[ فصل فيما يكره على الجنب وهي أمور: (الاول): الاكل والشرب (1) ويرتفع كراهتهما بالوضوء (2) أو غسل اليدين والمضمضة والاستنشاق (3) ] فصل فيما يكره على الجنب (1) إجماعا صريحا وظاهرا عن جماعة. وما عن الفقيه، والهداية - من التعبير ب " لا يجوز "، وعن المقنع من النهي - محمول على الكراهة، بقرينة ما حكي عنهما من التعليل بمخافة البرص، كالنهي في خبر السكوني المعلل بخوف الوضح (* 1)، وفي حديث المناهي المعلل بأنه يورث الفقر (* 2) وعلى الارشاد إلى ما يدفع الكراهة يحمل ما في مصحح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: " الجنب إذا أراد أن يأكل ويشرب غسل يده وتمضمض وغسل وجهه وأكل وشرب " (* 3)، وما في صحيح عبد الرحمن عن الصادق (ع): " أيأكل الجنب قبل أن يتوضأ؟ قال: (ع): إنا لنكسل ولكن ليغسل يده والوضوء أفضل " (* 4). (2) كما في صحيح الحلبي: " إذا كان الرجل جنبا لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ " (* 5)، وقد تقدم في صحيح عبد الرحمن " أنه الأفضل ". (3) كما في خبر السكوني (* 6)، لكن ترك فيه الاستنشاق. وكذا
____________
(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب الجنابة حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 3) الوسائل باب: 20 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 4) الوسائل باب: 20 من أبواب الجنابة حديث: 7 (* 5) الوسائل باب: 20 من أبواب الجنابة حديث: 4 (* 6) الوسائل باب: 20 من أبواب الجنابة حديث: 2
===============
( 64 )
[ أو غسل اليدين فقط (1)، (الثاني): قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن (2) ما عدا العزائم وقراءة ما زاد على السبعين ] في مصحح زرارة (* 1) بناء على حمل اليد فيه على اليدين معا، لكن ترك فيه الاستنشاق أيضا، وذكر فيه غسل الوجه. نعم يطابقه ما في الرضوي: " إذا أردت أن تأكل على جنابتك فاغسل يديك وتمضمض واستنشق ثم كل... " (* 2). (1) كما في مصحح عبد الرحمن (* 3)، بناء على ظهوره في مجموع اليدين كما هو غير بعيد. وحينئذ فيكون اختلاف النصوص محمولا على اختلاف مراتب الفضل فأدناها غسل اليدين فقط، وفوقها ذلك مع المضمضة، وفوقها ذلك مع غسل الوجه، وفوقها الوضوء. فتأمل. ولو بني على العمل برواية السكوني قام الاستنشاق مقام غسل الوجه. وكلمات الاصحاب في ذلك مضطربة جدا فراجعها. والامر سهل. (2) أما جواز القراءة في الجملة فعن جماعة الاجماع عليه، ويدل عليه النصوص المتقدمة في حرمة قراءة العزائم على الجنب وغيرها. وعن سلار التحريم، وكأنه لرواية السكوني: " سبعة لا يقرأون القرآن " (* 4) وعد منهم الجنب، وفي رواية الخدري: " من كان جنبا في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن فإني أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما " (* 5)، لكنهما لا يصلحان لمعارضة ما عرفت.
____________
(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 2) مستدرك الوسائل باب: 12 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب الجنابة حديث: 7 (* 4) الوسائل باب: 47 من أبواب قراءة القرآن حديث: 1 (* 5) الوسائل باب: 19 من أبواب الجنابة حديث: 3
===============
( 65 )
[ أشد كراهة (1). (الثالث): مس ما عدا خط المصحف من الجلد، والاوراق، والحواشي، وما بين السطور (2). ] وأما عدم الكراهة في السبعة فهو ظاهر الاصحاب، بل عن تخليص التلخيص الاجماع على انتفاء الكراهة فيما نقص عن السبع، ولعله أراد السبع فما نقص. لكن عن ابن سعيد في الجامع إطلاق الكراهة. ولعله في محله جمعا بين الروايتين السابقتين وغيرهما، بل عن الشيخ في مجالسة: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحجزه عن قراءة القرآن إلا الجنابة " (* 1). وأما جواز ما زاد على السبعة فهو المشهور شهرة عظيمة، وعن بعض المتقدمين التحريم وكذا عن ظاهر المهذب. وكأن مستنده دليل الكراهة عند المشهور من رواية سماعة: " عن الجنب هل يقرأ القرآن؟ قال (ع): ما بينه وبين سبع آيات " (* 2)، لكنه أيضا لا يصلح لمعارضة ما دل بظاهره على الجواز من النصوص المتقدمة، لا سيما مع قول الشيخ (ره): وفي رواية زرعة عن سماعة قال: " سبعين آية " (* 3)، لقرب دعوى كونها رواية واحدة مضطربة. لكن سيأتي أن اللازم حينئذ أيضا إجراء حكم المتعارضين الموجب للرجوع إلى الترجيح الذي هو مع الاولى، لكون راويها عثمان بن عيسى الذي هو أوثق من زرعة، ولا سيما مع احتمال كون الثانية مرسلة. ومن ذلك تعرف وجه المشهور من الكراهة. (1) بناء على أنه وجه الجمع بين روايتي سماعة، لكن عرفت قرب دعوى كونهما رواية واحدة. (2) كما هو المشهور شهرة عظيمة. نعم عن المرتضى المنع عن مس
____________
(1) مستدرك الوسائل باب: 11 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الجنابة حديث: 9 (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الجنابة حديث: 10
===============
( 66 )
[ (الرابع): النوم إلا أن يتوضأ (1) أو يتيمم - إن لم يكن له الماء - ] المصحف لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) (* 1) ولرواية ابراهيم ابن عبد الحميد المتقدمة (* 2)، لكن عرفت الاشكال في دلالة الآية. مضافا إلى ظهورها في رجوع الضمير إلى القرآن لا المصحف. وأما الرواية فمع ضعفها في نفسها، ووهنها بالاعراض، قاصرة الدلالة كما سبق. نعم في صحيح ابن مسلم: " الجنب والحائض " يفتحان المصحف من وراء الثياب " (* 3)، إلا أن إعراض المشهور عنه يمنع عن الاعتماد عليه، فليحمل على كونه أدبيا. (1) إجماعا صريحا وظاهرا عن جماعة، للنصوص الدالة عليه كموثق سماعة: " عن الرجل يجنب ثم يريد النوم؟ قال (ع): إن أحب أن يتوضأ فليفعل، والغسل أحب إلى وأفضل من ذلك، فإن هو نام ولم يغتسل فليس عليه شئ " وبمضمونه غيره. فما عن المهذب من التحريم ضعيف، إلا أن يكون المراد منه الكراهة. نعم قد يعطي الموثق المذكور - كصحيح البصري: " عن الرجل يواقع أهل أينام على ذلك؟ قال (ع): إن الله يتوفى الانفس في منامها، ولا يدري ما يطرقه من البلية، إذا فرغ فليغتسل " - خفة الكراهة. بالوضوء كما عن كشف اللثام، والرياض. نعم ظاهر الاصحاب - كصحيح الحلبي: " عن الرجل أينبغي له أن ينام وهو جنب؟ فقال (ع): يكره ذلك حتى يتوضأ " (6) -
____________
(1) الواقعة: 79 (* 2) تقدم الاستدلال بها في أول هذا الفصل (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الجنابة حديث: 7 (* 4) الوسائل باب: 25 من أبواب الجنابة حديث: 6 (* 5) الوسائل باب: 25 من أبواب الجنابة حديث: 4 (* 6) الوسائل باب: 25 من أبواب الجنابة حديث: 1
===============
( 67 )
[ بدلا عن الغسل (1). (الخامس): الخضاب (2) رجلا كان أو امرأة وكذا يكره للمختضب (3) قبل أن يأخذ اللون (4) ] ارتفاعها بالوضوء. اللهم إلا أن يحمل على الاول جمعا. (1) ففي خبر أبي بصير: " لا ينام المسلم وهو جنب، ولا ينام إلا على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد " (* 1) وحيث أن الظاهر من الطهور الغسل فالتيمم فيه بدل عنه. نعم لو لم يجد الماء للوضوء، أمكن القول بجواز التيمم بدلا عنه، لعموم بدليته عنه. (2) كما هو المشهور، ففي خبر عامر بن جذاعة: " لا تختضب الحائض ولا الجنب، ولا تجنب وعليها خضاب، ولا يجنب هو وعليه خضاب، ولا يختضب وهو جنب " (* 2)، وبمضمونه غيره المحمول على الكراهة جمعا بينه وبين ما دل على نفي البأس، كخبر أبي جميلة: " لا بأس بأن يختضب الجنب ويجنب المختضب " (* 3) ونحوه غيره. فما عن المهذب من التحريم ضعيف، أو محمول على الكراهة، كتعليل الكراهة في محكي المقنعة: من أنه يمنع من وصول الماء إلى ظاهر الجوارح التي عليها الخضاب، فإنه - مضافا إلى مخالفة النصوص - ممنوع، ولو تم اقتضى المنع وإجراء حكم الجبيرة حينئذ. (3) كما عن غير واحد، ودلت عليه النصوص. (4) ففي خبر أبي سعيد: " قلت: فيجنب وهو مختضب؟ قال عليه السلام: لا. ثم مكث قليلا ثم قال: يا أبا سعيد ألا أدلك على شئ تفعله؟ قلت: بلى. قال (ع): إذا اختضب بالحناء وأخذ الحناء مأخذ
____________
(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الجنابة حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب الجنابة حديث: 9 (* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب الجنابة حديث: 1
===============
( 68 )
