء، ولا بين الفعل والقول (1)، ولا بين الموافق لأجزاء الصلاة والمخالف لها (2) ولا بين قصد الوجوب بها والندب (3). نعم لا بأس بما يأتي (4) به من القراءة والذكر في الأثناء ] كان له داع إلى الاعادة. (1) لاطلاق النص في جميع ذلك. (2) خلافا للمستند لانه لا يقال - لمن أمر ببناء معين على نحو معين - (إنه زاد فيه) إلا إذا زاد في اللبن أو الجص أو نحوهما، ولا يقال: (إنه زاد فيه) إذا قرأ حين البناء شعرا أو فعل فعلا آخر، فيعتبر في الزيادة أن يكون المزيد من جنس المزيد فيه. ولما كان مفهوم الصلاة من المفاهيم الشرعية - التي لا يعرف ما هو منه وما ليس منه إلا بالرجوع إلى الشارع - فلا يمكن الجزم بتحقق الزيادة إلا إذا كان الزائد من أجزاء الصلاة. وفيه: أن الزيادة كما تكون بلحاظ حدود الأجزاء المعتبرة تكون بلحاظ ذوات الاجزاء فالمركب من أجزاء محدودة - بحسب الكم - كما تكون الزيادة فيه بالاتيان ببعض أجزائه زائدا على المقدار المعتبر فيه، تكون - أيضا - بالاتيان بما يباين أجزاءه، كما يظهر من ملاحظة المركبات الخارجية من المعاجين ونحوها. (3) قد عرفت في الحاشية الأولى: أن نية الندب ملازمة لعدم نية الجزئية. وحينئذ لا تكون زيادة، إذ يعتبر فيها قصد الجزئية. نعم يمكن قصد الندب تشريعا فيما يؤتى به بقصد الجزئية. وكذا العكس. (4) بل هو الأفضل.
===============
( 388 )
[ - لا بعنوان أنه منها - (1) ما لم يحصل به المحو للصورة. وكذا لا بأس باتيان غير المبطلان من الافعال الخارجية المباحة - كحك الجسد ونحوه - إذا لم يكن ماحيا للصورة. (مسألة 5): إذا أخل بالطهارة الحدثية ساهيا - بأن ترك الوضوء أو الغسل أو التيمم - بطلت صلاته (2) وإن تذكر في الاثناء. وكذا لو تبين بطلان أحد هذه من جهة ترك جزء أو شرط (3). (مسألة 6): إذا صلى قبل دخول الوقت ساهيا بطلت (4) وكذا لو صلى إلى اليمين أو اليسار أو مستدبرا (5)، فيجب ] (1) وإلا كان زيادة، لعدم كونه منها. وما في رواية الحلبي: (قال أبو عبد الله (ع): كل ما ذكرت الله - عزوجل - به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة) (* 1) لابد أن يكون محمولا على خلاف ظاهره. وإلا فقد عرفت أن لازم ذلك الاتيان بقصد الوجوب لا الندب، ولا يظن الالتزام به. (2) فان ذلك من ضروريات الفقه. وتدل عليه النصوص المتفرقة الكثيرة، المذكور بعضها في وضوء الوسائل (* 2) وبعضها في قضاء الصلاة منها (* 3) وغيرهما. (3) لا حظ وضوء الوسائل. (4) والنصوص به كثيرة مذكورة في المواقيت (* 4). (5) تحقيق الكلام في ذلك موكول إلى مبحث القبلة. (* 5)
____________
(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1، 2، 3 من ابواب الوضوء. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب صلاة القضاء. (* 4) راجع المسألة: 1 من فصل أحكام الأوقات ج: 5 من هذا الشرح. (* 5) راجع المسألة: 1 من فصل أحكام الخلل ج: 5 من هذا الشرح.
===============
( 389 )
[ عليه الاعادة أو القضاء. (مسألة 7): إذا أخل بالطهارة الخبثية - في البدن أو اللباس - ساهيا بطلت. وكذا إن كان جاهلا بالحكم أو كان جاهلا بالموضوع وعلم في الأثناء، مع سعة الوقت، وإن علم بعد الفراغ صحت. وقد مر التفصيل سابقا (1). (مسألة 8): إذا أخل بستر العورة سهوا فالأقوى عدم البطلان (2)، وإن كان هو الأحوط (3). وكذا لو أخل بشرائط الساتر - عدا الطهارة - من المأكولية، وعدم كونه حريرا أو ذهبا، ونحو ذلك (4). ] (1) في أحكام النجاسات (* 1) ومر بيان الوجه فيه. (2) لصحيح: (لا تعاد الصلاة...). (3) بل هو الأقوى، كما عن الشهيد، بل عن ظاهر التذكرة والمنتهى والتحرير: الاجماع عليه. لكنه غير ظاهر الوجه. والاجماع - بنحو يعتمد عليه أو يوهن الصحيح - غير ثابت. ومن هنا حكي عن المدارك وشرح المفاتيح للوحيد وغيرهما: الصحة. ويؤيده - أو يعضده - صحيح ابن جعفر (ع): (عن الرجل يصلي وفرجه خارج لا يعلم به، هل عليه إعادة أوما حاله؟ قال (ع): لا إعادة عليه، وقد تمت صلاته) (* 2) وقد تقدم الكلام في ذلك في مبحث الساتر (* 3). (4) للصحيح المتقدم أيضا. لكن تقدم - في مبحث اللباس تقريب البطلان في الخلل بالمأكولية في غير الجاهل بالموضوع (* 4).
____________
(* 1) لاحظ فصل الصلاة في النجس ج: 1 من هذا الشرح. (* 2) الوسائل باب: 27 من ابواب لباس المصلي حديث: 1. (* 3) راجع المسألة: 11، 12 من فصل الستر والساتر ج: 5 من هذا الشرح. (* 4) راجع المسألة: 19 من فصل شرائط لباس المصلي ج: 5 من هذا الشرح.
===============
( 390 )
[ (مسألة 9): إذا أخل بشرائط المكان سهوا فالأقوى عدم البطلان، وإن كان أحوط فيما عدا الاباحة، بل فيها - أيضا - إذا كان هو الغاصب (1). (مسألة 10): إذا سجد على مالا يصح السجود عليه سهوا - إما لنجاسته أو كونه من المأكول أو الملبوس - لم تبطل الصلاة (2)، وإن كان هو الأحوط. وقد مرت هذه المسائل ] (1) للتفصيل من جماعة بينه وبين غيره في البطلان وعدمه. ولاوجه له ظاهر، لعموم حديث: رفع النسيان (* 1) الموافق لحكم العقل بعذريته نعم يمكن الاشكال في الصحة في صورة نسيان الغاصب عن تقصير، لأن جريان الحديث حينئذ لرفع الحكم خلاف الامتنان في حق المالك. ولعل الحال كذلك في بعض صور نسيان غير الغاصب إذا كان عن تقصير. إلا أن يقال - بعد فرض النسيان - يكون الضرر واردا على المالك على كل حال والرفع والوضع لا أثر لهما فيه، فلا مانع من الأخذ باطلاق الحديث. والكلام فيه موكول إلى محله. (* 2). (2) الظاهر أنه لا إشكال فيه. ووجهه - في فوات طهارة المسجد - ظاهر، لأن العمدة في اعتبارها الاجماع، وثبوته في حال السهو محل اشكال أو منع، فلا موجب للتدارك. نعم يشكل وجهه في فوات كونه على غير المأكول والملبوس، فان إطلاق دليل شرطية ذلك يقتضي بطلان السجود بفواته. لكن ظاهر الأصحاب الاجماع على عدم وجوب التدارك وجواز المضي ولعل ذلك كاف في تقييد دليل الشرطية بحال الذكر، فلا يكون شرطا في حال السهو.
____________
(* 1) راجع الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس. (* 2) راجع أوائل الكلام من فصل شرائط لباس المصلي ج: 5 من هذا الشرح.
===============
( 391 )
[ في مطاوي الفصول السابقة. (مسألة 11): إذا زاد ركعة أو ركوعا أو سجدتين من ركعة، أو تكبيرة الاحرام سهوا بطلت الصلاة (1). ] (1) أما في الأول فلا إشكال فيه - في الجملة - ولا خلاف. ويدل عليه - مضافا إلى عموم قدح الزيادة المتقدم - موثق زيد الشحام: (سألته عن الرجل يصلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات. قال (ع): إن استيقن أنه صلى خمسا أو ستا فليعد) (* 1) ومصحح زرارة - المروي عن الكافي في باب السهو في الركوع - عن أبي جعفر (ع): (إذا استيقن أنه قد زاد في صلاته المكتوبة ركعة فليستقبل صلاته استقبالا) (* 2) وصحيح منصور عن أبي عبد الله (ع): (سألته عن رجل صلى فذكر أنه زاد سجدة. قال (ع): لا يعيد صلاة من سجدة، ويعيدها من ركعة) (* 3) ونحوها رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) (* 4) سواء أحملت الركعة على ما يشمل السجدتين، أم ما يقابل السجدة. نعم عن التهذيب والتحرير والمعتبر والمختلف وموضع من القواعد والمنتهى والألفية والميسية والروض والمسالك وغيرها - بل عن المسالك: نسبته إلى المتأخرين -: أنه إن كان جلس آخر الرابعة بقدر واجب التشهد صحت صلاته، لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): (عن رجل صلى خمسا، فقال (ع): إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته) (* 5). ونحوه صحيح
____________
(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب الركوع حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب الركوع حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب الركوع حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 4.
