لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ : الملجئ إلى الإيمان.
فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً: في الدّنيا والآخرة.
وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ : بإتيانه.
فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ : تحسّرا وتأسّفا.
أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ : فيقولون: فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً. فَأْتِنا بِما تَعِدُنا. وحالهم عند نزول العذاب طلب النّظرة.
أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ : لم يغن عنهم تمتّعهم المستطال في دفع العذاب وتخفيفه.
و في الكافي : أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسين، عن محمّد بن الوليد ومحمّد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن عليّ بن عيسى القمّاط، [عن عمّه] ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: أري رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في منامه بني أميّة يصعدون على منبره من بعده ويضلّون النّاس عن الصّراط القهقرى، فأصبح كئيبا حزينا.
قال: فهبط جبرئيل- عليه السّلام- فقال: يا رسول اللّه، مالي أراك كئيبا حزينا؟
قال: يا جبرائيل، إنّي رأيت بني أميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ويضلّون النّاس عن الصّراط القهقرى.
فقال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّا، ما اطّلعت عليه. فعرج إلى السّماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها، قال: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ، ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ وأنزل عليه وأنزل عليه إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. جعل اللّه- عزّ وجلّ- ليلة القدر لنبيّه- صلّى اللّه عليه وآله- خيرا من ألف شهر ملك بني أميّة.
و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا الحسين بن
أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن صفوان بن يحيى، عن أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ. قال: خروج القائم- عليه السّلام-.
ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ قال: هم بنو أميّة الّذين متّعوا في دنياهم.
وَ ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ : أنذروا أهلها إلزاما للحجّة.
ذِكْرى: تذكرة.
و محلّها النّصب على العلّة، أو المصدر لأنّها في معنى الإنذار. أو الرّفع على أنّها صفة «منذرون» بإضمار «ذوو» أو بجعلهم ذكرى لإمعانهم في التذكرة. أو خبر محذوف، والجملة اعتراضيّة.
وَ ما كُنَّا ظالِمِينَ : فنهلك غير الظّالمين، أو قبل الإنذار.
وَ ما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ ، كما زعم المشركون أنّه من قبيل ما يلقي الشّياطين على الكهنة.
وَ ما يَنْبَغِي لَهُمْ: وما يصلح لهم أن ينزلوا به.
وَ ما يَسْتَطِيعُونَ : وما يقدرون.
إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ: لكلام الملائكة لَمَعْزُولُونَ لأنّه مشروط بمشاركة في صفاء الذّات وقبول فيضان الحقّ والانتقاش بالصّور الملكوتيّة، ونفوسهم خبيثة ظلمانيّة شرّيرة بالذّات لا تقبل ذلك، والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات لا يمكن تلقّيها إلّا من الملائكة.
فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ : تهييج لازدياد الإخلاص، ولطف لسائر المكلّفين.
وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ : الأقرب منهم فالأقرب، فإنّ الاهتمام بشأنهم أهمّ.روي : أنّه لمّا نزلت صعد الصّفا وناداهم فخذا فخذا حتّى اجتمعوا إليه، فقال: لو أخبرتكم أنّ بسفح هذا الجبل خيلا أ كنتم مصدقيّ؟
قالوا: نعم.
قال: فإنّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ.
و
في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال: نزلت:
«و رهطك المخلصين.»
قال: نزلت بمكّة فجمع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بني هاشم، وهم أربعون رجلا، كلّ واحد منهم يأكل الجذع ويشرب القربة ، فاتّخذ لهم طعاما يسيرا [بحسب ما أمكن] فأكلوا حتّى شبعوا، فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من يكون وصيّي ووزيرى وخليفتي؟
فقال أبو لهب: جزما سحركم محمّد.
فتفرّقوا، فلمّا كان اليوم الثّاني أمر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ففعل بهم مثل ذلك، ثمّ سقاهم اللّبن حتّى رووا، فقال لهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أيّكم يكون وصيّي ووزيري وخليفتي؟ [فقال أبو لهب: جزما سحركم محمد.
فتفرّقوا، فلّما كان اليوم الثالث أمر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ففعل بهم مثل ذلك ثمّ سقاهم اللبن فقال لهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أيّكم يكون وصيّي ووزيرى وخليفتي ] وينجز عداتي ويقضي ديني؟
فقام عليّ- صلوات اللّه عليه- وكان أصغرهم سنّا وأحمشهم ساقا وأقلّهم مالا، فقال: أنا، يا رسول اللّه.فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أنت هو.
و في كتاب علل الشرائع ، بإسناده إلى عبد اللّه بن الحرث بن نوفل: عن عليّ بن أبي طالب-- عليه السّلام- قال: لما نزلت: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ورهطك المخلصين» دعا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بني عبد المطّلب، وهم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، فقال: أيّكم أخي ووارثي ووزيري ووصيّي وخليفتي فيكم بعدي؟ فعرض عليهم [ذلك] رجلا رجلا، كلّهم يأبى ذلك، حتّى أتى عليّ.
فقلت: أنا، يا رسول اللّه.
فقال النّبيّ لبني عبد المطّلب: هذا أخي ووارثي [و وصيّي] ووزيرى وخليفتي فيكم بعدي.
فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام.
