[ فصل في الصلاة على الميت يجب الصلاة على كل مسلم (1) من غير فرق بين العادل ] فصل في الصلاة على الميت (1) بلا خلاف كما عن المنتهى بل إجماع كما عن التذكرة ومجمع البرهان، وعن كشف الرموز: أنه المذهب، وعن جماعة: نسبته إلى المشهور: ويدل عليه خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (ع): " صل على من مات من أهل القبلة وحسابه على الله " (* 1)، وخبر غزوان السكوني عنه (ع): " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلوا على المرجوم من أمتي، وعلى القاتل نفسه من أمتي لا تدعو ا أحدا من أمتي بلا صلاة " (* 2) وضعفهما منجبر بالعمل. مع أنه ليس في سند الاول من يتأمل فيه سوى طلحة، وأما هو فقد نص الشيخ في الفهرست على أن كتابه معتمد، ولعل هذا المقدار - بضميمة رواية صفوان عنه في غير المقام، وأن في السند في المقام الحسن بن محبوب - كاف في كونه من الموثق. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن المقنعة والوسيلة والسرائر والكافي والاشارة وغيرهم من قصر الوجوب على المؤمن. وتبعهم عليه في كشف اللثام فقال: " وهو قوي ". وفي المدارك فقال: " وهو غير بعيد ". كضعف ماعن الحلي من المنع عن الصلاة على ولد الزنا. والمذكور في كلامهم أن الوجه في خلافهم بناؤهم على كفر غير المؤمن وولد الزنا. لكن عرفت فيما سبق منعه.
____________
(* 1) الوسائل باب: 37 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 37 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 3.
===============
( 211 )
[ والفاسق والشهيد وغيرهم (1)، حتى المرتكب للكبائر، بل ولو قتل نفسه عمدا. ولا تجوز على الكافر (2) بأقسامه حتى المرتد فطريا أو مليا مات بلا توبة (3)، ولا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ست سنين (4). ] (1) كما يقتضيه إطلاق النص والفتوى. مضافا إلى خبر السكوني المتقدم، وإلى ما ورد في نصوص الشهيد مما يظهر منه وجوب الصلاة عليه (* 1). نعم في موثق عمار: إن عليا (ع) لم يصل على عمار ولا هاشم (* 2). ولكنه مطروح، أو محمول على وهم الرواي أو غيره. (2) إجماعا. ويشهد به ما في خبر صالح بن كيسان المروي عن احتجاج الطبرسي من قول الحسين (ع) لمعاوية: " يا معاوية لكنا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ولاصلينا عليهم ولا قبرناهم " (* 3). (3) أما لو تاب قبل الموت فان كان مليا قبلت توبته، وجرى عليه جميع أحكام الاسلام، ومنها الصلاة عليه. وإن كان فطريا فقد تقدم في المتن قبول توبته أيضا فيصلى عليه. والمشهور عدم القبول. وقد تقدم الكلام في ذلك في المطهرات. (4) كما هو المذهب الاكثر كما في المدارك، أو المشهور كما عن جماعة بل عن الانتصار والغنية والمنتهى وظاهر الخلاف: الاجماع عليه إذا بلغ ذلك. واستدل عليه بصحيح زرارة وعبيدالله بن علي والحلبي عن أبي عبد الله (ع): " انه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى عليه؟ قال (ع) إذا عقل الصلاة. قلت: متى تجب الصلاة عليه؟ قال (ع): إذا كان
____________
(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب غسل الميت حديث: 1 و 7 و 8 و 9. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب غسل الميت حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 18 من ابواب غسل الميت حديث: 3.
===============
( 212 )
ابن ست سنين. والصيام إذا أطاقه " (* 1)، وما في صحيح زرارة الوارد في موت ابن لابي جعفر (ع) قال (ع) فيه: " أما انه لم يكن يصلى على مثل هذا - وكان ابن ثلاث سنين - كان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه، ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله. قلت: فمتى تجب عليه الصلاة؟ قال (ع): إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين " (* 2). ومرسل الفقيه الوارد في ذلك: " وسئل أبو جعفر (ع) متى تجب الصلاة عليه؟ فقال (ع): إذا عقل الصلاة... " (* 3). ويمكن الخدش في الاول بأن الفقرة الثانية موردها صلاته اليومية لا الصلاة عليه. والفقرة الاولى خالية عن التحديد بالست، وحمل زمان عقل الصلاة عليه لاقرينة عليه، بل يأباه العدول عن التحديد به إلى التحديد بالست في الفقرة الثانية. ودعوى أنه ظاهر العطف في ذيل صحيح زرارة ممنوعة. بل ظاهر العطف المغايرة بينهما. ومن ذلك يظهر الخدش في الاستدلال بالصحيح الثاني. مضافا إلى أن مورده صلاته لا الصلاة عليه. ومجرد كون مورده صدره الصلاة عليه لا يكفي في صرف الذيل إليه، لجواز كون السؤال في الذيل لمناسبة يعلمها السائل. وأما المرسل فلفظ " عليه " فيه وإن كان يمكن جعله قيدا للصلاة فيكون واردا في الصلاة عليه، إلا أنه يمكن - أيضا - جعله قيدا ل (تجب)، فيكون واردا في صلاته، فلا يكون مما نحن فيه مضافا إلى ما عرفت من أن ظاهر العطف المغايرة. مع أن الظاهر كونه عين الصحيح الثاني، فلا مجال للاعتماد عليه. وكأنه لذلك كان المحكي عن المفيد (ره) والمقنع. التحديد بالعقل دون الست.
____________
(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 13 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 2.
