الثوب الشفّاف :
قال الإمام الصادق عليهالسلام : « لا تصلّ فيما شفّ أو صفّ »([1]) أي خفيف يحكي ما تحته .
وقيل له : الرجل يصلّي في قميص واحد ، قال : « إذا كان كثيفاً فلا بأس به »([2]) .
وإذا لم تجز الصلاة بغير الكثيف فبالأولى أن لا تجوز بدون ثوب إطلاقاً.
_____________________
[1] الوسائل 4 : 388 ، ب21 من أبواب لباس المصلّي ، ح4 .
[2] الوسائل 4 : 389 ، ب22 من أبواب لباس المصلّي ، ح1 .
جلد الميتة :
وسئل عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة إذا دبغ ؟ قال [ عليهالسلام] : « لا ، ولو دبغ سبعين مرّة »([1]) .
__________________
[1] الوسائل 4 : 343 ، ب1 من أبواب لباس المصلّي ، ح1 .
غير المأكول اللحم :
وقال [ عليهالسلام] : « إنّ الصلاة في وبر كلّ شيء حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه ، وكلّ شيء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتّى يصلّي في غيره ممّا أحلّ اللّه أكله . يا زرارة احفظ هذا عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه ، وكلّ شيء منه جائز إذا علمت أ نّه ذكيّ وقد ذكّاه الذبح ، وإن كان غير ذلك ممّا قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كلّ شيء منه فاسد ذكّاه الذبح أو لم يذكّه »([1]) .
_________________
[1] الوسائل 4 : 345 ، ب2 من أبواب لباس المصلّي ، ح1 .
الحرير :
وجاء في العديد من الروايات هذه الفقرات : « لا تحلّ الصلاة في حرير محض »([1]) . « لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير إلاّ في الحرب »([2]) . « للمرأة أن تلبس الحرير والديباج إلاّ في الإحرام »([3]) . « ويجوز أن تتختّم بالذهب وتصلّي فيه »([4]) .
___________________________
[1] الوسائل 4 : 368 ، ب11 من أبواب لباس المصلّي ، ح2 .
[2] الوسائل 4 : 372 ، ب12 من أبواب لباس المصلّي ، ح1 .
[3] الوسائل 4 : 379 ، ب16 من أبواب لباس المصلّي ، ح3 .
[4] الوسائل 4 : 380 ، ب16 من أبواب لباس المصلّي ، ح6 .
الذهب :
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلّي فيه »([1]) .
____________
[1] الوسائل 4 : 413 ، ب30 من أبواب لباس المصلّي ، ح4 .
المرأة والوجه والكفّان :
سئل الإمام الصادق عليهالسلام عمّا تظهر المرأة من زينتها ؟ فقال : « الوجه والكفّان »([1]) .
وأيضاً قيل له : ما يحلّ للرجل أن يرى من المرأة إذا لم تكن محرماً ؟
قال [ عليهالسلام] : « الوجه والكفّان والقدمان »([2]) .
وأيضاً سئل عن المرأة تصلّي متنقّبة ؟ قال [ عليهالسلام] : « إذا كشفت عن موضع السجود فلا بأس »([3]) .
وجاء في الحديث أنّ سلمان الفارسي نظر إلى كفّ الزهراء عليهاالسلام دامية([4]) . وأنّ جابر الأنصاري رأى وجهها أصفر تارةً ، وأحمر أُخرى([5]) .
_________________
[1] الوسائل 20 : 202 ، ب109 من أبواب مقدّمات النكاح ، ح5 .
[2] الوسائل 20 : 201 ، ب109 من أبواب مقدّمات النكاح ، ح2 .
[3] الوسائل 4 : 424 ، ب35 من أبواب لباس المصلّي ، ح6 .
[4] البحار 43 : 28 ، ح33 .
[5] البحار 43 : 62 ، ح53 .
المغصوب :
قال عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام لكميل : « يا كميل انظر في ما تصلّي وعلى ما تصلّي ، إن لم يكن من وجهه وحلّه فلا قبول »([1]) . هذا إلى أنّ تحريم التصرّف بالمغصوب ثابت بضرورة الدين .