[ إجناب نفسه. (السادس): التدهين (1). (السابع): الجماع إذا كانت جنابته بالاحتلام (2). (الثامن): حمل المصحف (3) (التاسع): تعليق المصحف: فصل غسل الجنابة مستحب نفسي (4) وواجب غيري للغايات الواجبة، ] وبلغ فحينئذ فجامع " (* 1) وبمضمونه مرسل الكليني (* 2)، ولعل مقتضى الحديث الاول خفة الكراهة بذلك. فتأمل. (1) لخبر حريز. " قلت لابي عبد الله (ع): الجنب يدهن ثم يغتسل؟ قال: (ع): لا " (* 3). فتأمل. (2) للمروي عن مجالس الصدوق وخصاله: " وكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم، حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى، فان فعل وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه " (* 4). (3) وليس له مستند ظاهر إلا فتوى جماعه، كما عن المعتبر. نعم قد يستفاد من النهي عن تعليقه في خبر إبراهيم (* 5) الذي هو مستند كراهة تعليقه. فصل (4) لا إشكال ظاهر في رجحان الغسل للكون على الطهارة، لعموم
____________
(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب الجنابة حديث: 4 (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 4) الوسائل باب: 70 من أبواب مقدمات النكاح حديث: 3 (* 5) الوسائل باب: 12 من أبواب الوضوء حديث: 3
===============
( 69 )
[ ومستحب غيري للغايات المستحبة. والقول بوجوبه النفسي (1). ] قوله تعالى: " ويحب المتطهرين " (* 1) والنبوى: " أكثر من الطهر يزد الله - تعالى - في عمرك، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فانك تكون - إذا مت على طهارة - شهيدا " (* 2). وما ورد في تغسيل الملائكة لحنظلة الانصاري حين استشهد (* 3). بل لا يبعد استحبابه لنفسه مع غض النظر عن الكون على الطهارة. لموثق سماعة، وصحيح البصري المتقدمين في نوم الجنب، بناء على استفادة الكلية منهما، ولكن الاستفادة محل تأمل، وإن كانت في الثاني غير بعيدة. وما في المروى في الاحتجاج في حديث الزنديق من قول الصادق (ع): " كانت المجوس لا تغتسل من الجنابة، والعرب كانت تغتسل، والاغتسال من خالص شرائع الحنفية " (* 4) وغير ذلك مما يتضمن الامر به. لكن لا يبعد أن يكون منصرف جميع ذالك الامر الغيري من جهة الكون على الطهارة، ولا سيما بملاحظة بعض النصوص، مثل خبر ابن سنان: " علة غسل الجنابة النظافة، لتطهير الانسان مما أصابه من أذاه... " (* 5)، ونحوه غيره. وقد تقدم في مبحث الوضوء عدم ظهور الثمرة العملية بين المفادين، فراجع. (1) حكي ذلك عن جماعة من الاساطين، كابن حمزة، والعلامة في المنتهي، والمختلف والتحرير، ووالده وولده، والاردبيلي، وغيرهم. لقوله
____________
(* 1) البقرة: 222 (2) الوسائل باب: 11 من أبواب الوضوء حديث: 3 (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب غسل الميت حديث: 2 ومستدرك الوسائل باب نوادر غسل الميت حديث: 2 و 3 (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب الجنابة حديث: 14 (* 5) الوسائل باب: 2 من أبواب الجنابة حديث: 1
===============
( 70 )
تعالى: " وان كنتم جنبا فاطهروا " (* 1) وقولهم (ع): " إذا التقى الختانان وجب الغسل " (* 2)، و: " أتوجبون عليه الحد والرجم ولا يوجبون عليه صاعا من ماء؟! " (* 3) و: " إنما الماء من الماء " (* 4) ونحوها. ولانه لو لم يجب لنفسه لم يجب قبل وقت المشروط به، والتالي باطل، لوجوب الغسل قبل الفجر في الصوم، فالمقدم مثله. ولخبر معاذ المروي عن محاسن البرقي عن الصادق (ع) " أنه سئل عن الدين الذي لا يقبل الله تعالى من العباد غيره ولا يعذرهم على جهله. فقال (ع): شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول صلى الله عليه وآله والصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان، والغسل من الجنابة، وحج البيت، والاقرار بما جاء من عند الله جملة، والائتمام بأئمة الحق من آل محمد صلى الله عليه وآله " (* 5) ولبعض ما تقدم دليلا على الاستحباب النفسي. هذا والمنسوب إلى ظاهر الاصحاب - كما عن التذكرة - وإلى إجماع المحققين من أصحابنا ومصنفي كتب الاصول - كما عن السرائر - وإلى فتوى الاصحاب - كما عن المحقق - وإلى الاكثر والشهرة - كما عن غيرهم - انتفاء الوجوب النفسي، وأنه إنما يجب شرطا في غيره، استضعافا لتلك الادلة. إذ الآية لو لم تكن ظاهرة في الوجوب الغيري - كما يشهد به سياقها، بل ينبغي أن يكون من المقطوع به، ولا سيما بملاحظة العلم بشرطيته للصلاة، فان حملها على الوجوب النفسي يوجب إهمال بيان وجوبه الغيري في مقام البيان -
____________
(* 1) المائدة: 6 (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الجنابة: 5 (* 4) كنز العمال ج 5 ص: 90 رقم: 1917. وهو قول الانصار في الحديث المتقدم (* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمة العباداب حديث: 38
===============
( 71 )
فلا أقل من إجمالها وعدم صلاحيتها للدلالة على الوجوب النفسي. وأما ما تضمن وجوبه عند تحقق سببه فالظاهر منه الارشاد إلى السببية كما يظهر من ملاحظة نظائره مما ورد في الحدث والخبث مما لا يحصى. فلا حظ أبواب منزوحات البئر، وأبواب النجاسات، وأبواب سائر الاغسال فانه لم يعرف القول بوجوبها النفسي، بل ظاهر بعض وصريح آخر نفي الخلاف في عدمه مع أنه ورد فيها التعبير بالوجوب، كما ورد في غسل الجنابة. ولذا حكي عن المحقق: أن إخراج غسل الجنابة من دون ذلك كله تحكم بارد. وعن البيان: أنه تحكم ظاهر. ووجوبه قبل وقت المشروط به لا يدل على الوجوب النفسي ونفي الوجوب الغيري، كما هو موضح في محله من الاصول والفقه. مع أن لازم وجوبه النفسي حينئذ حصول العصيان بالاضافة إلى وجوبه النفسي دون وجوب غيره المشروط به، ولا يظن التزام القائل به بذلك. وأن القائل بوجوبه النفسي لا يلتزم به مضيقا، ولا دليل له عليه. وأن ذلك جار بعينه في غسل الحيض مع عدم الالتزام بوجوبه النفسي. بل هو جار في كثير من المقدمات التي يتعين فعلها قبل وقت ذيها. وخبر معاذ ضعيف لا يمكن الاعتماد عليه في ذلك، ولا سيما بملاحظة إهماله لكثير من الواجبات المهمة. مع أنه وارد في مقام الاهمال فلا يظهر منه الوجوب النفسي ولا ينافي الوجوب الغيري. نعم ذكره في عرض الواجبات النفسية يشعر بالوجوب النفسي، لكنه لا يبلغ حد الظهور. وموثق سماعة صريح في الاستحباب. وصحيح عبد الرحمن يتعين حمله عليه للاجماع على عدم وجوب الغسل حين الفراغ، وإن كان المراد منه الغسل قبل النوم. إلا أن يكون محل الاستشهاد به على الوجوب استدلال الامام (ع) بالآية، فان الظاهر أن
===============
( 72 )
[ ضعيف. ولا يجب فيه قصد الوجوب والندب (1) بل لو قصد الخلاف لا يبطل إذا كان مع الجهل، بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع (2) وتحقق منه قصد القربة، فلو كان قبل الوقت واعتقد دخوله فقصد الوجوب لا يكون باطلا (3)، وكذا العكس ومع الشك في دخوله يكفي الاتيان به بقصد القربة للاستحباب النفسي، أو بقصد إحدي غاياته المندوبة، أو بقصد ما في الواقع من الامر الوجوبي أو الندبي. والواجب فيه بعد النية (4) ] المراد من الاستدلال بها تضيق الواجب عند خوف الموت. لكنه يشكل أيضا بأن التضيق المذكور كما يكون للواجب يكون للمندوب فلا يدل على أحدهما. هذا مضافا إلى صحيح الكاهلي أو حسنه: " عن المرأة يجامعها الرجل فتحيض وهي في المغتسل فتغتسل أم لا؟ قال (ع): قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل " (* 1) فان ظاهره أن غسل الجنابة إنما يكون للصلاة فلا يجب إذا لم تجب. هذا وقد أتعب نفسه الزكية شيخنا في الجواهر في تزييف أدلة القول بالوجوب النفسي، فراجعه. (1) كما تقدم في شرائط الوضوء. (2) قد تقدم في شرائط الوضوء أن مجرد التشريع في مقام الامتثال لا يقدح في التقرب ما لم يرجع إلى التشريع في ذات الامر الباعث له على الفعل، الموجب لفوات قصد القربة. (3) ما ذكره واضح، ولا سيما بملاحظة ما تقدم في شرائط الوضوء. (4) يعني: المعتبرة في العبادات، لانه عبادة إجماعا، فلابد من
____________
(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الجنابة حديث: 1
===============
( 73 )
[ غسل ظاهر تمام البدن (1) ] وقوعه على وجه قربي. وقد تقدم في ذلك المقام بيان ماله دخل في ذلك. فراجع. (1) إجماعا صريحا، كما في الخلاف، والتذكرة، والذكرى، والمدارك وظاهرا، كما عن غيرها. ويدل عليه ما ورد في تحريك السوار، والدملج أو نزعهما ليدخل الماء تحتهما (* 1) وما ورد في وجوب إعادة الماء على ما تركه من بعض ذراعه أو جسده واللمعة في ظهره (* 2)، وأن من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار (* 3)، بناء على أن المراد مقدار شعرة من بدنه. وما في صحيح زرارة: " ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك " (* 4) وما في صحيح البزنطي: " ثم أفض على رأسك وسائر جسدك " (* 5) إلى غير ذلك مما هو ظاهر أو صريح في وجوب الاستيعاب. نعم عن المحقق الخونساري: أنه لا يبعد القول بعدم الاعتداد ببقاء شئ يسير لا يخل عرفا بغسل جميع البدن إما مطلقا أو مع النسيان، لصحيح ابراهيم بن أبي محمود: " قلت للرضا (ع): الرجل يجنب فيصيب جسده ورأسه الخلوق والطيب والشئ اللكد والظرب (* 6) وما أشبهه فيغتسل، فإذا فرغ وجد شيئا قد بقي في جسده من أثر الخلوق والطيب وغيره؟ قال (ع): لا بأس به " (* 7). لو لم يكن إجماع على خلافه.
