الآيات المرسلات أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَ أَمْواتاً تفسير قال الطبرسي رحمه الله كفت الشيء يكفته كفتا و كفاتا إذا ضمه و منه الحديث اكفتوا صبيانكم أي ضموهم إلى أنفسكم و يقال للوعاء كفت و كفيت قوله تعالى كِفاتاً أي للعباد تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم و منازلهم و تكفتهم أمواتا في بطنها أي تحوزهم و تضمهم قال بنان خرجنا في جنازة مع الشعبي فنظر إلى الجبان فقال هذه كفات الأموات ثم نظر إلى البيوت فقال هذه كفات الأحياء و روي ذلك عن أمير المؤمنين ع و قيل كِفاتاً أي وعاء و هذا كفته أي وعاؤه و قوله تعالى أَحْياءً وَ أَمْواتاً أي منه ما ينبت و منه ما لا ينبت فعلى هذا يكون أحياء و أمواتا نصبا على الحال و على القول الأول على المفعول به
1- العلل، عن الحسين بن أحمد عن أبيه عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن الحسين بن علي الرافقي عن جعفر بن محمد عن أبيه ع أن قبر النبي ص رفع شبرا من الأرض و أن النبي ص أمر برش القبور
بيان المشهور بين الأصحاب استحباب رفع القبر مقدار أربع أصابع مفرجات لا أكثر من ذلك و ابن زهرة خير بينها و بين شبر و في خبر سماعة يرفع من الأرض قدر أربع أصابع مضمومة و عليه ابن أبي عقيل قال في الذكرى قلت اختلاف الرواية دليل التخيير و ما رووه عن جابر أن قبر النبي ص رفع قدر شبر و رويناه عن إبراهيم بن علي عن الصادق ع أيضا يقارب التفريج و لما كان المقصود من رفع القبر أن يعرف ليزار و يحترم كان مسمى الرفع كافيا و قال ابن البراج شبرا و أربع أصابع انتهى. و قال في المنتهى يستحب أن يرفع من الأرض مقدار أربع أصابع مفرجات و هو قول العلماء ثم قال و قد روي استحباب ارتفاعه أربع أصابع مفرجات و روي أربع أصابع مضمومات و الكل جائز ثم قال يكره أن يرفع أكثر من ذلك و هو فتوى العلماء انتهى. و أما رش القبر فلا خلاف في استحبابه قال في المنتهى و عليه فتوى العلماء و المشهور في كيفيته أنه يستحب أن يستقبل الصاب القبلة و يبدأ بالرش من قبل رأسه ثم يدور عليه إلى أن ينتهي إلى الرأس فإن فضل من الماء شيء صبه على وسط القبر
لرواية موسى بن أكيل عن أبي عبد الله ع قال السنة في رش الماء على القبر أن تستقبل القبلة و تبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل ثم تدور على القبر من الجانب الآخر ثم ترش على وسط القبر فذلك السنة
أقول مقتضى غيرها من الروايات إجزاء النضح كيف اتفق و الظاهر تأدي أصل السنة بذلك و إن كان إيقاعه على الهيئة الواردة في هذا الخبر أفضل و أحوط ثم قولهم فإن فضل من الماء شيء فلا يخفى ما فيه إذ ظاهر الخبر الذي هو مستندهم ظاهرا لزوم الإتيان به على كل حال لكن في الفقه الرضوي ورد موافقا للمشهود و قال في الفقيه من غير أن يقطع الماء و في دلالة الخبر عليه أيضا خفاء لكنه موافق لما في الفقه. ثم إنه لا يظهر من الأخبار و لا من كلام القوم تعين الابتداء من الجانب الذي يليه أو الجانب الذي يلي القبلة فالظاهر التخيير بينهما
2- منتهى المطلب، روى الجمهور عن الساجي في كتابه عن جعفر بن محمد الصادق ع عن أبيه ع عن جابر قال لحد رسول الله ص و نصب عليه اللبن نصبا و رفع قبره عن الأرض قدر شبر
و عن القاسم بن محمد قال قلت لعائشة يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول الله ص و صاحبيه فكشفت لي عن ثلاث قبور لا مشرفة و لا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء
3- المحاسن، عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين ع من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من الإسلام
تبيين قال الصدوق في الفقيه بعد إيراد هذا الخبر مرسلا و اختلف مشايخنا في معنى هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفار ره هو جدد بالجيم لا غير و كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد يحكي عنه أنه قال لا يجوز تجديد القبر و لا تطيين جميعه بعد مرور الأيام عليه و بعد ما طين في الأول و لكن إذا مات ميت فطين قبره فجائز أن يرم سائر القبور من غير أن يجدد و ذكر عن سعد بن عبد الله ره أنه كان يقول إنما هو حدد قبرا بالحاء غير المعجمة يعني به من سنم قبرا و ذكر عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي إنما هو من جدث قبرا و تفسير الجدث القبر فلا ندري ما عنى به. و الذي أذهب إليه أنه جدد بالجيم و معناه نبش قبرا لأن من نبش قبرا فقد جدده و أحوج إلى تجديده و قد جعله جدثا محفورا. و أقول إن التجديد على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفار و التحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد الله و الذي قاله البرقي من أنه جدث كله داخل في معنى الحديث و أن من خالف الإمام ع في التجديد و التسنيم و النبش و استحل شيئا من ذلك فقد خرج من الإسلام. و الذي أقوله في قوله ع من مثل مثالا أنه يعني به من أبدع بدعة و دعا إليها أو وضع دينا فقد خرج من الإسلام و قولي في ذلك قول أئمتي ع فإن أصبت فمن الله على ألسنتهم و إن أخطأت فمن عند نفسي. و قال الشيخ في التهذيب بعد نقل كلام البرقي و يمكن أن يكون المعني بهذه الرواية النهي أن يجعل القبر دفعة أخرى قبرا لإنسان آخر لأن الجدث هو القبر فيجوز أن يكون الفعل مأخوذا منه ثم قال و كان شيخنا محمد بن محمد بن النعمان يقول إن الخبر بالخاء و الدالين و ذلك مأخوذ من قوله تعالى البروج قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ و الخد هو الشق يقال خددت الأرض خدا أي شققتها و على هذه الروايات يكون النهي تناول شق القبر إما ليدفن فيه أو على جهة النبش على ما ذهب إليه محمد بن علي و كل ما ذكرناه من الروايات و المعاني محتمل و الله أعلم بالمراد و الذي صدر الخبر عنه ع. و قال الشهيد قدس سره في الذكرى قلت اشتغال هؤلاء الأفاضل بتحقيق هذه اللفظة مؤذن بصحة الحديث عندهم و إن كان طريقه ضعيفا كما في أحاديث كثيرة اشتهرت و علم موردها و إن ضعف إسنادها فلا يرد ما ذكره في المعتبر من ضعف محمد بن سنان و أبي الجارود راوييه. على أنه قد ورد نحوه
من طريق أبي الهياج قال قال علي ع أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ص لا ترى قبرا مشرفا إلا سويته و لا تمثالا إلا طمسته
و قد نقله الشيخ في الخلاف و هو من صحاح العامة و هو يعطي صحة الرواية بالحاء المهملة لدلالة الإشراف و التسوية عليه و يعطي أن المثال هنا هو المثال هناك و هو الصورة و قد روي في النهي عن التصوير و إزالة التصاوير أخبار مشهورة و أما الخروج عن الإسلام بهذين فإما على طريقة المبالغة زجرا عن الاقتحام على ذلك و إما لأنه فعل ذلك مخالفة للإمام ع انتهى. و ربما يقال على تقدير أن يكون اللفظ جدد بالجيم و الدال و جدث بالجيم و الثاء يحتمل أن يكون المراد قتل مؤمن عدوانا لأن من قتله فقد جدد قبرا مجددا بين القبور و جعله جدثا و هو مستقل في هذا التجديد فيجوز إسناده إليه بخلاف ما لو قتل بحكم الشرع و هذا أنسب بالمبالغة بخروجه من الإسلام و يحتمل أن يكون المراد بالمثال الصنم للعبادة. أقول لا يخفى بعد ما ذكره في التجديد و أما المثال فهو قريب و ربما يقال المراد به إقامة رجل بحذاه كما يفعله المتكبرون و يؤيده ما ذكره
الصدوق ره في كتاب معاني الأخبار عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله عن النهيكي بإسناده رفعه إلى أبي عبد الله ع أنه قال من مثل مثالا أو اقتنى كلبا فقد خرج من الإسلام فقيل له هلك إذا كثير من الناس فقال ليس حيث ذهبتم إني عنيت بقولي من مثل مثالا من نصب دينا غير دين الله و دعا الناس إليه و بقولي من اقتنى كلبا مبغضا لنا أهل البيت اقتناه و أطعمه و سقاه من فعل ذلك فقد خرج من الإسلام
ثم اعلم أن للإسلام و الإيمان في الأخبار معاني شتى فيمكن أن يراد هنا معنى يخرج ارتكاب بعض المعاصي عنه و أما إثبات حكم بمجرد تلك القراءات و الاحتمالات بخبر واحد فلا يخفى ما فيه و ما ذكره القوم من التفسيرات و التأويلات لا يدل على تصحيحها و العمل بها نعم يصلح مؤيدا لأخبار أخر وردت في كل من تلك الأحكام و لعله يصح لإثبات الكراهة أو الاستحباب و إن كان فيه أيضا مجال مناقشة
4- المحاسن، عن أبيه عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المدائني عن أبي عبد الله ع قال لا تبنوا على القبور و لا تصوروا سقوف البيوت فإن رسول الله ص كره ذلك
تحقيق و تفصيل قال في الذكرى المشهور كراهة البناء على القبر و اتخاذه مسجدا و كذا يكره القعود على القبر و في المبسوط نقل الإجماع على كراهة البناء عليه و في النهاية يكره تجصيص القبور و تظليلها و كذا يكره المقام عندها لما فيه من إظهار السخط لقضاء الله أو الاشتغال عن مصالح العباد و المعاش أو لسقوط الاتعاظ بها
و قد روى يونس بن ظبيان عن الصادق ع عن أبيه ع قال نهى رسول الله ص أن يصلى على قبر أو يعقد عليه أو يبنى عليه
و قد روي مثله من صحاح العامة. ثم قال
و روى علي بن جعفر عن أخيه ع لا يصلح البناء عليه و لا الجلوس
و ظاهره الكراهية فيحمل النهي الأول و غيره عليها و زاد الشيخ في الخلاف الاتكاء عليه و المشي و نقله في المعتبر عن العلماء
و قد نقل الصدوق في الفقيه عن الكاظم ع إذا دخلت المقابر فطأ القبور فمن كان مؤمنا استروح إلى ذلك و من كان منافقا وجد ألمه
و يمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل إلى قبر إلا بالمشي على آخر أو يقال تختص الكراهية بالقعود لما فيه من اللبث المنافي للتعظيم.