===============
( 392 )
جميل (* 1). وفي رواية محمد بن مسلم: (سألت أبا جعفر (ع) عن رجل استيقن - بعد ما صلى الظهر - أنه صلى خمسا. قال (ع): وكيف استيقن؟ قلت: علم. قال (ع): إن كان علم أنه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة، فليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين، فتكونان ركعتين نافلة، ولا شئ عليه) (* 2). وصحيحه عن أبي عبد الله عليه السلام: (عن رجل صلى الظهر خمسا. قال (ع): إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد، ثم يصلي - وهو جالس - ركعتين وأربع سجدات ويضيفها إلى الخامسة فتكون نافلة) (* 3). هذا ولكن يشكل الخروج به - - ا بعد إعراض القدماء عنها - عن إطلاق النصوص المتقدمه، مع قرب حمل الأخيرين منها على الجلوس مع التشهد والتسليم. بل لعل ذلك متعين فيهما، لأنه لا يمكن الأخذ باطلاق الجلوس ولو آناما. فإما أن يحمل على الجلوس المعهود في الصلاة - وهو المتشمل على التشهد والتسليم - أو يحمل على الجلوس بقدر التشهد، كما يراه الجماعة المتقدمة. لكن حمل المطلق على المعهود الذهني أولى من تقييده عرفا عند الدوران بينهما. وعليه يسهل حمل الأولين على الجلوس مع التشهد فيكون المراد - من قدر التشهد - التشهد الفعلي الخارجي الصادر من المكلف مع التسليم، لتكون الركعة الزائدة بعد الفراغ من الصلاة. وندرة ذلك ليست بأظهر من ندرة الجلوس ساكتا قدر التشهد. لا أقل من أن يكون إطلاق النصوص المتقدمة - الموافقة للقواعد المسلة في الجملة -
____________
(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 7.
===============
( 393 )
قرينة على حمل هذه النصوص على ما ذكر. ولعل التعبير عن ذلك بمثل هذا اللسان كان تقية من بعض العامة، فقد حكي التفصيل المذكور: عن سفيان الثوري وأبي حنيفة، فينبغي العمل على ما يوافق المشهور. وأما البطلان في الثاني فيمكن أن يكون مستنده من النصوص روايتي منصور وعبيد المتقدمتين - بناء على حمل الركعة فيهما على الركوع - بقرينة المقابلة بالسجود، كما هو الظاهر، فان الركعة - كما تطلق على ما يشمل السجدة - تطلق أيضا على نفس الركوع، كما في صحيحتي محمد بن مسلم المذكورتين (* 1)، وغيرهما مما هو كثير. ولو لم يتم ذلك النحصر المستند فيه - وفي الأخيرين - بالاجماع على ركنيتها - بناء على تفسير الركن بما تبطل الصلاة بالاخلال به زيادة ونقيصة عمدا وسهوا كما هو المنسوب إلى المشهور، بل عن المهذب البارع: نسبته إلى الفقهاء. لكنه محل تأمل، فعن جامع المقاصد والروض: تفسيره بما تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا، بل حكي تفسيره بذلك عن الشيخ في المبسوط وجميع من تأخر عنه. ويشهد به كثير من عباراتهم في مبحث الأركان، فتراهم يقولون: التكبير ركن تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا. وكذا كلامهم في غير التكبير من الأركان، فانه ظاهر في أن معنى الركن عندهم ما يقدح تركه في الصلاة عمدا وسهوا، من دون دخل للزيادة في معناه. ويشهد به - أيضا - ما عن ابن بابويه والشيخ وغيرهما: من التلفيق الآتي إليه الاشارة في المسألة الرابعة عشرة. وصحيح محمد بن مسلم الآتي فيها الأمر بالقاء السجدتين اللتين لا ركوع لهما. اللهم إلا أن يقال: إن خروجهم عن القاعدة في بعض الموارد - لحجة أو شبهة - لا ينافي البناء عليها كلية
____________
(* 1) المراد بذلك الروايتان المتقدمتان في صدر التعليقة. وقد عبر هناك عن إحداهما بالرواية وعن الأخرى بالصحيحة، فلاحظ.
===============
( 394 )
[ نعم يستثنى من ذلك: زيادة الركوع أو السجدتين في الجماعة (1) وأما إذا زاد ما عدا هذه من الأجزاء غير الأركان - كسجدة ] في غيره. ولعل هذا الوجه فيما عن تعليق الارشاد ومجمع البرهان من دعوى: الاجماع على قدح زيادة الركوع والسجدتين. وما عن المدارك: من أنه لا يعلم فيه مخالفا. وما عن الرياض وغيره: من نفي الخلاف فيه. هذا وربما يلوح من نصوص نسيان الركوع قدح زيادة السجدتين سهوا. فلاحظ (* 1) كما أنه ربما يستدل على ذلك بعموم قدح الزيادة، إذ لا موجب للخروج عنه إلا صحيح: (لا تعاد الصلاة...). لكنه يتوقف على ظهور المستثنى في خصوص النقيصة، لتكون الزيادة داخلة في المستثنى منه وهو ممنوع، بل هو إما ظاهر في مطلق الخلل ولو بنحو الزيادة - أو هو مجمل. وحينئذ يسري إجماله إلى المستثنى منه لاتصاله به، فلا يصلح للحكومة على عموم ما دل على قدح الزيادة ولو سهوا. وفيه: مع أن منصرف النص هو النقيصة -: أن نسبة المقدر إلى كل من الخمسة نسبة واحدة، فإذا تعذرت نسبة الزيادة إلى ثلاثة منها كان المقدر في الجميع - بحسب المتفاهم العرفي - هو النقيصة لا غير. وبالجملة: لا ينبغي التأمل في ظهور المستثنى في النقيصة. مع أن ذلك لا يتم في زيادة تكبيرة الافتتاح لعدم ذكرها في المستثنى، فتبقى داخلة في المستثنى منه، ويكون مقتضى الحديث عدم البطلان بزيادتها، فيحتاج في الحكم بالبطلان بزيادتها سهوا إلى الاجماع. ولعله فيها أخفى منه في زيادة الركوع والسجدتين. ولذا خالف فيها من لم يخالف في زيادتهما فراجع. (1) كما تقدم في الجماعة. وتقدم الاشكال في صدق الزيادة على الجزء المأتي به للمتابعة.
____________
(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب الركوع.
===============
( 395 )
[ واحدة (1) أو تشهد أو نحو ذلك مما ليس بركن - فلا تبطل (2) بل عليه سجدتا السهو (3). وأما زيادة القيام الركني فلا تتحقق إلا بزيادة الركوع أو بزيادة تكبيرة الاحرام (4)، كما أنه لا تتصور زيادة النية، بناء على أنها الداعي، بل على القول ] (1) بلا خلاف فيه ظاهر. وقد تقدمت رواية منصور - ونحوها رواية عبيد - (* 1) الدالتان على ذلك. مضافا إلى عموم: (لا تعاد...) الشامل للسجدة وغيرها بناء على ما عرفت من ظهور المستثنى في النقيصة. أما بناء على عمومه للزيادة فيدل على البطلان لزيادة السجدة. لكنه مقيد برواية منصور ونحوها. (2) لعموم حديث: (لا تعاد...) بناء على عمومه للزيادة والنقيصة - كما هو الظاهر - لاطلاقه. وإلا فلو بني على اختصاصه بالنقيصة كان مقتضى عموم قدح الزيادة البطلان ولو سهوا. وتقييده بالمرسل عن سفيان بن السمط: (تسجد سجدتي السهو لكل زيادة تدخل عليك أو نقصان) (* 2) غير ظاهر، لقرب وروده في مقام إيجاب سجود السهو فارغا عن صحة الصلاه، فلا يدل على الصحة ولو بالالتزام. نعم يدل على صحة الصلاة مع الزيادة في الجملة، فيقتضي سقوط أصالة الاطلاق في عموم قدح الزيادة، لو لم يكن منحلا بالعلم التفصيلي في الصحة في الموارد المعينة. مع أن ظاهر المشهور عدم العمل بالمرسل المزبور. (3) سيأتي الكلام فيه. (4) لأن الركن منه ما يكون مقارنا للتكبير، أو ما يكون متصلا بالركوع على ما مضى في محله.