===============
( 213 )
نعم في صحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): " في الصبي متى يصلي؟ قال (ع): إذا عقل الصلاه. قلت: متى يعقل الصلاة وتجب عليه؟ قال (ع): لست سنين " (* 1). وعليه فيجب حمل العقل في الصحيح الاول على الست، وحمل العطف في صحيح زرارة على العطف التفسيري بشهادة الصحيح المذكور، ويتم الاستدلال بهما على المشهور. ولعل مراد المفيد والمقنع ذلك أيضا، كما يقتضيه دعوى الاجماع المتقدمة. نعم قد ينافي التحديد بذلك صحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى بن جعفر (ع): " عن الصبي أيصلى عليه إذا مات وهو ابن خمس سنين؟ قال (ع): إذا عقل الصلاة فصل عليه. وجعل الشرطية من قبيل ما يكون شرطها محالا - جمعا بين الصحيح المذكور وصحيح محمد - ليس أولى من حمل التحديد بالست على كونه تحديدا غالبيا، بل الثاني أظهر عرفا. فتأمل. هذا وعن ابن أبي عقيل عدم وجوب الصلاة على من لم يبلغ، لان الصلاة استغفار للميت ودعاء، ومن لم يبلغ لا يحتاج إلى ذلك. وهو كما ترى. نعم استدل له بموثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلى عليه؟ قال (ع): لا، إنما الصلاة على الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم " (* 3). وأظهر منه خبر هشام الوارد في مقام تلقين الاحتجاج على العامة القائلين بوجوب الصلاة على الطفل، قال (ع) في ذيله: " إنما يجب أن يصلى على من وجبت عليه الصلاة والحدود، ولا يصلى على من لم تجب عليه الصلاة ولا الحدود " (* 4).
____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 15 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 3.
===============
( 214 )
[ نعم تستحب على من كان عمره أقل من ست سنين (1)، وإن كان مات حين تولده بشرط أن يتولد حيا، ] مضافا إلى عدم ظهور النصوص المتقدمة في الوجوب، والمتيقن منها مجرد المشروعية، ولا عموم يقتضي وجوب الصلاة على الطفل، لاختصاص الخبرين السابقين بغيره. والطعن في سند الموثق بعدم الصحة غير قادح في الحجية. كما أن حمل جريان القلم فيه على جريان قلم الخطاب الشرعي ولو تمرينيا، أو قلم الثواب - بناء على شرعية عبادات الصبي كما هو التحقيق - خلاف الظاهر أيضا. فالعمدة في الطعن في الموثق إعراض الاصحاب عنه، وخبر هشام ضعيف في نفسه. ويبقى الاشكال في دلالة النص المتقدمة على الوجوب. ولعل الظاهر من الصلاة فيها الصلاة المفروضة على الاموات. فتأمل جيدا. (1) على المشهور كما عن جامع المقاصد والكفاية وغيرهما، للنصوص الآمرة بالصلاة عليه، كصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " لا يصلى على المنفوس وهو المولود الذي لم يستهل ولم يصح ولم يورث من الدية ولا من غيرها، وإذا استهل فصل عليه وورثه " (* 1). ونحوه صحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن (ع)، وخبر السكوني عن جعفر (ع) وغيرهما المحمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين ما سبق مما اقتضى التحديد بالست، ولاسيما صحيح زرارة المشتل صدره على موت ابن لابي جعفر (ع) كان عمره ثلاث سنين، وأنه (ع) صلى عليه وأنه قال لزرارة: " لم يكن يصلى على مثل هذا، كان علي (ع) يأمر به
____________
(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 3.
===============
( 215 )
فيدفن ولا يصلي عليه، ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله " (* 1) ونحوه صحيحه الآخر (* 2). وفي خبر علي بن عبد الله: " انه لما مات ابراهيم لم يصل عليه النبي صلى الله عليه وآله فقال الناس نسي رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصلي عليه لما دخله من الجزع عليه. فقال (ع): أتاني جبرئيل بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع، ألا وإنه ليس كما ظننتهم... إلى أن قال صلى الله عليه وآله: وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى " (* 3). ومن هذه النصوص يظهر ضعف ماعن ابن الجنيد من القول بالوجوب، بل قد يشكل القول بالاستحباب، لظهور النصوص المذكورة في عدم مشروعيتها، وان إيقاعها من أبي جعفر (ع) كان على وجه المجاراة لاهل المدينة، كما قد يومئ إليه أيضا ما في صحيح زرارة الثاني: من أنه (ع) كبر أربع تكبيرات. ولاجل ذلك جزم في الحدائق بعدم الاستحباب (ودعوى) أن غاية ما يستفاد من النصوص عدم استحباب الصلاة بعنوانها الاولي، واستحبابها بعنوانها الثانوي، وأن الحكمة فيه المجاراة والمداراة، وهو كاف في دعوى الاستحباب مطلقا. (مندفعة) بأن ذلك خلاف ظاهرها، ولاسيما ما تضمن أن أمير المؤمنين (ع) كان يأمر به فيدفن، وقوله صلى الله عليه وآله: " أمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ": فلاحظ. نعم لو تمت قاعدة التسامح بمجرد الفتوى - ولو مع قيام الدليل على نفي الاستحباب - كان الحكم بالاستحباب في محله.
____________
(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 2.
