سورة القدر
مختلف فيها.
و آيها خمس أو ستّ.
بسم الله الرحمن الرحيم
في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده: عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من قرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فجهر بها صوته، كان كالشّاهر سيفه في سبيل اللّه. ومن قرأها سرّا، كان كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه. ومن قرأها عشر مرّات، محا اللّه عنه ألف ذنب من ذنوبه.
و في أصول الكافي ، مثله، إلّا أنّ آخرها: ومن قرأها عشر مرّات، غفرت له على نحو ألف ذنب من ذنوبه.
و بإسناده : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ إنا أنزلناه في فريضة من فرائض اللّه، نادى مناد: يا عبد اللّه، غفر اللّه لك ما مضى، فاستأنف العمل.
و في مجمع البيان : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: من قرأهااعطي من الأجر، كمن صام رمضان وأحيى ليلة القدر.
و في مهج الدّعوات لابن طاوس- رحمه اللّه-: أنّه قيل للصّادق- عليه السّلام- بما احترست من المنصور عند دخولك عليه؟
فقال: باللّه وبقراءة إنا أنزلناه، ثمّ قلت: يا اللّه يا اللّه، سبعا، إنّي أتشفّع إليك بمحمّد [و آله- صلوات اللّه عليهم-] وأن تغلبه لي. فمن ابتلي بذلك، فليصنع مثل صنعي. ولولا أنّنا نقرأها ونأمر بقراءتها شيعتنا، لتخطّفهم النّاس ولكن هي، واللّه، لهم كهف.
و في كتاب طبّ الأئمّة ، بإسناده إلى أبي حمزة الثّماليّ: عن أبي جعفر الباقر- عليه السّلام- قال: شكا رجل من همدان إلى أمير المؤمنين- عليه السّلام- وجع الظّهر، وأنّه يسهر اللّيل.
فقال: ضع يدك على الموضع الّذي تشتكي منه واقرأ ثلاثا: وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ، واقرأ سبع مرّات إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (إلى آخرها) فإنّك تعافى من العلّة إن شاء اللّه- تعالى-.
و بإسناده إلى بكر بن محمّد الأزديّ : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- وأوصى أصحابه وأولياءه: من كانت به علّة فليأخذ قلّة جديدة وليجعل فيه الماء، وليستقي الماء بنفسه، وليقرأ [على الماء] سورة إنا أنزلناه [على الترتيل] ثلاثين مرّة، ثمّ ليشرب من ذلك الماء وليتوضّأ به وليمسح به، وكلّما نقص زاد فيه، فإنّه لا يظهر ذلك ثلاثة أيّام إلّا ويعافيه اللّه من ذلك الدّاء.
و في أصول الكافي ، بإسناده إلى بكر بن محمّد الأزديّ: عن رجل، عن أبيعبد اللّه- عليه السّلام- في العوذة، قال: تأخذ قلّة جديدة فتجعل فيها ماء، ثمّ تقرأ عليها إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثلاثين مرّة، ثمّ تعلّق وتشرب منها وتتوضّأ وتزداد فيها [ماء- إن شاء اللّه] .
محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى قال: كنت بفيد فمشيت مع عليّ بن بلال إلى قبر محمّد بن إسماعيل بن بزيع.
قال: فقال لي عليّ بن بلال: قال لي صاحب هذا القبر، عن الرّضا- عليه السّلام-: من أتى قبر أخيه المؤمن من أيّ ناحية، يضع يده ويقرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ سبع مرّات أمن من الفزع الأكبر.
الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه قال: مررت مع أبي جعفر- عليه السّلام- بالبقيع، فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشّيعة.
فقلت لأبي جعفر- عليه السّلام-: جعلت فداك، هذا قبر رجل من الشّيعة.
قال: فوقف عليه، ثمّ قال: اللّهمّ ارحم غربته، وصل وحدته، وآنس وحشته، واسكن إليه من رحمته رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، وألحقه بمن كان يتولّاه، ثمّ قرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ سبع مرّات.