و روى الصدوق عن سماعة أنه سأله ع عن زيارة القبور و بناء المساجد فيها فقال زيارة القبور لا بأس بها و لا يبنى عندها مساجد
و قال الصدوق و قال النبي ص لا تتخذوا قبري قبلة و لا مسجدا فإن الله تعالى لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
قلت هذه الأخبار رواها الصدوق و الشيخان و جماعة المتأخرين في كتبهم و لم يستثنوا قبرا و لا ريب في أن الإمامية مطبقة على مخالفة قضيتين من هذه إحداهما البناء و الأخرى الصلاة في المشاهد المقدسة فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنها آحاد و بعضها ضعيف الإسناد و قد عارضها أخبار أشهر منها. و قال ابن الجنيد لا بأس بالبناء عليه و ضرب الفسطاط يصونه و من يزوره أو تخصيص هذه العمومات بإجماعهم في عهود كانت الأئمة ظاهرة فيهم و بعدهم من غير نكير و بالأخبار الدالة على تعظيم قبورهم و عمارتها و أفضلية الصلاة عندها ثم أورد بعض ما سيأتي من الأخبار الدالة على فضل زيارتهم ع و عمارة قبورهم و تعاهدها و الصلاة عندها. ثم قال و الأخبار في ذلك كثيرة و مع ذلك فقبر رسول الله ص مبني عليه في أكثر الأعصار و لم ينقل عن أحد من السلف إنكاره بل جعلوه أنسب لتعظيمه. و أما اتخاذ القبور مسجدا فقد قيل هو لمن يصلي فيه جماعة أما فرادى فلا
5- دعائم الإسلام، عن الصادق عن آبائه عن علي ع أنه ألحد لرسول الله ص و اللحد هو أن يشق للميت في القبر مكانه الذي يضجع فيه مما يلي القبلة مع حائط القبر و الضريح أن يشق له وسط القبر
و عن جعفر بن محمد ع أنه ضرح لأبيه محمد بن علي ع احتاج إلى ذلك لأنه كان جسيما
و عن علي ع أنه فرش في لحد رسول الله ص قطيفة لأن الموضع كان نديا سبخا
و عنه صلوات الله عليه أنه قال لا ينزل المرأة في قبرها إلا من كان يراها في حياتها و يكون أولى الناس بها يلي مؤخرها و أولى الناس بالرجال يلي مقدمه و كره للرجل أن ينزل في قبر ولده خوفا من رقة قلبه عليه
و عنه ع أنه قال قال رسول الله ص لكل بيت باب و باب القبر مما يلي رجلي الميت فمنه يجب أن ينزل و يصعد منه
و عنه ع أنه قال شهد رسول الله ص جنازة فأمرهم فوضعوا الميت على شفير القبر مما يلي القبلة و أمرهم فنزلوا و استقبلوا استقبالا فأنزلوه في لحده و قال لهم قولوا على ملة الله و ملة رسوله
و عنه ع أنه أمر أن يبسط على قبر عثمان بن مظعون ثوب و هو أول قبر بسط عليه ثوب
و عنه صلوات الله عليه أنه شهد رسول الله جنازة رجل من بني عبد المطلب فلما أنزلوه في قبره قال أضجعوه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة و لا تكبوه لوجهه و لا تلقوه لظهره ثم قال للذي وليه ضع يدك على أنفه حتى يتبين لك استقبال القبلة ثم قال قولوا اللهم لقنه حجته و سعد روحه و لقه منك رضوانا
و عن علي ع أن رسول الله ص كان إذا دفن جنازة حثا في القبر ثلاث حثيات
و عن علي ع أنه كان إذا حثا في القبر قال إيمانا بك و تصديقا لرسلك و إيقانا ببعثك هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ و قال من فعل هذا كان له بمثل كل ذرة من التراب
و عنه صلوات الله عليه أنه لما دفن رسول الله ص ربع قبره
و عنه ع أن رسول الله ص لما دفن عثمان بن مظعون دعا بحجر فوضعه عند رأس القبر و قال يكون علما ليدفن إليه قرابتي
و عن علي صلوات الله عليه أنه كره أن يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع و أن يزاد عليه تراب غير ما خرج منه
و عنه ع أن رسول الله ص رش قبر عثمان بن مظعون بالماء بعد أن سوى عليه التراب
6- العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم قال إن النبي ص كان إذا مات رجل من أهل بيته يرش قبره و يضع يده على قبره ليعرف أنه قبر العلوية و بني هاشم من آل محمد فصارت بدعة في الناس كلهم و لا يجوز ذلك
7- كتاب عباد العصفري، عن ابن العرزمي عن ثوير بن يزيد عن خالد بن معدان عن حوس بن بعر قال قال رسول الله ص إن لكل بيت بابا و إن باب القبر من قبل الرجلين
8- العيون، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان قال كان فيما كتب الرضا ع للمأمون من محض الإسلام الميت يسل من قبل رجليه و يرفق به إذا أدخل قبره
9- الخصال، عن أحمد بن محمد بن الهيثم و أحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني و جماعة عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن الصادق ع قال الميت يسل من قبل رجليه سلا و المرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد و القبور تربع و لا تسنم
بيان اعلم أن الأصحاب ذكروا استحباب وضع الرجل مما يلي الرجلين و المرأة مما يلي القبلة و أن يؤخذ الرجل من قبل الرجلين سابقا برأسه و المرأة عرضا و قال السيد في المدارك المسند في ذلك مرفوعة
عبد الصمد بن هارون قال قال أبو عبد الله ع إذا أدخلت الميت القبر إن كان رجلا سل سلا و المرأة تؤخذ عرضا فإنه أستر
و أكثر الأخبار واردة بسل الميت من قبل الرجلين من غير فرق بين الرجل و المرأة انتهى. و ربما يقال يفهم من أخذ المرأة عرضا وضعها بأحد جنبي القبر لأنه أسهل للأخذ كذلك و تعيين جهة القبلة لشرافتها. و لا يخفى أنه بعد ورود هذا الخبر مع تأيده بما في الفقه الرضوي و ما في الدعائم بحمله على المرأة جمعا و عمل قدماء الأصحاب لا يحتاج إلى تلك التكلفات و لا يرد ما أورده السيد قدس سره إذ يستفاد من السل السبق بالرأس مع ملاحظة الهيئة التي يوضع الميت عليها عند رجلي القبر و باقي الأحكام مصرحة فيه. و قال الصدوق في الفقيه المرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد و يقف زوجها في موضع يتناول وركها و يؤخذ الرجل من قبل رجليه يسل سلا و قول أمثاله كاشف عن النص فينبغي تخصيص الأخبار المطلقة بالرجل
10- العلل، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال سألت أبا عبد الله ع عن رش الماء على القبر قال يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب
11- إكمال الدين، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن مرة مولى محمد بن خالد قال لما مات إسماعيل فانتهى أبو عبد الله ع إلى القبر أرسل نفسه فقعد على حاشية القبر و لم ينزل في القبر ثم قال هكذا صنع رسول الله ص بإبراهيم ولده
توضيح روى الكليني هذا الخبر عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن رجل عن أبي عبد الله ع قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد الله ع أتى أبو عبد الله ع القبر فأرخى نفسه فقعد ثم قال رحمك الله و صلى عليك و لم ينزل في قبره و قال هكذا فعل النبي ص بإبراهيم
و يدل على كراهية إدخال الوالد ولده في القبر و على عدم كراهة القعود قبل دفن الميت بل على استحبابه. أما الأول فظاهر الأخبار اختصاص الكراهة بنزول الوالد في قبر ولده و المشهور بين الأصحاب عموم الكراهة لجميع ذوي الأرحام و الأقارب إذا كان الميت رجلا و حملوا ما يدل على الاختصاص على نفي الكراهة المؤكدة في غيره و هو إنما يستقيم مع وجود المعارض و قد ورد في خبر وفاة إبراهيم أمر النبي ص أمير المؤمنين ع بالنزول في قبره و يدل على عدم الكراهية أيضا ما رووه من إدخال أمير المؤمنين ع قثم بن العباس و العباس و في رواية الفضل بن العباس و أسامة مولى النبي ص ضريحه و كلهم كانوا ذوي رحمه و لو اعتذر في أمير المؤمنين بأنه كان يلزمه ذلك إذ المعصوم لا يتولى أمره إلا المعصوم فلا يجري ذلك في صاحبيه مع تقريره ع لهما على ذلك و لورود أخبار كثيرة في جواز دفن الولد والده. و من الغرائب أن العلامة ره قال في المنتهى و يستحب أن ينزل إلى القبر الولي أو من يأمره الولي إن كان رجلا و إن كان امرأة لا ينزل إلى قبرها إلا زوجها أو ذو رحم لها و هو وفاق العلماء ثم قال الرجال أولى بدفن الرجال بلا خلاف بين العلماء في ذلك و الرجال أولى بدفن النساء أيضا. ثم قال في كراهة إهالة الأب على ولده و بالعكس و كذا ذو الرحم لرحمه معللا بأنه يورث القساوة يكره لمن ذكرنا أن ينزل إلى القبر أيضا للعلة و قد روي جواز نزول الولد إلى قبر والده انتهى و كذا فعل في التذكرة. أقول التنافي بين الكلامين ظاهر فإن قيل أراد بالأولوية التي أثبتها أولا أن له ولاية ذلك أعم من أن يتولاه بنفسه أو يأمر غيره بذلك فلا ينافي كراهة أن يتولاه بنفسه قلت ما أورده من الدلائل يدل على استحباب أن يتولاه بنفسه فلا يجديه هذا التوجيه و التعليل بالقساوة ضعيف معارض بأنه أرفق للميت و أشفق عليه و كراهة الإهالة إنما هي لعدم ضرورة داعية إليها بخلاف ارتكاب الدفن و إدخال القبر فإن فيه مصلحة للميت و إرفاقا له بل قلما يرضى غير ذي الرحم بذلك فقياسه عليها مع بطلانه رأسا قياس مع الفارق فالأظهر عدم كراهة إنزال غير الولد من الأقارب القبر و الله يعلم. و أما الثاني و هو عدم كراهة جلوس المشيع قبل الدفن فذهب إليه الشيخ في الخلاف و ابن الجنيد و ذهب المحقق و العلامة و ابن أبي عقيل و ابن حمزة إلى كراهته قال في الذكرى اختلف الأصحاب في كراهة جلوس المشيع قبل الوضع في اللحد فجوزه في الخلاف و نفى عنه البأس ابن الجنيد للأصل و لرواية
