1- العلل، عن علي بن حاتم عن علي بن محمد عن العباس بن محمد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن المهاجر عن أمه أم سلمة قالت خرجت إلى مكة فصحبتني امرأة من المرجئة فلما أتينا الربذة أحرم الناس و أحرمت معهم فأخرت إحرامي إلى العقيق فقالت يا معشر الشيعة تخالفون في كل شيء يحرم الناس من الربذة و تحرمون من العقيق و كذلك تخالفون في الصلاة على الميت يكبر الناس أربعا و تكبرون خمسا و هي تشهد على الله أن التكبير على الميت أربع قالت فدخلت على أبي عبد الله ع فقلت له أصلحك الله صحبتني امرأة من المرجئة فقالت كذا و كذا فأخبرته بمقالتها فقال أبو عبد الله ع كان رسول الله ص إذا صلى على الميت كبر فتشهد ثم كبر فصلى على النبي ص و دعا ثم كبر و استغفر للمؤمنين و المؤمنات ثم كبر فدعا للميت ثم يكبر و ينصرف فلما نهاه الله عز و جل عن الصلاة على المنافقين كبر فتشهد ثم كبر فصلى على النبي ص ثم كبر فدعا للمؤمنين و المؤمنات ثم كبر الرابعة و انصرف و لم يدع للميت
تحقيق و تفصيل اعلم أن الشيخ في التهذيب روى هذا الخبر بإسناد فيه أيضا جهالة عنه ع من قوله كان رسول الله ص إذا صلى على ميت إلى آخر الخبر و فيه ثم كبر و صلى على الأنبياء و في الثانية على النبيين و في الأولى أيضا و دعا للمؤمنين. ثم إنه اختلف الأصحاب في أنه هل تجب الصلاة على غير المؤمن من فرق المسلمين فذهب الشيخ في جملة من كتبه و ابن الجنيد و المحقق إلى الوجوب و قال المفيد في المقنعة و لا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية و لا يصلي عليه إلا أن يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية و إليه ذهب أبو الصلاح و ابن إدريس و لا يخلو من قوة. و يشكل الاستدلال بهذا الخبر على الوجوب لأن فعله ص أعم منه و أيضا يمكن أن يكون صلاته عليهم لإظهارهم الإسلام و كونهم ظاهرا من المسلمين و التكبير عليهم أربعا بأمر الله تعالى لتبين نفاقهم لا ينافي لزوم الصلاة عليهم ظاهرا بل يتعين أن يكون كذلك لأن الله تعالى نهاه عن الصلاة على الكافرين و لم تكن واسطة بين الإيمان و الكفر إلا بالنفاق و إسرار الكفر و مع إسرار الكفر كان يلزمه الصلاة عليهم بظاهر الإسلام كسائر الأحكام. و أما ما دل عليه الخبر من كون الصلاة على المؤمن خمس تكبيرات فقد أجمع أصحابنا على وجوبها و أخبارنا به مستفيضة بل متواترة و ذهب الفقهاء الأربعة من المخالفين و جماعة أخرى منهم إلى أن التكبير أربع و أما كون الصلاة على غير المؤمن أربعا فهو المقطوع به في كلامهم و يظهر لك من أمثال هذا الخبر أن منشأ اشتباه العامة لعنهم الله في الأربع هو فعل النبي ص ذلك أحيانا و لم يفهموا جهة فعله بل أعماهم الله تعالى عن ذلك ليتيسر للشيعة العمل بهذا في الصلاة عليهم لكونهم من أخبث المنافقين لعنة الله عليهم أجمعين. ثم اعلم أن الأصحاب اختلفوا في وجوب الأدعية بين التكبيرات و استحبابها و الأشهر الوجوب و ربما يستدل عليه بهذا الخبر للتأسي مع أن قوله ع كان رسول الله ص إذا صلى على الميت كبر ظاهره المواظبة عليه و هذا مما يؤكد التأسي و فيه كلام ليس المقام موضع تحقيقه و قد أومأنا إليه سابقا. ثم اختلفوا في أنه هل يجب فيها لفظ مخصوص أم لا و الأشهر العدم و ربما يستدل على الوجوب بنحو ما مر من التقريب و قد عرفت ما فيه عن قريب. ثم المشهور بين القائلين بالتعيين العمل بهذا الخبر و بين القائلين بعدمه أفضليته لكن الأكثر لم يتعرضوا للصلاة على الأنبياء مع دلالة الخبر عليه على ما في التهذيب و إليه كان رجوعهم غالبا و الأحوط ضم الصلاة عليهم إلى الصلاة عليه و آله صلوات الله عليه و عليهم قال في الذكرى تضمن خبر أم سلمة الصلاة على الأنبياء من فعل النبي ص فتحمل على الاستحباب ثم قال نعم تجب الصلاة على آل محمد إذا صلى عليه كما تضمنت الأخبار انتهى. و مقتضى كلام ابن أبي عقيل أن الأفضل جمع الأذكار الأربعة عقيب كل تكبيرة و لا يعلم مستنده. ثم اختلف في أنه على تقدير وجوب الصلاة على المنافق و وجوب الأدعية هل يجب الدعاء عقيب الرابعة على الميت أم لا فظاهر هذا الخبر سقوطه حيث قال ثم كبر الرابعة و انصرف و إن احتمل أن يكون المراد بالانصراف الانصراف عن التكبير و قوله و لم يدع للميت لا ينافي الدعاء عليه لكنه بعيد جدا قال في الذكرى و الظاهر أن الدعاء على هذا القسم غير واجب لأن التكبير عليه أربع و بها تخرج عن الصلاة و اعترض عليه بأن الدعاء للميت أو عليه لا يتعين وقوعه بعد الرابعة و قد ورد بالأمر بالدعاء على المنافق روايات. أقول و يرد عليه أيضا أن الخروج بالتكبيرة الرابعة غير مسلم إذ يمكن أن يكون الخروج بإتمام الدعاء الرابع. قوله ع فصلى على النبي ص و دعا أي للنبي ص أو للميت أو الأعم و تركه في الصلاة على المنافق ربما يؤيد الثاني قوله ع فلما نهاه الله عز و جل عن الصلاة على المنافقين أي الدعاء لهم لأنه ذكر بعد ذلك الصلاة و قال و لم يدع للميت و إن احتمل أن يكون المراد به النهي عن الصلاة الكاملة المعهودة التي كان يأتي بها للمؤمنين بل أمره بنقصها لكنه بعيد كما لا يخفى. و اعلم أن الظاهر من الأخبار و كلام الأصحاب أن المراد بالمنافق غير الإمامي لإطلاقه في مقابلة المؤمن
2- الخصال، و العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد و عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عثمان بن عبد الملك عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله ع قال يا با بكر تدري كم الصلاة على الميت قلت لا قال خمس تكبيرات ثم قال فتدري من أين أخذت قلت لا قال أخذت الخمس من الخمس صلوات من كل صلاة تكبيرة
المحاسن، عن علي بن الحكم مثله
3- العلل، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن الفضل بن عامر عن موسى بن القاسم عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص إن الله فرض من الصلاة خمسا و جعل للميت من كل صلاة تكبيرة
المقنع، مرسلا مثله بيان اعلم أن الظاهر من كلام أكثر المتأخرين أن التكبيرات فيها ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا و سهوا و ربما يستدل عليه بأمثال هذا الخبر فإن الظاهر منها كونها مأخوذة من التكبيرات الإحرامية و هي ركن. و فيه نظر من وجهين الأول عدم صراحة الأخبار في كون المأخوذ منها التكبيرات الإحرامية إذ لعل المعنى أنه جعل بإزاء كل صلاة هنا تكبيرة لكن سيأتي في علل الفضل ما يدل على أنها مأخوذة من التكبيرات الإحرامية. و الثاني أنه على تقدير تسليم كونها مأخوذة من التكبيرات الإحرامية لا يلزم من كونها في المأخوذ منها ركنا كونها في تلك الصلاة أيضا ركنا نعم يمكن أن يتمسك بأنه لو أخل بواحدة منها لم يأت بالهيئة المأثورة فلم يتحقق الامتثال المقتضي للأجزاء
4- العلل، عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله عن موسى بن عمران عن عمه الحسين بن يزيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع لأي علة نكبر على الميت خمس تكبيرات و يكبر مخالفونا أربع تكبيرات قال لأن الدعائم التي بني عليها الإسلام خمس الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الولاية لنا أهل البيت فجعل الله عز و جل من كل دعامة تكبيرة و إنكم أقررتم بالخمس كلها و أقر مخالفوكم بأربع و أنكروا واحدة فمن ذاك يكبرون على موتاهم أربع تكبيرات و تكبرون خمسا
5- و منه، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص يكبر على قوم خمسا و على قوم أربعا فإذا كبر على رجل أربعا اتهم الرجل
6- و منه، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن جعفر بن محمد بن مالك عن أحمد بن هيثم عن علي بن خطاب الحلال عن إبراهيم بن محمد بن حمران قال خرجنا من مكة فدخلنا على أبي عبد الله ع فذكر الصلاة على الجنائز فقال كان يعرف المؤمن و المنافق بتكبير رسول الله ص على المؤمن خمسا و على المنافق أربعا
7- العيون، و العلل، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى عن الحسن بن النضر قال قال الرضا ع ما العلة في التكبير على الميت خمس تكبيرات قلت رووا أنها قد اشتقت من خمس صلوات فقال هذا ظاهر الحديث فأما باطنه فإن الله عز و جل فرض على العباد خمس فرائض الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الولاية فجعل للميت من كل فريضة تكبيرة واحدة فمن قبل الولاية كبر خمسا و من لم يقبل الولاية كبر أربعا فمن أجل ذلك تكبرون خمسا و من خالفكم يكبر أربعا
8- العلل، عن أبيه عن سعد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبي الجوزاء قال الأغلف لا يؤم القوم و إن كان أقرأهم لأنه ضيع من السنة أعظمها و لا تقبل له شهادة و لا تصلى عليه إذا مات إلا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه
بيان عدم وجوب الصلاة على الأغلف لم أر قائلا به و ظاهر الأصحاب اتفاقهم على وجوب الصلاة على أرباب الكبائر و الخبر ضعيف موقوف و يمكن حمله على أنه لا يلزم الاهتمام في الصلاة عليه فإذا صلى بعضهم عليه لا يستحب للباقين الإتيان بها أو لا يتأكد استحبابه
9- العلل، عن الحسين بن أحمد عن أبيه عن محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا رفعه عن أحدهم ع قال إن على عهد رسول الله ص مات رجل و عليه ديناران فأخبر النبي ص فأبى أن يصلي عليه و إنما فعل ذلك لكيلا يجترئوا على الدين و قال قد مات رسول الله ص و عليه دين و مات الحسن ع و عليه دين و قتل الحسين ع و عليه دين
بيان يفهم من آخر الخبر أن ترك الصلاة إنما كان لأنه كان مستخفا بالدين و لا ينوي قضاءه تأديبا و لا ينافي ذلك وجوب الصلاة عليه لأنه لم ينه الناس عن الصلاة عليه و مع فعل غيره كانت تسقط عنه و لعل مثل هذا من خصائص النبي و الإمام ع أو مطلق الولاة على احتمال
10- مجالس الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن طلحة بن زيد عن الصادق عن أبيه ع قال صل على من مات من أهل القبلة و حسابه على الله عز و جل
11- الخصال، عن أحمد القطان عن الحسن السكري عن محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع قال أحق الناس بالصلاة على المرأة إذا ماتت زوجها و إذا ماتت المرأة وقف المصلي عليها عند صدرها و من الرجل إذا صلى عليه عند رأسه و إذا أدخلت المرأة القبر وقف زوجها في موضع يتناول وركها و لا شفيع للمرأة أنجح عند ربها من رضا زوجها و لما ماتت فاطمة ع قام أمير المؤمنين ع و قال اللهم إني راض عن ابنة نبيك اللهم إنها قد أوحشت فآنسها اللهم إنها قد هجرت فصلها اللهم إنها قد ظلمت فاحكم لها و أنت خير الحاكمين
بيان ما اشتمل عليه الخبر من كون الزوج أولى من سائر الأقارب هو المعروف من مذهب الأصحاب و وردت بعض الروايات بأن الأخ أولى من الزوج و حملها الشيخ و غيره على التقية لكونه أشهر بين العامة و إن وقع الخلاف بينهم أيضا و أما الموضع الذي يقف فيه المصلي فقال الشيخ في المبسوط و المفيد و أبو الصلاح يقف الإمام في الجنازة عند وسط الرجل و صدر المرأة و عليه معظم الأصحاب لا سيما المتأخرين منهم و قال في الخلاف يقف عند رأس الرجل و صدر المرأة كما هو مدلول الخبر و به قال علي بن بابويه و قال ابنه في المقنع إذا صليت على الميت فقف عند صدره و كبر ثم قال و إذا صليت على المرأة فقف عند صدرها. و للشيخ في الاستبصار قول ثالث أنه يقف عند رأس المرأة و صدر الرجل و القول بالتخيير بين هذا القول و القول الأول لا يخلو من قوة لورود الأخبار المعتبرة بهما كما هو ظاهر المنتهى و لا يمكن حمل إحداهما على التقية لاختلاف الأخبار و الأقوال بينهم أيضا
12- الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى و أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن فضال عن يونس بن يعقوب عن سفيان بن السمط عن أبي عبد الله ع قال لما قبض آدم ع غسلته الملائكة ثم وضع فتقدم هبة الله فصلى عليه و الملائكة خلفه و أوحى الله عز و جل إليه أن يكبر عليه خمسا و أن يسله و أن يسوي قبره ثم قال هكذا فاصنعوا بموتاكم