____________
(* 1) مر ذكر الروايتين في أوائل الكلام في هذه المسألة. (* 2) الوسائل باب: 32 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 3.
===============
( 396 )
[ بالاخطار لا تضر زيادتها. (مسألة 12): يستثنى من بطلان الصلاة بزيادة الركعة ما إذا نسي المسافر سفره أو نسي أن حكمه القصر فانه لا يجب القضاء إذا تذكر خارج الوقت، ولكن يجب الاعادة إذا تذكر في الوقت، كما سيأتي إن شاء الله (1). (مسألة 13): لا فرق في بطلان الصلاة بزيادة ركعة بين أن يكون قد تشهد في الرابعة ثم قام إلى الخامسة أو جلس بمقدارها كذلك أولا (2)، وإن كان الأحوط - في هاتين الصورتين - إتمام الصلاة لو تذكر قبل الفراغ ثم إعادتها. (مسألة 14): إذا سها عن الركوع حتى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته (3)، وإن تذكر قبل الدخول ] (1) ويأتي - إن شاء الله تعالى - تفصيل الكلام فيه. (2) كما عرفت في المسألة الحادية عشرة. (3) على المشهور، للصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله (ع): (سألته عن رجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم. قال (ع): يستقبل) (* 1) والآخر عن أبي بصير عنه (ع): (إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة - وقد سجد سجدتين وترك الركوع - استأنف الصلاة " (* 2) وخبر أبي بصير: (سألت أبا جعفر (ع) عن رجل نسي أن يركع. قال (ع): عليه الاعادة) (* 3) مضافا إلى حديث: (لا تعاد الصلاة...) فتأمل.
____________
(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب الركوع حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب الركوع حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 10 من ابواب الركوع حديث: 4.
===============
( 397 )
[ فيها رجع وأتى به وصحت صلاته (1). ] هذا ولكن ظاهر المحكي عن ابن بابويه: التفصيل بين الركعة الأولى فيعيد، وغيرها فيحذف السجدتين، ويجعل الثالثة ثانية، والرابعة ثالثة. وفي محكي النهاية: التفصيل بين أن يذكره في السجود فيعيد، وأن يذكر بعد ما دخل في الركعة اللاحقة فتسقط الركعة التي قد نسي ركوعها ويتم صلاته. وفي محكي المبسوط والجمل والاقتصاد: الحكم باسقاط السجود وإعادة الركوع ثم السجود بعده وخصه بالأخيرتين. ونسب في الأول إلى بعض أصحابنا: القول به مطلقا - ويشهد - له في الجملة - صحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): (في رجل شك - بعد ما سجد - أنه لم يركع. قال (ع): فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام، وإن كان لم يستيقن إلا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعه وسجدتين ولا شئ عليه) (* 1) بل لا يبعد كونه شاهدا لما حكاه في المبسوط عن بعض أصحابنا، المختار له في النهاية. لكنه لا يصلح لمعارضة النصوص المتقدمة التي هي - كما في الوسائل - أكثر وأوضح وأوثق وأحوط، والعمل بها أشهر. (1) كما مال إليه في الحدائق - وحكاه عن المدارك - بل هو المختار لجماعة ممن عاصرناه أو قارب عصرنا. والمشهور البطلان، لاطلاق خبر أبي بصير المتقدم. وضعفه بمحمد بن سنان - لو تم - فيجبر بالشهرة. وفيه: أن إطلاقه ضعيف، لظهور النسيان في نسيانه في تمام المحل. وقد عرفت أن مقتضى القواعد الأولية أنه لا قدح في زيادة السجدة سهوا، فلا مانع من فعله لعدم فوات محله. ولو سلم فيمكن تقييده بالتعليل في مصحح إسحاق:
____________
(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب الركوع حديث: 2. وفي التهذيب ج 2 صفحة 149 طبع النجف الاشرف، والاستبصار ج 1 ص 356 طبع النجف، والفقيه ج 1 صفحة 228 طبع النجف: رواية ذلك عن أبي جعفر (ع) وكذا في السرائر، على ما في تعليقة الوسائل.
===============
( 398 )
(سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل ينسى أن يركع. قال (ع): يستقبل حتى يضع كل شئ من ذلك موضعه) (* 1) إذ بعد البناء على عدم قدح زيادة السجدة لا مانع من أن يضع كلا من الركوع والسجود في موضعه. وأما ما قيل: من تقييده بمفهوم الشرط المذكور في الصحيح المتقدم عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) فيتوقف على أن يكون الشرط فيه: ترك الركوع وذكره بعد السجدتين. أما لو كان الشرط فيه مجموع ما ذكر وترك الركعة، فمقتضى إطلاق المفهوم عدم الاستئناف إذا لم يترك ركعة وإن ترك الركوع وذكره بعد السجدتين وهو مما لا يقول به الخصم. وإذا تعذر الأخذ باطلاق المفهوم، كان رفع اليد عن المفهوم بالمرة والبناء على كون الشرطية مسوقة لمجرد ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط أولى عرفا من البناء على المفهوم وتقييده، هذا ولما كان الظاهر من متن الصحيح كون الشرط مجموع الأمرين - كما يشهد به التكرار واختلاف التعبير بالركعة والركوع - تعين رفع اليد عن مفهومه. وأما ما في الجواهر: من أن مفهومه رفع اليقين، فيدل على عدم وجوب الاستئناف إذا لم يتيقن بالشرط، وليس مما نحن فيه. ففيه: أن اليقين في المقام طريق لا موضوع للحكم، فالشرط في الحقيقة هو المتيقن الذي عرفت ظهوره في كونه مجموع الأمرين. فالمتحصل مما ذكرنا: قصور النصوص عن إثبات البطلان في الفرض فالمرجع فيه القواعد المقتضية للصحة لعدم قدح زيادة السجدة الواحدة. اللهم إلا أن يقال: إن مقتضى حديث: (لا تعاد الصلاة) هو البطلان لأن الاعادة - من قبل نقص الركوع - لو كان المراد بها أن يفوت محله بالدخول في ركن آخر كانت الاعادة من قبل زيادة الركن الآخر، لا من قبل نقص الركوع. وبعبارة أخرى: فوت محل الركوع بفعل السجدتين
____________
(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب الركوع حديث: 2.
===============
( 399 )
إنما كان من جهة أن فعل السجدتين زيادة ركن مبطلة للصلاة، ففوات الركوع كان ناشئا من قبل بطلان الصلاة، فلا يعقل أن يكون موجبا للبطلان، للزوم الدور. وحينئذ فلا بد أن يكون الموجب للبطلان - بمقتضى الاستثناء - ليس هو فوات الركوع الحاصل من الدخول في ركن آخر، بل هو مجرد ترك الركوع الحاصل بالدخول في جزء مرتب عليه غير ركن - كالسجدة الواحدة - إذ في هذه الحال يمكن أن تستند الاعادة إلى ترك الركوع. وحينئذ يكون مقتضى الحديث الشريف هو الاعادة بنسيان الركوع والدخول في سجدة واحدة. وفيه: أن زيادة السجدتين إنما جاءت من قبل ترك الركوع مع بناء الشارع على جزئيته، ضرورة أنه لو كان قد ركع، أو أن الشارع أسقط جزئيته كان السجود في محله، غاية الأمر أنه بالسجود بطلت الصلاة، فتعذر فعل الركوع وفات محله. وحينئذ فاستناد البطلان إلى الزيادة عين استناده بالواسطة إلى ترك الركوع المؤدي إلى تلك الزيادة. وعليه فلا مانع من إبقاء الحديث على ظاهره: من إرادة ترك الركوع، غاية الأمر لا يراد مطلق الترك بل خصوص المؤدي إلى الزيادة. وحمله على خصوص الترك إلى زمان الدخول في جزء آخر مرتب عليه - كما صنع في الاشكال - ليس أولى من حمله على ما ذكرنا، بل الثاني هو المتعين. أولا: للنقض بفوات السجدتين إذا ذكرهما بعد الدخول في جزء، فانه لا يحكم ببطلان الصلاة ما لم يدخل في الركوع بعدهما، مع تقرير الاشكال المذكور بعينه فيه. وثانيا: لأن الظاهر من الحديث الشريف - كغيره مما ورد في وجوب الاعادة ونفيها مثل: (فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة) (* 1)، (ومن نسي
____________
الوسائل باب: 27 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.