____________
(1) الوسائل باب: 41 من أبواب الوضوء (* 2) الوسائل باب: 41 من أبواب الجنابة (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 4) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 5) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 16 (* 6) ظرف به كفرح لصق به - قاموس - (* 7) الوسائل باب: 30 من أبواب الجنابة: حديث 1
===============
( 74 )
[ دون البواطن منه (1)، فلا يجب غسل باطن العين، والانف والاذن، والفم، ونحوها، ولا يجب غسل الشعر (2) ] لكن الاولى أن لا يجتزئ عليه. انتهى. لكن الصحيح المذكور غير صريح في الحائل فيمكن حمله على صورة الشك، كحسن الحسين بن أبي العلاء المتقدم في الشك في الوضوء بعد الفراغ (* 1). وأضعف دلالة من الصحيح خبر السكوني: " كن نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا اغتسلن من الجنابة يبقين صفرة الطيب على أجسادهن " (* 2) لقرب حمله على اللون الذي لا يذهب بالدلك. ومثل ذلك يقال في موثق عمار (* 3) أيضا الذي هو نحوه. بلا خلاف، كما في الحدائق، وحكاه عن المنتهى أيضا. ويشهد به ما تضمن الاجتزاء بالارتماس (* 4)، وفي مرسل الواسطي: " قلت لابي عبد الله (ع): الجنب يتمضمض ويستنشق؟ قال (ع): لا إنما يجنب الظاهر " (* 5) وفي رواية العلل زيادة: " ولا يجنب الباطن والفم من الباطل " (* 6) وفي مرسل العلل: " لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن " (* 7) وقد تقدم في الوضوء ماله نفع في المقام. (2) بلا خلاف، كما عن المنتهى وكشف اللثام، وعن المعتبر والذكرى نسبته إلى الاصحاب. ويشهد له ما في روايتي غياث ومحمد الحلبي: " لا تنقض
____________
(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب الوضوء حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 31 من أبواب الجنابة حديث: 3 (* 4) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5 و 12 و 13 و 15 (* 5) الوسائل باب: 24 من أبواب الجنابة حديث: 6 (* 6) الوسائل باب: 24 من أبواب الجنابة حديث: 7 * (7) الوسائل باب: 24 من أبواب الجنابة حديث: 8
===============
( 75 )
المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة " (* 1). اللهم إلا أن يقال: عدم نقض الشعر أعم من عدم وجوب غسله لامكان غسله مع عدم نقضه، كما يشهد به موثق عمار: " عن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل ولم تنقض شعرها كم يجزئها من الماء؟ قال عليه السلام: مثل الذي يشرب شعرها " (* 2) بل وحسن الكاهلي: " قلت لابي عبد الله (ع): إن النساء اليوم أحدثن مشطا: تعمد إحداهن إلى القرامل من الصوف تفعله الماشطة تصنعه مع الشعر ثم تحشوه بالرياحين ثم تجعل عليه خرقة رقيقة ثم تخيطه بمسلة ثم تجعلها في رأسها، ثم تصيبها الجنابة؟ فقال (ع): كان النساء الاول إنما يمتشطن المقاديم فإذا أصابهن الغسل تعذر. مرها أن تروي رأسها من الماء تعصره حتى يروى فإذا روي فلا بأس عليها... " (* 3). وحينئذ فما دل على وجوب غسله تبعا مما تضمن وجوب غسل الرأس محكم، ولا سيما بملاحظة صحيح حجر بن زائدة عن الصادق (ع): " من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار " (* 4) وحمله على مقدار شعرة من البشرة خلاف الظاهر. ولاجل ذلك مال إلى الحكم بوجوب غسله في الحدائق، حاكيا له عن الحبل المتين وبعض مشايخه. ولكن الانصاف أن ظاهر ذيل حسن الكاهلي الاكتفاء بري الرأس فقط، وأن وجوب عصر الرأس بما عليه من الشعر مقدمة لري الرأس، بقرينة ما فرض في صدره من إحكام إبرام الشعر، فانه يمتنع عادة نفوذ الماء فيه على نحو يستوعب سطوح كل شعرة شعرة، لعدم نفوذ الماء في
____________
(* 1) الوسائل باب: 38 من أبواب الجنابة حديث: 3 و 4 (* 2) الوسائل باب: 38 من أبواب الجنابة حديث: 6 (* 3) الوسائل باب: 38 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 4) الوسائل باب: 38 من أبواب الجنابة حديث: 7
===============
( 76 )
[ مثل اللحية (1) بل يجب غسل ما تحته من البشرة (2). ] الشعر كما ينفذ في اللبد. ومن هذا يظهر وجه الاستدلال على العدم بما دل على عدم وجوب نقض الشعر. وحينئذ يمكن الخروج بذلك عما دل على وجوب غسله بالتبعية لو تم في نفسه. وأما موثق عمار فيمكن حمله على كون شرب الشعر مقدمة لري الرأس، بأن يكون مجموعا على الرأس. وحينئذ يتعين حمل صحيح حجر على ما عرفت، ولا سيما مع تعارف التعبير بذلك عنه، ومن ذلك يظهر وجه الامر بالمبالغة في الماء في صحيحي محمد وجميل، قال الباقر (ع) في أولهما: " حدثتني سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وآله قالت: كانت أشعار نساء رسول الله صلى الله عليه وآله قرون رؤوسهن مقدم رؤوسهن، فكان يكفيهن من الماء شئ قليل، فاما النساء الآن فقد ينبغي لهن أن يبالغن في الماء " (* 1) وقريب منه ما في الثاني (* 2). وبالجملة: التأمل في مجموع النصوص يعطي الجزم بصحة ما تسالم عليه الاصحاب من عدم وجوب غسل الشعر. وما عن المقنعة من وجوب نقض الشعر مخالف لصريح النصوص فلا مجال له، ولا يؤبه به في منع الاجماع. ولذلك حمله الشيخ في محكي التهذيب على ما إذا لم يصل الماء إلى أصوله إلا بعد حله. (1) النصوص تقصر عن الدلالة على نفي غسلها، فالعمدة في الخروج عما دل على وجوب غسلها تبعا - لو تم - منحصر بالاجماع. (2) بلا خلاف كما في الحدائق، وعن المدارك: أنه مذهب الاصحاب بل إجماعا، كما عن الغنية، ومجمع الفائدة، وكشف اللثام، وغيرها،
____________
(* 1) الوسائل باب: 38 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 38 من أبواب الجنابة حديث: 2
===============
( 77 )
[ ولا يجزئ غسله عن غسلها. نعم يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءا من البدن مع البشرة (1) والثقبة التي في الاذن أو الانف للحلقة ان كانت ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها (2)، وإن كانت واسعة بحيث تعد من الظاهر وجب غسلها. وله كيفيتان: الاولى: الترتيب، وهو أن يغسل الرأس والرقبة أولا ثم الطرف الايمن من البدن، ثم الطرف الايسر (3)، ] لحسن الكاهلي المتقدم (* 1) مع أنه مقتضى ما دل على وجوب غسل الرأس والجسد كله. نعم تأمل في مجمع الفائدة، لما دل على إجزاء الغرفتين أو الثلاث، للظن بأن هذا المقدار لا يصل إلى ما تحت الشعر، ولا سيما إذا كان كثيفا أو كثيرا. انتهى. لكن الظن لا يغني بعد ما عرفت. وأما الصحيح: " كل ما أحاط به الشعر... " (* 2) فقد عرفت في مبحث غسل اليد من الوضوء اختصاصه بشعر الوجه. فراجع. (1) لقصور النص والاجماع عن شمولها، فيكون ما دل على وجوب غسلها بالتبعية محكما. (2) لكونها من الباطن. وما عن المحقق الثاني من وجوبه غير ظاهر الوجه، إلا أن يكون مراده خصوص الفرض الآتي. (3) هذا تضمن حكمين: أحدهما: وجوب استيعاب البدن وتقدم وجهه، وثانيهما: وجوب الترتيب بين الاعضاء الثلاثة، وسيأتي الكلام فيه.
____________
(* 1) ص: 75 (* 2) الوسائل باب: 46 من أبواب الوضوء حديث: 2 و 3
===============
( 78 )
[ والاحوط أن يغسل النصف (1) الايمن من الرقبة ثانيا مع الايمن والنصف الايسر مع الايسر، والسرة والعورة يغسل نصفهما ] (1) فان المشهور وان كان هو غسل الرقبة مع الرأس، لتصريح جماعة كثيرة به، وظاهر آخرين، حيث جعلوا الاعضاء الثلاثة الرأس والجانبين الايمن والايسر، فان الظاهر منهم إلحاق الرقبة بالرأس، بل لم يعرف الخلاف في ذلك بين القدماء والمتأخرين وأكثر متأخريهم، وهو الذي يقتضيه ظاهر ما في صحيح زرارة: " ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف، ثم صب على رأسه ثلاث أكف، ثم صب على منكبه الايمن مرتين، وعلى منكبه الايسر مرتين " (* 1). إلا أنه استشكل فيه جماعة - كالخراساني في الذخيرة، وصاحب رياض المسائل، والشيخ عبد الله البحراني - لفقد صريح النص في ذلك. وعدم دخول الرقبة في مفهوم الرأس. وإشعار خبر أبي بصير: " وتصب الماء على رأسك ثلاث مرات، وتغسل وجهك وتفيض الماء على جسدك " (* 2) بعدم دخول الوجه في الرأس، فضلا عن دخول الرقبة فيه، وحينئذ تلحق بالجانبين. ولاجل ذلك كان الاحوط الجمع بينهما خروجا عن شبهة الخلاف. لكنها ضعيفة، لكفاية ظهور الصحيح المتقدم في وجوب غسلها مع الرأس، ولا يتوقف على وجود صريح النص به، ولا على دخولها في مفهوم الرأس عرفا. وخبر أبي بصير لا يصلح حجة على شئ، لان وجوب غسل الوجه مع الرأس مما لا كلام فيه من بالرقبة فقط.