===============
( 216 )
[ وإن تولد ميتا فلا تستحب أيضا (1). ويلحق بالمسلم في وجوب الصلاة عليه من وجد ميتا في بلاد المسلمين (2)، وكذا لقيط دار الاسلام (3)، بل دار الكفر إذا وجد فيها مسلم يحتمل كونه منه. (مسألة 1): يشترط في صحة الصلاة أن يكون المصلي مؤمنا (4)، وأن يكون مأذونا من الولي على التفصيل الذي مر سابقا، فلا تصح من غير إذنه (5) جماعة كانت أو فرادى (6). ] (1) لما في صحيح ابن سنان المتقدم وغيره. (2) بلا خلاف ظاهر، وتقتضيه السيرة القطعية، وما ورد في شراء الجلد من مجهول الاسلام من قوله (ع): " إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس " (* 1). (3) على ما تقدم في الغسل وغيره. (4) لبطلان عبادة غيره للنصوص الدالة عليه، وقد عقد لها في الوسائل بابا في مقدمة العبادات (* 2). (5) على ما تقدم في فصل الولاية من عدم جواز العمل على خلافها. فراجع. (6) خلافا لما عن الروض - بل نسبه إلى ظاهر الاصحاب -. من أن إذن الولي إنما يتوقف عليها في الجماعة لا في أصل الصلاة لوجوبها على الكفاية فلا تناط برأي أحد. وقد تقدم في أول المبحث التعرض لهذا الاشكال. فراجع.
____________
(* 1) الوسائل باب: 50 من ابواب النجاسات حديث: 5. (* 2) وهو باب: 29 من ابواب مقدمة العبادات.
===============
( 217 )
[ (مسالة 2): الاقوى صحة الصلاة الصبي المميز (1)، لكن في إجزائها عن المكلفين البالغين إشكال. (مسألة 3): يشترط أن تكون بعد الغسل والتكفين (2)، فلا تجزئ قبلهما (3) ولو في أثناء التكفين، عمدا كان أو جهلا أو سهوا (4). نعم لو تعذر الغسل والتيمم أو التكفين ] (1) قد تكرر في هذا الشرح الاشارة إلى وجه كون عبادات الصبي شرعية كعبادات غيره، ولاجل ذلك كان الاقرب إجزاءها عن المكلفين. وقد تقدم من المصنف (ره) أنه لا يبعد كفايتها إذا علمنا بوقوعها صحيحة جامعة للشرائط. (2) بلا خلاف يعلم كما عن المنتهى، وبلا خلاف كما في كشف اللثام وهو قول العلماء كافة كما في المدارك، وهو العمدة فيه، لاأصالة الاشتغال لعدم الدليل عليها، ولا أصالة عدم المشروعية لاختصاصها بالشك في أصل المشروعية لافي خصوصية المشروع، بل المرجع فيه أصالة البراءة من شرطية الترتيب المذكور. نعم يشعر به عطف الصلاة بالواو على التكفين والغسل في غير واحد من النصوص، لكن هذا المقدار لا يصلح حجة على الترتيب. (3) لفوات المشروط بفوات شرطه. وعن كشف اللثام: احتمال الاجزاء ولكنه في غير محله. (4) لاطلاق معقد الاجماع المقتضي للشرطية. واحتمل في الجواهر الاجزاء في الناسي لحديث رفع النسيان. وفيه: أن المحقق في محله عدم صلاحية الحديث للدلالة على صحة الناقص، فلا يصلح لتقييد إطلاق دليل الشرطية، ولذا لا يقتضي حديث رفع الاضطرار وجوب المقدار الممكن
===============
( 218 )
[ أو كلاهما لا تسقط الصلاة (1)، فان كان مستور العورة فيصلي عليه (2)، وإلا يوضع في القبر ويغطى عورته (3) بشئ من التراب أو غيره ويصلي عليه. ووضعه في القبر ] بل يحتاج في إثباته إلى قاعدة الميسور. وأضعف منها ما في المستند من الجزم بالاجتزاء في الجاهل والناسي، لعدم ثبوت الاجماع. إذ فيه أنه خلاف إطلاق معقده. (1) بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه إطلاق دليل وجوب الصلاة على الاموات، ولا دليل على تقييده مع تعذر الغسل أو الكفن فيكون محكما مع التعذر. ولا حاجة في البناء على وجوبها معه إلى تمامية قاعدة الميسور. (2) لاطلاق دليل وجوبها. ولا حاجة إلى وضعه في القبر لعده الدليل عليه، والخبران الآتيان الدالان على ذلك موردهما الصورة الثانية. وحينئذ فما قد يظهر من قول الاصحاب -: " ان لم يكن له كفن جعل في القبر وسترت عورته وصلي عليه بعد ذلك " - من أنه يجب وضعه في القبر حتى مع ستر عورته، غير مرادهم خصوص الصورة الثانية، وإلا فلا وجه له. ولذا قال في الذكرى: " إن أمكن ستره بثوب صلي عليه قبل الوضع في اللحد "، وفي المدارك: انه لاريب في الجواز. فلاحظ. (3) في المدارك: " هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب، لموثق عمار: " قلت لابي عبد الله (ع): ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر وهم عراة وليس عليهم إلا ازار، كيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يلفونه فيه؟ قال (ع): يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن
===============
( 219 )
[ على نحو وضعه خارجه للصلاة (1)، ثم بعد الصلاة يوضع على كيفية الدفن. (مسألة 4): إذا لم يمكن الدفن لا يسقط سائر الواجبات (2) ] على عورته فيستر عورته باللبن والحجر ثم يصلى عليه ثم يدفن. قلت: فلا يصلى عليه إذا دفن. فقال (ع): لا يصلى على الميت بعدما يدفن ولا يصلى عليه وهو عريان حتى توارى عورته " (* 1) وقريب منه خبر محمد بن أسلم عن رجل عن أبي الحسن (ع) (* 2) هذا ومقتضى الجمود على ظاهر النص عدم جواز الصلاة بدون وضعه في القبر وإن أمكن ستر عورته بالتراب ونحوه. لكن في كشف اللثام: " الظاهر أن لا خلاف في جواز الصلاة عليه خارجا إذا سترت عورته بلبن أو تراب أو نحوهما ". وكأن وجهه حمل الامر بالوضع في اللحد على الرخصة لكونه مورد توهم الحظر. لكنه لا يخلو من إشكال. فالجمود على ظاهر النص - كما هو ظاهر المتن - أقرب. (1) لاطلاق دليله، والخبران لا يصلحان لمعارضته، لخلوهما عن التعرض لذلك، لسوقهما لبيان غير هذه الحيثية. نعم قد يشعر عدم التعرض في النص لتبديل كيفية الوضع بعد الصلاة، وإطلاق الامر بالدفن بعدها يكون كيفية وضعه حالها هي كيفيته حال الدفن، لكنه لم يبلغ حدا يعول عليه في رفع اليد عن إطلاق دليل الاعتبار، وإن ادعاه بعض الاعيان ناسبا له إلى ظاهر الفتاوى أيضا. (2) بلا خلاف ظاهر لاطلاق أدلتها.