و في من لا يحضره الفقيه : وقال- عليه السّلام-: ما من عبد زار قبر مؤمن، فقرأ عنده إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ سبع مرّات، إلّا غفر اللّه له ولصاحب القبر.
و في كتاب الخصال : فيما علّم أمير المؤمنين أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه:
[من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ من قبل أن تطلع الشمس [إحدى عشرة مرّة] (و مثلها إنا أنزلناه) ومثلها آية الكرسي، منع ماله ممّا يخاف ] . من قرأ قل هو اللهأحد وإنا أنزلناه قبل أن تطلع الشّمس، لم يصبه في ذلك اليوم ذنب وإن جهد إبليس.
إذا أراد أحدكم حاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس، فإنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال: اللّهمّ بارك لأمّتي في بكورها يوم الخميس. وليقرأ إذا خرج من بيته الآيات الآخرة من آل عمران و«إنّا أنزلناه» وآية الكرسيّ وأمّ الكتاب، فإنّ فيها قضاء حوائج الدّنيا والآخرة.
إذا كسا اللّه مؤمنا ثوبا [جديدا] فليتوضّأ وليصلّ ركعتين، يقرأ فيهما أمّ الكتاب وآية الكرسيّ وقل هو الله أحد وإنا أنزلناه في ليلة القدر وليحمد اللّه الّذي ستر عورته وزيّنه في النّاس ، وليكثر من قول: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، فإنّه لا يعصي اللّه فيه، وله بكلّ [سلك فيه] ملك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه.
و في الكافي : عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ إنا أنزلناه ثنتين وثلاثين مرّة في إناء جديد ورشّ به ثوبه الجديد إذا لبسه، لم يزل يأكل في سعة ما بقي [منه سلك] .
و في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى حكيمة، عمّة أبي محمّد الحسن- عليه السّلام- أنّه قالت: أمرني أبو محمّد بالمبيت عنده ليلة ولد القائم، فكنت مع نرجس، أمّ القائم، فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يديّ، لا تقلب جنبا عن جنب إلى جنب، حتّى إذا كان آخر اللّيل وقت الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها.
فصاح إليّ أبو محمّد وقال: اقرئي عليها إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟
قالت: ظهر بي الأمر الّذي اخبرني به مولاي.
فأقبلت اقرأ عليها، كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ،و سلّم عليّ.
قالت حكيمة: ففزعت لمّا سمعت.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في الكافي : عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن عبدوس، عن محمّد بن زادية ، عن أبي عليّ بن راشد قال: قلت لأبي الحسن- عليه السّلام-: جعلت فداك، إنّك كتبت إلى محمّد بن الفرج تعلمه أنّ أفضل ما يقرأ في الفرائض إنا أنزلناه وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وإنّ صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر.
فقال- عليه السّلام-: لا يضيقنّ صدرك بهما، فإنّ الفضل واللّه فيهما.
سهل بن زياد ، عن منصور بن العبّاس، عن إسماعيل بن سهل قال: كتبت إلى أبي جعفر- عليه السّلام-: إنّي قد لزمني دين فادح .
فكتب إليّ: أكثر من الاستغفار، ورطّب لسانك بقراءة إنا أنزلناه.
عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن سليمان، عن أحمد بن الفضل، عن أبي عمرو الحذّاء قال: ساءت حالي، فكتبت إلى أبي جعفر- عليه السّلام-.
فكتب إليّ: أدم قراءة إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ.
قال: فقرأتها حولا فلم أر شيئا، فكتبت إليه أخبره بسوء حالي، وإنّي قد قرأت [إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ حولا] كما أمرتني ولم أر شيئا.
قال: فكتب إليّ: قد وفي لك الحول، فانتقل منها إلى قراءة إنا أنزلناه.