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 9
===============
( 79 )
[ الايمن مع الايمن، ونصفهما الايسر مع الايسر (1)، والاولى أن يغسل تمامهما مع كل من الطرفين (2). والترتيب المذكور شرط واقعي (3)، فلو عكس - ولو جهلا أو سهوا - بطل ] (1) كما لعله ظاهر الاصحاب وصرح به بعض، ويقتضيه إطلاق النصوص. (2) أخذ باحتمال التنصيف، وكونهما عضوا مستقلا، وكونهما من الايمن، وكونهما من الايسر. (3) أما بين الرأس والجانبين فهو إجماع صريحا أو ظاهرا، حكاه جماعة كثيرة من القدماء والمتأخرين ومتأخريهم، ويقتضيه عطف المنكبين على الرأس ب " ثم " في صحيح زرارة السابق (* 1)، ونحوه صحيح محمد ابن مسلم (* 2)، وموثق سماعة (* 3)، وبها يقيد إطلاق جملة أخرى، كما في صحيح زرارة: " ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدمك (* 4) " ونحوه غيره. اللهم إلا أن يقال: المطلقات آبية عن التقييد، فان مثل صحيح زرارة: " سألت أبا عبد الله (ع) عن غسل الجنابة فقال (ع): تبدأ فتغسل كفيك، ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ومرافقك، ثم تمضمض واستنشق، ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك. ليس قبله وضوء. وكل شئ أمسسته الماء فقد أنقيته. ولو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وان لم يدلك جسده " (* 5) -
____________
(* 1) ص: 78 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 8 (* 4) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 5) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5
===============
( 80 )
مع كون السؤال فيه عن غسل الجنابة - قد تعرض فيه لذكر أمور كثيرة خارجة عنه، وبعضها مستحب، ولم يتعرض فيه للترتيب بين الاعضاء، فيأبى جدا عن التقييد به، ولا سيما مع اشتمال المقيدات على ما لا يقول بوجوبه المشهور، مثل الترتيب بين غسل الكفين، والفرج، وغسل الرأس وصب الماء على الرأس ثلاثا، وغير ذلك، فلاحظها، فان ذلك مما يوهن حملها على الوجوب جدا، فيكون حمل النصوص المتقدمة على الاستحباب أو غيره أولى من تقييد المطلقات. اللهم إلا أن يقال: الترتيب بين الرأس والجانبين إن لم يكن واجبا فهو مستحب فاهماله في الصحيح المذكور لابد أن يكون لنكتة، ولعلها من جهة أن السؤال لم يكن عن كيفية غسل الجنابة وإنما كان عما يتعلق به، وحينئذ لا يكون الاهمال دالا على عدم الوجوب. وقد استدل على الترتيب في المقام بمصحح زرارة عن أبي عبد الله (ع): " من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل " (* 1) بضميمة عدم الفصل بين عدم جواز تقديم الجانبين ووجوب تأخيرهما. وفيه أن ظاهر قوله (ع): " ثم بدا له " أن ترك غسل الرأس أولا كان عمدا، ولعل البطلان من جهة التشريع المنافي لقصد الامتثال المعتبر في الغسل لا لفوات الترتيب. اللهم إلا أن يقال: إن الحمل على العمد بعيد جدا، لبعد وقوع العمد من المسلم الذي هو في مقام التقرب. وأما أمر الصادق (ع) الجارية التي أصاب منها في طريق مكة بغسل الرأس أولا - كما في صحيح ابن مسلم (* 2) - فلا يدل على الوجوب، لانه
____________
(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب الجنابة حديث: 1
===============
( 81 )
ليس في مقام التشريع. مع أنه معارض بصحيح هشام بن سالم المتضمن لامرها بغسل الجسد قبل الرأس (* 1). اللهم إلا أن يقال: المظنون قويا أن الثاني وهم، كما جزم به الشيخ (ره)، كما يظهر من ملاحظة الواقعة المحكية، وكون راوي المضمون الاول هشام عن محمد بن مسلم. نعم في رواية حريز. " وابدأ بالرأس ثم أفض الماء على سائر جسدك " (* 2)، لكنها غير مسندة إلى المعصوم (ع). نعم عن الذكرى أنه رواها الصدوق في مدينة العلم مسندة عن الصادق (ع) ولا يحضرني السند، فلاحظ. اللهم إلا أن يقال: رواية الشيخ (ره) للرواية، ورواية رجال السند - وفيهم الاجلاء وبعضهم من أصحاب الاجماع - شهادة منهم بأنها عن المعصوم. وكيف كان فالعمدة في الترتيب المذكور هو الاجماع، إذ لم ينسب الخلاف فيه إلا إلى الصدوقين وابن الجنيد، والنسبة إلى الاولين محل تأمل أو منع، وخلاف الاخير غير قادح. وأما الترتيب بين الجانبين فعليه الاجماعات السابقة، وعن جماعة دعوى الاجماع على عدم الفصل في الترتيب بين الرأس والجانبين وفيما بينهما وعن الانتصار والذكرى: الاجماع على عدم الفصل بين الترتيب في الوضوء وبينه في أعضاء الغسل. وهو العمدة فيه إن تم، والا فالنصوص خالية عن الاشارة إليه، فضلا عن الدلالة عليه، لان ما تقدم مما دل على الترتيب بين الرأس والجانبين خال عنه. ظاهر في نفيه، فضلا عن ظهور المطلقات في نفيه، بل في موثق سماعة: " ثم ليصب على رأسه ثلاث مرات مل ء
____________
(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الجنابة حديث: 4 (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب الجنابة حديث: 2
===============
( 82 )
[ ولا يجب البدأ بالاعلى (1) ] كفيه، ثم يضرب بكف من ماء على صدره، وكف بين كتفيه، ثم يفيض الماء على جسده كله " (* 1). نعم قد يستدل عليه بما دل على الترتيب بين الجانبين في غسل الاموات بضميمة ما دل على أن غسل الاموات غسل الجنابة. وفيه أن ما دل على أنه غسل جنابة، إن كان المراد منه أنه غسل جنابة تنزيلا فمقتضاه ترتيب أحكام غسل الجنابة عليه لا ترتيب أحكامه على غسل الجنابة، وإن كان المراد انه غسل جنابة حقيقة فوجوب الترتيب فيه لا يوجب التعدي منه إلى المقام، لامكان الفرق بين جنابة الحي والميت، ولذا لا يتوهم التعدي في غير الترتيب من الاحكام المختصة به كالسدر والكافور وغيرهما. وأضعف من ذلك ما يقال: من أنه لو كان غسل الميت كيفيته مخالفة لغسل الجنابة لوجب في كل مقام أمر فيه بالغسل الاستفصال عن أنه كغسل الجنابة أو غسل الاموات. إذ فيه أن غسل الاموات ليس من سنخ سائر الاغسال، لانه غسل الانسان غيره، فلا موجب لتوهم حملها عليه دون غسل الجنابة. ولاجل ذلك مال إلى النفي جماعة كالبهائي، والمجلسي، وأصحاب المدارك، والذخيرة، والوافي، وغيرهم، بل نسب إلى ظاهر جماعة من القدماء: منهم الصدوقان. والاحتياط سبيل النجاة. (1) كما هو المشهور، بل ظاهر محكي المهذب البارع الاجماع عليه، فانه - بعد ما حكى عن الحلبي الوجوب - قال: " وهو متروك ". لكن حكي أيضا عن ظاهر الغنية والاشارة والسرائر، وكأنه للامر بالصب على
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 8
===============
( 83 )
[ في كل عضو، ولا الاعلى فالاعلى (1) ولا الموالاة العرفية بمعني التتابع، ولا بمعنى عدم الجفاف، فلو غسل رأسه ورقبته في أول النهار، والايمن في وسطه، والايسر في آخره صح (2) ] المنكب الايمن مرتين، وعلى المنكب الايسر مرتين في مصحح زرارة (* 1) ولما في صحيحه من قول الصادق (ع): " ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك " (* 2) لكن الاول - مع أن الامر فيه للاستحباب، بقرينة قوله (ع): " مرتين " إذ لا ريب في كون التعدد المذكور من الآداب، وأنه لا يدل على ذلك في الرأس، لاطلاق الامر بالصب عليه، فيه وفي بقية النصوص - لا يصلح لتقييد المطلق، لقرب احتمال إرادة تمام الجانب من المنكب فيه، بل لعله أولى من حمله على معناه، والالتزام بالطي في العبارة. مضافا إلى أن المنكب ليس هو أعلى الجانب بل بعض أعلاه. فتأمل جيدا. وقد عرفت الاشكال في صلاحية مثل هذا المصحح لتقييد المطلقات بالترتيب بين الاعضاء فضلا عن اعتبار الاعلى. وأما الصحيح فالظاهر من الظرف فيه كونه مستقرا قيدا للجسد، لكون التعبير المذكور جاريا مجرى الامثال لبيان الاستيعاب، وإلا فالقرن ليس هو أعلى الرأس بل جانبه. (1) يظهر وجهه مما سبق. مضافا إلى ما يأتي في الجزء المنسي. لكنه مختص بالنسيان. (2) بلا خلاف ظاهر، بل عن صريح جماعة وظاهر آخرين: الاجماع عليه، للاطلاقات. ولما ورد في قصة أم اسماعيل (* 3)، ولرواية
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب الجنابة حديث: 1
===============
( 84 )
[ وكذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد (1): ولو تذكر بعد الغسل ترك جزء من أحد الاعضاء رجع وغسل ذلك الجزء (2)، فان كان في الايسر كفاه ذلك، وإن كان في الرأس أو الايمن وجب غسل الباقي على الترتيب (3). ] إبراهيم اليماني عن أبي عبد الله (ع): " ان عليا (ع) لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصلاة " (* 1) ونحوها ما عن المدارك عن عرض المجالس للصدوق عن الصادق (ع) (* 2)، ولرواية حريز (* 3) فانها بعد الحكم فيها بجواز غسل اللاحق وإن جف السابق: " قلت: وان كان بعض يوم؟ قال (ع): نعم ". (1) للاطلاق. (2) كما تقتضيه الادلة الاولية. مضافا إلى مصحح زرارة: " قلت له: رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة؟ فقال (ع): إذا شك وكانت به بلة وهو في صلاته مسح بها عليه، وإن كان استيقن رجع فاعاد عليهما ما لم يصب بلة... " (4). (3) وظاهر الاصحاب التسالم عليه، كما تقتضيه أدلة الترتيب. ولا ينافيها ترك الاستفصال في مصحح زرارة السابق، لان السؤال كان فيه من حيث وجوب الاعادة على المتروك وعدمه، لا من هذه الحيثية، فلا مجال لرفع اليد به عن أدلة الترتيب على تقدير تماميتها.
