[ فصل في بيانه ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الارض على الاقوى (1)، ] فصل في بيانه ما يصح التيمم به (1) كما هو المشهور، كما في الجواهر وعن غيرها، بل عن الخلاف ومجمع البيان: الاجماع عليه. ويدل عليه إطلاق الكتاب بناء على أن الصعيد اسم لمطلق وجه الارض - كما هو المشهور بين أهل اللغة. وعن المنتهى والنهاية: نسبته إليهم. وعن الزجاج: " لاأعلم اختلافا بين أهل اللغة في ذلك ". قال في المعتبر: (* 1) " والصعيد هو وجه الارض بالنقل عن فضلاء اللغة ذكر ذلك الخليل وثعلب عن ابن الاعرابي. ويدل عليه قوله تعالى: " فتصبح صعيدا زلقا " (* 2) أي: أرضا ملسة مزلقة. ومثله قوله (ع): " يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة على صعيد واحد، أي: أرض واحدة " (* 3) وإطلاق النبوي المشهور المروي في الوسائل وغيرها بعدة طرق: " جعلت لي الارض مسجدا وطهورا " (* 4). ونحوه ما ورد من قوله (ع): " رب الماء هو رب الارض " (* 5)، وقوله (ع): " وان فاتك الماء لم تفتك الارض " (* 6)، وغيرهما، والموثق المتقدم فيمن مرت به جنازة (* 7)،
____________
(* 1) المعتبر، المسألة الاولى من فصل ما يتيمم به. (* 2) الكهف: 40. (* 3) لم نعثر في المصادر على هذا النص نعم وجدنا ما يشتمل على محل الاستشهاد، راجع مجمع البيان في تفسير آية 33 - الرحمن. (* 4) الوسائل باب: 7 من أبواب التيمم. (* 5) الوسائل باب: 3 من أبواب التيمم حديث: 1 - 4. (* 6) الوسائل باب: 22 من أبواب التيمم حديث: 1. (* 7) تقدم في المسألة السادسة والثلاثين من الفصل السابق.
===============
( 376 )
الدال على جواز التيمم بحائط اللبن، وخبر السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه عن علي (ع): " انه سئل عن التيمم بالجص فقال (ع): نعم. فقيل: بالنورة؟ فقال (ع): نعم. فقيل: بالرماد؟ فقال (ع): لا، إنه ليس يخرج من الارض إنما يخرج من الشجر " (* 1)، ونحوه ماعن نوادر الراوندي (* 2) مع التصريح فيه بجواز التيمم بالصفا العالية. وعن السيد في شرح الرسالة وأبي علي والحلبي والغنية: المنع عن غير التراب، بل عن الاخير: الاجماع عليه: وكأنه لما عن جماعة من أهل اللغة من تفسير الصعيد بالتراب، كما يساعده جملة من النصوص، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) الوارد في بيان ما يمسح في التيمم حيث قال فيه أبو جعفر (ع): " فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا، لانه قال تعالى: (بوجوهكم) ثم وصل بها: (وأيديكم منه) أي: من ذلك التيمم، لانه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لانه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها " (* 3)، والنبوي المروي مرسلا ومسندا عن الخصال والعلل بتفاوت يسير: " جعلت لي الارض مسجدا وترابها طهورا " (* 4). وفي صحيح محمد بن حمران وجميل ابن دراج جميعا عن أبي عبد الله (ع) - في حديث -: " إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا " (* 5). وفي حديث رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله (ع): " إذا كانت الارض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء
____________
(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب التيمم حديث: 1. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 6 من أبواب التيمم حديث: 2. لكن الموجود فيه (الصفا الناتية) وذكر (الثابتة) نسخة بدل. (* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب التيمم حديث: 1. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب التيمم حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 23 من أبواب التيمم حديث: 1.
===============
( 377 )
فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه " (* 1)، ونحوه غيره، فيقيد بها إطلاق النبوي وغيره. والموثق يمكن البناء على اختصاصه بمورده ونحوه مما لا يشترط فيه الطهارة. وخبر السكوني ظاهر في جواز التيمم بالجص والنورة بعد الاحراق مما هو خلاف المشهور فيكون موهونا. وخبر النوادر ضعيف غير مجبور، ولا يكفي في جبره مجرد موافقته للمشهور، ما لم يكن معتمدا لهم كما لا يخفى. لكن قد يقال: بناء على ما هو التحقيق من إعمال قواعد التعارض من الترجيح أو التخيير مع اختلاف نقل اللغويين يتعين الاعتماد على الاول لانه أشهر، ولو بني على التساوي جاز الاعتماد عليه. وأما صحيح زرارة فلا يمكن الاخذ بظاهر التعليل فيه، ولاسيما بملاحظة نصوص الامر بالنفض، فلابد من حمله على إرادة تلقين الاستدلال لزرارة في قبال العامة، ولعله مبني على مقدمات مطوية مسلمة عندهم، كما لا يبعد أن يكون المراد من السؤال في صدر الصحيح أيضا ذلك، وعليه فلا يقوى على تقييد المطلق، والنبوي غير ثابت الحجية، إذ لم أقف على روايته كذلك إلا مرسلا في الغوالي عن فخر المحققين (* 2)، ومسندا في الخصال والعلل بطريق في غاية الضعف (* 3). نعم عن مجالس المفيد الثاني روايته بطريق لا يخلو عن اعتبار: " جعلت لي الارض مسجدا وطهورا أينما كنت أتيمم من تربتها " (* 4) لكن في صلاحيته للتقييد تأملا ظاهرا، لانه من قبيل المثبت الذي لا ينافي الاطلاق. ومثله حديث محمد بن حمران وجميل بن دارج. وأما حديث
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب التيمم حديث: 4. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب التيمم حديث: 8. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب التيمم حديث: 3. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب التيمم حديث: 5.