عبادة بن الصامت أنه قال كان رسول الله ص إذا كان في جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد فقال يهودي إنا لنفعل ذلك فجلس و قال خالفوهم
و كرهه ابن عقيل و ابن حمزة و الفاضلان و هو الأقرب
لصحيح ابن سنان عن الصادق ع ينبغي لمن شيع جنازة أن لا يجلس حتى توضع في لحده
و الحديث حجة لنا لأن كان يدل على الدوام و الجلوس لمجرد إظهار المخالفة و لأن الفعل لا عموم له فجاز وقوع الجلوس تلك المرة خاصة و لأن القول أقوى من الفعل عند التعارض و الأصل يخالف لدليل انتهى. و يرد عليه أن لابن الجنيد أن يقول إن احتجاجي ليس بمجرد الفعل بل بقوله ص أيضا. و أقول لا يبعد أن يكون خبر النهي محمولا على التقية للأخبار الكثيرة الدالة على أن الأئمة ع كانوا يجلسون قبل ذلك و لكون المنع بين المخالفين أشهر
12- إختيار الرجال للكشي، عن العياشي قال سمعت علي بن الحسن يقول مات يونس بن يعقوب بالمدينة فبعث إليه أبو الحسن الرضا ع بحنوطه و كفنه و جميع ما يحتاج إليه و أمر مواليه و موالي أبيه و جده أن يحضروا جنازته و قال لهم هذا مولى لأبي عبد الله ع و كان يسكن العراق و قال لهم احفروا له في البقيع فإن قال لكم أهل المدينة إنه عراقي و لا ندفنه في البقيع فقولوا لهم هذا مولى لأبي عبد الله و كان يسكن العراق فإن منعتمونا أن ندفنه في البقيع منعناكم أن تدفنوا مواليكم في البقيع فدفن في البقيع و وجه أبو الحسن علي بن موسى إلى زميله محمد بن الحباب و كان رجلا من أهل الكوفة فقال صل عليه أنت
علي بن الحسن قال حدثني محمد بن الوليد قال رآني صاحب المقبر و أنا عند القبر بعد ذلك فقال لي من هذا الرجل صاحب هذا القبر فإن أبا الحسن علي بن موسى ع أوصاني به و أمرني أن أرش قبره أربعين شهرا أو أربعين يوما في كل يوم مرة فقال أبو الحسن الشك مني قال و قال لي صاحب المقبرة إن السرير عندي يعني سرير النبي ص فإذا مات رجل من بني هاشم صر السرير فأقول أيهم مات حتى أعلم بالغداة فصر السرير في الليلة التي مات فيها هذا الرجل فقلت لا أعرف أحدا منهم مريضا فمن ذا الذي مات فلما أن كان من الغد جاءوا فأخذوا مني السرير و قالوا مولى لأبي عبد الله ع كان يسكن العراق
بيان ما تضمنه من استمرار الرش على إحدى المدتين خلاف المشهور و لم أر قائلا به و لا بأس بالعمل به في أقل المدتين و أبو الحسن كنية علي بن الحسن بن فضال و صاحب المقبرة هو الذي كان يتولى أمر الموتى و السرير و خدمة القبور بالبقيع
13- مصباح الأنوار، عن أبي عبد الله عن آبائه قال إن فاطمة ع لما احتضرت أوصت عليا ع فقالت إذا أنا مت فتول أنت غسلي و جهزني و صل علي و أنزلني قبري و ألحدني و سو التراب علي و اجلس عند رأسي قبالة وجهي فأكثر من تلاوة القرآن و الدعاء فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء و أنا أستودعك الله تعالى و أوصيك في ولدي خيرا ثم ضمت إليها أم كلثوم فقالت له إذا بلغت فلها ما في المنزل ثم الله لها فلما توفيت فعل ذلك أمير المؤمنين ع و دفنها ليلا في دار عقيل في الزاوية الثالثة من صدر الدار
و منه عن أبي عبد الله ع عن آبائه ع أن أمير المؤمنين ع لما وضع فاطمة بنت رسول الله ص في القبر قال بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بسم الله و بالله و على ملة رسول الله محمد بن عبد الله سلمتك أيتها الصديقة إلى من هو أولى بك مني و رضيت لك بما رضي الله تعالى لك ثم قرأ مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى فلما سوى عليها التراب أمر بقبرها فرش عليه الماء ثم جلس عند قبرها باكيا حزينا فأخذ العباس بيده فانصرف به
و منه عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن أبي جعفر ع قال قلت له الشفع يدخل القبر أو الوتر فقال سواء عليك أدخل فاطمة صلوات الله عليها القبر أربعة
14- العلل، عن علي بن حاتم عن القاسم بن محمد عن إبراهيم بن مخلد عن محمد بن بشير عن محمد بن سنان عن أبي عبد الله القزويني قال سألت أبا جعفر ع فقلت لأي علة يولد الإنسان هاهنا و يموت في موضع آخر قال لأن الله تبارك و تعالى لما خلق خلقه خلقهم من أديم الأرض فمرجع كل إنسان إلى تربته
بيان لعله إشارة إلى التربة التي تذر في النطفة في الرحم و يحتمل أن يكون عند خلق آدم ع جعل كل جزء من طينه لشخص من ولده كما يظهر من بعض الأخبار
15- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن محمد بن عجلان عن أبي عبد الله ع إذا جئت بأخيك إلى القبر فلا تفدحه به ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ لذلك أهبته ثم ضعه في لحده و إن استطعت أن تلصق خده بالأرض و تحسر من خده فافعل و ليكن أولى الناس به مما يلي رأسه و ليتعوذ بالله من الشيطان و ليقرأ فاتحة الكتاب و المعوذتين و قل هو الله أحد و آية الكرسي ثم ليقل ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه
قال و روي في حديث آخر إذا أتيت بالميت القبر فلا تفدح به القبر فإن للقبر أهوالا عظيمة و تعوذ من هول المطلع و لكن ضعه قرب شفير القبر و اصبر عليه هنيئة ثم قدمه قليلا و اصبر عليه ليأخذ أهبته ثم قدمه إلى شفير القبر
توضيح قوله ع فلا تفدحه به قال في القاموس فدحه الدين كمنعه أثقله أقول لعل المراد لا تجعل القبر و دخوله ثقيلا على ميتك بإدخاله مفاجأة قوله ع أسفل من القبر قال الشيخ البهائي رحمه الله لعل المراد بوضعه أسفل القبر من قبل رجليه و هو باب القبر و قال الجوهري تأهب استعد و أهبة الحرب عدتها و يدل على اطلاع الروح على تلك الأحوال و على سؤال القبر و عذابه و على استحباب الوضع قبل الوصول إلى القبر بذراعين أو ثلاثة و بمضمونها أفتى ابن الجنيد و المحقق في المعتبر. و الخبر المرسل الأخير يدل على النقل ثلاث مرات كما ذكره الصدوق ره في الفقيه موافقا للفقه الرضوي و كأنه أخذه منه و إليه ذهب أكثر الأصحاب و لا تدل الأخبار المنقولة في الكتب المشهورة إلا على الوضع مرة و لعله يكفي في المستحبات مثل هذا الخبر المرسل مع تأيده بعمل الصدوق و ما في الفقه و الله يعلم و يدل على رجحان إبراز وجه الميت و وضعه على التراب و قد ذكره الشيخ في النهاية و العلامة في المنتهى و الشهيد في الدروس و لم يتعرض له بعض المتأخرين إلا أنه لم يرده أحد و وردت به الأخبار و قال الشيخ البهائي ره لا ريب في استحبابه قوله و إن استطعت أي إذا لم يكن من تتقيه و ليكن أولى الناس به أي الوارث القريب و أولاهم به من جهة المذهب و الولاية و المحبة. قوله ع ثم ليقل و في الكافي و ليتشهد و يذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه و المراد بما يعلم العقائد الحقة و الإقرار بالأئمة و بصاحبه إمام الزمان ع و قال في القاموس هنية مصغر هنة أصلها هنوة أي شيء يسير و يروى هنيهة بإبدال الياء هاء و قال في باب الهمزة و هنيئة في صحيح البخاري أي شيء يسير و صوابه ترك الهمزة
16- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن علي بن يقطين قال سمعت أبا الحسن الأول يقول لا تنزل في القبر و عليك العمامة و لا القلنسوة و لا الحذاء و لا الطيلسان و حل أزرارك فذلك سنة من رسول الله ص قلت فالخف قال فلا أرى به بأسا قلت لم يكره الحذاء قال مخافة أن يعثر برجله فيهدم
قال الصدوق ره لا يجوز دخول القبر بخف و لا حذاء و لا أعرف الرخصة في الخف إلا في هذا الخبر و إنما أوردته لمكان العلة. بيان الطيلسان بفتح الطاء و اللام على الأشبه الأفصح و حكي كسر اللام و ضمها و حكي عن مطالع الأنوار أنه قال الطيلسان شبه الأردية يوضع على الرأس و الكتفين و الظهر و قال في الجمهرة وزنه فيعلان و ربما يسمى طيلسا و قال ابن الأثير في شرح مسند الشافعي الرداء الثوب الذي يطرح على الأكتاف يلقى فوق الثياب و هو مثل الطيلسان يكون على الرأس و الأكتاف و ربما ترك في بعض الأوقات على الرأس و سمي رداء كما يسمى الرداء طيلسانا انتهى و لم يذكر الأصحاب وضع الرداء و الطيلسان مع اشتمال الأخبار عليهما و لعلهم اكتفوا عن ذكر الطيلسان بكشف الرأس. و قال في المعتبر يستحب لمن دخل قبر الميت أن يحل أزراره و أن يتحفى و يكشف رأسه هذا مذهب الأصحاب و قال في الذكرى يستحب لملحده حل أزراره و كشف رأسه و حفاؤه إلا لضرورة ثم قال و ليس ذلك واجبا إجماعا انتهى و الظاهر أن تجويز الخف للتقية لما
رواه الكليني عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله ع قال لا تنزل القبر و عليك العمامة و لا القلنسوة و لا رداء و لا حذاء و حل أزرارك قال قلت و الخف قال لا بأس بالخف في وقت الضرورة و التقية
و قال الشيخ و يجوز أن ينزل بالخفين عند الضرورة و التقية
17- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن حماد بن عيسى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة و كان رسول الله ص بمكة و المسلمون يصلون إلى بيت المقدس فأوصى إذا دفن أن يجعل وجهه إلى رسول الله ص فجرت فيه السنة و نزل به الكتاب
بيان لعله لم يكن في شرعهم تعيين لتوجيه الميت إلى جهة و كانوا مخيرين في الجهات فاختار تلك الجهة للاستحسان العقلي أو لما ثبت عنده شرعا من تعظيم الرسول ص و على التقديرين يدل إما على حجية أحدهما أو على أن الإنسان يثاب على ما يفعله موافقا للواقع و إن لم يكن مستندا إلى دليل معتبر و بأمثال ذلك استدل المحقق الأردبيلي قدس سره عليه و على الاكتفاء بالتقليد في الأصول و للكلام فيه مجال
18- العلل، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه رفعه إلى أبي عبد الله ع قال ينبغي أن يتخلف عند قبر الميت أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه و يقبض على التراب بكفيه و يلقنه و يرفع صوته فإذا فعل ذلك كفي الميت المسألة في قبره
بيان لا يبعد أن يكون اشتراط انصراف الناس و وضع الفم عند الرأس كما ورد في أخبار أخر للتقية و الأولى مراعاة ذلك كله و التلقينات المروية ثلاثة أولها عند الاحتضار لرفع وساوس الشيطان و ثانيها بعد دخول القبر قبل وضع اللبن و ثالثها بعد طم القبر و انصراف الناس و هو المذكور هنا و لا خلاف في استحباب الجميع. و ادعى في المنتهى و غيره إجماع العلماء على استحباب هذا التلقين و أنكره أكثر الجمهور مع أنهم رووا
عن أبي أمامة الباهلي أن النبي ص قال إذا مات أحدكم و سويتم عليه التراب فليقم أحدكم عند قبره ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يسمع و لا يجيب ثم يقول يا فلان بن فلان الثانية فيستوي قاعدا ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يقول أرشدنا رحمك الله فيقول اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أنك رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا و بالقرآن إماما فإن منكرا و نكيرا يتأخر كل واحد منهما فيقول انطلق فما يقعدنا عند هذا و قد لقن حجته فقيل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال فلينسبه إلى حواء
انتهى. و قد نقل الشهيد رحمه الله عن بعض العامة كالرافعي منهم القول باستحبابه و يدل على سؤال القبر و هو من ضروريات الدين و على سقوط السؤال بهذا التلقين و ذكره جماعة من أصحابنا و على كون الملقن أولى الناس به إما بحسب النسب و الإرث أو بحسب التوافق في المذهب و المحبة و المعاشرة أيضا كما مر قال في الذكرى أجمع الأصحاب على تلقين الولي أو من يأمره الميت بعد انصراف الناس عنه انتهى. و على ما حملوا عليه الخبر يشكل إلحاق من يأمره الولي به و هل يلقن الطفل قال في الذكرى و أما الطفل فظاهر التعليل يشعر بعدم تلقينه و يمكن أن يقال يلقن إقامة للشعائر و خصوصا المميز كما في الجريدتين انتهى و إطلاق الأخبار يدل على الجواز و يشكل التخصيص بالتعليل و قال ابن إدريس يستقبل الملقن القبلة و القبر أيضا و قال أبو الصلاح و ابن البراج و الشيخ يحيى بن سعيد يستقبل القبلة و القبر أمامه و ما وصل إلينا من الروايات خالية عن تلك الخصوصيات فالظاهر جوازه كيف ما اتفق و إن كان اتباع ما ذكروه أحوط
19- الخصال، عن أبيه و ابن الوليد معا عن أحمد بن إدريس و محمد العطار معا عن محمد بن أحمد الأشعري عن محمد بن الحسين رفعه قال قال رسول الله ص لا يدخل الجنة مدمن خمر و لا سكير و لا عاق و لا شديد السواد و لا ديوث و لا قلاع و هو الشرطي و لا رتوق و هو الخنثى و لا خيوف و هو النباش و لا عشار و لا قاطع رحم و لا قدري
و منه عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن الحسن الفارسي عن سليمان بن جعفر البصري عن عبد الله بن الحسين بن زيد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي ع مثله مع زيادات و أوردته في باب مساوي الأخلاق و أبواب المناهي
20- معاني الأخبار، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد أبي عبد الله عن أبيه عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر أنه قال قال رسول الله أخبرني جبرئيل أن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ما يجدها عاق و لا قاطع رحم و لا شيخ زان و لا جار إزاره خيلاء و لا قتات و لا منان و لا جعظري قال قلت فما الجعظري قال الذي لا يشبع من الدنيا
و في حديث آخر و لا جيوف و هو النباش و لا رنوف و هو المخنث و لا جواظ و لا جعظري و هو الذي لا يشبع من الدنيا
بيان الخبرين السكير بالتشديد الكثير السكر و في النهاية فيه لا يدخل الجنة قلاع و لا ديبوب القلاع هو الساعي إلى السلطان بالباطل في حق الناس سمي به لأنه يقلع المتمكن من قلب الأمير فيزيله عن رتبته كما يقلع النبات من الأرض و نحوه و القلاع أيضا القواد و الكذاب و النباش و الشرطي و الرتوق الفجرة و الربية أو هو بالزاي و الباء الموحدة من قولهم زبق لحيته أي نتفها و في أكثر النسخ في الحديث الثاني رنوف بالراء المهملة و الفاء قال في القاموس الرانفة أسفل الألية إذا كنت قائما و أرنفت الناقة بأذنيها أرختها إعياء و البعير سار فحرك رأسه فتقدمت جلدة هامته و الرجل أسرع انتهى و لا مناسبة لتلك المعاني بما في الخبر إلا بتكلف. و في النهاية فيه لا يدخل الجنة جياف هو النباش سمي به لأنه يأخذ الثياب عن جيف الموتى انتهى و يحتمل أن يكون في الأصل جيافا فصحف أو جاء جيوف بمعناه و أما الخيوف بالياء أو بالنون فلم أر بهذا المعنى. و في النهاية فيه أهل النار كل جعظري جواظ الجعظري الفظ الغليظ المتكبر و قيل هو المنتفخ بما ليس عنده و فيه قصر و الجواظ الجموع المنوع و قيل الكثير اللحم المختال في مشيته و قيل القصير البطين و في القاموس الجعظري الفظ الغيظ أو الأكول الغليظ و القصير المنتفخ بما ليس عنده و الجعنظار الشره النهم و الأكول الضخم
21- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله ع أنه نظر إلى المقابر فقال يا حماد هذه كفات الأموات و نظر إلى البيوت فقال هذه كفات الأحياء ثم تلا أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَ أَمْواتاً
22- تفسير علي بن إبراهيم، قال نظر أمير المؤمنين ع في رجوعه من صفين إلى المقابر فقال هذه كفات الأموات أي مساكنهم ثم نظر إلى بيوت الكوفة فقال هذه كفات الأحياء ثم تلا قوله تعالى أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَ أَمْواتاً
23- الإحتجاج، و غيبة الطوسي، فيما كتب عبد الله بن جعفر الحميري إلى القائم ع سئل عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا فأجاب ع يوضع مع الميت في قبره و يخلط بحنوطه إن شاء الله
بيان ما ورد في الخبر من خلط التربة بالحنوط لم أر به قائلا و أما الوضع في القبر فقد ذكره الأصحاب و اختلفوا في كيفيته و ظاهر الخبر استحبابه بأي وضع كان و قال في المختلف قال الشيخ في الإقتصاد و يضع شيئا من تربة الحسين ع في وجهه و نقل ابن إدريس عنه هذا القول و قولا آخر و هو جعل التربة في لحده مقابلة وجهه و عن المفيد جعل التربة تحت خده و قواه و الكل عندي جائز لأن التبرك موجود في الجميع
24- العلل، عن علي بن حاتم عن العباس بن محمد العلوي عن الحسن بن سهل عن محمد بن سهل عن محمد بن حاتم عن يعقوب بن يزيد عن علي بن أسباط عن عبيد بن زرارة قال مات لبعض أصحاب أبي عبد الله ع ولد فحضر أبو عبد الله ع جنازته فلما ألحد تقدم أبوه ليطرح عليه التراب فأخذ أبو عبد الله ع بكفيه و قال لا تطرح عليه التراب و من كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فقلنا يا ابن رسول الله أ تنهى عن هذا وحده فقال أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي الأرحام فإن ذلك يورث القسوة و من قسا قلبه بعد من ربه عز و جل
بيان يدل على المنع من إهالة ذي الرحم و المشهور فيه الكراهة قال في المعتبر و عليه فتوى الأصحاب قوله عن هذا وحده أي خصوص الابن أو خصوص هذا الميت و الأخير أظهر للتصريح بالتعميم في ذوي الأرحام و في الكافي بعد قوله فلا يطرح عليه التراب فإن رسول الله ص نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته التراب فركاكة السؤال تجري في الوجهين معا و قال الشيخ البهائي قدس سره قول الراوي أ تنهانا عن هذا وحده أي حال كون النهي عنه منفردا عن العلة في ذلك النهي مجردا عما يترتب عليه من الأثر و حاصله طلب العلة في ذلك فبينها ع بقوله فإن ذلك يورث القسوة في القلب انتهى و في التهذيب أيضا كما هنا
25- العلل، عن علي بن حاتم عن القاسم بن محمد عن حمدان بن الحسين عن الحسين بن الوليد عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قلت لأي علة يربع القبر قال لعلة البيت لأنه نزل مربعا
