مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ: فيما اتّخذوه معتمدا متّكلا.
كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً: إذ مثلهم بالإضافة إلى الموحّد، كمثلها بالإضافة إلى رجل بنى من حجر وجصّ فيما نسجته من الوهن والخور، بل ذاك أوهن. فإنّ لهذا حقيقة وانتفاعا عامّا.
و «العنكبوت» يقع على الواحد، والجمع، والمذكّر، والمؤنّث. والتّاء فيه، كتاء طاغوت. ويجمع على عناكيب، وعناكب، وعكاب، وعكبة، وأعكب.و في كتاب الخصال : عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه- عليهم السّلام- قال: المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفا- إلى أن قال-: وأمّا العنكبوت، فكانت امرأة سيّئة الخلق عاصية لزوجها مولّية عنه. فمسخها اللّه عنكبوتا.
عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب- عليهم السّلام- قال: سألت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- عن المسوخ. فقال: هم ثلاثة عشر- إلى أن قال- صلى اللّه عليه وآله وسلم- وأمّا العنكبوت، فكانت امرأة تخون زوجها.
عن سعيد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين- عليه السّلام- يقول: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر.
و في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر- عليه السّلام- حديث طويل يقول فيه- عليه السّلام- وأمّا العنكبوت، فكانت امرأة سحرت زوجها.
بإسناده إلى عليّ بن جعفر عن معتب مولى جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- مثله.
وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ: لا بيت أوهن وأقلّ وقاية للحرّ والبرد منه.
لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ : يرجعون إلى علم، لعلموا أنّ هذا مثلهم. أو أنّ دينهم أوهن من ذلك.
و يجوز أن يكون المراد ببيت العنكبوت: دينهم سمّاه به، تحقيقا للتّمثيل. فيكون المعنى: وإنّ أوهن ما يعتمد في الدّين دينهم.
و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن خالد البرقيّ، عن سيف بن عميرة، عن أخيه، عن أبيه، عن سالم بن مكرم، عن أبيه، قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول فيقوله- عزّ وجلّ-: كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ قال: هي الحميراء.
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ: على إضمار القول، أي: قل للكفرة: إنّ اللّه يعلم.
و قرأ البصريان ويعقوب، بالياء. حملا على ما قبله .
«و ما» استفهاميّة، منصوبة «بيدعون» و«يعلم» معلّقة عنها.
و «من» للتّبيين. أو نافية. و«من» مزيدة. و«شيء» مفعول «تدعون». أو مصدريّة. و«شيء» مصدر. أو موصولة مفعول «ليعلم» ومفعول «يدعون» عائدها المحذوف. والكلام على الأوّلين تجهيل لهم، وتوكيد للمثل. وعلى الآخرين وعيد لهم.
وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ : تعليل على المعنيين. فإنّ من فرط الغباوة إشراك ما لا يعدّ شيئا، بمن هذا شأنه. وإنّ الجماد بالإضافة إلى القادر على كلّ شيء البالغ في العلم واتّقان الفعل الغاية كالمعدوم. وإنّ من هذا صفته قادر على مجازاتهم.
وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ، يعني: هذا المثل ونظائره.
نَضْرِبُها لِلنَّاسِ: تقريبا لما بعد منه أفهامهم.
وَ ما يَعْقِلُها: ولا يعقل حسنها وفائدتها.
إِلَّا الْعالِمُونَ : الّذي يتدبّرون الأشياء على ما ينبغي.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ.، يعني: آل محمّد- صلوات اللّه عليهم-.
و في مجمع البيان : وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ. و
روى الواحديّ بالإسناد: عن جابر قال: تلا النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- هذه الآية وقال: العالم الّذي عقل عن اللّه، فعمل بطاعته واجتنب سخطه.
و في بصائر الدّرجات : محمّد بن الحسين، عن يزيد بن سعد، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال: هم الأئمّة خاصّة وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ فزعم أنّ من عرف الإمامو الآيات ممّن يعقل ذلك.
و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه- قال: حدّثنا الحسين بن عامر، عن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطيّة، عن محمّد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ قال: نحن هم صدقا- صلوات اللّه عليهم- لأنّ منتهى العلم جميعه يرجع إليهم.
