[ فصل في أقسام الحج وهي: ثلاثة - بالاجماع (1)، والاخبار -، تمتع، وقران، وإفراد (2). ] وفى اليوم أكثر من مرة أيضا. فلاحظ. وأما ما تضمن أن المتمتع إن خرج من مكة ورجع في شهره دخل محلا، وان دخل في غير الشهر دخل محرما، معللا: بأن لكل شهر عمرة (* 1). وما ورد - في من أفسد عمرته - من أنه يقضيها في الشهر الآتي (* 2). فهما حكمان دل عليهما الدليل في خصوص المورد. مع ان ظاهر الفتاوى أن الحكم في المقامين رخصة لا عزيمة. وحينئذ يكون منافيا للشهر لا دليلا عليه. وبالنسبة إلى العشرة من قبيل اللا مقتضي نفيا وإثباتا. والله سبحانه الهادي. فصل في أقسام الحج (1) في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه بين علماء الاسلام، بل إجماعهم بقسميه عليه...). (2) في مصحح معاوية بن عمار قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: الحج ثلاثة أصناف: حج مفرد، وقران، وتمتع بالعمرة إلى الحج. وبها أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا نأمر الناس إلا بها) (* 3)،
____________
(* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب أقسام الحج حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الاستمتاع. (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
===============
( 148 )
[ والاول فرض من كان بعيدا عن مكة (1). والآخران فرض ] وخبر منصور الصيقلى: (قال أبو عبد الله (ع): الحج عندنا على ثلاثة أوجه: حاج متمتع، وحاج مفرد سائق للهدي، وحاج مفرد للحج) (* 1) ونحوهما غيرهما. والذي يظهر من النصوص: أن المشروع في صدر الاسلام القران والافراد، وأن التمتع شرع في حجة الوداع. ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): (قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين حج حجة الاسلام خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتى أتى الشجرة فصلى بها، ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها وأهل بالحج وساق مائة بدنة، وأحرم الناس كلهم بالحج لا ينوون عمرة ولا يدرون ما المتعة. حتى إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة... (إلى أن قال): فلما قضى طوافه عند المروة قام خطيبا فأمرهم: أن يحلوا ويجعلوها عمرة، وهو شئ أمر الله عزوجل به... (إلى أن قال): وإن رجلا قام فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله نخرج حجاجا ورؤسنا تقطر؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنك لن تؤمن بهذا أبدا...) (* 2). (1) قال في كشف اللثام: (لا يجزيه غيره اختيارا. للاخبار، وهي كثيرة. والاجماع، كما في الانتصار والخلاف والغنية والتذكرة والمنتهى وظاهر المعتبر. وحكى القاضي - في شرح الجمل -: خلافه عن نفر من الاصحاب...). وفى المستند: حكى الاجماع عن غيرها أيضا. ويشهد به - مضافا إلى ذلك - الكتاب والسنة. أما الاول فقوله تعالى: (فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب أقسام الحج حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 14.
===============
( 149 )
[ من كان حاضرا، أي: غير بعيد (1). وحد البعد - الموجب ] استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الجج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة، ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب) (* 1). فان الظاهر رجوع اسم الاشارة إلى التمتع بالعمرة، لانه للبعيد، لا رجوعه إلى ما بعده، لانه قريب. ويشكل الاستدلال المذكور: بأن ظاهر الآية الشريفة حصر التمتع بالنائي، لا حصر النائي به، كما هو المدعى. وأما السنة فمستفيضة أو متواترة. منها: مصحح الحلبي السابق. ونحوه صحيح معاوية بن عمار (* 2)، وصحيح صفوان (* 3). وفى صحيح الحلبي الآخر عن أبي عبد الله (ع): (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لان الله تعالى يقول: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي...). فليس لاحد إلا أن يتمتع، لان الله أنزل ذلك في كتابه وجرت به السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله) (* 4) إلى غير ذلك. (1) على المشهور شهرة عظيمة، بل لم يحك الخلاف في ذلك إلا عن الشيخ - في أحد قوليه - ويحيى بن سعيد. ويشهد له الكتاب الشريف - على ما عرفت - والنصوص. ففي صحيح الفضلاء، عبد الله الحلبي وسليمان بن خالد وأبي بصير، كلهم عن أبي عبد الله (ع): (ليس لاهل مكة، ولا لاهل مر، ولا لاهل سرف متعة. وذلك: لقول الله عزوجل:
____________
(* 1) البقرة: 196. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الحج حديث: 1. (* 3) لم نعثر على الرواية في مظانها. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
===============
( 150 )
[ للاول - ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب (1)، على المشهور (2) الاقوى لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع): " قلت له: قول الله عزوجل في كتابه: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام...) فقال (ع): يعني: أهل مكة ليس عليهم متعة. كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان - كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في ] (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام...)) (* 1)، وخبر سعيد الاعرج: (قال أبو عبد الله (ع): ليس لاهل سرف، ولا لاهل مر، ولا لاهل مكة متعة. يقول الله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام...)) (* 2). ونحوهما غيرهما مما هو كثير، وسيأتي بعضه في المتن. ولم يعرف للشيخ وابن سعيد دليل، إلا صحيح عبد الرحمن بن الحجاج وصحيحه الآخر مع عبد الرحمن بن أعين، الآتيان في المسألة الثانية. وموردهما خاص، فلا مجال للتعدي عنه إلى غيره بعد ما عرفت. مع أن ظهورهما في حج الاسلام غير ثابت. (1) حكاه في الشرائع قولا، واختاره في النافع والمعتبر، وحكى عن القمي في تفسيره، والصدوقين، والعلامة في جملة من كتبه، وعن الشهيدين، والمحقق الكركي. وعن المدارك: نسبته إلى أكثر الاصحاب. (2) كما عن شرح المفاتيح. لكن في الجواهر: (وإن كنا لم نتحققه).
____________
(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
===============
( 151 )
[ هذه الآية، وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة " (1). وخبره (2) عنه (ع): " سألته عن قول الله عزوجل: (ذلك...). قال: لاهل مكة ليس لهم متعة، ولا عليهم عمرة قلت: فما حد ذلك؟ قال: ثمانية وأربعون ميلا من جميع نواحي مكة، دون عسفان وذات عرق " (3). ويستفاد أيضا من جملة من أخبار أخر (4). ] (1) رواها الشيخ في التهذيب، باسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: (قلت لابي جعفر: قول الله عزوجل في كتابه...) إلى آخر ما في المتن (* 1). واسناد الشيخ إلى موسى صحيح وموسى و عبد الرحمن وبقية السند كلهم ثقاة أعيان (2) رواه الشيخ أيضا في أواخر كتاب الحج، عن علي بن السندي عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: (سألته عن قول الله تعالى: (ذلك...)...) إلى آخر ما في المتن (* 2). وسنده إلى علي بن السندي غير ثابت الصحة. وأما علي فالظاهر صحة حديثه، وإن كان لا يخلو من إشكال. (* 3) في النسخة الصحيحة من التهذيب: (ودون ذات عرق). (4) كصحيح الفضلاء المتقدم (* 3). ونحوه خبر سعيد الاعرج
____________
(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 7. ولكن متن الرواية هنا يختلف يسيرا عن الموجود في الوسائل، وكذلك الاصل. راجع التهذيب جزء: 5 صفحة 33، 492 طبع النجف الاشرف. (* 3) تقدم ذكر الروايتين في أوائل الفصل تقريبا. فلاحظ.
===============
( 152 )
المتقدم، الذي رواه في التهذيب في آخر كتاب الحج (* 1)، بناء على ما في المعتبر من أنه معلوم أن هذه المواضع أكثر من اثني عشر ميلا. وعن القاموس: أن بطن مر: موضع من مكة على مرحلة. وفى تاريخ البلدان لليعقوبي (* 2): أنه واقع في طريق مكة إلى المدينة، فمن مكة إليه ثم إلى عسفان، ثم إلى قديد، ثم إلى الجحفة، ثم إلى الابواء، ثم إلى سقيا بني غفار، ثم إلى العرج، ثم إلى الرويثة، ثم إلى الروحاء، ثم إلى السيالة، ثم إلى ملل، ثم إلى الحفيرة، ثم إلى ذي الحليفة. وعن الواقدي: بين مكة ومر خمسة أميال. وسرف - ككتف -: موضع قريب للتنعيم. وعن النهاية - في حديث تزويج ميمونة بسرف -: هو - بكسر الراء - موضع من مكة على عشرة أميال. وقيل: أقل، وأكثر. وعن المجلسي الاول (ره) أن سرف - ككتف - موضع قرب التنعيم، على عشرة أميال - تقريبا - من مكة... وكصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: (في حاضري المسجد الحرام قال (ع): ما دون المواقيت إلى مكة فهو حاضري المسجد الحرام وليس لهم متعة) (* 3). وصحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (ع): (في حاضري المسجد الحرام قال (ع): ما دون الاوقات إلى مكه) (* 4). بناء على أن المراد ما دون جميعها، فانها على هذا الحد أو أكثر. فان يلملم جبل على مرحلتين من مكه. واقعه في طريق أهل مكه إلى اليمن، المرحلة الاولى - على ما ذكره اليعقوبي في تاريخ البلدان (* 5) -: الملكان
____________
(* 1) تقدم ذكر الروايتين في أوائل الفصل تقريبا. فلاحظ. (* 2) صفحة: 78 طبعة النجف الاشرف وصفحة: 313 طبعة ليدن. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 5. (* 5) صفحة: 80 طبعة النجف الاشرف وصفحة: 317 طبعة ليدن.