____________
(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب الجنابة حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب الجنابة حديث: 4 (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب الجنابة حديث: 2 (* 4) الوسائل باب: 41 من ابواب الجنابة حديث: 2
===============
( 85 )
[ ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات (1) مع مراعاة الترتيب. الثانية: الارتماس (2) وهو غمس تمام البدن في الماء دفعة واحدة عرفية (3)، ] (1) عملا بالعلم الاجمالي. (2) إجماعا، كما عن جماعة كثيرة، للنصوص، كما في صحيح زرارة عن الصادق (ع): " ولو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وان لم يدلك جسده " (* 1) وفي رواية الحلبي: " إذا اغتمس الرجل في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله " (* 2) ونحوهما غيرهما وعدم ذكر الارتماس في الغنية لا يدل على الخلاف فيه. مع أنه لا يهم بعد ما عرفت. (3) كما هو المشهور، وفي الحدائق نسبته إلى كلام الاصحاب، وكأن لوجه فيه وصف الارتماس في النصوص بالوحدة، وبقرينة ذكر الارتماس في قبال الترتيب تحمل الوحدة على الارتماسة غير المجزأة على أعضاء الغسل على النحو المتعارف، فيكون المراد من الواحدة غير المجزأة، وإذ أن الوحدة الحقيقية غير معقولة، فلا بد أن تحمل على العرفية بحيث يكون الارتماس غير مجزء في نظر العرف. وفي الحدائق اختار جواز التأني بنحو ينافي الدفعة العرفية، واحتمله في محكي كشف اللثام، وعن كشف الغطاء الميل إليه، وعلله في الاول بأن التأمل في الاخبار يقضي بان المراد بالارتماسة الواحدة ما يقابل الارتماسات المتعددة، لاجل رمس كل عضو على حدة
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 15
===============
( 86 )
[ واللازم أن يكون تمام البدن تحت الماء في آن واحد (1) وإن كان غمسه على التدريج (2)، فلو خرج بعض بدنه قبل أن ينغمس البعض الآخر لم يكف (3) كما إذا خرجت رجله، أو دخلت في الطين (4) قبل أن يدخل رأسه في الماء، أو بالعكس، بأن خرج رأسه من الماء قبل أن تدخل رجله. ولا يلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء بل لو كان بعضه خارجا فارتمس كفى (5) ] أو لاجل رمس المجموع ارتماسات متعددة. أقول: من الواضح أن معنى الواحدة ما يقابل المتعددة لا ما يرادف الدفعة، وبقرينة المقابلة تحمل الوحدة على ما يقابل التعدد الوارد على الاعضاء الثلاثة، المعتبر في الغسل الترتيبي، فمفاد النصوص حينئذ نفي اعتبار ذلك التعدد وأين هو من اعتبار الدفعة؟!، وسيأتي في المسألة الرابعة ماله تعلق بالمقام. فانتظر. (1) كما يقتضيه ظاهر الارتماس والانغماس المذكورين في النصوص والفتاوى. (2) يعني: لافي آن واحد، فلا ينافي ما تقدم في المتن من اعتبار الدفعة العرفية. (3) بلا خلاف ظاهر. نعم قد يوهم الخلاف الآتي - فيما لو خرج وفي بدنه لمعة - الخلاف في المقام، لكنه ليس في محله، إذ الخلاف هناك مبني على صدق الارتماس، وإلا فلا إشكال في البطلان. فلاحظ. (4) دخول الرجل في الطين لا ينافي صدق الارتماس وكونه تحت الماء وإنما ينافي صدق استيلاء الماء على تمام بدنه في آن واحد، فحينئذ يجري الكلام الآتي في اللمعة فيها. فانتظر. (5) كما نسب إلى المعروف. وعن الكفاية وغيرها العدم. وهو في
===============
( 87 )
[ بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل وحرك بدنه (1) كفى على الاقوى (2). ] محله، بناء على ما يظهر مما نسب إلى المشهور من انحصار الغسل الترتيبي في الوجه الاول من الوجهين الآتيين في المسألة الرابعة، إذ لو لم يخرج لم يقع أول الارتماس بعنوان العبادة فلا يصح. أما بناء على جواز وقوعه على الوجه الثاني فلا موجب للخروج. فانتظر لما سيأتي في المسألة المذكورة. (1) في وجوب التحريك تأمل، لما عرفت سابقا من عدم دخول الجريان في مفهوم الغسل، بل تمام مفهومه استيلاء الماء على المحل بنحو يوجب النظافة ودعوى اعتباره في المقام - لاجل النصوص الخاصة به، مثل: " ما جرى عليه الماء فقد طهر " (* 1) أو: " فقد أجزأه " (* 2) - خلاف ظاهرهم من الاكتفاء بمجرد تحقق الغسل كما لا يخفى، ولا سيما وقد ورد أيضا: " كل شئ أمسسته الماء فقد انقيته " (* 3). ويعضده ظاهر نصوص الارتماس، لخلوها عن ذكر التحريك. ومثلها دعوى أن ظاهر اوامر الغسل كون المأمور به فعلا وجوديا، فإذا كان في داخل الماء ونوى الغسل ولم يتحرك لم يتحقق منه فعل وجودي غير النية، فلزوم التحرك لاجل تحقيق هذا المعنى. وجه الاندفاع: أن المكث في داخل الماء حال النية أيضا فعل وجودي صادر منه باختياره. (2) ولعله المشهور، بل عن مقتصر ابن فهد ومعتمد النراقي الاجماع عليه، وفي المستند: " الظاهر اعتبار خروج الرأس والرقبة، بل الاحوط خروج بعض آخر حتى يصدق عرفا أنه ارتمس بعد ما لم يكن كذلك،
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5
===============
( 88 )
[ ولو تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت الاعادة (1) ] فانه هو الظاهر المتبادر من الحديث "، وفيه منع الظهور المذكور، والتبادر بدائي لا يعول عليه في رفع اليد عن الاطلاق. مع أنه لو سلم ظهور الدليل في خصوص الحدوث فلا وجه لاعتبار خروج خصوص الرأس والرقبة، بل يكفي خروج أي جزء كان. وكيف كان فما عن الكفاية والغنائم وغيرهما من التأمل في ذلك ضعيف. (1) كما في المنتهى، وحكاه عن والده، ونسب إلى الدروس، والذكرى، والبيان، لظهور النصوص في اعتبار غسل تمام البدن في حال الارتماس. وفي القواعد اجتزأ بغسل الجزء مطلقا، واختاره في المستند معللا له بترك الاستفصال المفيد للعموم في صحيح زرارة المتقدم في من ترك بعض ذراعه أو جسده (* 1)، وعلله في محكي المنتهى بسقوط الترتيب في حقه بالارتماس فيجزئه الغسل، لقول الصادق (ع): " فما جرى عليه الماء فقد أجزاه " (* 2) وفي الاول: أن ظاهر قول السائل في الصحيح: " ترك بعض ذراعه أو بعض جسده " الغسل الترتيبي، ولا سيما وكونه الشائع المتعارف في تلك الازمنة، فلا يصلح للتصرف في ظهور نصوص الارتماسي الذي عرفته. وفي الثاني: بأن سقوط الترتيب إنما يكون في الارتماسي الحاصل معه غسل تمام البدن لا مطلقا. وقيل إنه يجري عليه حكم الغسل الترتيبي، فيغسله فقط إن كان في الايسر، ويغسله ويعيد على الايسر إن كان في الايمن. وهذا القول مبني على كون الارتماسي بحكم الترتيبي، كما عن بعض أصحابنا، ورتبوا عليه
____________
(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 2
===============
( 89 )
[ ولا يكفي غسل ذلك الجزء فقط ويجب تخليل الشعر إذا شك في وصول الماء إلى البشرة التي تحته (1)، ولا فرق في كيفية الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة وغيره من سائر الاغسال الواجبة والمندوبة (2) نعم في غسل الجنابة لا يجب الوضوء، بل لا يشرع، بخلاف سائر الاغسال ] الثمرة في المقام وفيما لو نذر الغسل الترتيبي أو حلف عليه وأنه يجزئه الارتماس. وفيه أنه لم يتضح له معنى محصل، فضلا عن دلالة النصوص عليه، كيف؟ وقد عرفت أن ظاهر نصوص الارتماس لزوم استيلاء الماء على تمام البدن فكيف يكون مفادها صحة الغسل مع بقاء لمعة وجواز غسلها بعد الارتماس؟ وقيل بالاكتفاء بغسله مع قصر الزمان ووجوب الاعادة مع طوله، نسب إلى ظاهر المحقق الثاني وغيره، وكأنه لصدق الارتماس في الاول وعدمه في الثاني، وفيه ما عرفت. وربما بترائى من الجواهر ابتناؤه على عدم اعتبار الدفعة. ولكنه كما ترى. فلاحظ. (1) لقاعدة الاحتياط. (2) وعن الحدائق: أنه ظاهر الاصحاب، بل عن الذكرى: " أنه لم يفرق أحد في ذلك بين غسل الجنابة وغيره ". ويشهد به ظهور كلماتهم في كون الارتماسي أحد نوعي الغسل من الجنابة، وأن غسل غير الجنابة كغسل الجنابة في الكيفية. كما أن ظاهر قول الصادق (ع) في مصحح الحلبي: " أجزأه ذلك من غسله " (* 1) أنه أحد فردي الغسل، لا أنه شئ آخر يكفي عن الغسل. وإطلاق الامر بالغسل في سائر المقامات يقتضي حمله على ما ذكر في الجنابة من مشروعية كل من فرديه. فالتوقف
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 15
===============
( 90 )
[ كما سيأتي إن شاء الله (1). (مسألة 1): الغسل الترتيبي أفضل من الارتماسي (2). (مسألة 2): قد يتعين الارتماسي كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي (3)، وقد يتعين الترتيبي كما في يوم الصوم الواجب (4) وحال الاحرام، وكذا إذا كان الماء للغير ولم يرض بالارتماس فيه. (مسألة 3): يجوز في الترتيبي أن يغسل كل عضو من ] في ذلك - كما ربما يترائى من محكي عبارة المنتهى - ضعيف. (1) ويأتي وجهه. (2) نسبه في الحدائق إلى بعض محدثي متأخري المتأخرين، وتبعه كثير ممن عاصرناه أو قارب عصرنا. ويدل عليه الامر به في نصوص الكيفية، المحمول على الاستحباب جمعا بينه وبين مادل على إجزاء الارتماسي. (3) فان الترتيبي حينئذ وإن لم يخرج عن المقدمية لرفع الجنابة لكنه يخرج عن المقدمية الفعلية للموقت، وتنحصر المقدمة الفعلية بالارتماسي، فيجب وجوبا غيريا تعيينيا عند العقل. (4) فان الارتماسي وإن لم يخرج عن المقدمية لرفع الحدث، ولا للغايات الموقوفة عليه، لكنه لاجل وجوب الجمع بين غرضي الشارع الاقدس، من تحريم الافطار بالارتماس ووجوب الغايات الموقوفة على الغسل، ينحصر الوجوب الغيري بالترتيبي، بل يكون الارتماسي حراما يمتنع التقرب به، فيبطل لوجئ به. وكذا الحال في الغسل حال الاحرام، فانه يحرم على المحرم تغطية الرأس ولو بالماء فيجري فيه ما ذكرناه. ومنه يظهر الوجه أيضا في الفرض الاخير.