===============
( 378 )
[ سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك وإن كان حجر الجص والنورة (1) قبل الاحراق. وأما بعده فلا يجوز على الاقوى (2). ] رفاعة فالظاهر من قوله (ع): " ليس فيها... " أنه تفسير للمبتلة لا شرطا زائدا كي يدل على عدم جواز التيمم بالصخر. فتأمل. وغيره قاصر الدلالة أو ضعيف السند، فالعمل بالاطلاق متعين. (1) كما هو المشهور بل عن مجمع البرهان: " لا ينبغي النزاع فيه " لصدق الارض. وعن السرائر: المنع عنه في النورة. وقد يظهر من محكي كلامه أن الوجه فيه كونها من المعادن. وضعف ظاهر، لانه لو سلم عموم المعدن لمثله فلا ينافي صدق الارض عليه كالرمل. كضعف ماعن النهاية من اشتراط الجواز فيهما بفقد التراب، إذ لو كان من الصعيد جاز مطلقا فيهما، وإلا لم يجز كذلك، فالتفصيل بلا فاصل ظاهر. (2) كما عن الاكثر، وفي المعتبر، وعن التذكرة ومجمع البرهان: الجواز. - بل في الاول حكاية ذلك عن علم الهدى في المصباح - إما لصدق الارض، أو لاستصحابها، أو لاستصحاب جواز التيمم، أو لخبر السكوني المتقدم. والاول غير ظاهر لقرب انصرافها إلى غيرهما. والثاني من قبيل استصحاب المفهوم المردد، وفيه إشكال محرر في محله من استصحاب الكلي، وأشرنا إليه فيما تقدم من هذا الشرح. والثالث من الاستصحاب التعليقي، لان الجواز بالمعنى التكليفي المحض معلوم، وبمعنى ترتب الطهارة عليه معلق على وجوده، والاشكال في الاستصحاب التعليقي مشهور. والخبر موهون بمخالفة المشهور، بل بمخالفة الاجماعات المحكية على اعتبار الارضية فلا يمكن رفع اليد عنها به. إلا أن يقال: لم يثبت الاعراض الموهن،
===============
( 379 )
[ كما أن الاقوى عدم الجواز بالطين المطبوع (1) كالخزف والآجر وإن كان مسحوقا مثل التراب. ولا يجوز على المعادن (2) كالملح والزرنيخ والذهب والفضة والعقيق ونحوها مما خرج عن اسم الارض. ومع فقد ما ذكر من وجه الارض يتيمم بغبار الثوب أو اللبد أو عرف الدابة ونحوها مما فيه غبار (3) ] لاحتمال كون منشئه دعوى مخالفة الاجماع، وهي غير ثابتة، لان الظاهر من معاقد الاجماعات إرادة إخراج المعدن والثلج، وإلا فذهاب جماعة من الاساطين إلى الجواز أعظم قادح في الاجماع كما هو ظاهر. فالاعتماد على النص - المعتبر في نفسه الكاشف عن أن المراد من الارض ما يعم مثل ذلك - غير بعيد. (1) كما عن جماعة: وعن آخرين: الجواز. ويظهر وجه القولين مما سبق في الجص والنورة. (2) إجماعا كما عن الخلاف والغنية وظاهر المفاتيح. وفي المنتهى: " هو مذهب علمائنا أجمع " لخروجه عن مفهوم الصعيد. وعموم التعليل في خبر السكوني (* 1) مما لا مجال للعمل به. فما عن الحسن من الجواز ضعيف. (3) هو مذهب علمائنا كما في المعتبر، وعند علمائنا كما في التذكرة، ونحوه في غيرهما. ويشهد به صحيح زرارة قال: " قلت لابي جعفر (ع): أرأيت المواقف. إن لم يكن على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول؟ قال (ع): يتيمم من لبده أو سرجه أو عرف دابته، فان فيها غبارا، ويصلي " (* 2)، وموثقه عن أبي جعفر (ع): " قال: إن كان أصابه الثلج فلينظر لبد سرجه فيتيمم من غباره أو من شئ معه، وإن كان في
____________
(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب التيمم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب التيمم، حديث: 1.
===============
( 380 )
حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه " (* 1)، وفي صحيح رفاعة عن أبي عبد الله (ع) قال - في حديث -: " فان كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شئ مغبر، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه " (* 2)، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: " إذا كنت في حال لا تقدر إلا على الطين فتيمم به فان الله أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر أن تنفضه وتتيمم به " (* 3) ونحوها غيرها. وعن السيد: مساواة الغبار للتراب. وفي المنتهى قال: " وفيه قوة " بعد أن جعل الوجه الاشتراط بفقد التراب. وعن إرشاد الجعفرية: الميل إليه، لان الغبار تراب فإذا نفض أحد هذه الاشياء عاد إلى أصله. وفيه: - كما عن كشف اللثام - أن مورد النص والفتوى الغبار غير الجامع للشرائط إذ الفرق بين الغبار والتراب هو الفرق بين الرطوبة والماء. وعن المهذب: اشتراط فقد الوحل في جواز التيمم بالغبار. ويشهد له خبر زرارة عن أحدهما (ع) قلت: " رجل دخل الاجمة ليس فيها ماء وفيها طين. قال (ع): يتيمم فانه الصعيد. قلت: فانه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضوء. قال (ع): إن خاف على نفسه من سبع أو غيره وخاف فوت الوقت فليتيمم، يضرب بيده على اللبد أو البرذعة ويتيمم ويصلي " (* 4). لكنه - مع ضعفه في نفسه - قاصر عن معارضة ما سبق.
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب التيمم حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب التيمم حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب التيم حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 9 من أبواب التيمم حديث: 5.
