وهـي :
1 ـ الحدث المبطل للطهارة ، سواء أوقع عمداً أم سهواً ، سئل الإمام الصادق عليهالسلام عن رجل يكون في الصلاة فيعلم أنّ ريحاً قد خرجت فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها ؟ قال : « يعيد الوضوء والصلاة »([1]) .
وسئل عن آخر يكون في صلاته فيخرج منه حبّ القرع ؟ قال : « إن كان ملطّخاً بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة قطعها وأعاد الوضوء والصلاة »([2]) .
2 ـ قالت المذاهب السنيّة الأربعة : إنّ التكفير أو التكتّف ـ وهو وضع إحدى اليدين على الاُخرى ـ قالت : هو مستحبّ ، وتركه غير مبطل للصلاة([3]) .
ولفقهاء الشيعة ثلاثة أقوال : الأوّل : أ نّه حرام في الصلاة ومبطل لها([4]) . الثاني :
أ نّه حرام غير مبطل([5]) . الثالث : أ نّه لا حرام ولا مبطل إلاّ إذا أتى به بقصد أ نّه مطلوب ومحبوب في الشريعة ، وإن فعله بغير هذا القصد فلا بأس . ومن هؤلاء السيّد الحكيم فإنّه قال في المستمسك : ( من ذلك تعرف ضعف القول بالبطلان ؛ لعدم وفاء الأدلّة بأكثر من تحريم التكتّف بقصد أ نّه جزء من الصلاة ، أو بقصد أنّ الصلاة لا تصحّ بدونه ، وإلاّ لم يكن وجه للبطلان . . . كما تعرف ضعف القول بأ نّه حرام غير مبطل )([6]) . وهذا صريح بأنّ من تكتّف في الصلاة اختياراً دون أن يقصد أ نّه مأمور به شرعاً فصلاته صحيحة ، ولا إثم عليه أيضاً .
ومهما يكن فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أ نّه حرام ومبطل للصلاة ، حيث سئل الإمام الصادق عليهالسلام عن رجل صلّى ويده اليمنى على اليسرى ؟ فقال : « ذلك التكفير ، فلا تفعل »([7]) .
3 ـ تبطل الصلاة إذا التفت إلى الوراء أو إلى اليمين أو الشمال بجميع بدنه ، أو بكامل وجهه بحيث يخرج عن حدّ الاستقبال ، أمّا الالتفات يسيراً بالوجه دون البدن فلا بأس ما دام الاستقبال باقياً . قال الإمام الصادق عليهالسلام : « إن تكلّمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة »([8]) . وقال أبوه الإمام الباقر عليهالسلام : « إن استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، فإنّ اللّه تعالى يقول لنبيّه : فَوَلِّ وَجهَكَ شَطرَ المَسجِدِ الحَرَامِ وَحَيثُ مَا كُنتُم فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطرَهُ »([9]) .
وقال صاحب المدارك : ( هذا كلّه مع العمد ، أمّا لو وقع سهواً فإن كان يسيراً لا يبلغ حدّ اليمين واليسار لم يضرّ ، وإن بلغه وأتى بشيء من الأفعال في تلك الحال أعاد في الوقت ، وإلاّ فلا إعادة )([10]) .
ومعنى هذا أنّ المصلّي إذا مال قليلاً ثمّ اعتدل قبل أن يأتي بشيء منها صحّت صلاته إطلاقاً ، وإن أتى بفعل منها في هذه الحال فعليه أن يعيد إن اتسع الوقت ، وإلاّ فلا يقضي ، وإن خرج عن الاستقبال كلّية فسدت الصلاة ، سواء أكان عن عمد أو سهو ، وعليه أن يعيد في الوقت أداءً ، وفي خارجه قضاءً .
4 ـ أن يتعمّد الكلام ولو بحرفين لا معنى لهما ، أو بحرف واحد له معنى ، أمّا الكلام عن سهو فلا يبطل بل يستدعى السجود للسهو كما يأتي .
قال الإمام أبو جعفر عليهالسلام : « تنتقض الصلاة بالكلام متعمّداً ، وإن تكلّمت ناسياً فلا شيء عليك »([11]) .
أجل ، إذا سلّم إنسان على المصلّي فيجب عليه أن يردّ التحيّة بالمثل دون زيادة حرف واحد أو تقديم أو تأخير ، على شريطة أن تكون تحيّة الإسلام ، أمّا غيرها فلا يجب ردّها ، بل لا يجوز في أثناء الصلاة .
قال محمّد بن مسلم : دخلت على الإمام أبي جعفر عليهالسلام وهو في الصلاة ، فقلت : السلام عليك ، فقال : « السلام عليك » ، قلت : كيف أصبحت ؟ فسكت . وبعد أن انتهى قلت له : أيردّ السلام في أثناء الصلاة ؟ قال : « نعم ، مثل ما قيل له »([12]) .
5 ـ القهقهة ، اختياراً كانت أو قهراً ، أمّا التبسّم فلا يضرّ . قال الإمام الصادق عليهالسلام : « أمّا التبسّم فلا يقطع الصلاة ، وأمّا القهقهة فهي تقطع الصلاة »([13]) .
