[ فصل في أوقات اليومية ونوافلها وقت الظهرين ما بين الزوال (1) ] فصل في أوقات اليومية ونوافلها (1) بإجماع المسلمين، كما عن الخلاف. والمعتبر والتذكرة ونهاية الاحكام. وبلا خلاف بين أهل العلم، كما عن المسائل الناصرية والمنتهى ومجمع البرهان وشرح رسالة صاحب المعالم. وإجماعا، كما عن الغنية والذكرى. نعم عن إبن عباس والحسن والشعبي: إجزاء صلاة المسافر لو صلى قبل الزوال. وخلافهم لو ثبت لا يعول عليه، لمخالفته لقوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل..) (* 1) والدلوك هو الزوال، كما عن جماعة من أهل اللغة. ولو ثبت أن معناه غير ذلك فلا ينطبق على ما ذكروه. ويدل على ذلك أيضا جملة من النصوص كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر " (* 2)، ومصحح عبيد بن زرارة: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت الظهر والعصر. فقال (عليه السلام): إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا، إلا أن هذه قبل هذه، ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس " (* 3)، وخبر مالك الجهني: " سألت
===============
( 26 )
أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت الظهر، فقال (عليه السلام): إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين " (* 1).. إلى غير ذلك. نعم قد يظهر من جملة من النصوص خلاف ذلك، كمصحح إسماعيل إبن عبد الخالق: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت الظهر فقال (عليه السلام): بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك، إلا في يوم الجمعة أو في السفر فإن وقتها حين تزول الشمس " (* 2) ونحوه موثق سعيد الاعرج (* 3) وخبر زرارة: " وقت الظهر على ذراع " (* 4). ونحوها غيرها. وقد سرد في الجواهر جملة كثيرة أستظهر منها المنافاة لما سبق. لكن بعضها ظاهر في تحديد الآخر، كصحيح الفضلاء عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام): " أنهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان " (* 5). ونحوه في ذلك صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " سألته عن وقت الظهر. فقال: ذراع من زوال الشمس، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر، فذلك أربعة أقدام من زوال الشمس.. " (* 6) ونحوهما مضمر إبن أبي نصر (* 7) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (* 8)
===============
( 27 )
[ والمغرب (1) ] وبعضها محتمل لذلك كمصحح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (* 1) وإسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) (* 2)، وموثق زرارة الحاكي رواية عمر بن سعيد (* 3). وبعضها ظاهر في أفضلية الصلاة على القدم والقدمين من الصلاة على القدمين والاربعة أقدام، كصحيح ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (* 4). وبعضها ظاهر في نهاية وقت الفضيلة، كصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (* 5). وبعضها محتمل لاول وقت الفضيلة، كخبر إبن بكير الحاكي قصة دخول عمه زرارة على الصادق (عليه السلام) وخروجه عنه من غير أن يجيبه (* 6)، إذ لم يعلم أن الذراع والذراعين اللذين سبق ذكرهما لزرارة كانا تحديدا لاول وقت الفضيلة أو الاجزاء. وبالجملة: أكثر النصوص المذكورة في الجواهر غير ظاهرة المنافاة لما سبق، أو ظاهرة فيما هو أجنبي عنه. وكيف كان يجب حمل النصوص المنافية على وجه لا ينافي ما عرفت، لما عرفت من دعوى الاجماع على التوقيت بالزوال، بل أدعي عليه ضرورة المذهب أو الدين. (1) على المشهور شهرة عظيمة. بل في الجواهر: نفي الخلاف المعتد به عندنا، ويشهد له جملة من النصوص، كمصحح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين
===============
( 28 )
إلى نصف الليل إلا أن هذه قبل هذه " (* 1) وخبره: " لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس، ولا تفوت صلاة الليل حتى يطلع الفجر، ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس " (* 2)، وخبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " أحب الوقت إلى الله عزوجل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة فإن لم تفعل فأنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس " (* 3) ومرسل داود بن فرقد الآتي. (* 4) وعن المبسوط: انتهاء وقت الظهر للمختار بصيرورة الظل مثل الشاخص. وعن القاضي: ذلك أيضا حتى للمضطر. وعن إبن أبي عقيل: أنتهاء وقت المختار بالذراع. ونحوه عن المقنعة. وعن أبي الصلاح: إنتهاء وقته بأربعة أسباع. ونحوه ما عن نهاية الشيخ وعمل يوم وليلة. وعن التهذيب: ذلك مطلقا. كما أنه عن المقنعة: أنتهاء وقت العصر للمختار بإصفرار الشمس. وعن أكثر كتب أنه عن المقنعة: إنتهاء وقت العصر للمختار بإصفرار الشمس. وعن أكثر كتب الشيخ والقاضي والحلبي والطوسي: إنتهاء وقته إلى أن يصير ظل كل شئ مثليه. وعن إبن أبي عقيل: إنتهاء وقته بالذراعين. ومستند هذه الاقوال أخبار غير ظاهرة، أو ظاهرة لكنها محمولة على وقت الفضيلة جمعا كما يشير إليه بعضها وغيره، ففي صحيح إبن سنان عن الصادق (عليه السلام): " لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا، ولكنه وقت من شغل أو نسي أو أسها أو نام، وليس لاحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا من عذر أو علة " (* 5)، ومرسل
===============
( 29 )
[ ويختص الظهر بأوله مقدار أدائها (1) بحسب حاله، ويختص ] الفقيه: " أوله رضوان الله وآخره عفو الله والعفو لا يكون إلا عن ذنب " (* 1) ومصحح الحلبي: " ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الموتور أهله وماله من ضيع صلاة العصر. قلت: وما الموتور أهله وماله؟ قال (صلى الله عليه وآله): لا يكون له في الجنة أهل ولا مال يضيعها فيدعها متعمدا حتى تصفر الشمس وتغيب (* 2) وخبر ربعي: " إنا لنقدم ونؤخر وليس كما يقال: من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك، وإنما الرخصة للناسي والمريض والمدنف والمسافر والنائم في تأخيرها (* 3). فإن ملاحظة مجموع النصوص المذكورة ونحوها توجب الجزم بأمتداد الوقت إلى الغروب غير أن الافضل التقديم على ما سيأتي إن شاء الله في الوقت الفضيلي. فلاحظ وتأمل. (1) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل عن المنتهى: نسبته إلى علمائنا، وعن نجيب الدين: أنه نقل الاجماع عليه جماعة، وعن العلامة والشهيد: نسبة الخلاف إلى الصدوق، وعن جامع المقاصد والمدارك: نسبته إلى الصدوقين. ونوقش في النسبة المذكورة. وكيف كان فيدل على المشهور مرسل داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس (* 4)، وصحيح الحلبي في
===============
( 30 )
حديث قال: " سألته عن رجل نسي الاولى والعصر جميعا ثم ذكر عند غروب الشمس. فقال (عليه السلام): إن كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصل الظهر ثم يصلي العصر، وإن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته فيكون قد فاتتاه جميعا، ولكن يصلي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصل الاولى بعد ذلك على أثرها " (* 1)، فإن الظاهر من تأخير العصر المنهي عنه هو فعل الظهر أولا ثم فعلها وحينئذ فالحكم بفوتهما حينئذ معا لابد أن يكون لبطلان الظهر من جهة وقوعها في غير الوقت. وهذان الحديثان هما العمدة في أدلة الاختصاص. أما صحيح إبن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة فأن أستيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة " (* 2)، ونحوه موثق أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (* 3). فالامر بفعل العشاء فيهما أعم من خروج وقت المغرب، لجواز أن يكون لاهمية العشاء حينئذ. ونحوه الامر بفعل العصر في جملة من النصوص الواردة في الحائض إذا طهرت في وقت العصر (* 4) ولعل هذا الوجه في نسبة الوقت إلى العصر فيها وفي غيرها. ومن ذلك يظهر حال صحيحة إسماعيل بن أبي همام عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): " في الرجل يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر: أنه يبدأ بالعصر ثم يصلي الظهر " (* 5) هذا ويعارض هذه النصوص مصحح عبيد المتقدم: " إذا زالت الشمس
===============
( 31 )
فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعا إلا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس " (* 1) ودلالتها على الاشتراك ظاهرة، بل متكررة ومتأكدة، فإنه ظاهر الجزاء مؤكدا بقوله (عليه السلام): " جميعا "، وبالاستثناء أيضا، فإن الاستثناء مما يؤكد العموم، ولا سيما إذا كان منقطعا كما في الرواية، فإن الظاهر من قوله (عليه السلام): " إلا أن هذه.. " مجرد الترتيب، فلا يكون الاستثناء متصلا لعدم منافاة ما قبله حينئذ له بوجه وقوله (عليه السلام): " ثم أنت.. " ظاهر في أنه إذا دخل وقتهما جميعا تكون في وقت منهما جميعا إلى الغروب، فتكون نسبة جميع أجزاء الوقت المذكور إلى كل واحدة من الصلاتين نسبة واحدة بلا فرق بين الصلاتين أصلا وصحيح زرارة المتقدم: " إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء " (* 2)، ورواية سفيان إبن السمط عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين " (* 3). ونحوها رواية منصور بن يونس عن العبد الصالح (عليه السلام) (* 4) ومالك الجهني عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (* 5) وإسماعيل بن مهران عن الرضا (على السلام). (* 6) والجمع بين رواية إبن فرقد وبينها كما يكون بحمل دخول الوقتين على دخول مجموعهما على الترتيب فلا ينافي الاختصاص، نظير رواية عبيد في قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس): قال: (عليه السلام): إن الله تعالى
===============
( 32 )
إفترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس إلى إنتصاف الليل " (* 1) يكون أيضا بحمل رواية إبن فرقد على دخول الوقت الفعلي بملاحظة إعتبار الترتيب بين الصلاتين، نظير خبر زرارة: " وإذا صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى إنتصاف الليل " (* 2)، ورواية إبن أبي منصور " إذا زالت الشمس فصليت سبحتك فقد دخل وقت الظهر " (* 3)، وخبر مسمع: " إذا صليت الظهر فقد دخل وقت العصر " (* 4) ورواية ذريح: " متى أصلي الظهر؟ فقال (عليه السلام): صل الزوال ثمانية ثم صل الظهر " (* 5). وإستضعاف هذا الحمل في الجواهر من أجل أنه لا يختص بمقدار الاربع، بل هو مطرد في عامة الوقت. ضعيف من أجل أن مقدار أداء الظهر بعد الزوال لا يمكن فيه فعل العصر أصلا، بخلاف ما بعده، فإنه يمكن فعلها فيه ولو من جهة فعل الظهر في أول الوقت. ولا تبعد دعوى كون الحمل الثاني أقرب، بل لعله مراد جماعة من القائلين بالاختصاص كما يظهر من أدلتهم عليه، مثل ما في المختلف: " لان الاجماع واقع على أن النبي (صلى الله عليه وآله) صلى الظهر أولا وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي " (* 6) وما عنه أيضا من أن القول بالاشتراك حين الزوال مستلزم إما للتكليف بما لا يطاق أو خرق الاجماع. وما عن الروض من أن ضرورة الترتيب تقتضي الاختصاص. وما عن المدارك من أنه لا معنى لوقت الفريضة إلا
===============
( 33 )
ما جاز إيقاعها فيه، ولا يجوز إيقاع العصر عند الزوال لا عمدا ولا مع النسيان، لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه، وعدم ما يدل على الصحة. ونحو ذلك. فإن ملاحظة أمثال هذه الادلة تقتضي بأن مراد القائلين بالاختصاص ما يكون ملازما لاعتبار الترتيب لا ما يكون بالمعنى الملازم التوقيت. ولعله إلى هذا يشير الحلي في محكي كلامه، من أن الاختصاص قول المحصلين من أصحابنا الذين يلزمون الادلة والمعاني لا العبارات والالفاظ يعني: أن الاشتراك غير معقول مع البناء على إعتبار الترتيب. نعم يبقى الاشكال في صحيح الحلبي المتقدم (* 1)، لظهوره في فوت الظهر إذ لم يبق من الوقت إلا مقدار أداء العصر وإن صليت الظهر فيه الذي لا يكون ذلك إلا لوقوعها في غير وقتها. وحمله على كون تطبيق الفوت على الظهر من جهة سقوط الامر بها ولو من جهة مزاحمتها بالعصر التي هي أهم منها، لا من جهة خروج وقتها بعيد، لكنه لا يدل على بطلان الظهر الذي جعلوه من ثمرات الاختصاص. وأيضا يتوقف الاستدلال به على الاختصاص على القول بعدم الفصل، وإلا أمكن الاقتصار على مورده لا غير، لكن ظاهر الجماعة عدم الفصل للاستدلال به على الاختصاص مطلقا وعليه فلا بد من التصرف في رواية عبيد وغيرها بالحمل على دخول مجموع الوقتين ولو بنحو الترتيب ويكون المراد من قوله (عليه السلام): " إلا أن هذه.. " أن وقت هذه قبل وقت هذه، ويكون الاستثناء متصلا كما هو الاصل في الاستثناء لا منقطعا، كما لو حمل على الترتيب لا غير حسب ما عرفت وهذا مؤيد آخر للحمل المذكور. وعلى هذا فالجمع العرفي بين مجموع الادلة يساعد الاختصاص، وإن كان في النفس منه شئ، والله سبحانه أعلم.