===============
( 381 )
[ إن لم يمكن جمعه ترابا بالنفض، وإلا وجب (1) ودخل في القسم الاول. والاحوط اختيار ما غباره أكثر (2). ومع فقد الغبار يتيمم بالطين (3) إن لم يمكن تجفيفه، وإلا وجب (4) ودخل في القسم الاول. فما يتيمم به له مراتب ثلاث: (الاولى): الارض مطلقا غير المعادن. (الثانية): الغبار. (الثالثة): الطين. ومع فقد الجميع يكون فاقد الطهورين، والاقوى فيه سقوط الاداء (5). ] (1) كما تقتضيه الادلة الاولية لوجوب مقدمة الواجب المطلق، ومورد النصوص المذكورة صورة الاضطرار. (2) كما قواه في الجواهر ونسبه إلى ظاهر جماعة. وكأنه لقاعدة الميسور. وفيه: أنها - مع عدم ثبوتها في نفسها - منافية لاطلاق الاخبار في المقام، ولاسيما بملاحظة اختلاف المذكورات في النصوص في كمية الغبار. (3) إجماعا محصلا ومنقولا مستفيضا، صريحا وظاهرا كما في الجواهر. ويشهد له النصوص المتقدمة. (4) وقدم على الغبار قطعا كما في المدارك، وليس محل خلاف كما عن الرياض. وفي المنتهى وغيره التصريح به، وتقتضيه الادلة الاولية كما سبق. والظاهر من قولهم (ع): " لا يجد إلا الطين ": أنه لا يتمكن إلا منه، ولاسيما بملاحظة قول الصادق (ع) في صحيح أبي بصير: " فان الله أولى بالعذر ". ولا ينافيه قوله (ع): " إنه الصعيد "، إذ المراد منه: أن مادته الصعيد. فلاحظ. (5) كما هو المشهور، بل عن جامع المقاصد: أنه ظاهر مذهب أصحابنا، وفي المدارك: " أنه مذهب الاصحاب لا نعلم فيه مخالفا صريحا "، بل عن الروض: " لا نعلم فيه مخالفا "، للعجز عن أداء الواجب الناشئ
===============
( 382 )
من العجز عن شرطه. والمنع من الشرطية في هذه الحال خلاف إطلاق أدلتها وخبر: " الصلاة لا تسقط بحال " لم يتحقق يصح الاعتماد عليه في المقام. نعم في صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) الوارد في النفساء حيث قال (ع) فيه: " ولا تدع الصلاة على حال فان النبي صلى الله عليه وآله قال: الصلاة عماد دينكم " (* 1). ودلالته على ما نحن فيه غير ظاهرة، لاختصاص الفقرة الاولى بموردها، والتعليل ليس واردا في مقام التشريع، بل في مقام التأكيد والحث على فعل المشروع، فلا يصلح للتأسيس. وقاعدة الميسور قد تقدم مرارا أنه لادليل عليها يجب العمل به. وثبوتها بالاجماع أو النص في سائر موارد تعذر الجزء أو الشرط لا يقتضي ثبوتها هنا، ولاسيما وكون خلافها هنا مظنة الاجماع، وهذا هو الفارق بين المقام وسائر موارد تعذر الجزء أو الشرط، لا ما قيل من أن لسان دليل الشرطية في المقام شامل لصورتي الاختيار والاضطرار، بخلاف سائر الموارد، فان لسان دليله الامر به، وهو مختص بحكم العقل بصورة الامكان. إذ فيه: أن الامر في أمثال المقام إما إرشادي إلى الجزئية أو الشرطية أو مولوي دال بالالتزام عليها، والاول: لااختصاص له بحال دون حال. والثاني: وإن كان مختصا بحال الاختيار إلا أن مدلوله الالتزامي غير مختص فيجب العمل به، والتفكيك بين المدلول المطابقي والالتزامي في الحجية وعدمها غير عزيز كما أشرنا إليه مرارا في هذا الشرح وأوضحناه في محله. ومما ذكرنا يظهر ما فيما نسب إلى المبسوط والنهاية من وجوب الاداء والقضاء، وحكي عن الشافعي وغيره من المخالفين. وما نسب إلى جد السيد من وجوب الاول فقط. مع أن النسبة إلى الجميع محل تأمل فلاحظ.
____________
(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب الاستحاضة حديث: 5.
===============
( 383 )
[ ووجوب القضاء (1)، وإن كان الاحوط الاداء أيضا. وإذا وجد فاقد الطهورين ثلجا أو جمدا، قال بعض العلماء بوجوب مسحه على أعضاء الوضوء أو الغسل (2)، وإن لم يجر، ] نعم لو فرض طروء الفقدان في الوقت أو قبله بناء على ثبوت الوجوب قبله أمكن الرجوع إلى استصحاب وجوب ذات الصلاة الثابت قبل طروء الفقدان، اللهم إلا أن يقال: إطلاق دليل الشرطية رافع لاحتمال الوجوب. وموجب للعلم باشتراط جميع مراتب الصلاة بالطهارة. فتأمل. (1) كما عن المشهور، لعموم مادل على قضاء ما فات، إذ يكفي في صدق الفوت وجود الملاك في الفعل بلا مزاحم، وهو في المقام حاصل كذلك. ولا مجال للنقض في مثل الحائض ونحوها، لامكان كون ذلك من باب التخصيص لدليل مفقود في المقام. ومنه يظهر ما في الشرائع، وعن الجامع والعلامة - في جملة من كتبه - والكركي وغيرهم من أصحابنا، وحكي عن مالك من سقوط الاداء والقضاء معا. لكن اختار في المنتهى سقوط الاداء ووجوب القضاء - كما في المتن - ونسبه إلى أبي حنيفة والثوري والاوزاعي. فالاقوال في المسألة أربعة: سقوط الاداء والقضاء، ووجوبهما، وسقوط الاول دون الثاني، وثبوت الاول دون الثاني. (2) يظهر لك من محكي المقنعة والمبسوط والوسيلة ونهاية الاحكام وغيرها. قال في المنتهى - بعد أن نقل عن الشيخ فيمن لم يجد إلا الثلج من أنه يمسح به أعضاء الوضوء -: " والذي أذهب إليه أنه إن بلغت النداوة حدا يجري على العضو المغسول بحيث يسمى غسلا فليغتسل الجزء من الماء على جزء من البدن إلى آخر ما وجب عليه وكان مقدما على التراب. وإن لم يكن فالاقرب ماقاله الشيخ (رحمه الله) من استعمال الثلج ".
===============
( 384 )
وقد يستشهد لهم بجملة من النصوص، مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) في الوضوء: " إذا مس جلدك الماء فحسبك " (* 1)، وخبر هارون بن حمزة عن أبى عبد الله (ع): " يجزئك من الغسل والاستنجاء مابلت يمينك " (* 2)، وخبر معاوية بن شريح قال: " سأل رجل أبا عبد الله (ع) وأنا عنده فقال: يصيبنا الدمق والثلج ونريد أن نتوضأ ولانجد إلا ماء جامدا فكيف أتوضأ؟ أدلك به جلدي؟ قال (ع): نعم " (3 *)، وصحيح محمد بن مسلم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يجنب في السفر لا يجد إلا الثلج. قال (ع): يغتسل بالثلج أو ماء النهر " (* 4). مضافا إلى قاعدة الميسور كما استدل بها في المنتهى. وفيه: أنه لو تم ظهور الاولين فيما نحن فيه كان مقتضاه جواز ذلك اختيارا. ولو تم ظهور الاخيرين فيه كان مقتضاه تقديم ذلك على التراب كما هو صريح صحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل أيتيمم أم يمسح بالثلج وجهه؟ قال (ع): الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل، فان لم يقدر على أن يغتسل به فليتيمم " (* 5) ونحوه خبره الاخر (* 6) وكذا مقتضى قاعدة الميسور. ولذلك حمل ما في المنتهى على وجوب تقديمه على التراب، لاستدلاله عليه بقاعدة الميسور. لكنه خلاف ظاهر عبارته. فالقول بوجوب ذلك بشرط فقد الطهورين
____________
(* 1) الوسائل باب: 52 من ابواب الوضوء حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب أحكام الخلوة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب التيمم حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 10 من أبواب التيمم حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 10 من أبواب التيمم حديث: 3. (* 6) الوسائل باب: 10 من أبواب التيمم حديث: 4.