____________
(* 1) الوسائل باب: 36 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 36 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 2.
===============
( 220 )
من الغسل والتكفين والصلاة. والحاصل كلما يتعذر يسقط كلما يمكن يثبت (1)، فلو وجد في الفلاة ميت ولم يمكن غسله ولا تكفينه ولا دفنه يصلي عليه ويخلى، وإن أمكن دفنه يدفن. (مسألة 5): يجوز أن يصلي على الميت أشخاص متعددون فرادى في زمان واحد (2). وكذا يجوز تعدد الجماعة وينوي كل منهم الوجوب ما لم يفرغ منها أحد، ] (1) هذا ظاهر إذا كان المتعذر اللاحق لعدم الارتياب في عدم تقييد السابق به، فلا وجه لسقوطه بتعذره. وأما إذا كان المتعذر السابق، فقد يشكل البناء على وجوب اللاحق لفوات شرط الترتيب، إلا أن يبنى على قاعدة الميسور. لكن عرفت الوجه في وجوب الصلاة مع تعذر الغسل والتكفين. وأما وجوب الدفن مع تعذرهما أو أحدهما، مع الصلاة أو مع إمكانها فلان الظاهر أن مصلحة الدفن قائمة به بلا دخل لما قبله من شؤون التجهيز فيها، وإنما يجب بعدها لان فعله قبلها يوجب فواتها، فلا وجه لسقوطه بتعذرها أو بعضها. وكذا يقال في وجوب التكفين عند تعذر التغسيل. هذا كله مضافا إلى الاتفاق على عدم السقوط، والى بعض النصوص الواردة في بعض الصور، كمن تعذر تغسيله لفقد المماثل (* 1) أو لفقد الماء (* 2)، أو تعذر تكفينه لفقد الكفن (* 3). فلاحظ. (2) لصلاحية الخطاب الكفائي لبعث كل واحد من المكلفين إلى الامتثال، لصدق المأمور به على جميع أفعالهم وانطباقه عليها في عرض واحد بلا ترتيب.
____________
(* 1) راجع الوسائل باب: 21 من ابواب غسل الميت. (* 2) راجع الوسائل باب: 18 من ابواب التيمم. (* 3) راجع الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجنازة.
===============
( 221 )
[ وإلا نوي بالبقية الاستحباب (1)، ولكن لا يلزم قصد الوجوب والاستحباب، بل يكفي قصد القربة مطلقا (2). (مسألة 6): قد مر - سابقا - (3) أنه إذا وجد بعض الميت فان كان مشتملا على الصدر أو كان الصدر وحده، بل أو كان بعض الصدر المشتمل على القلب، أو كان عظم الصدر بلا لحم وجب الصلاة عليه، وإلا فلا. نعم الاحوط الصلاة على العضو التام من الميت وإن كان عظما كاليد والرجل ونحوهما، وإن كان الاقوى خلافه (4). وعلى هذا فان وجد عضوا تاما وصلي عليه ثم وجد آخر فالظاهر الاحتياط بالصلاة عليه (5) - أيضا - إن كان غير الصدر، أو بعضه مع القلب، وإلا وجبت. ] (1) بناء على مشروعية التكرار - كما سيأتي - وإلابطلت. والوجه في نية الاستحباب حينئذ سقوط الوجوب لحصول المأمور به بفراغ البعض. ولو علم الدخول في الصلاة بفراغ غيره قبله نوى الاستحباب من أول الامر، لعدم كون فعله حينئذ مصداقا لصرف الطبيعة الواجبة. وعليه فمع احتمال كل واحد التقدم والتأخر ينوي الوجوب رجاء لاجزما. فتأمل جيدا. (2) كما تقدم في نية الوضوء وغيرها. (3) قد مر الكلام في صور هذه المسألة في الكلام في المسألة الثانية عشرة من فصل تغسيل الميت. فراجع. (4) كما هو المشهور لدلالة غير واحد من النصوص على عدم الوجوب الواجب تقديمه على معارضه مما سبق في التغسيل، ولاسيما مع ضعفه في نفسه، وإعراض المشهور عنه. (5) لاحتمال النص الدال على وجوب الصلاة على العضو في كون
===============
( 222 )
[ (مسألة 7): يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن (1). (مسألة 8): إذا تعدد الاولياء في مرتبة واحدة وجب الاستئذان من الجميع على الاحوط (2)، ويجوز لكل منهم الصلاة من غير الاستئذان من الآخرين، بل يجوز أن يقتدي بكل واحد منهم مع فرض أهليتهم جماعة. (مسألة 9): إذا كان الولي امراة يجوز لها المباشرة (3) ] ذلك من أحكام العضو في نفسه، فيجري بالنسبة إلى كل عضو، فانه مقتضى إطلاقه الاحوالي. ويحتمل أن يكون المراد منه أن يصلي على العضو الصلاة المفروضة على الميت فلا تجب الصلاة ثانيا على العضو التام لو وجد بعد ذلك لفرض تحقق الامتثال بالصلاة على الاول. (1) إجماعا، كما في القواعد. ويدل على