إلى غير ذلك من روايات أهل البيت عليهمالسلام في لباس المصلّي ، وقد جمعها صاحب الوسائل فبلغت حوالي ( 200 ) صفحة في طبعة « الإسلاميّة والمحمّدي بقم » .
الفقهاء :
أجمعوا كلمة واحدة ـ السلف منهم والخلف ـ على الفتوى بكلّ ما دلّت عليه هذه الروايات ، واستدلّوا بها وبكثير غيرها على ما نلخّصه فيما يلي :
يجب على الرجل أن يستر عورته في الصلاة إطلاقاً ، وجد ناظر محترم أو لم يوجد ؛ لأنّ سترها شرط في صحّة الصلاة ، فإذا تركه مع القدرة عليه بطلت صلاته حتّى ولو كان منفرداً . وأيضاً يجب عليه أن يسترها عن الناظر المحترم ، وإن لم يكن في الصلاة . وعورة الرجل القبل هو القضيب والبيضتان ، والدبر وهو الحلقة المعلومة ، ويستحبّ مؤكّداً أن يستر ما بين السرّة والركبة .
ويجب على المرأة أن تستر جميع بدنها إلاّ الوجه والكفّين وظهر القدمين ، في الصلاة وغير الصلاة ، مع وجود الناظر المحترم ، وفي الصلاة إطلاقاً حتّى ولو كانت منفردة . ولها أن تفعل في الخلوة وفي غير الصلاة ما تشاء ، ومع زوجها ما أراد وتريد.
ويحلّ للمرأة أن تنظر من المرأة ما يحلّ للرجل أن ينظر من الرجل ، أي كلّ شيء ما عدا السوأتين . ويحلّ للذكر من محارم المرأة أن ينظر إلى ما تنظره المرأة من المرأة ، أي كلّ شيء ما عدا السوأتين ، على شريطة الأمن والوثوق من عدم الوقوع في المحرّم .
والأفضل أن لا ينظر الرجال من الرجال ، ولا النساء ومحارمهنّ من أ يّة امرأة حتّى ولو كانت اُمّاً أو بنتاً أن لا ينظروا إلى ما بين السرّة والركبة .
ومن المفيد أن نشير هنا إلى هذه القاعدة المتّفق عليها عند جميع المذاهب الإسلاميّة ، وهي : كلّ ما جاز مسّه جاز النظر إليه ، وكلّ ما حرم النظر إليه حرم مسّه . ولم يدّع فقيه من فقهاء المذاهب وجود الملازمة بين جواز النظر وجواز المسّ ، فإنّ الرجل يحلّ له أن ينظر إلى وجه الأجنبيّة وكفّيها ، كما أنّ المرأة يحلّ لها ذلك من الأجنبي ، ولكن المسّ لا يجوز إلاّ لضرورة كعلاج مريض وانقاذ غريق . أجل لقد تساهل الإسلام مع العجائز والمسنّات .
قال صاحب الجواهر : ( يجوز لهنّ أن يبرزن وجوههنّ وبعض شعورهنّ وأذرعهنّ ونحو ذلك ممّا يعتاد في العجائز المسنّة ، ويدلّ عليه أحاديث أهل البيت عليهمالسلام بشرط أن لا يكون ذلك على وجه التبرّج ، بل للخروج في حوائجهنّ ، ومع ذلك فإنّ التستّر خير لهنّ )([2]) . وهذا بعينه ما نطقت به الآية : وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّساءِ الَّلاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُنَّ غَيرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لَّهُنَّ ([3]) .
________________
[1] الوسائل 5 : 119 ، ب2 من أبواب مكان المصلّي ، ح2 .
[2] الجواهر 29 : 85 .
[3] النور : 60 .