===============
( 385 )
[ ومع عدم إمكانه بوجوب التيمم بهما (1). ومراعاة هذا القول أحوط، فالاقوى لفاقد الطهورين كفاية القضاء، والاحوط ] مما لادليل عليه. وأما النصوص المذكورة: فالاولان منهما قد عرفت أن حالهما حال غيرهما مما يوهم عدم اعتبار تحقق مفهوم الغسل في الوضوء والغسل، محمولة على إرادة المبالغة في عدم الحاجة في تحقق الغسل إلى الماء الكثير. وقد تقدم ذلك في محله. وأما الاخيران، فلا يظهر منهما أقل تصرف في الادلة الاولية، ولاسيما بملاحظة ذيل ثانيهما. وأما قاعدة الميسور، فلا دليل على جواز العمل بها بعد مخالفتها لدليل وجوب التيمم لمن لم يتمكن من الطهارة المائية. فالقول المذكور مما لم يتضح له وجه. (1) يظهر من العبارة أن الحاكم هو القائل السابق. ولم أقف عليه. نعم في القواعد: " لو لم يجد إلا الثلج فان تمكن من وضع يده عليه باعتماد حتى ينتقل من الماء ما يسمى به غاسلا وجب وقدمه على التراب وإلا تيمم به بعد فقد التراب ": وهو - كما ترى - خال عن ذكر المسح. وفي مفتاح الكرامة وفي المراسم والبيان والموجز الحاوي. أنه إذا لم يتمكن من الغسل بالثلج بحيث يسمى غاسلا تيمم به. ونقل ذلك عن مصباح السيد والاصباح وظاهر الكاتب. وكأن مرادهم ما في القواعد من كون التيمم به بعد فقد التراب. وكيف كان فلم يتضح وجه القول بالتيمم بالثلج سوى مصحح ابن مسلم: " عن رجل أجنب في سفر ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا. فقال (ع). وهو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا أرى أن يعود إلى هذه الارض التي توبق دينه " (* 1). لكنه غير ظاهر في التيمم بالثلج، بل ظاهر في
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب التيمم حديث: 9.
===============
( 386 )
[ ضم الاداء أيضا، وأحوط من ذلك مع وجود الثلج المسح به أيضا: هذا كله إذا لم يمكن إذابة الثلج أو مسحه على وجه يجري، وإلا تعين الوضوء (1) أو الغسل ولا يجوز معه التيمم أيضا. (مسالة 1) وإن كان الاقوى - كما عرفت - جواز التيمم بمطلق وجه الارض، إلا أن الاحوط مع وجود التراب عدم التعدي عنه، من غير فرق فيه بين أقسامه (2)، من الابيض والاسود والاصفر والاحمر، كما لا فرق بين الحجر والمدر ايضا بين أقاسمهما (3). ومع فقد التراب الاحوط الرمل (4)، ] التيمم بالتراب، لان قول السائل: " لم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا " يراد منه عدم التمكن من الطهارة بالماء، لا عدم التمكن من الطهارة بالماء والتراب معا. ولكن بعضه لما فهم الاخير حمله على التيمم بالغبار، كما يقتضيه الجمع بينه وبين ما سبق من النصوص. ولا ينافي ما ذكرنا قوله (ع): " ولا أرى... "، لامكان أن يكون ذلك لفوات الطهارة المائية أو الطهارة من الخبث. وأضعف من ذلك الاستدلال على القول المذكور بخبر: " لا تسقط الصلاة بحال " واستصحاب التكليف بها. فان ذلك - لو تم - لم يقتض جواز التيمم بالثلج، كما لا يقتضي مشروعية التيمم بغيره من الجامدات غير الارض وأبدلها كما لا يخفى. (1) كما تقتضيه الادلة الاولية من غير معارض كما سبق. (2) باجماع العلماء كما عن التذكرة، لاطلاق التراب. (3) لخروج الجميع عن مفهوم التراب. (4) لاحتمال كون المراد ما يعمه كما ادعي، وإن حكي عن الجمهرة
===============
( 387 )
[ ثم المدر (1)، ثم الحجر. (مسألة 2): لا يجوز في حال الاختيار التيمم على الجص المطبوع والآجر والخزف والرماد وإن كان من الارض (2)، لكن في حال الضرورة بمعنى: عدم وجدان التراب والمدر والحجر - الاحوط الجمع (3) بين التيمم بأحد المذكورات - ما عدا رماد الحطب ونحوه - وبالمرتبة المتأخرة من الغبار أو الطين، ومع عدم الغبار والطين الاحوط التيمم بأحد المذكورات والصلاة ثم إعادتها أو قضاؤها. (مسالة 3): يجوز التيمم حال الاختيار على الحائط المبني بالطين واللبن والآجر إذا طلي بالطين (4). ] عن أبي عبيدة: " ان الصعيد هو التراب الخالص الذي لا يخالطه سبخ ولا رمل ". (1) وهو: الطين اليابس غير المعمول، لكونه أقرب إلى التراب من الحجر. (2) قد عرفت إمكان دعوى الجواز في غير الرماد. أما هو فلا، وإن كان من الارض لخروجه عن مفهوم الارض، والتعليل في خبر السكوني (* 1) قد عرفت إشكاله. وعن نهاية الاحكام: " الاقرب جواز التيمم برماد التراب بخلاف رماد الشجر ". وكأنه اعتمد على خبر السكوني. (3) وجه الاحتياط يظهر من ملاحظة الاقوال والاحتمالات المتقدمة. (4) لصدق الارض، وللموثق المتقدم فيمن تمر به جنازة (* 2).
____________
(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب التيمم حديث: 1. (* 2) هو موثق سماعة المتقدم في المسألة السادسة والثلاثين من الفصل السابق.
