قال تعالى : وَإِنَ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤمِنينَ اقتَتَلُوا فأَصلِحُوا بَينَهُما فَإن بَغَت إحدَاهُمَا عَلَى الاُخرَى فَقَاتِلُوا الَّتي تَبغِي ([1]) .
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « قال عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام : القتال قتالان : قتال الفئة الباغية حتّى تفيء ، وقتال الفئة الكافرة حتّى تسلم »([2]) .
وقال [ عليهالسلام] عن الخوارج : « إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم ، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم »([3]) . « لا يقاتلهم بعدي إلاّ من هو أولى بالحقّ منهم »([4]) .
الفقهاء :
معنى البغي في اللغة الظلم والاعتداء ، وفي الشرع الخروج بالسيف على إمام عادل ، وأجمع الفقهاء على أنّ قتال أهل البغي إذا ندب إليه الإمام أو نائبه يجب كفاية على الكلّ ، ويسقط بفعل البعض . وإذا استنهض الإمام شخصاً بعينه تعيّن ، والفرار من حربهم تماماً كالفرار من حرب المشركين . وأوّل فئة بغت في الإسلام هم أهل الشام بقيادة معاوية ؛ للحديث المتواتر عند جميع الفرق الإسلاميّة : « يا عمّار تقتلك الفئة الباغية »([5]) . وقتل جيش معاوية عمّاراً بصفّين ، وهو مع إمام المتّقين عليّ [ عليهالسلام] ، ومن أجل هذا الحديث كان عمّار لا يسلك وادياً إلاّ سلكه جماعة من أصحاب الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم .
__________________________________
[1] الحجرات : 9 .
[2] الوسائل 15 : 83 ، ب26 من أبواب جهاد العدوّ ، ح11 .
[3] الوسائل 15 : 81 ، ب26 من أبواب جهاد العدوّ ، ح3 .
[4] الوسائل 15 : 81 ، ب26 من أبواب جهاد العدوّ ، ح4 .
[5] الدعائم 1 : 392 . معاني الأخبار : 35 . فضائل الصحابة : 51 . مسند أحمد بن حنبل 2 : 161 ، و164 و 206 و . . . .
سئل الإمام الصادق عليهالسلام عمّا إذا هزم أهل العدل أهل البغي ؟ قال : « ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبراً ولا يقتلوا ولا يجهزوا على جريح »([1]) .
هذا إذا لم يبقَ من أهل البغي أحد ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها ، فإن كانت لهم فئة يرجعون إليها فإنّ أسيرهم يقتل ، ومدبرهم يتبع ، وجريحهم يجهز عليه .
وسئل الإمام الرضا عليهالسلام : لماذا جدّك أمير المؤمنين عليهالسلام قتل أهل صفّين مقبلين ومدبرين وأجهز على جريحهم ، أمّا أهل الجمل فترك مدبرهم وجريحهم ، بل قال : « من ألقى سلاحه فهو آمن ومن دخل داره فهو آمن » ؟ قال الإمام عليهالسلام : « إنّ أهل الجمل قتل إمامهم ـ أي طلحة والزبير ـ ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها ، وإنّما رجع الّذين كانوا يحاربون إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ، ورضوا أن يكفّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام عنهم ، وليس كذلك أهل صفّين فقد كانوا يرجعون إلى فئة مستعدّة ، وإمام ـ أي معاوية ـ يجمع لهم السلاح والدروع والسيوف ، ويسدي لهم العطاء ، ويهيّئلهم الأنزال ، ويعود مريضهم ، ويجبر كسيرهم ، ويداوي جريحهم ، ويحمل راجلهم ، ويكسو حاسرهم ، ويردّهم فيرجعون إلى الحرب والقتال ، ومن أجل هذا لم يساوِ أمير المؤمنين عليهالسلام بين الفريقين في الحكم »([2]) . وهذا محلّ وفاقٍ عند الفقهاء كافّة .
__________________________________
[1] الوسائل 15 : 73 ، ب24 من أبواب جهاد العدوّ ، ح1 .
[2] الوسائل 15 : 75 ، ب24 من أبواب جهاد العدوّ ، ح4 ، وفيه : « عن أبي الحسن الثالث 7 » « ويسني لهم العطاء » .
لا يجوز سبي نساء وأطفال الفريقين من أهل البغي ، ولا تملك أموالهم التي لم يحوها العسكر منقولة كانت أو غير منقولة ، قال صاحب الجواهر : ( بلا خلاف أجده في شيء من ذلك )([1]) .
وقال الناس يوم الجمل لأمير المؤمنين عليهالسلام : أقسم بيننا ، فقال : « أيّكم يأخذ اُمّ المؤمنين ـ أي عائشة ـ في سهمه ؟ »([2]) .
أمّا الأشياء المنقولة التي حواها العسكر ـ كالسلاح والدواب ـ فللفقهاء قولان : أحدهما : أ نّه غنيمة تقسّم على المقاتلة ، وثانيهما : أ نّه لأربابه .
والّذي يساعد عليه الاعتبار التفصيل بين الفئة التي ترجع إلى رئيس كأهل الشام فتكون غنيمة ولذا جاز قتل أسيرهم والإجهاز على جريحهم ، وبين الفئة التي لا ترجع إلى رئيس يجمعها كأهل البصرة فتكون لأربابها بخاصّة إذا أظهروا الطاعة والاستسلام . وروي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام([3]) ردّ على أهل البصرة أموالهم ، وأ نّه اكتفى من المدّعين بيمينه في هذا المورد الخاصّ.
__________________________________
[1] الجواهر 21 : 339 .
[2] الوسائل 15 : 79 ، ب25 من أبواب جهاد العدوّ ، ح7 .
[3] الوسائل 15 : 78 ، ب25 من أبواب جهاد العدوّ ، ح5 .