لأنّهم الرّاسخون في العلم، وإليهم الأمر فيه والحكم.
خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ: غير قاصد به باطلا. فإنّ المقصود بالذّات من خلقها، إفاضة الخير والدّلالة على ذاته وصفاته. كما أشار إليه بقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ : لأنّهم المنتفعون بها.
اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ: تقرّبا إلى اللّه بقراءته، وتحفّظا لألفاظه، واستكشافا لمعانيه. فإنّ القارئ المتأمّل، قد ينكشف له بالتّكرار ما لم ينكشف له أوّل ما قرع سمعه.
وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ: بأن تكون سببا للانتهاء عن المعاصي حال الاشتغال بها وغيرها. من حيث أنّها تذكّر اللّه، وتورث النّفس خشية منه.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه- : ثمّ خاطب اللّه- عزّ وجلّ- نبيّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- فقال- جلّ ذكره-: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ قال: من لم تنهه الصّلاة عن الفحشاء والمنكر، لم تزده من اللّه- عزّ وجلّ- إلّا بعدا.
و في كتاب التّوحيد : وقد روي عن الصّادق- عليه السّلام- أنّه قال: الصّلاة حجزة اللّه. وذلك أنّها تحجز المصلّي عن المعاصي ما دام في صلاته. قال اللّه- عزّ وجلّ-:
إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ.
و في مجمع البيان : وروى أنس بن مالك [الجهنّي:] عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه
و آله وسلم- أنّه قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزد من اللّه إلّا بعدا.
و- أيضا- عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- أنّه قال: لا صلاة لمن لم يطع الصلاة. وطاعة الصلاة أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر.
و روى أنس : أنّ فتى من الأنصار كان يصلّي الصّلوات مع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- ويرتكب الفواحش: فوصف ذلك لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- فقال: إنّ صلاته تنهاه يوما.
و عن جابر قال: قيل لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم-: إنّ فلانا يصلّي بالنّهار ويسرق باللّيل.
فقال: إنّ صلاته لتردعه.
و روى أصحابنا، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام - قال: من أحبّ أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر. فبقدر ما منعته قبلت منه.
و في كتاب سعد السّعود لابن طاوس- رحمه اللّه-: وقد روينا في الجزء الأوّل من كتاب المهمّات والتّتمّات صفة الصّلاة النّاهية عن الفحشاء والمنكر.
وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ:
قيل : والصّلاة أكبر من سائر الطّاعات وإنّما عبّر عنها به، للتّعليل بأنّ اشتمالها على ذكره هي العمدة في كونها مفضّلة على الحسنات ناهية عن السّيّئات. أو لذكر اللّه إيّاكم برحمته أكبر من ذكركم إيّاه بطاعته.
و في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن عليّ بن العبّاس، عن الحسين بن عبد الرّحمن، عن سفيان الحريريّ، عن أبيه، عن سعد الخفّاف، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت: جعلت فداك يا أبا جعفر، وهل يتكلّم القرآن؟
فتبسّم ثمّ قال: رحم اللّه الضّعفاء من شيعتنا، إنّهم أهل التّسليم. ثمّ قال: نعم يا سعد، والصّلاة تتكلّم، وله صورة وخلق، تأمر وتنهى.
قال: فتغيّر لذلك لوني، وقلت: هذا شيء لا أستطيع أن أتكلّم به في النّاس.
فقال أبو جعفر: وهل النّاس إلّا شيعتنا. فمن لم يعرف الصّلاة، فقد أنكر حقّنا . ثمّ قال: يا سعد، أسمعك كلام القرآن؟
قال سعد: فقلت بلى- صلّى اللّه عليك-.
فقال: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ فالنّهي كلام.
و الفحشاء والمنكر رجال. ونحن ذكر اللّه. ونحن أكبر.
و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ يقول: ذكر اللّه لأهل الصّلاة أكبر من ذكرهم إيّاه. ألا ترى أنّه يقول : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ.
و في مجمع البيان : وروى أصحابنا، عن أبي عبد الّله- عليه السّلام- قال: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ قال: ذكر اللّه عند ما أحلّ أو حرّم.
و عن معاذ بن جبل قال: سألت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم-: أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه؟
قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر اللّه- عزّ وجلّ-.