===============
( 153 )
والمرحلة الثانية: يلملم، ثم الليث، ثم عليب، ثم قربا، ثم قنونا، ثم يبة، ثم المعقر، ثم ضنكان، ثم زنيف، ثم ريم، ثم يبش، ثم العرش، ثم الشرجة، ثم السلعاء، ثم بلحة، ثم المهجم، ثم العارة، ثم المروة، ثم سودان، ثم صنعاء. كذا ذات عرق، فانها أيضا واقعة في طريق أهل العراق إلى مكة، على مرحلتين من مكة، المرحلة الاولى - ما ذكره اليعقوبي في تاريخ البلدان (* 1) -: بستان ابن عامر، ثم ذات عرق، ثم غمرة، ثم المسلح ثم أفيعية، ثم معدن بني سليم، ثم العمق، ثم السليله، ثم الربذه، ثم مغيثه الماوان، ثم معدن النقرة - وتسمى النقرة أيضا - ثم سميراء - وتسمى الحاجر أيضا - ثم توز، ثم فيد، ثم زرود - وتسمى الاجفر أيضا - ثم الثعلبية، ثم بطان، ثم الشقوق، زبالة، ثم القاع، ثم العقبة، ثم الواقصة، ثم الفرعاء، ثم مغيثة، ثم القادسية، ثم الكوفة. وكذا قرن المنازل فانها على مرحلتين أيضا، كما سيأتي. لكن يعارضها خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): (قلت: لاهل مكة متعة؟ قال (ع): لا، ولا لاهل بستان، ولا لاهل ذات عرق، ولا لاهل عسفان ونحوها) (* 2). بل يعارض التحديد بالمقدار المذكور صحيح حريز عن أبي عبد الله (ع): (في قول الله عزوجل: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام...). قال (ع): من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من بين يديها، وثمانية ميلا من خلفها، وثمانية عشر ميلا عن يمينها، وثمانية عشر ميلا عن يسارها فلا متعة له
____________
(* 1) صفحة: 76 طبعة النجف الاشرف وصفحة: 311 طبعة ليدن. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 12.
===============
( 154 )
مثل مر وأشباهه) (* 1). والذي يتحصل: أن الاشكال في المقام في جهات: الاولى: الاخبار الدالة على التحديد، فانها طوائف ثلاث، الاولى: ما دل على أنه ثمانية وأربعون ميلا، وهي صحيح زرارة، وخبره. الثانية: ما دل على أنه ثمانية عشر ميلا، وهي صحيحة حريز. الثالثة: ما دل على أنه دون الميقات، وهي صحيحا الحلبي وحماد، فان الظاهر منها أن الحد يختلف باختلاف الجهات المسكونة، فكل موضع يكون بين الميقات ومكه يكون حكم أهله أن لا متعة لهم، وكل موضع يكون وراء الميقات يكون حكم أهله التمتع. وحمله على أن يكون المراد من المواقيت أقرب المواقيت إلى مكة - يعني: ما تكون المساحة بين الشخص ومكة أقل من المساحة التي تكون بين أقرب المواقيت إلى مكة وبينها - بعيد جدا، فانه يتوقف على معرفة الاقرب منها إلى مكة، ومعرفة المساحة بينهما، والعبارة المذكورة في الصحيحين لا تساعد على ذلك. الجهة الثانية: اختلاف الاخبار في ذات عرق وعسفان، فان ظاهر خبر زرارة: خروجهما عن الحد، ويجب على أهلهما التمتع. وظاهر صحيحه - وصريح خبر أبي بصير -: أنه ليس لاهلهما متعة. الجهة الثالثة: التشويش الواقع في عبارة الصحيح، لقوله (ع) فيه: (ذات عرق وعسفان)، فانه إن جعل تمثيلا للثمانية والاربعين فهو تفسير بالاخفى، ولا يناسب موضوع الشرطية. وإن جعل تمثيلا لما دونها كان مخالفا لما ذكروه، من أن ذات عرق وعسفان على مرحلتين من مكة: مضافا إلى قوله (ع): (كما يدور حول الكعبة) لم يتضح إرتباطه
____________
(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 10.
===============
( 155 )
[ والقول: بأن حده اثنا عشر ميلا من كل جانب - كما عليه جماعة (1) - ضعيف لا دليل عليه إلا الاصل، فان مقتضى جملة من الاخبار: وجوب التمتع على كل أحد، والقدر المتيقن الخارج منها من كان دون الحد المذكور (2). ] بما قبله. وكذا التشويش الواقع في متن خبر زرارة، فان قوله (ع) فيه: (دون عسفان وذات عرق) ظاهر في أن الثمانية والاربعين دون عسفان وذات عرق، مع أن المذكور في كلماتهم أنهما على مرحلتين، فلا تكون الثمانية والاربعون دونهما بل تكون نفسهما. هذا، ولا يخفى ان الاشكالات المذكورة لا تصلح لرفع اليد عن مفاد الصحيح المعول عليه، فان الطائفتين الاخريين لا عامل بهما، فلا يصلحان لمعارضته. واختلاف الاخبار في ذات عرق وعسفان لا يهم، لانه - بعد ما تحقق خروجهما عن الحد - لابد من تأويل الصحيح، وطرح خبر أبي بصير لمخالفته للاجماع. ولو فرض عدم تحقق خروجهما عن الحد واحتمال دخولهما فيه فالاختلاف يكون اختلافا في الموضوع، لا في الحد ولحكم الذي هو محل الكلام. وأما التشويش فلا يقدح في دلالة الصحيح على التحديد على وجه ظاهر. واشتمال الرواية على بعض أمور مشكلة إذا لم يقدح في دلالتها على الحكم لا يقدح في حجيتها. (1) اختاره في الشرائع والقواعد، ونسبه في كشف اللثام: إلى المبسوط، والاقتصاد، والتبيان، ومجمع البيان، وفقه القرآن، والروض والجمل، والعقود، والغنية، والكافي، والوسيلة، والسرائر، والجامع والاصباح، والاشارة. وفى الجواهر: أنه أقوى. (2) هذا الوجه ذكره في المستند دليلا على القول المذكور. قال (ره):
===============
( 156 )
[ وهو مقطوع بما مر (1). أو دعوى: أن الحاضر مقابل للمسافر، والسفر أربعة فراسخ (2). وهو كما ترى. أو دعوى: أن الحاضر - المعلق عليه وجوب غير التمتع - أمر عرفي، والعرف لا يساعد على أزيد من اثني عشر ميلا. وهذا - أيضا - كما ترى (3). كما أن دعوى: أن المراد من ثمانية وأربعين ] (بل قد أشرنا إلى تواتر الاخبار بفرضية التمتع مطلقا، خرج ما دون اثني عشر ميلا بالاجماع، فيبقى الباقي...)، وذكره في الجواهر وجها لما اختاره. وقد تقدم بعض هذه النصوص في أول المبحث. وعليه فالمراد من الاصل أصالة العموم، لا الاصل العملي. وإلا فمقتضى الاصل الاحتياط بالجمع، للعلم الاجمالي. (1) فان الدليل الخاص مخصص للعام. على أن ثبوت هذا العموم محل إشكال، فان الظاهر أن الخطابات إنما هي للنائي. ضرورة انقسام الحج إلى الاقسام الثلاثة، ومشروعية القران والافراد في الجملة، فكيف يصح مثل هذا العموم؟!. (2) هذا الاستدلال مذكور في كشف اللثام وغيره، وحكاه في المستند والجواهر عنهم. وتوجيهه في غاية الصعوبة، لان المراد من الحاضر في الآية إذا كان بمعنى مقابل المسافر، كان مرجع الآية الشريفة إلى أن من كان أهله مسافرين عن المسجد الحرام فعليه التمتع، وإذا لم يكن أهله مسافرين بل حاضرين فعليه القران أو الافراد، وهذا المعنى أجنبي عن المراد بها بالمرة، ضرورة أن المراد التوطن في الموضع القريب والبعيد، لا المسافرة والحضور. وبالجملة: الاستدلال على النحو المذكور غريب. (3) فان العرف كما لا يساعد على الازيد من الاثني عشر ميلا
===============
( 157 )