===============
( 34 )
ثم إن المذكور في رواية إبن فرقد: تحديد وقت الاختصاص بمقدار أربع ركعات. ومثله عن المبسوط والخلاف والجمل والناصريات وغيرها. قال العلامة في التحرير: " يدخل وقت الظهر بزوال الشمس.. (إلى أن قال): إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات ثم يشترك الوقت بينها وبين العصر إلى أن يبقى لغروب الشمس مقدار أربع ركعات فيختص بالعصر. روى ذلك داود بن فرقد ". والمحكي عن جماعة كثيرة: التعبير بمقدار الاداء. قال العلامة في الارشاد: " وقت الظهر إذا زالت الشمس.. (إلى أن قال): إلى أن يمضي مقدار أدائها ثم تشترك مع العصر إلى أن يبقى للمغرب مقدار أداء العصر ". بل هو المحكي عن معقد إجماع الغنية وجملة من معاقد الشهرة. ولا ينبغي التأمل في أن مراد الجميع واحد، لعدم تحرير الخلاف المذكور من أحد، ولم يتعرض لاثبات أحد الوجهين ورد الآخر، والظاهر أن المراد هو الثاني، بل ربما قيل: إنه مقطوع به. حملا للمرسل (* 1) على الغلب، ويشهد له التعبير في صحيح الحلبي المتقدم (* 2) بالفوت، فإن الظاهر منه أن وقت الاختصاص عبارة عن المقدار المحتاج إليه في أداء الصلاة. فلابد حينئذ من ملاحظة أحوال المكلف التي يختلف مقدار الصلاة بإختلافها، سواء أكانت مأخوذة موضوعات للاحكام المختلفة في لسان الشارع مثل السفر والحضر والخوف ونحوها أم لا، كطلاقة اللسان وعيه، والابطاء في الحركات، والاستعجال، وغير ذلك، فيقدر الوقت بقدر الصلاة الذي يختلف بلحاظها. كما لافرق أيضا بين أن تكون حاصلة قبل الصلاة وطارئة
===============
( 35 )
في أثنائها، فلو صلى الظهر في أول الوقت فنسي بعض الاجزاء غير الركنية فقد دخل الوقت المشترك بالفراغ، وكذا لو طرأ له في الاثناء ما يوجب خفة اللسان أو الحركات الصلاتية، ولو عرض له ما يوجب الابطاء كالعي في اللسان، أو الثقل في الحركات الصلاتية، أو نسي فقرأ بعض السور الطوال، أو نحو ذلك كان التقدير بتلك الصلاة، ولو كان التطويل مستندا إلى الاختيار كما لو إختار قراءة السور الطوال، أو القنوت ببعض الادعية كذلك. أو نحو ذلك كان ذلك خارجا عن التقدير، لان الظاهر من رواية الحلبي التقدير بأداء صرف الطبيعة الحاصل بأداء أقل المقدار الواجب. ولو لم يصل الظهر لكن علم بأنه لو صلى طرأ عليه ما يوجب له الابطاء أو السرعة كنسيان بعض الاجزاء أو نحوه لم يبعد دخول ذلك في التقدير، لان تقدير النسيان مثلا أو نحوه لا بد أن يكون راجعا إلى حالة فعلية للمكلف لا فرق بينها وبين سائر الحالات الفعلية من السفر والحضر ونحوهما، كما لعله ظاهر بالتأمل. ولو صلى قبل الوقت فدخل الوقت قبل التسليم فدخول وقت الاشتراك بمجرد الفراغ مبني على ما سيأتي في نظيره من وقوع العصر قبل الظهر. (ودعوى): دخول الوقت المشترك من جهة الضابط المتقدم، لان نسيان الوقت أو الجهل به من قبيل الحالات التي يختلف مقدار الصلاة بإختلافها كما في الجواهر (غير ظاهرة) إذ لا يرتبط ذلك بإختلاف الصلاة بالمرة، وإنما يرتبط بعدم إعتبار الوقت في تمام الصلاة لا غير. وأيضا الظاهر من المرسلة أن التقدير بلحاظ نفس الفعل دون مقدماته، فإعتبار في التقدير كما عن المحقق والشهيد الثانيين وغيرهما، بل عن بعض: أنه مفروغ عنه غير ظاهر الوجه، والفوت في رواية الحلبي وإن كان يتحقق بترك بعض الشرائط إلا أن الشرائط في آخر الوقت لازمة
===============
( 36 )
التحصيل على كل حال لكل واحدة من الفريضتين، فلم يثبت كون زمانها ملحوظا زمانا للعصر فقط. فتأمل جيدا. كما أن دخول الاجزاء المنسية وركعات الاحتياط وسجود السهو في التقدير مبني على إعتبارها جزءا في الصلاة، ولو بني على خروجها عن مورد التقدير. هذا وثمرة الخلاف: أنه لو صلى العصر غفلة في أول الزوال، فعلى الاشتراك تصح، إذ لم تفقد إلا الترتيب، وهو غير معتبر في حال النسيان لحديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1). وعلى الاختصاص تبطل، لفوات الوقت المستثنى في حديث: " لا تعاد ". ولو دخل الوقت المشترك في الاثناء لحقه حكم الصلاة في الوقت على الاختصاص، فتصح كما تصح على الاشتراك لما سبق. ولو ذكر في الاثناء أنه لم يصل الظهر عدل على الاشتراك، وأشكل ذلك على الاختصاص، لاختصاص العدول بصورة وقوع الصلاة صحيحة لولا الترتيب، فالتعدي إلى غيرها محتاج إلى دليل، وهو مفقود. ولو صلى العصر قبل الظهر لاعتقاد فعل الظهر أو لاعتقاد ضيق الوقت عنهما، فانكشف سعة الوقت لهما، فلا ينبغي التأمل في صحة العصر بناء على عموم: " لا تعاد " لمثل الفرض كما هو الظاهر، وحينئذ فهل يجب عليه فعل الظهر فورا أداء، أو يجوز فعلها قضاء في الوقت وخارجه، أو لا يصح فعلها إلا في خارج الوقت؟ وجوه. إذ على الاشتراك يتعين الاول كما هو ظاهر. أما على الاختصاص، فقد قيل أيضا بالاول، لاختصاص أدلة الاختصاص بصورة إشتغال ذمة المكلف بالعصر، فمع فراغها عنه يكون المرجع أدلة الاشتراك. وفيه: أن النسبة بين أدلة الاختصاص
===============
( 37 )
وأدلة الاشتراك ليست من قبيل النسبة بين الخاص والعام كي يرجع إلى أدلة الاشتراك عند عدم صلاحية أدلة الاختصاص للمرجعية بل هما متابينان، لورودهما معا في مقام التحديد للوقت، فإذا جمع بينهما بحمل أدلة الاشتراك على ما يوافق الاختصاص فإذا فرض قصور أدلة الاختصاص عن شمول المورد كانت أدلة الاشتراك كذلك، وكان المرجع الاصل. فإن قلت: مقتضى أدلة الاشتراك أن كل حصة من الزمان بين الزوال والغروب مشتركة بين الفرضين، وأدلة الاختصاص إنما تنافيها في الجزء الاول والاخير لا غير، فنسبتها إليها نسبة الخاص إلى العام، فإذا أجمل الخاص في بعض الاحوال كان المرجع العام، وكذا في المقام. قلت: قد عرفت أن أدلة الاشتراك واردة في مقام تحديد الوقت للفرضين، وأن مقتضى الجمع بينها وبين أدلة الاختصاص حملها على معنى لا ينافي الاختصاص، لاتخصيصها بأدلته، كما يظهر ذلك بملاحظة ما سبق في وجه الجمع، فلو إختصت أدلة الاختصاص بغير الفرض كانت أدلة الاشتراك كذلك، فلا بد من الرجوع إلى الاصل، وليس هو إستصحاب بقاء الوقت المشترك، لانه من الاستصحاب الجاري في المفهوم المردد الذي تكرر في هذا الشرح التنبيه على عدم حجيته. مع أنه يتوقف على البناء على أنه يكفي في صحة الصلاة أداء بقاء الوقت بنحو مفاد كان التامة، أما لو أعتبر وقوعها في وقت هو وقتها بنحو مفاد كان الناقصة فلا يجدي الاصل المذكور، إلا بناء على الاصل المثبت. ومنه يظهر الاشكال في إستصحاب بقاء الاشتراك. أما إثباث كون الوقت المعين وقتا لها بالاصل فغير ممكن، لعدم الحالة السابقة له، أللهم إلا أن يلحظ بعضا مما سبق فيقال: كان مشتركا فهو على ما كان. فتأمل جيدا. وأما
===============
( 38 )
إستصحاب وجوب الاداء فلا يثبت القدرة على الاداء وصحتها أداء، ولو فرض سقوط الاستصحاب عن المرجعية كان المرجع أصل البراءة من الوجوب الفعل في الوقت المعين. هذا إذا جوزنا فعلها قضاء على تقدير القول بالاختصاص وإلا كان الدوران بين المتباينين، للعلم بوجوب فعلها في باقي الوقت أداء أو في خارجه قضاء، فيجب الاحتياط. ثم إنه لو بني على الاختصاص حتى في الفرض، لم يبعد جواز إيقاع الظهر قضاء. ودعوى: أن الظاهر من الاختصاص عدم صحة الشريكة مطلقا ولو قضاء كما في الجواهر غير مجدية وإن سلمت، إذ لم يقع لفظ الاختصاص في لسان الادلة، ليرجع إلى ظهوره، وإنما المرجع أدلة القول به، وليس مقتضاها إلا خروج وقت الظهر إذا بقي من الوقت مقدار أداء العصر، وهذا المقدار لا يقتضي بطلانها قضاء. وقد عرفت أن مضمر الحلبي المتقدم في أدلة الاختصاص لا يقتضي ذلك أيضا (* 1)، فإطلاق ما دل على على جواز القضاء محكم. ومما ذكرنا تعرف حكم الفرغ السابق وهو: ما لو صلى الظهر قبل الوقت وقد دخل وهو في الصلاة، وأنه لو صلى العصر بعدها لم يكن دليل على صحتها، للشك في وقوعها في وقتها مع العلم بأنها موقتة بوقت، فقاعدة الاشتغال تقتضي وجوب الاعادة. ولو بقي من الوقت مقدار خمس ركعات وجب فعل الظهر أولا لعموم: " من أدرك ". ولا يزاحمه وجوب فعل العصر في وقتها، لاعتبار الترتيب في العصر الموجب لفعل الظهر قبلها ليحصل الترتيب، فضلا عن إقتضاء وجوب فعل الظهر ذلك. ومما ذكرنا يظهر أنه لا حاجة إلى إثبات
===============
( 39 )
أهمية صلاة الظهر، لكونها الصلاة الوسطى. كما أنه لا يختلف القول بالاختصاص والقول بالاشتراك في ذلك. نعم يختلفان بناء على التفكيك في تطبيق: " من أدرك " بين العصر والظهر، فيطبق في الاول للنص ولا يطبق في الثاني لعدمه، إذ على الاختصاص، لا وجه حينئذ لفعل الظهر، لعدم صحتها، لعدم وقوعها في وقتها، فلا يعتبر الترتيب بينها وبين العصر. نعم أو بقي من وقت العشاءين مقدار أربع ركعات يختلف القولان إذ على الاختصاص يتعين فعل العشاء ولا يجوز فعل المغرب، لخروج وقتها. وعلى الاشتراك يتعين فعل المغرب، لما سبق من إعتبار الترتيب في العشاء بعد تطبيق: " من أدرك " بالنسبة إليها. كما يختلفان أيضا لو حاضت المرأة بعد مضي مقدار إحدى الفريضتين، فعلى الاختصاص، لا تقضي إلا الظهر. وعلى الاشتراك يكون قضاؤها بعينها موقوفا على بقاء شرطية الترتيب في العصر. ولو بني على سقوطه بقاعدة الميسور ونحوها، أو دعوى إنصراف دليله عن مثل الفرض كما يشير إليه بناؤهم على الاقتصار على العشاء إذا لم يبق من الوقت إلا أربع ركعات كان اللازم قضاء واحدة من الفريضتين تخييرا. ولو طهرت الحائض في آخر الوقت لزم فعل العصر لا غير، للنصوص الخاصة المتقدمة في مبحث الحيض (* 1)، ولا يرجع إلى ما ذكرنا. كما أنه مما ذكرنا تعرف بعد التأمل حكم ما لو أفاق المجنون الادواري في أول الوقت، أو في آخره، أو في وسطه بمقدار أداء إحدى الفريضتين. فتأمل جيدا.
===============
( 40 )
[ العصر بآخره كذلك وما بين المغرب ونصف الليل وقت المغرب (1) ] (1) أما دخول وقت صلاة المغرب بالغروب في الجملة فمما لا خلاف فيه كما عن جماعة، أو لا ريب فيه كما عن آخرين، أو إجماعي كما عن غيرهم وفي كما عن جماعة، أو لا ريب فيه كما عن آخرين، أو إجماعي كما عن غيرهم وفي الجواهر: " هو من ضروريات الدين ". ويدل عليه النصوص المتواترة التي منها صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) " وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة " (* 1). وأما إنتهاء وقتها بإنتصاف الليل مطلقا: فهو المشهور كما عن جماعة ويشهد له جملة من النصوص كرواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك..) -: " ومنها صلاتان أول وقتها من غروب الشمس إلى إنتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه " (* 2) وروايته الاخرى: " إذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل إلا أن هذه قبل هذه " (* 3)، وصحيح زرارة: " سألت أبا جعفر عليه السلام عما فرض الله عزوجل من الصلوات. فقال (عليه السلام): خمس صلوات في الليل والنهار.. إلى أن قال (عليه السلام): وفيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات، سماهن الله وبينهن ووقتهن، وغسق الليل هو إنتصافه " (* 4)، ومرسل إبن فرقد: " إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من إنتصاف الليل
===============
( 41 )
مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء إلى إنتصاف الليل " (* 1). وعن الخلاف: إنتهاء وقتها مطلقا بذهاب الشفق وكأنه لاطلاق مثل صحيح زرارة والفضيل قالا: " قال أبو جعفر (عليه السلام): إن لكل صلاة وقتين غير المغرب فإن وقتها واحد ووقتها وجوبها، ووقت فوتها سقوط (* 2) الشفق ". ونحوه غيره. وعن المقنعة والنهاية: ذلك للحاضر، ويجوز تأخيرها للمسافر إلى ربع الليل، لمثل مصحح عمر بن يزيد: " وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل " (* 3). وعن جماعة من أساطين القدماء منهم الشيخ في المبسوط وغيره والسيد في المصابح والاصباح -: ذلك للمختار، وأما للمعذور فيجوز تأخيرها إلى ربع الليل. وكأنه لمثل خبر عمر بن يزيد: (أكون مع هؤلاء وأنصرف من عندهم عند المغرب فأمر بالمساجد فأقيمت الصلاة فإن أنا نزلت أصلي معهم لم أستمكن من الاذان والاقامة وإفتتاح الصلاة. فقال (عليه السلام): إئت منزلك وأنزع ثيابك وإن أدرت أن تتوضأ فتوضأ وصل فإنك في وقت إلى ربع الليل " (* 4). وفي جميع الاقوال الثلاثة طرح لنصوص النصف، لانها نص في جواز التأخير في الجملة إلى النصف. كما أن في أولها طرحا أيضا لنصوص الاخيرين وفي كل من الاخيرين أيضا طرح لنصوص الآخر. والجميع غير ظاهر. مضافا إلى منافاتها لنصوص أخرى كمصحح عمر بن يزيد قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): وقت المغرب في السفر إلى ثلث الليل) (* 5)، وصحيح
===============
( 42 )
[ والعشاء (1) يختص المغرب بأوله بمقدار أدائه. ] أبي همام إسماعيل بن همام: " رأيت الرضا (عليه السلام) وكنا عنده لم يصل المغرب حتى ظهرت النجوم ثم قام فصلى بنا على باب دار إبن أبي محمود " (* 1)، وخبر داود الصرمي: " كنت عند أبي الحسن الثالث (عليه السلام) يوما فجلس يحدث حتى غابت الشمس ثم دعا بشمع وهو جالس يتحدث فلما خرجت من البيت نظرت وقد غاب الشفق قبل أن يصلي المغرب ثم دعا بالماء فتوضأ وصلى " (* 2). ودعوى كون الاخيرين حكاية فعل مجمل يمكن لذلك حملهما على العذر. مما لا يصغى إليها، فإن عدم إبدائه للعذر في التأخير وعدم أمره للحاضرين بالمبادرة إلى الصلاة، مانع عن الحمل المذكور. وإحتمال إطراد العذر في الحاضرين أيضا مما لا مجال له، وإلا كان على الراوي بيانه. (وبالجملة): ظهور النصوص المذكورة في جواز التأخير إختيارا مما لا ينبغي التأمل فيه. مع أن في ظهور نصوص الاخير في العذر الذي هو ظاهر القائل تأملا ظاهرا. ولاجل ذلك كله يتعين حمل نصوص ذهاب الشفق على وقت الفضيلة أو كراهة التأخير عنه، ونصوص الربع والثلث على نفي الكراهة في التأخير في السفر أو العذر، فإن ذلك مقتضى الجمع العرفي بين جميع النصوص المذكورة. فلاحظ. (1) أما أن أول وقت العشاء المغرب في الجملة على الخلاف الآتي في الاختصاص والاشتراك فهو المشهور والمنسوب إلى السيد والتقي والقاضي وإبني زهرة وحمزة وسائر المتأخرين. ويشهد له كثير من النصوص، منها ما تقدم في وقت المغرب من روايات زرارة وإبنه وإبن فرقد، ونحوها غيرها.