الخبران المتقدمان في العاري (2) بل هو الظاهر المطابق لاطلاق دليل الولاية المقتضي لثبوت ولاية واحدة لصرف طبيعة الولي، لاحقوق متعددة بتعدد أفراد الولي. ولاجله جزم في فصل مراتب الاولياء بوجوب الاستئذان من الجميع. وهو في محله. ولاجل ذلك يشكل جواز الصلاة من كل منهم مع عدم الاستئذان من غيره، لان ذلك متفرع على كون كل واحد منهم ذا ولاية مستقلا، لاكون المجموع ذا ولاية واحدة، إذ حينئذ تكون الصلاة من كل منهم بلا إذن من الآخر تصرفا بلا إذن الولي. وأشكل منه جواز الاقتداء بكل منهم مع عدم إذن الآخر. إذ لا يتضح الفرق بين الصلاة فرادي والصلاة مقتديا في وجوب الاستئذان من الجميع وعدمه. فلاحظ. (3) بلا خلاف ظاهر، بل عن السرائر والتحرير الاجماع عليه. ويدل عليه - مضافا إلى إطلاق الادلة - جملة من النصوص كصحيح
===============
( 223 )
[ من غير فرق بين أن يكون الميت رجلا أو امرأة، ويجوز لها الاذن للغير كالرجل من غير فرق. (مسألة 10): إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين فالظاهر وجوب إذن الولي (1)، والاحوط له الاستئذان من الولي، ولا يسقط اعتبار إذنه بسبب الوصية وإن قلنا بنفوذها ] زرارة عن أبي جعفر (ع): " قلت: المرأة تؤم النساء؟ قال (ع): لا إلا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها، تقوم وسطهن في الصف معهن فتكبر ويكبرن " (* 1). ونحوه في الدلالة على ذلك غيره. وعن ظاهر الحلي: اشتراط صلاتهن بعدم الرجال. وليس له وجه ظاهر إلا خبر جابر عن أبي جعفر (ع): " إذا لم يحضر الرجل الميت تقدمت المرأة وسطهن وقام النساء عن يمينها وشمالها وهي وسطهن تكبر حتى تفرغ من الصلاة " (* 2). لكنه - مع ضعفه في نفسه وإعراض الاصحاب عنه - محتمل لارادة إذا لم يحضر الرجل للصلاة معهن لامتناع ائتمامه بالمرأة، لا مجرد الحضور عند الميت. ومن هنا يظهر أنه يجوز للولي الذكر أن يرخص المرأة في الصلاة على ميته، ولا يشترط في جواز صلاتها عليه أن تكون هي الولي كما قد يتوهم من المتن. نعم اشترط في الصحيح المتقدم صحة إمامتها بكونها الولي. لكن الظاهر عدم العمل به. (1) عملا بالوصية الواجب العمل بها على ما تقدم من أن دليل الوصية في المقام مقدم على دليل الولاية، لكن في المقدار المزاحم لها، فلو امتنع الولي من الاذن وجبت الصلاة بلا إذن منه باذن الحاكم الشرعي بناء على
____________
(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 4.
===============
( 224 )
[ ووجوب العمل بها. (مسألة 11): يستحب إتيان الصلاة جماعة (1). والاحوط بل الاظهر اعتبار اجتماع شرائط الامامة فيه (2) من البلوغ، والعقل، والايمان، والعدالة، وكونه رجلا للرجال، وأن لا يكون ولد زنا. بل الاحوط اجتماع شرائط الجماعة أيضا من عدم الحائل، وعدم علو مكان الامام، وعدم كونه جالسا مع قيام ] ولايته حينئذ، أو بلا إذنه لو قلنا بعدمها. وعلى هذا يجب على الموصى إليه بالصلاة الاستئذان من الولي مع الامكان. ومنه يظهر الاشكال فيما في المتن من التوقف في وجوب الاستئذان والجزم بوجوب الاذن، إذ لا يخلو ذلك من تدافع. وكذلك الجزم بعدم سقوط اعتبار إذن الولي لانه ينافي الاحتياط. (1) بالاجماع والنصوص. كذا في كشف اللثام. وليست شرطا إجماعا، كما في التذكرة ونهاية الاحكام وكشف اللثام. بل الاجماع على استحبابها مستفيض بل كاد يكون متواترا. كذا في مفتاح الكرامة، ويدل على عدم شرطيتها خبر اليسع بن عبد الله القمي: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي على جنازة وحده؟ قال (ع): نعم. قلت: فاثنان يصليان عليها؟ قال (ع): نعم، ولكن يقوم الآخر خلف الآخر ولا يقوم بجنبه " (* 1)، ونحوه غيره. أما ما يدل على استحبابها فلم أقف عليه في النصوص وإن تواترت في بيان أحكامها. ولعل هذا المقدار كاف في الدلالة عليه. ولاسيما بملاحظة استحباب كلية الجماعة في الصلاة. فلاحظ. (2) لاطلاق بعض أدلة تلك الشروط، وإلغاء خصوصية مورد
____________
(* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1.