قال: ففعلت، فما كان إلّا يسيرا حتّى بعث [إليّ] ابن داود فقضى عنّي ديني، وأجرى [عليّ و] على عيالي، ووجّهني إلى البصرة في وكالته بباب كلّاء و أجرى عليّ خمسمائة درهم، وكتبت من البصرة على يدي عليّ بن مهزيار إلى أبي الحسن: إنّي كنت سألت أباك عن كذا وشكوت كذا، وإنّي قد نلت الّذي أحببت، فأحببت أن تخبرني، يا مولاي، كيف أصنع في قراءة إنا أنزلناه أقتصر عليها وحدها في فرائضي وغيرها، أم أقرأ معها غيرها، أم لها حدّ أعمل به؟
فوقّع- عليه السّلام- وقرأت التّوقيع: لا تدع من القرآن قصيرة ولا طويلة، ويجزئك من قراءة إنا أنزلناه يومك وليلتك مائة مرّة.
عليّ بن محمّد ، رفعه، قال: الختم على طين قبر الحسين- عليه السّلام- أن يقرأ عليه إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ .
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ .
الضّمير للقرآن، فخّمه بإضماره من غير ذكر شهادة له بالنّباهة المغنية عن التّصريح، [كما عظّمه] بأن أسند إنزاله إليه.
و في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عمر الشّاميّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ [عدّة] الشّهور عند اللّه اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السّموات والأرض، فغرّة الشّهور شهر اللّه- عزّ ذكره- وهو شهر رمضان، [و قلب شهر رمضان] ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشّهر بالقرآن.
و في كتاب الخصال : عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان- إلى قوله-: وليلة ثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر.
[عن حسّان بن مهران ،] عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن ليلةالقدر.
قال: التمسها ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين [من رمضان] .
عن جابر بن عبد اللّه ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه ذكر شهر رمضان، فقال رجل: فيه ليلة القدر، يا رسول اللّه؟
فقال: نعم . (الحديث).
و في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إذا كان الرّجل على عمل فليدم عليه سنته ثمّ يتحوّل عنه، إن شاء اللّه، إلى غيره، وذلك أنّ ليلة القدر يكون فيها في عامه ذلك ما شاء اللّه أن يكون.
محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى. ومحمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن العبّاس بن الجريش ، عن أبي جعفر الثّاني- عليه السّلام-: أنّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- قال لابن عبّاس: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه ينزل في تلك اللّيلة أمر السّنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
فقال ابن عبّاس: من هم؟
قال: أنا وأحد عشر من صلبي، أئمّة محدّثون.
و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- لأصحابه: آمنوا بليلة القدر، إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- ولولده الأحد عشر من بعدي.
و عن أبي عبد اللّه - عليه السّلام- قال: قال أبي: قلت لابن عبّاس: أنشدك اللّه، هل في حكم اللّه اختلاف؟
قال: فقال: لا.فقلت: ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسّيف حتّى سقطت، ثمّ ذهب وأتى رجل آخر إذ أطار كفّه، فأتي به إليك وأنت قاض، كيف أنت صانع؟
قال: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفّه، وأقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت، وأبعث به إلى ذوي عدل.
قلت: جاء الاختلاف في حكم اللّه ونقضت القول الأوّل، أبى اللّه أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود وليس من يفسّره في الأرض، اقطع قاطع الكفّ أصلا ثمّ أعطه دية الأصابع، هكذا حكم اللّه ليلة ينزل فيها أمره، أن جحدتها بعد ما سمعت من رسول اللّه فأدخلك اللّه»
النّار، كما أعمى بصرك يوم جحدتها عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.
قال: فلذلك عمي بصري؟ قال: وما علمك بذلك، فو اللّه، إن عمي بصري إلّا من صفقة جناح الملك.
قال: فاستضحكت، ثمّ تركته يومه ذلك لسخافة عقله، ثمّ لقيته فقلت: يا ابن عبّاس، ما تكلّمت بصدق مثل أمس، قال لك عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه ينزل في تلك اللّيلة أمر السّنة، وإنّ لذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
فقلت: من هم؟
فقال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمّة محدّثون.