===============
( 43 )
وبعضه وإن لم يكن ظاهرا في دخول الوقت بالغروب أو بعده بمقدار أداء المغرب، لكنه صريح في دخوله قبل ذهاب الشفق، كموثق زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس المغرب والعشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة، وإنما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته) (* 1)، ورواية إسحاق بن عمار: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام): يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علة؟ قال (عليه السلام): لا بأس " (* 2)، وخبر زرارة: " سألت أبا جعفر (عليه السلام) وأبا عبد الله عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق. فقال (عليه السلام): لا بأس به " (* 3). وعن المقنعة والمبسوط والخلاف وغيرها: أول وقتها غروب الشفق، لظاهر جملة من النصوص، كصحيح بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال وأول وقت العشاء ذهاب الحمرة وآخر وقتها إلى غسق الليل (* 4)، وخبره: " ثم سألته عن وقت العشاء فقال (عليه السلام): إذا غاب الشفق " (* 5) وصحيح الحلبي: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) متى تجب العتمة؟ قال (عليه السلام): إذا غاب الشفق والشفق الحمرة " (* 6) ونحوها وغيرها الواجب حمل الجميع على الفضل جمعا عرفيا بينه وبين ما سبق. هذا، ومن موثق زرارة ورواية إسحاق يظهر ضعف ما عن النهاية من
===============
( 44 )
أنه يجوز للمسافر والمعذور تقديمها على ذهاب الشفق ولا يجوز لغيرهما. ومثله ما عن التهذيب من أنه يجوز تقديمها إذا علم أو ظن بعدم التمكن منها لو أخرها. وأما أن آخر وقتها مطلقا نصف الليل فهو المشهور. ويشهد له النصوص المتقدمة في المغرب وغيرها. وعن المقنعة وجملة من كتب الشيخ وغيره: أن آخره ثلث الليل مطلقا، ويشهد له جملة من النصوص كرواية زرارة: " وآخر وقت العشاء ثلث الليل " (* 1)، وخبر معاوية بن عمار: " وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل " (* 2). ونحوهما غيرهما. لكن لا مجال للاخذ بظاهرها، لما سبق، فلا بد من الجمع بينها بالحمل على إختلاف مراتب الفضل، لصراحة تلك في جواز التأخير إلى النصف. وأما ما عن التهذيب والاستبصار والمبسوط والوسيلة من التفصيل بين المختار فإلى الثلث، وبين غيره فإلى النصف، جمعا بين النصوص، فغير ظاهر، لعدم الشاهد للجمع. والمتعين ما ذكرنا، كما يشير إليه موثق الحلبي " العتمة إلى ثلث الليل أو إلى نصف الليل وذلك التضييع " (* 3)، وخبر أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لولا إني أخاف أن أشق على أمتي لاخرت العتمة إلى ثلث الليل وأنت في رخصة إلى نصف الليل " (* 4). نعم يبقى الاشكال في ظاهر مثل هذا الخبر، حيث أنه يقتضي إستحباب إيقاع العشاء بعد الثلث، وهو مما لا يمكن الالتزام به. ويمكن
===============
( 45 )
[ والعشاء بآخره كذلك (1). هذا للمختار. وأما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو نحو ذلك من أحوال الاضطرار فيمتد وقتهما إلى طلوع الفجر (2). ويختص العشاء من آخره بمقدار أدائها دون المغرب من أوله أي: ما بعد نصف الليل. والاقوى ] حمله على إرادة جعل آخر وقتها ثلث الليل لا أكثر فيطابق ما سبق، أو على إرادة أن ذلك أعني: إستحباب التأخير بحسب العناوين الاولية لا الثانوية، وإلا فمقتضاها عدم الفضل في التأخير إليه كما يقتضيه الشرط بل الفضل في التقديم، كما يشهد به. مواظبته (صلى الله عليه وآله) على ذلك. ومرسلة الكليني بعد أن روى عن أبي بصير أنه إلى ثلث الليل قال: " وروي إلى ربع الليل " (* 1) المحمول على الفضل جزما، فيكون للعشاء ثلاثة أوقات ربع الليل، وثلثه، ونصفه. والله سبحانه أعلم. (1) الكلام هنا هو الكلام في الظهرين قولا، وقائلا، ودليلا، فقد ورد في مرسلة إبن فرقد نحو ما ورد هناك، كما ورد في رواية عبيد وغيرها مثل ما ورد والجمع في المقامين بنحو واحد، فلاحظ. (2) كما عن المعتبر. وفي المدارك: أنه المعتمد. ويشهد له جملة من النصوص كموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء الآخرة أو نسي فإن إستيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما، وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الاخرة، وإن إستيقظ بعد الفجر فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس.. " (* 2)، ونحوه صحيح إبن سنان المروي في التهذيب (* 3)
===============
( 46 )
[ أن العامد في التأخير إلى نصف الليل أيضا كذلك أي: يمتد وقته إلى الفجر وإن كان آثما بالتأخير لكن الاحوط أن ] أو إبن مسكان المروي في الاستبصار (* 1)، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الحائض -: " وإن طهرت في آخر الليل فلتصل المغرب والعشاء " (* 2)، ونحوه خبر داود الدجاجي عن أبي جعفر (عليه السلام) (* 3) وخبر عمر بن حنظلة عن الشيخ (عليه السلام) قال: " إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء " (* 4). والمناقشة في دلالتها على إمتداد الوقت في غير محلها، ولا سيما ما ورد في الحائض. والاشكال عليها بأنها خلاف ما ورد (* 5) في تفسير قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس..) (* 6)، وأنها موافقة للعامة، ومخالفة لما دل على ذم النائم عن الصلاة (* 7)، وأمره بالقضاء بعد الانتصاف وصوم اليوم الذي بعده عقوبة، وأن مضمونها مما لم يتعرض له في غيرها من النصوص. (سهل الاندفاع) فإن المخالفة بين الادلة اللفظية لا تقدح مع إمكان الجمع العرفي. وكذا الموفقة للعامة. وذم النائم إنما يقتضي الاثم فلا ينافي ما دل على بقاء الوقت، ولا سيما لو خص الثاني بالعذر، إذ لاذم حينئذ ولا إثم. والتعبير بالقضاء في مرفوعة إبن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام):
===============
( 47 )
[ لا ينوي الاداء والقضاء، بل الاولى ذلك في المضطر أيضا. وما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وقت الصبح (1) ] " من نام قبل أن يصلي العتمة فلم يستيقظ حتى يمضي نصف الليل فليقض صلاته وليستغفر الله " (* 1)، وفي مرسل الفقيه: " يقضي ويصبح صائما عقوبة " (* 2). غير ظاهر في القضاء بالمعنى المصطلح. مع ان الخبرين ضعيفان ومختصان بغير المعذور. وليس من شرط حجية الحجة تعرض غيرها لمضمونها. نعم قد يخدش في الاخبار المذكورة إعراض المشهور عنها. لكنه لم يثبت كونه بنحو يوهن الحجية، لجواز أن يكون وجهه بعض ما سبق مما عرفت إندفاعه. نعم في التعدي عن موردها إلى مطلق المعذور تأمل، وإن كان غير بعيد، إذ بعد إلغاء خصوصية مورد كل منها يكون الانتقال إلى جامع الاضطرار أولى من الانتقال إلى الجامع بين مواردها. وأشكل منه التعدي إلى غير المعذور مع الالتزام بالاثم كما يقتضيه الأمر بالاستغفار وبالصوم عقوبة. وإن كان يساعده إطلاق رواية عبيد عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة، لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس، ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر، ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس) (* 3). فالاحتياط فيه متعين. والله سبحانه أعلم. (1) أما أن أول وقت الصبح طلوع الفجر: فلا خلاف فيه كما عن
===============
( 48 )
جماعة وإجماع كما عن آخرين وإجماع أهل العلم أو العلماء كما عن غيرهم. ويشهد له كثير من النصوص المعتبرة. ففي مصحح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث -: (إذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة " (* 1)، وخبره عنه (عليه السلام). وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس " (* 2). ونحوهما غيرهما. وأما إنتهاؤه بطلوع الشمس فهو مذهب الاكثر كما عن جماعة والاشهر كما عن آخرين - والمشهور بين الاصحاب كما عن غيرهم، بل في الجواهر وصف الشهرة بالعظيمة. وعن السرائر والغنية: الاجماع عليه. ويشهد له خبرا زرارة وعبيد المتقدمان. (* 3) وعن الشيخ في كثير من كتبه: أن ذلك للمضطر، أما المختار فوقته إلى أن يسفر الصبح، لمصحح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام " (* 4)، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام " (* 5). وفيه: أن الظاهر من الصحيح كون قوله (عليه السلام): " ووقت الفجر.. " من قبيل الصغرى للكبرى التي تضمنها الصدر كما يشسهد به قوله (عليه السلام) في
===============
( 49 )
[ ووقت الجمعة من الزوال إلى أن يصير الظل مثل الشاخص (1) ] ذيله: " ووقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم وليس لاحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا من عذر أو علة " إذ لا ريب في كونه من قبيل الصغرى لا من قبيل الاستثناء، وحينئذ يتعين حمل: " لا ينبغي " فيه على الكراهة. وكذا قوله (عليه السلام) في ذيله " وليس لاحد.. " فيكون الصحيح المذكور قرينة على إرادة بيان الوقت الاول الافضل في المصحح. وكذا موثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في الرجل إذا غلبت عينه أو عاقه أمر أن يصلي المكتوبة من الفجر ما بين أن يطلع الفجر إلى أن تطلع الشمس " (* 1)، لا أقل من وجوب الحمل على ذلك، ولو بقرينة إطلاق رواية زرارة وعبيد، وبقرينة وجود مثل هذا التعبير في بقية الصلوات. فتأمل جيدا. ثم إن الظاهر أنه لا إشكال ولا خلاف ظاهر في أن الفجر الذي هو أول وقت الصبح هو الفجر الصادق، كما تدل عليه النصوص الآتية إن شاء الله في التمييز بينه وبين الكاذب. (1) كما عن الأكثر، أو أكثر أهل العلم، أو المشهور، أو عليه المعظم على إختلاف عبارات النسبة. وعن المنتهى: الاجماع عليه. ومستنده غير واضح كما عن المسالك والروض والذخيرة. وعن الروضة: " لا شاهد له ". بل قد يقال: " إن النصوص الدالة على أن وقتها حين تزول الشمس تشهد بخلافه، كصحيح الفضلاء عن أبي جعفر (عليه السلام): " قال: إن من الاشياء أشياء موسعة وأشياء مضيقة، فالصلاة مما وسع فيه تقدم مرة وتؤخر أخرى، والجمعة مما ضيق فيها فإن وقتها يوم الجمعة ساعة تزول، ووقت العصر فيها وقت الظهر في غيرها " (* 2). ونحوه صحيح زرارة (* 3)، وصحيح إبن مسكان
===============
( 50 )
[ فإن أخرها عن ذلك مضى وقته ووجب عليه الاتيان بالظهر. ] أو إبن سنان (* 1)، وغيرهما. ولذلك إختار الحلبيان أن وقتها أول الزوال. لكن فيه أن أكثر النصوص الواردة بهذا اللسان موردها صلاة الظهر يوم الجمعة أو ما يعمها والجمعة، ففي خبر أبي سيار قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت الظهر في يوم الجمعة في السفر. فقال (عليه السلام): عند زوال الشمس وذلك وقتها يوم الجمعة في غير السفر " (* 2)، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " وقت الجمعة زوال الشمس ووقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس، ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة (* 3)، ومصحح إبن سنان: " إذا زالت الشمس يوم الجمعة فابدأ بالمكتوبة " (* 4)، وخبر إسماعيل بن عبد الخالق: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الصلاة فجعل لكل صلاة وقتين إلا الجمعة في السفر والحضر فإنه قال: وقتها إذا زالت الشمس " (* 5). ونحوها غيرها. والمتعين حمل الجميع على إستحباب المبادرة إلى الصلاة من جهة عدم المزاحمة بالنافلة لتقديمها على الزوال. مع أن التضييق الحقيقي كما هو ظاهرها مما لا يمكن الالتزام به، والتضييق العرفي مع أنه خلاف ظاهرها، وأنه مما يصعب جدا الالتزام به أيضا مناف لبعض النصوص، ففي رواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) المحكية عن المصباح -: " قال: أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة فحافظ عليها، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا يسأل الله عزوجل عبد فيها خيرا إلا
===============
( 51 )
أعطاه الله " (* 1). ونحوها غيرها. فإن التحديد بالساعة فيها ظاهر في كون الوقت أوسع من الفعل بنحو معتد به. مع أن ظاهر التعليل فيها إستحباب إيقاعها في الساعة لا وجوبه. ومن ذلك يشكل أيضا جعلها سندا لفتوى المشهور. مضافا إلى عدم ظهور كون المراد بالساعة المثل. وربما توجه فتوى المشهور بأن النصوص المشار إليها آنفا قد تضمنت أن الجمعة لها وقت واحد، وأنها من الامر المضيق، وتضييقها كما يحتمل أن يكون من جهة تحديدها بالزوال يحتمل أن يكون من جهة أن ليس لها إلا الوقت الاول من الوقتين المجعولين لغيرها، والاول مما لا يمكن الالتزام به لانه حرج غالبا فيتيعن الثاني، وهو المثل. وفيه: أن هذه النصوص لم تهمل تحديد ذلك الوقت الواحد ليتردد الامر بين الاحتمالين، وإنما حددته بالزوال، فإذا إمتنع البناء عليه كان اللازم حمله على الاستحباب، ولا سيما بملاحظة ما عرفت من كون مورد تلك الخصوص الظهر، ولا سيما مع صراحة بعضها بلزوم المبادرة إليه بمجرد الزوال والمنع من فصلها عنه بركعتين. فلاحظها. ولاجل ذلك كله إختار الحلي والشهيد في الدروس والبيان أن وقتها وقت الظهر فضيلة وإجزاء. قال في الدروس: " ووقت الجمعة وقت الظهر بأسره "، لعدم دليل على توقيتها بعينها، فيرجع في توقيتها إلى ما دل على توقيت الظهر، لانها عين الظهر جعل فيها الخطبتان بدل الركعتين. وهذا وإن كان الاوفق بالقواعد الاولية، لكنه بعيد جدا، لعدم الاشارة إلى ذلك في السنة قولا ولا فعلا. بل هو خلاف المرتكز بين المسلمين من توقيتها بوقت دون ذلك. ولذلك لم يعهد وقوعها من النبي (صلى الله عليه وآله) ولا من غيره
===============
( 52 )
[ ووقت فضيلة الظهر (1) من الزوال إلى بلوغ الظل الحادث بعد ] من أئمة المسلمين (عليهم السلام) في آخر الظهر مع كثرة الطوارئ والعوارض التي تكون عذرا في تأخير الظهر كالسفر والمرض وغيرهما. بل الانصاف يقتضي القطع بأن لها وقتا معينا أقل من ذلك. وحينئذ نقول: حيث أجمل كان المرجع في غير المتيقن من عموم وقتها العام، أو إستصحاب حكم المخصص، فإن المقام من صغريات تلك المسألة (وبالجملة): عموم ما دل على وجوب الظهر قد خصص في يوم الجمعة بما دل على بدلية الجمعة، والفعل في أول الزوال متيقن البدلية، وفيما بعده من الاوقات المشكوكة يشك في بدلية الجمعة إذا وقعت فيها، فيحتمل الرجوع إلى إستصحاب المشكوكة يشك في بدلية الجمعة إذا وقعت فيها، فيحتمل الرجوع إلى إستصحاب البدلية، ويحتمل الرجوع إلى عموم الظهر. لكن المختار في مسألة إستصحاب حكم المخصص هو الرجوع إلى عموم العام. والله سبحانه أعلم. (1) قد إختلفت الاخبار الدالة على وقت الفضيلة إختلافا كثيرا. فبعضها: دال على إنتهائه بالقدمين والاربعة أقدام، كصحيح الفضلاء: " وقت الظهر بعد الزوال قدمان، ووقت العصر بعد ذلك قدمان " (* 1) ورواية عبيد بن زرارة قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل وقت الظهر. قال (عليه السلام): ذراع بعد الزوال. قلت: في الشتاء والصيف سواء؟ قال (عليه السلام): نعم " (* 2) ومكاتبة محمد بن الفرج: " إذا زالت الشمس فصل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين، ثم صل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة
===============
( 53 )
أقدام " (* 1). وبعضها: ظاهر في دخوله بعد القدمين والاربعة، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " سألته عن وقت الظهر. فقال (عليه السلام): ذراع من زوال الشمس ووقت العصر ذراع من وقت الظهر فذلك أربعة أقدام من زوال الشمس. ثم قال (عليه السلام): إن حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قامة وكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر. ثم قال (عليه السلام): أتدري لم جعل الذراع والذراعين؟ قلت: لم جعل ذلك. قال (عليه السلام): لمكان النافلة، لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع، فإذا بلغ فيؤك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة " (* 2) فإن الصدر وإن كان ظاهرا في كونه من القسم الاول لكن الذيل يوجب حمله على القسم الثاني كرواية إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام): " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان ألفي في الجدار ذراعا صلى الظهر وإذا كان ذراعين صلى العصر. قلت: الجدران تختلف منها قصير ومنها طويل قال (عليه السلام): إن جدار مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يومئذ قامة، وإنما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت فريضة " (* 3). ونحوها غيرها. وبعضها: ظاهر في إنتهائه بالقامة، كصحيح البزنطي: " سألته عن وقت الظهر والعصر. فكتب: قامة للظهر وقامة للعصر " (* 4)، وخبر محمد بن حكيم: " سمعت العبد الصالح يقول: إن أول وقت الظهر زوال
===============
( 54 )
الشمس وآخر وقتها قامة من الزوال، وأول وقت العصر قامة وآخر وقتها قامتان. قلت: في الشتاء والصيف سواء؟ قال (عليه السلام): نعم " (* 1)، وحسنة أحمد بن عمر عن أبي الحسن (عليه السلام): " قال: سألته عن وقت الظهر والعصر. فقال (عليه السلام): وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة، ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين " (* 2). وبعضها: ظاهر في دخوله بعد المثل، كموثق زرارة: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني، فلما أن كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال: إن زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم أخبره فحرجت من ذلك فاقرأه مني السلام وقل له: إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر " (* 3). ونحوها رواية إبن بكير (* 4)، غير أنها صريحة في الفرق بين الصيف وغيره، وأن في غيره تكون الصلاة على ذراع وذراعين. وبعضها: ظاهر في دخول وقت الظهر بعد القدم أو نحوه، كخبر إسماعيل بن عبد الخالق قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت الظهر فقال (عليه السلام): بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلا في يوم الجمعة أو في السفر فإن وقتها حين تزول " (* 5). ونحوه موثق سعيد الاعرج (* 6). وبعضها: ظاهر في أن وقت الظهر إلى أربعة أقدام. كخبر إبراهيم
===============
( 55 )
الكرخي قال: " سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام): متى يدخل وقت الظهر؟ قال (عليه السلام): إذا زالت الشمس. فقلت: متى يخرج وقتها؟ فقال (عليه السلام): من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام، إن وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت: فمتى يدخل وقت العصر؟ فقال (عليه السلام): إن آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر. فقلت: فمتى يخرج وقت العصر؟ فقال (عليه السلام): وقت العصر إلى أن تغرب الشمس..) (* 1) وهناك نوع أو أنواع أخرى نشير إليها إن شاء الله تعالى. والاختلاف فيما بين هذه الأنواع يرجع إلى جهتين: أولاهما: الاختلاف في المقدار من القدم والقدمين والاربعة، والذراع والذراعين في الصيف والشتاء، أو في خصوص الشتاء، والمثل والمثلين في الصيف والشتاء. أو في خصوص الصيف. وثانيتهما: إختلافهما من حيث أن وقت الفضيلة يدخل بعد القدم أو القدمين أو المثل، أو يدخل بالزوال إلى نهاية القدم أو القدمين أو المثل، أو مع زيادة مقدار أداء الفعل. أما الكلام في الثانية: فهو أن الظاهر من رواية القدم نفسها دخول الوقت بعدها لا كونها وقتا، بقرينة دخول الباء، كما تقول: بعد الزوال بساعة. وأما روايات القدمين والذراع: فبعضها ظاهر في نفسه في ذلك، مثل صحيح زرارة: " وقت الظهر على ذراع " (* 2). وفي مكاتبة عبد الله بن محمد: " وقت الظهر على قدمين من الزوال ووقت العصر على أربعة أقدام من الزوال " (* 3). ونحوهما غيرهما. وبعضها محمول على ذلك
===============
( 56 )
وإن كان ظاهرا في أن الذراع نفسه وقت. والمقتضي لهذا الحمل التعليل بقوله (عليه السلام) في رواية إسماعيل الجعفي -: " لئلا يكون تطوع في وقت فريضة " (* 1)، والاستدلال على ذلك بفعل النبي (صلى الله عليه وآله) في صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) وأنه كان إذا صار في مسجده ذراعا صلى الظهر (* 2) فإن ذلك قرينة على أن المراد من قوله (عليه السلام): " ذراع " أو " قدمان ": أنه على ذراع وعلى قدمين، أو بذراع وبقدمين. وكأن إرادة هذا المعنى من هذه العبارة كان شائعا رائجا، ولذلك عبر في صدر صحيح زرارة بالذراع ثم أستشهد بفعل النبي (صلى الله عليه وآله). ومن ذلك ربما يسهل الجمع بين روايتي المثل والقامة فتحمل رواية القامة على إرادة أنه على قامة. إلا أنه لا مجال للالتزام به، لمخالفته لصريح حسنة أحمد بن عمر ورواية محمد بن حكيم المتقدمتين، المعتضدتين بخبر إبراهيم الكرخي المتقدم الذي يرويه عنه إبن محبوب، فإنه صريح أيضا في دخول وقت الفضيلة بالزوال. فلابد من حمل جميع ما دل على تأخر وقت الفضيلة بذراع أو بقامة أو نحو ذلك على إرادة الوقت الذي يجوز الانتظار فيه والتأخير إليه، ويكون المراد من قوله (عليه السلام) في التعليل: " لئلا يكون تطوع في وقت فريضة ": لئلا يكون تزاحم بين النافلة والفريضة. فالمراد من وقت الفريضة وقتها الذي لا يمكن أن تتأخر عنه. وأما الكلام في الجهة الاولى: فيمكن أن يكون الوجه إختلاف مراتب الفضيلة، فيكون غاية الوقت الفضيلي المثل، وأفضل منه ثلثا القامة عدا وقت الفعل. ففي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " الصلاة
===============
( 57 )
في الحضر ثمان ركعات إذا زالت الشمس ما بينك وبين أن يذهب ثلثا القامة، فإذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة " (* 1)، وأفضل منه أربعة أقدام كما في رواية الكرخي، وأفضل منه القدمان عدا وقت الفعل، وأفضل منه أن يكون الفراغ من الفريضة والشمس على قدمين كما في مكاتبة محمد إبن الفرج. وأفضل منه القدم عدا وقت الصلاة. ففي رواية ذريح المحاربي: " سأل أبا عبد الله (عليه السلام) أناس وأنا حاضر.. (إلى أن قال): فقال بعض القوم: إنا نصلي الاولى إذا كانت على قدمين والعصر على أربعة أقدام. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): النصف من ذلك أحب إلي " (* 2). ونحوها روايتا سعيد الاعرج عن أبي عبد الله (عليه السلام) وإسماعيل بن عبد الخالق عنه (عليه السلام) (* 3). وأفضل منه ما قبل ذلك بمجرد الفراغ من النافلة، كما يقتضيه مرسل الفقيه: " قال الصادق (عليه السلام): أوله رضوان الله " (* 4)، وما دل على حسن المسارعة والاستباق إلى الخيرات (* 5)، وصحيح زرارة قال: " قال أبو جعفر: إعلم أن أول الوقت أبدا أفضل، فعجل الخير ما أستطعت " (* 6)، ورواية أبي بصير: " ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) أول الوقت وفضله، فقلت: كيف أصنع بالثمان ركعات؟ فقال (عليه السلام): خفف ما استطعت " (* 7)، ونحوها.