===============
( 225 )
[ المأمومين، وعدم البعد بين المأمومين والامام وبعضهم مع بعض. (مسألة 12): لا يتحمل الامام في الصلاة على الميت شيئا عن المأمومين (1). (مسألة 13): يجوز في الجماعة أن يقصد الامام وكل واحد من المأمومين الوجوب (2)، لعدم سقوطه ما لم يتم واحد منهم (مسألة 14): يجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء (3)، ] البعض الآخر بدعوى كون المفهوم منه عرفا هو كونه شرطا لمفهوم الجماعة مطلقا، أو للاطلاق المقامي لنصوص الجماعة في المقام حيث لم يتعرض فيها لبيان المفهوم، فان ذلك ظاهر في الاعتماد في بيانه على بيان مفهوم الجماعة في الصلاة. والظاهر عدم الفرق فيما ذكرنا بين شروط الامام وشروط الائتمام فان المقامين من باب واحد. ولو كان الوجه في اعتبار الشرط هناك أصالة عدم تحقق الجماعة كان جاريا في المقام بعينه أيضا نعم قد لا يقتضي في المقام بطلان صلاة المأموم لعدم تحمل الامام فيها شيئا بخلافه في ذلك المقام، وإن كان قد يقتضي البطلان في المقام أيضا لفوات بعض شروط الصلاة فرادى كالقرب وعدم الحائل ونحوهما فتأمل جيدا. (1) وعن بعض: أن الظاهر الاجماع عليه. لعدم الدليل عليه مع اختصاص التحمل هناك بالقراءة وليست معتبرة هنا. فعموم مادل على اعتبار الدعاء بين التكبيرات بلا معارض. (2) بل لعله المتعين لان انطباق صرف الطبيعة الواجبة على الجميع في عرض واحد، وقد تقدم فيما سبق ماله نفع في المقام. فراجع. (3) لما عرفت من إطباق النص والفتوى عليه عدا ماعن ظاهر الحلي.
===============
( 226 )
[ والاولى بل الاحوط أن تقوم في صفهن ولا تتقدم عليهن (1). (مسألة 15): يجوز صلاة العراة على الميت فرادى وجماعة (2)، ومع الجماعة يقوم الامام في الصف كما في جماعة النساء (3)، فلا يتقدم ولا يتبرز. ] (1) بل لعل ظاهر صحيح زرارة المتقدم وغيره وجوب ذلك، لتضمنها الامر به الظاهر في الوجوب من دون معارض ظاهر. وفي كشف اللثام نسبة الوجوب إلى ظاهر الاكثر، لكن لم يحك التصريح به عن أحد، بل في الشرائع وعن المدارك التصريح بكراهة التقدم. وكأن وجهه دعوى كون النصوص الآمرة به واردة في مقام بيان الوظيفة في الجماعة في صلاة الميت، وأنها غير الوظيفة الثابتة لها في سائر الصلوات، فيكون حكم هذه الوظيفة هو حكم بديلها، فإذا ثبت أن حكم بديلها الاستحباب كان حكمها كذلك. وهذا غير بعيد من النصوص. (2) بلا خلاف ظاهر. لاطلاق الادلة، ولخصوص النصوص الواردة في القسمين ومنها خبر اليسع القمي المتقدم، وفي رواية موسى بن يحيى ابن خالد: " أن أبا ابراهيم (ع) قال ليحيى: يا أبا علي أنا ميت وإنما بقى من أجلي اسبوع فاكتم موتي وأتني يوم الجمعة عند الزوال وصل علي أنت وأوليائي فرادى... " (* 1). (3) قاله الشيخ والاصحاب كما في جامع المقاصد، وكذا في فوائد الشرائع، وذكر فيه: " انهم صرحوا بأن العراة يجلسون في اليومية، وكأنه بناء على أن الستر ليس شرطا في صلاة الجنازة ونحن نشترطه. أو للفرق بينها وبين اليومية بالاحتياج إلى الركوع والسجود هناك بخلافه هنا،
____________
(* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 1.
===============
( 227 )
[ ويجب عليهم ستر عورتهم (1)، ولو بأيديهم، وإذا لم يمكن يصلون جلوسا (2). (مسألة 16): في الجماعة من غير النساء والعراة الاولى أن يتقدم الامام ويكون المأمومون خلفه (3)، بل يكره وقوفهم إلى جنبه ولو كان المأموم واحدا. ] وليس بشئ لوجوب الايماء. والمتجه فعلها من جلوس واستحباب عدم التقدم بحاله ". وقريب منه ما في جامع المقاصد. وفيه: أنه لو أمكن الالتزام بوجوب الجلوس في اليومية للعراة مطلقا حتى مع الامن من المطلع - ولو من بعضهم على بعض - للنصوص الخاصة بها، فلا مجال للتعدي منها إلى المقام، لعدم الدليل عليه، حيث لاإطلاق في نصوصها كما عرفت. ولا مجالا لدعوى إلغاء خصوصية موردها عرفا، ولا لدعوى الاطلاق المقامي لنصوص الجماعة كما تقدم ذكره في شرائط الامام والائتمام لاختصاص ما ذكر بشرائط الجماعة وبما كان له دخل في تحققها، لاما كان من أحكامها، وبدلية الجلوس عن القيام من هذا القبيل، فاطلاق مادل على وجوب القيام في صلاة الميت محكم. فتأمل. (1) يعني عن الناظر لما دل على وجوب الستر عنه. (2) لان وجوب الستر مانع من القيام فيكون معسورا فينتقل إلى الميسور. (3) كما عن الفقيه والمبسوط والوسيلة وغيرها، بل لم يعرف خلاف فيه. ويدل عليه ما في خبر اليسع القمي المتقدم من قول الصادق (ع): " ولكن يقوم الآخر خلف الآخر ولا يقوم بجنبه " المحمول على الندب لما تقدم في جماعة النساء. وجعله في الجواهر الظاهر من إطلاق النص والفتوى.