13- الخصال، و العيون، و تفسير الإمام، عن محمد بن القاسم الأسترآبادي عن يوسف بن زياد عن أبيه عن أبي محمد العسكري ع عن آبائه ع أن رسول الله ص لما أتاه جبرئيل بنعي النجاشي بكى بكاء حزين عليه و قال إن أخاكم أصحمة مات ثم خرج إلى الجبانة و صلى عليه و كبر سبعا فخفض الله له كل مرتفع حتى رأى جنازته و هو بالحبشة
بيان لا خلاف بين أصحابنا في عدم جواز الصلاة على الغائب و لعل هذا الحكم مخصوص بتلك الواقعة كعدد التكبيرات قال في المنتهى و لا يصلى على الغائب عن بلد المصلي ذهب إليه علماؤنا و به قال أبو حنيفة و مالك و قال الشافعي يجوز و عن أحمد روايتان ثم قال احتج الجمهور بما روي عن النبي ص أنه نعى النجاشي صاحب الحبشة اليوم الذي مات فيه و صلى بهم في المصلى و كبر أربعا. و الجواب أن الأرض زويت للنبي ص فصلى عليه و هو حاضر عنده بخلاف غيره و لأنه حكاية فعل فلا يقتضي العموم و لأنه يمكن أن يكون دعا له لا أنه صلى عليه و أطلق على الدعاء اسم الصلاة بالنظر إلى الحقيقة الأصلية و قد ورد هذا في أخبار أهل البيت ع
روى الشيخ عن محمد بن مسلم و زرارة قال قلت له فالنجاشي لم يصل عليه النبي ص فقال لا إنما دعا له
14- العيون، عن ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن الرضا ع فيما كتب للمأمون من شرائع الدين الصلاة على الميت خمس تكبيرات فمن نقص فقد خالف و الميت يسل من قبل رجليه و يرفق به إذا أدخل قبره
15- مجالس الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه عن أحمد البرقي عن علي بن الحسين البرقي عن عبد الله بن جبلة عن معاوية بن عمار عن الحسن بن عبد الله عن أبيه عن جده الحسن بن علي ع قال قال رسول الله ص ما من مؤمن يصلي على الجنائز إلا أوجب الله له الجنة إلا أن يكون منافقا أو عاقا الخبر
-16 و منه، في خبر المناهي قال قال رسول الله ص من صلى على ميت صلى عليه سبعون ألف ملك و غفر الله له ما تقدم من ذنبه فإن أقام حتى يدفن و يحثى عليه التراب كان له بكل قدم نقلها قيراط من الأجر و القيراط مثل جبل أحد
17- الخصال، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر ع أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها و صلاة ركعتي طواف الفريضة و صلاة الكسوف و الصلاة على الميت هؤلاء يصليهن الرجل في الساعات كلها
18- قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه أن رسول الله ص صلى على جنازة فلما فرغ منها جاء قوم لم يكونوا أدركوها فكلموا رسول الله ص أن يعيد الصلاة عليها فقال لهم قد قضيت الصلاة عليها و لكن ادعوا لها
19- و منه، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله ص صلى على جنازة فلما فرغ جاءه ناس فقالوا يا رسول الله لم ندرك الصلاة عليها فقال لا تصلوا على جنازة مرتين و لكن ادعوا لها
20- نهج البلاغة، و الاحتجاج، عن أمير المؤمنين ع فيما كتب في جواب معاوية من المفاخرة قال ع إن قوما استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين و لكل فضل حتى إذا استشهد شهيدنا قيل سيد الشهداء و خصه رسول الله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه
21- العيون، عن محمد بن علي بن الشاه عن أبي بكر بن عبد الله النيسابوري عن عبد الله بن أحمد الطائي عن أبيه و عن أحمد بن إبراهيم الخوزي عن إبراهيم بن مروان عن جعفر بن محمد بن زياد عن أحمد بن عبد الله الهروي و عن الحسين بن محمد الأشناني عن علي بن محمد بن مهرويه عن داود بن سليمان جميعا عن الرضا عن آبائه ع عن الحسين بن علي ع أنه قال رأيت النبي ص كبر على حمزة سبع تكبيرات و كبر على الشهداء بعد حمزة خمس تكبيرات فلحق حمزة سبعون تكبيرة
توضيح اعلم أن الأصحاب اختلفوا في تكرار الصلاة على الجنازة الواحدة فقال العلامة قدس سره في المختلف المشهور كراهة تكرار الصلاة على الميت و قيد ابن إدريس بالصلاة جماعة لتكرار الصحابة الصلاة على النبي ص فرادى و قال الشيخ في الخلاف من صلى على جنازة يكره له أن يصلي عليها ثانيا و هو يشعر باختصاص الكراهة بالمصلي المتحد و ربما ظهر من كلامه في الاستبصار استحباب التكرار من المصلي الواحد و غيره و ظاهرهم الاتفاق على الجواز و الأخبار في ذلك مختلفة. ثم اعلم أنه يحتمل بعض الأخبار كون الصلاة على حمزة سبعين تكبيرة و يكون من خصائصه ع و لكن يظهر من أكثرها أنها كانت في الصلوات المتعددة كما يظهر من خبر العيون قال في التذكرة لا ينبغي الزيادة على الخمس لأنها منوطة بقانون الشرع و لم تنقل الزيادة و ما روي عن النبي ص من أنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة و عن علي ع أنه كبر على سهل بن حنيف خمسا و عشرين تكبيرة إنما كان في صلوات متعددة و قال في المختلف إن حديث سهل بن حنيف مختص بذلك الشخص إظهارا لفضله كما خص النبي ص عمه حمزة بسبعين تكبيرة و في كلام أمير المؤمنين ع في نهج البلاغة ما يدل على ذلك انتهى ثم إن المشهور في الجمع بين الأخبار حمل أخبار المنع على الكراهة و ربما يحمل أخبار المنع على المنافاة للتعجيل و يحمل قوله لا تصلوا على جنازة مرتين على أن المعنى لا تجب الصلاة عليها مرتين و لا يبعد القول برجحان تكرار الصلاة في صورة عدم المنافاة للتعجيل ممن لم يدرك الصلاة و للإمام مطلقا و ربما يخص الأخير بما إذا كان للميت مزية و شرف في الدين. و الأظهر عندي حمل أخبار المنع على التقية لاشتهاره بين العامة قال في المنتهى و لو صلى على جنازة قال الشيخ كره له أن يصلى عليها ثانيا و به قال علي ع و ابن عمر و عائشة و أبو موسى و ذهب إليه الأوزاعي و أحمد و الشافعي و مالك و أبو حنيفة انتهى فظهر أن المشهور بينهم الكراهة و إن نسبوه إلى علي ع و يؤيده أن أكثر رواة أخبار المنع عاميون و الله يعلم حقائق الأحكام
22- مجالس الصدوق، عن جعفر بن محمد بن مسرور عن محمد بن عبد الله الحميري عن أبيه عن أحمد البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال أقبل علي بن أبي طالب ع ذات يوم إلى النبي ص باكيا و هو يقول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فقال له رسول الله ص مه يا علي فقال علي ع يا رسول الله ماتت أمي فاطمة بنت أسد قال فبكى النبي ص ثم قال ص رحم الله أمك يا علي أما إنها إن كانت لك أما فقد كانت لي أما خذ عمامتي هذه و خذ ثوبي هذين فكفنها فيهما و مر النساء فليحسن غسلها و لا تخرجها حتى أجيء فآلي أمرها قال و أقبل النبي ص بعد ساعة و أخرجت فاطمة أم علي ع فصلى عليها النبي ص صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ثم كبر عليها أربعين تكبيرة ثم دخل إلى القبر فتمدد فيه فلم يسمع له أنين و لا حركة ثم قال يا علي ادخل يا حسن ادخل فدخلا القبر فلما فرغ مما احتاج إليه قال له يا علي اخرج يا حسن اخرج فخرجا ثم زحف النبي ص حتى صار عند رأسها ثم قال يا فاطمة أنا محمد سيد ولد آدم و لا فخر فإن أتاك منكر و نكير فسألاك من ربك فقولي الله ربي و محمد نبيي و الإسلام ديني و القرآن كتابي و ابني إمامي و وليي ثم قال اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت ثم خرج من قبرها و حثا عليها حثيات ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما ثم قال ص و الذي نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي فقام إليه عمار بن ياسر فقال فداك أبي و أمي يا رسول الله لقد صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة فقال ص يا أبا اليقظان و أهل ذلك هي مني لقد كان لها من أبي طالب ولد كثير و لقد كان خيرهم كثيرا و كان خيرنا قليلا فكانت تشبعني و تجيعهم و تكسوني و تعريهم و تدهنني و تشعثهم قال فلم كبرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله قال ص نعم يا عمار التفت عن يميني فنظرت إلى أربعين صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة قال فتمددك في القبر فلم يسمع لك أنين و لا حركة قال إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة فلم أزل أطلب إلى ربي عز و جل أن يبعثها ستيرة و الذي نفس محمد ص بيده ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند رأسها و مصباحين من نور عند يديها و مصباحين من نور عند رجليها و ملكيها الموكلين بقبرها يستغفران لها إلى أن تقوم الساعة
بيان يظهر من الخبر أن هذا العدد من التكبير كان من خصائصها لفضلها فلا يتعدى إلى غيرها
23- فقه الرضا، قال ع و اعلم أن أولى الناس بالصلاة على الميت الولي أو من قدمه الولي فإذا كان في القوم رجل من بني هاشم فهو أحق بالصلاة إذا قدمه الولي فإن تقدم من غير أن يقدمه الولي فهو غاصب فإذا صليت على جنازة مؤمن فقف عند صدره أو عند وسطه و ارفع يديك بالتكبير الأول و كبر و قل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أن الموت حق و الجنة حق و النار حق و البعث حق وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ثم كبر الثانية و قل اللهم صل على محمد و آل محمد و بارك على محمد و آل محمد و ارحم محمدا و آل محمد أفضل ما صليت و باركت و رحمت و ترحمت و سلمت على إبراهيم و آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ثم تكبر الثالثة و تقول اللهم اغفر لي و لجميع المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات تابع بيننا و بينهم بالخيرات إنك مجيب الدعوات و ولي الحسنات يا أرحم الراحمين ثم تكبر الرابعة و تقول اللهم إن هذا عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك نزل بساحتك و أنت خير منزول به اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه إحسانا و إن كان مسيئا فتجاوز عنه و اغفر لنا و له اللهم احشره مع من كان يتولاه و يحبه و أبعده ممن يتبرؤه و يبغضه اللهم ألحقه بنبيك و عرف بينه و بينه و ارحمنا إذا توفيتنا يا إله العالمين ثم تكبر الخامسة و تقول رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ و لا تسلم و لا تبرح من مكانك حتى ترى الجنازة على أيدي الرجال و إذا كان الميت مخالفا فقل في تكبيرك الرابعة اللهم اخز عبدك و ابن عبدك هذا اللهم أصله نارك اللهم أذقه أليم عذابك و شديد عقوبتك و أورده نارا و املأ جوفه نارا و ضيق عليه لحده فإنه كان معاديا لأوليائك و متواليا لأعدائك اللهم لا تخفف عنه العذاب و أصبب عليه العذاب صبا فإذا رفع جنازته فقل اللهم لا ترفعه و لا تزكه و اعلم أن الطفل لا يصلى عليه حتى يعقل الصلاة فإذا حضرت مع قوم يصلون عليه فقل اللهم اجعله لأبويه و لنا ذخرا و مزيدا و فرطا و أجرا و إذا صليت على مستضعف فقل اللهم اغفر لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ و إذا لم تعرف مذهبه فقل اللهم هذه النفس التي أحييتها و أنت أمتها دعوت فأجابتك اللهم ولها ما تولت و احشرها مع من أحبت و أنت أعلم بها فإذا اجتمع جنازة رجل و امرأة و غلام و مملوك فقدم المرأة إلى القبلة و اجعل المملوك بعدها و اجعل الغلام بعد المملوك و الرجل بعد الغلام مما يلي الإمام و يقف الإمام خلف الرجل في وسطه و يصلي عليهم جميعا صلاة واحدة و إذا صليت على الميت و كانت الجنازة مقلوبة فسوها و أعد الصلاة عليها ما لم يدفن فإذا فاتك مع الإمام بعض التكبير و رفعت الجنازة فكبر عليها تمام الخمس و أنت مستقبل القبلة و إن كنت تصلي على الجنازة و جاءت الأخرى فصل عليهما صلاة واحدة بخمس تكبيرات و إن شئت استأنف على الثانية و لا بأس أن يصلي الجنب على الجنازة و الرجل على غير وضوء و الحائض إلا أن الحائض تقف ناحية و لا تخلط بالرجال و إن كنت جنبا و تقدمت للصلاة عليها فتيمم أو توضأ و صل عليها و قد