بيان ليس المراد بالتربيع المربع المتساوي الأضلاع لتعطيل كثير من الأرض و عدم كونه معهودا في الزمن السالفة كما يرى فيما بقي آثارها من القبور فيحتمل أن يكون المراد به التربيع خلاف التدوير و التسديس و أمثالهما أو يكون المراد به خلاف التسنيم كما فهمه بعض الأصحاب و يدل عليه خبر الأعمش. قال في التذكرة يربع القبر مسطحا و يكره التسنيم ذهب إليه علماؤنا أجمع و به قال الشافعي لأن رسول الله ص سطح قبر ابنه إبراهيم و قال أبو حنيفة و مالك و الثوري و أحمد السنة في التسنيم انتهى و قد روى التسطيح مخالفونا أيضا لكن قالوا لما صار شعارا للروافض عدلنا عنه إلى التسنيم
26- قرب الإسناد، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه ع أن الرش على القبور كان على عهد النبي ص و كان يجعل الجريد الرطب على القبر حين يدفن الإنسان في أول الزمان و يستحب ذلك للميت
بيان لعله كانت السنة أولا جعل الجريد على القبر ثم صارت السنة جعله في الكفن أو هو محمول على حالة الاضطرار أو هذا مستحب آخر
-27 قرب الإسناد، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي ع أن قبر رسول الله ص رفع من الأرض قدر شبر و أربع أصابع و رش عليه الماء قال علي ع و السنة أن يرش على القبر الماء
بيان لعل زيادة الأربع أصابع بالنسبة إلى بعض أطراف القبر ليوافق ما ورد أن قبره ص رفع شبرا أو يحمل على اختلاف الأشبار أو هذا محمول على التقية بقرينة أن الراوي عامي
28- مجالس الصدوق، عن حمزة العلوي عن عبد العزيز الأبهري عن محمد بن زكريا عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه ع قال نهى رسول الله ص أن يجصص المقابر و يصلى فيها
29- معاني الأخبار، عن محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد القاسم بن سلام بإسناد متصل إلى النبي ص أنه نهى عن تقصيص القبور و هو التجصيص و ذاك أن الجص يقال له القصة يقال منه قصصت القبور و البيوت إذا جصصتها
بيان قال في النهاية فيه أنه نهى عن تقصيص القبور هو بناؤها بالقصة و هي الجص و المشهور بين الأصحاب كراهة تجصيص القبر مطلقا و ظاهرهم أن الكراهة تشمل تجصيص داخله و خارجه قال في المنتهى و يكره تجصيص القبر و هو فتوى علمائنا و قال في المعتبر و مذهب الشيخ أنه لا بأس بذلك ابتداء و أن الكراهية إنما هي إعادتها بعد اندراسها
و روى الكليني عن العدة عن سهل عن ابن محبوب عن يونس بن يعقوب قال لما رجع أبو الحسن موسى ع من بغداد و مضى إلى المدينة ماتت له ابنة بفيد فدفنها و أمر بعض مواليه أن يجصص قبرها و يكتب على لوح اسمها و يجعله في القبر
و قال في المعتبر بعد إيراد تلك الرواية الوجه حمل هذه على الجواز و الأولى على الكراهية مطلقا انتهى. و أقول يمكن حمل التجصيص المنهي عنه على تجصيص داخل القبر و هذا الخبر على تجصيص خارجه و يمكن أن يقال هذا من خصائص الأئمة و أولادهم ع لئلا يندرس قبورهم الشريفة و لا يحرم الناس من فضل زيارتهم كما قال السيد قدس سره في المدارك و كيف كان فيستثنى من ذلك قبور الأنبياء و الأئمة لإطباق الناس على البناء على قبورهم من غير نكير و استفاضة الروايات بالترغيب في ذلك بل لا يبعد استثناء قبور العلماء و الصلحاء أيضا استضعافا لسند المنع و التفاتا إلى أن في ذلك تعظيما لشعائر الإسلام و تحصيلا لكثير من المصالح الدينية كما لا يخفى انتهى. و هذا الحمل أولى مما حمله العلامة ره من أن المراد بالتجصيص التطيين و يؤيد ما ذكرنا ما سيأتي في كتاب المزار من استحباب تعمير قبور النبي و الأئمة ع. و أما تطيين القبر فقد ورد في خبر ضعيف على المشهور النهي عن التطيين بغير طين القبر و في موثقة علي بن جعفر لا يصلح البناء على القبر و لا الجلوس عليه و لا تجصيصه و لا تطيينه و ظاهر بعض الأصحاب كراهة التطيين مطلقا و قال الشيخ في النهاية و يكره تجصيص القبور و التظليل عليها و المقام عندها و تجديدها بعد اندراسها و لا بأس بتطيينها ابتداء و كذا قال العلامة في المنتهى و الأولى الترك مطلقا. أقول قد مر كثير من الأخبار المناسبة لهذا الباب في باب الصلاة على الميت و باب التكفين و باب التجهيز
30- فقه الرضا، قال ع و إذا حملته إلى قبره فلا تفاجئ به القبر فإن للقبر أهوالا عظيمة و نعوذ بالله من هول المطلع و لكن ضعه دون شفير القبر و اصبر عليه هنيئة ثم قدمه إلى شفير القبر و يدخله القبر من يأمره ولي الميت إن شاء شفعا و إن شاء وترا و قل إذا نظرت إلى القبر اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة و لا تجعلها حفرة من حفر النيران فإذا دخلت القبر فاقرأ أم الكتاب و المعوذتين و آية الكرسي فإذا توسطت المقبرة فاقرأ ألهيكم التكاثر و اقرأ مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى و إذا تناولت الميت فقل بسم الله و في سبيل الله و على ملة رسول الله ثم ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة و حل عقد كفنه و ضع خده على التراب و قل اللهم جاف الأرض عن جنبيه و صعد إليك روحه و لقه منك رضوانا ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن و تضع يدك اليسرى على منكبه الأيسر و تحركه تحريكا شديدا و تقول يا فلان بن فلان الله ربك و محمد ص نبيك و الإسلام دينك و علي وليك و إمامك و تسمي الأئمة واحدا واحدا إلى آخرهم ع ثم تعيد عليه التلقين مرة أخرى فإذا وضعت عليه اللبن فقل اللهم آنس وحشته و صل وحدته برحمتك اللهم عبدك و ابن عبدك ابن أمتك نزل بساحتك و أنت خير منزول به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه و إن كان مسيئا فتجاوز عنه و اغفر له إنك أنت الغفور الرحيم و إن كانت امرأة فخذها بالعرض من قبل اللحد و تأخذ الرجل من قبل رجليه تسله سلا فإذا أدخلت المرأة القبر وقف زوجها من موضع ينال وركها فإذا خرجت من القبر فقل و أنت تنفض يديك من التراب إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات و قل اللهم إيمانا بك و تصديقا بكتابك هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فإنه من فعل ذلك و قال هذه الكلمة كتب الله له بكل ذرة حسنة فإذا استوى قبره فصب عليه ماء و تجعل القبر أمامك و أنت مستقبل القبلة و تبدأ بصب الماء من عند رأسه و تدور به على القبر ثم من أربع جوانب القبر حتى ترجع من غير أن تقطع الماء فإن فضل من الماء شيء فصبه على وسط القبر ثم ضع يدك على القبر و أنت مستقبل القبلة فقل اللهم ارحم غربته و صل وحدته و آنس وحشته و آمن روعته و أفض عليه من رحمتك و أسكن إليه من برد عفوك و سعة غفرانك و رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك و احشره مع من كان يتولاه و متى ما زرت قبره فادع له بهذا الدعاء و أنت مستقبل القبلة و يداك على القبر و يستحب أن يتخلف عند رأسه أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه و يقبض على التراب بكفيه و يلقنه برفع صوته فإنه إذا فعل ذلك كفي المسألة في قبره و السنة أن القبر ترفع أربع أصابع مفرجة من الأرض و إن كان أكثر فلا بأس و يكون مسطحا لا يكون مسنما و قال قال العالم ع كتب أبي في وصيته أن أكفنه في ثلاثة أثواب و ساق الحديث إلى قوله و شققنا له القبر شقا من أجل أنه كان رجلا بدينا و أمرني أن أجعل ارتفاع قبره أربعة أصابع مفرجات و قال تتوضأ إذا أدخلت القبر الميت و اغتسل إذا غسلت و لا تغتسل إذا حملته و قال ع إذا أتيت به القبر فسله من قبل رأسه و إذا وضعته في القبر فاقرأ آية الكرسي و قل بسم الله و في سبيل الله و على ملة رسول الله اللهم افسح له في قبره و ألحقه بنبيه ص و قل كما قلت في الصلاة مرة واحدة و استغفر له ما استطعت قال و كان علي بن الحسين ع إذا أدخل الميت القبر قام على قبره ثم قال اللهم جاف الأرض عن جنبيه و صعد عمله و لقه منك رضوانا
إيضاح قال في النهاية هول المطلع يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال انتهى قوله و يدخله القبر روى الكليني مضمونه بسند صحيح و يدل على عدم تعين عدد مخصوص لذلك و على جواز إدخال الشفع و الوتر و على أن الاختيار في ذلك إلى الولي و ربما يستفاد منه عدم دخول الولي نفسه و فيه نظر قال في المنتهى لا توقيف في عدد من ينزل القبر و به قال أحمد و قال الشافعي يستحب أن يكون العدد وترا. قوله فاقرأ أم الكتاب كذا ذكره في الفقيه نقلا عن أبيه و رواه في الكافي عن الصادق ع بزيادة قل هو الله أحد قوله بسم الله أي أضعه في اللحد متبركا أو مستعينا أو مستعيذا من عذاب الله باسمه الأقدس و في سبيل الله أي سبيل رضاه و قربه و طاعته فإن تلك الأعمال لكونها بأمره تعالى من سبيل قربه و رضوانه أي كائنا في سبيله و كائنا على ملة رسول الله ص مطابقا لأمرنا به و في حسنة الحلبي بعد ذلك اللهم افسح له في قبره و ألحقه بنبيه. و أما الاستقبال بالميت في القبر فالمشهور بين الأصحاب وجوبه و ذهب ابن حمزة إلى الاستحباب و الأشهر أظهر. قوله اللهم جاف الأرض أي أبعد الأرض عن جنبيه و لا تضيق القبر عليه بالضغطة أو المراد به وسعة مكانه و حسن حاله في عالم البرزخ و صعد إليك أي إلى قربك و جوارك في الجنة أو إلى أعلى عليين أو إلى أوليائك من الأنبياء و الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين. و الرضوان بالكسر و قد يضم الرضا أي ابعث بشارة رضوانك أو ما يوجبه رضوانك من المثوبات تلقاء وجهه و التنوين للتفخيم و يحتمل التحقير أيضا إيذانا بأن القليل من رضاك كثير و إرادة خازن الجنان منه بعيدة هنا. قوله ع ثم أدخل يدك اليمنى هذا موافق لما في الفقيه إلى قوله فإذا وضعت و لم أر في سائر الأخبار هذه الكيفية و لم يروه في الفقيه رواية بل يحتمل أن يكون من كلامه أو من كلام والده في رسالته إليه و قد يتوهم أنه من تتمة رواية سالم بن مكرم و هو بعيد عندي و زاد بعد قوله إلى آخرهم أئمتك أئمة هدى أبرار. قوله ع فإذا وضعت إلخ رواه في الكافي في الحسن عن محمد بن مسلم بتغيير و زيادة و في إسناد الأنس إلى الوحشة و الوصل إلى الوحدة تجوز أي كن أنيسه في وحشته و صله برحمتك في وحدته. قوله وقف زوجها