فقلت: لا أراها كانت إلّا مع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
فتبدّا لك الملك الّذي يحدّثه فقال: كذبت، يا عبد اللّه، رأت عيناي الّذي حدّثك به عليّ- ولم تره عيناه ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه- ثمّ صفقك بجناحه فعميت.و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد. ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش، عن أبي جعفر الثّاني- عليه السّلام- قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: كان عليّ بن الحسين يقول: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ صدق اللّه أنزل القرآن في ليلة القدر.
... إلى أن قال: [ثمّ قال] في بعض كتابه : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً في إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
و قال في بعض كتابه : وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ.
يقول في الآية الأولى: إنّ محمّدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر اللّه: مضت ليلة القدر مع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. وهذه فتنة أصابتهم خاصّة، وبها ارتدّوا على أعقابهم، لأنّهم إن قالوا: لم تذهب، فلا بدّ أن يكون للّه فيها أمر وإذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحب بدّ .
و في مجمع البيان : وجاءت الرّواية عن أبي ذرّ أنّه قال: قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ليلة القدر هي شيء يكون على عهد الأنبياء ينزل فيها، فإذا قبضوا رفعت؟
قال: لا، بل هي إلى يوم القيامة.
و في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل وزرارة ومحمّد بن مسلم، عن حمران، أنّه سأل أبا جعفر- عليه السّلام- عن قول اللّه - تعالى-: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ.قال: نعم، ليلة القدر، وهي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر.
(الحديث) وسيأتي بتمامه- إن شاء اللّه-.
محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد، عن السّيّاريّ، عن بعض أصحابنا، عن داود بن فرقد، قال: حدّثني يعقوب قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كلّ عام؟
فقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: لو رفعت [ليلة القدر] لرفع القرآن.
وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .
في الكافي : أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسين، عن محمّد بن الوليد ومحمّد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن عليّ بن عيسى القمّاط، عن عمّه، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: أري رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في منامه [بني أميّة] يصعدون على منبره من بعده، ويضلّون النّاس عن الصّراط القهقرى، فأصبح كئيبا حزينا.
قال: فهبط عليه جبرئيل فقال: يا رسول اللّه، ما لي أراك كئيبا حزينا؟
قال: يا جبرئيل، إنّي رأيت بني أميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون النّاس عن الصّراط القهقرى.
فقال: فقال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّا، إنّي ما اطّلعت عليه.
فعرج إلى السّماء، ولم يلبث أن نزل عليه بأي من القرآن يؤنسه بها قال :
أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ، ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ. وأنزل عليه إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ- إلى قوله-: مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ جعل اللّه ليلة القدر لنبيّه خيرا من ألف شهر ملك بني أميّة.
و في روضة الكافي : سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس، عن عليّ بن عيسى القمّاط، عن عمّه قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: هبطجبرئيل على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- كئيب [حزين] . فقال: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ما لي أراك كئيبا حزينا؟
فقال: إنّي رأيت اللّيلة رؤيا.
قال: وما الّذي رأيت؟
قال: رأيت بني أميّة يصعدون المنابر وينزلون منها.
قال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّا، ما علمت بشيء من هذا.
و صعد جبرئيل إلى السّماء، ثمّ أهبطه اللّه بآي من القرآن يعزيه بها، قوله :
أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ، ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ. وأنزل اللّه إِنَّا أَنْزَلْناهُ- إلى قوله-: مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ للقوم، فجعل اللّه ليلة القدر [لرسوله] خيرا من ألف شهر.
و في سند الصّحيفة السّجّاديّة : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ أبي حدّثني، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ- عليه السّلام-: أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أخذته نعسة وهو على منبره، فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة يردّون النّاس على أعقابهم القهقهرى، فاستوى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- جالسا والحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبرئيل بهذه الآية وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً، يعني: بني أميّة.
قال: يا جبرئيل، أعلى عهدي يكونون وفي زمني؟
قال: لا، ولكن تدور رحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا، ثمّ تدور رحى الإسلام على رأس خمسة وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا، ثمّ لا بدّ من رحى ضلالة وهي قائمة على قطبها، ثمّ ملك الفراعنة.