أكره أن يتوضأ إنسان عمدا للجنازة لأنه ليس بالصلاة إنما هو التكبير و الصلاة هي التي فيها الركوع و السجود و أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير و لا يصلى على الجنازة بنعل حذو و لا تجعل ميتين على جنازة واحدة فإن لم تلحق الصلاة على الجنازة حتى يدفن الميت فلا بأس أن تصلي بعد ما دفن و إذا صلى الرجلان على الجنازة وقف أحدهما خلف الآخر و لا يقوم بجنبه و في موضع آخر إذا أردت أن تصلي على الميت فكبر عليه خمس تكبيرات يقوم الإمام عند وسط الرجل و صدر المرأة يرفع اليد بالتكبير الأول و يقنت بين كل تكبيرتين و القنوت ذكر الله و الشهادتان و الصلاة على محمد و آله و الدعاء للمؤمنين و المؤمنات هذا في تكبيره بغير رفع اليدين و لا تسليم لأن الصلاة على الميت إنما هو دعاء و تسبيح و استغفار و ساق الحديث إلى أن قال و تقول في التكبيرة الأولى في الصلاة على الميت أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ رب الموت و الحياة و صلى الله على محمد و أهل بيته و جزى الله محمدا عنا خير الجزاء بما صنع لأمته و ما بلغ من رسالات ربه ثم يقول اللهم عبدك و ابن أمتك ناصيته بيدك تخلى عن الدنيا و احتاج إلى ما عندك نزل بك و أنت خير منزول به و افتقر إلى رحمتك و أنت غني من عذابه اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه و تقبل منه و إن كان مسيئا فاغفر له ذنبه و ارحمه و تجاوز عنه برحمتك اللهم ألحقه بنبيك و ثبته بالقول الثابت في الدنيا و الآخرة اللهم اسلك بنا و به سبيل الهدى و اهدنا و إياه صراطك المستقيم اللهم عفوك عفوك ثم تكبر الثانية و تقول مثل ما قلت حتى تفرغ من خمس تكبيرات و قال ليس فيها التسليم و عن أبيه أنه كان يصلي على الجنازة بعد العصر ما كان في وقت الصلاة حتى يصفار الشمس فإذا اصفارت لم يصل عليها حتى تغرب و قال لا بأس بالصلاة على الجنازة حين تغيب الشمس و حين تطلع إنما هو استغفار و ساق الكلام إلى أن قال باب آخر في الصلاة على الميت قال تكبر ثم تصلي على النبي ص و أهل بيته ثم تقول اللهم عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك لا أعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه و تقبل منه و إن كان مسيئا فاغفر له ذنبه و افسح له في قبره و اجعله من رفقاء محمد ص ثم تكبر الثانية فقل اللهم إن كان زاكيا فزكه و إن كان خاطئا فاغفر له ثم تكبر الثالثة فقل اللهم لا تحرمنا أجره و لا تفتناه بعده ثم تكبر الرابعة و قل اللهم اكتبه عندك في عليين و اخلف على أهله في الغابرين و اجعله من رفقاء محمد ص ثم كبر الخامسة و تنصرف و إذا كان ناصبا فقل اللهم إنا لا نعلم إلا أنه عدو لك و لرسولك اللهم فاحش جوفه نارا و قبره نارا و عجله إلى النار فإنه قد كان يتولى أعداءك و يعادي أولياءك و يبغض أهل بيت نبيك اللهم ضيق عليه قبره و إذا رفع فقل اللهم لا ترفعه و لا تزكه و إذا كان مستضعفا فقل اللهم اغفر لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ و إذا لم تدر ما حاله فقل اللهم إن كان يحب الخير و أهله فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه
و قال ع قال جعفر ع صلى علي ع على سهل بن حنيف و كان بدريا فكبر خمس تكبيرات ثم مشى ساعة فوضعه ثم كبر عليه خمسا أخرى فصنع ذلك حتى كبر عليه خمسا و عشرين تكبيرة
إيضاح لعل المراد بالولي الوارث و لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في أنه أولى من الأجانب و قالوا إن الأب أولى من الابن و الولد أولى من الجد على المشهور و ذهب ابن الجنيد إلى أن الجد أولى من الأب و الابن و هو ضعيف و الأخ من الأبوين أولى ممن يتقرب بأحدهما و في تقدمه على الأخ من الأم إشكال و الزوج أولى من كل أحد كما مر. قوله فإذا كان في القوم رجل يدل على ما ذكره الأصحاب من أن الهاشمي أولى من غيره في تلك الصلاة إن قدمه الولي و يستحب له تقديمه بل أوجبه المفيد و ربما يحمل كلامه على إمام الأصل و إن كان بعيدا و إثبات الحكم في غيره لا يخلو من إشكال لضعف المستند و إن كان الأحوط العمل به. و قوله عند صدره أو وسطه ظاهره التخيير مطلقا و يمكن حمله على التفصيل المشهور و يؤيده ما سيأتي و ما اشتمل عليه من رفع اليدين في التكبيرة الأولى فقط مذهب المفيد و المرتضى و الشيخ في النهاية و المبسوط و ابن إدريس بل نسب إلى الأكثر و ذهب الشيخ في كتابي الأخبار إلى أنه مستحب في الجميع و اختاره الفاضلان و جماعة من المتأخرين و هو أقوى و الظاهر أن الأخبار الدالة على عدم الاستحباب محمولة على التقية كما دل عليه
خبر يونس قال سألت الرضا ع قلت جعلت فداك إن الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى و لا يرفعون فيما بعد ذلك فاقتصر على التكبيرة الأولى كما يفعلون أو أرفع يدي في كل تكبيرة فقال ارفع يديك في كل تكبيرة
و أما رفع اليدين في التكبيرة الأولى فلا خلاف في استحبابه و أما الصلاة و معناها و فائدتها و وجه التشبيه بصلاة إبراهيم و آله صلوات الله عليهم فقد بسطنا القول فيها في كتاب الفوائد الطريفة بما لا مزيد عليه. قوله ع لجميع المؤمنين قال الوالد ره يحتمل أن يكون المراد بالمؤمن الإمامي الصالح و بالمسلم غيره أو بالعكس و يكون تقديم غير الصالح لكون احتياجه إلى المغفرة أكثر و يحتمل أن يكون المراد بالمؤمن الإمامي مطلقا و بالمسلم المستضعف من غيرهم كما يظهر من الأخبار أن المستضعفين في المشية إن شاء عذبهم بعدله و إن شاء رحمهم بفضله. قوله تابع بيننا و بينهم قال في النهاية أي اجعلنا نتبعهم على ما هم عليه انتهى أقول و يحتمل أن يكون المعنى تابع و واتر بيننا و بينهم بسبب الخيرات الصلاة و البركات و المثوبات أي نبعث إليهم شيئا فشيئا من الصدقات و الدعوات و الصالحات. قوله ع و أنت خير منزول به الضمير في الظرف يحتمل إرجاعه إلى اسم المفعول نفسه كما جوز الشيخ الرضي رضي الله عنه في بحث الصفة المشبهة في قولهم حسن وجهه إرجاع الضمير إلى الصفة أو إلى موصوف مقدر له أي أنت خير شخص منزول به كما قال المازني في قولهم الممرور به زيد أن الضمير راجع إلى الموصوف المقدر و إن ذهب الأكثر في هذا المقام إلى أنه راجع إلى لام الموصول و يحتمل إرجاعه إلى الذات المبهمة المأخوذة في الصفات فإن قولنا منزول به في قوة ذات ما نزل به. و يمكن إرجاعه إلى الضمير الذي وقع مبتدأ لأنك إذا قلت زيد مضروب ففيه ضمير عائد إلى زيد و إذا قلت ممرور به فهذا الضمير البارز ينوب مناب هذا الضمير المستتر و لذا يجري عليه التذكير و التأنيث و التثنية و الجمع و فيه ما لا يخفى. قوله اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا ربما يستشكل هاهنا بأن هذه كيفية للصلاة على المؤمن برا كان أو فاجرا فكيف يجوز لنا هذا القول فيمن نعلم منه الشرور و الفسوق. و يمكن أن يجاب عنه بوجوه الأول أن يقال يجوز أن يكون هذا مما استثني من الكذب سوغ لنا رحمة منه على الموتى ليصير سببا لغفرانهم كما جاز في الإصلاح بين الناس بل نقول هذا أيضا كذب في الصلاح و قد ورد في الخبر أن الله يحب الكذب في الصلاح و يبغض الصدق في الفساد. الثاني أن يخصص الخير و الشر بالعقائد لكن الترديد المذكور بعده لا يلائمه. الثالث أن يقال إن شرهم غير معلوم لاحتمال توبتهم أو شمول عفو الله أو الشفاعة لهم مع معلومية إيمانهم. فإن قيل كما أن شرهم غير معلوم بناء على تلك الاحتمالات فكذا خيرهم أيضا غير معلوم فما الفرق بينهما قلنا يمكن أن يقال بالفرق بينهما في العلم الشرعي فإنا مأمورون بالحكم بالإيمان الظاهري و باستصحابه بخلاف الشرور و المعاصي فإنا أمرنا بالإغضاء عن عيوب الناس و حمل أعمالهم و أقوالهم على المحامل الحسنة و إن كانت بعيدة فليس لنا الحكم فيها بالاستصحاب و قيل المراد بالخير الخير الظاهري و بالشر الشر الواقعي و لا يخفى بعده. الرابع أن يخصص هذا الدعاء بالصلاة على المستورين الذين لا يعلم منهم ذنب و هو بعيد جدا و قال العلامة رحمه الله في المنتهى لو لم يعرف الميت لم يقل اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا لأنه يكون كذبا بل يقول ما رواه
الشيخ عن ثابت بن أبي المقدام قال كنت مع أبي جعفر ع فإذا بجنازة لقوم من جيرته فحضرها و كنت قريبا منه فسمعته يقول اللهم إنك خلقت هذه النفوس و أنت تميتها و أنت تحييها و أنت أعلم بسرائرها و علانيتها منا و مستقرها و مستودعها اللهم و هذا بدن عبدك و لا أعلم منه سوءا و أنت أعلم به و قد جئناك شافعين له بعد موته فإن كان مستوجبا فشفعنا فيه و احشره مع من كان يتولاه
و كذلك من علم منه الشر لا يقول ذلك في حقه لأنه يكون كذبا انتهى و لعله رحمه الله أراد من لا يعرف منه الإيمان أو يعرف منه عدمه. قوله في إحسانه بالإضافة إلى المفعول أي في إحسانك إليه و يحتمل أن يكون بالإضافة إلى الفاعل أي في حسناته قوله و عرف بينه و بينه أي اجعله بحيث يرى النبي ص و يعرف حقه و هو يشفع له و يعده من أتباعه و أوليائه و الدعاء بعد الخامسة مخالف للمشهور و يحتمل أن يكون مستحبا خارجا عن الصلاة و قال الشهيد في الذكرى بعد إيراد رواية مشتملة على الدعاء بعد الخامسة و نحن لا نمنع جوازه فإن الدعاء حسن على كل حال. و أما التسليم فالمقطوع به في كلام الأصحاب عدم شرعيته في تلك الصلوات قال في الذكرى أجمع الأصحاب على سقوط التسليم فيها و ظاهرهم عدم مشروعيته فضلا عن استحبابه قال في الخلاف ليس فيها تسليم و احتج عليه بإجماع الفرقة و نقل عن العامة التسليم على اختلافهم في كونه فرضا أو سنة و هو يفهم كونه غير سنة عنده و قال ابن الجنيد و لا أستحب التسليم فيها فإن سلم الإمام فواحدة عن يمينه و هذا يدل على شرعيته للإمام و عدم استحبابه لغيره أو على جوازه للإمام من غير استحباب بخلاف غيره انتهى. و أما عدم البراح من مكانه حتى يرى الجنازة على أيدي الرجال فالمشهور استحبابه مطلقا و خصه الشهيد بالإمام تبعا لابن الجنيد و لو قلنا بالتعميم و اتفق صلاة جميع الحاضرين استثني منهم أقل ما يمكن به رفع الجنازة كما ذكره جماعة. و أما الصلاة على الطفل فاختلف الأصحاب في الحد الذي تجب فيه الصلاة عليه فالأكثر على أنه بلوغ ست سنين و نقل المرتضى و العلامة فيه الإجماع و قال المفيد في المقنعة و الصدوق في المقنع لا يصلى على الصبي حتى يعقل الصلاة و نحوه قال الجعفي و قال ابن الجنيد يجب على المستهل و قال ابن أبي عقيل لا يجب حتى يبلغ و الأقرب الأول و المشهور بينهم لا سيما المتأخرين استحبابها عليه قبل ست سنين و ظاهر المفيد نفي الاستحباب و هو الظاهر من الكليني و الصدوق في الكافي و الفقيه و كلام المبسوط مشعر به و يظهر من الشيخ في كتابي الأخبار نوع تردد فيه و ظاهر كثير من الأخبار أن الصلاة قبل ست سنين بدعة و ما وقع منهم ع عليهم كان للتقية و سيأتي بعضها. قوله ع فإذا حضرت ظاهره أنه إذا كان لا يعقل الصلاة لا يصلى عليه لكن يدعو بهذا الدعاء و يمكن حمله على ما بعد الست فالمراد القول في الصلاة كما فهمه الأصحاب. و الذخر بالضم ما ادخرته ليوم حاجتك و قال الجوهري الفرط بالتحريك الذي يتقدم الواردين فيهيئ لهم الأرسان و الدلاء و يملأ الحياض و يستقي لهم انتهى و إنما أطلق عليه الفرط لأن بذهابه يحصل الأجر فكأنه هيأ لهم الرحمة أو لأنه يشفع لهم عند ورودهم القيامة قال في النهاية اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا يتقدمنا انتهى. و المستضعف فسره ابن إدريس بمن لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب و لا يبغض أهل الحق على اعتقادهم و في الذكرى بأنه الذي لا يعرف الحق و لا يعاند فيه و لا يوالي أحدا بعينه و حكي عن المفيد في العزية أنه عرفه بأنه الذي يعرف بالولاء و يتوقف عن البراءة و يظهر من بعض الأخبار أن المراد بهم ضعفاء العقول و أشباه الصبيان ممن لهم حيرة في الدين و ليست لهم قوة التميز و لا يعاندون أهل الحق. ثم اعلم أن الظاهر من هذا الخبر و غيره قراءة الآية في كل تكبيرة و خصها الأصحاب بالرابعة قوله ع ولها ما تولت و في بعض الأخبار من
