وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ : إذ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ.
أو فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ ممّن نعدهم شفعاء وأصدقاء. أو وقعنا في مهلكة لا يخلّصنا منها شافع ولا صديق.
و جمع «الشّافع» ووحدة «الصّديق» لكثرة الشّفعاء في العادة وقلّة الصّديق، ولأنّ الصّديق الواحد يسعى أكثر ممّا يسعى الشّفعاء، أو لإطلاق الصّديق على الجمع، كالعدوّ، لأنّه في الأصل مصدر، كالحنين والصّهيل.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- وأبي جعفر- عليه السّلام- أنّهما قالا: واللّه، لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتّى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، عن محمّد بن الحسين الخثعميّ، عن عبّاد بن يعقوب، عن عبد اللّه بن زيدان ، عن الحسن بن محمّد بن أبي عاصم، عن عيسى بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد- عليهما السّلام- قال: نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا، وذلك أنّ اللّه- سبحانه- يفضّلنا ويفضّل شيعتنا حتّى أنّا لنشفع ويشفعون، فإذا رأى ذلك من ليس منهم قالوا: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
[و قال- أيضا-: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه البرقيّ، عن رجل، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام-عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فقال: لمّا يرانا هؤلاء وشيعتنا نشفع يوم القيامة يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ] ، يعني بالصّديق: المعرفة، وبالحميم: القرابة.
و روى البرقي : عن ابن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن خالد قال: كنّا عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام- فقرأ: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [و قال: واللّه، لنشفعنّ ثلاثا ولتشفعنّ شيعتنا ثلاثا حتّى يقول عدوّنا:
فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.]
و في روضة الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال في حديث طويل: وإنّ الشّفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإنّ المؤمن ليشفع في جاره وماله حسنة فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى.
فيشفع فيه، فيقول اللّه- تبارك وتعالى-: أنا ربّك، وأنا أحقّ من كافئ عنك. فيدخله اللّه الجنّة وما له من حسنة، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النّار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
و في أمالي شيخ الطّائفة- قدس سرّه- بإسناده إلى الحسن بن صالح بن حيّ قال: سمعت جعفر بن محمّد يقول: لقد عظمت منزلة الصّديق حتّى أنّ أهل النّار يستغيثون به ويدعون به في النّار قبل القريب الحميم، قال اللّه مخبرا عنهم: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.]
و بإسناده إلى [أبي العبّاس] الفضل بن عبد الملك: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال: يا فضل، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا، فإنّ الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر.ثمّ قال: يا فضل، إنّما سمّي المؤمن: مؤمنا، لأنّه يؤمن على اللّه فيجير أمانه.
ثمّ قال: أما سمعت اللّه- تعالى- يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرّجل منكم لصديقه يوم القيامة: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
و في مصباح شيخ الطّائفة- قدّس سرّه- في دعاء يوم المباهلة المرويّ عن أبي إبراهيم، موسى بن جعفر- عليهما السّلام-: أللّهمّ، إنّا قد تمسّكنا بكتابك وبعترة نبيّك، محمّد- صلواتك عليه وعليهم- الّذين أقمتهم لنا دليلا وعلما وأمرتنا باتّباعهم، أللّهمّ، فإنّا قد تمسّكنا بهم فارزقنا شفاعتهم حين يقول الخائبون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
و في محاسن البرقي : عنه، عن عمر بن عبد العزيز، عن المفضّل أو غيره، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ قال:
«الشّافعون» الأئمّة، و«الصّديق» من المؤمنين.
و في مجمع البيان : وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: إنّ الرّجل يقول في الجنّة: ما فعل صديقي فلان؟ وصديقه في الجحيم، فيقول اللّه- تعالى-: اخرجوا له صديقه إلى الجنّة. فيقول من بقي في النّار:
فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
و عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: إنّ المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفع فيهم حتّى يبقى خادمه فيقول ويرفع سبّابتيه: [يا ربّ] خويدمي كان يقيني الحرّ والبرد. فيشفع فيه.
و في خبر آخر : عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ المؤمن ليشفع في جاره وماله حسنة، فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى. فيشفع فيه، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا.
و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن يعقوب- رحمه اللّه-، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشىّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت له: إنّ لنا جارا ينتهكالمحارم كلّها، حتّى أنّه ليترك الصّلاة فضلا عن غيرها.
فقال: سبحان اللّه، أو عظم ذلك عليك ألا أخبرك بمن هو شرّ منه؟
[فقلت: بلى.
فقال: الناصب لنا شرّ منه،] أما إنّه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت فيرقّ لذكرنا إلّا مسحت الملائكة ظهره، وغفر اللّه له ذنوبه كلّها إلّا أن يجيء بذنب يخرجه من الإيمان، وإن الشّفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإنّ المؤمن ليشفع لجاره وماله من حسنة [فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى فيشفع فيه، فيقول اللّه- تبارك وتعالى- أنا ربّك، وأنا أحقّ من كافئ عنك فيدخله الجنّة وماله من حسنة] وإنّ من أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النّار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً: تمّن للرّجعة، وأقيم فيه «لو» مقام «ليت» لتلاقيهما في معنى التّقدير. أو شرط حذف جوابه.
فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ : جواب التّمنّي. أو عطف على كرّة، أي: لو أنّ لنا أن نكرّ فنكون من المؤمنين .
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قال: من المهتدين ، قال: لأنّ الإيمان قد لزمهم بالإقرار.