===============
( 58 )
وأما مواظبة النبي (صلى الله عليه وأله) على الصلاة على الذراع كما في كثير من النصوص (* 1) وإنتظاره الوقت المذكور، فيمكن أن يكون الوجه فيه إنتظار فراغ المسلمين من نوافلهم، ولعله لا يتيسر لهم أجمع فعلها في أول الوقت. ولعله على ذلك أيضا يحمل ما في " نهج البلاغة " في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الامراء: " أما بعد فصلوا بالناس الظهر حين تفئ الشمس مثل مربض العنز " (* 2). وأما رواية زرارة: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام) أصوم فلا أقيل حتى تزول الشمس فإذا زالت الشمس صليت نوافلي ثم صليت الظهر ثم صليت نوافلي ثم صليت العصر ثم نمت وذلك قبل أن يصلي الناس. فقال (عليه السلام): يا زرارة إذا زالت الشمس فقد دخل الوقت ولكني أكره لك أن تتخذه وقتا دائما " (* 3) فيمكن أن يكون الوجه فيهن جهة راجعة إلى زرارة خوفا عليه. وأما موثق زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) الدال على الامر بإيقاع الصلاة بعد المثل والمثلين، ونحوه خبر إبن بكير. فهو مختص بالصيف فيمكن الاخذ به فيه ولو من جهة إستحباب الابراد في الصلاة، لحفظ الاقبال عليها، أو لغير ذلك لا من جهة خصوصية الوقت. ولكنه خلاف المشهور بين الفقهاء (رض)، بل في رواية القاسم بن عروة: " ولم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره (يعني: غير زرارة) وغير إبن بكير ". وحينئذ لا يخلو الاخذ به عن إشكال. وقد تقدم في خبر محمد بن حكيم
===============
( 59 )
التصريح بعدم الفرق بين الصيف والشتاء. ويدل على عموم الحكم موثق معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) الوراد في إتيان جبرئيل بمواقيت الصلاة. إذ فيه: (فأتاه (صلى الله عليه وآله) حين زالت الشمس فأمره فصل الظهر.. (إلى أن قال): ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلى الظهر.. (إلى أن قال) ثم قال: ما بينهما وقت " (* 1)، فهو غير مختص بالصيف. لكن في بعض أسانيد الرواية المذكورة. وفي بعض الروايات: التعبير بالذراع والذراعين (* 2)، والقدمين والاربعة أقدام (* 3) وهذا مما يهون الامر. ثم إنه ورد في روايتي علي بن حنظلة (* 4) وعلي بن أبي حمزة (* 5) عن أبي عبد الله (عليه السلام): " كم القامة؟ فقال (عليه السلام): ذراع "، ولعل مثلهما مرسل يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (عليه السلام): سألته عما جاء في الحديث: أن صل الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين وذراعا وذراعين وقدما وقدمين من هذا ومن هذا فمتى هذا وكيف هذا؟ وقد يكون الظل في بعض الاوقات نصف قدم. قال (عليه السلام): إنما قال: ظل القامة، ولم يقل قامة الظل، وذلك أن ظل القامة يختلف، مرة يكثر ومرة يقل، والقامة قامة أبدا لا تختلف، ثم قال: ذراع وذراعان وقدم وقدمان، فصار ذراع وذراعان تفسيرا للقامة والقامتين في الزمان الذي يكون فيه ظل القامة ذراعا، وظل القامتين ذراعين، فيكون ظل القامة
===============
( 60 )
[ الانعدام أو بعد الانتهاء مثل الشاخص. ووقت فضيلة العصر من المثل إلى المثلين على المشهور (1). ] والقامتين والذراع متفقين في كل زمان. معروفين مفسرا أحدهما بالآخر، مسددا به، فإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا، كان الوقت ذراعا من ظل القامة، وكانت القامة ذراعا من الظل، وإذا كان ظل القامة أقل أو أكثر كان الوقت محصورا بالذراع والذراعين، فهذا تفسير القامة والقامتين والذراع والذراعين " (* 1). لكن الجميع مخالف لصريح النصوص المتقدمه وغيرها، فلا بد من طرح الجميع، ولا سيما مع ما عليه الاخير من الاشكال من جهات أخرى تظهر بالتأمل. ومن العجيب أنه أعتمد عليه جماعة في قولهم بأن الممثالة بين الظل الباقي والفئ الزائد، لا بين الشاخص والفئ كما نسب إلى المشهور، وعن الخلاف: نفي الخلاف فيه وهو ظاهر النصوص. (1) ونسبه في مفتاح الكرامة إلى جمع منهم المحقق في المعتبر، والعلامة في المنتهى والتذكرة، والشهيدان في الدروس واللمعة وحواشي القواعد والروضة والمسالك وغيرها، والمحقق الثاني في جامع المقاصد، وغيرهم. وفي الحدائق: " والمشهور في كلام المتأخرن أفضلية تأخير العصر إلى أول المثل الثاني ". ويشهد له جملة من النصوص، كخبر يزيد بن خليفة: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن عمر بن حنظلة أتانا عنك، فقال عليه السلام: إذن لا يكذب علينا. قلت ذكر أنك قلت: إن أول صلاة.. إلى أن قال: فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر، فلم تزل في وقت حتى يصير الظل قامتين (* 2)، وصحيح البزنطي وخبر محمد بن حكيم
===============
( 61 )
[ ولكن لا يبعد أن يكون من الزوال إليهما (1) ووقت فضيلة ] المتقدمان في المسألة السابقة، ومؤثق معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) المشار إليه آنفا (* 1): " أتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمواقيت الصلاة فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر.. إلى أن قال: ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلى الظهر ثم أتاه حين زاد في الظل قامتان فأمره فصلى العصر.. إلى أن قال: فقال: ما بينهما وقت)، وما في رواية المجالس لعهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر من قول النبي (صلى الله عليه وآله): " ثم أراني وقت العصر وكان ظل كل شئ مثله " (* 2)، وما ورد في المستحاضة: أنها تؤخر الظهر وتعجل العصر (* 3). وقريب منه ما ورد في الحائض (* 4). (1) لمعارضة تلك النصوص بما دل على دخول وقتها بالذراع وموثق سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال (عليه السلام): العصر على ذراعين فمن تركها حتى يصير ستة أقدام فذلك المضيع " (* 5)، وخبر منصور عن أبي عبد الله (عليه السلام) " صل العصر على أربعة أقدام " (* 6)، وفي خبر سليمان بن جعفر: (قال الفقيه (عليه السلام): آخر وقت العصر ستة أقدام ونصف " (* 7)، ورواية يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (عليه السلام)
===============
( 62 )
قال: " سألته عن صلاة الظهر. فقال (عليه السلام): إذا كان الفئ ذراعا. قلت: ذراعا من أي شئ؟ قال (عليه السلام): ذراعا من فيئك. قلت: فالعصر. قال (عليه السلام) الشطر من ذلك. قلت: هذا شبر. قال (عليه السلام): وليس شبر كثيرا " (* 1، ورواية ذريح عن أبي عبد الله (عليه السلام) المتقدمة المتضمنة لكون فعل صلاة الظهر والعصر على القدم والقدمين أحب إليه (عليه السلام) من فعلها على القدمين والاربعة أقدام (* 2)، وروايته الاخرى: " متى أصلي الظهر؟ فقال (عليه السلام): صلى الزوال ثمانية ثم صلى الظهر ثم صل سبحتك طالت أو قصرت ثم صل العصر " (* 3). ونحوها جملة أخرى ذكرها في الوسائل في باب إستحباب الصلاة في أول وقتها (* 4) وما بعده من الابواب بضميمة ما دل على فضل المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها (* 5)، والمسارعة إلى المغفرة، والمسابقة إلى الخيرات، مما هو آب عن التخصيص. ولذا قال في المدارك: " ويستفاد من رواية ذريح وغيرها أنه لا يستحب تأخير العصر عن الظهر إلا بمقدار ما يصلي النافلة، ويؤيده الروايات المستفيضة الدالة على أفضلية أول الوقت.. إلى أن قال: وذهب جمع من الاصحاب إلى إستحباب تأخير العصر إلى أن يخرج وقت فضيلة الظهر وهو المثل أو الاقدام، وممن صرح بذلك المفيد في المقنعة.. إلى أن قال: إن أكثر الروايات يقتضي إستحباب المبادرة بالعصر عقيب نافلتها من غير إعتبار للاقدام والاذرع ". وفي البحار إستظهر حمل أخبار المثل
===============
( 63 )
والمثلين على التقيه. وفي الحدائق: أنها أظهر ظاهر في المقام، وكأنه من جهة بناء المخالفين على عملهم على ذلك. لكن لو تم يبقى الاشكال في وجه الجمع بين نصوص دخول وقت العصر بالذراع وغيرها مما دل على دخوله بالزوال. ومثله في ذلك حمل القامة في النصوص الاول على الذراع، كما في جملة من النصوص المتقدمة آنفا، فإنه يأباه ما في ذيل رواية يزيد بن خليفة عن عمر بن حنظلة من قوله (عليه السلام): " فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وذلك المساء " (* 1). وكذلك غيرها كما أشرنا إلى ذلك آنفا. ويحتمل الجمع بينها بحمل التأخير في نصوص المشهور على كونه مبنيا على فعل الظهر في آخر وقت فضيلتها، وإلا فوقت الفضيلة للعصر لا من حيث الترتيب قامتان من الزوال. ولكن يأباه جدا ما ورد فيها وفي المستحاضة من أنها تؤخر الظهر وتعجل العصر (* 2)، وغيره مما ورد فيها وفي الحائض إذا نقت بعد الزوال (* 3)، إلا أن يحمل على ما يتعارف من التفريق بين الصلاتين. وأما التعيين في كتبه (عليه السلام) إلى الامراء (* 4) فيجوز أن يكون لمصحلة إقتضت ذلك، إذ لا ريب في أن التعيين في جزء معين من وقت الفضيلة لا بد أن يكون لذلك. فإن التصرف بنحو ذلك أهون من التصرف فيما هو صريح في رجحان التعجيل. ويحتمل أن يكون إستحباب التعجيل في النصوص الثانية لا لخصوصية راجعة للوقت كما يقتضيه ظاهر التوقيت - بل لجهات ثانوية مثل خوف
===============
( 64 )
[ المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق أي: الحمرة المغربية (1) ووقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل (2)، فيكون لها وقتا إجزاء، قبل ذهاب الشفق، بعد الثلث إلى النصف. ووقت فضيلة الصبح من طلوع الفجر إلى حدوث الحمرة في المشرق (3). ] الفوت، وحصول الشواغل المانعة عن فعلها في وقت الفضيلة، أو نحو ذلك، فيكون المقام من باب التزاحم وترجيح الاهم، أو نحو ذلك مما لا ينافي إستحباب التأخير عن القامة لخصوصية الوقت الذي قد عرفت أنه مفاد النصوص السابقة، كما يشير إلى ذلك صحيح سعد بن سعد عن الرضا (عليه السلام): " قال يا فلان إذا دخل الوقت عليك فصلها فإنك لا تدري ما يكون " (* 1). وبالجملة: الجمع بين النصوص في المقام بنحو تطمئن به النفس من أشكل المشكلات. لكن الذي تقتضيه قواعد العلم حمل أخبار المثل على التقية، لمعارضتها بأخبار الذراع. وكلاهما في مقام التقدير المانع من الجمع العرفي والاولى موافقة للعامة. أما أخبار التقدير بالذراع فالجمع بينها وبين أخبار التعجيل هو حمل الاول على العنوان الاولي والثانية على العنوان الثانوي، كما هو المشار إليه أخيرا في وجوه الجمع. لكن الانصاف أن رفع اليد عن أخبار التأخير على القدمين على كثرتها ورواية الاجلاء والاعيان لها في غاية الاشكال، فالعلم عليها متعين، وحمل أخبار التعجيل على الطوارئ الاتفاقية لا غير. والله سبحانه ولي التوفيق. (1) كما سبق بيانه في وقت المغرب. فراجع. (2) كما سبق أيضا. (3) كما سبق، إلا أن التحديد بالحمرة لم يعثر على نص فيه. وإنما.