قال: وأنزل اللّه في ذلك إِنَّا أَنْزَلْناهُ- إلى قوله-: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يملكها بنوأميّة ليس فيها ليلة القدر.
قال: فأطلع اللّه نبيّه أنّ بني أميّة تملك سلطان هذه الأمّة وملكها طول هذه المدّة، فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها حتّى يأذن اللّه بزوال ملكهم، وهم في ذلك يستشعرون عداوتنا، أهل البيت وبغضنا، أخبر اللّه نبيّه بما يلقي أهل بيت محمّد- صلوات اللّه عليهم- وأهل مودّتهم وشيعتهم منهم في أيّامهم وملكهم.
و في مجمع البيان : وذكر عطاء، عن ابن عبّاس قال: ذكر لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- رجل من بني إسرائيل، أنّه حمل السّلاح على عاتقه في سبيل اللّه ألف شهر، فعجب من ذلك رسول اللّه عجبا شديدا وتمنّى أن يكون ذلك في أمّته، فقال: يا ربّ، جعلت أمّتي أقصر النّاس أعمارا وأقلّها أعمالا. فأعطاه اللّه ليلة القدر وقال: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ الّذي حمل الإسرائيلي السّلاح في سبيل اللّه، لك ولأمّتك من بعدك إلى يوم القيامة في كلّ رمضان.
و في كتاب الاحتجاج للطّبرسي- رحمه اللّه-: عن الحسن بن عليّ- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه لمعاوية: إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال: إذا بلغ ولد الوزغ ثلاثين رجلا أخذوا مال اللّه بينهم دولا وعباده خولا وكتابه دغلا، فإذا بلغوا ثلاثمائة وعشرا حقّت اللّعنة عليهم ولهم، فإذا بلغوا أربعمائة وخمسة وسبعين كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة، فأقبل الحكم بن أبي العاص، وهم في ذلك الذّكر والكلام، فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: اخفضوا أصواتكم، فإنّ الوزغ تسمع. وذلك حين رآهم رسول اللّه ومن يملك بعده منهم هذه الأمّة، يعني: في المقام، فساءه ذلك وشقّ عليه، فأنزل اللّه في كتابه لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، فأشهد لكم وأشهد عليكم ما سلطانكم بعد قتل عليّ إلّا ألف شهر الّتي أجّلها اللّه في كتابه.
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ: بيان لما له فضّلت على ألف شهر.
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ : من أجل كلّ أمر قدّر في تلك السّنة.
و قرئ : «من كلّ امرئ»، أي: من أجل كلّ إنسان.و في أصول الكافي : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كان عليّ- عليه السّلام- كثيرا ما يقول: اجتمع التّيميّ والعدويّ عند رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وهو يقرأ إنا أنزلناه بتخشّع وبكاء.
فيقولان: ما أشدّ رقّتك لهذه السّورة! فيقول رسول اللّه: لما رأت عيني ووعى قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي.
فيقولان: وما الّذي رأيت، وما الّذي يرى؟
قال: فيكتب لهما في التّراب: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ.
قال: ثمّ يقول: هل بقي شيء بعد قوله: كُلِّ أَمْرٍ؟
فيقولان: لا.
فيقول: هل تعلمان من المنزّل عليه بذلك؟
فيقولان: أنت، يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
فيقول: نعم، فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدي؟
فيقولان: نعم.
فيقول: فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟
فيقولان: نعم.
فيقول: فإلى من؟
فيقولان: لا ندري.
فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي.
قال: فان كانا ليعرفان تلك اللّيلة بعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- من شدّة ما تداخلهما من الرّعب.
و بإسناده إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كان عليّ بن الحسين- عليه السّلام- يقول: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ صدق اللّه أنزل [اللّه] القرآن في ليلة القدر.
وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لا أدري، قال اللّه:لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ليس فيها ليلة القدر، قال لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: وهل تدري لم هي خير من ألف شهر؟
قال: لأنّها تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ وإذا أذن اللّه بشيء فقد رضيه.