[ التوزيع على الجهات الاربع، فيكون من كل جهة اثنا عشر ميلا (1). منافية لظاهر تلك الاخبار (2). وأما صحيحة حريز - الدالة على أن حد البعد ثمانية عشر ميلا - فلا عامل بها. كما لا عامل بصحيحتي حماد بن عثمان والحلبي، الدالتين على أن الحاضر من كان دون المواقيت إلى مكة (3). وهل يعتبر الحد المذكور من مكة أو من المسجد؟ وجهان (4)، ] لا يساعد على الاقل منها. بل الظاهر اختصاصه بأهل مكة لا غير، فان مواضعهم هي التي حاضرة مع المسجد الحرام لاجتماعها معه، وأما الخارج عن مكة من المواضع فهي غير حاضرة مع المسجد، لعدم اجتماعها معه. مع أنه لو سلم ذلك فرواية التحديد بالثمانية والاربعين تكون مفسرة للمراد وشارحة له، على وجه يجب الخروج عن ظاهر الكلام لاجلها. (1) هذه دعوى ادعاها ابن ادريس (ره). وفى كشف اللثام والجواهر: حاول في ذلك رفع الخلاف بين الاصحاب. (2) من دون ملجئ إلى ذلك. (3) على ما عرفت الاشارة إليه. يظهر ذلك لمن لاحظ كتب الاصحاب. (4) بل يظهر من كلماتهم أن فيه قولين، فعن المبسوط، أنه قال: (كل من كان بينه وبين المسجد اثنا عشر ميلا من جوانب البيت...). ونحوه كلامه في الاقتصاد والجمل، ومثله ما في التحرير: (من كان بين منزلة وبين المسجد اثنا عشر ميلا...). لكن في القواعد قال: (من نأى عن مكة باثني عشر ميلا من كل جانب...). ونحوه غيره. وهذا الاختلاف يحتمل أن يكون اختلافا بمحض العبارة، ومراد الجميع
===============
( 158 )
[ أقربهما الاول. ومن كان على نفس الحد فالظاهر أن وظيفته التمتع (1) لتعليق حكم الافراد والقران على ما دون الحد (2) ] المسجد أو مكة، كما يشهد به نسبة كون المبدأ مكة إلى الشيخ في المبسوط مع أن المذكور في عبارته المسجد. ويحتمل أن يكون اختلافا في المراد، وهو الاقرب. ففي المسالك: (والتقدير - على التقديرين - من منتهى عمارة مكة إلى منزله). ونحوه ما في الروضة. وفى الكفاية - بعدما اختار التقدير بالثمانية والاربعين من مكة، وحكى القول باثني عشر ميلا من مكة - قال: (ومن أصحاب هذا القول من اعتبر البعد بالنسبة إلى المسجد الحرام...). وكيف كان فالنصوص خالية عن التعرض لذلك. نعم صحيح زرارة وخبره - لما كان السؤال فيهما عن الآية الكريمة، وتفسير المراد من حاضري المسجد الحرام - فالمنسبق من التقدير أن يكون المبدأ نفس المسجد (* 1). ولا ينافي ذلك ما في خبر زرارة، من قوله (ع): (من جميع نواحي مكة)، فان مكة أخذت موضوعا للنواحي، لا مبدأ للتقدير. فلاحظ. (1) يظهر ذلك منهم. وفى المدارك: (لكن مقتضى كلام الشيخ أن البعد إنما يتحقق بالزيادة عن الثمانية والاربعين...). (2) لقوله (ع) في الصحيح: (كل من كان أهله دون ثمانية) (* 2) وأما قوله (ع) بعد ذلك: (وكل من كان أهله وراء ذلك)، فالمراد من اسم الاشارة فيه المقدار السابق ذكره موضوعا للقرآن والافراد، لا الثمانية
____________
(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب أقسام الحج حديث: 3، 7 وقد تقدم الاشارة إلى الروايتين في أوائل الفصل. (* 2) المراد: هو صحيح زرارة آنف الذكر.
===============
( 159 )
[ ولو شك في كون منزله في الحد أو خارجه وجب عليه الفحص (1) ومع عدم تمكنه يراعي الاحتياط. وإن كان لا يبعد القول بأنه يجري عليه حكم الخارج، فيجب عليه التمتع، لان غيره معلق على عنوان الحاضر، وهو مشكوك (2). فيكون كما لو شك في أن المسافة ثمانية فراسخ أولا، فانه يصلي تماما، لان القصر معلق على السفر، وهو مشكوك. ] والاربعين، وإلا كان الصحيح قد أهمل فيه ذكر من كان على رأس الحد وهو بعيد. فانه إذا تردد التصرف في الكلامين بين التصرف في الاول والتصرف في الثاني يتعين الثاني، لان الاول - بعد استقراره في الذهن - يكون الكلام اللاحق جاريا عليه. فلاحظ. (1) وجوب الفحص في هذه الشبهة الموضوعية - على خلاف القاعدة المشهورة: من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية - لامور ادعيت في هذا المورد - وفى جملة من الموارد من الشبهات الموضوعية - كالشك في الاستطاعة، والشك في مسافة التقصير، والشك في بلوغ النصاب. وقد تقدم الكلام في ذلك في المباحث المذكورة. نعم يمتاز المقام عنها بعدم إمكان الاحتياط، لان الوجوب فوري، ولا يمكن الجمع بين المحتملين في سنة واحدة. (2) كأنه يريد الاشارة إلى قاعدة، وهي أنه إذا كان الخاص معلقا على عنوان وقد شك في ذلك العنوان وجب الرجوع إلى العام. ومثله الشك في المسافر، لان الحكم العام هو التمام. والقصر معلق على السفر فمع الشك فيه يرجع إلى عموم التمام. ولكنه راجع إلى التمسك بالعام في
===============
( 160 )
الشبهة المصداقية والمحقق في محله عدم جوازه. على أن كون المقام من ذلك القبيل غير ظاهر، فانه لا عموم يقتضي وجوب التمتع وقد خرج عنه الحاضر، بل الامر بالعكس. فان دليل التشريع - وهو الآية الشريفة - إنما تضمن وجوب التمتع على من لم يكن حاضرا، فمع الشك فيه يشك في وجوب التمتع. ولعل مراده أن حكم التمتع معلق على عنوان عدمي فمع الشك فيه يرجع إلى الاصل في إثباته، فيثبت حينئذ حكمه. وبذلك يفترق المقام عن مقام الشك في المسافر، فان حكم التمام لم يعلق فيه على عنوان عدمي ولا وجودي، وإنما عنوانه مطلق المكلف. هذا ولكن حكم القصر لما كان معلقا على المسافر كان الجمع بين العام والخاص يقتضي أن يكون حكم العام - وهو التمام - معلقا على من لم يسافر، فمع الشك في المسافر يرجع إلى أصالة عدم المسافر، فيكون كما نحن فيه بعينه. وليس الفرق بينهما إلا أن حكم التمتع من أول الامر، معلق على العنوان العدمي.، وحكم التمام لم يكن كذالك من أول الامر، ولكن صار كذلك من جهة الجمع العرفي بين الخاص والعام. ثم إنه يشكل ما ذكره المصنف، من وجوب التمتع: بأن أصالة عدم كونه حاضر المسجد من الاصل الجاري في العدم الازلي، لان الشخص حين وجوده إما حاضر أو ليس بحاضر، وحجية أصل العدم الازلي محل إشكال. وفيه: أن الحضور قد يكون طارئا بالتوطن بعد الهجرة إلى مكة فمع الشك يستصحب العدم المقارن. وكذا لو كان متوطنا في مكة ثم انتقل إلى الموضع المشكوك، فأنه يجري فيه استصحاب الحضور. مع أنه موقوف على البناء على تحقق الحضور بمجرد التولد من الحاضر، ولا يتوقف على قصد التوطن، وهو محل تأمل. مضافا إلى أن التحقيق:
===============
( 161 )
[ ثم ما ذكر إنما هو بالنسبة إلى حجة الاسلام، حيث لا يجزئ للبعيد إلا التمتع، ولا للحاضر إلا الافراد أو القران (1). وأما بالنسبة إلى الحج الندبي فيجوز لكل من البعيد والحاضر كل من الاقسام الثلاثة (2) بلا إشكال. وان كان الافضل اختيار التمتع (3). وكذا بالنسبة إلى الواجب غير حجة ] جريان الاصل في العدم الازلي، كما أشرنا إليه في مباحث المياه من هذا الشرح. وربما يتوهم الاشكال على المصنف: بأن المراد بمن لم يكن أهله حاضري المسجد، من كان أهله بعيدا عن المسجد، فيكون موضوع حكم التمام وجوديا لا يمكن إثباته بالاصل: واندفاعه ظاهر، فان الصحيح المفسر بذلك إنما اريد به تفسير التحديد، لا بيان أن الموضوع وجودي. (1) قال في الذخيرة: (إن موضع الخلاف حجة الاسلام، دون التطوع والمنذور...). (2) في المدارك، وعن الشيخ في التهذيبين، والمحقق في المعتبر، والعلامة في جملة من كتبه، والشهيد في الدروس: التصريح بذلك. (3) قال في الجواهر: (لا خلاف أيضا في أفضليه التمتع على قسيميه لمن كان الحج مندوبا بالنسبة إليه - لعدم استطاعته، أو لحصول حج الاسلام منه - والنصوص مستفيضة فيه أو متواترة، بل هو من قطعيات مذهب الشيعة...). ويشهد به النصوص الكثيرة، المتواترة مضمونا، كصحيح البزنطي قال: (سألت أبا جعفر (ع) في السنة التي حج فيها - وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين - فقلت: بأي شئ دخلت مكة، مفردا أو متمتعا؟ فقال (ع): متمتعا. فقلت له: أيها أفضل المتمتع بالعمرة إلى الحج أو من أفرد وساق الهدي؟ فقال (ع): كان