===============
( 65 )
[ (مسالة 1): يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في أرض مسطحة بعد إنعدامه (1)، كما في ] المذكور في النصوص أن يختلل الصبح السماء، كما في مصحح الحلبي وصحيح عبد الله بن سنان المتقدمين (* 1) وفي موثق معاوية بن وهب: " ثم أتاه حين نور الصبح " (* 2). وفي رواية معاوية بن ميسرة: " فقال: أسفر بالفجر فأسفر " (* 3). وهذه العناوين لا تخلو من إجمال في نفسها، فضلا عن ملازمتها لحدوث الحمرة المشرقية، ولذلك خلت جملة من العبارات عنها، وأشتملت على التعبير بالاسفار والتنوير. ومع ذلك فقد صرح جماعة كما في مفتاح الكرامة بأن المراد بالاسفار في الكتاب والاخبار ظهور الحمرة. ويشهد لهم في الأول عدم تحرير الخلاف في ذلك مع إختلاف تعبيرهم كما عرفت ولكن في إستفادة ذلك من الاخبار تأملا ظاهرا بل قد يظهر من صحيح إبن يقطين -: " عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة.. " (* 4) عدمه. وحمل العطف على التأكيد خلاف الاصل. إلا أن يقال: الاستعمال أعم من الحقيقة. فالعمدة في ذلك ظهور الاجماع عليه. (1) من الواضح أنه إذا طلعت الشمس حدث لكل شاخص على سطح الافق أي: على وجه الارض ظل طويل إلى جهة المغرب، ثم لا يزال ينقص ذلك الظل كلما إرتفعت الشمس حتى تبلغ وسط السماء وتصل إلى دائرة نصف النهار وهي: دائرة عظمية موهومة، مارة بقطبي
===============
( 66 )
[ البلدان التي تمر الشمس على سمت الرأس. ] الشمال والجنوب، قاطعة لدائرة الافق، قاسمة للعالم نصفين متساويين شرقي وغربي، فإذا وصلت الشمس إلى الدائرة المذكورة، فإن كانت مسامتة لذلك الشاخص واقعة فوق رأسه إنعدم الظل بالمرة، وإن لم تكن مسامتة له بل مائلة عنه جنوبا أو شمالا بقي له ظل شمالي في الاول وجنوبي في الثاني. والمسامة إنما تكون في الاماكن الواقعة فيما بين الميل الجنوبي إلى الميل الشمالي في زمان يكون مدار الشمس مساويا لذلك المكان في البعد عن خط الاستواء وإلى جهته، فإن لم يكن مدار الشمس مساويا لذلك المكان في البعد عن خط الاستواء أو لم يكن إلى جهته لم ينعدم الظل، بل كان له ظل جنوبي إن كان المدار شماليا لذلك المكان، وشمالي إن كان جنوبيا له. وأما الاماكن الخارجة عما بين الميلين فالظل لا ينعدم فيها أصلا، بل يكون للشاخص ظل شمالي إن كان المكان في شمال الميل الشمالي، وجنوبي إن كان في جنوب الميل الجنوبي. فإذا زالت الشمس عن دائرة نصف النهار، وصارت في قوس المدار الغربي، فإن كان الظل منعدما حدث إلى جهة المشرقن وإن كان باقيا قد إنتهى نقصه زاد إليها. ثم لا يزال يزيد كلما قربت الشمس إلى المغرب حتى يرجع الظل في المقدار إلى ما كان عليه حين الطلوع إلى أن تغيب. هذا ولاجل أن صورة إنعدام الظل عند الزوال نادرة لم يتعرض في النصوص ولا في كلمات الاكثر لذكر حدوث الظل بعد عدمه علامة للزوال، بل ذكر زيادة الظل بعد نقصه. ففي مرفوع أحمد بن محمد بن عيسى عن سماعة: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك متى وقت الصلاة؟ فأقبل يلتفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا، فلما رأيت ذلك تناولت عودا
===============
( 67 )
[ ك (مكة) في بعض الاوقات (1)، أو زيادته بعد إنتهاء نقصانه كما في غالب البلدان، و (مكة) في غالب الاوقات. ويعرف أيضا بميل الشمس إلى الحاجب الايمن لمن واجه نقطة الجنوب (2)، ] فقلت: هذا تطلب؟ قال (على السلام): نعم، فأخذ العود ونصبه بحيال الشمس، ثم قال: إن الشمس إذا طلعت كان الفئ طويلا ثم لا يزال ينقص حتى تزول، فإذا زالت زاد، فإذا إستبنت الزيادة فصل الظهر، ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر " (* 1)، وفي رواية علي بن أبي حمزة: " تأخذون عودا طوله ثلاثة أشبار وإن زاد فهو أبين فيقام، فما دام ترى الظل ينقص فلم تزل، فإذا زاد الظل بعد النقصان فقد زالت " (* 2)، وفي مرسل الفقيه: " فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته ثم زاد فقد زالت الشمس وتفتح أبواب السماء وتهب الرياح وتقضى الحوائج العظام " (* 3). (1) وهو كما عن المقاصد العلية حاكيا له عن أهل الفن يكون عند الصعود إذا كانت الشمس في الدرجة الثامنة من الجوزاء، وعند الهبوط إذا كانت في الدرجة الثالثة والعشرين من السرطان، لمساواة الميل في الموضعين لعرض (مكة). (2) كما عن جماعة من الاصحاب، وعن جامع المقاصد نسبته إليهم مع التقييد بقولهم: " لمن يستقبل القبلة "، وقيده بعض بقبلة العراق، وآخر بما إذا كانت القبلة الجنوب وكأنه مراد من أطلق، وإلا ففساده
===============
( 68 )
[ وهذا التحديد تقريبي (1)، كما لا يخفى. ويعرف أيضا بالدائرة الهندية (2)، ] أظهر من أن يحتاج إلى بيان. لكن التقييد بالاول لا يخلو من مساهلة، لاختلاف القبلة في العراق بإختلاف بالبلدان، فيمتنع أن يكون الجميع بنحو واحد كما هو ظاهر ولذلك قيده في المتن بالثاني كظهور الوجه في كونه علامة على الزوال حينئذ، إذ المواجهة لنقطة الجنوب توجب كون دائرة نصف النهار مسامته لما بين الحاجبين، فإذا مالت الشمس عن دائرة نصف النهار إلى المغرب فقد مالت إلى الحاجب الايمن، فيكون أحدهما عين الآخر. (1) كونه تقريبا إنما هو بلحاظ مقام الاثبات، لان ظهور ميل الشمس للمستعلم لا يكون بمجرد تحققه، بل يحتاج إلى مضي زمان، فإن الحس لا يقوى على إدراك أول مراتبه، فلا يدرك منه إلا المرتبة المعتد بها، وهي إنما تكون بعد الزوال لا معه. وأما في مقام الثبوت: فهو تحقيقي، لما عرفت من ملازمة الميل للزوال. نعم بناء على الاكتفاء بتقييده بمن يستقبل القبلة في العراق يكون تقريبيا حتى في مقام الثبوت بالنسبة إلى أكثر بلاد العراق الذي تكون قبلته منحرفة عن نقطة الجنوب إلى المغرب، إذ تحقق الميل إلى الحاجب الايمن لمن يستقبل نقطة القبلة يدل على تحقق الزوال قبله مدة قليلة تارة وكثيرة أخرى. ويمكن أن يقال بكونه تقريبيا مع التقييد بما في المتن حتى بلحاظ مقام الثبوت، من جهة أن قوس المواجهة الحقيقية غير منضبطة كقوس الاستقبال على ما يأتي في محله إن شاء الله تعالى. (2) وكيفيتها: أن تساوي موضعا من الارض بحيث لا يكون فيه إنخفاض وإرتفاع، وتدير عليه دائرة بأي بعد، وتنصب على مركزها
===============
( 69 )
مقياسا مخروطا محدد الرأس يكون طوله قدر ربع قطر الدائرة تقريبا نصبا مستقيما، بحيث يحدث على جوانبه أربع زوايا قوائم متساوية، وعلامة إستقامته أن يقدر ما بين رأس المقياس ومحيط الدائرة من ثلاثة مواضع، فإن تساوت الابعاد فهو عمود، فإذا طلعت الشمس وحدث لذلك المقياس ظل إلى جهة المغرب، تنتظر حتى ينقص الظل ويصل طرفه إلى محيط الدائرة للدخول فيها فتعلم عليه علامة، ثم تنتظر خروجه بعد الزوال، فإذا وصل طرفه إلى محيط الدائرة من جهة المشرق تعلم عليه علامة أخرى، ثم تصل ما بين العلامتين بخط مستقيم، ثم تنصف ذلك الخط، ثم تصل ما بين مركز الدائرة ومنتصف ذلك الخط بخط آخر فهو خط نصف النهار. فإذا أدرت معرفة الزوال في غير يوم العمل تنظر إلى ظل المقياس، فمتى وصل إلى هذا الخط كانت الشمس في وسط السماء، فإذا مال رأس الظل إلى جهة المشرق فقد زالت. وأسهل من هذا الطريق طريق آخر: وهو أن ينصب مقياسا في الارض بعد تسويتها فإذا طلعت الشمس وحدث له ظل رسم خطا على ذلك الظل إلى جهة المغرب مبدؤه من قاعدة المقياس، ثم ينتظر إلى حين الغروب فيرسم خطا على ظله إلى جهة المشرق مبدؤه من قاعدته أيضا. فإن كان الخطان خطا واحدا مستقيما كما في يومي الاعتدالين نصف ذلك الخط بخط مستقيم على نحو تحدث من تنصيفه زوايا، وإن كان الخطان خطين متقاطعين كما في غير اليومين المذكورين فلا بد من أن يحدث من تقاطعهما زاوية، فلينصفهما بخط آخر نصفين متساويين، وهذا الخط المنصف في الصورتين هو خط نصف النهار، فإذا مال الشاخص عنه إلى المشرق فقد زالت الشمس. ولا يعتبر في صحته أن يكون رسم الخط المنطبق على
===============
( 70 )
[ وهي أضبط وأمتن (1). ] الظل عند الطلوع والغروب، بل يكفي فيه أن يكون الرسم في زمانين متساويي النسبة إلى الطلوع والغروب في البعد والقرب. (1) لكونه أقرب إلى الاحساس مما سبق، ومع ذلك ربما لا يستقيم هذا الطريق في بعض الاحيان، بل يحتاج إلى تعديل حتى يستقيم كما عن الوافي لاختلاف مداري الشمس حال مدخل الظل الغربي ومخرج الظل الشرقي. نعم يستقيم لو إتفق الميل حال الزوال فيتحد المداران حينئذ في الوقتين، لكن الامر سهل. لان إختلاف المدار كذلك يوجب الاختلاف بزمان يسير جدا. هذا وفي الجواهر: " إنما الكلام في إعتبار مثل هذا الميل في دخول الوقت بعد أن علقه الشارع على الزوال الذي يراد منه ظهوره لغالب الافراد حتى أنه أخذ فيه إستبانته كما سمعته في الخبر السابق وإناطته بتلك الزيادة التي لا تخفى على أحد على ما هي عادته في إناطة أكثر الاحكام المترتبة على بعض الامور الخفية بالامور الجلية كي لا يوقع عباده في شبهة.. ". وفيه: أن مفهوم الزوال كسائر المفاهيم المأخوذة موضوعا للاحكام الشرعية يترتب عليه حكمه وواقعا بمجرد وجوده كذلك، ولا يعتبر فيه ظهوره لاحد، فضلا عن ظهوره لغالب الافراد، والاستبانة لم تؤخذ في موضوعيته للحكم، وإنما أخذت طريقا إليه جمعا بين الخبر المتقدم وما دل على كون الوقت هو الزوال الواقعي، وإناطته بالزيادة لا تنافي ذلك بل تثبته لان الزيادة الواقعية ملازمة للزوال واقعا وإن كان المحسوس منها يكون بعد الزوال بقليل. فلاحظ هذا وفي صحيح عبد الله بن سنان المروي عن الفقيه عن أبي عبد الله (عليه السلام):
===============
( 71 )
[ ويعرف المغرب بذهاب الحمرة المشرقية (1) ] " تزول الشمس في النصف من (حزيران) على نصف قدم، وفي النصف من (تموز) على قدم ونصف، وفي النصف من (آب) على قدمين ونصف، وفي النصف من (أيلول) على ثلاثة أقدام ونصف، وفي النصف من (تشرين الاول) على خمسة أقدام ونصف، وفي النصف من (تشرين الآخر) على سبعة ونصف، وفي النصف من (كانون الاول) على تسعة ونصف، وفي النصف من (كانون الآخر) على سبعة ونصف، وفي النصف من (شباط) على خمسة ونصف، وفي النصف من (آذار) على ثلاثة ونصف، وفي النصف من (نيسان) على قدمين ونصف، وفي النصف من (أيار) على قدم ونصف وفي النصف من (حزيران) على نصف قدم " (* 1). وعن الخصال والتهذيب روايته أيضا. وإطلاقه ليس مرادا قطعا، لاختلاف الامكنة في ذلك إختلافا فاحشا، ولذا قال في محكي التذكرة والمنتقى: " إن النظر والاعتبار يدلان على أن هذا مخصوص بالمدينة ". وعن المنتهى وشيخنا البهائي: " أنه مختص بالعراق وما قاربها لان عرض البلاد العراقية يناسب ذلك، ولان الراوي لهذا الحديث هو عبد الله إبن سنان عراقي ". هذا وقد يشكل الحديث لما فيه من إختلاف الشهور الثلاثة الاول بزيادة القدم والثلاثة التي بعدها بزيادة القدمين، وكذا نقصان الثلاثة الاخيرة عن التي قبلها، مع أن الاختلاف بالزيادة والنقصان إنما يكون تدريجيا. وحمله على كونه تقريبيا فلا ينافيه ذلك، كما ترى خلاف الظاهر. والله سبحانه أعلم. (1) إجماعا كما عن السائر. وعليه عمل الاصحاب كما في المعتبر، ونسبه جماعة إلى المشهور، وآخرون إلى الاكثر ومنهم السيد في المدارك. ومقتضى الجمود على ما يفهم من العبارة وملاحظة مساق علامات
===============
( 72 )
الزوال الاتفاق على كون المراد من غروب الشمس غروبها عن أفق المصلي فتكون العلامة المذكورة مرجعا عند الشك في غروبها عن الافق، لاحتمال حجبها بضباب أو سحاب أو جبل أو غير ذلك، فإذا علم بغروبها عن الافق جاز ترتيب الاثر وإن لم تذهب الحمرة، فيكون مراد المخالف الاكتفاء في ترتيب الاثر بمجرد الغياب عن النظر وإن أحتمل ذلك. لكن ليس مرادهم ذلك، بل تحديد الغروب بذهاب الحمرة، فيكون المراد من غروب الشمس وصولها تحت الافق إلى درجة تقارن ذهاب الحمرة، كما يظهر بأدنى تأمل في كلماتهم. وفي المدارك عن المبسوط والاستبصار وعلل الشرائع والاحكام وإبن الجنيد والمرتضى في بعض مسائله: (إنه يعلم بإستتار القرص وغيبته عن العين مع إنتفاء الحائل بينهما ". وحكي عن المنتقى والاثنا عشرية وشرحها. وفي المدارك: أنه لا يخلو من قوة. وعن ظاهر حاشيتها والوافي والبحار والكفاية والمفاتيح والمستند وعن الحبل المتين: نفي البعد عنه. ونسب إلى معتمد النراقي أيضا، بل عنه نسبته إلى أكثر الطبقة الثالثة، وربما نسب إلى غيرهم ايضا. وأستدل للاول بأخبار كثيرة: منها: مصحح بريد بن معاوية عن أبي جعفر (عليه السلام): " إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت من شرق الارض وغربها " (* 1). وفيه: أن الترتيب في القضية ليس بلحاظ الوجود الخارجي، إذ لا ترتب للجزاء على الشرط، بل بلحاظ الوجود العلمي، وترتب العلم بالجزاء على العلم بالشرط لا يقتضي إقترانهما حدوثا، بل يجوز أن يتقدم حدوث الجزاء على حدوث الشرط كما تقول: " إذا استطعمك
===============
( 73 )