===============
( 400 )
[ ويسجد سجدتي السهو لكل زيادة (1)، ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة لو كان التذكر بعد الدخول في السجدة الأولى. (مسألة 15): لو نسي السجدتين ولم يتذكر إلا بعد الدخول في الركوع من الركعة التالية بطلت صلاته (2)، ولو ] القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه) - (* 1) إثبات الجزئية ونفيها، يعني: أن جزئية الركوع والسجود لا تسقط في حال من الأحوال وإن أدى ذلك إلى البطلان، من جهة لزوم زيادة ركن سهوا أو زيادة جزء عمدا. فإذا لا يصلح الحديث الشريف لاثبات البطلان فيما نحن فيه - كالنص المتقدم - بل المرجع فيه القواعد. وقد عرفت: أن مقتضاها الصحة، لعدم بطلان الصلاة بزيادة سجدة ونحوها مما لم يكن ركنا، فلا مانع من امتثال أمر الركوع بفعله ثم الاتيان بالسجدتين بعد ذلك. مضافا إلى أن ذلك مقتضى الجمع العرفي بين ما تقدم من النص وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): (إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا - ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سهوا [ سواء ]) (* 2). فان إطلاق الصحة وعدم الاعادة فيه مقيد مما تقدم مما تضمن لزوم الاعادة لو ذكر فوت الركوع بعد السجدتين، فتبقى صورة ما إذا ذكر بعد سجدة داخلة في إطلاقه بلا معارض. (1) بناء على ما سيأتي: من وجوبها لكل زيادة ونقيصة. (2) على المشهور، كما عن غاية المرام والكفاية، بل عن النجيبية: إنه مما لا خلاف فيه. لزيادة الركوع الذي هو ركن، على ما عرفت. وتوهم: أن لزوم زيادة الركن موقوفة على اعتبار الترتيب بين السجدتين
____________
(* 1) الوسائل باب: 27 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1.
===============
( 401 )
[ تذكر قبل ذلك رجع وأتى بهما (1)، وأعاد ما فعله سابقا مما هو مرتب عليهما بعدهما. وكذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الأخيرة حتى سلم وأتى بما يبطل الصلاة عمدا وسهوا، كالحدث والاستدبار. (2). وإن تذكر بعد السلام قبل الاتيان ] والركوع، فهلا يسقط الترتيب بينهما بحديث: (لا تعاد الصلاة)؟ وحينئذ يأتي بالسجدتين بعد الركوع، ثم يأتي بسجدتي الركعة ذات الركوع. ولا يلزم زيادة ركن ولا نقيصته، بل يلزم فوات الترتيب الذي هو شرط غير ركني. مندفع: بأن موضوع الحكم بالبطلان بالزيادة في كلام الاصحاب (رض) وفي حديث: (لا تعاد الصلاة..) هو الجزء ذو المرتبة المعينة، لا الجزء في قبال الترتيب، فالترتيب - سواء أكان شرطا للصلاة في عرض سائر الشرائط أم شرطا للاجزاء نفسها - لم يؤخذ موضوعا لحكم مستقل، في قبال نفس الأجزاء في أدلة وجوب الاعادة وعدمه، بل أخذ ملحوظا قيدا لنفس الأجزاء المأخوذة موضوعا لوجوب الاعادة وعدمه. هذا والمحكي عن الشيخ (ره) في الجمل والاقتصاد: أنه إذا كانت السجدتان المنسيتان من الأخيرتين حذف الركوع اللاحق وبني على الركوع السابق. ولم يعرف له دليل، كما عن جماعة من المتأخرين الاعتراف بذلك. نعم لو لم يتم قدح زيادة الركن سهوا كان كلاما متينا. كما أنه لو أمكن إلحاقه بالسجدتين - بناء على جواز حذفهما للصحيح المتقدم في المسألة السابقة - كان ذلك أيضا. (1) على ما عرفت في المسألة السابقة. وتشير إليه النصوص المتضمنة لحكم نسيان السجدة إذا ذكر قبل الركوع. (* 1) (2) لا ينبغي الاشكال في البطلان حينئذ، إذ السلام إن كان موجبا
____________
(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود.
===============
( 402 )
[ بالمبطل فالأقوى أيضا البطلان (1)، لكن الأحوط التدارك، ثم الاتيان بما هو مرتب عليهما، ثم إعادة الصلاة. وإن تذكر قبل السلام أتى بهما وبما بعدهما من التشهد والتسليم وصحت صلاته، وعليه سجدتا السهو لزيادة التشهد أو بعضه، وللتسليم المستحب ] للخروج عن الصلاة كانت الصلاة فاقدة لركن فتبطل، وإن لم يكن السلام كذلك - لكونه في غير محله - كان فعل المبطل للصلاة عمدا وسهوا - واقعا في أثنائها فتبطل أيضا. (1) كما جزم به في المستند - ونسب إلى ظاهر جماعة - لنقص الركن الحاصل بالخروج عن الصلاة بالسلام تعبدا وإن لم يكن في محله، كما يشهد به جملة من النصوص، كصحيح الحلبي: (قال أبو عبد الله (ع): كل ما ذكرت الله عزوجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة. وإن قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت) (* 1) وخبر أبي كهمس عنه (ع): (سألته عن الركعتين الأولتين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت و - أنا جالس -: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، انصراف هو؟ قال (ع): لا، ولكن إذا قلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف) (* 2) ونحوهما ما في كتاب الرضا (ع) إلى المأمون (* 3) ويعضدها ما عن العيون عن الرضا (ع) في علة التحليل بالتسليم (* 4) وظاهر الجميع: أن تحقق الانصراف بالتسليم لخصوصية فيه، لا لأنه الجزء الاخير.
____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب التسليم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب التسليم حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 10.
===============
( 403 )
[ (مسألة 16): لو نسي النية أو تكبيرة الاحرام بطلت صلاته (1) - سواء تذكر في الأثناء أو بعد الفراغ - فيجب ] فما في الجواهر: (من أن دعوى: أن السلام مخرج عن الصلاة قهرا ممنوعة أشد المنع، بل المعلوم منه ما كان في محله...) غير ظاهر، وإن وافقه على جماعة. ومثله: ما ربما يقال من إمكان استفادة حكم المقام مما ورد في نسيان الركعة، إذ لا قطع بعدم الفرق بين المسألتين. وإلحاق إحداهما بالأخرى لا قرينة عليه. كما أنه لا مجال لمعارضة ذلك باجراء صحيح: (لا تعاد الصلاة...) بالنسبة إلى السلام، لأن نقص الركن إنما لزم من فعل السلام. فإذا جرى الحديث لنفي مخرجيته لم يلزم فقد الركن ليترتب البطلان. إذ فيه: أن الظاهر من الحديث كونه مساقا لنفى اعتبار ما يعتبر - وجودا أو عدما - في الصلاة إذا كان يلزم من اعتباره الاعاده، وليس اقتضاء فعل التسليم للزوم فوت الركن من جهة اعتبار عدمه أو وجوده، بل من جهة كونه مخرجا شرعا عن الصلاة. وهذه الحيثية لم تكن ملحوظة في الحديث كي يقال: إنه يلزم من مخرجية التسليم الاعادة فتنتفي، كما لعله ظاهر بأدنى تأمل. (1) أما في نسيان النية فلأنها ركن باجماع العلماء كافة - كما عن المنتهى والتذكرة - وبالاجماع - كما عن الوسيلة والتحرير - ولم يقل أحد بأنها ليست بركن - كما عن التنقيح - بل عن التذكرة والنهاية والذكرى وقواعد والشهيد والتنقيح وفوائد الشرايع وغيرها: الاجماع على بطلان الصلاة بتركها عمدا وسهوا. وبذلك يخرج عن عموم: (لا تعاد الصلاة...). مع قرب كون الحديث في مقام التمييز بين الركن وغيره فيما يعتبر في الواجب والنية خارجة عنه، كما تقدم في الوضوء.
===============
( 404 )
[ الاستئناف. وكذا لو نسي القيام حال تكبيرة الاحرام. وكذا لو نسي القيام المتصل بالركوع (1)، بأن ركع لا عن قيام. (مسألة 17): لو نسي الركعة الأخيرة فذكرها بعد التشهد قبل التسليم قام وأتى بها (2). ولو ذكرها بعد التسليم ] وأما في نسيان التكبير فهو إجماع، كما عن جماعة. بل عن الذكرى وجامع المقاصد والمدارك: إجماع الاصحاب وإجماع الأمة، إلا شاذا. وعن المعتبر: إجماع علماء الاسلام، عدا الزهري والاوزاعي - وقريب منه ما عن المنتهى - وعن التذكرة: مذهب عامة العلماء. والنصوص به وافية، كصحيح زرارة: (سألت أبا جعفر (ع) عن رجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال (ع): يعيد) (* 1). ونحوه غيره. نعم ينافي ذلك بعض النصوص الأخر، مما يجب تأويله أو طرحه في قبال ما عرفت. وبه - أيضا - يخرج عن عموم: (لا تعاد الصلاة...)، كما يخرج عنه أيضا بالاتفاق الآتي بيانه في نسيان القيام. (1) فانه ركن باتفاق العلماء، كما عن التحرير والمنتهى وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية والروض وشرح نجيب الدين وكشف اللثام وظاهر الوسيلة وغيرها. وقد عرفت: أن المتيقن من معنى الركن ما تفسد الصلاة بنقصه ولو سهوا. والظاهر أن المتيقن من الاتفاق المذكور مقامان: حال التكبير وقبل الركوع، فيكون تركه في كل منهما مفسدا. وقد ورد في موثق عمار: (أنه إذا كبر للافتتاح قاعدا ناسيا فعليه أن يقطع صلاته ويستأنفها) (* 2). (2) لما عرفت: من عدم قدح زيادة التشهد سهوا.