روي عن أمير المؤمنين ع قال يكون أولى الناس بالمرأة في مؤخرها
و لا ريب في استحباب حثو التراب ثلاث مرات لكن الأصحاب ذكروا استحباب الإهالة بظهور الأكف كما في هذه الرواية و رواية مرسلة رواها الشيخ عن أبي الحسن ع و سائر الأخبار ظاهرها أخذ التراب ببطن الكف و الرمي بها فالظاهر التخيير بينهما و لعل الرمي ببطن الكف أولى و ذكر القوم الترجيع عند الحثو و اعترف الأكثر بعدم النص و هذه الرواية تدل على استحبابه عند نقض اليد. و أما الدعاء و فضله فقد رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع و رواه أيضا بسند حسن و زاد في آخره و ما زادنا إلا إيمانا و تسليما و فيهما و تصديقا ببعثك. قوله ع إيمانا بك و تصديقا نصبهما إما بالمفعولية المطلقة أي أومن بك إيمانا و أصدق ببعثك تصديقا أو بأن يكون كل منهما مفعولا لأجله أي أفعل تلك الأفعال لإيماني بك و بما أتى به نبيك و لتصديقي بأنه يبعث و ينفعه تلك الأعمال أو بأن يكون كل منهما مفعولا به أي زادنا ما رأينا إيمانا و تصديقا أو أوقعنا إيمانا و تصديقا و لعل الثاني أظهر من الجميع. قوله ثم ضع يدك ذكر نحوا من ذلك في الفقيه و يمكن استنباطه متفرقا من الأخبار قوله ع و إن كان أكثر أي إلى شبر جمعا. قوله ع قال العالم المراد به الصادق ع كما روي في سائر كتب الحديث عنه ع قوله ع و شققنا يدل على أن اللحد أولى من الشق و أنه مع الضرورة تتأتى السنة بالشق و كونه ع بدينا إنما كان يمنع من اللحد لعدم إمكان توسيع اللحد بحيث يسع جثته ع لرخاوة أرض المدينة و قال في المنتهى اللحد أفضل من الشق و هو قول العلماء
روى الجمهور عن ابن عباس عن النبي ص قال اللحد لنا و الشق لغيرنا
و لا بأس بالشق لأن الواجب مواراته في الأرض و هي تحصل معه و معنى اللحد أنه إذا بلغ أرض القبر حفر في جانبه مما يلي القبلة مكانا يوضع الميت فيه و معنى الشق أن يحفر في أرض القبر شقا يوضع الميت فيه و يسقف عليه و ذلك يختلف باختلاف الأراضي في القوة و الضعف فالمستحب في الأرض القوية اللحد و في الضعيفة الشق للأمن من الانخساف و عليه يحمل حديث الباقر ع انتهى. قوله ع رجلا بدينا في أكثر نسخ الحديث بادنا و في القاموس البادن و البدين و المبدن كمعظم الجسيم قوله ع تتوضأ المراد بالتوضي غسل اليد كما
روى الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال قلت الرجل يغمض عين الميت عليه غسل قال إذا مسه بحرارته فلا و لكن إذا مسه بعد ما يبرد فليغتسل و ساق الحديث إلى أن قال قلت فمن حمله عليه غسل قال لا قلت فمن أدخله القبر عليه وضوء قال لا إلا أن يتوضأ من تراب القبر إن شاء
فإن الظاهر منه أيضا أن المراد أنه يغسل يده مما أصابها من تراب القبر و أما الحمل على التيمم بتراب القبر فلا يخلو من بعد إذ إطلاق الوضوء على التيمم غير مأنوس و أيضا فلا ثمرة للتخصيص بتراب القبر. قوله ع إذا أتيت به القبر رواه الكليني و غيره في الحسن كالصحيح عن الحلبي إلى قوله و لقه منك رضوانا و فيه فسله من قبل رجليه و هو أصوب و على ما هنا لعل المعنى سابقا برأسه فالضمير راجع إلى الميت و فيه و قل كما قلت في الصلاة عليه مرة واحدة من عند اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه و إن كان مسيئا فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه و روى الحلبي في الصلاة نحوا مما مر في باب الصلاة نقلا من الفقه الرضوي بعد قوله باب آخر في الصلاة على الميت فيحتمل أن يكون المراد قراءة ما ذكر بعد التكبير الأول أو ما ذكر بعد جميع التكبيرات. قوله ع و صعد عمله أي تقبله و اكتبه في ديوان المقربين و في الكافي و صاعد عمله و في الفقيه و صعد إليك روحه
31- منتهى المطلب، قال روي أن امرأة كانت تزني و تضع أولادها فتحرقهم بالنار خوفا من أهلها و لم يعلم بها غير أمها فلما ماتت دفنت فانكشف التراب عنها و لم تقبلها الأرض فنقلت من ذلك المكان إلى غيره فجرى لها ذلك فجاء أهلها إلى الصادق ع و حكوا له القصة فقال لأمها ما كانت تصنع هذه في حياتها من المعاصي فأخبرته بباطن أمرها فقال الصادق ع إن الأرض لا تقبل هذه لأنها كانت تعذب خلق الله بعذاب الله اجعلوا في قبرها من تربة الحسين ع ففعل ذلك بها فسترها الله تعالى
32- المصباح للشيخ، عن جعفر بن عيسى أنه سمع أبا الحسن ع يقول ما على أحدكم إذا دفن الميت و وسده التراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من الطين و لا يضعها تحت رأسه
بيان الظاهر أن اللام في الطين للعهد و المراد طين قبر الحسين ع كما فهمه الشيخ و أورد الرواية في أخبار فضل التربة المقدسة
-33 العيون و العلل، في علل الفضل بن شاذان عن الرضا ع فإن قال فلم أمروا بدفن الميت قيل لئلا يظهر الناس على فساد جسده و قبح منظره و تغيير ريحه و لا يتأذى به الأحياء و بريحه و ربما يدخل عليه من الآفة و الفساد و ليكون مستورا عن الأولياء و الأعداء فلا يشمت عدو و لا يحزن صديق
34- ثواب الأعمال، و أعلام الدين، بإسنادهما إلى أبي هريرة و ابن عباس قالا قال رسول الله ص من احتفر لمسلم قبرا محتسبا حرمه الله على النار و بوأه بيتا في الجنة و أورده حوضا فيه من الأباريق عدد النجوم عرضه ما بين أبلة و صنعاء
بيان الأبلة كعتلة موضع بالبصرة أحد جنان الدنيا و في بعض النسخ بالياء المثناة و هو بالفتح اسم جبل بين مكة و المدينة قرب ينبع و بالكسر قرية بباخور و موضعان آخران ذكرهما الفيروزآبادي
35- مجالس الصدوق، و العيون، عن محمد بن موسى بن المتوكل و أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم و محمد بن علي ماجيلويه و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني و الحسين بن إبراهيم بن ناتانة و الحسين بن إبراهيم بن هشام المؤدب و علي بن عبد الله الوراق كلهم عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي الصلت الهروي عن الرضا ع في حديث إنه قال له سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل و أن يشق لي ضريحه فإن أبوا إلا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين و شبرا فإن الله سيوسعه ما شاء
بيان لعل اختيار الشق هنا لأمر يخصه ع أو يخصه ذلك المكان كما أن الحفر سبع مراقي كذلك و يدل على استحباب توسيع اللحد
36- إرشاد المفيد، عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله ع قال إن أبي استودعني ما هناك فلما حضرته الوفاة قال ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش فقال اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه إلى أن قال و أوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد و أمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة و أن يعممه بعمامته و أن يربع قبره و يرفعه أربعة أصابع و أن يحل عنه أطماره عند دفنه الحديث
إيضاح ما هناك أي من الكتب و السلاح و غيرهما من آثار النبي ص و سائر الأنبياء ع و الأطمار جمع الطمر بالكسر و هو الثوب الخلق و الكساء البالي و لعل المراد به حل عقد الأكفان عند الرأس و الرجلين و قيل أمره أن لا يدفنه في ثيابه المخيطة
37- إكمال الدين، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى عن أبي علي الخيراني عن جارية لأبي محمد ع أن أم المهدي ع ماتت في حياة أبي محمد ع و على قبرها لوح مكتوب عليه هذا قبر أم محمد
بيان يدل على استحباب نصب علامة في القبر ليعرف و يزار و على استحباب كتابة الاسم عليه لذلك لا سيما في من في زيارته مزيد فضل و إن أمكن تخصيصه به. قال في الذكرى يستحب أن يوضع عند رأسه حجر أو خشبة علامة ليزار و يترحم عليه كما فعل النبي ص حيث أمر رجلا بحمل صخرة ليعلم بها قبر عثمان بن مظعون فعجز الرجل فحصر رسول الله ص عن ذراعيه فوضعها عند رأسه و قال أعلم بها قبر أخي و أدفن إليه من مات من أهله.