6 ـ البكاء المشتمل على الصوت إلاّ إذا كان خوفاً من اللّه ، فقد روي أنّ سائلاً سأل الإمام الصادق عليهالسلام عن البكاء في الصلاة ؟ فقال : « إن بكى لذكر الجنّة والنار فذاك أفضل الأعمال في الصلاة ، وإن ذكر ميّتاً له فصلاته فاسدة »([14]) . وقيل([15]) : إنّ هذه الرواية ضعيفة منجبرة بعمل الفقهاء .
7 ـ كلّ فعل لا تبقى معه صورة الصلاة ، والدليل الإجماع ، والعقل أيضاً ؛ لأ نّه إذا ذهبت صورة الصلاة ذهبت الصلاة من الأساس ، وما جاء عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام من أ نّهم فعلوه أو رخّصوا بفعله أثناء الصلاة ، فهو من النوع القليل الّذي لا تمحى معه الصورة ، كقتل البرغوث والعقرب([16]) ، وما إلى ذاك .
8 ـ الأكل والشرب ، فإنّهما ماحيان لصورة الصلاة وروح الصلاة والهدف من الصلاة .
قال صاحب المدارك : ( ادّعي الإجماع على ذلك واستقرب بعض الفقهاء عدم البطلان بالأكل والشرب أثناء الصلاة إلاّ مع الكثرة ، كسائر الأفعال الخارجيّة عن الصلاة ، وهو حسن )([17]) .
بل لا حسن فيه إطلاقاً ؛ لما ذكرنا ، والحسن هو قول من قال : إنّ إبطال الأكل والشرب للصلاة في غنى عن الدليل .
وكفى بترك الرسول[ صلىاللهعليهوآلهوسلم ]وآله [ عليهمالسلام] الأكل والشرب في الصلاة ، وبخشوعهم وانصرافهم عن كلّ ما يمتّ إلى الدنيا بسبب ، دليلاً على عظمة الصلاة وجلالها .
9 ـ ذهب أكثر الفقهاء إلى أنّ من تعمّد قول « آمين » بعد قراءة الحمد بطلت صلاته ؛ لقول الإمام الصادق عليهالسلام : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت : الحمد للّه ربّ العالمين ، ولا تقل آمين([18]) »([19]) .
10 ـ الشكّ في صلاة الصبح ـ أي عدد ركعاتها ـ وفي المغرب ، والاُوليين من الظهرين والعشاءين ، ويأتي التفصيل في فصل الشكّ .
الخلاصة :
إنّ كلّ من أخلّ بجزء من أجزاء الصلاة أو بشرط من شروطها أو بوصف من أوصافها فسدت صلاته بموجب القواعد الكلّية والاُصول العامّة ، إلاّ ما قام الدليل على أ نّه غير مفسد كالجهر مكان الإخفات ، والتصرّف بمال الغير جهلاً أو نسياناً ، وكنجاسة الثوب أو البدن أو مكان السجود جهلاً لا نسياناً .
________________________
[1] الوسائل 1 : 248 ، ب1 من أبواب نواقض الوضوء ، ح9 ، وفيه : « عن موسى بن جعفر عليهماالسلام » .
[2] الوسائل 1 : 259 ، ب5 من أبواب نواقض الوضوء ، ح5 .
[3] المغني لابن قدامة 1 : 514 . المجموع 3 : 310 .
[4] الانتصار : 141 .
[5] المدارك 3 : 461 .
[6] المستمسك 6 : 532 .
[7] الوسائل 7 : 266 ، ب15 من أبواب قواطع الصلاة ، ح1 .
[8] الوسائل 7 : 245 ، ب3 من أبواب قواطع الصلاة ، ح6 .
[9] الوسائل 4 : 312 ، ب9 من أبواب القبلة ، ح3 .
[10] المدارك 3 : 462 .
[11] الوسائل 7 : 282 ، ب25 من أبواب قواطع الصلاة ، ح5 .
[12] الوسائل 7 : 267 ، ب16 من أبواب قواطع الصلاة ، ح1 .
[13] الوسائل 7 : 250 ، ب7 من أبواب قواطع الصلاة ، ح2 ، والرواية مضمرة.
[14] الوسائل 7 : 248 ، ب5 من أبواب قواطع الصلاة ، ح4 .
[15] المستمسك 6 : 578 .
[16] الوسائل 7 : 273 ، 274 ، ب19 ، 20 من أبواب قواطع الصلاة .
[17] المدارك 3 : 467 .
[18] إنّ مجرّد النهي عن قول آمين ، وعن التكلّم بحرفين أو أكثر ، لا يكفي للحكم بفساد الصلاة ؛ لأ نّه ليس نهياً عنها بالذات ، كي تكون فاسدة فلا بدّ ـ إذن ـ من البحث عن دليل آخر يستدعي الفساد ، وقد مرّ الكلام مفصّلاً في الساتر المغصوب ، فراجع ، ومهما يكن فنحن قد أخذنا على أنفسنا التقيّد والالتزام بقول المشهور مع توخّي الاختصار [ منه قدسسره] .
[19] الوسائل 6 : 67 ، ب17 من أبواب القراءة في الصلاة ، ح1 .