زيد فهو جائع ". ومنها: مرسل علي بن أحمد بن أشيم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وقت المغرب إذ ذهبت الحمرة من المشرق، وتدري كيف ذلك قلت: لا. قال (عليه السلام): لان المشرق مطل على المغرب هكذا ورفع يمينه فوق يساره فإذا غابت ههنا ذهبت الحمرة من ههنا " (* 1) فإن ظهور صدره في إرادة الغروب بالمرتبة المقارنة لذهاب الحمرة مما لا مجال لانكاره. وكذا التعليل إذ الذي يصح أن يكون علة لذهاب الحمرة ليس إلا الغروب بتلك المرتبة لا غير. ومثله مرسل إبن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وقت سقوط القرص ووجوب الافطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة وتتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فإذا جازت قمة الراس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار وسقط القرص " (* 2). ومنها: خبر أبان: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أي ساعة كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوتر؟ فقال (عليه السلام): على مثل مغيب الشمس إلى صلاة المغرب " (* 3). وفيه: أن ذكر نفس الصلاة لا وقتها يمكن أن يكون من جهة فصل الصلاة عن المغيب غالبا بالسعي إلى المسجد والاذان والاقامة ولا يدل على تأخر وقتها عن المغيب. ومنها: مصحح بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام): " سألة سائل عن وقت المغرب. فقال (عليه السلام): إن الله تعالى يقول: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) وهذا أول الوقت، وآخر ذلك غيبوبة الشفق
===============
( 74 )
وأول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة، وآخر وقتها إلى غسق الليل. يعني: " نصف الليل " (* 1) وفيه: أن رؤية الكوكب قد تكون قبل الغروب، وقد تكون معه، وقد تكون بعده، وقد تكون بعد ذهاب الحمرة والغالب رؤية الكوكب قبل ذهاب الحمرة بكثير، والبناء عليه أو على إطلاق الرواية مخالف للقولين. مضافا إلى أن سوق الاول مساق الآخر يقتضي عدم ظهورها في الوجوب، كرواية شهاب بن عبد ربه: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا شهاب إني أحب إذا صليت المغرب أن أرى في السماء كوكبا " (* 2). مع معارضتهما بما رواه الصباح وأبو أسامة قالا: (سألوا الشيخ (عليه السلام) عن المغرب، فقال بعضهم: جعلني الله فداك ننتظر حتى يطلع كوكب؟ فقال (عليه السلام): خطابية إن جبرائيل نزل بها على محمد حين سقط القرص " (* 3). ومنها: خبر محمد بن علي: " صحبت الرضا (عليه السلام) في السفر فرأيته يصلي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق. يعني: السواد " (* 4) وفيه: أن العمل مجمل لا يدل على التوقيت الوجوبي، وحكايته ليست من المعصوم لتدل عليه، كما لا يخفى. ومنها: خبر عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إنما أمرت أبا الخطاب أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب وكان يصلي حين يغيب الشفق " (* 5). وفيه: أنه لا يظهر منها كون أمره (عليه السلام) لابي الخطاب بالصلاة حين
===============
( 75 )
زوال الحمرة كان للوجوب أو للاستحباب أو للاحتياط، كما قد يشهد للاخير خبر عبد الله بن وضاح الآتي. وللثاني مرسل الفقيه: (ملعون ملعون من أخر المغرب طلبا لفضلها " (* 1). ونحوه مرسل محمد بن أبي حمزة (* 2). فأفهم. ومنها: مكاتبة عبد الله بن وضاح إلى العبد الصالح (عليه السلام): " يتوارى القرص ويقبل الليل، ثم يزيد الليل إرتفاعا، وتستتر عنا الشمس، وترتفع فوق الجبل حمرة، ويؤذن عندنا المؤذن، أفاصلي وأفطر إن كنت صائما أو أنتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب إلي: أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك " (* 3). وفيه: أن التعبير بالاحتياط شاهد بأن التأخير إنما هو لاحتمال عدم سقوط القرص لا لوجوبه تعبدا، فهي على خلاف المشهور أدل. ودعوى أن إختياره (عليه السلام) للتعبير عن وجوب التأخير واقعا تعبدا بقوله (عليه السلام): " أرى " وقوله (عليه السلام): " بالحائطة " لاجل التقية، لا داعي إليها، ولا شاهد عليها. مضافا إلى عدم ظهور الحمرة التي ترتفع فوق الجبل في الحمرة المشرقية. بل ظاهر قوله: (ويقبل الليل ثم يزيد الليل إرتفاعا " تبدل الحمرة المشرقية بالسواد وزوالها عن الافق الشرقي، فتكون الرواية مناسبة لمذهب الخطابية. ومنها خبر جارود: " قال لي أبي عبد الله (عليه السلام): يا جارود ينصحون فلا يقبلون، وإذا سمعوا بشئ نادوا به أو حدثوا بشئ أذاعوه. قلت لهم: مسوا بالمغرب قليلا فتركوها حتى إشتبكت النجوم فأنا الآن أصليها إذا سقط
===============
( 76 )
القرص " (* 1). وفيه: أن الظاهر أن قوله (عليه السلام): " مسوا.. " بيان لصغرى قوله (عليه السلام): " ينصحون فلا يقبلون ". وحينئذ تكون صلاته (عليه السلام) عند سقوط القرص ردعا لما قد يختلج في أذهان الشيعة من رجحان الانتظار إلى أن تشتبك النجوم. وحينئذ تكون على خلاف المشهور أدل، لامتناع ردعهم عن ذلك التوهم بفعل الصلاة قبل وقتها، فإن ذلك إيقاع لهم بخلاف الواقع على وجه أعظم، إذ ليس في التأخير إلا فوات الفضل وفي التقديم على الوقت فوات الصحة كما لا يخفى. وحمله على كونه من صغريات الاذاعة لتكون الصلاة عند سقوط القرص من باب التقيه من العامة والفرار من خظر الاذاعة فتدل على المشهور كما في الوسائل لا وجه له، لاختصاص ذلك بصورة إذاعة الحق الذي سمعوه لا الباطل الذي شرعوه كما هو ظاهر الرواية. فقوله (عليه السلام): " قلت... " راجع إلى قوله (عليه السلام): هو ظاهر الرواية. فقوله (عليه السلام): " قلت... " راجع إلى قوله (عليه السلام): " ينصحون فلا يقبلون " وصغرى له، لا صغرى لما بعده. وليس في قوله (عليه السلام): " قلت.. " إشارة إلى الاذاعة بوجه. ومنها صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال لي: مسوا بالمغرب قليلا، فإن الشمس تغيب من عندكم قبل أن تغيب من عندنا " (* 2). وفيه: أنه إن كان المراد من التعليل أنها تغيب عن الافق حقيقة قبل أن تغيب من عندهم، فهو كاف في جواز الصلاة ولا يعتبر غيابها عن جميع الآفاق بالضرورة، ففي رواية عبيدالله بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " سمعته يقول: صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلس بالفجر وكنت أنا أصلي المغرب إذا غربت الشمس وأصلي الفجر
===============
( 77 )
إذا إستبان لي الفجر. فقال لي الرجل: ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع؟ فإن الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على قوم آخرين بعد. قال (عليه السلام): فقلت: إنما علينا أن نصلي إذا وجبت الشمس عنا وإذا طلع الفجر عندنا وليس علينا إلا ذلك، وعلى أولئك أن يصلوا إذا غربت عنهم " (* 1). وإن كان المراد أنها تغيب بحسب النظر الخطئي لوجود حائل ونحوه عنها، فوجوب الانتظار لا يدل على المشهور بوجه كما لا يخفى. ومنها خبر محمد بن شريح عن أبي عبد الله (عليه السلام): " سألته عن وقت المغرب فقال (عليه السلام): إذا تغيرت الحمرة في الافق وذهبت الصفرة وقبل أن تشتبك النجوم " (* 2). وفيه: أن تغير الحمرة غير زوالها، ومدعى المشهور هو الثاني دون إلاول. فلم يبق ما يصلح دليلا للمشهور غير المرسلتين لابني أشيم وأبي عمير. مع أن التعليل في أولتهما ظاهر في كون الحكم جاريا على المعنى العرفي في الغياب أعني: الغياب عن دائرة الافق لا الغياب عن دائرة أخرى تحتها، وزوال الحمرة إنما يقارن وصول الشمس تقريبا إلى الدرجة الرابعة تحت الارض، فلا يبعد الحمل على إرادة أن زوال الحمرة طريق قطعي إلى غياب الشمس عن دائرة الافق، بحيث لا يبقى إحتمال كونها طالعة وأنها محجوبة بحائل من جبل أو غيرة، ولا سيما وأن تصرف الشارع الاقدس في الغروب وفي الليل ونحوهما مما جعل مبدأ الوقت لو كان ثابتا لاشتهر النقل عنه، لتوفر الدواعي إليه، للابتلاء به في كل يوم، فحمل لزوم الانتظار على كونه حكما ظاهريا عند الشك أولى من حمله على كونه
===============
( 78 )
حكما واقعيا لتصرف الشارع الاقدس في مفهوم الغروب. ولا سيما مع معارضة تلك النصوص بنصوص أخرى مضافا إلى ما تقدم منها: صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها " (* 1). وصحيح زرارة: " قال أبو جعفر عليه السلام: وقت المغرب إذا غاب القرص، فإن رأيت بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئا " (* 2)، وخبر جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا غاب القرص أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة " (* 3) وصحيح داود بن فرقد: " سمعت أبي يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) متى يدخل وقت المغرب؟ فقال (عليه السلام): إذا غاب كرسيها. قلت: وما كرسيها؟ قال (عليه السلام): قرصها. قلت: متى يغيب؟ قال (عليه السلام) إذا نظرت إليه فلم تره " (* 4) ونحوه صحيح علي بن الحكم عمن حدثه عن أحدهما عليه السلام (* 5) ورواية إسماعيل بن الفضل: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي المغرب حين تغيب الشمس حين يغيب حاجبها " (* 6)، وخبر عمرو إبن أبي نصر: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في المغرب: إذا توارى القرص كان وقت الصلاة وأفطر " (* 7)، وخبر الربيع بن سليمان وأبان
===============
( 79 )
إبن أرقم وغيرهم: " قالوا أقبلنا من مكة حتى إذا كنا بوادي الاخضر إذا نحن برجل يصلي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس فوجدنا في أنفسنا، فجعل يصلي ونحن ندعو عليه حتى صلى ركعة ونحن ندعو عليه ونقول: هذا من شباب أهل المدينة. فلما أتيناه إذا هو أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فنزلنا فصلينا معه وقد فاتتنا ركعة فلما قضينا الصلاة قمنا إليه فقلنا: جعلنا فداك هذه الساعة تصلي؟ فقال (عليه السلام): إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت " (* 1). وحمله على التقية مع أنه لا داعي إليه بعيد جدا، ولا سيما بالنسبة إلى الجماعة الذين أقتدوا به مع عدم ظهور ذلك لهم بوجه. نعم صدرها ظاهر في إعتقادهم عدم دخول الوقت بغياب القرص، ولعله لانهم من أهل الكوفة الذين دخلت عليهم الشبهة من أبي الخطاب لعنه الله. ومصحح محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلى المغرب، ويصلي معه حي من الانصار يقال لهم: (بنو سلمة)، منازلهم على نصف ميل فيصلون معه، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون موضع سهامهم " (* 2) فإن الظاهر أنه لا ينطبق على ما هو المشهور. ورواية صفوان بن مهران: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن معي شبه الكرش فأؤخر صلاة المغرب حتى غيبوبة الشفق ثم أصليهما جميعا يكون ذلك أرفق بي. فقال (عليه السلام): إذا غاب القرص فصل المغرب فإنما أنت ومالك لله سبحانه " (* 3)، ورواية الشحام: " قال رجل لابي عبد الله (عليه السلام): أؤخر المغرب حتى
===============
( 80 )
تستبين النجوم. فقال (عليه السلام): خطابية، إن جبرئيل نزل بها على محمد (صلى الله عليه وآله) حين سقط القرص " (* 1)، وصحيح إبن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث -: " قال: وقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم " (* 2) ورواية أبي بصير: " وقت المغرب حين تغيب الشمس " (* 3)، ورواية الفضل: " إنما جعلت الصلاة في هذه الاوقات ولم تقدم ولم تؤخر لان الاوقات المشهورة المعلومة التي تعم أهل الارض فيعرفها الجاهل والعالم أربعة غروب الشمس مشهور معروف تجب عنده المغرب ".. (* 4) إلى غير ذلك مما هو كثير. (وترجيح) الاولى على الاخيرة بأنها أقرب إلى الاحتياط، وأن فيه جمعا بين الادلة، وأنه من حمل المجمل على المبين، والمطلق على المقيد، ولاحتمال الثانية للتقية لموافقتها للعامة، وللنسخ، ولان الاولى أشهر فتوى بين الاصحاب ولكونها أوضح دلالة إذ لم يصرح في الثانية بعدم إشتراط ذهاب الحمرة، فما دل على إعتباره أوضح دلالة وأبعد عن التأويل كما في الوسائل (كما ترى). إذ الترجيح بالاحوطية لو سلم إنما يكون بعد تعذر الجمع العرفي. والاخبار الثانية ليست من قبيل المجمل أو المطلق، لان قولهم (عليهم السلام): حين تغيب الشمس، أو قرصها، أو نحو ذلك، لما كان واردا في مقام التوقيت فهو ظاهر في أول وجود الغياب لا غير، وبعضها نص في ذلك. وإحتمال الثانية للتقية أو للنسخ لا يكفي في رفع اليد عنها، ولا سيما مع بعد الثاني جدا، بل لعله ممتنع، لصدورها من المعصوم في مقام البيان للحكم
===============
( 81 )
[ عن سمت الرأس (1)، ] الاولي. والاولى وإن كانت أشهر فتوى، لكن الثانية أشهر رواية وأصح سندا. وكون الثانية لم يصرح فيها بعدم إشتراط ذهاب الحمرة مع أنه لا يسلم بالنسبة إلى بعضها، فالاولى لم يصرح فيها بكون الانتظار على نحو الوجوب، فيمكن الحمل على الاستحباب، كما جرى عليه العمل في كثير من تحديدات الاوقات المتقدمة التي أستفيد منها وقت الفضيلة، لكونه أوفق بالاحتياط، لاحتمال عدم الغياب ووجود الحائل، كما يشير إليه إختلافها في التعبير عنه، تارة بزوال الحمرة، وأخرى بتغيرها، وثالثة بالتأخير قليلا كما في رواية يعقوب بن شعيب المتقدمة (* 1) وملاحظة التعليلات الواردة فيها. وعليه فتجوز الصلاة بمجرد عدم رؤية القرص إذا لم يعلم أنه خلف جبل أو نحوه. ويدل عليه صحيح حريز عن أبي أسامة أو غيره قال: " صعدت مرة جبل أبي قبيس أو غيره والناس يصلون المغرب، فرأيت الشمس لم تغب إنما توارت خلف الجبل عن الناس، فلقيت أبا عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بذلك. فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت، إنما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غابت أو غارت ما لم يتجللها سحاب أو ظلمة تظلها، وإنما عليك مشرقك ومغربك، وليس على الناس أن يبحثوا " (* 2). لكن هجره مانع عن العمل به، فيتعين طرحه، وعلى فيجب الانتظار إلى أن يعلم بغيبوبة القرص. والظاهر حصوله بمجرد تغير الحمرة وميلها إلى السواد، فلاحظ. والله سبحانه أعلم، (1) كما في مرسل بن أبي عمير (* 3).
