سورة الهمزة
مكّيّة.
و آيها تسع بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ في [فريضة من] فرائضه، بعّد اللّه عنه الفقر وجلب عليه الرّزق ويدفع عنه ميتة السّوء.
و في مجمع البيان : وفي حديث أبيّ: ومن قرأها، اعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمّد- صلّى اللّه عليه وآله- .
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ .
«الهمز» الكسر، كالهزم. و«اللّمز» الطّعن، كاللّهز. فشاعا في الكسر من أعراض النّاس والطّعن فيهم.
و بناء فعله يدلّ على الاعتياد، فلا يقال: ضحكة ولعبة، إلّا للمكثر المتعوّد.و قرئ : «همزة ولمزة» بالسّكون، على بناء المفعول.
و هو المسخرة الّذي يأتي بالأضاحيك، فيضحك منه ويشتم.
و نزولها قيل : في الأخنس بن شريق ، فإنّه كان مغتابا. أو في الوليد بن المغيرة واغتيابه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
و في كتاب الخصال : عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه- عليهم السّلام- قال: المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر [صنفا] - إلى أن قال-: وأمّا العقرب فكان رجلا همّازا لمّازا ، فمسخه اللّه عقربا.
و فيه - أيضا-، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- قال: سألت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عن المسوخ.
فقال: هي ثلاثة عشر: الفيل والدّب - إلى أن قال- صلّى اللّه عليه وآله-: وأمّا العقرب فكان رجلا لدّاغا لا يسلم من لسانه أحد.
و في عوالي اللّآلي : وقال- صلّى اللّه عليه وآله-: رأيت ليلة الإسراء قوما يقطع اللّحم من جنوبهم ثمّ يلقمونه، ويقال: كلوا ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم.
فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟
فقال: هؤلاء الهمّازون من أمّتك، اللّمّازون.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، مثله.
و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس: حدّثنا أحمد بن محمّد النّوفليّ، عن محمّد بن عبد اللّه بن مهران، عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن محمّد بن سليمان الدّيلميّ، عن أبيه، سليمان قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: ما معنى قوله- تعالى-: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ.قال: الّذين همزوا آل محمّد حقّهم ولمزوهم، وجلسوا مجلسا كان آل محمّد أحقّ به منهم.
الَّذِي جَمَعَ مالًا: بدل من «كلّ». أو ذم منصوب، أو مرفوع.
و قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ، بالتّشديد، للتّكثير.
وَ عَدَّدَهُ : وجعله عدّة للنّوازل. أو عدّة مرّة بعد أخرى، ويؤيّده أنّه قرئ : «و عدده» على فكّ الإدغام .
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ قال: الّذي يغمز ويستحقر الفقراء. وقوله: لُمَزَةٍ يلوي عنقه ورأسه، ويغضب إذا رأى فقيرا أو سائلا. الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ قال: أعدّه ووضعه.
و في التّوحيد ، بإسناده إلى أبان الأحمر، عن الصّادق- عليه السّلام- أنّه جاء إليه رجل، فقال له: بأبي أنت وأمّي، عظني موعظة.
فقال: إن كان الحساب حقّا، فالجمع لما ذا؟ وإن كان الخلف من اللّه حقّا، فالبخل لما ذا؟
و الحديث [طويل أخذت منه موضع الحاجة].
و في الخصال : عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سمعت الرّضا- عليه السّلام- يقول: لا يجتمع المال إلّا بخمس خصال: بخل شديد، وأمل طويل، وحرص غالب، وقطيعة رحم، وإيثار الدّنيا على الآخرة.
يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ : تركه خالدا في الدّنيا فأحبّه، كما يحبّ الخلود. أو حبّ المال أغفله عن الموت، أو طول أمله حتّى حسب أنّه مخلّد، فعمل عمل من لا يظنّ الموت.
و فيه تعريض، بأنّ المخلد هو السعي للآخرة.
كَلَّا: ردع له عن حسبانه.لَيُنْبَذَنَّ: ليطرحنّ .
فِي الْحُطَمَةِ : في النّار، الّتي من شأنها أن تحطّم كلّ ما يطرح فيها.
وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ : ما النّار، الّتي لها هذه الخاصّيّة.
نارُ اللَّهِ: تفسير لها.
الْمُوقَدَةُ : الّتي أوقدها اللّه، وما أوقده لا يقدر غيره أن يطفئه.
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ : تعلو أوساط القلوب، وتشتمل عليها.
و تخصيصها بالذّكر، لأنّ الفؤاد ألطف ما في البدن وأشدّه تألّما. أو لأنّه محلّ العقائد الزائفة ، ومنشأ الأعمال القبيحة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ [قال: يحسب أنّ ماله يخلده] ويبقيه. ثمّ قال: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ والْحُطَمَةِ النّار الّتي تحطم كلّ شيء. ثمّ قال: وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ، نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ قال:
تلتهب على الفؤاد.
قال أبو ذرّ- رحمه اللّه-: بشّر المتكبّرين بكيّ في الصّدور [و سحب على الظهور] .
إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ : مطبقة. من أوصدت الباب: إذا أطبقته.
فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ، أي: موثقين في اعمدة ممدّودة، مثل المقاطر الّتي تقطر فيها اللّصوص.
و قرأ أبو عمرو حمزة والكسائيّ «عمد» بضمّتين.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: مُؤْصَدَةٌ قال: مطبقة. فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ قال: إذا مدّت العمد عليهم أكلت، واللّه، الجلود.و في مجمع البيان : وروى العيّاشيّ، بإسناده: عن محمّد بن النّعمان الأحول، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ الكفّار والمشركين يعيّرون أهل التّوحيد في النّار، ويقولون: ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا، وما نحن وأنتم إلّا سواء.
قال: فيأنف لهم الرّبّ، فيقول للملائكة: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء اللّه. ثمّ يقول للنّبيّين: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء اللّه. [ثمّ يقول للمؤمنين: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء اللّه] ويقول اللّه: أنا أرحم الرّاحمين، اخرجوا برحمتي. فيخرجون كما يخرج الفراش.
قال: ثمّ قال أبو جعفر- عليه السّلام-: ثمّ مدّت العمد وأوصدت عليهم وكان، واللّه، الخلود.