===============
( 162 )
[ الاسلام، كالحج النذري وغيره (1). ] أبو جعفر (ع) يقول: المتمتع بالعمرة إلى الحج أفضل من المفرد السائق للهدي. وكان يقول: ليس يدخل الحاج بشئ أفضل من المتعة) (* 1) وصحيح معاوية بن عمار: (قلت لابي عبد الله (ع) - ونحن بالمدينة -: اني اعتمرت في رجب وأنا أريد الحج، فأسوق الهدي، أو أفرد الحج، أو أتمتع؟ فقال (ع): في كل فضل، وكل حسن. قلت: فأي ذلك أفضل؟ فقال: إن عليا (ع): كان يقول: لكل شهر عمرة تمتع، فهو والله أفضل) (* 2)، ومكاتبة علي بن حديد قال: (كتب إليه: علي ابن حعفر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان، ثم حضر الموسم. أيحج مفردا للحج أو يتمتع، أيهما أفضل؟ فكتب إليه: يتمتع أفضل) (* 3)، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: (قلت له: إني سقت الهدي وقرنت. قال: ولم تفعل ذلك؟ التمتع أفضل) (* 4)، وصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع): (قال (ع): المتعة والله أفضل، وبها نزل القرآن، وجرت السنة) (* 5) إلى غير ذلك من النصوص. وفى المدارك: (أكثر من أن تحصى...). وقد عقد لها في الوسائل بابا طويلا. (1) الظاهر من كلماتهم عدم الفرق بين المندوب والواجب بالنذر
____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب أقسام الحج حديث: 18. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 4 من ابواب أقسام الحج حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب أقسام الحج حديث: 8.
===============
( 163 )
[ (مسألة 1): من كان له وطنان، أحدهما في الحد، والآخر في خارجه لزمه فرض أغلبهما (1). لصحيحة زرارة (2) عن أبي جعفر (ع): " من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له. فقلت لابي جعفر (ع): أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة. فقال (ع): فلينظر أيهما الغالب " (3). فان تساويا فان كان مستطيعا من كل منهما تخير بين الوظيفتين (4)، ] ونحوه. وقد تقدم كلام الذخيرة. والظاهر من قولهم التمتع فرض النائي، أنه الفرض بالاصل، لا الفرض بالنذر ونحوه. نعم يختص كلامهم بما إذا كان المنذور مطلقا، وأما إذا كان معينا فلا ريب في اقتضاء النذر التعين فلا يجزئ غير المتعين. وأما الواجب بالافساد فالظاهر من دليله لزوم مطابقته للواجب الذي أفسده، للتعبير فيه بالقضاء، الظاهر في مطابقته للمقتضي. (1) بلا خلاف أجده فيه. كذا في الجواهر. (2) رواها الشيخ (ره) عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع). ورواها باسناده عن زرارة (* 1). (3) تتمة الحديث: (فهو من أهله). (4) بلا خلاف أجده فيه، كما في الجواهر. ووجهه إطلاق ما دل على وجوب الحج، الشامل للانواع الثلاثة، والتخصيص بأحدها من دون مخصص. وما دل على وجوب التمتع بعينه يختص بمن كان منزله نائيا.
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
===============
( 164 )
[ وإن كان الافضل اختيار التمتع (1). وإن كان مستطيعا من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة (2). (مسألة 2): من كان من أهل مكة وخرج إلى بعض الامصار ثم رجع إليها، فالمشهور جواز حج التمتع له وكونه مخيرا بين الوظيفتين (3). واستدلوا بصحيحة عبد الرحمن ] كما دل على وجوب القران أو الافراد، فانه يختص أيضا بمن كان من أهل مكة. والمورد خارج عنهما فلا مانع من الاخذ باطلاق دليل الوجوب المقتضي للتخيير بين الافراد الثلاثة. ولو فرض صدق كل من العنوانين عليه فقد عرفت أن دليل الحكمين فيهما يختص بصحيح زرارة وخبره. وشمول الصدر والذيل فيهما للمقام يوجب التعارض بين الصدر والذيل، الموجب للسقوط عن الحجية، فيتعين أيضا الرجوع إلى الاطلاق. (1) لما تقدم، من النصوص المتضمنة لذلك. (2) كما في كشف اللثام والجواهر. لعموم الآية، والاخبار. أقول: مقتضى الاطلاق التخيير - كما عرفت - لا التخصيص بفرض الوطن الذي استطاع منه من غير مخصص. ومثله - في الاشكال -: ما حكي عن بعض من التخيير إذا كان قد استطاع في غير الوطنين. أما إذا استطاع في أحدهما دون الآخر ففرضه فرض أهله. وحاصل الاشكال على القولين: أنه لا وجه لتعين أحد الفرضين في جميع ذلك لانه بعد أن كان مستطيعا يكون المرجع إطلاق وجوب الحج على المستطيع، المقتضي للتخيير العقلي بين الافراد الثلاثة بعد أن لم يكن ما يقتضي التعيين. (3) نسبه في المدارك إلى الاكثر، ومنهم الشيخ في جملة من كتبه، والمحقق في المعتبر، والعلامة في المنتهى، ونسبه غيره إلى المشهور، كما في
===============
( 165 )
[ ابن الحجاج عن أبي عبد الله (ع): " عن رجل من أهل مكة يخرج إلى بعض الامصار، ثم يرجع إلى مكة فيمر ببعض المواقيت، أله أن يتمتع؟ قال (ع): ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل. وكان الاهلال أحب إلي " (1). ونحوها صحيحة أخرى عنه وعن عبد الرحمن بن أعين عن أبي الحسن (ع) (2) وعن ابن أبي عقيل: عدم جواز ذلك، وأنه يتعين عليه ] الجواهر. وفى المستند: (المكي إذا بعد عن مكة ثم حج على ميقات من المواقيت الخمسة الآفاقية أحرم متعة وجوبا. بغير خلاف يعرف، كما صرح به غير واحد). وكأنه أراد من نفي الخلاف: نفيه بالنسبة إلى الاحرام من الميقات - كما هو كذلك - لا بالنسبة إلى التمتع، وإلا فالخلاف مشهور. (1) رواها في الكافي عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته عن رجل...) (* 1). ورجال السند كلهم أعيان. (2) رواها الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج و عبد الرحمن بن أعين، قالا: (سألنا أبا الحسن (ع) [ موسى (ع) خ ] عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الامصار، ثم رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله، له أن يتمتع؟ فقال: ما أزعم أن ذلك ليس له. والاهلال بالحج أحب إلي. ورأيت من سأل أبا جعفر (ع) - وذلك أول ليلة من شهر رمضان - فقال له:
____________
(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب أقسام الحج حديث: 2.