... إلى قوله: ثمّ قال في بعض كتابه : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً في إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
و قال في بعض كتابه : وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ.
يقول في الآية الأولى: إنّ محمّدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر اللّه: مضت ليلة القدر مع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. فهذه فتنة أصابتهم خاصّة وبها ارتدوا على أعقابهم، لأنّهم إن قالوا: لم تذهب، فلا بدّ أن يكون للّه فيها أمر، وإذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحب بدّ.
و عن أبي جعفر - عليه السّلام- قال: يا معشر الشّيعة، خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا، فو اللّه، إنّها لحجّة اللّه على الخلق بعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-، وإنّها لسيّدة دينكم، وإنّها لغاية علمنا.
يا معشر الشّيعة، خاصموا ب حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فإنّه لولاة الأمر خاصّة بعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
و عن أبي جعفر - عليه السّلام- قال: لقد خلق اللّه ليلة القدر أوّل ما خلق الدّنيا، ولقد خلق فيها أوّل نبيّ يكون وأوّل وصيّ يكون، ولقد قضى أن يكون في كلّ سنة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السّنة المقبلة. من جحد ذلك، فقد ردّ على اللّه علمه، لأنّه لا تقوم الأنبياء والرّسل والمحدّثون إلّا أن يكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك اللّيلة من الحجّة الّتي يأتيهم بها جبرئيل.قلت: والمحدّثون- أيضا- يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة؟
قال: أمّا الأنبياء والرّسل، فلا شكّ ولا بدّ لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدّنيا أن يكون على وجه الأرض حجّة، ينزل ذلك في تلك اللّيلة إلى من أحبّ من عباده. وأيم اللّه، لقد نزل الرّوح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم. وأيم اللّه، ما مات آدم إلّا وله وصيّ، وكلّ من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها ووضع لوصيّه من بعده. وأيم اللّه، أن كان النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- ليؤمر فيما يأتيه من الأمر في تلك اللّيلة من آدم إلى محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- أن أوص إلى فلان.
ثمّ قال أبو جعفر- عليه السّلام-: فضل إيمان المؤمن بحمله إنا أنزلناه وتفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهائم، وإن اللّه ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدّنيا لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنّه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين، ولا أعلم أنّ في هذا الزّمان جهادا إلّا الحجّ والعمرة والجوار.
قال : وقال رجل لأبي جعفر- عليه السّلام-: يا ابن رسول اللّه، لا تغضب عليّ.
قال: لما ذا؟
قال: لما أريد أن أسألك عنه.
قال: قل.
قال: ولا تغضب؟
قال: ولا أغضب.
قال: أ رأيت قولك في ليلة القدر: تنزّل الملائكة والرّوح فيها إلى الأوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قد علمه، أو يأتونهم بأمر كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- علمه، وقد علمت أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- مات وليس شيء من علمه إلّا وعليّ- عليه السّلام- له واع؟
قال أبو جعفر: ما لي ولك، أيّها الرّجل، ومن أدخلك عليّ؟
قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدّين.
قال: فافهم ما أقول لك، إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- لمّا اسري به لميهبط حتّى أعلمه اللّه ما قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
قال السّائل: او ما كان في الجمل تفسير؟
قال: بلى، ولكنّه إنّما يأتي بالأمر من اللّه في ليالي القدر إلى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- وإلى الأوصياء افعل كذا وكذا، لأمر قد كانوا علموه أمروا كيف يعملون به.
قلت: فسّر لي هذا.
قال: لم يمت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- إلّا حافظا لجمل العلم وتفسيره.
قلت: فالّذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟
قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم.
قال السّائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟
قال: هذا ممّا قد أمروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلّا اللّه.