أوصاف الساتر :
وبعد هذا الاستطراد النافع إن شاء اللّه نعود إلى الساتر في الصلاة وأوصافه :
لا تجوز الصلاة في شيء من حيوان لا يؤكل لحمه ـ كالسبع والضبع وما إليهما ـ حتّى ولو كان طاهراً ، فإذا وقعت شعرة من قطّ على بدن انسان أو ثوبه فعليه أن يزيلها قبل الصلاة مع العلم بأ نّها طاهرة ، بل حتّى الحيوان البحري الّذي لا يؤكل لا تجوز الصلاة في شيء منه إطلاقاً ، وتجوز في الشمع ودم البقّ والقمّل والبرغوث ، وشعر الإنسان ولبنه وعرقه .
وأيضاً لا تصحّ الصلاة في جلد الميتة وإن كان لحيوان مأكول اللحم سواء اُدبغ أم لا . وتجوز الصلاة في صوف وشعر ووبر وريش الحيوان والطير والميّت ممّا يؤكل لحمه بالأصل ، وقدّمنا أنّ هذه الأشياء لا تجوز الصلاة فيها ممّا لا يؤكل لحمه وإن كان مذكّى ، مع العلم بأنّ كلاًّ منه ومن صوف الميتة طاهر ، والفارق هو النصّ الصريح الّذي لا يقبل التأويل ، فقد ثبت عن الإمام الصادق عليهالسلامأ نّه قال : « لا بأس بالصلاة ممّا كان من صوف الميتة ، أنّ الصوف ليس فيه روح »([1]) . والتعليل بعدم الروح يقتضي جواز الصلاة في كلّ ما لا روح فيه من أجزاء الميتة . ومنذ قريب مرّ عليك قوله عليهالسلام : « كلّ شيء من غير المأكول لا تجوز فيه الصلاة ، ذكّي أم لم يذكّ » .
أمّا ما ذكّي من مأكول اللحم فتصحّ الصلاة بجلده وصوفه وشعره ووبره وريشه([2]) .
ولا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص المحض في الصلاة وغير الصلاة ، وإن كان ممّا لا تتمّ به الصلاة كالقبّعة والتكّة ، ويجوز لبسه إطلاقاً إذا كان خليطاً بغيره حتّى ولو كان الحرير أكثر ، على شريطة أن لا يكون مستهلكاً ، بحيث يصدق عليه اسم الحرير بدون قيد ، ويجوز لبس الحرير الخالص للرجل المحارب والمضطرّ . أمّا النساء فيجوز لهنّ في الصلاة وغير الصلاة صرفاً وممزوجاً في حال الاختيار . أجل ، للرجل أن يفترش الحرير ويتدثّر به ، ويحمل قطعة منه كمحرمة أو محفظة ، والضابط أن لا يكون في نظر العرف لابساً للحرير .
ولايجوز لبس الذهب للرجال إطلاقاً ولاصرفاً ولا ممزوجاً في الصلاة وغير الصلاة ، وبهذا يتبيّن الفرق بين الحرير والذهب ، حيث يجوز لبس الأوّل إذا كان خليطاً ، ولا يجوز الثاني بحال . أجل ، يجوز حمل النقود والساعة الذهبيّة وتلبيس
الأسنان به ، أمّا النساء فقد اُبيح لهنّ لبس الذهب والتزيّن به في الصلاة وغيرها . قال الإمام الصادق عليهالسلام : « يجوز للمرأة أن تتختّم بالذهب ، وتصلّي فيه ، وحرم ذلك على الرجال »([3]) .
وأيضاً يشترط في الساتر أن يكون مباحاً غير مغصوب ؛ لأنّ التصرّف في مال الغير بدون إذنه حرام ، ولا يجوز التعبّد والتقرّب إلى اللّه سبحانه بما هو محرّم ومكروه لديه ، وإن صلّى بالثوب ذهولاً ونسياناً صحّت الصلاة ؛ للحديث النبويّ الشهير الّذي
جاء فيه : « رفع عن اُ مّتي النسيان »([4]) . وإن صلّى فيه جاهلاً بأ نّه مغصوب مع علمه بأنّ الغصب حرام قبلت الصلاة ، وإن علم بأنّه مغصوب وجهل بأنّ الغصب حرام نظر ، فإن كان الجهل عن قصور جازت الصلاة ، وإن كان عن تقصير فلا ، وعليه
الإعادة ؛ لأنّ القصور عذر في نظر العقل دون التقصير .