===============
( 166 )
[ فرض المكي إذا كان الحج واجبا عليه، وتبعه جماعة (1). لما دل من الاخبار على أنه لا متعة لاهل مكة. وحملوا الخبرين على الحج الندبي، بقرينة ذيل الخبر الثاني (2). ولا يبعد قوة ] جعلت فداك، إني قد نويت أن أصوم بالمدينة. قال: تصوم إن شاء الله تعالى. قال له: وأرجو أن يكون خروجي في عشرين من شوال. فقال: تخرج إن شاء الله. فقال له: قد نويت أن أحج عنك أو عن أبيك، فكيف أصنع؟ فقال له: تمتع. فقال له: إن الله ربما من علي بزيارة رسوله صلى الله عليه وآله وزيارتك والسلام عليك، وربما حججت عنك، وربما حججت عن أبيك. وربما حججت عن بعض إخواني أو عن نفسي: فكيف أصنع؟ فقال له: تمتع. فرد عليه القول ثلاث مرات يقول: إني مقيم بمكة وأهلي بها فيقول: تمتع. فسأله بعد ذلك رجل من أصحابنا فقال: إني أريد أن أفرد عمرة هذا الشهر - يعني شوال - فقال له: أنت مرتهن بالحج. فقال له الرجل: إن أهلي ومنزلي بالمدينة، ولي بمكة أهل ومنزل، وبينهما أهل ومنازل. فقال له: أنت مرتهن بالحج. فقال له الرجل: فان لي ضياعا حول مكة) وأريد أن أخرج حلالا فإذا كان إبان الحج حججت) (* 1). (1) منهم السيد في الرياض. (2) فان السؤال الذي رواه بقوله: (ورأيت من سأل أبا جعفر (ع)، مورده الندب. بل وعن المنتفى: صراحته في ذلك. وفى الجواهر أيد الحمل المذكور: باستبعاد عدم الحج للمكي قبل الخروج. لكن في كشف اللثام استشكل فيه: بأنه مخالف لما اتفق عليه النص والفتوى، من استحباب
____________
(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
===============
( 167 )
[ هذا القول. مع أنه أحوط، لان الامر دائر بين التخيير والتعيين، ومقتضى الاشتغال هو الثاني. خصوصا إذا كان ] التمتع في المندوب. وأجاب عنه بالحمل على التقية. وفيه. أن الحمل على التقية إنما يكون بعد تعذر الجمع العرفي. وتحقيق الحال: أنه لا ينبغي التأمل في أن ذيل الصيح مختص بالندب. لكنه لا يرتبط بصدره ولا يكون قرينة عليه، لانه سؤال آخر من سائل آخر. وأما ما ذكره في كشف اللثام من الاشكال، فغاية ما يقتضي أنه مخالف لعموم ما دل على أفضلية التمتع، ومن الجائز خروج المورد عنه. ومن هنا يظهر أن بين الصحيحتين وبين ما دل على أنه لا متعة لاهل مكة عموما من وجه، فان أخذنا باطلاق الثاني تعين حمل الصحيحتين على الندب، وإن أدى إلى تخصيص عموم أفضلية التمتع، وإن أخذنا باطلاق الصحيحتين تعين حمل الثاني على غير المورد، فيختص بمن يحج وهو في مكانه. ولما لم يكن تقييد أحدهما بأسهل من الآخر تعين طرحهما والرجوع إلى دليل آخر، وهو عموم وجوب الحج على المستطيع، المقتضي للتخيير بين الافراد الثلاثة، فيتم ما هو المشهور، كما أشار إلى ذلك في الجواهر. ومنه يظهر الاشكال فيما ذكر في الرياض انتصارا لابن أبي عقيل: بأنه يرجح التصرف في الصحيحين على التصرف في المعارض، لموافقته للكتاب والسنة. فان الترجيح بذلك إنما يكون في غير العامين من وجه. ومثله ما ذكره: من أنه - مع تسليم التساوي - يرجع إلى الاصل، المقتضي للاحتياط، للدوران بين التعيين والتخيير. فان الرجوع إلى الاصل مع التعارض بالعموم من وجه إذا لم يكن دليل، وهو في المقام. إطلاق وجوب الحج المقتضي للتخيير، فانه مقدم على الاصل.
===============
( 168 )
[ مستطيعا حال كونه في مكة فخرج قبل الاتيان بالحج (1). بل يمكن أن يقال: إن محل كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها. وأما إذا كان مستطيعا فيها قبل خروجه منها فيتعين عليه فرض أهلها (2). (مسألة 3): الآفاقي إذا صار مقيما في مكة، فان كان ذلك بعد استطاعته ووجوب التمتع عليه فلا إشكال في بقاء حكمه (3)، سواء كانت إقامته بقصد التوطن أو المجاورة ولو بأزيد من سنتين. وأما إذا لم يكن مستطيعا ثم استطاع ] (1) إذ حينئذ - على المشهور - يكون من تبدل الحكم الفعلي، وهو أبعد من تبدل الحكم التقديري، للاشكال في جريان الاستصحاب فيه. لكن في شمول الاطلاق لا فرق. (2) هذا ضعيف، فانه خلاف إطلاق كلامهم، وإطلاق النصوص التي اعتمدوا عليها. (3) في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه نصا وفتوى، بل لعله إجماعي، بل قيل: إنه كذلك للاصل وغيره). لكن في المدارك: (وفى استفادة ذلك من الاخبار نظر)، وفى الحدائق: (وهو جيد، فان المفهوم من الاخبار المتقدمة هو انتقال حكمه من التمتع إلى قسيميه مطلقا، تجددت الاستطاعة أو كانت سابقة). وعلى هذا فما في الجواهر من قوله (ره): (فما في المدارك من التأمل فيه في غير محله). كأن الوجه فيه: ظهور الاجماع الذي ادعاه، لا النصوص، وإلا فهي كما ذكر في الحدائق - تبعا للمدارك - شاملة له ولغيره.
===============
( 169 )
[ بعد اقامته في مكة فلا اشكال في انقلاب فرضه إلى فرض المكي في الجملة. كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرد الاقامة (1). وإنما الكلام في الحد الذي به يتحقق الانقلاب، فالاقوى ما هو المشهور، من أنه بعد الدخول في السنة الثالثة (2). لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع): " من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له.... " (3)، وصحيحة عمر ابن يزيد عن الصادق (ع): " المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنتين، فإذا جاور سنتين كان قاطنا وليس له أن يتمتع " (4). وقيل: بأنه بعد الدخول في الثانية (5)، ] (1) في الجواهر: (لا خلاف - نصا وفتوى - في عدم انتقاله عن فرض النائي بمجرد المجاورة، وإن لم يكن قد وجب عليه سابقا، بل لعله اجماعي أيضا)، وفى المدارك: أنه لا ريب فيه. ويقتضيه إطلاق النصوص الآتية. (2) في الجواهر: (نسبه غير واحد إلى المشهور، وربما عزي إلى علمائنا عدا الشيخ...). (3) المتقدمة فيمن له منزلان (* 1). (4) رواها الشيخ عن موسى بن القاسم، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد. قال: (قال أبو عبد الله (ع): المجاور...) (* 2) ورجال السند كلهم ثقاة. (5) حكي هذا القول عن ظاهر الدروس، فان الشهيد فيها قال:
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
===============
( 170 )
[ لجملة من الاخبار وهو ضعيف، لضعفها باعراض المشهور عنها (1) ] (ولو أقام النائي بمكة سنتين انتقل فرضه إليها في الثالثة، كما في المبسوط والنهاية. ويظهر من أكثر الروايات: أنه في الثانية). وفى كشف اللثام - بعد حكاية ذلك - قال: (والامر كذلك، فقد سمعت خبري الحلبي وحماد عن الصادق (ع). وقال (ع) في خبر عبد الله بن سنان: (المجاور بمكة سنة يعمل عمل أهل مكة. (قال الراوي): يعني: يفرد الحج مع أهل مكة، وما كان دون السنة له أن يتمتع) (* 1). وقال الباقر (ع): في مرسل حريز: (من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي) (* 2). وقد أفتى بهذا الخبر الصدوق في المقنع). وأشار بخبري الحلبي وحماد إلى صحيح الحلبي، قال: (سألت أبا عبد الله (ع): لاهل مكة أن يتمتعوا؟ قال: لا. قال: قلت: فالقاطنين فيها؟ قال إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة، فإذا أقاموا شهرا فان لهم أن يتمتعوا) (* 3). والى خبر حماد قال: (سألت أبا عبد الله (ع): عن أهل مكة يتمتعون؟ قال (ع): ليس لهم متعة. قلت فالقاطن بها؟ قال: إذا أقام سنة أو سنتين صنع صنع أهل مكة. قلت: فان مكث الشهر؟ قال (ع): يتمتع) (* 4). (1) بل لا يظهر من الدروس العمل بها، فان قوله: (ويظهر من أكثر الروايات أنه في الثانية). إنما هو نقل ما في أكثر الروايات،
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 9 من ابواب أقسام الحج حديث: 7.