و قال- صلّى اللّه عليه وآله وسلم-: يا معاذ: إنّ السّابقين، الّذين يسهرون بذكر اللّه- عزّ وجلّ- ومن أحبّ أن يرتع في رياض الجنّة، فليكثر ذكر اللّه- عزّ وجلّ-.
وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ : منه ومن سائر الطّاعات. فيجازيكم به أحسن المجازاة.
وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ: إلّا بالخصلة الّتي هي أحسن . كمعارضة الخشونة باللّين، والغضب بالكظم، والمشاغبة بالنّصح.و قيل : هو منسوخ بآية السّيف، إذ لا مجادلة أشدّ منه. وجوابه أنّه آخر الدّواء.
و قيل: المراد به، ذووا العهد منهم.
و في كتاب الاحتجاج ، للطّبرسيّ- رحمه اللّه-: وروي عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- أنّه قال: نحن المجادلون في دين اللّه على لسان سبعين نبيّا.
و قال أبو محمّد الحسن العسكريّ- عليه السّلام- : ذكر عند الصّادق- عليه السّلام- الجدال في الدّين، وأنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- والأئمّة- عليهم السّلام- قد نهوا عنه.
فقال الصّادق- عليه السّلام-: لم ينه عنه مطلقا. ولكنّه نهى عن الجدال بغير الّتي هي أحسن. أما تسمعون اللّه- تعالى- يقول: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [و قوله : ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فالجدال بالّتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدّين والجدال بغير الّتي هي أحسن محرّم حرّمه اللّه على شيعتنا. وكيف يحرم اللّه [الجدال] جملة وهو يقول : وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى قال اللّه- تعالى - تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فجعل اللّه علم الصّدق والإيمان بالبرهان. وهل يؤتى ببرهان إلّا بالجدال بالّتي هي أحسن؟] قيل: يا ابن رسول اللّه، فما الجدال بالّتي هي أحسن وبالّتي ليست بأحسن؟قال: أمّا الجدال بغير الّتي هي أحسن، بأن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا. فلا تردّه بحجّة قد نصبها اللّه- تعالى- ولكن تجحد قوله. أو تجحد حقّا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله. فتجحد ذلك الحقّ، مخافة أن يكون له عليك فيه حجّة. لأنّك لا تدري كيف المخلص منه. فذلك حرام على شيعتنا، أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين. أمّا المبطلون، فيجعلون ضعف الضّعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجّة له على باطله. وأمّا الضّعفاء منكم، فتعمى قلوبهم لما يرون من ضعف المحقّ في يد المبطل.
و أمّا الجدال بالّتي هي أحسن، فهو ما أمر اللّه- تعالى- به نبيّه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له. فقال» اللّه- تعالى- حاكيا عنه: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ فقال اللّه- تعالى- في الرّدّ عليه: قل يا محمّد يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ فأراد اللّه من نبيّه، أن يجادل المبطل الّذي قال: كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم؟ فقال اللّه- تعالى-: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ أ فيعجز من ابتدأ به لا من شيء أن يعيده بعد أن يبلى. بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته. ثمّ قال- عزّ وجلّ-: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أي: إذ أكمن النّار الحارّة في الشّجر الأخضر الرّطب ثمّ يستخرجها، فعرّفكم أنّه على إعادة من بلي أقدر.
ثمّ قال : أَ وَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ، أي: إذا كان خلق السّموات والأرض أعظم وأبعد في أهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي، فكيف جوّزتم من اللّه خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوّزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعاد البالي؟
قال الصّادق- عليه السّلام-: فهذا الجدال بالّتي هي أحسن. لأنّ فيها قطع عذر الكافرين ، وإزالة شبههم. وأمّا الجدال بغير الّتي هي أحسن، فأن تجحد حقّا لا يمكنك أنتفرّق بينه وبين باطل من تجادله. وإنّما تدفعه عن باطله، بأن تجحد الحقّ. فهذا هو المحرّم.
لأنّك مثله، جحد هو حقّا وجحدت أنت حقّا آخر.