و روينا عن يونس بن يعقوب قال لما رجع الكاظم ع من بغداد إلى المدينة ماتت ابنة له في رجوعه بفيد و أمر بعض مواليه أن يجصص قبرها و يكتب على لوح اسمها و يجعله في القبر
و فيه دلالة على إباحة الكتابة على القبر و قد روي فيه نهي عن النبي ص من طريق العامة و لو صح حمل على الكراهة لأنه من زينة الدنيا انتهى
38- الذكرى، عن حماد اللحام عن الصادق ع أن النبي ص في يوم بدر أمر بمواراة كميش الذكر أي صغيره و قال إنه لا يكون إلا في كرام الناس
قال الشهيد و أورده الشيخ في الخلاف و المبسوط عن علي ع بيان قال في الذكرى لو اشتبه المسلم بالكافر فالأقرب الصلاة على الجميع بنية الصلاة على المسلمين لتوقف الواجب عليه ثم ذكر هذه الرواية و قال فحينئذ يمكن العمل به في الصلاة في كل مشتبه لعدم تعقل معنى في اختصاص الشهيد و في المبسوط أورد الرواية في اشتباه قتلى المسلمين بالمشركين و بنى عليها الصلاة ثم قوى ما قلناه أولا و احتاط بأن يصلى على كل واحد واحد بشرط إسلامه. قال في المعتبر و لو قيل بمواراة الجميع ترجيحا لجانب حرمة المسلم كان صوابا و هذا فيه طرح للرواية لضعفها و الصلاة على الجميع حينئذ بالطريق الأولى
39- العلل، عن علي بن الحسين بن سفيان عن جعفر بن أحمد بن يوسف عن علي بن نوح الخياط عن عمرو بن اليسع عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد ع قال أتي رسول الله ص فقيل إن سعد بن معاذ قد مات فقال رسول الله ص و قام أصحابه فحمل فأمر فغسل على عضادة الباب فلما أن حنط و كفن و حمل على سريره تبعه رسول الله ص ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة و يسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر فنزل رسول الله ص حتى لحده و سوى عليه اللبن و جعل يقول ناولني حجرا ناولني ترابا رطبا يسد به ما بين اللبن فلما أن فرغ و حثا التراب عليه و سوى قبره قال رسول الله ص إني لأعلم أنه سيبلى و يصل إليه البلى و لكن الله عز و جل يجب عبدا إذا عمل عملا فأحكمه فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد من جانب هنيئا لك الجنة فقال رسول الله ص يا أم سعد مه لا تجزمي على ربك فإن سعدا قد أصاب ضمة قال و رجع رسول الله ص و رجع الناس فقالوا يا رسول الله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد أنك تبعت جنازته بلا رداء و لا حذاء فقال ص إن الملائكة كانت بلا حذاء و لا رداء فتأسيت بها قالوا و كنت تأخذ يمنة السرير مرة و يسره السرير مرة قال ص كانت يدي في يد جبرئيل آخذ حيث ما أخذ فقالوا أمرت بغسله و صليت على جنازته و لحدته ثم قلت إن سعدا قد أصاب ضمة فقال ص نعم إنه كان في خلقه مع أهله سوء
توضيح يدل على استحباب تشريج اللبن على اللحد و سد فرجها بالطين و الحجر قال في المنتهى إذا وضعه في اللحد شرج عليه اللبن لئلا يصل التراب إليه و لا نعلم فيه خلافا و يقوم مقام اللبن مساويه في المنع من تعدي التراب إليه كالحجر و القصب و الخشب إلا أن اللبن أولى من ذلك كله لأنه المنقول من السلف المعروف في الاستعمال و ينبغي أن يسد الخلل بالطين لأنه أبلغ في المنع و روي ما يقاربه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع انتهى. و تركه ص الرداء لغير قريبه لعلة خاصة بينها يمنع التأسي مع ما ورد من عموم المنع و اليمنة و اليسرة بفتح الياء فيهما الجهتان المعروفتان و ضمة القبر ضغطته
40- غيبة الشيخ، و فلاح السائل، عن ابن نوح عن هبة الله بن محمد عن علي بن أبي جيد القمي عن علي بن أحمد الدلال قال أدخلت على أبي جعفر محمد بن عثمان يعني وكيل مولانا المهدي صلوات الله عليه عجل الله فرجه يوما لأسلم عليه فوجدت بين يديه ساجة و نقاش بنقش عليها و يكتب عليها آيا من القرآن و أسماء الأئمة ع من جوانبها فقلت له يا سيدي ما هذه الساجة فقال لي هذه لقبري تكون فيه أوضع عليها أو قال أسند إليها و قد فرغت منه و أنا كل يوم أنزل إليه و اقرأ أجزاء من القرآن فيه و أصعد و أظنه قال و أخذ بيدي و أرانيه فإذا كان من يوم كذا و كذا من شهر كذا و كذا من سنة كذا صرت إلى الله تعالى و دفنت فيه و هذه الساجة معه قال فلما خرجت من عنده أثبت ما ذكره و لم أزل مترقبا ذلك فما تأخر الأمر حتى اعتل أبو جعفر فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذكرها و دفن
41- فلاح السائل، رأيت في كتاب الإستيعاب في الجزء الرابع أن سفيان بن الحارث بن عبد المطلب حفر قبره قبل أن يموت بثلاثة أيام و كان أخا رسول الله ص من الرضاعة و ذكر محمد بن سعيد في الجزء السابع من كتاب الطبقات حفر قبر سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في حياته قال و كان جدي ورام بن أبي فراس قدس الله جل جلاله روحه و هو ممن يقتدى بفعله قد أوصى أن يجعل في فمه بعد وفاته فص عقيق عليه أسماء أئمته صلوات الله عليهم فنقشت أنا فصا عقيقا عليه الله ربي و محمد نبيي و علي و سميت الأئمة ع إلى آخرهم أئمتي و وسيلتي و أوصيت أن يجعل في فمي بعد الموت ليكون جواب الملكين عند المساءلة في القبر سهلا إن شاء الله
و رأيت في كتاب ربيع الأبرار للزمخشري في باب اللباس و الحلي عن بعض الأموات أنه كتب على فص شهادة أن لا إله إلا الله و أوصى أن يجعل في فمه عند موته ثم قال و يجعل معه شيء من تربة الحسين ع فقد روي أنه أمان
و روي عن النبي ص أن أول ما يبشر به المؤمن أن يقال له قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك و استجاب لمن استغفر لك و قبل ممن شهد لك ثم يلقن الميت و يشرج اللبن عليه و يقول اللهم صل وحدته و آنس وحشته و ارحم غربته و أسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك و احشره مع من كان يتولاه فإذا فرغ من تشريج اللبن عليه خرج من القبر من جهة رجليه و أهال التراب عليه و يهيل من حضر هناك بظهور أكفهم إلا من كانت له به رحم و يقولون إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ اللهم زدنا إيمانا و تسليما
بيان الاكتفاء في وضع الفص في فم الميت بمثل ذلك لا يخلو من إشكال و لم أر غيره قدس الله روحه تعرض لذلك
42- دعوات الراوندي، قال النبي ص لكل شيء باب و باب القبر عند رجلي الميت و يستحب أن ينزل القبر حافيا مكشوف الرأس
بيان روى الجزء الأول الشيخ بسند فيه جهالة عن جبير بن نفير الحضرمي عنه ص و يمكن أن يستدل به على استحباب الدخول و الخروج و إدخال الميت من قبل الرجلين لأن الباب محل جميع ذلك و لعل العلامة ره لذلك قال في المنتهى باستحباب الدخول أيضا من قبل الرجلين حيث قال يستحب له أن يخرج من قبل الرجلين لأنه قد استحب الدخول منه فكذا الخروج و لقوله ع باب القبر من قبل الرجلين. أقول لم أر غيره تعرض لاستحباب ذلك عند الدخول و لعله لضعف دلالة الخبر مع أنه روى الكليني عن العدة عن سهل رفعه قال قال يدخل الرجل القبر من حيث يشاء و لا يخرج إلا من قبل رجليه بل يمكن أن يقال ظاهر الخبر بيان إدخال الميت منه لأن القبر بيته و المقصود إدخاله. و يؤيده
ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله ع قال لكل شيء باب و باب القبر مما يلي الرجلين إذا وضعت الجنازة فضعها مما يلي الرجلين يخرج الرجل مما يلي الرجلين و يدعى له حتى يوضع في حفرته و يسوى عليه التراب
و الحاصل أن عموم الخبر و شموله لما ذكر غير معلوم إذ يكفي ذلك في إطلاق الباب عليه و أما الخروج من قبل الرجلين فروى
الكليني أيضا بسند فيه ضعف على المشهور بالسكوني عن أبي عبد الله ع قال من دخل القبر فلا يخرج إلا من قبل الرجلين
و فيه أيضا إيماء إلى تجويز الدخول من أي جهة شاء. و قال في الذكرى يستحب الخروج من قبل الرجلين لخبر عمار لكل شيء باب و باب القبر مما يلي الرجلين و لرواية السكوني و الظاهر أن هذا النفي أو النهي للكراهية و وافق ابن الجنيد في الرجل و قال في المرأة يخرج من قبل رأسها لإنزالها عرضا أو للبعد عن العورة و الأحاديث مطلقة انتهى. و أما الحفاء و كشف الرأس فقد مر الكلام فيهما