____________
(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب تكبيرة الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب القيام حديث: 1.
===============
( 405 )
[ الواجب قبل فعل ما يبطل الصلاة عمدا وسهوا قام وأتم (1) ] (1) بلا خلاف ظاهر لو كان الذكر قبل صدور ما يبطل عمدا أو سهوا. لا لأنه مقتضى القاعدة - لما عرفت: من أن مقتضى مخرجية التسليم هو البطلان لنقصان جملة من الأركان - بل للنصوص، كصحيح العيص: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل نسى ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر أنه لم يركع. قال (ع): يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو) (* 1). ونحوه - في الشهادة بذلك - غيره، مما يأتي إلى بعضه الاشارة. وحينئذ فما عن الحلبي: من إطلاق وجوب الاعادة على من نقص ركعة ولم يذكر حتى ينصرف في غيره محله. أما لو كان بعد فعل ما يبطل عمدا لا سهوا - كالكلام - فعن النهاية والجمل والعقود والاقتصاد والوسيلة والمهذب والغنية: وجوب الاعادة، للاجماع المحكي عن الاخير، ولأنه من الكلام عمدا - ولذا يصح لو كان عقدا أو إيقاعا - ولمرسل المبسوط حيث قال في محكي كلامه: (متى اعتقد أنه فرغ من الصلاة لشبهة ثم تكلم عامدا فانه لا تفسد صلاته، مثل أن يسلم في الأوليين ناسيا ثم يتكلم بعده عامدا ثم يذكر أنه صلى ركعتين فانه يبني على صلاته. وقد روي: انه إذا كان عامدا قطع الصلاة، والأول أحوط) (* 2) مضافا إلى القاعدة - المتقدمة في نسيان السجدتين إلى ما بعد التسليم - المقتضية للبطلان. لكن الاجماع موهون بمصير الأكثر إلى خلافه. وكونه من الكلام عمدا بالمعنى القادح في الصلاة - ممنوع. وكونه عمدا - بمعنى: كونه مقصودا له لا ككلام السكران - مسلم. ولذا يصح لو كان عقدا أو إيقاعا
____________
(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب الركوع حديث: 3. (* 2) المبسوط: فصل تروك الصلاة وما يقطعها صفحة: 134.
===============
( 406 )
[ ولو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس (1)، من غير فرق ] إلا أنه بهذا المعنى ليس بقادح، كما يشهد به صحيح ابن الحجاج: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم قال (ع): يتم صلاته) (* 1). مع أنه لو سلم فلا دليل على القدح به في قبال النصوص الكثيرة الدالة على الصحة معه، كصحيح محمد بن مسلم: (في رجل صلى ركعتين من المكتوبة، فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة وقد تكلم، ثم ذكر أنه لم يصل غير ركعتين، فقال (ع): يتم ما بقي من صلاته ولا شئ عليه) (* 2). ونحوه صحيح زرارة (* 3) وغيره. ومنه يظهر حال المرسل، ولا سيما مع وهنه في نفسه، وعدم عمل مرسله به. والقاعدة يعمل عليها ما لم يقم ما يوجب الخروج عنها. وقد عرفته. (1) كما هو المشهور شهرة عظيمة، بل لا يعرف الخلاف فيه، إلا من الصدوق في المقنع - على ما حكاه غير واحد من أصحابنا - كما في الحدائق، وإن كان ما حكاه المجلسي وكاشف اللثام عنه غير ظاهر في الخلاف ويشهد للمشهور جملة من النصوص، كصحيح جميل: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى ركعتين ثم قام. قال (ع): يستقبل. قلت: فما يروي الناس؟ - فذكر حديث ذي الشمالين - فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم
____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 9. (* 3) لم نعثر على صحيحة لزرارة بمضمون صحيح محمد بن مسلم. نعم روايته المذكورة في الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل حديث: 5 قريبة من صحيح ابن مسلم، لكنها غير مشتملة على التسليم. إلا أن تحمل عليه. فراجع. نعم في الباب: المذكور روايات أخر دلت على هذا المعنى وهو. عدم قدح التسليم بتوهم الفراغ من الصلاة ولزوم إتمامها. فراجع.
===============
( 407 )
يبرح من مكانه، ولو برح استقبل) (* 1). ونحوه روايتا أبي بصير (* 2) وسماعة (* 3). لكن ظاهرها: أن مجرد الانتقال من الموضع موجب للبطلان، فيعارضها ما دل على الصحة معه، كصحيح محمد عن أبي جعفر (ع): (عن رجل دخل مع الامام في صلاته - وقد سبقه الامام بركعة - فلما فرغ الامام خرج مع الناس، ثم ذكر بعد ذلك أنه فاتته ركعة. قال (ع): يعيدها ركعة واحدة) (* 4). ونحوه غيره. إلا أن يجمع بينهما بما في الحدائق عن الشيخ (ره): من تذييل صحيح محمد بقوله (ع): (يجوز له ذلك إذا لم يحول وجهه عن القبلة، فإذا حول وجهه عن القبلة فعليه أن يستقبل الصلاة استقبالا) (* 5). لكن ظاهر الوسائل: أن ذلك من كلام الشيخ (رحمه الله) (* 6). ولو تم كفى في البطلان القاعدة المتقدمة. وتكون النصوص المذكورة - كالنصوص الصريحة في الصحة، مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): (عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثم ذكر - وهو
____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 12. (* 5) لاحظ التهذيب ج 2 صفحة 184 ح: 732 وصفحة: 348 ح: 1441 طبع النجف. وروى الخالى عن الذيلب المذكور في صفحة 346 ح: 1436، وحمله على عدم التحويل بقرينة رواية سماعة. فراجع. (* 6) ويؤيده: استشهاد الشيخ (قده) لحمل الخبر - غير المذيل - على عدم التحويل برواية سماعة، فلو كان الذيل المذكور - في الرواية المذيلة - جزءا من الحديث لكان ذلك أولى بالاستشهاد به للحمل. لاحظ التهذيب ج 2 صفحة 346 طبع النجف الاشرف. نعم روى صاحب الوسائل في باب: 6 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 12 عن الشيخ (قده) الخبر المذيل. فلاحظ.
===============
( 408 )
[ بين الرباعية وغيرها (1). ] بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلد من البلدان - أنه صلى ركعتين. قال (ع): يصلي ركعتين) (* 1). وما في موثق عمار: (يتمها ولو بلغ الصين) - (* 2) مطروحة أو محمولة على التقية، لاعراض المشهور عنها المسقط لها عن الحجية، ومعارضتها بما يأبى الحمل على الاستحباب أو التخيير. فتأمل. ولولا ذلك لكان المتعين العمل بها. ولا ينافيها ما دل على قدح المبطل، لامكان الالتزام بكون السلام مخرجا عن الصلاة، وتكون الركعة اللاحقة تداركا للفائت متممة للصلاة. (1) في جميع صور المسألة. لاطلاق بعض النصوص، وللتصريح بالثنائية في رواية عبيد: (في رجل صلى الفجر ثم ذهب وجاء - بعدما أصبح - وذكر أنه صلى ركعة. قال (ع): يضيف إليها ركعة) (* 3) فتأمل. وقريب منه الحسن المروي في الجواهر (* 4) وكذا بالثلاثية في رواية الحرث بن المغيرة النضري (* 5) ورواية علي بن نعمان الرازي (* 6) بناء على جواز الاستدلال بها على الاتمام، بحمل الكلام فيها على مثل حديث النفس فما عن بعض أصحابنا: من التفصيل بين الرباعية وغيرها - لما دل على نفي السهو في غير الرباعية (* 7) ضعيف، إذ لو تمت دلالة ذلك لا يصلح لمعارضة ما عرفت.
____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 19. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 20. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 18. (* 4) ذكره في الجواهر ج: 12 صفحة: 267 طبع النجف الاشرف ورواه في الوسائل باب: 6 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 3. (* 7) الوسائل باب: 1 من ابواب الخلل في الصلاة.