تولت أي اجعل ولي أمر هذه النفس من كانت تتولاه في الدنيا و اتخذته وليها و إمامها أو أحبته من الأئمة الأبرار إن كان مؤمنا و أعداءهم إن كان مخالفا قال في النهاية لنولينك ما توليت أي نكل إليك ما قلت و نرد إليك ما وليته نفسك و رضيت لها به انتهى و على رواية ما يمكن أن يكون استعملت موضع من و كثيرا ما تقع كقوله تعالى وَ السَّماءِ وَ ما بَناها أو المراد به العقائد و المذاهب فيرجع إلى الأول و أما الأعمال فلا يناسب مقام الدعاء و الشفاعة. و احشرها أي اجمعها كما هو معنى الحشر في الأصل أو ابعثها في القيامة معهم ليصيروا سببا لنجاته من أهوالها. ثم اعلم أنه على ما يظهر من المنتهى لا خلاف في جواز إيقاع الصلاة الواحدة على ما زاد على الواحدة من الجنائز و يجوز التفريق أيضا و قال لو اجتمعت جنازة الرجل و المرأة جعل الرجل مما يلي الإمام و المرأة مما يلي القبلة قاله علماؤنا ثم قال هذه الكيفية و الترتيب ليس واجبا بلا خلاف. قال الشهيد في الذكرى و التفريق أفضل و لو كان على كل طائفة لما فيه من تكرار ذكر الله و تخصيص الدعاء الذي هو أبلغ من التعميم إلا أن يخاف حدوث أمر على الميت فالصلاة الواحدة أولى فيستحب إذا اجتمع الرجل و المرأة محاذاة صدرها لوسطه ليقف الإمام موقف الفضيلة و أن يلي الرجل الإمام ثم الصبي لست ثم العبد ثم الخنثى ثم المرأة ثم الطفل لدون ست ثم الطفلة و جعل ابن الجنيد الخصي بين الرجل و الخنثى و نقل في الخلاف الإجماع على تقديم الصبي الذي تجب عليه الصلاة إلى الإمام ثم المرأة ثم قال و أطلق الصدوقان تقديم الصبي إلى الإمام و في النهاية أطلق تقدم الصبي إلى القبلة على المرأة انتهى. و استشكل جماعة من الأصحاب الاجتزاء بالصلاة الواحدة على الصبي الذي لم تجب الصلاة عليه مع غيره ممن تجب عليه لاختلاف الوجه و صرح في التذكرة بعدم جواز جمع الجميع بنية واحدة متحدة الوجه ثم قال و لو قيل بإجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط أمكن. أقول ما ذكره أخيرا موجه على القول بلزوم نية الوجه و هو غير ثابت و قال الشهيد في الذكرى لو اجتمع الرجال صفوا مدرجا يجعل رأس الثاني إلى ألية الأول و هكذا ثم يقوم الإمام في الوسط و لو كان معهم نساء جعل رأس المرأة الأولى إلى ألية الرجل الأخير ثم الثانية إلى ألية الأولى و هكذا ثم يقوم وسط الرجال و يصلي عليهم صلاة واحدة و روى ذلك كله عمار عن الصادق ع. أقول رواية عمار في الكافي أيضا هكذا و في التهذيب و المنتهى ثم يجعل رأس المرأة الأخرى إلى رأس المرأة الأولى و ما في الكافي أضبط و أقوى لكن رواية عمار لا تصلح لمعارضة سائر الأخبار و كان الأصحاب فرقوا بين ما إذا كان الميت من كل صنف واحدا أو متعددا فعملوا في الثاني برواية عمار و في الأول بالروايات المطلقة بأن يجعل صدر المرأة مثلا محاذيا لوسط الرجل و يقف الإمام محاذيا لوسط الرجل. ثم إن الأصحاب في الصورة الأولى التي يقف الإمام فيها في وسط الصف المدرج لم يتعرضوا لأنه يقف قريبا من الجنازة التي أمامه فيقع بعض الجنائز الكائنة عن يمينه خلفه أو يقف بحيث تكون جميع الجنائز أمامه و إن بعد كثيرا عن الجنازة التي تحاذيه و الخبر أيضا في ذلك مجمل و على تقدير العمل بالخبر القول بالتخيير لا يخلو من قوة. قوله و كانت الجنازة مقلوبة أي كان رأس الميت في يسار المصلي و رجلاه في يمينه كما رواه
الكليني في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله ع قال سئل عن ميت صلى عليه فلما سلم الإمام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه قال يسوى و تعاد الصلاة عليه و إن كان قد حمل ما لم يدفن فإن كان قد دفن فقد مضت الصلاة لا يصلى عليه و هو مدفون
و عليه عمل الأصحاب قال في المعتبر قال الأصحاب يجب أن يكون رأس الجنازة إلى يمين الإمام و هو السنة المتبعة قالوا و لو تبين أنها مقلوبة أعيدت الصلاة ما لم يدفن و احتجوا في ذلك برواية عمار و ما تضمنه الخبر من التسليم محمول على التقية كما عرفت. قوله فكبر عليها تمام الخمس عليه فتوى الأصحاب و قال الأكثر إن أمكن الدعاء يأتي بأقل المجزي و إلا يكبر ولاء من غير دعاء و ظاهر الروايات الواردة في ذلك أنه يكبر ولاء من غير تفصيل و مال إليه بعض المتأخرين و لا يخلو من قوة و إن أمكن حملها على الغالب من عدم التمكن و هذه الرواية مجملة و ما سيأتي من خبر علي بن جعفر يومي إلى الإتيان بما أمكن من الدعاء. قوله فصل عليهما ظاهره القطع و الاستئناف كما هو ظاهر الفقيه حيث قال و من كبر على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين فوضعت جنازة أخرى معها فإن شاء كبر الآن عليهما خمس تكبيرات و إن شاء فرغ من الأولى و استأنف الصلاة على الثانية
و روى الكليني و الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو ثنتين و وضعت معها أخرى كيف يصنعون قال إن شاءوا تركوا الأولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة و إن شاءوا رفعوا الأولى و أتموا ما بقي على الأخيرة كل ذلك لا بأس به
و قال الشهيد ره في الذكرى لو حضرت جنازة في أثناء الصلاة على الأولى قال الصدوقان و الشيخ يتخير في الإتمام على الأولى ثم يستأنف أخرى على الثانية و في إبطال الأولى و استئناف الصلاة عليهما لأن في كل من الطريقين تحصل الصلاة و لرواية علي بن جعفر و هي قاصرة عن إفادة المدعى إذ ظاهرها أن ما بقي من تكبيرة الأولى محسوب للجنازتين فإذا فرغ من تكبيرة الأولى تخيروا بين تركها بحالها حتى يكملوا التكبير على الأخيرة و بين رفعها من مكانها و الإتمام على الأخيرة و ليس في هذا دلالة على إبطال الصلاة على الأولى بوجه هذا مع تحريم قطع العبادة الواجبة. نعم لو خيف على الجنائز قطعت الصلاة ثم استونف عليهما لأنه قطع لضرورة إلا أن مضمون الرواية يشكل بعدم تناول النية أولا للثانية فكيف يصرف باقي التكبير إليها مع توقف العمل على النية فأجاب بإمكان حمله على إحداث نية من الآن لتشريك باقي التكبيرات على الجنازتين. ثم قال قال ابن الجنيد يجوز للإمام جمعهما إلى أن يتم على الثانية خمسا فإن شاء أومأ إلى أهل الأولى ليأخذوها و يتم على الثانية خمسا و هو أشد طباقا للرواية و قد تأول رواية جابر عن الباقر ع أن رسول الله ص كبر عشرا أو سبعا و ستا بالحمل على حضور جنازة ثانية و هكذا انتهى. أقول ما ذكره ره هو الظاهر من الخبر و يحتمل أن يكون المراد إتمام الصلاة على الأولى و استئناف الصلاة على الأخيرة مع التخيير في رفع الجنازة الأولى حال الصلاة على الأخيرة و وضعها بأن يكون المراد بقوله ع و أتموا إيقاع الصلاة تماما و قوله ما بقي أي الصلاة الباقية لا التكبيرات الباقية كما ذكره بعض المتأخرين و لا يخفى بعده و أما ما فهمه القوم فلعلهم حملوا قوله تركوا الأولى على ترك الصلاة الأولى و قطعها و قوله حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة أي على الأولى و الأخيرة معا و إن شاءوا رفعوا أي بعد إتمام الصلاة عليها و أتموا ما بقي أي الصلاة الباقية و لا يخفى ما فيه من التكلفات لكنه موافق لفهم الصدوق و لعله أخذ من الفقه الرضوي. قوله و لا بأس أن يصلي أجمع علماؤنا على عدم اشتراط هذه الصلاة بالطهارة و أجمعوا على استحبابها و قد نقل الإجماع عليهما في التذكرة و المنتهى. ثم اختلفوا في أن إطلاق الصلاة على هذه حقيقة أو مجاز و يتفرع عليه إجراء الأحكام و الشرائط الواردة في الصلاة مطلقا فيها و ظاهر الخبر عدم الحقيقة و إن احتمل أن يكون المراد ليس بالصلاة المعهودة المشتملة على الركوع و السجود المشروطة بالطهارة و لا خلاف بينهم ظاهرا في وجوب الاستقبال و القيام مع القدرة اتباعا للهيئة المنقولة و في وجوب الستر مع الإمكان قولان و جزم العلامة بعدمه. و كذا اختلفوا في أنه هل يعتبر فيها الطهارة من الخبث فذهب أكثر المتأخرين إلى العدم تمسكا بمقتضى الأصل و إطلاق الإذن في صلاة الحائض مع عدم انفكاكها من النجاسة غالبا و لا يخلو من قوة و كذا في ترك ما يجب تركه في اليومية قال في الذكرى و الأحوط ترك ما يترك في ذات الركوع و الإبطال بما يبطل خلا ما يتعلق بالحدث و الخبث انتهى. أقول يمكن أن يفرع على الخلاف المذكور اشتراط العدالة في إمام تلك الصلاة و يؤيد العدم عدم فوت فعل من الأفعال عن المأموم بسبب الايتمام. و أما وقوف الحائض ناحية فرواه
الكليني في الموثق عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ع قال قلت تصلي الحائض على الجنازة قال نعم و لا تصف معهم تقوم منفردة
و رواه في الحسن أيضا و ليس فيه تقوم منفردة و يحتمل أن يكون المراد تأخرها عن صف الرجال فلا اختصاص له بالحائض بل هذا حكم مطلق النساء و يؤيده لفظ الرجال هنا و تذكير ضمير معهم في الخبرين و أن يكون المراد عمن لم يتصف بصفتها من النساء أيضا كما فهمه القوم و يكون التذكير للتغليب و يشعر به قوله ع تقوم منفردة. قال في التذكرة و إذا صلوا جماعة ينبغي أن يتقدم الإمام و المؤتمون خلفه صفوفا و إن كان فيهم نساء وقفن آخر الصفوف و إن كان فيهم حائض انفردت بارزة عنهم و عنهن و نحوه قال في المنتهى و قال في الذكرى و في انفراد الحائض هنا نظر من خبر محمد بن مسلم فإن الضمير يدل على الرجال و إطلاق الانفراد يشمل النساء و به قطع في المبسوط و تبعه ابن إدريس و المحقق انتهى. أقول الاستدلال بتلك الأخبار على تأخرها عن النساء لا يخلو من إشكال و أما استحباب التيمم للحائض و الجنب و المحدث و إن أمكن الغسل و الوضوء فهو مقطوع به في كلام الأصحاب بل ظاهر العلامة أنه إجماعي لكن الشيخ في التهذيب قيده بما إذا خاف أن تفوته الصلاة و أما الوضوء للجنب و الحائض فلم أره في سائر الأخبار و لا كلام الأصحاب و قوله عمدا لعل المراد به أن يتوضأ بقصد الوجوب إذ لا خلاف في استحبابه. قوله و أفضل المواضع هذا مؤيد لما فهمه الصدوق من الخبر الآتي و يمكن حمله على صفوف الجنائز أو للنساء. قوله بنعل حذو أقول
روى الكليني عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي عبد الله ع قال لا يصلى على الجنازة بحذاء و لا بأس بالخف
و قال الشهيد في الذكرى يستحب نزع الحذاء لا الخف لخبر سيف بن عميرة قال في المقنع روي أنه لا يجوز للرجل أن يصلي على جنازة بنعل حذو و كان محمد بن الحسن يقول كيف تجوز صلاة الفريضة و لا تجوز صلاة الجنازة و كان يقول لا نعرف النهي من ذلك إلا من رواية محمد بن موسى الهمداني و كان كذابا قال الصدوق و صدق في ذلك إلا أني لا أعرف عن غيره رخصة و أعرف النهي و إن كان من غير ثقة و لا يرد الخبر بغير خبر معارض. قلت قد روى الكليني من غير طريق الهمداني إلا أن يفرق بين الحذاء و نعل الحذو. و احتج في المعتبر على استحباب الحفاء و هو عبارة
ابن البراج بما روي عن بعض الصحابة أن النبي ص قال من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار
و لأنه موضع اتعاظ يناسب التذلل بالحفاء قلت استحباب الحفاء يعطي استحباب نزع الخف و الشيخ و ابن الجنيد و يحيى بن سعيد استثنوه و الخبر ناطق به و في التذكرة اختار عدم نزع الخف و احتج بحجة المعتبر و هو تمام لو ذكر الدليل المخرج للخف عن مدلول الحديث انتهى و الظاهر أنه يثبت استحباب ترك الحذاء بهذا الخبر لمساهلتهم في مستند المستحبات و استدلالهم عليها بالأخبار الضعيفة بل العامية و الظاهر أن الحكم موضع وفاق أيضا بينهم و يحتمل أن يكون مرادهم بنعل الحذو و الحذاء غير النعال العربية بل النعال العجمية و الهندية الساترة لظهر القدم أو أكثره بغير ساق و حينئذ فإن قيل بكون هذه الصلاة صلاة حقيقة و يشملها عموم ما ورد من الأحكام في مطلق الصلاة كما ذهب إليه جماعة يكون القول بالمنع من الصلاة فيها جاريا هاهنا إن قال المانعون بتلك المقدمة لكن الظاهر من كلام أكثرهم و بعض اللغويين أن الحذاء شامل لجميع النعال سوى الخف قال في النهاية الحذاء بالمد النعل و قال المحقق و غيره و ينزع نعليه و قال في المنتهى و يستحب التحفي و استدل بهذا الخبر و ما يفهم من كلام بعضهم من عدم استثناء الخف غير جيد لمخالفة الخبر الذي هو مستند الحكم قوله ع و لا تجعل ميتين على جنازة قال في الذكرى قال الشيخ و جماعة من الأصحاب يكره حمل ميتين على سرير رجلين كانا أو امرأتين أو رجلا و امرأة حتى قال في النهاية لا يجوز و هو بدعة و كذا ابن إدريس هذا مع الاختيار و ممن صرح بالكراهية ابن حمزة و قال الجعفي لا يحمل ميتان على نعش واحد و الذي
في مكاتبة الصفار إلى أبي محمد العسكري ع و سأله عن جواز حمل ميتين على سرير واحد و الصلاة عليهما و إن كان الميتان رجلا و امرأة مع الحاجة أو كثرة الناس لا يحمل الرجل مع المرأة على سرير واحد