قال السّائل: فهل يعلم الأوصياء ما لم يعلم الأنبياء؟
قال: لا، وكيف يعلم وصيّ غير علم ما أوصى اللّه إليه؟! قال السّائل: فهل يسعنا أن نقول: إنّ أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟
قال: لا، لم يمت نبيّ إلّا وعلمه في جوف وصيّه، وإنّما تنزّل الملائكة والرّوح في ليلة القدر بالحكم الّذي يحكم به بين العباد.
قال السّائل: وما كانوا علموا ذلك الحكم؟
قال: بلى، قد علموه، ولكنّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السّنة المقبلة.
قال السّائل: يا أبا جعفر، لا أستطيع إنكار هذا؟ [قال أبو جعفر: من أنكره، فليس منّا في شيء .
قال السائل: يا أبا جعفر، أ رأيت النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟
قال: لا يحلّ لك أن تسأل عن هذا] . أمّا علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبيّ ولا وصيّ إلّا والوصيّ الّذي بعده يعلمه، أمّا هذا العلم الّذي تسأل عنه فإنّ اللّه- عزّ وجلّ- وعلا- أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلّا أنفسهم.
و قال قال أبو جعفر- عليه السّلام-: ألا ترون من بعثه اللّه للشّقاء على أهل الضّلالة، من أجناد الشّياطين وأرواحهم ، أكثر ممّا ترون [مع] خليفة اللّه الّذي بعثه للعدل والصّواب من الملائكة؟
قيل: يا أبا جعفر، وكيف يكون شيء أكثر من الملائكة؟
قال: كما شاء اللّه.
قال السّائل: يا أبا جعفر، إنّي لو حدّثت بعض الشّيعة بهذا الحديث لأنكروه.
قال: وكيف ينكرونه؟
قال: يقولون: إنّ الملائكة أكثر من الشّياطين.
قال: صدقت، افهم عنّي ما أقول، إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا وجميع الجنّ والشّياطين يزورون أئمّة الضّلال، ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة، حتّى إذا أتت ليلة القدر فهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر خلق اللّه، أو قال: قيّض اللّه، من الشّياطين بعددهم ثمّ زاروا وليّ الضّلالة فأتوه بالإفك والكذب، حتّى لعلّه يصبح فيقول:
رأيت كذا وكذا. فلو سأل وليّ الأمر عن ذلك لقال: رأيت شيطانا أخبرك بكذا وبكذا، حتّى يفسّر له تفسيرا ويعلمه الضّلالة الّتي هو عليها.
و أيم اللّه، إنّ من صدّق بليلة القدر ليعلم أنّها لنا خاصّة، لقول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- لعليّ- عليه السّلام- حين دنا موته: هذا وليّكم من بعدي، فإن أطعتموهرشدتم. ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، ومن آمن بليلة القدر ممّن على غير رأينا فإنّه لا يسعه في الصّدق إلّا أن يقول: إنّها لنا. ومن لم يقل فإنّه كاذب، إنّ اللّه أعظم من أن ينزّل الأمر مع الرّوح والملائكة إلى كافر فاسق. فإن قال: إنّه ينزل إلى الخليفة الّذي هو عليها، فليس قولهم ذلك بشيء. وإن قالوا: إنّه ليس ينزل إلى أحد، فلا يكون أن ينزل شيء إلى غير شيء. وإن قالوا- وسيقولون-: ليس هذا بشيء، فقد ضلّوا ضلالا بعيدا. وفي الحديث يسير كلام حذفته لعدم مسيس الحاجة إليه.
محمّد ، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن أسلم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: ما من ملك يهبطه اللّه في أمر إلّا بدأ بالإمام، فعرض ذلك عليه، وإنّ مختلف الملائكة من عند اللّه إلى صاحب هذا الأمر.
عليّ بن محمّد ، عن عبد اللّه بن إسحاق العلويّ، عن محمّد بن زيد الرزامي ، عن محمّد بن سليمان الدّيلميّ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- وذكر حديثا طويلا، وفيه قلت: جعلت فداك، الرّوح ليس هو جبرئيل؟
قال: الرّوح أعظم من جبرئيل، وإنّ الرّوح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول اللّه: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ.