===============
( 388 )
[ (مسألة 4): يجوز التيمم بطين الرأس وإن لم يسحق وكذا بحجر الرحى، وحجر النار، وحجر السن، ونحو ذلك، لعدم كونها من المعادن الخارجة عن صدق الارض وكذا يجوز التيمم بطين الارمني (1). (مسألة 5): يجوز التيمم على الارض السبخة إذا صدق كونها أرضا بأن لم يكن علاها الملح. (مسألة 6): إذا تيمم بالطين فلصق بيده يجب إزالته أولا ثم المسح بها (2)، وفي جواز إزالته بالغسل إشكال (3). (مسألة 7): لا يجوز التيمم على التراب الممزوج بغيره من التبن، فيشترط فيما يتيمم به عدم كونه مخلوطا بما لا يجوز التيمم به إلا إذا كان ذلك الغير مستهلكا. ] (1) كما في جامع المقاصد، لان الظاهر صدق الارض عليه. ونحوه طين الخاوة، وطين البصرة. ووجود خصوصية فيها لا توجد في بقية أنواع الطين غير قادح بعد صدق الارض عليها كغيرها. (2) ليتحقق المسح باليد المعتبر فيه المباشرة وعدم الحائل. (3) كأنه لاحتمال عدم صدق المسح بأثر الارض، بل يكون بأثر الماء، كما ادعاه بعض المشحين. لكنه غير ظاهر، لمنافاته للاطلاق. مع أن لازمه عدم جواز مسح اليدين بغير الارض من ثوب أو نحوه، وهو خلاف ظاهرهم حيث لم يتعرضوا لهذا الشرط. (4) المزج تارة: يكون بلا تمييز للاجزاء، بحيث يصدق على كل جزء عرفي أنه تراب وغيره، كخلط التراب الناعم بالرماد كذلك. وقد
===============
( 389 )
يكون مع التمييز كالخلط بالتبن والحشيش. والاول: لاإشكال في المنع عنه إذا كان التراب مستهلكا عرفا، بحيث لا يصدق عليه أنه تراب ولو في الجملة. أما لو كان الخليط مستهلكا في التراب: فالمشهور جواز التيمم به، واختاره في المبسوط، للاطلاق ولاسيما بملاحظة غلبة وجود الاجزاء الاجنبية المستهلكة في الارض، كما يقتضيه الاختلاف بالخصوصيات والآثار، خلافا لما عن صريح الخلاف وظاهر الغنية من المنع. وضعفه - على تقدير صدق النسبة - ظاهر. وأما لو لم يستهلك أحدهما في الآخر: ففي الشرائع، وعن المبسوط والذكرى وجامع المقاصد وغيرها: المنع، لعدم صدق الارض أو التراب حينئذ. وصدق أنه تراب وخليط غير كاف، لظهور الادلة في اعتبار الصدق مطلقا. وفي المنتهى - بعدما حكى عن بعض الشافعية اعتبار الغلبة - قال: " وهو الاقوى عندي لبقاء الاسم، ولانه يتعذر في بعض المواضع (يعني: التراب الخالص) ". وفيه: ما عرفت من أن بقاء الاسم في الجملة غير كاف والتعذر في بعض المواضع لا يجدي في رفع اليد عن ظاهر الادلة. وأما المزج على النحو الثاني: فقدحه مبني على كون ظاهر الادلة استيعاب الكف بالضرب. ولو بني على عدمه لم يكن قادحا. وكأنه إلى الثاني يومئ ما في المنتهى في الفرع الرابع: " لو اختلط التراب بما لا يعلق باليد كالشعير جاز التيمم منه، لان التراب موجود فيه والحائل لايمنع من التصاق اليد به فكان سائغا ". وفي كشف اللثام: " لعله يعني: أنه بالاعتماد يندفن بالتراب، أو الكف تماس التراب إذا حركت لانه لا يعلق بها ". وكيف كان لما كان ظاهر الادلة لزوم الاستيعاب عرفا كان اللازم البناء على قدح المزج المانع عنه.
===============
( 390 )
[ (مسألة 8): إذا لم يكن عنده إلا الثلج أو الجمد وأمكن إذابته وجب كما مر، كما انه إذا لم يكن إلا الطين وأمكنه تجفيفه وجب (1). (مسألة 9): إذا لم يكن عنده ما يتيمم به وجب تحصيله ولو بالشراء (2) أو نحوه. (مسألة 10): إذا كان وظيفته التيمم بالغبار. يقدم ما غباره أزيد كما مر (3). (مسألة 11): يجوز التيمم اختيارا على الاض الندية والتراب الندي (4)، وإن كان الاحوط مع وجود اليابسة تقديمها. ] (1) كما تقدم. (2) لاطلاق وجوب الطهارة. نعم قد يشكل ذلك لو كان الشراء موجبا للضرر المالي المعتد به عرفا، لعموم نفي الضرر الموجب لرفع اليد عن دليل الوجوب. وثبوت ذلك في شراء ماء الوضوء للنص لا يلزم منه ثبوته في المقام. اللهم إلا أن يستفاد من قوله (ع) في بعض تلك النصوص: " وما يشتري به مال كثير " (* 1) أهمية الطهارة مطلقا بالنسبة إلى الضرر لا خصوص الطهارة المائية. أو لان أدلة التنزيل تقتضي ذلك. (3) هذا لم يمر بعنوان الفتوى، وإنما مر بعنوان الاحتياط، ومر الكلام فيه. نعم يمكن أن يستفاد من صحيح أبي بصير المتقدم (* 2). لكنه كما ترى. (4) كما عن جماعة التصريح به. وعن التذكرة: " ليس من شرط
____________
) (* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب التيمم حديث: 1. (* 2) تقدم في المبحث عن التيمم بالغبار.
===============
( 391 )
[ (مسألة 12): إذا تيمم بما يعتقد جواز التيمم به فبان خلافه بطل، وإن صلى به بطلت (1) ووجبت الاعادة أو القضاء. وكذا لو اعتقد أنه من المرتبة المتقدمة فبأن أنه من المتأخرة مع كون المتقدمة وظيفته. (مسألة 13): المناط في الطين الذي من المرتبة الثالثة كونه على وجه يلصق باليد (2)، ولذا عبر بعضهم عنه بالوحل فمع عدم لصوقه يكون من المرتبة الاولى ظاهرا، وإن كان الاحوط تقديم اليابس والندي عليه. ] التراب اليبوسة، فلو كان نديا لا يعلق باليد منه جاز التيمم به عند علمائنا وخالف الشافعي فمنع منه اختيارا واضطرارا ". وفي كشف اللثام: " يجوز اتفاقا كما يظهر من التذكرة "، ويقتضيه إطلاق الادلة. نعم في صحيح رفاعة: " فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه " (* 2). وربما كان ظاهره اعتبار اليبوسة. وكأنه لذلك مال بعض المحدثين إلى اعتبارها على ما حكي. اللهم إلا أن يحمل - بقرينة قوله (ع): " مبتلة ليس فها ماء ولا تراب " - على الطين الذي هو غير ما نحن فيه، ولاسيما بملاحظة أن الجفاف عدم البلل لا اليبوسة، لا أقل من لزوم الحمل على ذلك من جهة ظاهر إجماع التذكرة. ومن ذلك تعرف وجه الاحتياط الآتي. (1) لعدم ثبوت الاجزاء. (2) لان الظاهر من الطين المعلق عليه الحكم في النصوص على تقدير تعذر الارض والغبار هو ذلك، ولاسيما بملاحظة ما تقدم من جواز التيمم بالارض الندية.