و هو أخص من الدعوى و ظاهره عدم الجواز مع الحاجة انتهى. و ما في الفقه مع تأيده بالشهرة و استمرار العمل في الأعصار ربما يصلح دليلا على الكراهة و أما إثبات الحرمة ففيه إشكال. نعم الظاهر من الخبر جواز الصلاة على الميت بعد الدفن لمن لم يصل عليه و إن صلى عليه غيره و اختلف الأصحاب فيه فذهب الأكثر و منهم الشيخان و ابن البراج و ابن إدريس و ابن حمزة و المحقق في الشرائع و العلامة في الإرشاد إلى جواز الصلاة على القبر يوما و ليلة لمن فاتته الصلاة عليه قبل الدفن و إطلاق كلامهم يقتضي جواز الصلاة عليه كذلك و إن كان الميت قد صلي عليه قبل الدفن و قال سلار يصلى عليه إلى ثلاثة أيام و يظهر من كلام الشيخ في الخلاف أن به رواية. و قال ابن الجنيد يصلى عليه ما لم يتغير صورته و لم أطلع على مستند لشيء من هذه التقديرات و اعترف الفاضلان بعدم الاطلاع عليه و قال الصدوق من لم يدرك الصلاة على الميت صلى على القبر و لم يقيد لها وقتا و قربه الشهيد في البيان و أوجب في المختلف الصلاة على من دفن بغير صلاة و منع من الصلاة على غيره و حكم في المعتبر بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقا قال و لا أمنع الجواز و قواه في المنتهى. و المسألة قوية الإشكال لتعارض الأخبار و وجود الاختلاف بين المخالفين أيضا و إن كان القول بالجواز أشهر عندهم رواية و فتوى و الأحوط فيمن صلى عليه ترك الصلاة و الاكتفاء بالدعاء و فيمن لم يصل عليه الصلاة مطلقا. و أما وقوف المأموم خلف الإمام و إن كان واحدا فقد ورد في الأخبار و عمل به الأصحاب و الأولى عدم المخالفة و إن كان ظاهر الأكثر الاستحباب إذ ظاهر الأخبار الوجوب. قوله ع تقول في التكبيرة الأولى هذه الكيفية مروية في الكافي بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عن الصادق ع بأدنى تغيير. قوله ع إِنَّا لِلَّهِ هذه كلمة أثنى الله سبحانه على قائلها عند المصائب لدلالتها على الرضا بقضائه و التسليم لأمره فمعنى إِنَّا لِلَّهِ الإقرار له بالعبودية أي نحن عبيد الله و مماليكه فله التصرف فينا بالحياة و الموت و الصحة و المرض و المالك على الإطلاق أعلم بصلاح مملوكه و اعتراض المملوك عليه من جرأته و ضعف عقله وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إقرار بالبعث و النشور و تسلية للنفس بأن الله تعالى عند رجوعنا إليه يثيبنا على ما يصيبنا من المكاره و الآلام أجزل الثواب كما وعدنا و ينتقم لنا ممن ظلمنا. و فيه تسلية من جهة أخرى و هي أنه إذا كان رجوعنا إلى الله جميعا و إلى ثوابه فينبغي أن لا نبالي بافتراقنا بالموت و لا ضرر على الميت أيضا فإنه انتقل من دار إلى دار أحسن من الأولى و رجع إلى رب كريم هو رب الآخرة و الأولى. و يدل على ما ذكرنا ما روي عن أمير المؤمنين ع أنه قال إِنَّا لِلَّهِ إقرار على أنفسنا بالملك وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إقرار على أنفسنا بالهلك. قوله و ثبته في الكافي بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة و هو إشارة إلى قوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ
قال البيضاوي بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ أي الذي ثبت بالحجة عندهم و تمكن في قلوبهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فلا يزالون إذا افتتنوا في دينهم كزكريا و يحيى و جرجيس و شمعون و الذين فتنهم أصحاب الأخدود وَ فِي الْآخِرَةِ فلا يتلعثمون إذا سئلوا من معتقدهم في الموقف و لا يدهشهم أهوال القيامة انتهى. أقول يشكل ما ورد في هذا الدعاء بأن حياته الدنيوية قد انقضت فما معنى الثبات له في الحيوة الدنيا و يمكن أن يوجه بوجهين. الأول أن يكون الظرف متعلقا بالثابت أي القول الثابت الذي لا يتبدل بتبدل النشأتين فإن العقائد الباطلة التابعة للأغراض الدنيوية و الشهوات الدنية تتبدل و تتغير في النشأة الآخرة لزوال دواعيها و في الآية أيضا يحتمل ذلك و إن لم يذكره المفسرون. الثاني أن يكون المراد بالحياة الدنيا ما يقع قبل القيامة فيكون حياة القبر للسؤال داخلا في الحياة الدنيا على أنه يحتمل أن يكون ذكره على سبيل التبعية استطرادا لذكره في الآية و لعل ثاني الوجهين أظهر. قوله اللهم اسلك بنا أي اجعلنا سالكين سبيلا يهدينا إلى ما يوجب لنا درجات الجنان و اسلك به سبيلا يهديه و يوصله إلى الجنة في المحشر فسلوك سبيل الهدى في الدنيا موجب لسلوك سبيل الهدى في الآخرة كما روي في تأويل قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ الآية رواه عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق ع و يحتمل أن يكون المراد بسبيل الهدى سبيل أهل الهدى بأن يقدر مضاف فبالنسبة إلينا يشمل النشأتين و بالنسبة إليه يختص بالآخرة و كذا الكلام في الفقرة الثانية أي اهدنا إلى الصراط المستقيم في العقائد و الأعمال و اهده إلى صراط الآخرة الموصل إلى الجنة و يحتمل في الفقرتين أن يكون المراد سبيل الهدى و الصراط المستقيم في الآخرة بالنسبة إلينا و إليه معا فإن طلب هدايتنا في الآخرة إلى ذلك السبيل و الصراط يستلزم طلب ما يوصل إليهما و يوجبهما في الدنيا. قوله عفوك عفوك بالنصب أي أطلبه و قد يرفع بتقدير الخبر و أما ترك الكاظم ع الصلاة على الميت حين اصفرار الشمس فلعله نوع تقية منه بقرينة ما ذكر بعده. قوله ع و افسح له في القاموس فسح له كمنع وسع و في النهاية و منه حديث علي ع اللهم افسح له مفسحا في عدلك أي أوسع له سعة في دار عدلك انتهى و المراد به إما رفع الضغطة أو كون روحه في عالم البرزخ في فسحة و نعمة و كرامة و جنات عالية. قوله إن كان زاكيا فزكه قال في النهاية أصل الزكاة في اللغة الطهارة و النماء و البركة و المدح و كل ذلك قد استعمل في القرآن و الحديث ثم قال زكى الرجل نفسه إذا وصفها و أثنى عليها انتهى و قال في الغريبين يزكون أنفسهم يزعمون أنهم أزكياء و نفسا زكية طاهرة لم تجن ما يوجب قتلها و ما زكى ما طهر و أوصاني بالصلاة و الزكاة أي الطهارة و ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ أي أنمى و أعظم بركة و أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها قربها إلى الله وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى أن لا يسلم فيتطهر من الشرك انتهى. فالمعنى أنه إن كان طاهرا من الشرك و الذنب أو ناميا في الكمالات و السعادات فزكه أي أثن عليه كناية عن قبول أعماله أو قربه إليك أو طهره زائدا على ما اتصف به أو زد و بارك عليه في ثوابه و اجعل عمله ناميا مضاعفا في الأجر و الثواب.
قوله لا تحرمنا أجره أي أجر ما أصابنا من مصيبة و لا تفتنا بعده في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة كالمفتون و منه بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ و إعجابك بالشيء فتنة يفتنه فتنا و فتونا و أفتنه و الضلال و الإثم و الكفر و الفضيحة و العذاب و إذابة الذهب و الفضة و الإضلال و الجنون و المحنة و المال و الأولاد و اختلاف الناس في الآراء انتهى أي لا تجعلنا مفتونين بالدنيا بعد ما رأينا من مصيبته بل نبهنا بما أصابنا و اجعلنا زاهدين في الدنيا تاركين لشهواتنا لتذكر الموت و أهواله و لا تمتحنا بعده بشدة مصيبته فنجزع فيها و نستحق بذاك سخطك بل هب لنا صبرا عليها و لعل الأول أظهر و يحتمل معاني أخرى تظهر مما نقلنا من معاني الفتنة لا نطيل الكلام بذكرها. قوله ع اللهم اكتبه عندك في عليين مأخوذ من قوله تعالى كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ قال في النهاية فيه أن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين عليون اسم للسماء السابعة و قيل اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد و قيل أراد أعلى الأمكنة و أشرف المراتب و أقربها إلى الله تعالى في الدار الآخرة انتهى. أقول لعل المراد به هنا اكتب و قدر عندك أنه من أهل عليين أو اكتب اسمه في عليين فإنه ديوان يكتب فيه أسماء الأبرار و المقربين و أعمالهم. قوله ع و اخلف على أهله و في أكثر الروايات على عقبه من الغابرين اخلف بضم اللام و كسرها كما ذكره الجوهري و في النهاية يقال خلف الله لك بخير و أخلف عليك خيرا أي أبدلك بما ذهب منك و عوضك عنه و قيل إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال و الولد قيل أخلف الله لك و عليك و إذا ذهب له ما لا يخلفه غالبا كالأب و الأم قيل خلف الله عليك و قيل يقال خلف الله عليك إذا مات لك ميت أي كان الله خليفته عليك و أخلف الله عليك
أي أبدلك و منه حديث أبي الدرداء في الدعاء للميت اخلف في عقبه أي كن لهم بعده و قال في غبر قال الأزهري يحتمل الغابر الماضي و الباقي فإنه من الأضداد قال و المعروف الكثير أن الغابر الباقي و قال غير واحد من الأئمة إنه يكون بمعنى الماضي انتهى و في القاموس العقب الولد و ولد الولد كالعقب ككنف. أقول يحتمل أن يكون قوله في الغابرين بدلا من قوله على أهله أو على عقبه أي كن خليفته من الباقين من عقبه فاحفظ أمورهم و هيئ لهم مصالحهم و لا تكلهم إلى غيرك و أن يكون حالا من قوله عقبه أي كن خليفته عليهم كائنين في الباقين من الناس و أن يكون صفة للمصدر المحذوف أي اخلف عليهم خلافة كائنة في أمر الباقين من الناس بأن تميل قلوب الناس إليهم و تجعلهم مكرمين عندهم يراعونهم و ينفعونهم و على الاحتمال الثاني يمكن أن يكون المراد هذا كما لا يخفى. و يحتمل أن يكون حالا عن الفاعل في اخلف أي كن أنت الخليفة على عقبه بين سائر من بقي بعده و أن يكون حالا عن الضمير المجرور و يكون الغابر بمعنى الماضي أي حال كونه في جملة الماضين من الموتى فيكون التقييد به لنوع من الاستعطاف. و قال شيخنا البهائي قدس الله روحه لعل في للسببية و المراد الدعاء بجعل الباقين من أقارب عقبه عوضا لهم عن الميت انتهى و لعل بعض ما خطر بالبال من الاحتمالات السالفة أظهر مما ذكره قدس سره. قوله اللهم لا ترفعه أي بالرفعة المعنوية و قد مر معنى التزكية و يدل الخبر على الفرق بين المستضعف و بين من لا يعرف حاله في الدعاء و الظاهر أن المراد به من لا يعرف مذهبه و من كان في بلاد الشيعة و مات و لا يعرف مذهبه فهل يحكم بإيمانه بناء على الغالب أو هو داخل في هذا القسم فيه إشكال و لعل الأول أظهر
-24 دعائم الإسلام، روينا عن جعفر بن محمد ع أنه ذكر وفاة رسول الله ص قال لما غسله علي ع و كفنه أتاه العباس فقال يا علي إن الناس قد اجتمعوا ليصلوا على رسول الله ص و رأوا أن يدفن في البقيع و أن يؤمهم في الصلاة عليه رجل منهم فخرج علي ع فقال أيها الناس إن رسول الله ص كان إمامنا حيا و ميتا و إنه لم يقبض نبي إلا دفن في البقعة التي مات فيها قالوا اصنع ما رأيت فقام علي ع على باب البيت و صلى على رسول الله و قدم الناس عشرة عشرة يصلون عليه و ينصرفون
و عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال لا بأس بالصلاة على الجنازة حين تطلع الشمس و حين تغرب و في كل حين إنما هو استغفار
و عن علي ع أنه دعي إلى الصلاة على جنازة فقال إنا لفاعلون و إنما يصلي عليه عمله
و عنه ع أنه قال إذا صلى على المؤمن أربعون رجلا من المؤمنين و اجتهدوا في الدعاء له استجيب لهم
و عنه ع أنه قال إذا حضر السلطان الجنازة فهو أحق بالصلاة عليها من وليها
و عنه ع أنه قال إذا استهل الطفل صلي عليه
و عنه ع أن رسول الله ص صلى على امرأة ماتت في نفاسها من الزنى و على ولدها و أمر بالصلاة على البر و الفاجر من المسلمين
و عنه ع أنه قال إذا اجتمعت الجنائز صلى عليها معا صلاة واحدة و يجعل الرجال مما يليه و النساء مما يلي القبلة
و عنه ع أن رسول الله ص كان إذا وقف على جنازة الرجل للصلاة عليه قام بحذاء صدره فإذا كانت امرأة قام بحذاء رأسها
و عنه ع أنه سئل عن الرجل يحضر الجنازة و هو على غير وضوء و لا يجد الماء قال يتيمم و يصلي عليها إذا خاف أن تفوته
و عنه ع أنه كان يرفع يديه بالتكبيرة على الجنائز و يكبر عليها خمسا
و عنه ص أنه سئل عن التكبير على الجنائز فقال خمس تكبيرات أخذ ذلك من الصلاة الخمس من كل صلاة تكبيرة
و عنه ع أنه قال من سبق ببعض التكبيرات في صلاة الجنازة فليكبر و ليدخل معهم و يجعل ذلك أول صلاته فإذا انصرفوا لم ينصرف حتى يتم ما بقي عليه ثم ينصرف