===============
( 228 )
[ (مسألة 17): إذا اقتدت المرأة بالرجل يستحب أن تقف خلفه (1)، وإذا كان هناك صفوف الرجال وقفت خلفهم (2)، وإذا كانت حائضا بين النساء وقفت في صف وحدها (3). ] (1) للخبر المتقدم. مضافا إلى مادل على ذلك في جماعة اليومية بناء على ما عرفت من إلحاق المقام بها. (2) لاريب فيه كما في المدارك، وفي مفتاح الكرامة: لم أجد من خالف فيه. ويدل عليه هنا مادل عليه في جماعة اليومية، ولخبر السكوني عن أبي عبد الله (ع): " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير الصفوف في الصلاة المقدم وخير الصفوف في الجنائز المؤخر. قيل يارسول الله: ولم؟ قال صلى الله عليه وآله: صار سترة للنساء " (* 1) بناء على أن المراد أن ذلك صار سببا لتأخر صف النساء فيكون سترة لهن، فيكون المراد من الجنائز صلاة الجنائز لانفس الجنائز كي يكون المعنى: خير الصفوف من صفوف الجنائز الموضوعة بين يدي الامام للصلاة عليها الصف المؤخر، يعني: ماكان أبعد عن القبلة وأقرب إلى الامام كما عن المجلسي، إذ هو مع كونه بعيدا عن اللفظ غير مناسب للتعليل. (3) كما عن جماعة. ويدل على مصحح محمد بن مسلم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الحائض تصلي على الجنازة؟ قال (ع): نعم ولا تقف معهم " (* 2)، وعن الشيخ روايتها: " ولا تقف معهم تقف مفردة " (* 3). وفي خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع):
____________
(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 22 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب صلاة الجنازة ملحق الحديث الاول.
===============
( 229 )
[ (مسألة 18): يجوز في صلاة الميت العدول من إمام إلى إمام في الاثناء (1)، ويجوز قطعها أيضا إختيارا (2) كما يجوز العدول عن الجماعة إلى الانفراد (3)، لكن بشرط أن لا يكون بعيدا عن الجنازة بما يضر، ولا يكون بينه وبينها حائل، ] " ولا تقف معهم تقوم مفردة " (* 1). وفي موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام: " تقوم وحدها بارزة في الصف " (* 2) ونحوها غيرها. وظاهر الموثق وغيره انفرادها عن صف النساء والرجال كما في المتن، فما عن الذكرى من التنظر في انفرادها عن صف النساء لا يخلو من نظر. (1) لادليل على هذا الجواز، بل الشك في انعقاد الجماعة حينئذ كاف في نفيه لاصالة عدم الانعقاد. نعم لامانع من البناء على صحة صلاته إذا كانت جامعة لشرائط صلاة المنفرد كما لو انفرد في الاثناء. (2) كما قواه في الجواهر، وحكي عن استاذه في كشفه الجزم به، لعدم الدليل على حرمته، إذ العمدة في دليل حرمته في الصلاة الاجماع وهو غير ثابت في المقام. والنهي عن إبطال العمل في القرآن المجيد (* 3) غير ظاهر الانطباق على قطع الصلاة ونحوها، ولاسيما بملاحظة لزوم تخصيص الاكثر، وما ورد في تفسيره بالاحباط (* 4) فلاحظ. (3) لثبوته في اليومية الموجب لثبوته هنا بطريق أولى. مع أن عدم الدليل على بطلان الصلاة إذا جمعت شرائط صلاة المنفرد المشار إليها في المتن كاف في الجواز.
____________
(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 5. (* 3) يشير الى قوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) - محمد: 33. (* 4) الوسائل باب: 31 من أبواب الذكر حديث: 5.
===============
( 230 )
[ ولا يخرج عن المحاذاة لها. (مسألة 19): إذا كبر قبل الامام في التكبير الاول، له أن ينفرد وله أن يقطع ويجدده مع الامام (1)، وإذا كبر قبله فيما عدا الاول له أن ينوي الانفراد وأن يصبر حتى يكبر الامام (2) فيقرأ معه الدعاء لكن الاحوط إعادة التكبير بعدما كبر الامام، لانه لا يبعد اشتراط تأخر المأموم عن الامام في ] (1) لما عرفت في المسألة السابقة، ومقتضى تجويزه سابقا العدول من إمام إلى إمام الراجع إلى جواز الائتمام في الاثناء أن له الصبر إلى أن يلحق الامام فيتابعه في التكبير الثاني. (2) لعدم الدليل على بطلان الائتمام بمجرد سبقه له بالتكبير وإن كان عمدا، فاستصحاب بقاء الائتمام محكم بل بملاحظة ما ورد من النصوص (* 1) في من سبق الامام بفعل في اليومية الدال على بقاء الائتمام يمكن البناء عليه هنا، لقاعدة الالحاق المشار إليها آنفا. ومن ذلك يظهر ضعف عدم استبعاد بطلان الجماعة بمجرد التقدم. نعم الظاهر عدم تحقق الائتمام بالتكبير المأتي به قبل الامام كما هو الحال في اليومية، فان ترك المتابعة في بعض أفعالها إنما يوجب فوات الائتمام فيه لا بطلان الائتمام من أصله كما أشرنا إليه في مبحث الجماعة. ولاجل ما ذكر لم ينقل القول ببطلان الائتمام من أحد هنا، بل هم بين مصرح باستحباب إعادة التكبير كالمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد وعن غيرها، ومتوقف في ذلك كما عن الذكرى وجامع المقاصد والروض. ووجه الثاني: احتمال كون التكبير من قبيل الركن القادحة زيادته، ووجه الاول: كونه ذكرا وعدم الدليل على ركنيته بهذا
____________
(* 1) راجع الوسائل باب: 48 من أبواب صلاة الجماعة.
