وجوبها:
زكاة الفطر وتسمّى زكاة الأبدان ، وزكاة الرقاب وهي التي تجب بالفطر من رمضان ، ووجوبها ثابت بضرورة الدين ، تماماً كوجوب الصلاة وزكاة الأموال .
قال الإمام الصادق عليهالسلام : « إنّ من تمام الصوم إعطاء زكاة الفطر ، كما أنّ الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من تمام الصلاة ؛ لأ نّه من صام ولم يؤدِّ الزكاة فلا صوم له إذا ترك متعمّداً ، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّ اللّه قد بدأ بها قبل الصلاة ، حيث قال : قَد أَفلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى »([1]) .
___________________
[1] الوسائل 9 : 318 ، ب1 من أبواب زكاة الفطرة ، ح5 .
على من تجب ؟
قال الإمام الصادق عليهالسلام : « تحرم الزكاة على من عنده قوت سنة ، وتجب الفطرة على من عنده قوت سنة »([1]) .
وقال [ عليهالسلام] : « لا زكاة على يتيم »([2]) .
وسئل لمن تحلّ الفطرة ؟ قال [ عليهالسلام] : « لمن لا يجد ، ومن حلّت له لم تحلّ عليه ، ومن حلّت عليه لم تحلّ له »([3]) .
الفقهاء:
اتّفقوا على أنّ زكاة الفطر تجب على من غربت عليه الشمس ليلة العيد ، أي شمس آخر يوم من رمضان ، وهو بالغ عاقل غني غير مغمى عليه ، فإذا انتفت إحدى هذه الصفات فلا شيء عليه ، كما لو غابت عليه هذه الشمس قبل أن يبلغ ، أو وهو مجنون ، أو مغمى عليه ، أو لا يملك قوته وقوت عياله بالفعل أو بالقوّة سنة كاملة .
__________________
[1] الوسائل 9 : 323 ، ب2 من أبواب زكاة الفطرة ، ح11 .
[2] الوسائل 9 : 326 ، ب4 من أبواب زكاة الفطرة ، ح2 .
[3] الوسائل 9 : 322 ، ب2 من أبواب زكاة الفطرة ، ح9 .
عمّن تجب:
قال الإمام الصادق عليهالسلام : « تجب الفطرة عن الصغير والكبير ، والحرّ والعبد ، عن كلّ إنسان منهم صاع من حنطة ، أو صاع من تمر ، أو صاع من زبيب »([1]) .
وسئل عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر أيؤدّي عنه الفطرة ؟ قال [ عليهالسلام] : « نعم ، الفطرة واجبة على كلّ من يعول من ذكر أو أُنثى ، صغير أو كبير ، حرّ أو مملوك »([2]) .
الفقهاء:
قالوا : يجب أن يدفع زكاة الفطر عن نفسه ، وعن كلّ من يعول سواء أعاله وجوباً أم استحباباً ، حتّى الضيف والمولود إذا وجدا قبل غروب آخر يوم من رمضان ولو بلحظة واحدة .
وتسقط زكاة الفطر عن كلّ من كان في عيال غيره ليلة الفطر ، ولو على سبيل الضيافة .
_________________
[1] الوسائل 9 : 327 ، ب5 من أبواب زكاة الفطرة ، ح1 .
[2] الوسائل 9 : 327 ، ب5 من أبواب زكاة الفطرة ، ح2 .
قدرها وجنسها:
سئل الإمام عليهالسلام ممّ تخرج زكاة الفطر ؟ فقال : « تخرج من كلّ شيء التمر والزبيب وغيره صاعاً »([1]) .
وقال [ عليهالسلام] : « زكاة الفطر واجبة على كلّ رأس . . . أربعة أمداد من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، وهي صاع تامّ »([2]) .
وقال [ عليهالسلام] : « الفطرة على كلّ قوم ممّا يغذّون عيالهم من لبن أو زبيب أو غيره »([3]) .
وقال [ عليهالسلام] أيضاً : « على كلّ من اقتات قوتاً أن يؤدّي من ذلك القوت »([4]) .
وسئل عن الفطرة يجوز أن يؤدّيها فضّة بقيمة هذه الأشياء التي سمّاها ؟
قال [ عليهالسلام] : « نعم ، إنّ ذلك أنفع له ، يشتري ما يريد »([5]) .
الفقهاء:
الواجب في صدقة الفطر صاع من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأقط ـ هو لبن مجفّف لم تنزع زبدته ـ أو الاُرز أو الذرة أو غير ذلك ممّا يصدق عليه القوت .
وقال الفقهاء : الأفضل أن تكون من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ؛ لأنّ هذه الأربعة ذكرت في النصّ أكثر من مرّة ، وغير بعيد أ نّها كانت القوت الغالب في ذلك العهد ، وعليه يكون الأفضل صرف الفطرة من كلّ ما يغلب في أيّ عصر من العصور ، ويشعر به قول الإمام عليهالسلام : « على([6]) كلّ من اقتات قوتاً» .
والصاع حوالي ثلاثة كيلو غرامات ، ويجزي أن يدفع بدلاً عنها نقداً بمقدار قيمتها السوقيّة ، بل هو أفضل ؛ لأ نّه أنفع ، ويشتري الفقير به ما يريد ، كما قال الإمام عليهالسلام .
______________________
[1] الوسائل 9 : 333 ، ب6 من أبواب زكاة الفطرة ، ح4 ، وفيه : « التمر والبر » .