و روينا عن أهل البيت صلوات الله عليهم في القول و الدعاء في صلاة الجنائز وجوها يكثر عددها فدل ذلك على أن ليس فيه شيء موقت
و عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال إن كنت لا تعلم من الميت فقل اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به فوله ما تولى و احشره مع من أحب
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال و يقال في الصلاة على المستضعف رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
و روينا عن أهل البيت ع أنهم قالوا في الصلاة على الناصب لأولياء الله المعادي لهم يدعى عليه و ذكروا في الدعاء عليه وجوها كثيرة دلت على أن ليس شيء منها موقت و لكن يجتهد في الدعاء عليه على مقدار ما يعلم من نصبه و عداوته
و عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه كان يقول في الصلاة على الطفل اللهم اجعله لنا سلفا و فرطا و أجرا
25- كتاب محمد بن المثنى، عن جعفر بن محمد بن شريح عن ذريح المحاربي قال ذكر أبو عبد الله ع سهل بن حنيف فقال كان من النقباء فقلت له من نقباء نبي الله الاثني عشر فقال نعم ثم قال ما سبقه أحد من قريش و لا من الناس بمنقبة و أثنى عليه و قال لما مات جزع أمير المؤمنين ع جزعا شديدا و صلى عليه خمس صلوات
26- كتاب سليم بن قيس، قال قال أمير المؤمنين ع في مثالب عمر هو صاحب عبد الله بن أبي بن سلول حين تقدم رسول الله ص ليصلي عليه أخذ بثوبه من ورائه و قال لقد نهاك الله أن تصلي عليه و لا يحل لك أن تصلي عليه فقال له رسول الله ص إنما صليت عليه كرامة لابنه و إني لأرجو أن يسلم به سبعون رجلا من بني أبيه و أهل بيته و ما يدريك ما قلت إنما دعوت الله عليه
27- الخصال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله ع قال إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا قال الله تبارك و تعالى إني قد أجزت شهادتكم و غفرت له ما علمت مما لا تعلمون
-28 مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن المفيد عن ابن قولويه عن محمد الحميري عن أبيه عن أحمد البرقي عن شريف بن سابق عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا و أول تحفة المؤمن أن يغفر الله له و لمن تبع جنازته
29- العيون، و العلل، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان فيما رواه من العلل عن الرضا ع قال إنما أمروا بالصلاة على الميت ليشفعوا له و يدعوا له بالمغفرة لأنه لم يكن في وقت من الأوقات أحوج إلى الشفاعة فيه و الطلبة و الاستغفار من تلك الساعة و إنما جعلت خمس تكبيرات دون أن تصير أربعا أو ستا لأن الخمس تكبيرات إنما أخذت من الخمس صلوات في اليوم و الليلة و ذلك أنه ليس في الصلاة تكبيرة مفروضة إلا تكبيرة الافتتاح فجمعت التكبيرات المفروضات في اليوم و الليلة فجعلت صلاة على الميت فإن قال فلم جوزتم الصلاة على الميت بغير وضوء قيل لأنه ليس فيها ركوع و لا سجود إنما هي دعاء و مسألة و قد يجوز أن تدعو الله عز و جل و تسأله على أي حال كنت و إنما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع و سجود فإن قال فلم لم يكن فيها ركوع و لا سجود قيل لأنه لم يكن يريد بهذه الصلاة التذلل و الخضوع إنما أريد بها الشفاعة لهذا العبد الذي قد تخلى عما خلف و احتاج إلى ما قدم فإن قال فلم جوزتم الصلاة عليه قبل المغرب و بعد الفجر قيل إن هذه الصلاة إنما تجب في وقت الحضور و العلة و ليست هي موقتة كسائر الصلوات و إنما هي صلاة تجب في وقت حدوث الحدث ليس للإنسان فيه اختيار و إنما هو حق يؤدى و جائز أن تؤدى الحقوق في أي وقت كان إذا لم يكن الحق موقتا
30- الخصال، عن أحمد بن محمد بن الهيثم و أحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني و الحسين بن إبراهيم المكتب و عبد الله بن محمد الصائغ و علي بن عبد الله الوراق جميعا عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن جعفر بن محمد ع في حديث شرائع الدين قال و الصلاة على الميت خمس تكبيرات فمن نقص منها فقد خالف السنة
31- كشف الغمة، نقلا من كتاب أخبار فاطمة لابن بابويه عن علي ع أنه صلى على فاطمة ع و كبر خمسا و دفنها ليلا
و عن محمد بن علي ع مثله و أن فاطمة ع دفنت ليلا
32- المقنعة، قال روي عن الصادقين ع أنهم قالوا كان رسول الله ص يصلي على المؤمنين و يكبر عليهم خمسا و يصلي على أهل النفاق سوى من ورد النهي عن الصلاة عليهم فيكبر أربعا فرقا بينهم و بين أهل الإيمان و كانت الصحابة إذا رأته قد صلى على ميت و كبر عليه أربعا قطعوا عليه بالنفاق
و عن أمير المؤمنين ع أنه صلى على سهل بن حنيف و كبر خمسا ثم التفت إلى أصحابه فقال إنه من أهل بدر
33- رجال الكشي، عن محمد بن مسعود عن أحمد بن عبد الله العلوي عن علي بن الحسن الحسيني عن الحسن بن زيد أنه قال كبر علي بن أبي طالب ع على سهل بن حنيف سبع تكبيرات و كان بدريا و قال لو كبرت عليه سبعين لكان أهلا
و منه عن محمد بن مسعود عن محمد بن نصير عن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال كبر علي ع على سهل بن حنيف و كان بدريا خمس تكبيرات ثم مشى به ساعة ثم وضعه ثم كبر عليه خمس تكبيرات أخر يصنع به ذلك حتى بلغ خمسا و عشرين تكبيرة
34- إكمال الدين، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق عن أحمد بن محمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع في حديث طويل إن آدم لما مات فبلغ إلى الصلاة عليه تقدم هبة الله فصلى على أبيه و جبرئيل خلفه و جنود الملائكة و كبر عليه ثلاثين تكبيرة فأمر جبرئيل فرفع خمسا و عشرين تكبيرة و السنة اليوم فينا خمس تكبيرات و قد كان يكبر على أهل بدر تسعا و سبعا
بيان لعل زيادة التكبير كانت للتشريك بأن حضر جنازة قبل الخامسة على الأولى فيكبر على الثانية خمسة و على الأولى تسعة لحضورها حتى تتم الصلاة على الثانية أو لفضل بعضهم كان يكبر عليه أكثر فيكون من خصائص تلك الواقعة كما هو ظاهر خبر الحسن بن زيد في الصلاة على سهل و إن كان مخالفا لسائر الأخبار الواردة في الصلاة عليه
35- كتاب الطرف، للسيد بن طاوس عن عيسى بن المستفاد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه ع قال كان فيما أوصى به رسول الله ص أن يدفن في بيته و يكفن بثلاثة أثواب أحدها يمان و لا يدخل قبره غير علي ع ثم قال يا علي كن أنت و فاطمة و الحسن و الحسين و كبروا خمسا و سبعين تكبيرة و كبر خمسا و انصرف و ذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة قال علي و من يأذن لي بها قال جبرئيل يؤذنك بها ثم رجال أهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ثم نساؤهم ثم الناس من بعد ذلك قال ففعلت
36- المحاسن، عن أبي سمينة عن محمد بن أسلم عن الحسين بن خالد قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر ع يقول لما قبض إبراهيم بن رسول الله ص جرت في موته ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما قبض انكسفت الشمس فقال الناس إنما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله فصعد رسول الله ص المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إن الشمس و القمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا انكسفا أو أحدهما صلوا ثم نزل من المنبر فصلى بالناس الكسوف فلما سلم قال يا علي قم فجهز ابني قال فقام علي ع فغسل إبراهيم و كفنه و حنطه و مضى فمضى رسول الله ص حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس إن رسول الله ص نسي أن يصلي على ابنه لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال إن جبرئيل أتاني و أخبرني بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ألا و إنه ليس كما ظننتم و لكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات و جعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة و أمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ثم قال يا علي انزل و ألحد ابني فنزل علي ع فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده إذ لم يفعل رسول الله ص بابنه فقال رسول الله ص أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم و لكن لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عن ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرف ص
بيان قوله ص آيتان أي علامتان من علامة وجوده و قدرته و علمه و حكمته لا ينكسفان لموت أحد أي لمحض الموت بل إذا كان بسبب سوء فعال الأمة و استحقوا العذاب و التخويف أمكن أن ينكسفا لذلك كما في شهادة الحسين ع فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة فاستحقوا بذلك التخويف و العذاب بخلاف وفاة إبراهيم ع فإنه لم يكن بفعلهم و لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضيق وقته و توسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله قال في القاموس جهاز الميت و العروس و المسافر بالكسر و الفتح ما يحتاجون إليه و قد جهزه تجهيزا. قوله زعمتم أي قلتم و يطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه قال في القاموس الزعم مثلثة القول الحق و الباطل و الكذب ضد و أكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى. قوله ص إلا على من صلى أي لزم تمرينه بالصلاة كما يظهر من بعض الأخبار و يدل على عدم مشروعية الصلاة على من لم يبلغ الست بانضمام روايات أخر. قوله ع فألحد ابني بفتح الحاء أو كسرها في القاموس لحد القبر كمنع و ألحده عمل له لحدا و الميت دفنه و يدل على شرعية اللحد و عمومه للأطفال أيضا و على عدم كراهة نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر و يدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد و عدم حرمته و على مطلوبيته حل عقد الكفن و على أن الجزع الشديد يحبط الأجر
37- كتاب التوحيد، عن محمد بن الحسن عن الصفار عن الفضل بن عامر عن موسى بن القاسم عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة بن أعين قال رأيت أبا جعفر ع صلى على ابن لجعفر صغير فكبر عليه ثم قال إن هذا و شبهه لا يصلى عليه و لو لا أن تقول الناس إن بني هاشم لا يصلون على الصغار ما صليت عليه الحديث
38- كتاب المسائل، بإسناده عن علي بن جعفر ع أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يدرك تكبيرة أو ثنتين على ميت كيف يصنع قال يتم ما بقي من تكبيره و يبادره دفعة و يخفف
39- المقنع، قال نهى رسول الله ص أن يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه
بيان ظاهره النهي عن السجدة على القبر أو أن يصلي الفريضة أو النافلة قائما على القبر لا عن الصلاة على الميت المدفون و إن احتمل ذلك
40- الخلاف للشيخ، عن عمار بن ياسر قال أخرجت جنازة أم كلثوم بنت علي و ابنها زيد بن عمر و في الجنازة الحسن و الحسين ع و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس و أبو هريرة فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الإمام و المرأة وراءه و قالوا هذا هو السنة
41- غيبة الشيخ، بإسناده عن محمد بن خالد عن محمد بن عباد عن موسى بن يحيى بن خالد أن أبا إبراهيم ع قال ليحيى يا أبا علي أنا ميت و إنما بقي من أجلي أسبوع فاكتم موتي و ائتني يوم الجمعة عند الزوال و صل علي أنت و أوليائي فرادى الحديث
بيان لعل الأمر بالصلاة فرادى لئلا يتوهم أن إمامهم وصي له فيتوهم فيه الإمامة و لقد أوقع الرضا ع الصلاة خفية جماعة أو فردا و يحتمل أن يكون في هذا الوقت إمامهم و هم لا يرونه
42- تحف العقول، عن الرضا ع في كتابه إلى المأمون قال و الصلاة على الجنازة خمس تكبيرات و ليس في صلاة الجنائز تسليم لأن التسليم في صلاة الركوع و السجود و ليس لصلاة الجنازة ركوع و لا سجود و يربع قبر الميت و لا يسنم