____________
(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب التيمم حديث: 4.
===============
( 392 )
[ فصل يشترط فيما يتيمم به أن يكون طاهرا (1)، فلو كان نجسا بطل وإن كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا (2)، وإن لم يكن عنده من المرتبة المتقدمة إلا النجس ينتقل إلى اللاحقة (3)، وإن لم يكن من اللاحقة أيضا إلا النجس كان فاقد الطهورين ويلحقه حكمه. ويشترط أيضا عدم خلطه بما لا يجوز التيمم به كما مر. ويشترط أيضا إباحته (4)، ] فصل (1) بلا خلاف كما عن المنتهى، بل إجماعا كما عن الناصريات والغنية وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية وغيرها. والتذكرة: " ذهب إليه علماؤنا أجمع، وهو قول الجمهور ". وهو الحجة فيه، مضافا إلى قرب دعوى دخول الطهارة في مفهوم الطيب المأخوذ قيدا للصعيد في الآية الشريفة كما جزم به في التذكرة وحكي التفسير به عن أكثر المفسرين. والى انصراف الادلة إليه بقرينة ارتكاز أن فاقد الشئ لايعطيه، بل في جامع المقاصد تعليله بأن النجس لا يعقل كونه مطهرا. فتأمل. (2) لاطلاق ما تقدم. (3) لتعذر المشروط بتعذر شرطه. (4) فلا يجوز التيمم بالمغصوب، وفي التذكرة: " ذهب إليه علماؤنا أجمع "، لان حرمة التصرف فيه مانعة من إمكان التقرب بالضرب عليه على نحو ما تقدم في اعتبار إباحة ماء الوضوء. لكنه يتوقف على دخول
===============
( 393 )
[ وإباحة مكانه (1)، والفضاء الذمي يتيمم فيه (2) ومكان المتيمم (3) فيبطل مع غصبية أحد هذه مع العلم والعمد. نعم لا يبطل مع الجهل والنسيان (4). (مسألة 1): إذا كان التراب أو نحوه في آنية الذهب أو الفضة فتيمم به مع العلم والعمد بطل لانه يعد استعمالا لهما عرفا (5). ] الضرب في مفهوم التيمم، وهو محل إشكال كما سيأتي. (1) هذا يتم إذا كان الضرب عليه موجبا للتصرف في مكانه عرفا. أما إذا لم يكن كذلك، كما لو كان التراب في ظرف عميق مملوء منه، فان الضرب على سطح التراب لا يعد تصرفا في الظرف، فلا يمكن التيمم حراما ولا مانعا من التقرب به. (2) لان غصب الفضاء موجب لحرمة حركة اليد المعتبرة في مسح الاعضاء، لانها تصرف فيه. (3) حرمة مكان المتيمم لا توجب حرمة فعل التيمم بوجه، لان جلوس المتيمم في مكان لايدخل في مفهوم التيمم. (4) لانهما عذران عقلا في جواز مخالفة الحرمة، فلا يترب عليها عقاب، وحينئذ لامانع من التقرب بفعل التيمم، لان المانع كونه مبعدا فيمتنع أن يكون مقربا، ومع العذر لا يكون مبعدا. فيصح أن يكون مقربا، كما أشرنا إليه سابقا. وتحقيقه يطلب من الاصول. (5) يعني: فيحرم التيمم، ولا يمكن التقرب به. وقد تقدم في مبحث الاواني ماله نفع في المقام. فراجع.
===============
( 394 )
[ (مسألة 2): إذا كان عنده ترابان مثلا أحدهما نجس يتيمم بهما (1)، كما أنه إذا اشتبه التراب بغيره يتيمم بهما. وأما إذا اشتبه المباح بالمغصوب اجتنب عنهما (2). ومع الانحصار انتقل إلى المرتبة اللاحقة. ومع فقدها يكون فاقد الطهورين كما إذا انحصر في المغصوب المعين. (مسألة 3): إذا كان عنده ماء وتراب وعلم بغصبية أحدهما لا يجوز الوضوء ولا التيمم (3). ومع الانحصار يكون فاقد الطهورين. وأما لو علم نجاسة أحدهما أو كون أحدهما مضافا يجب عليه مع الانحصار الجمع بين الوضوء والتيمم (4) وصحت صلاته. (مسألة 4): التراب المشكوك كونه نجسا يجوز التيمم به إلا مع كون حالته السابقة النجاسة. ] (1) لوجوب الاحتياط عقلا من جهة العلم الاجمالي بوجوب التيمم بالطاهر بينهما. وكذا في الفرض الآتي. (2) للعلم الاجمالي بحرمة التصرف في المغصوب منهما. (3) للعلم الاجمالي المتقدم. وما يتوهم من أن أصالة الحل في الماء توجب الوضوء به، ويخرج التراب عن كونه محلا للابتلاء، لعدم صحة التيمم به، فلا يكون مجرى لاصالة الحل كي تعارض أصالة الحل في الماء. مندفع بأن الابتلاء بالتراب لا يختص بالتيمم به، بل يكفي فيه كونه معرضا للتصرف فيه ولو بالمس ونحوه. (4) للعلم الاجمالي بوجوب أحدهما، وقد عرفت أن الابتلاء بالتراب لا يختص بالتيمم به، فأصالة الطهارة في الطرفين متعارضة. نعم لو فرض
===============
( 395 )
[ (مسألة 5): لا يجوز التيمم بما يشك في كونه ترابا وغيره مما لا يتمم به (1) كما مر، فينتقل إلى المرتبة اللاحقة إن كانت (2). ] عدم الابتلاء بالتراب إلا من جهة التيمم فأصالة الطهارة في الماء بلا معارض لانها ترفع الابتلاء بالتيمم، فلا مجال لجريان أصالة الطهارة في التراب كي تعارضها. ثم إنه في فرض العلم بنجاسة أحدهما والابتلاء بهما يجب تقديم التيمم لانه لو توضأ أولا يعلم بعدم صحة التيمم بعده إما لنجاسة أعضائه وإما لنجاسة التراب، الملازمة لصحة الوضوء وعدم مشروعية التيمم. ونجاسة الاعضاء وإن لم تمنع من صحة التيمم عند الاضطرار. لكنها توجب نقصه بنحو لا يجوز إيقاع النفس فيه. كما أنه لو قدم التيمم يلزمه مسح الاعضاء عن الغبار. لئلا يتنجس الماء بملاقاة الاعضاء. واحتمال نجاسة الاعضاء لنجاسة الماء غير قادح على ما هو مقرر في ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. (1) إلا أن تكون حالته السابقة كونه ترابا فتستصحب، ويصح التيمم به إذا كانت الشبهة موضوعية. أما إذا كانت مفهومية فلم يجر الاستصحاب، لما عرفت من عدم جريانه في المفهوم المردد. (2) لاصالة عدم وجود التراب. والعلم الاجمالي بوجوب التيمم إما بالمشكوك أو المرتبة اللاحقة منحل بالاصل المذكور، لان الحكم بوجوب التيمم بالمرتبة اللاحقة موضوعه عدم وجود التراب، وهو يثبت بالاصل المذكور، وإذا ثبت التكليف تعبدا في أحد أطراف الشبهة انحل العلم الاجمالي وأمكن الرجوع إلى أصالة البراءة في الطرف الآخر. نعم لو كان