===============
( 91 )
[ أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس (1)، بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرات - مرة بقصد غسل الرأس، ومرة بقصد غسل الايمن، ومرة بقصد الايسر - كفى. وكذا لو حرك بدنه تحت الماء (2) ] (1) كما هو ظاهر كل من عبر بالغسل، بل لعل ظاهرهم الاتفاق عليه، فان المحكي عن عبارة جماعة من القدماء وإن كان قد اشتمل على الامر بالصب ونحوه لكن عبارة كثير خالية عنه، ومع ذلك لم يتوهم الخلاف منهم في ذلك، فدل على أن مراد الجميع واحد وهو مطلق الغسل، ويكون التعبير بالصب ونحوه في كلمات الجماعة جريا على عبارة النصوص كما هو عادتهم. وكيف كان ففي المستند: انه لا ينبغي الريب في اعتبار الصب في الترتيبي، اعتمادا منه على النصوص البيانية المشتملة على الامر بالصب ونحوه وفيه: أن الظاهر أن الوجه في التعبير بذلك كونه الطريق المتعارف في الغسل، لا أقل من حمله على ذلك بقرينة قولهم (ع): " ما جرى عليه الماء فقد طهر " (* 1) أو. " فقد أجزأه " (* 2) أو: " كل شئ أمسسته الماء فقد أنقيته " (* 3) فان ظاهر الجميع كون المعيار هو غسل البشرة. ويؤيد ذلك ورود الامر بالصب في النصوص البيانية للوضوء (* 4) مع ما عرفت من إطلاق الغسل في الكتاب والسنة، ودعوى ظهور الاجماع على كفاية الارتماس فيه. فتأمل جيدا. (2) قد عرفت الاشكال في وجوب التحريك. ثم إن المصحح للفروض
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب الجنابة حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5 (* 4) الوسائل باب: 15 من أبواب الوضوء
===============
( 92 )
[ ثلاث مرات، أو قصد بالارتماس غسل الرأس وحرك بدنه تحت الماء بقصد الايمن وخرج بقصد الايسر. ويجوز غسل واحد من الاعضاء بالارتماس والبقية بالترتيب، بل يجوز غسل بعض كل عضو بالارتماس وبعضه الآخر بامرار اليد. (مسألة 4): الغسل الارتماسي يتصور على وجهين (1) (أحدهما): أن يقصد الغسل بأول جزء دخل في الماء وهكذا إلى الآخر فيكون حاصلا على وجه التدريج (والثاني): أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه، وحينئذ يكون آنيا. وكلاهما صحيح، ويختلف باعتبار القصد، ولو لم يقصد أحد ] المذكورة باجمعها تحقق الغسل الذي عرفت أنه موضوع الحكم. (1) قد ذكر في الجواهر وغيرهما أن في المراد من الارتماس الذي يترتب عليه رفع الحدث والطهارة ويجب وقوعه على نحو العبادة وجوها بل أقوالا: أحدها: أنه استيلاء الماء على جميع أجزاء البدن في آن واحد حقيقة، وعن المحقق الثاني نسبته إلى بعض الطلبة، وفي مفتاح الكرامة: انه يتوهم من عبارة الشهيد في الالفية. ثانيها أنه غمس الاعضاء متواليا بحيث يتحد عرفا، فيكون أوله غمس أول جزء من البدن، وآخره غمس آخر الاجزاء، وهو المنسوب إلى المشهور. ثالثها: أنه نفس غمس الاعضاء المتدرج ولو في آنات متعددة بحيث لا تصدق معه الدفعة، وهو الذي احتمله كاشف اللثام، واختاره في الحدائق. رابعها: أنه التغطية والكتمان المقارن لانغماس آخر أجزاء البدن، فيكون أوله أول التغطية المذكورة وآخره انغسال آخر جزء في تلك التغطية فيكون
===============
( 93 )
تدريجا لا آنيا، وهذا هو الذي اختاره في الجواهر. فعلى الاول يمتنع فرض وقوع الحدث في أثنائه، كما يمتنع أيضا وقوعه من ذي الشعر الكثيف ونحوه مما يمنع من وصول الماء إلى البشرة بغير التخليل لانه ينافي كونه آني الحصول. وكأنه لاجل ذلك جعله المحقق الثاني في شرح الالفية مخالفا لاجماع المسلمين، وفي محكي جامع المقاصد: " أهون من أن يتصدى لرده، لانه لا يعلم قولا لاحد من معتبري الاصحاب، ولا يتوهم دلالة شئ من أصول المذهب عليه "، وقريب منه كلام غيره نعم إنما يتوجه الاشكال على هذا القائل لو كان غرضه انحصار الغسل الارتماسي بالآني، أما لو كان مراده صدقه عليه في الجملة - وحينئذ تجب مقارنة النية له، بناء على اعتبار مقارنتها للعمل - فلا يتوجه الاشكال عليه بوجه وليس حاله إلا حال أول كل عمل تدريجي فانه آني، ولابد من مقارنة النية له عندهم. وأما الثاني المنسوب إلى المشهور فان أريد ظاهره من انحصار الارتماسي به، فيتوجه عليه أنه مناف لما ذكروه من إمكان تحقق الغسل الارتماسي ممن كان تمام بدنه تحت الماء، كما تقدم نقل الاجماع عليه عن المقتصر والمعتمد، وممن كان بعضه في الماء من دون أن يخرج منه، كما نسب إلى المعروف، فان الغسل على الحالين المذكورين مخالف له على هذا الوجه، كما هو ظاهر. ومن هنا يظهر أن مقتضى الجمع بين كلماتهم هو أن مرادهم أن الغسل الارتماسي يتحقق باحد الانحاء الثلاثة المذكورة ولا يختص بهذا الوجه. كما أن معنى الدفعة العرفية على هذا الوجه واضح، وهو توالي غمس الاعضاء بنحو يكون غمس مجموعها في زمان واحد عرفا، كما أنه على النحو الاول من النحوين الآخرين عبارة عن توالي غمس المقدار الخارج من الماء، أما على النحو الثاني منهما
===============
( 94 )
فلابد أن يكون معنى الدفعة توالي غمس الاعضاء تحت الماء. لكن إقامة الدليل على اعتبار الدفعة بهذا المعنى في النحو المذكور صعب جدا، إذ الجنب ما دام تحت الماء يصدق أنه مرتمس ارتماسة واحدة ولو طال زمان تخليل شعره الكثيف وإزالة الحواجب. هذا وفي صدق الارتماس الغسلي على غمس الاجزاء المتدرج إشكال لان الظاهر من الارتماس كون تمام البدن تحت الماء في زمان واحد حقيقة ولاجل ذلك امتنع تحققه برمس بعض البدن ثم إخراجه ورمس الباقي كما تقدم، مع أنه يصدق رمس تمام البدن ولو تدريجا. فرمس البدن ليس من قبيل غسل البدن ليكون من الوجود التدريجي يحصل برمس أول جزء وينتهي برمس آخر جزء، كما يحصل غسل البدن بغسل أول جزء وينتهي بغسل آخر جزء، بل المراد منه معنى لا يحصل إلا برمس تمام الاجزاء المعبر عنه بالارتماس تارة، والانغماس أخرى، فحينئذ يمتنع صدقه على رمس أول جزء، فإذا رمس أعضاءه تدريجا كان ذلك الرمس خارجا عن الغسل إلى أن يرتمس بتمامه، فيكون رمس ما قبل الجزء الاخير في حال رمس الاخير هو الغسل لا ما قبله، فلابد أن ينوي التقرب ببقاء ما قبل الاخير مرموسا لا بحدوث رمسه. فيتعين الوجه الاخير الذي اختاره في الجواهر، وحينئذ قد يكون آنيا كما إذا تحقق استيلاء الماء على البشرة بمجرد الارتماس، وقد يكون تدريجيا كما إذا توقف الاستيلاء المذكور على التخليل ونحوه كرفع القدم عن الارض ليستولي الماء على باطنها، فيكون أوله أول الارتماس وآخره مقارنا لانغسال تمام الاجزاء بالتخليل وغيره، إذ بعد خروج ارتماس ما قبل الجزء الاخير عن الغسل لا مجال لاعتبار الدفعة فيه، إذ لا يقتضيه النص. نعم يمكن اعتبار الدفعة بمعنى آخر ذكرناه آنفا
===============
( 95 )
[ الوجهين صح أيضا وانصرف إلى التدريجي (1). (مسألة 5): يشترط في كل عضو أن يكون طاهرا حين غسله (2) فلو كان نجسا طهره أولا، ولا يكفي غسل واحد لرفع الخبث والحدث، كما مر في الوضوء ولا يلزم طهارة ] كما ذكرنا أيضا أن إقامة الدليل عليه صعب جدا. ومما ذكرنا يظهر أن المرتمس لا يجب عليه رفع الحواجب في آن واحد، بل لو اتفق أنه حين رفع الحاجب عن عضو حدث حاجب في عضو آخر كفى في صحة ارتماسه، لان العضو الذي حدث فيه الحاجب كان قد وصل إليه الماء فلا يضر حدوث الحاجب عليه. (1) لانه أسبق وجودا فينطبق عليه المأمور به. (2) هذا أحد الاقوال في المسألة، وقد تقدم في شرائط الوضوء الاشارة إليها. والعمدة في دليل القول المذكور وجهان: الاول: أصالة عدم التداخل المبرهن عليها في الاصول. وثانيهما: أن الماء ينفعل بملاقاة العضو النجس فيمتنع رفع الحدث به، كما تقدم في المياه، وستأتي الاشارة إليه. لكن كلا الوجهين لا يصلحان لاثباته، أما الاول فلان مقتضاه عدم الاكتفاء بغسل واحد للحدث والخبث لا شرطية رفع الخبث في صحة الغسل لرفع الحدث. فان قلت: يعلم من مذاق الشارع أن رفع الخبث يكون بمجرد الغسل مطلقا، فمقتضى أصالة عدم التداخل وجوب غسل آخر لرفع الحدث. قلت: لا دليل على أصالة عدم التداخل حينئذ، لان الموجب لعدم التداخل ظهور تعدد الشرط في تعدد الجزاء، فإذا بني على رفع اليد عن
===============
( 96 )
[ جميع الاعضاء قبل الشروع في الغسل وإن كان أحوط (1). ] هذا الظهور بالنسبة إلى الخبث - وأنه يتحقق ولو بالغسل لرفع الحدث - فلا مانع من الاخذ باطلاق الاجزاء بالنسبة إلى الحدث، فيكتفى في رفعه بمجرد الغسل وإن ترتب عليه رفع الخبث. وأما الثاني فلا يقتضي اعتبار طهارة العضو في صحة غسله زائدا على اعتبار طهارة الماء. مع أنه مبني على نجاسة الغسالة أو عدم جواز رفع الحدث بالماء المستعمل في رفع الخبث وإن كان طاهرأ. وأنه لا يطرد في الغسل بالكثير المعتصم ولا في الجزء الاخير الذي ينفصل عنه الماء إلى خارج البدن، ولاجل ذلك فصل بعض بين الغسل في الكثير والجزء الاخير وبين غيرهما، ولاجل ما ذكرنا ذكر في محكي المبسوط: أنه إن كان على بدنه نجاسة أزالها ثم اغتسل فان خالف واغتسل أولا فقد ارتفع حدث الجنابة، وعليه أن يزيل النجاسة إن كانت لم تزل بالغسل، وإن زالت بالاغتسال فقد أجزأ عن غسلها " انتهى. نعم ظاهر صدر كلامه وجوب الازالة تعبدا قبل الشروع في الغسل. ولا وجه له ظاهر إلا النصوص المتضمنة للامر بغسل الاذى، كصحيح حكم بن حكيم: " ثم اغسل ما أصاب جسدك من أذى ثم اغسل فرجك وأفض على رأسك... " (* 1) ورواية يعقوب بن يقطين: " ثم يغسل ما أصابه من أذى، ثم يصب على رأسه... " (* 2)، وصحيح البزنطى، " ثم اغسل ما أصابك منه، ثم أفض... " (* 3) لكن لو تمت دلالتها على الوجوب تعين حملها على الوجوب الغيري - وإلا كان الاقرب حملها على الاستحباب، كما عليه سيرة الفقهاء في أمثال المقام - لا الوجوب التعبدي. (1) بل ظاهر القواعد وجوبه، وكذا عن الحلبي، وابني حمزة،
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 7 (* 2) الوسائل باب 34 من أبواب الجنابة حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 34 من أبواب الجنابة حديث: 3
===============
( 97 )
[ (مسألة 6): يجب اليقين بوصول الماء إلى جميع الاعضاء (1) فلو كان حائل وجب رفعه، ويجب اليقين بزواله مع سبق وجوده، ومع عدم سبق وجوده يكفي الاطمئنان بعدمه بعد الفحص (2)، (مسألة 7): إذا شك في شئ أنه من الظاهر أو الباطن يجب غسله، على خلاف ما مر في غسل النجاسات (3) حيث ] وزهرة، وسلار والهداية، بل عن الثاني دعوى الاجماع عليه، وعن الا خبر: أنه من دين الامامية وعن شرح المفاتيح: أنه الظاهر من فتاوى الاصحاب. للاخبار المتقدمة وغيرها مما تضمن الامر بغسل الفرج، بناء على ظهورها في غسله من النجاسة. لكن عن الحلي عد ذلك من الآداب والسنن بغير خلاف، وعن كشف اللثام أنه من باب الاولى قطعا، ونحوه ما عن جامع المقاصد. وحينئذ فالنصوص المذكورة لا تقوى على إثبات الوجوب لذلك، ولاشتمالها على كثير من السنن والآداب، وقرب دعوى كون الامر بالغسل إرشاديا إلى إيجاد الغسل بنحو أسهل. مضافا إلى ما في صحيح حكم بن حكيم: " فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك أن لا تغسل رجليك، وإن كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك... " (* 1)، فانه ظاهر في صحة الغسل في حال نجاسة الرجلين لملاقاتهما للموضع. والتفكيك بين النجاسة السابقة فيشترط التطهير منها، والطارئة في الاثناء فلا يشترط ذلك بعيد جدا. (1) لقاعدة الاشتغال فيه وفيما يأتي. (2) تقدم الكلام فيه في غسل الوجه فراجع. (3) قد مر في العاشر من المطهرات ذكر وجهين في المسألة: تنجس
____________
(* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب الجنابة حديث: 1
===============
( 98 )
[ قلنا بعدم وجوب غسله. والفرق أن هناك الشك يرجع إلى الشك في تنجسه بخلافه هنا، حبث أن التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ (1). نعم لو كان ذلك الشئ باطنا سابقا وشك في أنه صار ظاهرا أم لا فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله عملا بالاستصحاب (2). ] الباطن بملاقاة النجاسة وعدمه. ومال في المتن إلى الثاني. فمع الشك يرجع إلى أصالة الطهارة. وذكرنا هناك بعض الكلام في ذلك فراجع. (1) مجرد العلم بالتكليف بالغسل غير كاف في وجوب الاحتياط، لتردده بين الاقل والاكثر، والتحقيق فيه الرجوع إلى البراءة، بل الموجب له هو العلم بالتكليف بالطهارة التي هي الاثر الحاصل من الغسل، كما يقتضيه قوله تعالى: (وان كنتم جنبا فاطهروا) (* 1) فيرجع الشك في المقام إلى الشك في المحصل الذي هو مجرى قاعدة الاشتغال. وقد ذكرنا في أوائل الوضوء بعض الكلام في ذلك. فراجع. (2) لكن استصحاب عدم الوجوب لا يثبت حصول الطهارة بغسل ما عداه إلابناء على القول بالاصل المثبت، وإنما الذي يصلح لذلك هو استصحاب حصول الطهارة على تقدير غسل ما عداه، لكنه من الاستصحاب التعليقي، وحجيته محل إشكال ذكرناه في محله. وأما استصحاب كونه باطنا فلا يجري إذا كان الشك بنحو الشبهة المفهومية، كما أشرنا إلى ذلك مرارا. وإذا كان بنحو الشبهة الموضوعية فحاله حال استصحاب عدم الوجوب لا يجدي في إثبات الطهارة إلا على القول بالاصل المثبت. وقد تقدم في المسألة الخامسة عشرة من أوائل مباحث الوضوء الكلام في ذلك أيضا.