===============
( 409 )
[ وكذا لو نسي أزيد من ركعة (1). (مسألة 18): لو نسي ما عدا الأركان من أجزاء الصلاة لم تبطل صلاته (2). وحينئذ فان لم يبق محل التدارك وجب عليه سجدتا السهو للنقيصة (3). وفي نسيان السجدة الواحدة والتشهد يجب قضاؤهما أيضا بعد الصلاة (4). ] (1) ففي رواية القماط عن الصادق (ع): (إنما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاث من المكتوبة، فانما عليه أن يبني على صلاته) (* 1) (2) لصحيح: (لا تعاد الصلاة...) ونحوه. (3) بناء على ما يأتي: من وجوبها لكل زيادة ونقيصة. (4) أما في السجدة فهو المشهور، كما عن جملة من كتب أصحابنا بل عن الغنية والمقاصد العلية: الاجماع عليه. ويشهد له صحيح ابن جابر عن أبي عبد الله (ع): (في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم أنه لم يسجد. قال (ع): فليسجد ما لم يركع، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فانها قضاء) (* 2) ونحوه خبر أبي بصير المروي عن الفقيه بطريق صحيح (* 3) وموثق عمار (* 4) وخبر علي بن جعفر (ع) (* 5). وعن العماني والكليني: بطلان الصلاة بنسيان السجدة: وعن التذكرة
____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الخلل في الصلاة حديث: 15. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب السجود ملحق حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب السجود حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 14 من أبواب السجود حديث: 8.
===============
( 410 )
والذكرى: الاجماع على خلافهما. وإن كان قد يشهد لهما خبر المعلى بن خنيس: (" سألت أبا الحسن الماضي (ع) في الرجل ينسى السجدة من صلاته. قال (ع): إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته، ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه. وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء) (* 1) لكن مع ضعفه في نفسه، وإشكاله من جهة: أن المعلى قتل في حياة الصادق (ع) فكيف يروي عن أبي الحسن الماضي وهو الكاظم (ع)؟ وحمله على الرواية عنه في أيام حياة أبيه (ع) بعيد، ولا سيما بملاحظة توصيفه (ع) بالماضي. إلا أن يكون التوصيف من غير المعلى، ومخالفته للاجماع المتقدم والنصوص التي هي أصح منه وأصرح - لا مجال للاعتماد عليه. نعم عن المفيد والشيخ - قدس سرهما - التفصيل بين الاوليين فتبطل الصلاة بنسيان السجدة منهما والأخيرتين فتقضى. وقد يشهد لهما صحيح البزنطي قال: (سألت أبا الحسن (ع) عن رجل يصلي ركعتين، فذكر في الثانية - وهو راكع - أنه ترك السجدة في الأولى. قال (ع): كان أبو الحسن (ع) يقول: إذا ترك السجدة في الركعة الأولى فلم يدر أواحدة أو اثنتين استقبلت حتى يصح لك ثنتان وإذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة - بعد أن تكون قد حفظت الركوع - أعدت السجود) (* 2). لكن إعراض المشهور عنه، ومعارضته بخبر جعفر بن بشير - المروي في المحاسن - الذي لا يبعد أن يكون صحيحا قال: (سئل أحدهم (ع) عن رجل ذكر أنه لم يسجد في الركعتين الأولتين إلا سجدة، وهو في التشهد الاول. قال (ع): فليسجدها تم لينهض. وإذا ذكرها - وهو في التشهد
____________
(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 3.
===============
( 411 )
الثاني قبل أن يسلم - فليسجدها ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو) (* 1) وخبر محمد بن منصور: (سألته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها، فقال (ع): إذا خفت أن لا تكون وضعت وجهك إلا مرة واحدة، فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة، وليس عليك سهو) (* 2) كل ذلك يمنع عن العمل به. ولا سيما مع إشكال متنه واضطرابه. ولذا حمله في الوسائل: على أن المراد بالواحدة والثنتين الركعات لا السجدات، بقرينة قوله (ع): (بعد أن حفظت الركوع) فتأمل. وأما في التشهد فهو المشهور أيضا، بل عن الخلاف والغنية المقاصد العلية: الاجماع عليه. ويشهد له - مضافا إلى صحيح حكم بن حكيم قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها ثم يذكر بعد ذلك. قال (ع): يقضي ذلك بعينه. قلت أيعيد الصلاة؟ قال (ع): لا (* 3) - صحيح محمد عن أحدهما (ع): (في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف، فقال (ع): إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد، وإلا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه) (* 4) وخبر علي ابن أبي حمزة: (قال أبو عبد الله (ع): إذا قمت في الركعتين الأولتين ولم تتشهد فذكرت قبل أن تركع فاقعد فتشهد، وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك كما أنت، فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما، ثم تشهد التشهد الذي فاتك) (* 5).
____________
(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 26 من ابواب الخلل الصلاة حديث: 2.
===============
( 412 )
لكن يخدش صحيح (حكم) بعدم العمل بعمومه في غير التشهد، فالحكم باجماله في غير الركعة والسجدة أولى. وأما صحيح محمد - فلو سلم إطلاقه بنحو يشمل التشهد الوسط، ولم يناقش فيه كما في الحدائق: بأن مورده التشهد الأخير. فتأمل - ففيه: أن رفع اليد عن إطلاقه وحمله على التشهد الأخير - بقرينة سكوت النصوص المستفيضة عن التعرض لقضاء التشهد الأول - أولى من الأخذ باطلاقه. ففي صحيح سليمان بن خالد قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأولتين، فقال: إن ذكر قبل أن يركع فليجلس، وإن لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة، حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو) (* 1) ونحوه صحاح ابن أبي يعفور (* 2) وابن سنان (* 3) وأبي بصير (* 4) والفضيل بن يسار (* 5) والحلبي (* 6) وحسن الحسين بن أبي العلاء (* 7) وخبر الحسن الصيقل (* 8)
____________
(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 4. (* 3) لم نعثر في مظانه من الوسائل ومستدركه والجواهر على حديث لابن سنان خال عن قضاء التشهد، بل المروي عنه - كما في الوسائل باب: 26 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1 - ما يقتضي باطلاقه وجوب القضاء. نعم في الحدائق: نسب إلى ابن سنان متن رواية ابن أبي يعفور - بطريق الصدوق -. ولعل هذا هو الموجب لما ذكره دام ظله فراجع الحدائق ج 9 صفحة 140 طبع النجف الأشرف، الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد ملحق حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 6. وبما ان الراوي عن أبي بصير هو سماعة فكانت الرواية - حسب القاعدة - موثقة لاصحيحة. وقد عبر عنها - دام ظله - بالموثقة في ما يأتي في المسألة: 2 من فصل حكم قضاء الاجزاء المنسية. (* 5) الوسائل باب: 9 من ابواب التشهد حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 9 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 7) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 5. (* 8) الوسائل باب: 8 من ابواب التشهد حديث: 1.
===============
( 413 )
[ قبل سجدتي السهو (1). وإن بقي محل التدارك وجب العود للتدارك (2)، ثم الاتيان بما هو مرتب عليه مما فعله سابقا، ] ومنه يظهر الخدش في خبر ابن أبي حمزة، فان مقتضى الجمع بينه وبين النصوص المذكورة حمل التشهد فيه على تشهد السجدتين، كما قد يقتضيه عطفه على السجدتين المناسب لكونه من توابع السجدتين لا توابع الصلاة. ولا سيما مع بناء القائلين بقضائه على فعله قبل السجدتين. وكون العطف (بثم) لا ينافي ذلك. وكأنه لأجل ذلك لكه ما حكي عن المقنع والفقيه ورسالة المفيد: من الاجتزاء بتشهد سجود السهو. وعلى هذا فالمتحصل من ظاهر مجموع النصوص: أنه إن كان المنسي التشهد الأخير رجع إليه فتلافاه. وكذا لو كان الوسط وذكره قبل الركوع، وان ذكره بعده فليس عليه إلا سجود السهو. (1) ليس في الأخبار المتقدمة في نسيان السجدة ما يدل على وجوب سجود السهو له - فضلا عن قضائها قبله - سوى خبر جعفر بن يشير المروي عن المحاسن (* 1) لكن مفاده السجود قبل التسليم لا بعده. وفي صحيح أبي بصير: (فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو) (* 2) وظاهره عدم وجوب السجود له. وأما نسيان التشهد فان كان المعتمد في قضائه خبر ابن أبي حمزة (* 3) فقد عرفت: أنه يدل على كون قضائه بعد السجود للسهو. وإن كان المعتمد صحيح محمد (* 4) فلم يتعرض للسجود للسهو، ولا للترتيب بينهما. وربما يأتي ماله نفع في المقام. (2) من باب وجوب الامتثال عقلا بعد حرمة القطع. وكذا الحال
____________
(* 1) تقدم ذكر الرواية في التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود حديث: 4. (* 3) تقدم في صفحة: 411. (* 4) تقدم في صفحة: 411.