===============
( 396 )
[ وإلا فالاحوط الجمع بين التيمم به والصلاة ثم القضاء خارج الوقت أيضا (1). (مسألة 6): المحبوس في مكان مغصوب يجوز أن يتيمم ] موضع وجوب التيمم بالمرتبة اللاحقة أن لا يكون المشكوك ترابا بنحو مفاد ليس الناقصة، فحيث لاأصل ينفي كونه ترابا لم يثبت التكليف في الطرف الآخر تعبدا كي ينحل به العلم الاجمالي، فلابد من الاحتياط. لكن عرفت أن ظاهر الادلة أن موضوع وجوب التيمم بالمرتبة اللاحقة أن لا يكون تراب بنحو مفاد ليس التامة. اللهم إلا أن يقال: وجوب التيمم بالمرتبة السابقة لما كان من قبيل الوجوب المطلق وجب في نظر العقل الاحتياط في موافقته مع الشك في القدرة عليه، وأصالة عدم المرتبة السابقة لا تنفي ذلك وان ترتب عليها وجوب المرتبة اللاحقة. وقد تقدم نظير ذلك في أول المبحث، وذكرنا هناك: أن الاصل المذكور لما كان يثبت التيمم في المرتبة الثانية بعنوان البدلية كان موجبا للعذر عند العقل، ولا مجال لجريان أصالة الاحتياط عند الشك في القدرة. فتأمل جيدا. (1) أما الجميع فهو مقتضى العلم الاجمالي بوجوب أحد الامرين، وعدم الجزم به ناشئ من احتمال كون المقام من قبيل الفرض الاول، بأن يكون وجوب القضاء مرتبا على عدم وجود ما يتطهر به الذي هو مجرى للاصل، وإذا ثبت وجوب القضاء بالاصل انحل العلم الاجمالي. هذا ولكن ترتب القضاء على عدم وجود ما يتطهر به ليس شرعيا، إذ لم يثبت في القضايا الشرعية، وإنما هو عقلي، لانه إذا لم يوجد ما يتطهر به فات الاداء ووجب القضاء، فإذا لم يثبت ما يوجب انحلال العلم الاجمالي وجب الاحتياط. فتأمل جيدا.
===============
( 397 )
[ فيه على إشكال، لان هذا المقدار (1) لا يعد تصرفا زائدا (2) بل لو توضأ بالماء الذي فيه وكان مما لا قيمة له يمكن أن يقال بجوازه (3). والاشكال فيه أشد، والاحوط الجمع فيه بين ] (1) تعليل لجواز التيمم. (2) كما يظهر من جامع المقاصد، فانه قال: " ولو حبس المكلف في مكان مغصوب ولم يجد ماء مباحا أو لزم من استعماله إضرار بالمكان يتيمم بترابه الطاهر وإن وجد غيره، لان الاكراه أخرجه عن النهي فصارت الاكوان مباحة، لامتناع التكليف بما لا يطاق إلا ما يلزم منه ضرر زائد على أصل الكون، ومن ثم جاز له أن يصلي وينام ويقوم ". لكنه إنما يتم بالنسبة إلى الفضاء حيث أن اليد لابد أن تشغل المقدار الذي يسعها من الفضاء، سواء كان المتصل بالارض أم غيره. أما بالنسبة إلى الارض فلا يتم، لان الضرب على الارض تصرف فيها زائد على التصرف في الفضاء، فلا يجوزه الاضطرار إلى شغل الفضاء بالجسم. ومن ذلك يظهر الاشكال في جواز الصلاة والنوم. (3) مجرد كون الشي مما لاقيمة له لا يسوغ التصرف فيه إذا كان ملكا للغير، فلا يجوز التصرف في حبة من حنطة الغير وإن كانت مما لاقيمة له. وكأن هذا القول مبني على أن دليل تحريم التصرف يختص بما له قيمة. فان التوقيع الشريف المشهور: " فلا يحل لاحد أن يتصرف في مال غيره... " (* 1)، وموثق سماعة: " لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه " (* 2) موضوعهما المال، وهو يختص بما له قيمة (* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الانفال وما يختص بالامام حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب مكان المصلي حديث: 1.
===============
( 398 )
[ الوضوء والتيمم والصلاة ثم إعادتها أو قضاؤها بعد ذلك (1). (مسألة 7): إذا لم يكن عنده من التراب أو غيره مما يتيمم به ما يكفي لكفيه معا يكرر الضرب حتى يتحقق الضرب بتمام الكفين عليه (2). وإن لم يمكن يكتفي بما يمكن ويأتي بالمرتبة المتأخرة أيضا إن كانت ويصلي. وإن لم تكن فيكتفي به ويحتاط بالاعادة أو القضاء أيضا. (مسألة 8): يستحب أن يكون على ما يتيمم به غبار يعلق باليد (3)، ] ولا يشمل مالا قيمة له. لكن الذي يظهر من كلامهم الاتفاق على عدم جواز غصب ما لامالية له وحرمة التصرف فيه. فلاحظ كلامهم في مبحث اعتبار إباحة الماء في الوضوء والتراب في التيمم. فالمنع عن الوضوء متعين كما في غير المحبوس. (1) هذا أحوط بالاضافة إلى التكليف بالصلاة لا بالاضافة إلى حرمة الغصب. (2) هذا وإن لم يتضح وجهه سوى قاعدة الميسور التي لم تثبت كلية، إلا أن الظاهر أنه لاإشكال فيه، وإن لم أقف عاجلا على من تعرض له. ومن ذلك تعرف الوجه في الاحتياط الآتي. (3) بل الذي اختاره جماعة لزومه، منهم السيد والبهائي ووالده والكاشاني والبهبهاني والبحراني على ما حكي عنهم، بل حكي عن أكثر الطبقة الثالثة، للاصل ولظهور أدلة الطهورية في كون التراب كالماء، ولقوله تعالى: (فامسحوا وجوهكم وأيديكم منه) (* 1) لظهور " من " في التبعيض كما يظهر من
____________
(* 1) المائدة: 6.