____________
(* 1) المائدة: 6
===============
( 99 )
[ (مسألة 8): ما مر من أنه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي إنما هو فيما عدا غسل المستحاضة، والمسلوس، والمبطون فانه يجب فيه المبادرة إليه وإلى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث (1). (مسألة 9): يجوز الغسل تحت المطر وتحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا (2). نعم إذا كان نهر كبير جاريا من فوق على نحو الميزاب لا يبعد جواز الارتماس تحته أيضا إذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء. ] (1) يظهر من هذا التعليل أن محل الكلام في هذه المسألة صورة وجود الفترة التي يمكن إيقاع الصلاة فيها على طهارة، أما إذا لم تكن فترة كذلك فلا موجب للمبادرة، لطرو الحدث على كل حال ولو مع المبادرة. اللهم إلا أن يستفاد وجوب المبادرة في المستحاضة مما دل على لزوم الجمع بين الصلاتين فيها. (2) أما جوازه ترتيبا فلا خلاف فيه، كما في المستند وغيره، وتقتضيه النصوص البيانية، إذ قد عرفت خصوصية الصب على البدن مما لا دخل لها. مضافا إلى النصوص الآتية، إذ الترتيبي هو القدر المتيقن منها وأما المنع عن الارتماس فهو المحكي عن الحلي والمحقق في المعتبر وغيرهما، لعدم الدليل عليه، وضعف ما يستدل به لقول بجوازه - كما عن الشيخ والعلامة والشهيدين وغيرهم - من الاصل وصدق الارتماس. وإطلاق مثل: " ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدمك " (* 1) ونحوه. وما في صحيح ابن جعفر (ع): " عن الرجل تصيبه الجنابة ولا يقدر على
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 5
===============
( 100 )
الماء فيصيبه المطر، أيجزئه ذلك أو عليه التيمم؟ فقال (ع): إن غسله أجزأه وإلا تيمم " (* 1) وخبره الآخر: " عن الرجل يجنب هل يجزئه من غسل الجنابة أن يقوم المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ فقال (ع): إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك " (* 2) ومرسل ابن أبي حمزة: " في رجل أصابته جنابة فقام في المطر حتى سال على جسده، أيجزئه ذلك من الغسل؟ قال (ع): نعم " (* 3) إذ الاصل لا مجال له مع الدليل على الترتيب. وصدق الارتماس ممتنع. والاطلاق مقيد بما دل على الترتيب كما في غير المطر. والنصوص المذكورة لا إطلاق لها، لورودها في مقام إلحاق المطر بسائر المياه ورفع توهم المنع عنه. ولو سلم فهو مقيد بما في خبر ابن جعفر (ع): " إن كان يغسله اغتساله... " (* 4). فتأمل. بل وبأدلة الترتيب أيضا. ولا ينافي ذلك أن بينهما عموما من وجه، لان ظهورها في اعتبار الترتيب أقوى من ظهور هذه النصوص في نفيه. نعم لو سلم التساوي في الظهور يكون المرجع إطلاق النصوص الخالية عن التعرض للترتيب. ثم إنه لو سلم وفاء النصوص بسقوط الترتيب في المطر فلا وجه للتعدي منه إلى غيره كالميزاب والاناء والمجرى ونحوها، كما عن الشيخ والعلامة. وإلغاء خصوصية المطر عرفا غير ثابتة. نعم لا يبعد إلحاق النهر الكبير - كما ذكر في المتن - لصدق الارتماس فيه، فيستفاد حكمه من نصوص الارتماس. وانصراف غيره منها بدائي لا يمنع من العمل باطلاقها.
____________
(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 11 (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 10 (* 3) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 14 (* 4) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 10
===============
( 101 )
[ (مسألة 10): يجوز العدول عن الترتيب إلى الارتماس في الاثناء (1)، وبالعكس، لكن بمعني رفع اليد عنه والاستئناف على النحو الآخر. (مسألة 11): إذا كان حوض أقل من الكر يجوز الاغتسال فيه بالارتماس (2) مع طهارة البدن، لكن بعده يكون من المستعمل في رفع الحدث الاكبر (3) ] هذا كله بناء على استفادة الترتيب من الادلة اللفظية، أما لو انحصر الدليل بالاجماع فالحكم بسقوط الترتيب في المطر وما أشبهه في محله، لخروجه عن متيقن معقد الاجماع، فيرجع فيه إلى الاطلاق المتضمن لغسل تمام البدن من دون تعرض للترتيب. اللهم إلا أن يكون الخلاف ناشئا عن شبهة بحيث لا ينافي الاجماع على الترتيب فيه على تقدير بطلانها. فتأمل جيدا. (1) لاطلاق الادلة. (2) لاطلاق الادلة أيضا. (3) قد يشكل ذلك بأن العمدة في وجه الحكم في نفسه رواية ابن سنان المتقدمة في المياه المشتملة على عنوان ما يغتسل به الجنب (* 1)، ولعل ظاهرها المجتمع من غسالة البدن لا ما يرتمس فيه. نعم ظاهر كلمات الاصحاب عدم الفرق بينهما. ولعلهم فهموا منها العموم. وأما حديث محمد بن علي ابن جعفر: " من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن إلا نفسه " (* 2) فظاهره الكراهة، وعدم الفرق بين القليل والكثير وعدم اختصاص الحكم بالجنب، فلعله محمول على الكثير جمعا.
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب الماء المضاف حديث: 13 (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الماء المضاف حديث: 2
===============
( 102 )
[ فبناء على الاشكال فيه (1) يشكل الوضوء والغسل منه بعد ذلك، وكذا إذا قام فيه واغتسل بنحو الترتيب بحيث رجع ماء الغسل فيه (2) وأما إذا كان كرا أو أزيد فليس كذلك (3)، نعم لا يبعد صدق المستعمل عليه إذا كان بقدر الكر لا أزيد واغتسل فيه مرارا عديدة (4). ] وكيف كان فالظاهر صدق كونه من المستعمل ولو بارتماس البعض ولا يتوقف على تمام الغسل. نعم لو تمم الغسل فيه بلا انفصال للعضو أمكن القول بجوازه، إذ لا يقصر الماء المذكور عن الماء المصبوب على الرأس دفعة، حيث يجوز غسل الرأس والرقبة به أولا ثم دلك الجنب الايمن والايسر بتمامهما من دون حاجة إلى صب الماء لكل جزء. فتأمل. (1) كما تقدم في المياه. (2) إلا أن يكون المقدار الراجع من البدن إليه مستهلكا عرفا فيه، نظير القطرات التي تسقط في الاناء التي تقدم أنها لا بأس بها. (3) للاجماع. ولقصور دليل المنع عن شموله. ولاولوية اعتصامه عن المنع المذكور من اعتصامه من النجاسة، ولان إهمال التحديد مع وضوح خروج بعض مراتب الكثير يوجب الرجوع إلى التحديد المذكور. ولاشتمال بعض نصوص اعتصام الكر على غسالة الجنب، وقد تقدم في المياه بعض الكلام فيه. (4) مما سبق تعرف ضعفه. وكثرة الاستعمال وعدمها لا أثر لهما فيما نحن فيه، لان موضوع الدليل صرف الاستعمال، فان تم عمومه للكثير اكتفي بالاستعمال مرة، وإن لم يتم لم تجد كثرة الاستعمال. نعم إذا كان بمقدار الكر لا أزيد دقة - وكان الاستعمال موجبا لنقصه - جرى عليه بعد الاستعمال
===============
( 103 )
[ لكن الاقوى كما مر (1) جواز الاغتسال والوضوء من المستعمل، (مسألة 12): يشترط في صحة الغسل ما مر من الشرائط في الوضوء من النية (2)، واستدامتها إلى الفراغ، وإطلاق الماء وطهارته (3)، وعدم كونه ماء الغسالة، وعدم الضرر في استعماله واباحته، وإباحة ظرفه، وعدم كونه من الذهب والفضة، وإباحة مكان الغسل، ومصب مائه، وطهارة البدن، وعدم ضيق الوقت، والترتيب في الترتيبي، وعدم حرمة الارتماس في الارتماسي منه - كيوم الصوم، وفي حال الاحرام - والمباشرة في حال الاختيار. وما عدا الاباحة (4)، وعدم كون الظرف من الذهب والفضة، وعدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعي لا فرق فيها بين العمد، والعلم، والجهل، والنسيان، بخلاف المذكورات فان شرطيتها مقصورة على حال العمد والعلم (5). ] حكم الماء المستعمل، لكنه حينئذ ليس من الكثير. (1) مر الكلام فيه في المياه. (2) كما تقدم في أوائل الفصل. (3) تقدم الكلام في هذه المسألة في الوضوة، والمياه، والاواني، وغير ذلك. فراجع. (4) قد تقدم في الشرط السابع من شرائط الوضوء صحته مع الجهل با لضرر، وإن كان موجودا في الواقع، والحكم في المقام كذلك. وسيأتي منه في المسألة التاسعة عشرة من فصل التيمم ذلك أيضا. فراجع. (5) لانها شرط للتقرب، ومع الجهل يحصل التقرب ولو مع انتفائها.