[2] الوسائل 9 : 339 ، ب6 من أبواب زكاة الفطرة ، ح20 .
[3] الوسائل 9 : 343 ، 344 ، ب8 من أبواب زكاة الفطرة ، ح1 ، 4 .
[4] الوسائل 9 : 343 ، 344 ، ب8 من أبواب زكاة الفطرة ، ح1 ، 4 .
[5] الوسائل 9 : 347 ، ب9 من أبواب زكاة الفطرة ، ح6 .
[6] في الطبعات السابقة « من » وما أثبتناه من المصدر.
وقتها:
سئل الإمام الصادق عليهالسلام عن الفطرة متى هي ؟ قال : « قبل الصلاة يوم الفطر »([1]) .
وسئل عن المولود يولد ليلة الفطر ؟ قال [ عليهالسلام] : « ليس عليه فطرة ، وليست الفطرة إلاّ على من أدرك الشهر »([2]) .
الفقهاء:
قالوا : لزكاة الفطر وقتان : الأوّل : وقت وجوبها وشغل الذمّة بها ، والثاني : وقت إخراجها وأدائها . ويتحقّق الأوّل بمجرّد دخول هلال شوّال ، فمن هلّ عليه هذا الهلال مستكملاً لبقيّة الشروط فقد وجبت عليه ، وأصبح مسؤولاً عنها ، أمّا وقت الإخراج فيمتدّ من أوّل وقت الوجوب إلى الزوال والأفضل أداؤها قبل صلاة العيد ، وفيه العديد من الروايات([3]) .
وإذا لم يخرجها أو يعزلها على حدة قبل الزوال أدّاها بعد الزوال من يوم العيد بقصد التقرّب إلى اللّه سبحانه دون أن يقصد بها القضاء أو الأداء ؛ لأنّ جماعة من كبار العلماء كالصدوق والمفيد والمحقّق الحلّي قالوا بسقوطها بعد الزوال([4]) ؛ لأ نّها مؤقّتة ، والمؤقّت يذهب بذهاب وقته ، ويشعر بذلك قول الإمام الصادق عليهالسلام : « إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد فهي فطرة ، وإن كان بعد أن تخرج إلى العيد فهي صدقة »([5]) .
ولا يجوز تعجيلها قبل هلال شوّال ؛ لأ نّه أداء لما لا يجب بعد أن كان الوجوب مقيّداً بالهلال ، فتكون تماماً كأداء الصلاة قبل وقتها ، أجل يجوز أن تُعطى للفقير بعنوان القرض ، ثمّ تحسب عليه من الزكاة بعد الوجوب .
_________________
[1] الوسائل 9 : 355 ، ب12 من أبواب زكاة الفطرة ، ح5 .
[2] الوسائل 9 : 352 ، ب11 من أبواب زكاة الفطرة ، ح1 .
[3] انظر الوسائل : 353 ، ب12 من أبواب زكاة الفطرة.
[4] المقنع : 212 . المقنعة : 249 . الشرائع 1 : 161 .
[5] الوسائل 9 : 354 ، ب12 من أبواب زكاة الفطرة ، ح2 .
مصرفها:
سئل الإمام الصادق عليهالسلام لمن تحلّ الفطرة ؟ قال : « لمن لا يجد شيئاً »([1]) .
وقال [ عليهالسلام] : « زكاة الفطر لأهلها إلاّ أن لا تجدهم ، فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب »([2]) . أي العداء لأهل البيت عليهمالسلام .
الفقهاء:
قالوا : إنّ مصرف زكاة الفطر هو بعينه مصرف الزكاة الماليّة ؛ لروايات أهل البيت عليهمالسلام ، ولأنّ صدقة الفطر من جملة الصدقات التي تشملها الآية الكريمة : إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَسَاكِينِ ([3]) . ولم يستثنوا من الأصناف الثمانية إلاّ المؤلّفة قلوبهم ، والعاملين عليها ، كما أ نّهم أجازوا أن تعطى زكاة الفطر للمستضعفين المسلمين من غير الشيعة الاثني عشريّة إذا لم يوجد أحد من هؤلاء .
_____________________
[1] الوسائل 9 : 358 ، ب14 من أبواب زكاة الفطرة ، ح4 .
[2] الوسائل 9 : 360 ، ب15 من أبواب زكاة الفطرة ، ح3 .
[3] التوبة : 60 .
مسائل:
1 ـ لا يُعطى الفقير أقلّ من صاع ـ أي ثلاث كيلو غرامات ـ لقول الإمام الصادق عليهالسلام : « لا تعط أحداً أقلّ من رأس »([1]) .
2 ـ تجب في هذه الزكاة نيّة التقرّب إلى اللّه ؛ لأ نّها عبادة .
3 ـ قال صاحب الجواهر : ( يستحبّ اختصاص ذوي القرابة ؛ لقول الإمام عليهالسلام : « لا صدقة وذو رحم محتاج » ثمّ الجيران ؛ لقوله [ عليهالسلام] : « جيران الصدقة أحقّ بها » .
وينبغي ترجيح أهل الفضل في الدين والعلم لقوله ؛ [ عليهالسلام] : « أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل » ) . ثمّ قال صاحب الجواهر : ( والمقصود من ذلك أنّ القرابة والجوار والدين والفقه والعقل من المرجّحات )([2]) .
_________________
[1] الوسائل 9 : 362 ، ب16 من أبواب زكاة الفطرة ، ح2 .
[2] الجواهر 15 : 542 ـ 543.