===============
( 171 )
[ مع أن القول الاول موافق للاصل (1). وأما القول بأنه بعد تمام ثلاث سنين (2)، ] وكذلك كشف اللثام. نعم قوله: (ولا يعارضها غيرها، لاحتمال صحيحتي زرارة وعمر بن يزيد الدخول في الثانية، ظاهر في العمل بها، وحمل غيرها على ما ذكر جمعا بينهما. وكيف كان فالنصوص المذكورة - بعد إعراض المشهور عنها - لا تصلح للاعتماد عليها. وأما ما ذكره في الكشف والجواهر: من الجمع بينها وبين النصوص السابقة - بأن يراد من الاقامة والمجاورة سنتين الدخول في الثانية - فبعيد. ومثله ما ذكر في كشف اللثام، من أنه يراد من سنتي الحج الزمان الذي يمكن فيه وقوع حجتين. كما يراد مثل ذلك في شهر الحيض. بل هو أبعد. ولو سلم أنه جمع عرفي فانما يرتكب بعد ثبوت الحجية، وقد عرفت أن الاعراض عن الثانية مسقط لها عن الحجية، ويتعين الرجوع إلى ظاهر الاخبار الاول، الموافق لفتوى المشهور. ومن ذلك يظهر ضعف ما في الجواهر من قوة القول المذكور وإن قل القائل به صريحا، بل لم يعثر عليه. انتهى. (1) يعني: أصالة عدم الانقلاب. لكنه تعليقي، بناء على أن محل الكلام صورة ما إذا حدثت الاستطاعة بعد المدة. وكان الاولى أن يقول: (موافق للعموم الدال على وجوب التمتع على الآفاقي). (2) هذا القول منسوب إلى الشيخ في المبسوط والنهاية. قال في الاول: (والمكي إذا انتقل إلى غيرها من البلدان ثم جاء متمتعا لم يسقط عنه الدم. وان كان من غيرها وانتقل إلى مكة، فان أقام بها ثلاث سنين فصاعدا كان من الحاضرين، وإن كان أقل من ذلك كان حكمه حكم أهل
===============
( 172 )
[ فلا دليل عليه إلا الاصل، المقطوع بما ذكر (1). مع أن للقول به غير محقق، لاحتمال إرجاعه إلى القول المشهور، بارادة الدخول في السنة الثالثة (2). وأما الاخبار الدالة على أنه بعد ستة أشهر، أو بعد خمسة أشهر (3)، ] بلده). وعبارته المحكية عن الثاني: (من جاور بمكة سنة أو سنتين جاز له أن يتمتع، فيخرج إلى الميقات ويحرم بالحج متمتعا. فان جاور بها ثلاث سنين لم يجز له التمتع وكان حكمه حكم أهل مكة). ودلالتهما على هذا القول ظاهرة. وفى كشف اللثام: (حكي هذا القول عن السرائر أيضا. قال فيها: من جاور بمكة سنة واحدة أو سنتين كان فرضه التمتع فيخرج إلى ميقات بلده ويحرم بالحج متمتعا. فان جاور بها ثلاث سنين لم يجز له التمتع وكان حكمه حكم أهل مكة وحاضريها، على ما جاءت به الاخبار المتواترة). وهي ظاهرة في هذا القول أيضا. (1) اعترف جماعة بعدم الوقوف على مستند هذا القول. (2) الحمل على ارادة الدخول في الثالثة - فيرجع إلى القول الاول - بعيد، وان كان ظاهر الدروس ذلك. بل في الجواهر: (إنه الظاهر بلا ريب فيه، لقوله أولا: (سنة أو سنتين)، وإلا لقال ثلاثا...). إذ فيه: أن الاقامة سنة أو سنتين يراد بها الاقامة في السنة التامة، والسنتين التامتين، فلو قال: (ثلاثا) كان المراد به الثلاث التامة، وهو مخالف للواقع في نظره. وليس المراد من السنتين: الدخول في الثانية، ليتوجه ذلك. (3) كصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع): (في المجاور بمكة يخرج إلى أهله ثم يرجع إلى مكة، بأي شئ يدخل؟ قال (ع): إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع، وإن كان أقل من
===============
( 173 )
[ فلا عامل بها (1). مع احتمال صدورها تقية (2)، وإمكان حملها على محامل أخر (3). والظاهر من الصحيحين: اختصاص ] سته اشهر فله أن يتمتع) (* 1)، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): (من أقام بمكة سنة فهو بمنزلة أهل مكة) (* 2)، وخبر الحسين بن عثمان وغيره، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (ع): (قال: من أقام بمكة خمسة أشهر فليس له أن يتمتع) (* 3). (1) يظهر ذلك من ملاحظة كلماتهم، ونقل الاقوال الصريحة والظاهرة. فانهم لم يذكروا قائلا بذلك، لا صريحا ولا ظاهرا. نعم في المدارك: ذكر إمكان الجمع بينها وبين غيرها، بالتخير بين السنة والستة أشهر. ولكنه احتمال وإمكان. مع أنه جمع بلا شاهد. (2) كما في كشف اللثام والجواهر وغيرهما. لكن لم يظهر أن ذلك مذهب المخالفين ليصح الحمل على التقية. اللهم إلا أن يقال: يكفي في الصدور للتقية ايقاع الخلاف بين الامامية، كما ذكره في الحدائق في هذا المقام. (3) مثل اعتبار مضي ذلك المقدار في إجراء حكم الوطن لمن قصد التوطن. وفى الجواهر عن كشف اللثام: الحمل على حكم ذي الوطنين بالنسبة إلى إقامة الستة أشهر أو الاقل أو الاكثر. وهذه المحامل لا موجب لارتكابها إلا من باب قاعدة: أن التأويل أولى من الطرح، التي لا دليل عليها. فالاولى إيكال المراد منها إلى قائلها، عليه أفضل الصلاة والسلام.
____________
(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
===============
( 174 )
[ الحكم بما إذا كانت الاقامة بقصد المجاورة، فلو كانت بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الاول (1). فما يظهر من بعضهم ] (1) توضيح ذلك: أنه لا ريب في أنه - مع التوطن، وقصد الاقامة - يصدق أنه من أهل مكة، وحاضري المسجد. وحينئذ فالنصوص الواردة هنا، إما أن تختص بالموطن، ويكون الحكم فيها: بأنه له أن يتميع إلى سنتين، تصرفا في قولهم (ع): (ليس لاهل مكة متعة) (* 1) والحكم بأنه - بعد السنتين - بحكم أهل مكة لا تصرف فيه. وإما أن تختص بغير المتوطن، ويكون الحكم فيها: بأنه لا متعة له إلى سنتين، على القاعدة. والحكم فيها: بأنه بحكم أهل مكه بعد سنتين تصرف في قولهم (ع): (ليس للنائي إلا أن يتمتع) (* 2). عكس الاول. وإما أن يعمهما معا، بأن يكون تصرفا في الحكمين معا في كل مما قبل السنتين وما بعدها ولاجل أن الظاهر من قوله (ع) في الصحيح الاول: (فهو من أهل مكه) (* 3)، وقوله (ع) في الصحيح الثاني: (وكان قاطنا) (* 4) أنه في مقام تنزيله منزلة أهل مكة، وأنه محط النظر والمحتاج إلى البيان، تكون الروايتان ظاهرتين في الثاني غير المتوطن. فان المتوطن إنما يحتاج إلى بيان حكمه فيما قبل السنتين، وفيه الخروج عن القاعدة، كما عرفت. هذا مضافا إلى الاشكال في عموم لفظ المجاور للمتوطن. ومن ذلك يظهر الاشكال
____________
(* 1)، (* 2) راجع الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج حديث: 1، 6 وغيرهما من أحاديث الباب. وقد تقدم بعض ذلك في أوائل الفصل. فراجع. (* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 2. وقد تقدم ذكر الرواية في المسألة الثالثة من هذا الفصل. (* 4) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 8. وقد تقدم ذكر الرواية في المسألة الثالثة من هذا الفصل.
===============
( 175 )
[ من كونها أعم (1) لا وجه له. ومن الغريب ما عن آخر، من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطن (2). ثم الظاهر أن في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضا، فيكفي في وجوب الحج الاستطاعة من مكة، ولا يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده (3). فلا وجه لما ] فيما ذكر في المدارك - تبعا لما في المسالك - بقوله: (وربما قيل: إن الحكم مخصوص بالمجاور بغير نية الاقامة، أما لو كان بنيتها انتقل فرضه من أول سنة. وإطلاق النص يدفعه). ومثله ما ذكره في الجواهر. وبالجملة: الظاهر من النصوص المذكورة أنها في مقام إلحاق المجاور بعد السنتين بأهل مكة، لا في مقام إلحاق المجاور قبل السنتين بالنائي، ولا في مقام الالحاقين معا. فلاحظ. (1) قد عرفت أنه صريح المدارك والجواهر. ونسبه - في الاول - إلى اطلاق النص، وكلام الاصحاب. (2) حكاه في الجواهر عن بعض الحواشي. وفى المسالك: أنه باطل مخالف للنص والاجماع... (3) قال في المسالك: (وهل ينتقل، فيلحقه حكم الاستطاعة من البلد كذلك؟ وجهان، أقربهما ذلك. خصوصا مع كون الاقامة بنية الدوام... (إلى أن قال): نعم لو قيل: إن الاستطاعة تنتقل - مع نية الدوام من ابتداء الاقامة - أمكن، لفقد النص النافي هنا. لكن يبعد حينئذ فرض انتقال الفرض بعد مضي سنتين مع عدم الاستطاعة، فان استطاعة مكة سهلة سريعة غالبا لا تتوقف على زمان طويل...).