وإذا كان عالماً بالموضوع والحكم ـ كأن يعلم بأنّ هذا غصب وأنّ الغصب حرام ولكن اضطرّ إلى التصرّف فيه كالمسجون في مكان مغصوب ـ تقبل منه الصلاة ، على شريطة أن لا تستدعي صلاته زيادة في التصرّف عمّا سوّغته الضرورة ، كما هو
الغالب .
وبعبارة أوفى وأجدى أنّ الشرع لم ينهَ عن الصلاة في الثوب المغصوب بالذات ، وإنّما نهى عن الغصب إطلاقاً بشتّى صوره وأشكاله ، والعقل وحده استخرج من هذا النهي أنّ الغصب يفسد الصلاة ، ويمنع من التقرّب بها ، وهذا الوصف وهو الغصب وإن اتحد مع الصلاة وصدق عليها إلاّ أ نّه وصف عارض وخارج عن طبيعة الصلاة ؛ لأ نّها راجحة بذاتها ومحبوبة بطبيعتها ، وإنّما صار هذا الفرد منها غير مرغوب فيه ؛ لأ نّه التقى مع الغصب المكروه لدى الشارع ، فالكراهيّة ـ إذن ـ عرضيّة لا ذاتيّة . وبديهة أنّ مثل هذه الكراهيّة والمبغوضيّة لا تتحقّق إلاّ مع العمد والقصد والاختيار ، فإذا لم يكن عمد ولا قصد ولا اختيار تنتفي الكراهيّة من الأساس ، ومتى زالت الكراهيّة صحّت الصلاة من الجاهل والناسي والمضطرّ . وهكذا يسقط كلّ شرط بسقوط التنجّز والامتثال للتكليف الّذي انتزع منه الشرط .
واُكرّر المعنى بتعبير ثانٍ : هو أنّ الفرق بعيد جدّاً بين أن يقول لك : لا تصلّ بالثوب المغصوب ، وبين أن يقول لك : لا تلبس الثوب المغصوب ، فإنّ النهي في الأوّل تعلّق في الصلاة رأساً وأوّلاً وبالذات ، والنهي عن العبادة يدلّ على الفساد ، وعليه فلا
تصحّ الصلاة بالمغصوب ، سواء ألبسه عمداً أو جهلاً أو نسياناً أو اضطراراً ، إلاّ أن يدلّ الدليل الخاصّ على الصحّة . أمّا النهي في الثانية فقد تعلّق أوّلاً وبالذات باللبس ، وثانياً وبالعرض بالصلاة ، وإذا لم يتنجّز النهي الذاتي عن اللبس لجهل أو نسيان أو اضطرار سقط النهي العرضي عن الصلاة قهراً ؛ لأنّ الفرع لا يزيد عن الأصل.
أمّا وجوب طهارة الثوب والبدن لأجل الصلاة فقد عقدنا لها فصلاً مستقلاًّ في باب الطهارة فراجع .
_______________
[1] الوسائل 4 : 457 ، ب56 من أبواب لباس المصلّي ، ح1 .
[2] ذكر الفقهاء في باب الساتر ثياب الخزّ ، وأفتوا بجواز لبسها في الصلاة وغيرها تبعاً لآل البيت عليهمالسلام فقد جاء في الروايات عنهم : « إنّا معاشر آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم نلبس الخزّ ، وأنّ الحسين عليهالسلام اُصيب وعليه جبّة خزّ » والخزّ الذي كان يلبسه الأئمّة الأطهار [ عليهمالسلام] ، وأفتى الفقهاء بجواز لبسه كان يؤخذ من حيوان بحري ذي أربع ، وهو من كلاب الماء كما جاء في الحديث أمّا الخزّ المعروف الآن فحرام لبسه على الرجال في الصلاة وغيرها ؛ لأ نّه حرير محض . انظر مجمع البحرين [منه قدسسره] . انظر الوسائل 4 : 362 ، ب10 من أبواب لباس المصلّي .
[3] الوسائل 4 : 380 ، ب16 من أبواب لباس المصلّي ، ح6 .