قال أبو محمّد الحسن العسكري- عليه السّلام-: فقام إليه رجل آخر، فقال: يا ابن رسول اللّه، أ فجادل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم-؟
فقال الصّادق- عليه السّلام-: مهما ظننت برسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- من شيء، فلا تظنّنّ به مخالفة اللّه- تعالى- أليس اللّه قال : وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وقُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ لمن ضرب اللّه مثلا. أ فتظنّ أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- خالف ما أمره اللّه به، فلم يجادل ما أمره به، ولم يخبر عن أمر اللّه بما أمره أن يخبر به؟
إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ: بالإفراط في الاعتداء والفساد. أو بإثبات الولد، وقولهم: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ : أو بنقض العهد ومنع الجزية.
وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ: هو من المجادلة بالّتي هي أحسن.
و عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- : لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا باللّه وبكتبه ورسله. فإن قالوا باطلا لم تصدّقوهم، وإن قالوا حقّا لم تكذّبوهم.
وَ إِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ : مطيعون له خاصّة. وفيه تعريض باتّخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللّه.
و في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- وذكر فيه حديثا طويلا. قال فيه- عليه السّلام- بعد أن قال: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسّمه عليها وفرّقه فيها: [و فرض اللّه على اللّسان القول والتّعبير عن القلب، بما عقد عليه وأقرّ به.] وقال اللّه- تبارك وتعالى- :وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وقال: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. فهذا ما فرض اللّه على اللّسان. وهو عمله.
وَ كَذلِكَ: ومثل ذلك الإنزال.
أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ: وحيا مصدّقا لسائر الكتب الإلهيّة. وهو تحقيق لقوله:
فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ: هم عبد اللّه بن سلام وأضرابه. أو من تقدّم عهد الرّسول- عليه السّلام وآله- من أهل الكتاب.
وَ مِنْ هؤُلاءِ: ومن العرب. أو أهل مكّة. أو ممّن في عهد الرّسول- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- من أهل الكتابين.
مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ: بالقرآن.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه- : وأمّا قوله- عزّ وجلّ-. فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ فهم آل محمّد- صلوات اللّه عليهم- وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، يعني:
أهل الإيمان من أهل القبلة.
و في شرح الآيات الباهرة : حدّثنا أبو سعيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن أبي الورد، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ قال: هم آل محمّد- صلوات اللّه عليهم-.
وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا: مع ظهورها، وقيام الحجّة عليها.
إِلَّا الْكافِرُونَ :
في تفسير عليّ بن إبراهيم ، يعني: ما يجحد بأمير المؤمنين- صلوات اللّه عليه- والأئمّة- عليهم السّلام- إلّا الكافرون.
و قيل : إلّا المتوغّلون في الكفر. فإنّ جزمهم به، يمنعهم عن التّأمّل فيما يفيد لهم صدقها. لكونها معجزة. بالإضافة إلى الرّسول- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- كما أشار إليه بقوله: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ: فإنّ ظهور هذاالكتاب الجامع لأنواع العلوم الشّريفة على أمّيّ لم يعرف بالقراءة والتّعلّم، خارق للعادة.
و ذكر اليمين، زيادة تصوير للمنفيّ. ونفي للتّجوّز في الإسناد.
إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ، أي: لو كنت ممّن يخطّ ويقرأ، لقالوا: لعلّه تعلّمه، أو التقطه من كتب الأقدمين. وإنّما سمّاهم مبطلين، لكفرهم. أو لارتيابهم بانتفاء وجه واحد من وجوه الإعجاز المتكاثرة.
و قيل : لارتاب أهل الكتاب، لوجدانهم نعتك على خلاف ما في كتبهم، فيكون إبطالهم باعتبار الواقع، دون المقدّر.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم- رضي اللّه عنه- : في قوله- عزّ وجلّ-: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ. وهو معطوف على قوله- تعالى- في سورة الفرقان : اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا فردّ اللّه عليهم فقال: كيف يدّعون أنّ الّذي تقرأه أو تخبر به تكتبه عن غيرك، وأنت ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ.، أي: شكّوا.
و في عيون الأخبار ، في باب مجلس الرّضا- عليه السّلام- مع أهل الأديان والحقالات في التّوحيد، قال الرّضا- عليه السّلام- في أثناء المحاورات: كذلك أمر محمّد- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- وما جاء به، وأمر كلّ نبيّ بعثه اللّه. ومن آياته، أنّه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا. لم يتعلّم كتابا ولم يختلف إلى معلّم. ثمّ جاء بالقرآن الّذي فيه قصص الأنبياء- عليهم السّلام- وأخبارهم حرفا حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.