===============
( 82 )
[ والاحوط زوالها من تمام ربع الفلك (1) من طرف المشرق ويعرف نصف الليل بالنجوم الطالعة أول المغرب إذا مالت عن دائرة نصف النهار إلى طرف المغرب، وعلى هذا فيكون المناط نصف ما بين غروب الشمس وطلوعها (2). لكنه لا يخلو عن إشكال لاحتمال أن يكون نصف ما بين الغروب وطلوع الفجر، كما عليه جماعة (3). ] (1) لاحتمال أن يكون المراد من جانب المشرق النصف الشرقي المقابل للنصف الغربي. بل في الجواهر أدعى أن إرادته ضرورية. ولا يخلو من تأمل. (2) كما نسب إلى شرذمة، منهم الاعمش، وظاهر محكي الكفاية إختياره، ونسب أيضا إلى ظاهر الذكرى والمفاتيح وشرحها. وأستدل له بما عن بعض أهل اللغة من تفسير النهار بما بين الطلوع والغروب، والليل بما بين الغروب والطلوع. وبما ورد في جملة من النصوص من إستعمال النهار بذلك، فيدل على أن ما عداه ليل لانتفاء الواسطة، مثل ما ورد: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يصلي من النهار شيئا حتى تزول الشمس " (* 1). وبما رواه الصدوق عن عمربن حنظلة: " سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال له: زوال الشمس نعرفه بالنهار فكيف لنا بالليل؟ فقال (عليه السلام): لليل زوال كزوال الشمس. قال: فبأي شئ نعرفه؟ قال (عليه السلام): بالنجوم إذا إنحدرت " (* 2). وبخبر أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): " دلوك الشمس زوالها، وغسق الليل بمنزلة الزوال من النهار " (* 3). (3) إما بناء منهم على أن ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس لا من
===============
( 83 )
الليل ولامن النهار، كما يشهد به جملة من النصوص، مثل خبر أبي هاشم الخادم: " قلت لابي الحسن الماضي (عليه السلام): لم جعلت صلاة الفريضة والسنة خمسين ركعة لا يزاد فيها ولا ينقص منها؟ قال (عليه السلام): إن ساعات الليل إثنتا عشرة ساعة، وفيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة، وساعات النهار إثنتا عشرة ساعة، فجعل لكل ساعة ركعتين، وما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق غسق " (* 1)، وخبر أبان الثقفي: " عن الساعة التي ليست من الليل ولا من النهار. فقال (عليه السلام): ساعة الفجر " (* 2). أو بناء منهم على أنها من النهار كما هو المنسوب إلى أكثر أهل اللغة، والمفسرين، والفقهاء، والمحدثين، والحكماء الالهيين، والرياضيين. وفي الجواهر: " لا ينبغي أن يستريب عارف بلسان الشرع والعرف واللغة أن المنساق من إطلاق اليوم والنهار والليل في الصوم والصلاة ومواقف الحج والقسم بين الزوجات وأيام الاعتكاف وجميع الابواب أن المراد بالاولين من طلوع الفجر الثاني إلى الغروب ومنه إلى طلوعه بالثالث، كما قد نص عليه غير واحد من الفقهاء والمفسرين واللغويين فيما حكي عن بعضهم.. إلى أن قال بعد نقل كلام جماعة من الفقهاء والمفسرين واللغويين والاستدلال عليه بجملة وافرة من الآيات والنصوص -: وتفصيل الكلام فيها بل وفيما ذكرنا من الآيات يفضي إلى إطناب تام لا يناسب وضع الكتاب، كما أنه لا يناسب أيضا ذكر جميع ما يدل على ذلك، أو يشعر به من النصوص، ولا سيما وهي أكثر من أن تحصى، وأوسع من أن تستقصى، وقد جمع
===============
( 84 )
المجسلي في البحار شطرا منها يقرب إلى المائة من كتب متفرقة، كالكافي والتهذيب، والفقيه، وفقه الرضا، وقرب الاسناد، ودعائم الاسلام، والاحتجاج، والعلل، والخصال، وتفسير علي بن إبراهيم، والعياشي، ومعاني الاخبار، وتحف العقول، وإرشاد القلوب، وثواب الاعمال، وعدة الداعي، ومجالس الصدوق، والتوحيد، والعيون، والمصباح للشيخ، ومسار الشيعة للمفيد، والاقبال، والمقنعة، ومجالس الشيخ، والخلاف له والمعتبر، والذكرى، وغياث سلطان الورى، ومصباح الكفعمي، ودعوات الراوندي، والسرائر في مقامات متشعبة، كالصلاة الوسطى، والصوم، وصلاة الليل، والحج، وتفسير بعض الآيات، والاذان، والقسم بين الزوجات، والاغسال للجمعة والعيدين وغير ذلك، وإن كان في جملة مما تخيل دلالته على المطلوب مناقشة، لكن في الجملة الاخرى ووضوح الامر مغناة.. ". هذا ومرجع الاستدلال بأكثر الآيات والروايات إلى الاستدلال بإستعمال الليل فيما بين الغروب وطلوع الفجر، والنهار واليوم فيما بين طلوع الفجر والغروب. والمحقق في محله عدم دلالة الاستعمال على الحقيقة، خلافا للسيد المترضى (ره). نعم لا تبعد دعوى كون الاستعمال في المقامات المذكورة بلاملاحظة علاقة ومناسبة، بل جريا على حقيقة اللفظ. نعم بعضها تام الدلاله مثل المروي عن الفقيه من جواب أبي الحسن الاول (عليه السلام) ليحيى بن أكثم القاضي حين سأله عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار، وإنما يجهر في صلاة الليل؟ فقال (عليه السلام): " لان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يغلس بها لقربها لليل " (* 1). ونحوه ما عن العلل
===============
( 85 )
ناسبا الجواب إلى علي بن محمد (عليه السلام) (* 1). إذ لولا كون ما بين طلوعي الفجر والشمس من النهار لم يكن للسؤا المذكور معنى ولتعين الجواب عنه بالنفي لا بما ذكر. ومثل ما ورد في الصلاة الوسطى أنها وسطى بين صلاتين بالنهار. لكن وضوح المعنى أغنى عن الاستدلال له بما ذكر وغيره. ومنه يظهر ضعف القول بالواسطة تمسكا بالنصوص السابقة، إذ هي مع عدم صلاحيتها لمعارضه ما ذكر لا تصلح للاثبات، إلا بناء على إثبات الاستعمال للحقيقة. كما أنه لذلك يظهر ضعف القول الاول. وأما نقل بعض أهل اللغة فمعارض بنقل أكثرهم المعتضد بما عرفت، بل لا مجال للرجوع إلى النقل بعد وضوح المعنى. وأما خبر إبن حنظلة: فإن كان الاستدلال بقوله (عليه السلام): فيه: " لليل زوال كزوال الشمس " فهو لا يدل على أكثر من أن لليل دائرة كدائرة نصف النهار تنصفه نصفين، فإذا مال الكوكب عنها إلى الغروب تحقق الزوال، فإذا كان آخر الليل الفجر كما هو المفهوم منه عرفا ولغة فالدائرة الموهومة لا بد أن تكون مفروضة بنحو يتحقق تنصيف المقدار المذكور عند وصول الكوكب إليها، ولا يدل على أن الآخر هو الفجر. ومن ذلك تعرف الخدش في الاستدلال برواية أبي بصير. وإن كان بقوله (عليه السلام): " بالنجوم إذا إنحدرت " فإجماله مانع عن الاستدلال به، إذ لا ريب في أنه لا يراد مطلق النجوم، لاختلافها بالطلوع والغروب. وإرادة خصوص النجوم التي تطلع عند الغروب بعيد جدا، لتعسر تعيينها غالبا، ولاسيما بملاحظة عدم ظهور النجوم حول الافق غالبا، وإنما تظهر مرتفعة مقدار قامة أو أكثر، والاولى الحمل على إرادة الاشارة إلى ما
===============
( 86 )
[ والاحوط مراعاة الاحتياط هنا في صلاة الليل التي أول وقتها بعد نصف الليل. ويعرف طلوع الفجر بإعتراض البياض (1) ] يعرف به النصف في الجملة ولو بعد تحققه بمقدار ساعة أو أكثر، فلا ينافي كون الآخر الفجر، كما لا يخفى. والله سبحانه أعلم. (1) إجماعا كما عن جماعة كثيرة. ويشهد له صحيح ليث المرادي قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت: متى يحرم الطعام والشراب على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر؟ فقال (عليه السلام): إذا إعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء، فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر.. " (* 1)، وخبر علي بن عطية عن أبي عبد الله (عليه السلام): " الصبح هو الذي إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض نهر سوراء " (* 2)، وخبر هشام بن الهذيل عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: " سألته عن وقت صلاة الفجر. فقال عليه السلام: حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء " (* 3)، وخبر علي بن مهزيار: " كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): جعلت فداك، قد إختلفت موالوك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلي إذا طلع الفجر الاول المستطيل في السماء، ومنهم من يصلي إذا أعترض في أسفل الافق وأستبان، ولست أعرف أفضل الوقتين فأصلي فيه، فإن رأيت أن تعلمني أفضل الوقتين، وتحده لي، وكيف أصنع مع القمر، والفجر لا يتبين معه حتى يحمر ويصبح؟ وكيف أصنع مع الغيم؟ وما حد ذلك في السفر والحضر؟ فعلت إن شاء الله. فكتب (عليه السلام) بخطه وقرأته -:
===============
( 87 )
[ الحادث في الافق المتصاعد في السماء، الذي يشابه ذنب السرحان، ويسمى بالفجر الكاذب (1)، وإنتشاره على الافق وصيرورته كالقبطية البيضاء، وكنهر سوراء بحيث كلما زدته نظرا أصدقك بزيادة حسنه وبعبارة أخرى: إنتشار البياض على الافق بعد كونه متصاعدا في السماء. (مسألة 2): المراد بإختصاص أول الوقت بالظهر وآخره بالعصر وهكذا في المغرب والعشاء عدم صحة الشريكة في ذلك الوقت مع عدم أداء صاحبته (2)، فلا مانع من إتيان ] الفجر - يرحمك الله تعالى هو الخيط الابيض المعترض وليس هو الابيض صعدا، فلا تصل في سفر ولا حضر حتى تتبينه، فإن الله تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال تعالى: (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر)، فالخيط الابيض هو المعترض الذي يحرم به الاكل والشرب في الصوم، وكذلك هو الذي يوجب به الصلاة " (* 1). (1) ففي مرسلة الكليني: " وأما الفجر الذي يشبه ذنب السرحان فذلك الفجر الكاذب، والفجر الصادق هو المعترض كالقباطي " (* 2). هذا والضمير في قوله: (ويسمى) راجع إلى (المتصاعد) الذي هو صفة للبياض، فالبياض المعترض المتصاعد هو الفجر الصادق، وخصوص المقدار التصاعد هو الكاذب. وقوله: (وإنتشاره) معطوف على (إعتراض). (2) تقدم الكلام في هذه المسألة في ثمرة الاختصاص والاشتراك. فراجع.
===============
( 88 )
[ غير الشريكة فيه، كما إذا أتى بقضاء الصبح أو غير من الفوائت في أول الزوال، أو في آخر الوقت. وكذا لا مانع من إتيان الشريكة إذا أدى صاحبة الوقت، فلو صلى الظهر قبل الزوال بظن دخول الوقت فدخل الوقت في أثنائها ولو قبل السلام حيث أن صلاته صحيحة لامانع من إتيان العصر أول الزوال وكذا إذا قدم العصر على الظهر سهوا وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات، لا مانع من إتيان الظهر في ذلك الوقت ولا تكون قضاء، وإن كان الاحوط عدم التعرض للاداء والقضاء، بل عدم التعرض لكون ما يأتي قضاء، وإن كان الاحوط عدم التعرض للاداء والقضاء، بل عدم التعرض لكون ما يأتي به ظهرا أو عصرا، لاحتمال إحتساب العصر المقدم ظهرا (1) وكون هذه الصلاة عصرا. (مسألة 3): يجب تأخير العصر عن الظهر (2)، والعشاء عن المغرب، فلو قدم إحداهما على سابقتها عمدا بطلت، سواء كان في الوقت المختص أو المشترك. ولو قدم سهوا: فالمشهور على أنه إن كان في الوقت المختص بطلت (3)، وإن كان في ] (1) كما سيأتي في المسألة اللاحقة. (2) بلا خلاف، لما يستفاد من قولهم (عليهم السلام) في النصوص المتقدمة: " إلا أن هذه قبل هذه " (* 1) الظاهر في إعتبار الترتيب بينهما، فلو تركه عمدا بطلت الصلاة، لفوات المشروط لفوات شرطه. (3) لفوات الوقت الذي هو شرط مطلقا، كما تقتضيه الادلة الاولية، ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال: من صلى في غير وقت فلا صلاة له " (* 2)، وحديث: " لا تعاد الصلاة.. " (* 3).
===============
( 89 )
[ الوقت المشترك، فإن كان التذكر بعد الفراغ صحت (1)، وإن كان في الاثناء عدل بنيته إلى السابقة (2) إذا بقي محل ] (1) إذ ليس الفائت إلا الترتيب وليس هو بشرط مع السهو، لاطلاق حديث: " لا تعاد الصلاة ". وعن كشف اللثام: الاجماع على عدم قدح مخالفة الترتيب نسيانا. (2) وجوبا إجماعا كما عن حاشية الارشاد للمحقق الثاني وغيرهما، ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث -: " وإن ذكرت أنك لم تصل الاولى وأنت في صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين فانوها الاولى، ثم صل الركعتين الباقيتين وقم فصل العصر.. إلى أن قال: وإن كنت ذكرتها يعني: المغرب وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين، أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة " (* 1)، وحسن الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أم قوما في العصر فذكر وهو يصلي بهم أنه لم يكن صلى الاولى. قال (عليه السلام): فليجعلها الاولى التي فاتته ويستأنف العصر، وقد قضى القوم صلاتهم " (* 2)، وخبر الحسن بن زياد الصيقل قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي الاولى حتى صلى ركعتين من العصر. قال (عليه السلام): فليجعلها الاولى وليستأنف العصر. قلت: فإنه نسي المغرب حتى صلى ركعتين من العشاء ثم ذكر. قال (عليه السلام) فليتم صلاته ثم ليقض بعد المغرب. قال: قلت له: جعلت فداك قلت حين نسي الظهر ثم ذكر وهو في العصر: يجعلها الاولى ثم يستأنف، وقلت لهذا: يتم
===============
( 90 )
[ العدول، وإلا - كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء - بطلت (1) وإن كان الاحوط الاتمام والاعادة بعد الاتيان بالمغرب. وعندي فيما ذكروه إشكال، بل الاظهر في العصر المقدم على الظهر سهوا صحتها وإحتسابها ظهرا إن كان التذكر بعد الفراغ لقوله (عليه السلام): " إنما هي أربع مكان أربع " في النص الصحيح (2)، لكن الاحوط الاتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمه من دون تعيين أنها ظهر أو عصر وإن كان ] صلاته بعد المغرب. فقال (عليه السلام): ليس هذا مثل هذا إن العصر ليس بعدها صلاة، والعشاء بعدها صلاة " (* 1). وما فيه من حكم نسيان المغرب مطروح، لضعفه في نفسه، ومعارضته لما سبق، وهجره عند الاصحاب فلا بد من تأويله إن أمكن، أو إيكال معرفة المراد منه إلى قائله (عليه السلام) كما أمرنا بذلك (* 2). (1) كما هو ظاهر الجواهر في مبحث قضاء الصلوات لاختصاص إغتفار فوات الترتيب بما بعد الفراغ. وفيه: أن النصوص المتقدمة وإن كانت مختصة بما ذكر، لكن حديث: " لا تعاد الصلاة " شامل لصورة الذكر في الاثناء، ولا مانع من التعويل عليه. ويأتي في المسألة السادسة من ختام خلل الصلاة ما له نفع في المقام. فما في محكي كشف اللثام من الجزم بالصحة في محله، وإن كان في بعض أدلته عليها نظر. (2) وهو بعض ما إشتمل عليه صحيح زرارة السابق عن أبي جعفر عليه السلام: " قال: إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الاولى ثم صل العصر فإنما هي أربع مكان
===============
( 91 )
[ في الاثناء عدل، من غير فرق في الصورتين بين كونه في الوقت المشترك أو المختص (1). وكذا في العشاء إن كان بعد الفراغ صحت، وإن كان في الاثناء عدل مع بقاء محل العدول على ما ذكروه لكن من غير فرق بين الوقت المختص والمشترك أيضا. وعلى ما ذكرنا يظهر فائدة الاختصاص فيما إذا ] أربع " (* 4). ونسب في الجواهر القول به إلى نادر لا يقدح خلافه، وفي غيرها إلى المفاتيح. وعن الاردبيلي: " أنه حسن لو كان با قائل "، ويظهر منه عدم العثور على قائل به. بل عن بعض دعوى الاتفاق على خلافه. وعليه يشكل الاعتماد عليه، بل لو بنى على العمل بما أعرض عنه الاصحاب لحصل لنا فقه جديد، فالمتعين تأوليه أو طرحه، وإن كان يعضده مضمر الحلبي قال: " سألته عن رجل نسي أن يصلي الاولى حتى صلى العصر، قال (عليه السلام): فليجعل صلاته التي صلى الاولى ثم ليستأنف العصر " (* 2). وربما يتوهم معارضته بصحيح صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: " سألته عن رجل نسي الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر. قال: كان أبو جعفر (عليه السلام)، أو كان أبي يقول: إن أمكنه أن يصليها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها وإلا صلى المغرب ثم صلاها " (* 3). وفيه: أن مورده الذكر خارج الوقت. (1) لاطلاق الادلة. مضافا في الصورة الثانية إلى أن نية العدول في الاثناء تكشف عن كونها السابقة في وقت إختصاصها، فلا
===============
( 92 )
[ مضى من أول الوقت مقدار أربع ركعات فحاضت المرأة، فإن اللازم حينئذ قضاء خصوص الظهر (1). وكذا إذا طهرت من الحيض ولم يبق من الوقت إلا مقدار أربع ركعات، فإن ] فوات للوقت على تقدير القول بالاختصاص. وفيه: أن موضوع الادلة المتقدمة هو الصلاه الصحيحة من جميع الجهات عدا حيثية الترتيب، فإذا كانت باطلة لفقد شرط الوقت ولو بوقوعها بتمامها في الوقت المختص بصاحبتها لا تكون مشمولة للادلة، كما لو كانت باطلة لفقد جزء أو شرط ركني غير الترتيب، أو وجود مانع، فالتمسك بالاطلاق في غير محله، كدعوى كون نية العدول تكشف عن كونها المعدول إليها من أول الامر، لعدم الدليل عليها، بل ظاهر الادلة خلافها، وأنها بالنية تنقلب إلى المعدول إليها كما لا يخفى. ومن ذلك يظهر ضعف ما في الشرائع من التفصيل بين الصورتين، حيث بنى على بطلان اللاحقة لو أتى بها في الوقت المختص بالسابقة، وإطلاق جواز العدول لو ذكره في الاثناء. (1) المرأة إما أن تعلم حين الزوال بطروء الحيض عليها بعد مضي مقدار أربع ركعات، وإما أن تجهل ذلك فيفاجئها الحيض في الوقت المذكور فإن علمت ذلك فلا إشكال في وجوب أداء خصوص الظهر بناء على الاختصاص، لدخول وقتها، وعدم دخول وقت العصر إلا في حال الحيض. وكذا على الاشتراك لو بني على إعتبار الترتيب في العصر، فإنه حينئذ لا يجب فعل العصر لعدم صحتها لفقد الشرط. أما بناء على سقوط إعتباره فيها لقصوره أدلة إعتباره عن شمول الفرض، أو لقاعده الميسور، فيقع التزاحم بين الفريضتين فيحتمل التخيير بينهما، ويحتمل تعين الظهر لاحتمال أهميتها، ولا سيما لو كان المستند في عدم إعتبار الترتيب قاعدة الميسور،
===============
( 93 )
[ اللازم حينئذ إتيان العصر فقط (1). وكذا إذا بلغ الصبي ولم يبق إلا مقدار أربع ركعات، فإن الواجب عليه خصوص العصر فقط. وأما إذا فرضنا عدم زيادة الوقت المشترك عن أربع ركعات فلا يختص باحداهما، بل يمكن أن يقال بالتخيير ] إذ يبعد أن تكون العصر الناقصة مساوية في الاهمية للظهر التامة كما لا يخفى. وعلى كل حال فإذا أدت الظهر لم يبعد وجوب قضاء العصر حينئذ، لان وجوبها في أول الوقت يوجب صدق الفوت على تركها، وإن كان المكلف معذورا في تركها من جهة المزاحمة بالظهر. نعم لو قلنا ببقاء إعتبار الترتيب في هذه الحال لم يجب القضاء، لاستناد فوات العصر حينئذ إلى وجود الحيض، ومثله لا يوجب القضاء كما تقدم. ومن ذلك تعرف حكم ما لو فاجأها الحيض بعد مضي مقدار أداء الظهر، ولم تكن قد صلتها، وأنه على تقدير إعتبار الترتيب في العصر تقضي الظهر لا غير سواء أقلنا بالاختصاص أم الاشتراك. وكذا على تقدير عدم إعتباره بناء على الاختصاص. أما بناء على الاشتراك فلا يبعد وجوب قضائهما معا، لصدق الفوت بالنسبة إلى كل مهما في عرض الاخرى، ومجرد عدم إمكان فعلهما معا لا يوجب كون الصدق عليهما على البدل، كي يلزم قضاء إحداهما تخييرا. وكذا الحكيم فيما لو علمت قبل الوقت بالحيض في الوقت المذكور ولم تؤد عصيانا. (1) هذا على الاختصاص، وأما على الاشتراك: فيجري فيه الكلام السابق في أول المسألة، إلا أن يستفاد من النصوص الواردة في الحائض لو طهرت في آخر الوقت (* 1)، فيكون عليها أداء العصر، وقضاؤها على تقدير تركها، وليس عليها قضاء الظهر.
