سورة الكافرون
قيل : مكّيّة.
و قيل: مدنيّة.
و آيها ستّ بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: من قرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في فريضة من الفرائض، غفر اللّه له ولوالديه وما ولد. وإن كان شقيّا، محي من ديوان الأشقياء واثبت في ديوان السّعداء، وأحياه اللّه سعيدا، وأماته شهيدا، وبعثه شهيدا.
و في مجمع البيان : في حديث أبي: من قرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ كأنّما قرأ ربع القرآن، وتباعدت عنه مردة الشّياطين، وبريء من الشّرك، وتعافى من الفزع الأكبر.
و عن أنس بن مالك قال: سأل النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- رجلا من أصحابه، فقال:
يا فلان، هل تزوّجت؟
قال: لا، وليس عندي ما أتزوّج به.قال: أليس معك قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؟
قال: بلى.
قال: ربع القرآن. قال: أليس معك قل يا أيها الكافرون؟
قال: بلى.
قال: ربع القرآن. [قال: أليس معك إذا زلزلت؟
قال: بلى.
قال: ربع القرآن.
ثمّ قال: تزوّج تزوّج] .
و عن جبير بن مطعم ، قال: قال لي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أ تحبّ، يا جبير، [أن تكون] إذا خرجت في سفر من أمثل أصحابك هيبة وأكثرهم زادا؟
قلت: نعم، بأبي أنت وأمّي يا رسول اللّه.
قال: فاقرأ هذه السّور الخمس: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. وافتتح قراءتك ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال جبير: وكنت غير كثير المال، وكنت أخرج مع من شاء اللّه أن أخرج، فأكون أكثرهم همّة وأمثلهم زادا حتّى أرجع من سفري ذلك.
و عن فروة بن نوفل الأشجعي ، عن أبيه، أنّه أتى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- فقال: جئت، يا رسول اللّه،- صلّى اللّه عليه وآله- لتعلّمني شيئا أقول عند منامي.
قال: إذا أخذت مضجعك فاقرأ قل يا أيها الكافرون ثمّ نم على خاتمتها، فإنّها براءة من الشّرك.
شعيب الحدّاد ، عن أبي عبد اللّه [- عليه السّلام-] قال: كان أبي يقول: قليا أيها الكافرون ربع القرآن. وكان إذا فرغ منها قال: أعبد اللّه وحده .
و في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا من الأخبار المجموعة، وبهذا الإسناد قال: قال عليّ- عليه السّلام-: صلّى بنا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- صلاة السّفر، فقرأ في الأولى قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وفي الأخرى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
ثمّ قال: قرأت لكم ثلث القرآن وربعه.
و في باب ذكر أخلاق الرّضا- عليه السّلام- ووصف عبادته : وكان إذا قرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [قال في نفسه سرا: يا أيها الكافرون] فإذا فرغ منها قال: ربّي اللّه وديني الإسلام، ثلاثا.
و في الكافي : أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، [عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-] قال: كان أبي [- صلوات اللّه عليه-] يقول: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثلث القرآن. وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ربع القرآن.
عدّة من أصحابنا»، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن صفوان بن يحيى، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال: من قرأ إذا آوى إلى فراشه قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كتب اللّه له براءة من الشّرك.
و في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة قال: حدّثني معاذ بن مسلم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال: لا تدع أن تقرأ ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ في سبع مواطن: في الرّكعتين قبل الفجر، وركعتي الزّوال، والرّكعتين بعد المغرب، وركعتين من أوّل صلاة اللّيل، وركعتي الإحرام، والفجر إذا أصبحت بها، [و ركعتي الطّواف] .
و في رواية أخرى : أنّه يبدأ في هذا كلّه ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وفي الرّكعة الثّانيةب قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. إلّا في الرّكعتين قبل الفجر، فإنّه يبدأ ب قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ثمّ يقرأ في الرّكعة الثّانية ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
الحسين بن محمّد ، عن عبد اللّه بن عامر، عن عليّ بن مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان ، عن عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: الرّجل يقوم في الصّلاة فيريد أن يقرأ سورة، فيقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ.
فقال: يرجع من كلّ سورة إلّا من قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و[من] قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ.
عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن بعض أصحابنا قال: قال أحدهما- عليهما السّلام-: يصلّي الرّجل ركعتي الطّواف طواف الفريضة والنّافلة ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ.