===============
( 176 )
[ يظهر من صاحب الجواهر، من اعتبار استطاعة النائي في وجوبه. لعموم أدلتها. وأن الانقلاب إنما أوجب تغير نوع الحج، وأما الشرط فعلى ما عليه، فيعتبر بالنسبة إلى التمتع (1). ] (1) في الجواهر - بعد أن حكى عن بعضهم: أنه لا يشترط - في وجوب الحج عليه - الاستطاعة المشروطة له ولو إلى الرجوع إلى بلده، بل يكفي فيه استطاعة أهل مكة. لاطلاق الآية، وكثير من الاخبار.. إلى آخر ما حكاه - قال: (إلا أن الجميع كما ترى مع عدم قصد التوطن ضرورة انسباق إرادة نوع الحج خاصة من الجمع، فيبقى عموم أدلة استطاعة النائي بحاله...). أقول: النزاع المذكور لا يتضح له وجه محصل، لان الفرق بين الاستطاعة من البلد والاستطاعة من مكة - أو الموضع القريب - من وجهين أحدهما: من حيث الابتداء. وقد تقدم أنه لا يعتبر في الاستطاعة أن تكون من البلد، فلو سافر اختيارا أو قهرا إلى الميقات، فاستطاع هناك استطاعة شرعية منه إلى مكة ثم إلى الرجوع إلى بلده وجب عليه الحج الاسلامي، وإن لم تكن له استطاعة من البلد، إما لفقد المال أو لغيره. وكذا لا تكفي في وجوب حج الاسلام إذا كان مستطيعا من البلد غير مستطيع من مكانه، وثانيهما: من حيث الانتهاء. وقد تقدم أيضا أنه إذا كان منصرفا عن الرجوع إلى بلده لا يعتبر في وجوب حج الاسلام الاستطاعة إليه، بل تكفي الاستطاعة إلى الموضع الذي يقصد الاقامة فيه بعد رجوعه من الحج ولو كان قريبا إلى مكة، وأنه لا تكفي الاستطاعة إلى البلد إذا كان رجوعه إلى بلده ضررا عليه أو حرجا، بل لابد من الاستطاعة إلى ذلك المكان.
===============
( 177 )
[ هذا ولو حصلت الاستطاعة بعد الاقامة في مكة لكن قبل مضي السنتين، فالظاهر أنه كما لو حصلت في بلده، فيجب عليه التمتع ولو بقيت إلى السنة الثالثة أو أزيد. فالمدار على حصولها بعد الانقلاب (1). وأما المكي إذا خرج إلى سائر الامصار مقيما بها، فلا يلحقه حكمها في تعين التمتع عليه (2). لعدم الدليل، وبطلان القياس. إلا إذا كانت الاقامة فيها بقصد التوطن، وحصلت الاستطاعة بعده، فانه يتعين عليه التمتع بمقتضى القاعدة ولو في السنة الاولى (3). وأما إذا كانت بقصد المجاورة، أو كانت الاستطاعة حاصلة في مكة فلا (4). نعم الظاهر دخوله حينئذ في المسألة السابقة، فعلى القول بالتخيير فيها - كما عن ] وبالجملة: لا تعتبر الاستطاعة من البلد، ولا الاستطاعة إلى البلد، بل تكفي الاستطاعة إلى الحج وما يتعلق به مما لابد منه، سواء أكان مستطيعا من البلد وإليه أم لم يكن. (1) ينبغي أن يكون الكلام هو الكلام فيما كانت الاستطاعة قبل الاقامة لكن في ظهور الاجماع على عدم انتقال الفرض تأملا. (2) كما نص على ذلك في المدارك والجواهر وغيرها، معللا بما ذكر في المتن. (3) لصدق النائي، فيشمله عموم الحكم. وفى الجواهر: (كما هو واضح). (4) أما في الصورة الاولى فلصدق كونه من حاضري المسجد الحرام.
===============
( 178 )
[ المشهور - يتخير، وعلى قول ابن أبي عقيل يتعين عليه وظيفة المكي (1). (مسألة 4): المقيم في مكة إذا وجب عليه التمتع - كما إذا كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه - فالواجب عليه الخروج إلى الميقات لاجرام عمرة التمتع (2). واختلفوا في تعيين ميقاته على أقوال: أحدها: أنه مهل أرضه (3). ذهب إليه جماعة (4)، بل ربما يسند إلى المشهور - كما في الحدائق - لخبر سماعة عن أبي الحسن (ع): " سألته عن المجاور، أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال (ع): نعم، يخرج إلى مهل أرضه، فليلب إن شاء " (* 1). المعتضد بجملة من الاخبار الواردة في الجاهل والناسي الدالة على ذلك (* 2)، بدعوى: عدم خصوصية للجهل ] وأما في الثانية فلما سبق في نظيره في أول هذه المسألة. وقد عرفت دعوى ظهور الاجماع على كون العبرة بحال الاستطاعة. (1) هذا ينبغي أن يختص بالصورة الاولى. أما في الثانية فدخوله في تلك المسألة محل نظر، لاختصاصها بأهل مكة، فلا تشمل المقام. (2) بلا إشكال. (3) بضم الميم: اسم مكان الاهلال، على وزن اسم المفعول. (4) حكي عن الشيخ، وأبي الصلاح، وابن سعيد، والمحقق في النافع،
____________
(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت.
===============
( 179 )
[ والنسيان، وأن ذلك لكونه مقتضى حكم التمتع (1). وبالاخبار الواردة في توقيت المواقيت وتخصيص كل قطر بواحد منها أو من مر عليها (* 1)، بعد دعوى: أن الرجوع إلى الميقات غير المرور عليه (2). ثانيها: أنه أحد المواقيت المخصوصة مخيرا بينها. واليه ذهب جماعة أخرى (3). لجملة أخرى من الاخبار (4) ] والعلامة في جملة من كتبه. (1) هذا وما بعده ذكرهما في الحدائق، وجعلهما مما يمكن الاستدلال به على هذا القول. والاشكال عليهما ظاهر (2) فلا يتوهم أنه إذا رجع إلى ميقات غير ميقاته فقد عبر عليه، ويجوز له الاحرام منه، كما استدل به في الحدائق للقول الثاني. وهو متين. وسيأتي من المصنف (ره) الموافقة له. (3) منهم الشهيد في الدروس، والشهيد الثاني في المسالك والروضة. ولعل منهم كل من أطلق الاحرام من الميقات، كالمحقق في الشرائع وغيره. (4) منها مرسل حريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر (ع): (قال: من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي. وإن أراد أن يحج عن نفسه، أو أراد أن يعتمر - بعدما انصرف من عرفة - فليس له أن يحرم من مكة، ولكن يخرج إلى الوقت. وكلما حول رجع إلى الوقت) (* 2)، وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) الآتي: أنه قال: (من حج معتمرا في شوال وفى نيته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك. وإن أقام إلى الحج فهو
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 9.
===============
( 180 )
[ مؤيدة بأخبار المواقيت، بدعوى: عدم استفادة خصوصية كل بقطر معين (1). ثالثها: أنه أدنى الحل. نقل عن الحلبي، وتبعه بعض متأخري المتأخرين (2). لجملة ثالثة من الاخبار (3). ] يتمتع، لان أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فمن اعتمر فيهن وأقام إلى الحج فهي متعة، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة. وإذا اعتمر في شهر رمضان أو قبله وأقام إلى الحج فليس بمتمتع وأنما هو مجاور أفرد العمرة. فان هو أحب ان يتمتع - في أشهر الحج - بالعمره إلى الحج فليخرج منها حتى يتجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان فيدخل متمتعا بالعمرة إلى الحج. فان هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فليلب منها) (* 1)، وخبر اسحاق بن عبد الله: (سألت ابا الحسن (ع) عن المقيم بمكة، يجرد الحج أو يتمتع مرة أخرى؟ قال (ع): يتمتع احب إلي، وليكن إحرامه من مسيرة ليلة أو ليلتين) (* 2). (1) هذه الدعوة في محلها. لكن لا على نحو تشمل المقام، بل تختص الاخبار المذكورة بالنائي العابر على الميقات إلى مكة. (2) وفى المدارك: أنه يحتمل قويا، وعن الكفاية: أنه استحسنه، وعن الاردبيلي: أنه استظهره. (3) منها: صحيح الحلبي قال: (سألت أبا عبد الله (ع): لاهل مكة أن يتمتعوا؟ قال (ع): لا، ليس لاهل مكة أن يتمتعوا. قلت: والقاطنون بها؟
____________
(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب أقسام الحج حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج حديث: 20.