===============
( 94 )
[ بينهما (1)، كما إذا أفاق المجنون الادواري في الوقت المشترك مقدار أربع ركعات (2)، أو بلغ الصبي في الوقت المشترك ثم جن أو مات بعد مضي مقدار أربع ركعات، ونحو ذلك. (مسألة 4): إذا بقي مقدار خمس ركعات إلى الغروب قدم الظهر (3)، وإذا بقي أربع ركعات أو أقل قدم العصر (4) وفي السفر إذا بقي ثلاث ركعات قدم الظهر، وإذا بقي ركعتان قدم العصر. وإذا بقي إلى نصف الليل خمس ركعات قدم المغرب، وإذا بقي أربع أو أقل قدم العشاء (5). وفي السفر ] (1) قد عرفت وجهه، كما عرفت وجه تعيين الظهر. (2) يعرف حكم مالو أفاق المجنون بمقدار أربع ركعات أول الزوال أو قبل الغروب، أو فيما بينهما مما سبق. وكذا حكم مالو بلغ الصبي أول الوقت أو في الاثناء ثم جن أو مات. فلاحظ وتأمل، (3) قد عرفت سابقا أنه يكفي في إثبات ما ذكر كون أداء الظهر من قبيل سائر الشرائط المعتبرة في العصر التي يجب مزاحمتها بها عند إمكان ركعة منها. لكنه لا يخلو من تأمل، لاحتمال سقوط الشرطية في الضيق. فالعمدة في ذلك وقوع المزاحمة بين فعل الظهر مع إدراك ركعة من العصر، وبين فعل بالعصر بتمامها في الوقت، والاول أهم فيجب. (4) ولو قلنا بالاشتراك، لاستفادة ذلك من نصوص الاختصاص بعد حملها على الاشتراك. (5) لانه بخروج الوقت المشترك صارت المغرب قضاء، وفعلها قضاء ليس شرطا في صحة العشاء، فلا وجه لمزاجمتها بالمغرب، فدليل وجوب إيقاع تمام العشاء في وقتها لا معارض له.
===============
( 95 )
[ إذا بقي أربع ركعات قدم المغرب (1)، وإذا بقي أقل قدم العشاء (2). ويجب المبادرة إلى المغرب بعد تقديم العشاء إذا بقي بعدها ركعة أو أزيد، والظاهر أنها حينئذ أداء (3)، وإن كان الاحوط عدم نية الاداء والقضاء. (مسألة 5): لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة (4). ويجوز العكس، فلو دخل في الصلاة بنية الظهر ثم تبين له في الاثناء أنه صلاها، لا يجوز له العدول إلى العصر. بل يقطع ويشرع في العصر. بخلاف ما إذا تخيل أنه صلى الظهر فدخل في العصر، ثم تذكر أنه ما صلى الظهر، فانه يعدل إليها. ] (1) لما تقدم في أول المسألة. (2) لان فعل المغرب يوجب تفويت العشاء بالمرة، ولايكون مقدمة لها، كي يجري فيه ما سبق (3) هذا مبني على ما سبق من أن أختصاص الآخر باللاحقة يختص بصورة عدم أدائها، ومع أدائها بوجه صحيح يكون الوقت مشتركا بينهما فمع أداء العشاء في الفرض، يكون مقدار الركعة وقتا للمغرب، فتجب المبادرة إلى فعلها فيه أداء. ومنه يظهر أنه لم يتضح الوجه فيما قد يظهر من العبارة من جزمه بوجوب المبادرة إلى المغرب في الفرض وعدم جزمه بكونها أداء. (4) لان صحة العدول مطلقا على خلاف القاعدة. لان في أنقلاب الصلاة المأتي بها لامرها إلى صلاة أخرى غير منوية، ولانوي أمرها، مخالفة لما دل على اعتبار نية الفعل عن أمره في العبادات، فإذا دل عليه دليل في مورد وجب الاقتصار عليه، والرجوع في غيره إلى القاعدة المقتضية
===============
( 96 )
[ (مسألة 6): إذا كان مسافرا وقد بقي من الوقت أربع ركعات. فدخل في الظهر بنية القصر ثم بدا له الاقامة فنوي الاقامة بطلت صلاته، ولا يجوز له العدول إلى العصر فيقطعها ويصلي العصر. وإذا كان في الفرض ناويا للاقامة فشرع بنية العصر لوجوب تقديمها حينئذ ثم بدا له فعزم على عدم الاقامة، فالظاهر أنه يعدل بها إلى الظهر قصرا (1). (مسألة 7): يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركين في الوقت (2) كالظهرين والعشاءين. ويكفي مسماه. وفي الاكتفاء به بمجرد فعل النافلة وجه، إلا أنه لا يخلو عن إشكال. ] للمنع. ومورد نصوص جواز العدول هو العدول من اللاحقة إلى السابقة، فلا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة. ومن ذلك يظهر وجه الحكم في المسألة اللاحقة. (1) هذا لا يخلو عن إشكال، لقصور الدليل عن شموله وأختصاصه بغيره، مما كان المعدول إليه مكلفا به قبل الشروع في المعدول به. اللهم إلا أن يستفاد العموم بإلغاء خصوصيته عرفا، فلاحظ. (2) كما نسب إلى المشهور، بل في الذكرى: " انه كما من مذهب الامامية جواز الجمع بين الصلاتين مطلقا، علم منه أستحباب التفريق بينهما بشهادة النصوص والمصنفات بذلك ". ويدل عليه ما في الذكرى نقلا عن كتاب عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في السفر يجمع بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر وإنما يفعل ذلك إذا كان مستعجلا. قال: وقال (عليه السلام): وتفريقهما أفضل " (* 1)
===============
( 97 )
ورواية معاوية بن ميسره: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إذا زالت الشمس في طول النهار للرجل أن يصلي الظهر والعصرء؟ قال (عليه السلام): نعم، وما أحب يفعل ذلك في كل يوم (* 1)، ورواية زرارة: (أصوم فلا أقيل حتى تزول الشمس، فإذا زالت صليت نوافلي ثم صليت الظهر، ثم صليت نوافلي، ثم صليت العصر، ثم نمت، وذلك قبل أن يصلي الناس فقال (عليه السلام): يا زرارة إذا زالت الشمس فقد دخل الوقت، ولكني أكره لك أن تتخذه وقتا دائما) (* 2). لكن ظاهر الروايتين الاخيرتين كراهة المداومة على ذلك لافضل التفريق في كل يوم، وحينئذ فمن القريب أن تكون تلك الكراهة لجهة راجعة إلى معاوية وزرارة خوفا عليهما، ففي رواية سالم أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (سأله إنسان وأنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلون العصر وبعضهم يصلي الظهر. فقال (عليه السلام) أنا أمرتهم بهذا، لو صلوا على وقت واحد عرفوا فأخذوا برقابهم) (* 3). ولو سلمت دلالتهما كانت مع الاول معارضة لما دل على إستحباب التعجيل والمسارعة، مما تقدمت الاشارة إليه في مسألة وقت فضيلة الظهرين، فرفع اليد به عنها لا يخلو من إشكال لو لا الشهرة المحكية على العمل بها. إلا أن يقال: إن نسبتها إلى ذلك نسبة الخاص إلى العام فيخصص بها، بل قد يقال: بحكومتها عليه لانها تجعل الخير هو الصلاة المفرقة لا الموصولة. فتأمل. وعليه فلا بأس بالاكتفاء في حصول التفريق بمجرد فعل النافلة، لما دل على أن الجمع بين
===============
( 98 )
الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوع، فإذا كان بينهما تطوع فلا جمع (* 1). نعم لو كان المستند في إستحباب التفريق رواية زرارة كان اللازم عدم الاكتفاء به. والتحقيق: أن نصوص التفريق المذكورة عدا رواية إبن سنان المتقدمة عن الذكرى وكذلك النصوص الكثيره التي عقد لها في الوسائل بابين: باب جواز الجمع بين الصلاتين في وقت واحد جماعة وفرادى لعذر (* 2)، وباب جواز الجمع بين الصلاتين بغير عذر أيضا (* 3)، فإنها بأجمعها تدل على أن الجمع خلاف الوظيفة الاولية جاز لعذر ولغير عذر، بل لمجرد التوسيع على الامة، لكن لا من حيث كونه جمعا يقابل التفريق، بل من حيث كونه إيقاعا للصلاة الثانية قبل وقت فضيلتها. (وبالجملة): مفهوم الجمع مقابل التفريق، غير مفهوم التعجيل مقابل إنتظار وقت الفضيلة والنصوص إنما تدل على مرجوحية الثاني لا الاول، فمن شرع الصلاة الاولى في أول وقتها وجاء بها على الوجه الاكمل حتى دخل وقت الفضيلة للثانية فشرع فيها، كان مؤديا للافضل، وإن كان قد جمع بين الصلاتين ولم يفرق بينهما، فالجمع المفضول هو التعجيل بالثانية قبل وقت فضيلتها لا مجرد الوصل بين الصلاتين. ومن ذلك تعرف أنه بناء على دخول وقت فضيلة العصر بالزوال كما أختاره المصنف (ره) لا مجال للحكم بإستحباب التفريق في الظهيرين بهذا المعنى، ولابد له من حمل النصوص المذكورة على المعنى الاول.
===============
( 99 )
[ (مسألة 8): قد عرفت أن للعشاء (1) وقت فضيلة، وهو من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل، ووقتا إجزاء من الطرفين وذكروا: أن العصر أيضا كذلك فله وقت فضيلة وهو من المثل إلى المثلين، ووقتا إجزاء من الطرفين، لكن عرفت نفي البعد في كون إبتداء وقت فضيلته هو الزوال. نعم الاحوط في إدراك الفضيلة الصبر إلى المثل (2). (مسألة 9): يستحب التعجيل في الصلاة (3) في وقت الفضيلة وفي وقت الاجزاء، بل كلما هو أقرب إلى الاول يكون أفضل إلا إذا كان هناك معارض كأنتظار الجماعة (4) أو نحوه. ] كما أنه بناء على تأخر فضيلة العصر يمكن رواية إبن سنان المتقدمة على المعنى الثاني. لكنه بعيد. فيكون أستحباب التفريق غير أستحباب المحافظة على وقت الفضيلة (1) قد تقدم الكلام في هذه المسألة والمسألة اللاحقة. فراجع. (2) كون الاحوط ذلك غير ظاهر، لما عرفت من القول بالتقدير بالذراع والذراعين الذي سبق أنه أقرب في مقام الجمع بين النصوص، فإن إنتظار المثل يوجب خروج وقت الفضيلة. (3) قد تقدم ما يدل على ذلك في مبحث وقت الفضيلة للعصر. وقد عقد في الوسائل، باب إستحباب الصلاة في أول الوقت (* 1)، وذكر فيه روايات كثيرة دالة على إستحباب التعجيل، ذكرنا بعضها في المبحث المتقدم. (4) كما سيأتي وجهه في المسألة الثالثة عشرة من الفصل الآتي.
===============
( 100 )
[ مسألة 10): يستحب الغلس بصلاة الصبح (1)، أي: الاتيان بها قبل ألاسفار في حال الظلمة. (مسألة 11): كل صلاة أدرك من وقتها في آخره مقدار ركعة فهو أداء، ويجب الاتيان به (2)، فإن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت، لكن لا يجوز التعمد في التأخير إلى ذلك. ] (1) كما يقتضيه ظاهر النصوص، ففي مصحح إسحاق بن عمار قال: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر. فقال (عليه السلام): مع طلوع الفجر.. " (* 1)، ورواية زريق عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أنه كان يصلي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أول ما يبدو قبل أن يستعرض.. " (* 2). ونحوهما غيرهما. بغلس عند طلوع الفجر الصادق أول ما يبدو قبل أن يستعرض.. " (* 2). ونحوهما غيرهما. (2) كما هو المعروف، وعن التذكرة والمدارك: أنه إجماعي. وعن المنتهى: لا خلاف فيه بين أهل العلم. وقد يستشعر الخلاف في ذلك أو يستظهر من الحلي في السرائر أو غيره. لكنه لو سلم لا يقدح في دعوى الاجماع، ولا سيما مع شهادة النصوص به، ففي خبر الاصبغ بن نابتة: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة (* 3)، وموثق عمار " فإن صلى ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم وقد جازت صلاته " (* 4). ونحوه حديثه الآخر (* 5) مع زيادة قوله (عليه السلام):
===============
( 101 )
" وإن طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة، ولا يصلي حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها "، والنبوي المرسل في الذكرى: " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " (* 1) والآخر: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " (* 2). نعم قد يستشكل في دلالة النصوص المذكورة. أما في الاخير: فلان الظاهر منه إدراك المأموم ركعة من صلاة الامام، فلاحظ آخر الباب المعقود في الوسائل لهذا العنوان في كتاب الجماعة (* 3). وأما ما قبله ولا سيما الموثق -: فظاهر في من صلى ركعة بقصد الاتيان بالصلاة تامة ثم خرج الوقت، لا من لم يصل وقد بقي من وقت صلاته مقدار ركعة، لان الظاهر من إدراك الصلاة فعلها. مضافا إلى إختصاصها بالغداة والعصر نعم لو كانت العبارة: " من أدرك من الوقت ركعة فقد أدرك الوقت " كان المراد مقدار ركعة منه، فيصدق قبل تحقق الركعة. لكن الروايات التي ذكرناها لفظها الاول لا غير. نعم روى العبارة الثانية في المدارك (* 4) ولم تثبت. أللهم إلا أن يقال: المراد من الادراك ما يقابل الفوت، ومع بقاء مقدار ركعة من الوقت يصدق الفوت بالاضافة إلى ما زاد على الركعة، ولا يصدق بالاضافة إليها. وإذ لم يصدق لا بد أن يصدق الادراك فيكفي في تحقق الادراك القدرة على المدرك لا غير. فتأمل. فإذا ثبت الحكم