===============
( 414 )
[ وسجدتا السهو لكل زيادة (1). وفوت محل التدارك إما بالدخول في ركن بعده على وجه لو تدارك المنسي لزم زيادة الركن (2). وإما يكون محله في فعل خاص جاز محل ذلك الفعل (3)، كالذكر في الركوع ] في الاتيان بما هو مرتب عليه. (1) بناء على ما يأتي إن شاء الله. (2) لما عرفت: من أن بناء الشارع الأقدس على جزئية المنسي في هذه الحال يوجب كون الركن المأتي به زيادة، لكونه في غير محله فتبطل الصلاة بها، فلابد من الحكم برفع اليد عن جزئيته، لحديث: (لا تعاد الصلاة...) (* 1) الذي قد عرفت أن المستفاد منه أن كل ما يلزم من البناء على جزئيته أو شرطيته أو مانعيته الاعادة للصلاة فليس هو بجز أو شرط أو مانع، فإذا سقطت جزئية المنسي أو شرطيته كان الركن المأتي به في محله ليس زيادة في الصلاة ولا قادحا فيها، فلا موجب للتدارك. ولا مجال لمعارضة ذلك بتطبيق حديث: (لا تعاد الصلاة...) بالاضافة إلى الترتيب المعتبر في الركن المأتي به، فترفع اليد عن اعتبار الترتيب فيه ويكون مقتضى ذلك عدم فوات محل المنسي بل يؤتى به بعد الركن، لما عرفت سابقا: من أن ظاهر الحديث التعرض لخصوص الاجزاء المترتبة، بلا نظر إلى الترتيب في قبالها. كما أن مما ذكرنا ظهر أن البطلان - على تقدير عدم سقوط جزئية المنسي - ناشئ من نفس الركن المأتي به في غير محله، لأنه بنفسه زيادة، وليس يستند البطلان إلى زيادة الركن المأتي به بعد التدارك، كما قد يظهر من عبارة المتن. (3) فان فوات المحل بذلك ظاهر، إذ لو أريد امتثال المنسي، فاما
____________
(* 1) تكررت الاشارة إلى الحديث المذكور، وتقدم ذكره بالتفصيل في المسألة: 3 من هذا الفصل.
===============
( 415 )
أن يمتثل باستئناف الصلاة من رأس، أو بتكرار الفعل الذي جازه. والأول منفي بحديث: (لا تعاد الصلاة...) لان موضوعه الفوات مع قطع النظر عن الاعادة، وهو متحقق، فإذا جرى اقتضى نفي الاعادة وعدم لزوم تدارك الفائت. والثاني ليس إتيانا له في محله بل في غيره، لأن محله الجزء الملحوظ جزءا بنحو صرف الوجود المنطبق على الوجود الأول، والفعل المأتي به ثانيا خارج عنه، بل يلزم من فعله ثانيا الزيادة العمدية، مضافا إلى النقصان السهوي. فان قلت: كون الثاني زيادة وليس محلا للجزء المنسي موقوف على كون الفعل الاول محتسبا جزءا من الصلاة، وهو أول الكلام، فلم لا يكون الأول زيادة سهوية ويكون الثاني هو الجزء؟ فيجب الاتيان به مقرونا بالجزء المنسي. قلت: كون الفعل المأتي به في الصلاة جزءا وزيادة موقوف على كونه مطابقا لموضوع الأمر الضمني ومخالفا له، فالفاتحة المأتي بها بعد التكبير وقبل السورة جزء لكونها مطابقة لموضوع الامر الضمني، والسورة المأتي بها قبل الفاتحة ليست جزءا بل زيادة، لكونها مخالفة لموضوع الامر الضمني إذ أن السورة الواجبة في الصلاة هي المأتي بها بعد الفاتحة لاقبلها، فإذا وجب الجهر في الفاتحة فقرأ الفاتحة بلا جهر كانت جزءا لا زيادة، لمطابقتها لموضوع الامر. فان قلت: مقتضى تلازم الوجوبات الضمنية في الثبوت والسقوط كون الفاتحة المأتي بها بلا جهر ليست مطابقة لموضوع الامر الضمني، فتكون زيادة في الصلاة. قلت: عدم المطابقة لم يكن لقصور في الفاتحة المأتي بها، لأن المفروض أن الفاتحة الواجبة ليست مقيدة بالجهر، بل الجهر واجب فيها،
===============
( 416 )
[ والسجود إذا نسيه وتذكر بعد رفع الرأس منهما. وإما بالتذكر بعد السلام الواجب (1)، فلو نسي القراءة، أو الذكر، أو بعضهما، أو الترتيب فيهما (2)، أو إعرابهما، أو القيام فيهما، ] فعدم المطابقة إنما كان لقصور في الأمر، من جهة ملازمته لأمر الجهر المنفي لعدم تحقق موضوعه، فعدم المطابقة إنما كان - في الحقيقة - من جهة عدم انضمام الأجزاء بعضها إلى بعض، وليس مثل عدم مطابقة السورة المأتي بها قبل الفاتحة، فانها لقصور في نفس السورة، لأن السورة المأخوذة جزءا هي المترتبة على الفاتحة، فلا تطابقها السورة المأتي بها قبلها، فإذا كان القصور - في الفاتحة المأتي بها بلا جهر - من جهة تلازم الوجوبات الضمنية كان في الحقيقة قصورا من جهة النقص - أعني: نقص الجهر وعدم انضمامه إلى الأجزاء المأتي بها - فلا يختص القصور من الجهة المذكورة بالفاتحة، بل يطرد في تمام الأجزاء المأتي بها، فإذا كان ذلك موجبا لزيادة القراءة كان موجبا لزيادة تمام الأجزاء من أول الصلاة، فلا تكون مطابقة لموضوع الأمر فلا يجتزأ بها عنه، وذلك عين البطلان المنفي بحديث (لا تعاد الصلاة...). فلاحظ. (1) بناء على ما عرفت: من كون التسليم مخرجا عن الصلاة تعبدا. (2) قد عرفت: أن الترتيب لم يلحظ في حديث: (لا تعاد...) موضوعا لنفي الاعادة، فنسيانه راجع إلى زيادة سهوية ونقيصة كذلك، فلو قدم السورة على الفاتحة سهوا وذكر قبل الركوع كان ذلك منه زيادة للسورة ونقيصة للفاتحة. أما لو ذكر ذلك بعد الركوع فلما كان مقتضى الحديث سقوط جزئية الفاتحة المنسية كان الاتيان بالسورة في محله، وجرى حكم نقيصة الفاتحة لاغير. والترتيب يسقط اعتباره - ضرورة - بسقوط جزئية الفاتحة المنسية، لأن الترتيب إنما يعتبر بين الأجزاء المعتبرة فعلا،
===============
( 417 )
[ أو الطمأنينة فيه وذكر بعد الدخول فيه الركوع فات محل التدارك (1)، فيتم الصلاة ويسجد سجدتي السهو (2) للنقصان إذا كان المنسي من الأجزاء (3)، لا لمثل الترتيب والطمأنينة ] ولا مجال لا عتباره مع سقوط جزئية الفاتحة، فيجري حكم النقيصة في الفرض، ولا يجري حكم الزيادة. والتفكيك بين الركوع والسورة - فيبنى على سقوط جزئية الفاتحة بالنسبة إلى الركوع فيكون فعله في محله، ولا يبنى على سقوط جزئيتها بالنسبة إلى السورة، فيكون فعل السورة في غير محله ليكون الاتيان بها زيادة - خلاف ظاهر الحديث. (1) بمقتضى حديث: (لا تعاد الصلاة...) كما عرفت. ويعضده جملة من النصوص الواردة في نسيان القراءة، كموثق منصور: (إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلها، فقال: أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت: بلى. قال (ع): تمت صلاتك إذا كان نسيانا) (* 1) وصحيح معاوية: (الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخيرتين أنه لم يقرأ. قال (ع): أتم الركوع والسجود؟ قلت: نعم. قال (ع): إنى أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها) (* 2) إلى غير ذلك مما تقدم بعضه في أوائل الفصل. (2) لما يأتي إن شاء الله تعالى. (3) لظهور النقصان في مرسل سفيان: (تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان) (* 3) في نقصان الأجزاء، لا شروطها، كالترتيب والطمأنينة. فتأمل.
____________
(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 30 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 32 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 3.
===============
( 418 )
[ مما ليس بجزء. وإن ذكر قبل الدخول في الركوع رجع وتدارك وأتى بما بعده، وسجد سجدتي السهو لزيادة ما أتى به من الأجزاء. نعم في نسيان القيام - حال القراءة أو الذكر - ونسيان الطمأنينة فيه لا يبعد فوت محلهما قبل الدخول في الركوع أيضا، لاحتمال كون القيام واجبا حال القراءة لا شرطا فيها (1) وكذا كون الطمأنينة واجبة حال القيام لا شرطا فيه. وكذا الحال في الطمأنينة حال التشهد وسائر الأذكار، فالأحوط العود والاتيان بقصد الاحتياط والقربة، لا بقصد الجزئية. ولو نسي الذكر في الركوع أو السجود أو الطمأنينة حاله وذكر بعد رفع الرأس منهما فات محلهما (2). ولو تذكر قبل الرفع ] (1) قد تقدم في أوائل فصل القيام: أن الظاهر من النصوص كون القيام شرطا لا واجبا في القراءة أو الذكر مثلا، فإذا قرأ جالسا سهوا فعليه إعادة القراءة. لكن الذوق العرفي يساعد على كونه واجبا صلاتيا في قبال القراءة، لكون مثولا بين يدي المولى وخضوعا له، فهو في نفسه عبادة في قبال القراءة والقراءة. وكأنه لأجل ذلك كان بناء الاصحاب على عد القيام واجبا في قبال القراءة. فلاحظ كلماتهم. (2) أما الذكر فلانه واجب في الركوع والسجود، وقد عرفت: أن فوات محل الواجب في شئ يحصل بفعل ذلك الشئ خاليا عنه. ويشهد بذلك - في الذكر - صحيح ابن يقطين: (عن رجل نسي تسبيحه في ركوعه وسجوده. قال (ع): لا بأس بذلك) (* 1). وخبر القداح: (عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا. قال (ع): تمت صلاته) (* 2).