[4] الوسائل 4 : 373 ، ب12 من أبواب لباس المصلّي ، ح6 ، 7 ، 8 .
مسائل :
1 ـ سئل الإمام الصادق عليهالسلام عن الرجل يخرج عرياناً فتدركه الصلاة ؟ قال : « يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد ، فإن رآه أحد صلّى جالساً »([1]) .
وعمل الفقهاء بذلك وقالوا : يومئ في الحالين للركوع والسجود برأسه إن أمكن ، وإلاّ فبالعينين .
2 ـ إذا صلّى بالميتة جهلاً فلا يجب عليه أن يعيد الصلاة ؛ لأنّ طهارة الثوب والبدن في الصلاة شرط علمي لا واقعي ، وإذا صلّى بها نسياناً أعاد في الوقت وخارجه ؛ لأنّ نسيان النجاسة ليس عذراً ؛ لمكان العلم بها أوّلاً . أجل ، إذا كانت ممّا
لا نفس سائلة لها صحّت الصلاة حتّى مع النسيان ؛ لأ نّها ليست بنجسة.
3 ـ قدّمنا أنّ الصلاة لا تجوز في شيء ممّا لا يؤكل لحمه ، فإذا شكّ في شيء أ نّه من المأكول أو من غيره فهل تجوز الصلاة فيه ؟
الجواب :
لا بدّ أوّلاً أن نعرف هل عدم كون الساتر من غير المأكول شرط في صحّة الصلاة أو أنّ غير المأكول مانع ؟ وعلى الأوّل لا تصحّ الصلاة في المشكوك ؛ لأنّ الشكّفي الشرط يقتضي الشكّ في المشروط ، وبكلمة لا بدّ من إحراز الشرط . وعلى الثاني تصحّ ؛ لأنّ الأصل عدم المانع .
وقال الشيخ الهمداني في مصباح الفقيه : ( لاينبغي التأمّل في أنّ مفاد أخبار الباب بأسرها ليس إلاّ مانعيّة التلبّس بغير المأكول حال الصلاة ، لا شرطيّة عدمه )([2]) .
وقد يستدلّ له أيضاً بحديث : « الناس في سعة ما لا يعلمون »([3]) .
ومثله أو قريب منه ما جاء في المدارك ، وهذا هو بالحرف : ( يمكن أن يقال : إنّ الشرط ستر العورة ، والنهي إنّما تعلّق بالصلاة في غير المأكول ، فلا يثبت إلاّ مع العلم بكون الساتر كذلك ، ويؤيّده ما ثبت عن الإمام الصادق عليهالسلام : « كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتّى تعلم الحرام بعينه » )([4]) . وعليه يكون الشكّ في المأكول وغيره شكّ في المانع لا في الشرط ، فيجري الشاكّ أصل عدم المانع ويصلّي .
وعلى هذا الأساس نجري أصل عدم المانع من صحّة الصلاة في المشكوك أ نّه من الذهب ، وفي المشكوك أ نّه من الحرير الصرف .
4 ـ إذا انحصر الساتر بالحرير الصرف أو المغصوب أو الميتة فإن كان مضطرّاً إلى لبسه للبرد أو المرض وما إلى ذاك صلّى به وصحّت الصلاة ؛ إذ لا مانع في هذه الحال من التقرّب بالصلاة ؛ لأنّ الضرورات تبيح المحظورات .
وإذا لم يضطرّ إلى لبس شيء منه وجب تركه والصلاة عارياً ؛ لأ نّه ممنوع عن لبسه شرعاً والحال هذه . والممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً ، ولولا أن يدلّ النصّ على أنّ الساتر ليس بشرط في حال العجز عنه وقيام الإجماع على ذلك لكان القول بعدم وجوب الصلاة متّجهاً ؛ لأنّ العجز عن الشرط يستدعي العجز عن المشروط .
_____________________
[1] الوسائل 4 : 449 ، ب50 من أبواب لباس المصلّي ، ح3 .
[2] مصباح الفقيه الصلاة : 127 ( حجريّة) .
[3] عوالي اللآلي 1 : 424 ، ح109 .
[4] المدارك 3 : 167 .