===============
( 181 )
[ والاحوط الاول (1)، وإن كان الاقوى الثاني، لعدم فهم الخصوصية من خبر سماعة (2)، ] قال: إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة. فان أقاموا شهرا فان لهم أن يتمتعوا. قلت: من أين؟ قال (ع): يخرجون من الحرم. قلت: من أين يهلون بالحج؟ قال (ع): من مكة نحوا مما يقول الناس) (* 1)، ورواية حماد: (سألت أبا عبد الله (ع) عن أهل مكة، أيتمتعون؟ قال (ع): ليس لهم متعة. قلت: فالقاطن بها؟ قال (ع): إذا أقام بها سنة أو سنتين صنع صنع أهل مكة. قلت: فان مكث شهرا؟ قال (ع): يتمتع. قلت: من أين؟ قال (ع): يخرج من الحرم) (* 2)، وصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع): (من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة، أو الحديبية أو ما أشبههما) (* 3). (1) لان فيه جمعا بين الاقوال. (2) وفيه: أنها دعوى مجردة عن الدليل. ومثله دعوى: عدم ظهور الجملة الخبرية في الوجوب. فان المحقق في محله أنها إذا وردت في مقام الطلب فهي ظاهرة في الوجوب واستشكل في الرياض في الخبر بضعف السند بالمعلى بن محمد البصري. وضعف الدلالة من جهة أن قوله (ع): (إن شاء) ظاهر في عدم الوجوب. لكن ضعف السند - لو تم - منجبر بالعمل. وقوله (ع): (إن شاء) ظاهر في أنه راجع إلى التمتع، لا إلى الخروج. لان الظاهر
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
===============
( 182 )
أن عدله: (وإن لم يشأ لم يخرج)، وذلك إنما يصح فيما يجوز فعله وتركه - وهو التمتع - لا فيما لا بد من فعله أو فعل غيره، كما في أحد أفراد الواجب، وهو الخروج. ولعله ظاهر بأقل تأمل. وعلى هذا يكون مقيدا لاطلاق المطلق من النصوص المستدل بها على القول الثاني، كمرسل حريز. لو تم حجة في نفسه، ولم يقدح في دلالته وروده في العمرة المفردة، التي لا إشكال في عدم لزوم الاحرام لها من الميقات. وأما موثق سماعة فالامر بالخروج فيه إلى ذات عرق أو عسفان لا بد من التصرف فيه، لعدم القائل به بالخصوص. فاما أن يحمل على أن ذكر عسفان وذات عرق من باب ذكر أحد أفراد الطبيعة المجزية. أو يحمل على أن المخاطب به كان من النائين الذين مهلهم ذات عرق أو عسفان. والثاني أقرب إلى الجمع العرفي. اللهم إلا أن يقال: عسفان ليست من المواقيت، لانها - كما قيل - على مرحلتين من مكة لمن قصد المدينة، بين مكة والجحفة. لكن على ذلك تكون الموثقة مخالفة للاجماع، فلا مجال للاعتماد عليها. وأما خبر اسحاق بن عبد الله: (من مسيرة ليلة أو ليلتين) فان أريد به ظاهره فمخالف للاجماع، وإن أريد به المواقيت المختلفة بالقرب والبعد فليس فيها ما هو مسيرة ليلة على ما ذكروه. فلاحظ كلماتهم في تعيين المواقيت. مع أنه كان اللازم أن يقال: أو ثلاث أو أكثر - على اختلاف المواقيت في المسافة - ولا وجه للاقتصار على الليلة والليلتين. على أن حملها على التقسيم حينئذ ممكن، جمعا بينها وبين خبر اسحاق - كما تقدم في الموثق - فتكون الليلة لمن كان ميقاته على مسيرة ليلة، والليلتان لمن كان ميقاته على مسيرة ليلتين، ومن كان ميقاته على أكثر من ذلك كان إحرامه منه.
===============
( 183 )
[ وأخبار الجاهل والناسي (1)، وأن ذكر المهل من باب أحد الافراد. ومنع خصوصية للمرور في الاخبار العامة الدالة على المواقيت. وأما أخبار القول الثالث - فمع ندرة العامل بها (2) - مقيدة بأخبار المواقيت (3). أو محمولة على صورة التعذر (4) ] (1) دعوى ذلك بلا قرينة، كما تقدم في خبر سماعة. ومثله ما بعده. (2) لما عرفت من أنه لم ينقل ذلك إلا عن الحلبي إلى زمان المحقق الاردبيلي فاستظهره: واستحسنه في الكفاية، ولم ينسب ذلك لغيرهم. (3) العمدة - في الاخبار المذكورة - هو الصحيحج. وجعله من قبيل المطلق - الصالح للتقيد بأخبار المواقيت - غير ظاهر، لاختلاف المورد - كما عرفت - فانها مختصة بأهل الآفاق، والصحيح مورده المقيم بمكة. نعم - بناء على ما عرفت من تمامية دلالة خبر سماعة الاول - يصلح لتقييد الصحيح، لاتحاد المورد. ومع ذلك هو بعيد، بل الجمع العرفي يقتضي الاخذ بظاهر الصحيح، وحمل الخبر على الاستحباب. (4) لا قرينة عليه، ولا الجمع العرفي يقتضيه. هذا والمتحصل مما ذكرنا: أن العمدة في القول الاول: خبر سماعة. ودلالته لا قصور فيها، وضعف سنده منجبر بالعمل، وما ذكر له من المعاضد غير ظاهر. وأن العمدة في القول الثاني: هو الاخبار، والمرسل منها - وإن كانت دلالته تامة - قاصر السند، والموثق - وإن كان معتبر الاسناد - قاصر الدلالة. وخبر اسحاق قاصر السند والدلالة. وأما القول الثالث فالعمدة فيه الصحيح فان لم يكن موهونا بالاعراض كان المتعين الاخذ به، وحمل خبر سماعة الاول على الاستحباب - كما هو الغالب في المتعارضين في الاقل والاكثر - وإن كان موهونا بالاعراض لم يصح الاعتماد عليه. لكن الاعراض غير
===============
( 184 )
[ ثم الظاهر أن ما ذكرنا حكم كل من كان في مكة وأراد الاتيان بالتمتع ولن مستحبا (1). هذا كله مع إمكان الرجوع إلى المواقيت، وأما إذا تعذر فيكفي الرجوع إلى أدنى الحل (2). بل الاحوط الرجوع إلى ما يتمكن من خارج الحرم مما هو دون الميقات. وإن لم ] ثابت، فرفع اليد عن الصحيح لا وجه له. (1) فان ظاهر أكثر النصوص، إما العموم، أو خصوص المستحب، وأما أهل مكة إذا أرادوا التمتع - استحبابا، أو وجوبا، بنذر أو نحوه - فمقتضى إطلاق ما دل على أن من كان منزله دون الميقات أحرم من منزله - بناء على عمومه لاهل مكة، كما سيأتي في الميقات السابع في مبحث المواقيت - أن يكون إحرامهم لعمرة التمتع من مكة. لكن الظاهر التسالم على خلافه. وقد يقتضي صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع): (من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر، أحرم من الجعرانة، أو الحديبية أو ما أشبههما قال: وإن رسول الله صلى الله عليه وآله اعتمر ثلاثا عمر متفرقات كلها من ذي القعدة...) (* 1): أن ميقاتهم أدنى الحل - بناء على عمومه لمطلق العمرة - كما هو الظاهر. ولا ينافيه قوله (ع): وإن رسول الله صلى الله عليه وآله...). لصحة الاستشهاد به وإن كان اعتماره صلى الله عليه وآله كان عمرة مفردة، كما سيأتي التعرض لذلك في آخر فصل المواقيت. (2) جعله في المدارك - وكذا ما بعده - مما قطع به الاصحاب. ويظهر من كلمات غيره أنه مفروغ عنه. وكأن الاحتياط - الذي ذكر في
____________
(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب المواقيت حديث: 1، 2.
===============
( 185 )
[ يتمكن من الخروج إلى أدنى الحل أحرم من موضعه. والاحوط الخروج إلى ما يتمكن.