===============
( 231 )
[ كل تكبيرة أو مقارنته معه وبطلان الجماعة مع التقدم (1) وإن لم تبطل الصلاة. (مسألة 20): إذا حضر الشخص في أثناء صلاة الامام، له أن يدخل في الجماعة (2) فيكبر بعد تكبير الامام الثاني أو ] المعنى، ولما عن قرب الاسناد على الحميري عن علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: " سألته عن الرجل يصلي له أن يكبر قبل الامام؟ قال (ع): لا يكبر إلا مع الامام فان كبر قبله أعاد التكبير " (* 1). لكن الخبر لا دلالة له على ما نحن فيه إلا بدعوى الاطلاق، إذ انصرافه إلى اليومية قوي جدا، ومجرد إيراد الحميري له في باب صلاة الجنائز غير كاف في الاعتماد عليه فيها، لاحتمال بنائه على إطلاقه الشامل لها. ومنه يظهر أنه لو قلنا بجواز الاعادة لما ذكر أولا فلا دليل على استحبابها إلا فتوى الجماعة به بناء على تمامية قاعدة التسامح بمجرد الفتوى. اللهم الا أن يقصد به مطلق الذكر. فلاحظ. وأما وجوب الاعادة - كما عن ظاهر جماعة خصوصا القاضي (ره) - فلا دليل عليه. (1) لكن إذا قلنا ببطلان الجماعة لا فائدة في إعادة التكبير، لما عرفت من أنها لا تنعقد في الاثناء، ولو قلنا بالانعقاد كذلك ففي خصوص الاجزاء التي لم يؤت بها، أما ما أتى به فلا مجال للامتثال به ثانيا. (2) بلا خلاف فيه بيننا، بل الاجماع بقسميه عليه. كذا في الجواهر. ويظهر من جملة من النصوص المفروغية عنه، كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين من الصلاة على الميت فليقض ما بقي متتابعا " (* 2)، وصحيح العيص: " سألت
____________
(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 1.
===============
( 232 )
[ الثالث - مثلا - ويجعله أول صلاته وأول تكبيراته (1) فيأتي بعده بالشهادتين وهكذا على الترتيب بعد كل تكبيرة من الامام يكبر ويأتي بوظيفته من الدعاء، وإذا فرغ الامام يأتي بالبقية فرادى (2) ] أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة. قال (ع): يتم ما بقي " (* 1)، وفي خبر الشحام: " يكبر ما فاته " (* 2) ونحوها غيرها. والظاهر أنه لاإشكال في جواز الدخول ولو كان الامام في أثناء الدعاء، ولا ينتظر تكبير الامام. وظاهر محكي الخلاف: الاجماع عليه. وهذا هو العمدة فيه، وإلا فلا إطلاق في النصوص المتقدمة يقتضي ذلك لورودها مورد حكم آخر كما لا يخفى، كما لاإطلاق في أدلة الجماعة لاجمال مفهومها. (1) بلا إشكال ظاهر، ويقتضيه ما في الصحيحين الاولين من قوله (ع): " فليقض - أو يتم ما بقي "، ونحوهما غيرها. نعم قد ينافيه ما في خبر الشحام من قوله (ع): يكبر ما فاته "، فانه ظاهر في أن المأتي به بعد فراغ الامام التكبيرات السابقة ونحوه غيره. لكنه لا يصلح لمعارضة ما سبق، فليحمل عليه (2) بلا خلاف ظاهر، بل عن الخلاف وغيره: الاجماع عليه صريحا وظاهرا، لما تقدم من النصوص. نعم قد يعارضها خبر إسحاق عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع): " ان عليا (ع) كان يقول لا يقضى ما سبق من تكبير الجنائز " (* 3). لكنه لا يصلح لمقاومة ما سبق، فلعله جار مجرى التقية كما يناسبه إلى علي (ع). فتأمل.
____________
(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 6.
===============
( 233 )
[ وإن كان مخففا (1). وإن لم يمهلوه أتى ببقية التكبيرات ولاء من غير دعاء. ويجوز إتمامها خلف الجنازة (2) إن أمكن الاستقبال وسائر الشرائط. ] (1) المصرح به في كلام جماعة من القدماء والمتأخرين: أنه يتم التكبير ولاء بعد فراغ الامام. وفي المعتبر: " قال الاصحاب: يتم ما بقي متتابعا ". وفي كشف اللثام: انه المشهور. والمصرح به في كلام جماعة من المتأخرين ومتأخريهم: تقييد الموالاة بصورة الخوف. وعن البحار نسبته إلى الاكثر. واستدل في المعتبر على الاول بصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) المتقدم المشتمل على الامر بالتتابع. ووجه الثاني: بتنزيله على الغالب من خوف الفوات برفع الجنازة، أو إبعادها، أو تغيير هيئتها المعتبرة في الصلاة. وحيث أن في ثبوت غلبة عدم التمكن من مسمى الدعاء والتكبير الواجبين تأملا، وكذا في صلاحيتها على تقدير ثبوتها لتقييد المطلق كان الاول أوجه، فيقيد به إطلاق غيره. نعم في صحيح ابن جعفر (ع): " يتم ما بقي من تكبير ويبادره دفعة ويخفف " (* 1) فيتعين حمل الاول على الجواز، بل لعل ذلك هو المتعين فيه في نفسه لوروده مورد توهم الحظر. وكذا الحال في صحيح ابن جعفر (ع)، ولا يبعد إذن حمل الثاني على الاستحباب لما فيه من الدعاء الراجح الموجب ذلك لحمله عليه. (2) لمرسل القلانسي عن أبي جعفر (ع): " في الرجل يدرك مع الامام في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين. فقال (ع): يتم التكبير وهو يمشي معها، فان لم يدرك التكبير كبر عند القبر، فان كان أدركهم وقد دفن كبر على القبر " (* 2). ولا يبعد أن يدل على جواز الاتمام ولو مع
____________
(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 17 من أبواب صلاة الجنازة حديث: 5.