سَلامٌ هِيَ قيل : ما هي إلّا سلامة، أي: لا يقدّر اللّه فيها إلّا السّلامة، ويقضي في غيرها السّلامة والبلاء. أو ما هي إلّا سلام، لكثرة ما يسلّمون فيها على المؤمنين.
حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ، أي: وقت مطلعه ، أي: طلوعه.
و قرأ الكسائيّ، بالكسر، على أنّه كالمرجع. أو اسم زمان على غير قياس، كالمشرق .و في كتاب جعفر بن محمّد الدّوريستيّ ، بإسناده إلى ابن عبّاس: عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل، وفيه: إذا كانت ليلة القدر يأمر اللّه جبرئيل، فهبط في كبكبة من الملائكة ومعهم لواء أخضر، فيركن اللّواء على ظهر الكعبة، وله ستّمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلّا في ليلة القدر، قال: فينشرهما في تلك اللّيلة، فيجاوزان المشرق والمغرب. ويبثّ جبرئيل الملائكة في هذه الأمّة، فيسلّمون على كلّ قاعد وقائم ومصلّ وذاكر، ويصافحونهم، ويؤمّنون على دعائهم حتّى مطلع الفجر. فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل: معشر الملائكة، الرّحيل الرّحيل.
فيقولون: يا جبرئيل، ما صنع اللّه في حوائج المؤمنين من أمّة محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-؟
فيقول: إنّ اللّه نظر هذه اللّيلة إليهم فعفا عنهم وغفر لهم، إلّا أربعة.
فقيل لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من هذه الأربعة؟
قال: رجل مات مدمن خمر، وعاق لوالديه، وقاطع رحم، ومشاحن.
قيل: يا رسول اللّه، وما المشاحن؟
قال: الصّارم.
و في الصّحيفة السّجاديّة ، في دعائه إذا دخل شهر رمضان: ثمّ فضّل ليلة واحدة من لياليه على ليالي ألف شهر، وسمّاها: ليلة القدر، تنزّل الملائكة والرّوح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر، سلام دائم البركة إلى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه.
و في أصول الكافي ، بإسناده إلى أبي جعفر الثّاني- عليه السّلام- قال : قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: كان عليّ بن الحسين- عليه السّلام- يقول: إنا أنزلناه في ليلة القدر صدق اللّه أنزل القرآن في ليلة القدر.
... إلى أن قال: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يقول: تسلّم عليك، يا محمّد، ملائكتي وروحي بسلامي من أوّل ما يهبطون إلى مطلع الفجر.و في شرح الآيات الباهرة : عن ابن عبّاس، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال: إذا كانت ليلة القدر تنزّل الملائكة الّذين هم سكان سدرة المنتهى، وفيهم جبرئيل، ومعه ألوية، فينصب لواء منها على قبري ولواء في مسجد الحرام ولواء على بيت المقدس ولواء على طور سيناء، ولا يدع مؤمنا ولا مؤمنة إلّا ويسلّم عليه، إلّا مدمن الخمر وآكل لحم الخنزير المضمّخ بالزّعفران.
و روي ، عن محمّد بن جمهور، عن صفوان، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قوله: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ هو سلطان بني أميّة.
و قال: ليلة من إمام عدل، خير من ألف شهر ملك بني أميّة.
و قال: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ، أي: من عند ربّهم على محمّد وآل محمّد بكلّ أمر سلام.
و روي ، أيضا، عن محمّد بن جمهور، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عمّا يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدّر اللّه فيها؟
قال: لا توصف قدرة اللّه، إلّا أنّه قال : فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فكيف يكون حكيما إلّا ما فرق، ولا توصف قدرة اللّه لانّه يحدث ما يشاء.
و أمّا قوله: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، [يعني فاطمة- عليها السّلام-] .
و قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون علم آل محمّد- صلوات اللّه عليهم-. والرُّوحُ روح القدس، وهو في فاطمة.
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ يقول: من كلّ أمر مسلّمة حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ حتّى يقوم القائم- عليه السّلام-.