43- دعوات الراوندي، قال الصادق ع إذا نظرت إلى القبر فقل اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة و لا تجعلها حفرة من حفر النيران و قال إذا تناولت الميت فقل بسم الله و بالله و على ملة رسول الله اللهم إلى رحمتك لا إلى عذابك ثم تسل الميت سلا فإذا وضعته في قبره فضعه على يمينه مستقبل القبلة و حل عقد كفنه و ضع خده على التراب و قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و اقرأ الحمد و قل هو الله أحد و المعوذتين و آية الكرسي ثم قل اللهم يا رب عبدك و ابن عبدك نزل بك و أنت خير منزول به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه و إن كان مسيئا فتجاوز عنه و ألحقه بنبيه محمد ص و صالح شيعته و اهدنا و إياه إلى صراط المستقيم اللهم عفوك عفوك ثم تضع يدك اليسرى على عضده الأيسر و تحركه تحريكا شديدا ثم تدني فمك إلى أذنه و تقول يا فلان إذا سئلت فقل الله ربي و محمد نبيي و الإسلام ديني و القرآن كتابي و علي إمامي حتى تسوق الأئمة ع ثم تعود القول عليه ثم تقول أ فهمت يا فلان و قال ع فإنه يجيب و يقول نعم ثم تقول ثبتك الله بالقول الثابت و هداك الله إلى صراط مستقيم عرف الله بينك و بين أوليائك في مستقر من رحمته ثم تقول اللهم جاف الأرض عن جنبيه و اصعد بروحه إليك و لقنه منك برهانا اللهم عفوك عفوك ثم تضع الطين و اللبن و إذا وضعت الطين و اللبن تقول اللهم صل وحدته و آنس وحشته و آمن روعته و أسكن إليه من رحمتك رحمة تغنيه بها عن رحمة من سواك فإنما رحمتك للظالمين ثم تخرج من القبر و تقول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ اللهم ارفع درجته في أعلى عليين و اخلف على عقبه في الغابرين و عندك نحتسبه يا رب العالمين فلما أن دفنوه تضع كفك على قبره عند رأسه و فرج أصابعك و اغمز كفك عليه بعد ما تنضح بالماء فإذا انصرفوا فضع الفم عند رأسه و تناديه بأعلا صوت يا فلان بن فلان هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص و أن عليا أمير المؤمنين إمامك و فلان و فلان حتى تأتي إلى آخرهم فإنه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه قد كفينا الدخول إليه في مسألتنا إليه فإنه يلقن فينصرفان عنه و لا يدخلان إليه
و قال السنة في رش الماء أن تستقبل القبلة و تبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل ثم تدور على القبر من الجانب الآخر ثم ترش على وسط القبر
و قال ع إذا جئت بالميت ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاث و دعه حتى يتأهب للقبر و لا تفدحه به
و قال النبي ص ما من أحد يقول عند قبر ميت إذا دفن ثلاث مرات اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد أن لا تعذب هذا الميت إلا رفع الله عنه العذاب إلى يوم ينفخ في الصور
و عن الرضا ع من أتى قبر أخيه فوضع يده على القبر و قرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ سبع مرات أمن من الفزع الأكبر
و عن أبي المقدام قال مررت مع أبي جعفر ع بالبقيع فمررنا بقبر رجل من الشيعة قال فوقف عليه ثم قال اللهم ارحم غربته و صل وحدته و آنس وحشته و أسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك و ألحقه بمن كان يتولاه
بيان كلمة من في قوله من رحمتك بيانية أو سببية قوله و عندك نحتسبه أي أجر مصيبته أي أصبر عليها احتسابا و طالبا للأجر أو الضمير راجع إلى ما فعل من الدفن و غيره بهذا المعنى أو راجع إلى الميت بمعنى أني أظنه عندك في جوار رحمتك و كرامتك أو عند أوليائك
44- كنز الكراجكي، عن أسد بن إبراهيم السلمي و الحسين بن محمد الصيرفي معا عن أبي بكر المفيد الجرجرائي عن أبي الدنيا المعمر المغربي عن أمير المؤمنين ع قال سمعت رسول الله ص يقول لا تتخذوا قبري عيدا و لا تتخذوا قبوركم مساجد و لا بيوتكم قبورا الخبر
45- مجالس الشيخ، عن المفيد عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور عن أبي بكر مثله
توضيح هذا الخبر رواه في فردوس الأخبار و غيره من كتب المخالفين عن علي ع و قال الطيبي في شرح المشكاة في قوله ص لا تتخذوا قبري عيدا أي لا تجعلوا زيارة قبري عيدا أو قبري مظهر عيد أي لا تجتمعوا لزيارتي اجتماعكم للعيد فإنه يوم لهو و سرور و حال الزيارة بخلافه و كان دأب أهل الكتاب فأورثهم القسوة و من هجيرى عبدة الأوثان حتى عبدوا الأموات أو اسم من الاعتياد من عاده و اعتاده إذا صار عادة له و اعتياده يؤدي إلى سوء الأدب و ارتفاع الحشمة و يؤيده قوله فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم أي لا تتكلفوا المعاودة إلي فقد استغنيتم عنه بالصلاة علي. و قال في شرح الشفاء و يحتمل كون النهي لرفع المشقة عن أمته أو لكراهة أن يجاوزوا في تعظيم قبره فيقسو به و ربما يؤدي إلى الكفر و قال الكرماني في شرح البخاري بيان ملائمة الصدر للعجز أن معناه لا تجعلوا بيوتكم كالقبور الخالية عن عبادة الله و كذا لا تجعلوا القبور كالبيوت محلا للاعتياد لحوائجكم و مكانا للعيادة أو مرجعا للسرور و الزينة كالعيد. و في النهاية في قوله ص لا تجعلوا بيوتكم مقابر أي لا تجعلوها لكم كالقبور فلا تصلوا فيها لأن العبد إذا مات و صار في قبره لم يصل و يشهد له قوله فيه اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم و لا تتخذوها قبورا و قيل معناه لا تجعلوها كالمقابر التي لا تجوز الصلاة فيها و الأول أوجه انتهى. و قال الطيبي في شرح المشكاة هذا محتمل لمعان أحدها أن القبور مساكن الأموات الذين سقط عنهم التكليف فلا يصلى فيها و ليس كذلك البيوت فصلوا فيها و ثانيها أنكم نهيتم عن الصلاة في المقابر لا عنها في البيوت فصلوا فيها و لا تشبهوها بها و الثالث أن مثل الذاكر كالحي و غير الذاكر كالميت فمن لم يصل في البيت جعل نفسه كالميت و بيته كالقبر و الرابع قول الخطابي لا تجعلوا بيوتكم أوطانا للنوم فلا تصلوا فيها فإن النوم أخو الموت و قد حمل بعضهم على النهي عن الدفن في البيوت و ذلك ذهاب عما يقتضيه نسق الكلام على أنه ص دفن في بيت عائشة مخافة أن يتخذوه مسجدا. و قال الطيبي في شرح ما رووه
عن النبي ص لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
كانوا يجعلونها قبلة يسجدون إليها في الصلاة كالوثن أما من اتخذ مسجدا في جوار رجل صالح أو صلى في مقبرة قاصدا بها الاستظهار بروحه أو وصول أثر من آثار عبادته إليه لا التوجه إليه و التعظيم له فلا حرج عليه أ لا يرى أن مرقد إسماعيل في الحجر في المسجد الحرام و الصلاة فيه أفضل. أقول سيأتي تمام القول فيه في كتاب الصلاة
46- الهداية، إذا نظرت إلى القبر فقل اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة و لا تجعلها حفرة من حفر النيران
و قال النبي ص لكل شيء باب و باب القبر عند رجلي الميت و المرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد و الرجل من قبل رجليه يسل سلا و يدخل القبر من يأمره الولي ولي الميت إن شاء شفعا و إن شاء وترا
و قال الصادق ع إذا دخلت القبر فاقرأ أم الكتاب و المعوذتين و آية الكرسي
و قال ع إذا وضعت الميت في لحده فضعه على يمينه مستقبل القبلة و حل عقد كفنه و ضع خده على التراب
و قال صلوات الله عليه يقول من يضع الميت في لحده اللهم جاف الأرض عن جنبيه و صعد إليك روحه و لقه منك رضوانا ثم يضع يده اليسرى على منكبه الأيسر و يدخل يده اليمنى تحت منكبه الأيمن و يحركه تحريكا شديدا و يقول يا فلان بن فلان الله ربك و محمد ص نبيك و الإسلام دينك و القرآن كتابك و الكعبة قبلتك و علي وليك و إمامك و يسمي الأئمة واحدا واحدا إلى آخرهم حتى ينتهي إلى القائم ع أئمتك أئمة هدى أبرار ثم يعيد عليه التلقين مرة أخرى و قال ع إذا وضعت اللبن على اللحد فقل اللهم آنس وحشته و وصل وحدته و ارحم غربته و آمن روعته و أسكن إليه رحمة واسعة يستغني بها عن رحمة من سواك و احشره مع من كان يتولاه و تقول متى زرته هذا القول و قال ع إذا خرجت من القبر فقل و أنت تنفض يديك من التراب إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات و قل اللهم إيمانا بك و تصديقا بكتابك هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فإنه من فعل ذلك و قال هذه الكلمات كتب الله له بكل ذرة حسنة
و قال رحمه الله إذا سوي قبر الميت فصب على قبره الماء و تجعل القبر أمامك و أنت مستقبل القبلة و تبدأ بصب الماء عند رأسه و تدور به على قبره من أربعة جوانبه حتى ترجع إلى الرأس من غير أن تقطع الماء فإن فضل من الماء شيء فصبه على وسط القبر
و قال الصادق ع و الرش بالماء على القبر حسن يعني في كل وقت
أقول قد مر كثير من الأخبار المناسبة للباب في باب التجهيز و باب التكفين و باب الصلاة على الميت لا سيما خبر دفن فاطمة بنت أسد رضي الله عنها و خبر دفن إبراهيم بن رسول الله ص و هما مشتملان على أحكام و سيأتي ذكر الصلاة بعد الدفن في كتاب الصلاة