===============
( 104 )
[ (مسألة 13): إذا خرج من بيته بقصد الحمام والغسل فيه فاغتسل بالداعي الاول، لكن كان بحيث لو قيل له حين الغمس في الماء: ما تفعل؟ يقول: أغتسل. فغسله صحيح (1) وأما إذا كان غافلا بالمرة بحيث لو قيل له: ما تفعل؟ يبقي متحيرا فغسله ليس بصحيح (2). (مسألة 14): إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل وبعد ما خرج شك في أنه اغتسل أم لا يبني على العدم (3)، ولو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه على الوجه الصحيح أم لا يبني على الصحة (4). (مسألة 15): إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه وأن وظيفته كانت هو التيمم، فان كان على وجه الداعي (5) ] (1) لما عرفت في الوضوء من أن النية المعتبرة في العبادة ما به يتقوم كون الفعل اختياريا، ويكفي في كون الفعل اختياريا صدوره عن الداعي المذكور، ولو مع عدم إخطار صورة الفعل بالبال، (2) لان التحير أمارة انتفاء الداعي، وإلا لم يتحير، لكونه من الامور الوجدانية التي تعرف بمجرد الالتفات إليها. نعم إذا كان منشأ التحير قسر النفس عن الوجه إليه - كما قد يتفق - أمكن أن يكون موجودا ويكون الغسل صادرا عنه، لكن عدم العلم بذلك كاف في الحكم بالبطلان ظاهرا. (3) لاستصحاب العدم. (4) لقاعدة الفراغ. (5) يعني: فان كان غسله بقصد الامر الفعلي المتوجه إليه - لاعتقاده أنه الامر الوجوبي الغيري الناشئ من الامر بالموقت - كان الغسل صحيحا
===============
( 105 )
[ يكون صحيحا، وإن كان على وجه التقييد يكون باطلا. ولو تيمم باعتقاد الضيق فتبين سعته ففي صحته وصحة صلاته إشكال (1). (مسألة 16): إذا كان من قصده عدم إعطاء الاجرة للحمامي فغسله باطل (2)، وكذا إذا كان بناؤه على النسيئة من غير ] إذ لا خلل فيه لا من حيث ذاته، ولا من حيث التقرب به، لصدوره عن داعي امتثال أمره، ومجرد خطأه في اعتقاده أن أمره الفعلي هو الوجوبي الغيري للموقت لا يوجب خللا فيه أصلا. وإن كان غسله بقصد امتثال الامر الغيري - لاعتقاد توجهه إليه فعلا، لاعتقاده سعة الوقت - كان الغسل فاسدا، لفقد التقرب به، لانتفاء الامر الذي قصد التعبد به. وقد تقدم مثل ذلك في فصل الوضوءات المستحبة فراجع. (1) ينشأ من الاشكال في أن موضوع مشروعية التيمم هو ضيق الوقت واقعا أو اعتقاد الضيق. هذا ولكن الظاهر الاول، لعدم الدليل على الثاني، كما سيأتي في محله - إن شاء الله - فيكون الاظهر بطلان التيمم والصلاة. (2) هذا يتم إذا كان الالتزام باعطاء الاجرة من مقومات المعاملة مع الحمامي، كما إذا كان مضمونها إباحة التصرف في الماء بشرط الالتزام بالاعطاء، فان البناء على عدم الاعطاء مناف للمعاملة فلا يجوز التصرف. وكذا لو كانت الاباحة معلقة على عدم الاعطاء الخارجي، فانه مع البناء على عدم الاعطاء لم يحرز الاباحة فيحرم عليه التصرف. أما لو كان الاعطاء خارجا عن قوام المعاملة كما إذا كانت إباحة بشرط الضمان أو إجارة بما في الذمة - فالبناء على عدم الاعطاء لا ينافي تحقق المعاملة المصححة
===============
( 106 )
[ إحراز رضي الحمامي بذلك وان استرضاه بعد الغسل (1)، ولو كان بناؤهما على النسيئة ولكن كان بانيا على عدم إعطاء الاجرة أو على إعطاء الفلوس الحرام ففي صحته إشكال. (مسألة 17): إذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه، لان صاحب الحطب ] للتصرف. نعم ذلك ينافي الالتزام بالوفاء بها، لكن الالتزام المذكور لا يتوقف عليه جواز التصرف، فلا موجب للبطلان. ومن ذلك تعرف وجه البطلان في الفرض الثاني، فانه لم يتحقق فيه المعاملة المجوزة للتصرف. كما منه يظهر أن الاقوى الصحة في الفرض الثالث، لتمامية المعاملة بينهما المجوزة للتصرف. (1) فان الرضا اللاحق لا يوجب انقلاب حكم الفعل حين وقوعه بحيث يخرج من الحرمة إلى الاباحة، لامتناع جعل الحكم التكليفي في الازمنة الماضية بالنسبة إلى زمان الجعل، للخروج عن محل الابتلاء. مع أنه لو صح لا يجدي في كون الفعل حال وقوعه حلالا يصح التعبد به. نعم قد يقال بأن الرضا اللاحق يكشف عن ثبوت الحل للفعل من حين وقوعه، لكون الرضا ملحوظا بنحو يعم ما لو كان بنحو الشرط المتأخر. لكنه - مع أنه خلاف ظاهر قوله (ع): " لا يحل مال امرئ... " (* 1)، ونحوه لظهوره في مقارنة الطيب للحل - إنما يوجب صحة الغسل حين وقوعه على تقدير العلم بالرضا اللاحق لا مع الشك، لاصالة عدم الرضا فيكون تجرؤا مانعا من صحة الغسل، على ما هو التحقيق من إيجابه العقاب وان تعقبه الرضا واقعا فتأمل.
____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب مكان المصلي حديث: 1
===============
( 107 )
[ يستحق عوض حطبه (1)، ولا يصير شريكا في الماء (2)، ولا صاحب حق فيه. (مسألة 18): الغسل في حوض المدرسة لغير أهله مشكل بل غير صحيح (3)، بل وكذا لاهله، إلا إذا علم عموم الوقفية (4) أو الاباحة. (مسألة 19): الماء الذي يسبلونه يشكل الوضوء والغسل منه (5) إلا مع العلم بعموم الاذن. (مسألة 20): الغسل بالمئزر الغصبي باطل (6). (مسألة 21): ماء غسل المرأة من الجنابة والحيض والنفاس - وكذا أجرة تسخينه إذا احتاج إليه - على زوجها على الاظهر (7) لانه يعد جزءا من نفقتها. ] (1) لانه تالف فيستحق عوضه على متلفه. (2) لعدم الدليل على ذلك، ومجرد تحقق الحرارة في الماء غير كاف في ذلك. ولا مجال لقياسه على صبغ الثوب بصبغ مغصوب - بناء على عدم جواز الصلاة فيه - لان اللون أثر للصبغ عرفا، والحرارة ليست أثر للحطب. (3) لما تقدم في المياه من عدم ثبوت إذن المالك، والاصل عدمها. (4) سواء علم حقيقة أم تعبدا بقيام حجة عليه، مثل إطلاق عبارة الوقف، أو الاباحة، أو ظهور يعول عليه عند العقلاء. (5) بل المنع متعين، لما عرفت. (6) هذا إذا كان وصول الماء إلى البشرة موجبا للتصرف في المئزر أو متحدا معه، وإلا فلا موجب للبطلان. وفرض الاول غير واضح. (7) كما قربه الشهيد في الذكرى، وحكاه العلامة في المنتهى عن
===============
( 108 )
[ (مسألة 22): إذا اغتسل المجنب في شهر رمضان أو صوم غيره أو في حال الاحرام ارتماسا نسيانا لا يبطل صومه ولا غسله (1)، وإن كان متعمدا بطلا معا، ولكن لا يبطل إحرامه (2) وإن كان آثما. وربما يقال: لو نوي الغسل حال الخروج من الماء صح غسله. وهو في صوم رمضان مشكل، لحرمة إتيان المفطر فيه بعد البطلان أيضا، فخروجه من الماء أيضا حرام (3) كمكثه تحت الماء، بل يمكن أن يقال: إن الارتماس فعل واحد مركب من الغمس والخروج (4) فكله حرام، ] جماعة، ونسب فيه إلى بعض التفصيل بين فقر الزوجة فعلى الزوج وغنائها فعليها، واختاره. وتوقف في الحدائق، لعدم النص. أقول: المنصوص بالخصوص من النفقة هو الاطعام والكسوة والسكنى والتعدي منها إلى غيرها - لاطلاق الامر بالنفقة في الكتاب المجيد وغيره وللاجماع - إنما يكون بالاضافة إلى ما يتعلق بالمعاش دون المعاد، والمقام من الثاني. وكذا الكفارة للافطار وغيره، والضمان للاتلاف، ونحوهما. (1) أما الاول فلاختصاص مفطريته بحال العمد، ومنه يتضح وجه الثاني. مضافا إلى أنه لو فرض كونه مفطرا واقعا كان معذورا فيه لاجل النسيان، فلا مانع من إمكان التقرب به، كما أشرنا إليه مرارا. ومنه يظهر وجه بطلانهما معا في حال العمد. هذا كله مبني على كون الارتماس من المفطرات، وإلا فلا إشكال في عدم بطلان الغسل به عمدا. (2) لان تحريم تغطية الرأس في الاحرام نفسي، كغيره من محرمات الاحرام، فلا يلزم من فعله الفساد. (3) فلا يمكن التقرب به. (4) بأن يكون المفطر ليس صرف طبيعة الارتماس الصادق على أول
===============
( 109 )
[ وعليه يشكل في غير شهر رمضان أيضا. نعم لو تاب ثم خرج بقصد الغسل صح (1).