قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغسِلُوا وُجُوهَكُم وأَيدِيَكُم إِلَى المَرَافِقِ وَامسَحُوا بِرُؤوسِكُم وَأَرجُلَكُم إِلَى الكَعبَينِ ([1]) .
وقال الإمام الباقر والد الإمام الصادق عليهماالسلام : « لا صلاة إلاّ بطهور »([2]) .
وقال [ عليهالسلام] : « الوضوء فريضة »([3]) .
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : افتتاح الصلاة الوضوء ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم »([4]) .
وقال الإمام الرضا حفيد الإمام الصادق عليهماالسلام : « إنّما بُدئ بالوضوء ليكون العبد طاهراً إذا قام بين يدي الجبّار عند مناجاته إيّاه ، مطيعاً له فيما أمره ، نقيّاً من الأدناس والنجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية الفؤاد ، ثمّ قال : وإنّما جوّزنا الصلاة على الميّت بغير وضوء ؛ لأ نّه ليس فيها ركوع وسجود ، وإنّما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع وسجود »([5]) .
________________________
[1] المائدة : 6 .
[2] الوسائل 1 : 315 ، ب9 من أبواب أحكام الخلوة ، ح1 .
[3] الوسائل 1 : 365 ، ب1 من أبواب الوضوء ، ح2 .
[4] الوسائل 1 : 366 ، ب1 من أبواب الوضوء ، ح4 .
[5] الوسائل 1 : 367 ، ب1 من أبواب الوضوء ، ح9 .
أسباب الوضوء :
قال الإمام الصادق عليهالسلام : « لا يوجب الوضوء إلاّ من غائط أو بول أو ريح تسمع صوته أو تشمّ ريحه »([1]) .
وقال [ عليهالسلام] : « قد تنام العين ولا ينام القلب والاُذن ، فإذا نامت العين والاُذن والقلب وجب الوضوء »([2]) .
وفي رواية ثالثة أ نّه قال [ عليهالسلام] : « ينقض الوضوء الغائط والبول والريح والمني والنوم حتّى يذهب العقل »([3]) .
وفي رواية رابعة : « لا ينقض الوضوء إلاّ حدث ونوم »([4]) . وليس من شكّ أنّ الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس من الأحداث .
وبالإجمال أنّ هذه الروايات وغيرها تدلّ على أنّ الوضوء يجب من الغائط والبول والريح والجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس والنوم الغالب على السمع والعقل ، أمّا زوال العقل بالسكر والجنون والإغماء فيوجب الوضوء بالإجماع ، لا بالنصّ . وبعد أن نقل صاحب الوسائل أحاديث نواقض الوضوء قال : ( وأحاديث حصر النواقض تدلّ على عدم نقض الوضوء بزوال العقل ، ولكنّه موافق للاحتياط )([5]) .
ونواقض الوضوء هي نفس الأسباب الموجبة له ؛ لأ نّها تبطله وتفسده .
وممّا قدّمنا يتبيّن معنى أنّ خروج الدود والحصى والدم والمذي والودي والقيء والقبلة واللمس ، كلّ ذلك وما إليه لا يوجب الوضوء ولا يفسده .
وبديهة أنّ الوضوء لا يصحّ إلاّ مع الإسلام والبلوغ والعقل وعدم الضرر ،
وقيل : يصحّ من الصبيّ المميّز بناء على صحّة عبادته([6]) ، ويأتي الكلام عنها .
________________________
[1] الوسائل 1 : 245 ، ب1 من أبواب نواقض الوضوء ، ح2 .
[2] الوسائل 1 : 245 ، ب1 من أبواب نواقض الوضوء ، ح1 .
[3] الوسائل 1 : 249 ، ب2 من أبواب نواقض الوضوء ، ح2 .
[4] الوسائل 1 : 251 ، ب2 من أبواب نواقض الوضوء ، ح8 .
[5] الوسائل 1 : 257 ، ب4 من أبواب نواقض الوضوء ، ذيل الحديث 1 .
[6] انظر العروة الوثقى 1 : 140 ، م15 .
الشكّ والتردّد :
من كان على يقين من وضوئه ثمّ شكّ هل صدر منه ما يوجب نقضه وفساده أو لا ؟ يبقى على يقينه ، ولا يجب أن يتوضّأ ثانية ؛ لقول الإمام عليهالسلام : « إنّه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبداً بالشكّ ، بل ينقضه بيقين مثله »([1]) .
_______________
[1] الوسائل 1 : 245 ، ب1 من أبواب نواقض الوضوء ، ح1 .
غايات الوضوء :
إنّ العبادة التي من أجلها يتوضّأ الإنسان تسمّى غاية الوضوء ، وهي ما يلي :
1 ـ يجب الوضوء للصلاة واجبة كانت أو مستحبّة ، أي لا تصحّ الصلاة بدونه إجماعاً ونصّاً . وهو قوله تعالى : إِذا قُمتُم إِلَى الصَّلاَةِ إلخ ، وقول الإمام [ عليهالسلام] :
« لا صلاة إلاّ بطهور » .
2 ـ الطواف أيضاً إجماعاً ونصّاً ، وهو حديث : « الطواف في البيت صلاة »([1]) ، وروى عليّ بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم ابن الإمام الصادق عليهماالسلام : عن رجل طاف في البيت ثمّ ذكر أ نّه على غير وضوء ، فقال : « يقطع طوافه ، ولا يعتدّ به »([2]) .
3 ـ مسّ كتابة القرآن ، فلقد روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أ نّه قال لولده إسماعيل : « يابني اقرأ المصحف » ، فقال : إنّي لست على وضوء ، قال : « لا تمسّ الكتابة ، ومسّ الورقة واقرأ »([3]) .
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ مسّ كتابة القرآن ليس من غايات الوضوء حقيقة ، بل تسامحاً ، ذلك أنّ هذا المسّ ليس واجباً ولا مستحبّاً . وإذا لم يكن كذلك ، فبالأولى أن لا يكون الوضوء من أجله واجباً أو مستحبّاً ؛ لأنّ الوسيلة لا تجب دون الغاية ، والتابع لا يزيد على المتبوع ، وعلى هذا يكون الوضوء لأجل المسّ غير مشروع ألبتة .
إذن ، المراد أنّ من كان على غير وضوء يحرم عليه أن يمسّ كتابة القرآن : ومن كان متوضّئاً لغاية أُخرى جاز له أن يمسّ الكتابة المقدّسة .
4 ـ يجب الوضوء لإقامة الصلاة ، تماماً كما يجب للصلاة نفسها إجماعاً ونصّاً ، وهو قول الإمام عليهالسلام : « لا بأس أن تؤذّن وأنت على غير طهور ، ولا تقيم ـ أي للصلاة ـ إلاّ وأنت على وضوء »([4]) .
وذكرنا في أوّل هذا الفصل ما جاء على لسان الإمام الرضا عليهالسلام من أنّ صلاة الجنازة لا يجب الوضوء لها ؛ إذ لا ركوع فيها ولا سجود ، فليست هي بصلاة حقيقة ، بل دعاء للميّت .
_________________
[1] الوسائل 13 : 376 ، ب38 من أبواب الطواف ، ح6 .
[2] الوسائل 13 : 375 ، ب38 من أبواب الطواف ، ح4 .
[3] الوسائل 1 : 384 ، ب12 من أبواب الوضوء ، ح2 .
[4] الوسائل 5 : 392 ، ب9 من أبواب الأذان والإقامة ، ح3 .