بَلْ هُوَ: بل القرآن.
آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ: يحفظونه. لا يقدر أحد تحريفه.
و في أصول الكافي : عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول في هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [فأومى بيده إلى صدره.عنه ، عن محمّد بن عليّ، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدّي، عن أبي عبد الّله- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ] قال: هم الأئمة- عليهم السلام-.
و عنه ، عن محمّد بن عليّ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال:
قال أبو جعفر- عليه السّلام- في هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ثمّ قال: [هم الائمة- عليهم السّلام-.
محمّد بن عليّ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر- عليه السّلام- هذه الآية بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ثمّ قال:] أما واللّه يا أبا محمّد ما قال بين دفتي المصحف.
قلت: من هم، جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكون غيرنا؟
محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين ، عن بريد ، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد الّله- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قال: هم الأئمّة خاصّة.
عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل قال: سألته عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال: هم الأئمّة- عليهم السّلام- [خاصّة.] و في بصائر الدّرجات : يعقوب بن يزيد ومحمّد بن الحسين، عن ابن بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت له: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
[قال: إيّانا عنى.] من عسى أن يكونوا؟
أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن حجر، عن حمران، عن أبي جعفر- عليه السّلام- وأبي عبد اللّه البرقيّ، عن أبي الجهيم، عن أسباط، عن أبي عبد الّله- عليه السّلام- في قول اللّه- تبارك وتعالى-: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قال: نحن.
أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى، عن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّه قرأ هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ [فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قال: يا أبا محمّد، ما قال بين دفتي المصحف.
قلت: من هم، جعلت فداك؟
قال: من عسى] أن يكونوا غيرنا؟
محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير والحسن بن عليّ بن فضّال، عن مثنّى بن الحنّاط، عن الحسن الصّيقل قال: قلت لأبي عبد الّله- عليه السّلام-: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قال: نحن وإيّانا عنى.
أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن أيوب بن حسن، عن حمران قال: سألت أبا عبد الّله- عليه السّلام- عن قول اللّه- تباركو تعالى-: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [قلت:] أنتم هم؟
قال: من عسى أن يكونوا؟
محمّد بن الحسين، عن يزيد شعر ، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قال: هم الأئمّة خاصّة وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ فزعم أنّ من عرف الإمام والآيات ممّن يعقل.
محمّد بن خالد الطّيالسيّ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قلت: أنتم هم؟
قال: من عسى أن يكونوا ؟
أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الرّحيم ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ هذا العلم انتهى إليّ في القرآن. ثمّ جمع أصابعه. ثمّ قال: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
و في شرح الآيات الباهرة : حدّثنا أحمد بن القاسم الهمدانيّ، عن أحمد بن محمّد السّياريّ، عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن عليّ بن أسباط قال: سأل رجل أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قال: نحن هم.
فقال الرّجل: جعلت فداك، متى يقوم القائم- عليه السّلام-؟
قال: كلّنا قائم بأمر اللّه- عزّ وجلّ- واحد بعد واحد، حتّى يجيء صاحبالسّيف. فإذا جاء صاحب السّيف [، جاء] أمر غير هذا.
و قال- أيضا- : حدّثنا أحمد بن هوذة الباهليّ، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن عبد العزيز العبديّ قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
قال: هم الأئمّة من آل محمد- صلوات اللّه عليهم أجمعين- باقية دائمة في كلّ حين.
وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ : إلّا المتوغّلون في الظّلم. بالمكابرة بعد وضوح دلائل إعجازها حتّى لم يعتدّوا بها.
وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ: مثل ناقة صالح، وعصا موسى، ومائدة عيسى- عليهم السّلام-.
و قرأ نافع وابن عامر والبصريان وحفص: آيات .
قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ: ينزلها كيف يشاء. لست أملكها، فآتيكم بما تقترحونه.
وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ : ليس من شأني، إلّا الإنذار وإبانته بما أعطيت من الآيات.
أَ وَلَمْ يَكْفِهِمْ: آية مغنية عمتا اقترحوه.
أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ: تدوم تلاوته عليهم، متحدّين به.
فلا يزال معهم آية ثابتة لا تضمحلّ، بخلاف سائر الآيات. أو يُتْلى عَلَيْهِمْ، يعني اليهود.
بتحقيق ما في أيديهم من نعتك ونعت دينك.
إِنَّ فِي ذلِكَ: في ذلك الكتاب. الّذي هو آية مستمرّة، وحجّة مبيّنة.
لَرَحْمَةً: لنعمة عظيمة.
وَ ذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ : وتذكرة لمن همّه الإيمان دون التّعنّت.و في مجمع البيان : إن في ذلك لآية قيل: إنّ قوما من المسلمين كتبوا شيئا من كتب أهل الكتاب. فهدّدهم- سبحانه- في هذه الآية ونهاهم عنه.
و قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- جئتكم بها بيضاء نقيّة.
قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً: بصدقي. وقد صدّقني بالمعجزات. أو بتبليغي ما أرسلت به إليكم ونصحي، ومقابلتكم إيّاي بالتّكذيب والتّعنّت.
يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: فلا يخفى عليه حالِى وحالكم.
وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ: وهو ما يعبدون من دون اللّه.
وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ: منكم.
أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ : في صفقتهم. حيث اشتروا الكفر بالإيمان.
وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ: بقولهم: فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ .
وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى: لكلّ عذاب. أو قوم.
لَجاءَهُمُ الْعَذابُ: عاجلا.
وَ لَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً: فجاءة في الدّنيا، كوقعة بدر. أو الآخرة، عند نزول الموت.
وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ : بإتيانه.
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ : ستحيط بهم يوم يأتيهم العذاب. أو هي كالمحيطة بهم الآن، لإحاطة الكفر والمعاصي الّتي توجبها بهم.
و «اللّام» للعهد. على وضع الظّاهر موضع المضمر، للدّلالة على موجب الإحاطة. أو للجنس. فيكون استدلالا بحكم الجنس على حكمهم.
يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ: ظرف «لمحيطة». أو مقدّر، مثل: كان كيت وكيت.
مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ: من جميع جوانبهم.
وَ يَقُولُ: اللّه. أو بعض ملائكته بأمره.
و قرأ ابن كثير وابن عامر والبصريون، بالنّون .
ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، أي: جزاءه.
يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ
، أي:
إذا لم يتسهّل لكم العبادة في بلدة ولم يتيسّر لكم إظهار دينكم، فهاجروا إلى حيث يتمشّى لكم ذلك.
و «الفاء» جواب شرط محذوف. إذ المعنى: إنّ أرضي واسعة إن لم تخلصوا العبادة لي في أرض، فأخلصوها في غيرها.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه- : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ
يقول: لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك. فإن خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم، فإنّ أَرْضِي واسِعَةٌ
] وهو يقول : فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ فقال: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها.
و في مجمع البيان : وقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: معناه: إذا عصي اللّه في أرض أنت بها، فاخرج منها إلى غيرها.
و في جوامع الجامع : وعن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- من فرّ بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض، استوجب الجنّة. وكان رفيق إبراهيم ومحمّد- عليهما السّلام-.
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ: تناله لا محالة.
ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ : للجزاء. ومن هذا عاقبته، ينبغي أن يجتهد في الاستعداد له.
و في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار المجموعة، وبإسناده قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم-: لمّا أنزلت هذه الآية إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. قلت: يا ربّ، أ تموت الخلائق كلّهم وتبقى الأنبياء؟
فنزلت كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ.و في تفسير العيّاشيّ : عن زرارة قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر- عليه السّلام- عن الرّجعة، واستخفيت ذلك. قلت: لأسألنّ مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي. فقلت: أخبرني عمّن قتل، أمات؟
قال: لا. الموت موت، والقتل قتل.
قلت: ما أحد يقتل إلّا وقد مات.
فقال: قول اللّه أصدق من قولك. فرّق بينهما في القرآن، فقال: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ. وقال: وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ. وليس كما قلت يا زرارة، الموت موت والقتل قتل.
قلت:] فإنّ اللّه يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ.
قال: من قتل لم يذق الموت. ثمّ قال: لا بدّ من أن يرجع حتّى يذوق الموت.
وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ: لننزلنّهم.
مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً: علاليّ.
و قراء حمزة والكسائي: «لنثوينّهم»، أي: لنقيمنّهم. من الثّواء. فيكون انتصاب «غرفا» لإجرائه مجرى «لننزلنّهم». أو بنزع الخافض. أو تشبيه الظّرف المؤقّت بالمبهم.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه- : حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلا، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: كان عليّ بن الحسين- عليهما السّلام- يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليّ- عليهما السّلام- حتّى تسيل على خدّه، بوّأه اللّه بها في الجنّة غرفا يسكنه أحقابا.
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ :
و قرئ: «فنعم». والمخصوص بالمدح محذوف، دلّ عليه ما قبله .
الَّذِينَ صَبَرُوا: على أذيّة المشركين، والهجرة للّدين. إلى غير ذلك من المحن والمشاقّ. وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ : ولا يتوكّلون، إلّا على اللّه.
وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا: لا تطيق حمله، لضعفها، أو لا تدّخره، وإنّماتصبح ولا معيشة عندها.
اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ: ثمّ أنّها مع ضعفها وتوكلّها، وإيّاكم مع قوّتكم واجتهادكم، سواء في أنّه لا يرزقها وإيّاكم إلّا اللّه. لأنّ رزق الكلّ بأسباب، هو المسبّب لها وحده. فلا تخافوا على معاشكم بالهجرة. فإنه لمّا أمروا بالهجرة قال بعضهم: كيف نقدم بلدة ليس لنا فيه معيشة؟ فنزلت.
وَ هُوَ السَّمِيعُ: لقولكم هذا.
الْعَلِيمُ بضميركم.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه : في قوله- عزّ وجلّ-: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ قال: كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع. فقال اللّه- عزّ وجلّ-: اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ.
و في مجمع البيان : وعن عطاء، عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- حتّى دخلنا بعض حيطان الأنصار فجعل يلتقط من التّمر ويأكل.
فقال: يا بن عمر، ما لك لا تأكل؟
فقلت: لا أشتهيه، يا رسول اللّه.
قال: لكنّي أشتهيه. وهذه صبيحة رابعة منذ لم أذق طعاما. ولو شئت لدعوت ربّي، فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر. فكيف بك- يا ابن عمر- إذا بقيت مع قوم يخبّئون رزق سنتهم لضعف اليقين. فو اللّه ما برحنا حتّى نزلت وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ:
المسئول عنهم أهل مكّة.
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ: لما تقرّر في العقول، وجوب انتهاء الممكنات إلى واحد واجب الوجود.
فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ : يصرفون عن توحيده، بعد إقرارهم بذلك.اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ: يحتمل أن يكون الموسّع له والمضيّق عليه واحدا. على أنّ البسط والقبض على التّعاقب. وأن لا يكون على وضع الضّمير موضع «من يشاء» وإبهامه. لأنّ «من يشاء» مبهم.
إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ : يعلم مصالحهم ومفاسدهم.
وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ: معترفين بأنّه الموجد للممكنات بأسرها، أصولها وفروعها. ثمّ أنّهم يشركون به بعض مخلوقاته، الّذي لا يقدر على شيء من ذلك.
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ: على ما عصمك من مثل هذه الضّلالة. أو على تصديقك وإظهار حجّتك.
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ : فيتناقضون. حيث يقرّون بأنّه المبدئ لكلّ ما عداه، ثمّ أنّهم يشركون به الصّنم.
و قيل : لا يعقلون ما تريد بتحميدك عند مقالهم .
وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا: إشارة تحقير. وكيف لا، وهي لا تزن عند اللَّه جناح بعوضة.
إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ: إلّا كما يلهى ويلعب به الصّبيان، ويجتمعون عليه، ويبتهجون به ساعة. ثمّ يتفرّقون متعبين.
وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ: لهي دار الحياة الحقيقيّة، لامتناع طريان الموت عليها. أو هي في ذاتها حياة، للمبالغة.
و «الحيوان» مصدر حيي. سمّي به ذو الحياة. وأصله: حييان، فقبلت الياء الثّانية واوا. وهو أبلغ من الحياة، لما في بناء «الفعلان» من الحركة والاضطراب اللّازم للحياة.