____________
(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب الركوع حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب الركوع حديث: 1.
===============
( 419 )
[ أو قبل الخروج عن مسمى الركوع وجب الاتيان بالذكر (1). ] وأما الطمأنينة فان كان واجبة جرى فيها ما سبق، وإن كانت شرطا لهما فمقتضى فوات المشروط بفوات شرطه فواتهما بفواتها. ولازمه وجوب التدارك لو أمكن، فلو ركع بلا طمأنينة سهوا تداركه، فيرجع مع الطمأنينة - وكذا لو سجد بلاطمأنينة - فلو تعذر التدارك - بالدخول في ركن - فان كان المشروط الفائت بفواتها ركنا بطلت الصلاة، كما لو نسي الطمأنينة في الركوع حتى سجد السجدتين، أو في السجدتين حتى ركع. وكذا في بقية الأركان. ودعوى: أن ذلك خلاف ظاهر صحيح: (لا تعاد الصلاة...) لان المستثنى فيه ذات الركوع والسجود، وهما حاصلتان لا فائتتان غير واضحة، لأن الظاهر من الركوع والسجود خصوص المأخوذين جزءا، لا مطلقا، فيصدق فوتهما بمجرد فوات شرطهما. كما أن لازم ذلك: عدم بطلان الصلاة بزيادة الركوع بلا طمأنينة - وكذا زيادة السجدتين - لأن ما تبطل الصلاة بزيادته هو الذي تبطل بنقصه، وهو خصوص المشروط. ولازمه أن نقول بوجوب تدارك الركوع لو وقع منه بلا طمأنينة سهوا - وكذا في السجدتين لو وقعا كذلك - ويكون المأتي به منها بلا طمأنينة زيادة سهوية غير قادحة. لكن الظاهر أنه لم يقل به أحد. نعم حكي القول به - في الجملة - عن الشيخ (ره)، فاما أن يجعل ذلك كاشفا عن كونها من الواجب في الواجب. أو يقال: بعدم شرطيتها حال النسيان، لعدم الدليل عليها، إذ العمدة في دليلها الاجماع، ولم يثبت في حال النسيان. وهذا هو الأظهر. (1) لبقاء محله.
===============
( 420 )
[ ولو كان المنسي الطمأنينة حال الذكر فالأحوط إعادته (1)، بقصد الاحتياط والقربة، وكذا لو نسي وضع أحد المساجد حال السجود (2). ولو نسي الانتصاب من الركوع وتذكر بعد الدخول في السجدة الثانية فات محله (3). وأما لو تذكر قبله فلا يبعد وجوب العود إليه، لعدم استلزامه إلا زيادة سجدة واحدة، وليست بركن (4). كما أنه كذلك لو نسي الانتصاب من السجدة الأولى وتذكر بعد الدخول في الثانية ] (1) لما تقدم: من احتمال كون الطمأنينة من قبيل الواجب في الذكر فيفوت محلها بفعله. (2) يعني: إن ذكره بعد رفع الرأس فات محله، وإن ذكره قبله وجب تداركه، لأنه من الواجب في الواجب. وهذا الحكم في الجملة مما لا إشكال فيه ولا خلاف ظاهر. نعم ظاهر المتن وكثير: عدم الفرق بين المساجد السبعة في ذلك. وعن غير واحد: أنه في غير وضع الجبهة، أما هو ففواته يوجب فوات السجود، لأنه متقوم به. واستشكل فيه في الجواهر بدعوى: صدق السجود بوضع مقدم الرأس. وفيه: أن وضع الجبهة لم يكن له وجود عيني يمتاز عن وجود السجود في الخارج، بخلاف وضع بقية الأعضاء فان له وجودا ممتازا. وبذلك افترق وضع الجبهة عن وضع بقية الأعضاء في أن وجوبه راجع إلى تقييد وجود السجود، بخلاف بقية الأعضاء، فان وجوب وضعها يمكن أن يكون واجبا آخر فيه. (3) للدخول في الركن. (4) كما عرفت. نعم ظاهر كلامهم في المقام المفروغية عن عدم
===============
( 421 )
[ لكن الأحوط - مع ذلك - إعادة الصلاة. ولو نسي الطمأنينة حال أخد الانتصابين احتمل فوت المحل وإن لم يدخل في السجدة، كما مر نظيره. ولو نسي السجدة الواحدة أو التشهد وذكر بعد الدخول في الركوع أو بعد السلام فات محلهما (1)، ولو ذكر قبل ذلك تداركهما. ولو نسي الطمأنينة في التشهد فالحال كما مر: من أن الاحوط الاعادة بقصد القربة والاحتياط، والأحوط - مع ذلك - إعادة الصلاة أيضا، لاحتمال كون التشهد زيادة عمدية حينئد (2)، ] لزوم التدارك بالدخول في السجود، بل ادعى شيخنا الأعظم (ره): اتفاقهم على ذلك. وكأنه منهم مبني على استفادة ذلك مما تقدم في نسيان الركوع حتى سجد - بناء على البطلان - فان الدخول في السجود إذا كان موجبا لتعذر تدارك الركوع فأولى أن يكون موجبا لتعذر تدارك الانتصاب لكن عرفت الاشكال في البطلان. مع أن التعدي عن مورده إلى المقام محتاج إلى القطع بالأولوية، وهو مفقود. ويحتمل أن يكون الواجب هو الانتصاب عن ركوع، وهو مما لا يمكن تداركه. لكن لازمه فوات محله بالهوي إلى السجود وإن لم يسجد، ولذا التزم به بعض الأعلام من مشايخنا (قده) حيث استظهر من الأدلة: أن الواجب رفع الرأس عن الركوع حتى يعتدل قائما. وقد يشهد له ذكرهم له في واجبات الركوع. وهو غير بعيد. ومثله الكلام في الانتصاب بعد السجدة الأولى، لاتحاد سياق دليلهما، كما مر نظيره. ومر أن العمدة - في الدليل على اعتبار الطمأنينة -، هو الاجماع، ولم يثبت حال السهو. (1) كما تقدم بيانه. وكذا ما بعده. (2) نظير السجود للعزمية. لكن الاحتمال ضعيف جدا، لأن التشهد
===============
( 422 )
[ خصوصا إذا تذكر نسيان الطمأنينة فيه بعد القيام. (مسألة 19): لو كان المنسي الجهر أو الاخفات لم يجب التدارك باعادة القراءة أو الذكر على الأقوى (1)، وإن كان أحوط (2)، إذا لم يدخل في الركوع. ] ذكر، فيجوز الاتيان به بقصد القربة المرددة بين الجزء والذكر، فانه بالرجوع تلزم زيادة القيام عمدا احتمالا. هذا وقد تقدم في مبحث القيام: أن القيام في نفسه لافي حال القراءة ولا الذكر - ليس من أجزاء الصلاة بل هو من المباحات فيها، فلا مانع من فعله فيها إذا لم يكن بقصد الجزئية. (1) إما لأنه من قبيل الواجب في الواجب، أو لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): (في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه، وأخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه، فقال (ع): أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الاعادة، فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أولا يدري فلا شئ عليه وقد تمت صلاته) (* 1). فان إطلاقه يقتضي عدم الفرق بين ما قبل الركوع وما بعده، بل لافرق فيه بين الفراغ من القراءة وعدمه، حتى الآية والكلمة. (2) فقد حكي عن صريح جامع المقاصد. وكأنه لبنائه على كونه قيدا في القراءة، وعدم إطلاق في النص بالنحو المتقدم، نظير ما ورد في نسيان القراءة. ولكنه كما ترى، إذ لو لم يثبت كونه من الواجب في الواجب فالاطلاق لامانع منه. والفرق بينه وبين قوله (ع): (من نسي القراءة فلا شئ عليه) (* 2) ظاهر، إذ لا يتحقق النسيان إلا في صورة عدم إمكان التدارك ولا يكون ذلك إلا بعد الركوع. ويكفي في صدق قوله: (جهر في موضع
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) راجع الوسائل باب: 27 من ابواب القراءة في الصلاة.