و في من لا يحضره الفقيه : وروي عن عمر بن يزيد أنّه قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- السّهو في المغرب.
فقال: صلّها ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ.
ففعلت، فذهب عنّي.
روى عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال له: اقرأ [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ عند منامك، فإنّها براءة من الشّرك [و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ نسبة الربّ- عزّ وجلّ-] .
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ، يعني: كفرة مخصوصين، قد علم اللّه منهم أنّهم لا يؤمنون.
لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ، أي: فيما يستقبل. فإنّ «لا» لا تدخل إلّا على مضارع، بمعنى الاستقبال، كما أنّ «ما» لا تدخل إلّا على مضارع، بمعنى الحال.وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ، أي: في ما يستقبل، لأنّه في قران لا أَعْبُدُ.
وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ ، أي: في الحال. أو فيما سلف.
وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ، أي: وما عبدتم في وقت ما أنا عابده.
و يجوز أن يكونا تأكيدين على طريقة أبلغ.
و إنّما لم يقل: «ما عبدت» ليطابق «ما عبدتم» لأنّهم كانوا موسومين قبل البعث بعبادة الأصنام، وهو لم يكن حينئذ موسوما بعبادة اللّه.
و إنّما قال: «ما» دون «من» لأنّ المراد الصّفة، كأنّه قال: لا أعبد الباطل ولا تعبدون الحقّ. أو للمطابقة.
و قيل : إنّها مصدريّة.
و قيل : الأوليان بمعنى: الّذي. والأخريان مصدريّتان.
لَكُمْ دِينُكُمْ: الّذي أنتم عليه، لا تتركونه.
وَ لِيَ دِينِ : ديني الّذي أنا عليه، لا أرفضه. فليس فيه إذن في الكفر، ولا منع عن الجهاد ليكون منسوخا بآية القتال. اللّهمّ إلّا إذا فسّر بالمتاركة ، وتقرير كلّ من الفريقين الآخر لمصلحة على دينه.
و قد فسّر الدّين بالحساب والجزاء والدّعاء والعبادة.
و قرأ نافع وحفص وهشام، بفتح الياء [و الباقون بسكون الياء] .
و في مجمع البيان : وعن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إذا قلت: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ فقل: ولكنّي أعبد اللّه مخلصا له ديني. فإذا فرغت منها فقل: ديني الإسلام، ثلاث مرّات.
و روى داود بن الحصين ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إذا قرأقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فقل: يا أيّها الكافرون. وإذا قلت: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ فقل: أعبد اللّه وحده. وإذا قلت: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ فقل: ربّي اللّه وديني الإسلام.
و في أمالي شيخ الطائفة ، بإسناده إلى سعيد بن يسار، عن غير واحد من أصحابه، أنّ نفرا من قريش اعترضوا لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- منهم عتبة بن ربيعة وأميّة بن خلف والوليد بن المغيرة والعاص بن سعيد، فقالوا: يا محمّد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد فنشرك نحن وأنت في الأمر. فإن يكن الّذي نحن عليه الحقّ، فقد أخذت بحظّك منه. وإنّ يكن الّذي أنت عليه الحقّ، فقد أخذنا بحظّنا منه. فأنزل اللّه قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (السّورة).
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير قال: سأل أبو شاكر أبا جعفر الأحول عن قول اللّه: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (السّورة) فهل يتكلّم الحكيم بمثل هذا القول ويكرّره مرّة بعد مرّة؟
فلم يكن عند أبي جعفر الأحول في ذلك جواب. فدخل المدينة، فسأل أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن ذلك.
فقال: كان سبب نزولها وتكرارها أنّ قريشا قالت لرسول اللّه [- صلّى اللّه عليه وآله-] : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، [و تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة] فأجابهم اللّه بمثل ما قالوا فيما قالوا: تعبد آلهتنا سنة قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وفيما قالوا: نعبد إلهك سنة وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وفيما قالوا: تعبد آلهتنا سنة] وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وفيما قالوا: ونعبد إلهك سنة وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ.
قال : فرجع أبو جعفر الأحول إلى أبي شاكر، فأخبره بذلك .فقال أبو شاكر: هذا حملته الإبل من الحجاز.
و كان أبو عبد اللّه- عليه السّلام- إذا فرغ من قراءتها يقول: ديني الإسلام .