و لذلك اختير عليها هاهنا.
لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ : لم يؤثروا عليها الدّنيا، الّتي أصلها عدم الحياة.
و الحياة فيها عارضة سريعة الزّوال.
فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ: متّصل بما دلّ عليه شرح حالهم، أي: هم على ما وصفوا به من الشّرك. فإذا ركبوا البحر دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ: كائنين فيصورة من أخلص دينه من المؤمنين. حيث لا يذكرون إلّا اللَّه، ولا يدعون سواه. لعلمهم بأنّه لا يكشف الشّدائد، إلّا هو.
فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ : فاجئوا المعاودة إلى الشّرك.
لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ:
«اللّام» فيه، لام كي، أي: يشركون، ليكونوا كافرين بشركهم نعمة النّجاة.
وَ لِيَتَمَتَّعُوا: باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادّهم عليها. أو «لام» الأمر على التّهديد. ويؤيّده قراءة ابن كثير وحمزة والكسائيّ وقالون عن نافع: «و ليتمتّعوا» بالسّكون .
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ : عاقبة ذلك حين يعاقبون.
أَ وَلَمْ يَرَوْا، يعني: أهل مكّة.
أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً، أي: جعلنا بلدهم مصونا عن النّهب والتّعدّي، آمنا أهله عن القتل والسّبي.
وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ: يختلسون قتلا وسبيا. إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب.
أَ فَبِالْباطِلِ: أ فبعد هذه النّعمة المكشوفة وغيرها من لا يقدر عليه إلّا اللَّه؟
يُؤْمِنُونَ: بالصّنم. أو الشّيطان.
وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ : حيث أشركوا به غيره. وتقديم الصّلتين، للاهتمام. أو الاختصاص، على طريق المبالغة.
وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً: بأن زعم له شريكا.
أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ، يعني: الرّسول- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- أو الكتاب.
و في «لمّا» تسفيه لهم. بأن لم يتوقّفوا ولم يتأمّلوا قطّ حين جاءهم، بل سارعوا إلى التّكذيب أوّل ما سمعوه.
أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ : تقدير لثوائهم. كقوله:
ألستم خير من ركب المطايا .أي: ألا يستوجبون الثّواء فيها، وقد افتروا مثل هذا الكذب على اللَّه وكذّبوا بالحقّ مثل هذا التّكذيب؟ أو لاجترائهم، أي: ألم يعلموا أنّ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ، حتّى اجترءوا هذه الجرأة.
وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا، أي: في حقّنا. وإطلاق المجاهدة، لتعمّ جهاد الأعادي الظّاهرة والباطنة بأنواعه.
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا: سبل السّير إلينا، والوصول إلى جنابنا. أو لنزيدنّهم هداية إلى سبيل الخير، توفيقا لسلوكها. كقوله : وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً.
و في الحديث : من عمل بما علم، ورثه اللَّه علم ما لم يعلم.
وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ : بالنّصر والإعانة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله- عزّ وجلّ-: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ، أي: صبروا وجاهدوا مع رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم-: لَنَهْدِيَنَّهُمْ، أي:
لنثبّتنّهم. وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.
و في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّه قال: هذه الآية لآل محمّد- صلوات اللَّه عليهم- ولأشياعهم.
و في كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- أنّه قال: ألا وإنّي مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها، فتضلّوا في دينكم. أنا المحسن، بقول اللَّه- عزّ وجلّ-: إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.
و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن العبّاس- رحمه اللَّه- قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن محمّد بن زكيّ، عن محمّد بن الفضيل، عن محمّد بن شعيب، عن قيس بن الرّبيع، عن منذر الثّوريّ، عن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه عليّ- عليه السّلام- قال: يقول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. فأنا ذلك المحسن.و قال- أيضا-: حدّثنا محمد بن الحسين الخثعميّ، عن عبّاد بن يعقوب، عن الحسن بن حمّاد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-:
وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. قال: نزلت فينا.
و قال- أيضا -: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن مسلم الحذّاء، عن زيد بن عليّ- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ وجلّ-:
وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. قال: نحن هم.
قلت: وإن لم تكونوا وإلّا فمن؟ [قال: نعم.]