===============
( 399 )
[ ويستحب أيضا نفضها بعد الضرب (1). ] ملاحظة النظائر. فعن الكشاف: " لا يفهم أحد من العرب من قول القائل: (مسحت برأسي من الدهن ومن الماء ومن التراب) إلا معنى التبعيض ". ومنه يظهر الاستدلال بما في بعض الصحاح من قولهم (ع): " فليمسح من الارض " (* 1). ولما في صحيح زرارة المتقدم من قول أبي جعفر (ع): " لانه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لانه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها " (* 2). لكن الجميع لا يخلو من خدش إذ الاصل مقطوع بالادلة البيانية. وكذا أدلة الطهورية. ولاجل تلك الادلة البيانية تحمل الآية ونحوها من النصوص على إرادة المسح من أثر الصعيد لامن نفسه، فان التصرف المذكور أقرب من حمل تلك الادلة على اعتبار العلوق، ولاسيما مع كون ما يعلق باليد مما لا يعد صعيدا عرفا، ولايجوز التيمم به اختيارا، ولاسيما بملاحظة مادل على استحباب النفض من النص (* 3) والاجماع. وبه أيضا يشكل ما في صحيح زرارة. مضافا إلى إشكال ظاهره في نفسه كما أشرنا إلى ذلك في أول المبحث. فراجع ومما ذكرنا يظهر وجه ما هو المشهور من عدم اعتبار العلوق. بل في جامع المقاصد: نسبة اعتبار العلوق إلى ابن الجنيد لاغير. وعن ظاهر المنتهى الاجماع على العدم. بل مما ذكرنا يشكل الحكم باستحبابه إلا بناء على قاعدة التسامح، والاكتفاء فيها بفتوى الفقيه. فلاحظ وتأمل. (1) في المدارك: " انه مذهب الاصحاب لا نعلم فيه مخالفا. وأسنده
____________
(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب التيمم حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب التيمم حديث: 1. (* 3) يأتي ذكرها في التعليقة الآتية.
===============
( 400 )
[ (مسألة 9): يستحب أن يكون ما يتيمم به من ربى الارض وعواليها (1)، لبعدها عن النجاسة. (مسألة 10): يكره التيمم بالارض السبخة (2) إذا لم ] في المنتهى إلى علمائنا ". وعن المختلف: انه مذهب الاصحاب عدا ابن الجنيد. ويشهد له صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما، نفضة للوجه ومرة لليدين " (* 1)، وخبر ليث: " تضرب بكفيك على الارض مرتين ثم تنفضهما وتمسح بهما... " (* 2)، وخبر زرارة: " تضرب بكفيك الارض ثم تنفضهما " (* 3)، وغيرها المحمولة على الاستحباب بقرينة ما سبق. وما يظهر من المقاصد العلية من القول بوجوبه ضعيف. قال في المدارك: " وقد أجمع الاصحاب على عدم وجوبه. قاله في التذكرة ". (1) إجماعا كما عن الخلاف والمعتبر وظاهر التذكرة وجامع المقاصد. وفي محكي الرضوي: تفسير الصعيد بالموضع المرتفع (* 4). (2) أما الجواز: فعليه الاجماع صريحا - كما عن المعتبر والتذكرة - وظاهرا كما عن غيرها. وفي المدارك: نسبته إلى علمائنا أجمع عدا ابن الجنيد. ويشهد له إطلاق الادلة. وما عن ابن الجنيد من المنع ضعيف غير ظاهر الوجه. وما عن أبي عبيدة من أن الصعيد التراب الذي لا يخالطه سبخ ولا رمل لا يعارض ماعن غيره من أهل اللغة. وأما الكراهة: فعليها الاجماع
____________
(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب التيمم حديث: 4. هكذا وردت هذه الرواية في النسخ المصححة ولكن رواها (مرة للوجه ومرة اليدين) راجع مسألة: 18 من فصل كيفية التيمم. (* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب التيمم حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب التيمم حديث: 7. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب التيمم حديث: 2.
===============
( 401 )
[ يكن يعلوها الملح، وإلا فلا يجوز. وكذا يكره بالرمل (1). وكذا بمهابط الارض (2). وكذا بتراب يوطأ (3)، وبتراب الطريق (4). ] أيضا عن جماعة. وتقتضيها قاعدة التسامح بناء على الاكتفاء فيها بفتوى الفقيه. (1) أما الجواز فيه: فاجماع صريحا وظاهرا عن جماعة. وفي جامع المقاصد: " أما الرمل فيجوز عندنا على كراهية ". لما سبق من الاطلاق وعن الحلي في الاشارة: العدم مع وجود التراب. وتبع في كشف الغطاء ولكنه غير ظاهر. وما عن أبي عبيدة قد عرفت حاله. وأما ما رواه محمد ابن الحسين: " أن بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الهادي (ع) يسأله عن الصلاة على الزجاج، قال: فلما نفذ كتابي إليه تفكرت وقلت هو مما أنبتت الارض وما كان لي أن أسأل عنه. قال: فكتب إلي: لا تصل على الزجاج وإن حدثتك نفسك أنه مما أنبتت الارض، ولكنه من الملح والرمل وهما ممسوخان " (* 1). فضعيف في نفسه، غير معمول به في الرمل، ومعارض بما عن الحميري في دلائل علي بن محمد العسكري (ع) قال: " وكتب إليه محمد بن الحسين بن مصعب... إلى أن قال: فانه من الرمل والملح والملح سبخ " (* 2). واحتمال تعدد السؤال بعيد. مع أنه لا يدفع التعارض. فتأمل جيدا. (2) إجماعا كما عن الخلاف والمعتبر. (3) لخبر غياث: " قال أمير المؤمنين (ع): لا وضوء من موطأ " (* 3) قال النوفلي: " يعني ما تطأ عليه برجلك ". (4) لخبر غياث المتقدم، ولخبره الآخر: " نهى أمير المؤمنين (ع)
____________
(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب ما يسجد عليه ملحق حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب التيمم حديث: 1.