43- المحاسن، عن أبيه و محمد بن علي بن أسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن قوم كسرت بهم سفينتهم في البحر و خرجوا عراة ليس عليهم إلا مناديل مترددين بها فإذا هم برجل ميت عريان و ليس على القوم فضل ثوب يوارون به الرجل و كيف يصلون عليه و هو عريان فقال إذا كانوا كذلك فليحفروا قبره و ليضعوه في لحده و يواروا عورته بلبن أو حجارة أو تراب و يصلون عليه و يوارونه في قبره قلت و لا يصلى عليه و هو مدفون قال لا و لو جاز ذلك لجاز لرسول الله ص بل لا يصلى على المدفون و لا العريان
بيان روى مضمونه في الكافي بسند موثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله ع و يستفاد منه أحكام. الأول شرعية اللحد الثاني وجوب ستر عورة الميت عند الصلاة عليه و هذا مقطوع به في كلامهم الثالث تقديم الكفن على الصلاة و لا خلاف ظاهرا بين العلماء في ذلك و في دلالة الخبر عليه خفاء قال في المعتبر لا يصلى عليه إلا بعد تغسيله و تكفينه الرابع أنه لو لم يكن له كفن جعل في القبر و سترت عورته و صلي عليه بعد ذلك و هذا أيضا مقطوع به في كلامهم قال في الذكرى إن أمكن ستره بثوب صلي عليه قبل الوضع في اللحد و يمكن المناقشة في وجوب ذلك الخامس تقديم الصلاة على الدفن و لا خلاف في وجوبه أيضا السادس عدم جواز الصلاة بعد الدفن و قد مر الكلام فيه السابع عدم تحقق الدفن بمجرد الوضع في اللحد بل إما بستر جميع بدنه باللبن و غيره أو بطم القبر و لم يتعرض له الأصحاب و تظهر الفائدة في مواضع الثامن عدم استحباب الإيثار فيما يحتاج إليه المالك لأمر واجب و فيه كلام
-44 ثواب الأعمال، بإسناده عن أبي هريرة و ابن عباس عن النبي ص قال من شيع جنازة فله بكل خطوة حتى يرجع مائة ألف حسنة و يمحى عنه مائة ألف سيئة و يرفع له مائة ألف درجة فإن صلى عليها شيعه في جنازته مائة ألف ملك كلهم يستغفرون له فإن شهد دفنها وكل أولئك المائة ألف ملك به كلهم يستغفرون له حتى يبعث من قبره و من صلى على ميت صلى عليه جبرئيل و سبعون ألف ملك و غفر له ما تقدم من ذنبه و إن أقام عليه حتى يدفنه و حثا عليه التراب انقلب من الجنازة و له بكل قدم من حيث تبعها حتى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر و القيراط مثل جبل أحد يلقى في ميزانه من الأجر
45- المقنع، و روي إذا اجتمع ميتان أو ثلاثة موتى أو عشرة فصل عليهم جميعا صلاة واحدة تضع ميتا واحدا ثم تجعل الآخر إلى ألية الرجل الأول ثم تجعل الثالث إلى ألية الثاني شبه المدرج تجعلهم على هذا ما بلغوا من الموتى و قم في الوسط و كبر خمس تكبيرات تفعل كما تفعل إذا صليت على واحدة
46- كتاب الزهد، للحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر ع قال كان في بني إسرائيل عابد فأعجب به داود ع فأوحى الله تبارك و تعالى إليه لا يعجبك شيء من أمره فإنه مراء قال فمات الرجل فأتى داود فقيل له مات الرجل قال ادفنوا صاحبكم قال فأنكرت ذلك بنو إسرائيل و قالوا كيف لم يحضره قال فلما غسل قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا فلما صلوا عليه قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا قال فأوحى الله عز و جل إلى داود ع ما منعك أن تشهد فلانا قال الذي أطلعتني عليه من أمره قال إن كان لكذلك و لكن شهده قوم من الأحبار و الرهبان فشهدوا أنهم ما يعلمون إلا خيرا فأجزت شهادتهم عليه و غفرت له علمي فيه
47- مجالس المفيد، عن علي بن محمد القرشي عن علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن نضر عن أبيه عن أحمد بن عبد الله بن عبد الملك عن عبد الرحمن المسعودي عن عمرو بن حريث الأنصاري عن الحسين بن سلمة البناني عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ع قال لما فرغ أمير المؤمنين ع من تغسيل رسول الله ص و تكفينه و تحنيطه أذن للناس و قال ليدخل منكم عشرة عشرة ليصلوا عليه فدخلوا و قام أمير المؤمنين ع بينه و بينهم و قال إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً و كان الناس يقولون كما يقول قال أبو جعفر ع و هكذا كانت الصلاة عليه
توضيح الظاهر أن أمير المؤمنين ع كان صلى على النبي ص قبل ذلك و اكتفى في صلاة سائر الناس عليه بذلك إما لعدم تقدم أبي بكر للصلاة أو لغير ذلك.
و يؤيده ما رواه سليم بن قيس على ما وجدته في كتابه و رواه عنه الطبرسي في الاحتجاج أيضا عن سلمان الفارسي أنه قال أتيت عليا ع و هو يغسل رسول الله ص و قد كان أوصى أن لا يغسله غير علي ع و أخبر عنه أنه لا يريد أن يقلب منه عضوا إلا قلب له و قد قال أمير المؤمنين لرسول الله ص من يعينني على غسلك يا رسول الله قال جبرئيل ع فلما غسله و كفنه أدخلني و أدخل أبا ذر و المقداد و فاطمة و حسنا و حسينا ع فتقدم و صففنا خلفه فصلى عليه و عائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ جبرئيل ببصرها ثم أدخل عشرة من المهاجرين و عشرة من الأنصار فيصلون و يخرجون حتى لم يبق أحد من المهاجرين و الأنصار إلا صلى عليه و قد مر سائر الأخبار في ذلك في أبواب وفاته ص
48- دعوات الراوندي، صلى أمير المؤمنين ع على جنازة ثم قال إن كنت مغفورا فطوبى لنا نصلي على مغفور له و إن كنا مغفورين فطوبى لك يصلي عليك المغفورون
49- قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بسنديهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الصلاة على الجنازة إذا احمرت الشمس أ تصلح قال لا صلاة إلا وقت صلاة فإذا وجبت الشمس فصل المغرب ثم صل على الجنازة
بيان لا خلاف بين أصحابنا في جواز إيقاع صلاة الجنازة في جميع الأوقات ما لم تزاحم صلاة حاضرة و لا كراهة لها أيضا و إن كانت في الأوقات المكروهة قال في المعتبر يصلى على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة ما لم تتضيق فريضة حاضرة و به قال الشافعي و أحمد و قال الأوزاعي يكره في الأوقات الخمسة و قال أبو حنيفة و مالك لا يجوز عند طلوع الشمس و غروبها و قيامها و قال في التذكرة و يصلى على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة ذهب إليه علماؤنا أجمع انتهى فالرواية محمولة على التقية لأخبار كثيرة مر بعضها. و روى هذا الخبر في التهذيب هكذا قال لا صلاة في وقت صلاة و قال إذا وجبت و لعله سقط الاستثناء من الشيخ أو من النساخ و على تقديره فلعل المعنى أن الصلاة على الجنازة إنما تكره إذا كان وقت صلاة و عند احمرار الشمس لم يدخل وقت الصلاة بعد فلا بأس بالصلاة فيها و يكون قوله إذا وجبت الشمس بيانا لحكم آخر و يحتمل أن يكون المراد بوقت الصلاة قرب وقتها فيكون محمولا على التقية أيضا
-50 الهداية، الصلوات التي تصلى في الأوقات كلها إن فاتتك صلاة فصلها إذا ذكرت و صلاة الكسوف و الصلاة على الجنازة و ركعتي الإحرام و ركعتي الطواف
51- مجالس الصدوق، عن الحسين بن إبراهيم المكتب عن حمزة بن القاسم العلوي عن جعفر الفزاري عن محمد بن الحسين الزيات عن سليمان بن حفص المروزي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال سئل أمير المؤمنين ع عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله ص ليلا فقال ع إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها و حرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها
52- العلل، عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إبراهيم النوفلي عن إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عن النبي ص قال خير الصفوف في الصلاة المقدم و خير الصفوف في الجنائز المؤخر قيل يا رسول الله و لم قال صار سترة للنساء
توضيح و تنقيح أقول من رأيت من أصحابنا رضوان الله عليهم كلامهم حملوا هذا الخبر على أن المعنى خير صفوف المصلين في سائر الصلوات الصف المقدم و خير صفوف المصلين في الصلاة على الجنائز الصف المؤخر قال في المنتهى الصف الأخير في الصلاة على الجنائز أفضل من الصف الأول و استدل بهذه الرواية و نحوه قال في التذكرة و قال في الذكرى أفضل الصفوف المؤخر لخبر السكوني ثم قال و جعل الصدوق سبب الخبر ترغيب النساء في التأخر منعا لهن عن الاختلاط بالرجال في الصلاة كما كن يصلين على عهد النبي ص و يتقدمن و إن كان الحكم بالأفضلية عاما لهن و للرجال. و قال الصدوق ره في الفقيه و أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير و العلة في ذلك أن النساء كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنائز فقال النبي ص أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير فتأخرن إلى الصف الأخير فبقي فضله على ما ذكره ع انتهى. أقول لا يخفى بعد ما فهموه من الخبر لفظا و معنى بوجوه. الأول من جهة التعبير عن سائر الصلوات بالصلاة مطلقا من غير تقييد. الثاني ارتكاب الحذف و التجوز ثانيا بحمل الجنائز على صلاة الجنائز. الثالث تخصيص التعليل بالشق الأخير مع جريانه في الأول أيضا إلا أن يقال النساء كن لا يرغبن في سائر الصلاة إلى الصف الأول و هو أيضا تكلف لابتناء الحمل على أمر لا يعلم تحققه بل الظاهر خلافه. الرابع عدم استقامة التعليل في الأخير أيضا إذ لو بني على أنه ص قال ذلك تورية لرغبة النساء إلى الأخير فلا يخفى سخافته و بعده عن منصب النبوة لاشتماله على الحيلة و الخديعة في أحكام الدين و لو قيل إن ذلك صار سببا لتقرر هذا الحكم و جريانه فهذا أيضا تكلف إذ كان يكفي لتأخر النساء بيان أن ذلك خير لهن مع أن الأفضل متعلق بالرجال في جميع الأمور و لو قيل إن المراد أن الأفضل للنساء الصف المؤخر فلا اختصاص له بتلك الصلاة. و الذي نفهم من الرواية و هو الظاهر منها لفظا و معنا أن المراد بالصفوف في الصلاة صفوف جميع الصلوات الشاملة لصلاة الجنازة و غيرها و المراد بصفوف الجنائز صفوف نفس الجنائز إذا وضعت للصلاة عليها و المعنى أن خير الصفوف في الصلاة الصف المقدم أي ما كان أقرب إلى القبلة و خير الصفوف في الجنائز المؤخر أي ما كان أبعد عن القبلة و أقرب من الإمام و لما كان الأشرف في جميع المواضع متعلقا بالرجال صار كل من الحكمين سببا لسترة النساء لأن تأخرهن في الصفوف سترة لهن و تأخر جنائزهن لكونه سببا لبعدهن عن الرجال المصلين سترة لهن فاستقام التعليل في الجزءين و سلم الكلام عن ارتكاب الحذف و المجاز و صار الحكم مطابقا لما دلت عليه سائر الأخبار. و العجب من الأصحاب كيف ذهلوا عن هذا الاحتمال الظاهر و ذهبوا إلى ما يحتاج إلى تلك التكلفات البعيدة الركيكة فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ
53- قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بسنديهما المتقدمين عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يصلي أ له أن يكبر قبل الإمام قال لا يكبر إلا مع الإمام فإن كبر قبله أعاد التكبير قال و سألته عن الصبي يصلى عليه إذا مات و هو ابن خمس سنين فقال إذا عقل الصلاة فيصلى عليه
54- الهداية، إذا صليت على ميت فقف عند رأسه و كبر و قل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً بين يدي الساعة ثم كبر الثانية و قل اللهم صل على محمد و آل محمد و ارحم محمدا و آل محمد و بارك على محمد و آل محمد كأفضل ما صليت و باركت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد ثم كبر الثالثة و قل اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات ثم كبر الرابعة و قل اللهم إن هذا عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك نزل بك و أنت خير منزول به اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه و إن كان مسيئا فتجاوز عنه و اغفر له اللهم اجعله عندك في أعلى عليين و اخلف على أهله في الغابرين و ارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين ثم كبر الخامسة و لا تبرح من مكانك حتى ترى الجنازة على أيدي الرجال و إذا صليت على المرأة فقف عند صدرها و إذا صليت على المستضعف فقل اللهم اغفر لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ و إذا لم تعرف مذهب الميت فقل اللهم إن هذه النفس أنت أحييتها و أنت أمتها اللهم ولها ما تولت و احشرها مع من أحبت و إذا صليت على ناصب فقل بين التكبيرة الرابعة و الخامسة اللهم اخز عبدك في عبادك و بلادك اللهم أصله أشد نارك اللهم أذقه حر عذابك فإنه كان يوالي أعداءك و يعادي أولياءك و يبغض أهل بيت نبيك فإذا رفع فقل اللهم لا ترفعه و لا تزكه و الطفل لا يصلى عليه حتى يعقل الصلاة فإن حضرت مع قوم يصلون عليه فقل اللهم اجعله لأبويه و لنا فرطا
55- مصباح الأنوار، لبعض الأصحاب عن جعفر بن محمد ع أنه سئل كم كبر أمير المؤمنين ع على فاطمة ع فقال كان يكبر أمير المؤمنين ع تكبيرة فيكبر جبرئيل تكبيرة و الملائكة المقربون إلى أن كبر أمير المؤمنين ع خمسا فقيل له و أين كان يصلي عليها قال في دارها ثم أخرجها
و منه عن جعفر بن محمد عن آبائه ع أن علي بن أبي طالب ع صلى على فاطمة فكبر عليها خمسا و عشرين تكبيرة
و عن أبي جعفر ع أن أمير المؤمنين ع صلى على فاطمة ع و كبر خمس تكبيرات
بيان لعل التكبيرات الواجبة كانت خمسا و الباقية مستحبة من خصائصها صلوات الله عليها
56- مصباح الأنوار، عن أبي جعفر ع قال قالت فاطمة لعلي ع إني أوصيك في نفسي و هي أحب الأنفس إلي بعد رسول الله ص إذا أنا مت فغسلني بيدك و حنطني و كفني و ادفني ليلا و لا يشهدني فلان و فلان و استودعتك الله تعالى حتى ألقاك جمع الله بيني و بينك في داره و قرب جواره
و عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال لما حضرت فاطمة الوفاة بكت فقال لها لا تبكي فو الله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله قال و أوصته أن لا يؤذن بها الشيخين ففعل
و عن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال قالت فاطمة ع لعلي ع إن لي إليك حاجة يا أبا الحسن فقال تقضى يا بنت رسول الله فقالت نشدتك بالله و بحق محمد رسول الله ص أن لا يصلي علي أبو بكر و لا عمر
بيان هذه الأخبار تدل على أن منع حضور الكفار و المنافقين بل الفساق في الجنازة و عند الصلاة مطلوب
57- الخرائج للراوندي، عن محمد بن عبد الحميد عن عاصم بن حميد عن يزيد بن خليفة قال كنت عند أبي عبد الله ع قاعدا فسأله رجل من القميين أ تصلي النساء على الجنائز فقال إن المغيرة بن أبي العاص ادعى أنه رمى رسول الله ص فكسرت رباعيته و شق شفتيه و كذب و ادعى أنه قتل حمزة و كذب فلما كان يوم الخندق ضرب على أذنيه فنام فلم يستيقظ حتى أصبح فخشي أن يؤخذ فتنكر و تقنع بثوبه و جاء إلى منزل عثمان يطلبه و تسمى باسم رجل من بني سليم كان يجلب إلى عثمان الخيل و الغنم و السمن فجاء عثمان فأدخله في منزله و قال ويحك ما صنعت ادعيت أنك رميت رسول الله ص و ادعيت أنك شققت شفتيه و كسرت رباعيته و ادعيت أنك قتلت حمزة فأخبره بما لقي و أنه ضرب على أذنه فلما سمعت ابنة النبي ص بما صنع بأبيها و عمها صاحت فأسكتها عثمان ثم خرج عثمان إلى رسول الله ص و هو جالس في المسجد فاستقبله بوجهه و قال يا رسول الله إنك أمنت عمي المغيرة و كذب فصرف عنه رسول الله ص وجهه ثم استقبله من الجانب الآخر فقال يا رسول الله إنك أمنت عمي المغيرة و كذب فصرف رسول الله ص وجهه عنه ثم قال أمناه و أجلناه ثلاثا فلعن الله من أعطاه راحلة أو رحلا أو قتبا أو سقاء أو قربة أو دلوا أو خفا أو نعلا أو زادا أو ماء قال عاصم هذه عشرة أشياء فأعطاها كلها عثمان فخرج فسار على ناقته فنقبت ثم مشى في خفيه فنقبتا ثم مشى في نعليه فنقبتا ثم مشى على رجليه فنقبتا ثم مشى على ركبتيه فنقبتا فأتى شجرة فجلس تحتها فجاء الملك فأخبر رسول الله ص بمكانه فبعث إليه رسول الله ص زيدا و الزبير فقال لهما ائتياه فهو في مكان كذا و كذا فاقتلاه فلما أتياه قال زيد للزبير إنه ادعى أنه قتل أخي و قد كان رسول الله ص آخى بين حمزة و زيدا فاتركني أقتله فتركه الزبير فقتله فرجع عثمان من عند النبي ص فقال لامرأته إنك أرسلتي إلى أبيك فأعلمتيه بمكان عمي فحلفت له بالله ما فعلت فلم يصدقها فأخذ خشبة القتب فضربها ضربا مبرحا فأرسلت إلى أبيها تشكو ذلك و تخبره بما صنع فأرسل إليها أني لأستحيي للمرأة أن لا تزال تجر ذيولها تشكو زوجها فأرسلت إليه أنه قد قتلني فقال لعلي ع خذ السيف ثم أت بنت عمك فخذ بيدها فمن حال بينك و بينها فاضربه بالسيف فدخل علي فأخذ بيدها فجاء بها النبي ص فأرته ظهرها فقال أبوها قتلها قتله الله فمكثت يوما و ماتت في الثاني و اجتمع الناس للصلاة عليها فخرج رسول الله ص من بيته و عثمان جالس مع القوم فقال رسول الله ص من ألم بجاريته الليلة فلا يشهد جنازتها قالها مرتين و هو ساكت فقال رسول الله ص ليقومن أو لنسمينه باسمه و اسم أبيه فقام يتوكأ على مهين قال فخرجت فاطمة في نسائها فصلت على أختها
بيان رواه في الكافي بسند آخر عن يزيد بن خليفة مع اختلاف ما قوله ضرب على أذنيه أي استولى عليه النوم كما قال تعالى فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ قال البيضاوي أي ضربنا عليهم حجابا يمنع السماع بمعنى أنمناهم إنامة لا تنبههم فيها الأصوات فحذف المفعول كما حذف في قولهم بنى على امرأته و قال الجوهري نقب البعير بالكسر إذا رقت أخفافه و أنقب الرجل إذا نقب بعيره و نقب الخف الملبوس تخرق و ألم بجاريته أي قاربها و واقعها. و في الكافي أنه زنى بجارية رقية في تلك الليلة و لعله ع نسبها إليه سترا عليه أو كان جاريتها فصحف و يدل على استحباب صلاة النساء على الجنازة و يمكن تخصيصه بمن كانت من أقربائها جمعا بين الأخبار أو يحمل أخبار النهي على اللاتي يخرجن للتنزه لا للصلاة و متابعة للسنة
58- قرب الإسناد، عن سندي بن محمد عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله ع قال مات رجل من المنافقين فخرج الحسين بن علي ع يمشي فلقي مولى له فقال أين تذهب فقال أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليه قال قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل قال فرفع يده و قال اللهم العن عبدك ألف لعنة مختلفة اللهم اخز عبدك في بلادك و عبادك اللهم أصله حر نارك اللهم أذقه أشد عذابك فإنه كان يوالي أعداءك و يعادي أولياءك و يبغض أهل بيت نبيك
بيان قوله من المنافقين أي من أهل الخلاف و الضلال فإنهم منافقون يظهرون الإسلام و لترك ولاية الأئمة ع باطنا من أخبث المشركين و الكفار و يمكن أن يكون المراد بعض بني أمية و أشباههم من الذين كانوا لم يؤمنوا بالله و رسوله أصلا و كانوا يظهرون الإسلام للمصالح الدنيوية. قوله ع مولى له أي معتقه أو شيعته و محبه قوله فرفع يده أي للتكبير و يحتمل أن يكون صلوات الله عليه اكتفى بالرفع تقية و لم يكبر قوله ع مختلفة أي أنواعا مختلفة مشتملة على أنواع العذاب و الخزي و في الكافي ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة فالمعنى مؤلفة في الشدة و الكثرة غير مختلفة بأن يكون بعضها أخف من بعض أو المراد به الايتلاف في الورود أي يرد جميعها عليه معا لا على التعاقب قال في النهاية اللعن الطرد و الإبعاد من الله تعالى و من الخلق السب و الدعاء و قال الجوهري خزي بالكسر يخزى خزيا أي ذل و هان و قال ابن السكيت وقع في بلية و أخزاه الله. أقول يمكن أن يكون المراد إذلاله و خزيه و عذابه بين من مات من العباد و لا محالة يقع عذابه في البرزخ في بلدة من البلاد أو يقدر مضاف أي أهل بلادك و يحتمل أن يراد به الخزي في الدنيا بعد موته بظهور معايبه على الخلق و اشتهاره بينهم بالكفر و العصيان
59- منتهى الطلب، قال ابن أبي عقيل يكبر و يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل على محمد و آل محمد و أعل درجته و بيض وجهه كما بلغ رسالتك و جاهد في سبيلك و نصح لأمته و لم يدعهم سدى مهملين بعده بل نصب لهم الداعي إلى سبيلك الدال على ما التبس عليهم من حلالك و حرامك داعيا إلى موالاته و معاداته لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ و عبدك حتى أتاه اليقين فصلى الله عليه و على أهل بيته الطاهرين ثم يستغفر للمؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات ثم يقول اللهم عبدك و ابن عبدك تخلى من الدنيا و احتاج إلى ما عندك نزل بك و أنت خير منزول به افتقر إلى رحمتك و أنت غني من عذابه اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا فإن كان محسنا فزد في إحسانه و إن كان مسيئا فاغفر له ذنوبه و ارحمه و تجاوز عنه اللهم ألحقه بنبيه و صالح سلفه اللهم عفوك عفوك ثم يكبر و يقول هذا في كل تكبيرة
أقول إنما أوردت هذا مع عدم التصريح بالرواية لبعد اختراع مثل ذلك من غير رواية لا سيما من القدماء
60- الهداية، المواطن التي ليس فيها دعاء موقت الصلاة على الجنازة و القنوت و المستجار و الصفا و المروة و الوقوف بعرفات و ركعتي الطواف
61- العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم علة التكبير على الميت خمسا أنه أخذ الله من كل فريضة تكبيرة للميت من الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية و العلة في ترك العامة تكبيرة أنهم أنكروا الولاية و تركوا تكبيرها
62- الهداية، للحسين بن حمدان عن عيسى بن مهدي قال خرجت أنا و الحسين بن غياث و الحسن بن مسعود و الحسين بن إبراهيم و أحمد بن حسان و طالب بن حاتم و الحسن بن محمد و محمد بن أحمد بن الخضيب إلى سرمنرأى في سنة تسع و خمسين و مائتين للتهنئة بمولد المهدي صلوات الله عليه فدخلنا على سيدنا أبي محمد ع و نحن نيف و سبعون رجلا فهنيناه و بكينا فقال إن البكاء من السرور من نعم الله تعالى مثل الشكر لها فطيبوا أنفسا و قروا أعينا و ساق الحديث إلى أن قال قال ع و في أنفسكم ما لم تسألوا عنه و أنا أنبئكم به و هو التكبير على الميت كيف يكون تكبيرنا خمسا و تكبير غيرنا أربعا فقلنا يا سيدنا هذا الذي أردنا أن نسألك عنه فقال ع أول من صلى عليه من المسلمين منا حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله فإنه لما قتل قلق رسول الله ص و حزن و قل صبره عليه فقال و كان قوله حقا لأقتلن بكل شعرة من عمي حمزة سبعين رجلا من مشركي قريش فأوحى الله تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ و إنما أحب الله تعالى أن يجعل ذلك سنة في المسلمين لأنه لو كان قتل بكل شعرة من حمزة سبعين رجلا من المشركين ما كان يكون في قتلهم حرج و أراد دفنه و أحب أن يلقى الله مضرجا بدمائه و كان قد أمر الله أن يغسل موتى المسلمين فدفنه بثيابه فصار سنة للمسلمين أن لا يغسل شهيدهم و أمر الله أن يكبر عليه سبعين تكبيرة و يستغفر له ما بين كل تكبيرتين منها فأوحى الله تعالى إليه أني قد فضلت عمك حمزة بسبعين تكبيرة لعظمته عندي و كرامته علي و كبر خمسا على كل مؤمن و مؤمنة فإني أفرض على أمتك خمس صلوات في كل يوم و ليلة أزوده ثوابها و أثبت له أجرها فقام رجل منا فقال يا سيدنا فمن صلى الأربعة فقال ما كبرها تيمي و لا عدوي و لا ثالثهما من بني أمية و لا ابن هند لعنهم الله و أول من كبرها و سنها فيهم طريد رسول الله ص و هو مروان بن الحكم لعنه الله لأن معاوية وصى ابنه يزيد لعنه الله بأشياء كثيرة فكان منها أنه قال إني خائف عليك يا يزيد من أربعة أنفس من ابن عمر و من ابن عثمان و مروان بن الحكم و عبد الله بن الزبير و الحسين بن علي و ويلك يا يزيد من هذا يعني الحسين ع و أما مروان فإذا مت و جهزتموني و وضعتموني على نعشي للصلاة فسيقولون لك تقدم فصل على أبيك فقل ما كنت لأعصي أبي فيما أوصاني به و قد قال لي إنه لا يصلي علي إلا شيخ من بني أمية و هو عمي مروان بن الحكم فقدمه و تقدم إلى ثقات موالينا و هم يحملون سلاحهم مجردا تحت أثوابهم فإذا تقدم للصلاة فكبر أربع تكبيرات فاشتغل بدعاء الخامسة فقبل أن يسلم فليقتلوه فإنك تراح منه و هو أعظمهم عليك فنمى الخبر إلى مروان لعنه الله فأسرها في نفسه و توفي معاوية و حمل سريره للصلاة عليه فقالوا ليزيد تقدم فقال لهم ما أوصاني معاوية إلا أن مروان بن الحكم يصلي عليه فعندها قدموا مروان فكبر أربعا و خرج عن الصلاة قبل دعاء الخامسة و اشتغل الناس إلى أن كبروا الخامسة و أفلت مروان لعنه الله فقالوا إن التكبير على الميت أربع تكبيرات لئلا يكون مروان مبدعا فقال قائل منا يا سيدنا فهل يجوز أن نكبر أربعا تقية فقال ع لا هي خمس لا تقية فيها
بيان لعل المعنى أن لا حاجة إلى التقية فيها إذ يمكن الإتيان بالتكبير إخفاتا من غير رفع اليد