و في مجمع البيان : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و
في الخبر المأثور عن البراء بن عازب أنّه قال: لمّا نزلت هذه الآية جمع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بني عبد المطّلب، وهم يومئذ أربعون رجلا، الرّجل منهم يأكل المسنّة ويشرب العسّ ، فأمر عليّا- عليه السّلام- برجل شاة فأدمها ، ثمّ قال: ادنوا بسم اللّه. فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتّى صدروا، ثمّ دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة، ثمّ قال لهم: اشربوا بسم اللّه. فشربوا حتّى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرّجل. فسكت- صلّى اللّه عليه وآله- يومئذ ولم يتكلّم.
ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطّعام والشّراب، ثمّ أنذرهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي أنا النّذير إليكم مناللّه- عزّ وجلّ- والبشير فأسلموا وأطيعوني تهتدوا.
ثمّ قال: من يؤاخيني ويؤازرني ويكون وليّي ووصيّي من بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني. فسكت القوم، فأعادها ثلاثا كلّ ذلك يسكت القوم، ويقول عليّ: أنا.
فقال في المرّة الثّالثة: أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمّره عليك.
و أورده الثّعلبيّ في تفسيره.
و روي عن أبي رافع هذه القصّة، وأنّه جمعهم في الشّعب فصنع لهم رجل شاة فأكلوا حتّى تضلّعوا وسقاهم عسّا فشربوا كلّهم حتّى رووا، ثمّ قال: إنّ اللّه أمرني أن أنذر عشيرتي [الأقربين وأنتم عشيرتي] ورهطي، وأنّ اللّه لم يبعث نبيّا إلّا جعل له من أهله أخا ووزيرا ووارثا ووصيّا وخليفة في أهله، فأيّكم يقوم ويبايعني على أنّه أخي ووارثي ووزيري ووصيّي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى [إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟ فسكت القوم.
فقال: ليقومنّ قائمكم أو ليكون في غيركم ثمّ لتندمنّ ثمّ أعاد الكلام ثلاث مرّات] فقال عليّ- عليه السّلام-: أنا فقال: ادن منّي. [فدنا منه] ففتح فاه ومجّ في فيه من ريقه وتفل بين كتفيه وثدييه.
فقال أبو لهب: بئس ما حبوت به ابن عمّك أن أجابك فملأت فاه ووجهه بزاقا.
فقال- صلّى اللّه عليه وآله-: ملأته حكمة وعلما.
و عن ابن عبّاس [قال] : لمّا نزلت الآية صعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- على الصّفا فقال: يا صباحاه . فاجتمعت إليه قريش فقالوا: مالك؟فقال: أ رأيتكم إن أخبرتكم أنّ العدوّ مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم تصدّقونني؟
قالوا: بلى.
قال: فإنّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ.
قال أبو لهب: تبّا لك، أ لهذا دعوتنا جميعا!؟ فأنزل اللّه- عزّ وجلّ-: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (إلى آخر السّورة).
و في قراءة عبد اللّه [بن مسعود] : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ورهطك المخلصين».
و روي ذلك عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-.
و في عيون الأخبار ، في باب ذكر مجلس الرّضا- عليه السّلام- مع المأمون في الفرق بين العترة والأمّة حديث طويل، وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسّر اللّه الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرّضا- عليه السّلام-: فسّر الاصطفاء في الظّاهر سوى الباطن في اثني عشر [موطنا و] موضعا، فأوّل ذلك قوله- عزّ وجلّ-: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ورهطك المخلصين.» هكذا في قراءة أبيّ بن كعب، وهي ثابتة في مصحف عبد اللّه بن مسعود، وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى اللّه- عزّ وجلّ- بذلك: الآل ، فذكره [لرسول اللّه] - صلّى اللّه عليه وآله- فهذه واحدة.
و في الأمالي ، مثله سواء.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: «و رهطك منهم المخلصون» . قال: عليّ بن أبي طالب- صلوات اللّه عليه- وحمزة وجعفر والحسن والحسين والأئمّة من آل محمد- صلوات اللّه عليهما-.
و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه- عن محمّد بن الحسين
الخثعميّ، عن عبّاد بن يعقوب، عن الحسن بن حمّاد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله - عزّ وجلّ-: «و رهطك منهم المخلصين» قال: عليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين وآل محمّد- صلوات اللّه عليهم- خاصّة.
وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ : ليّن جانبك لهم.
مستعار من خفض الطّائر جناحيه : إذا أراد أن ينحطّ.
و «من» للتّبيين، لأنّ من اتّبع أعمّ ممّن اتّبع لدين أو غيره. أو للتّبعيض، على أنّ المراد من المؤمنين: المشارفون للإيمان، أو المصدّقون باللّسان.
و في مصباح الشّريعة : قال الصّادق- عليه السّلام-: وقد أمر اللّه أعزّ خلقه وسيّد برّيته محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- بالتّواضع، فقال- عزّ وجلّ-: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. والتّواضع مزرعة الخشوع والخشية والحياء ، وأنّهنّ لا ينبتن إلّا منها وفيها، ولا يسلم الشّرف التّام الحقيقيّ إلّا للمتواضع في ذات اللّه- تعالى-.
و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
فَإِنْ عَصَوْكَ: ولم يتّبعوك.
فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ : ممّا تعملونه، أو من أعمالكم.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : فَإِنْ عَصَوْكَ، يعني: من بعدك في ولاية عليّ والأئمّة- صلوات اللّه عليهم- [من ذرّيته] فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ. ومعصية رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وهو ميّت، كمعصيته وهو حيّ.
وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ : الّذي يقدر على قهر عدائه ونصر أوليائه يكفك شرّ من يعصيك منهم ومن غيرهم.
و قرأ ابن عامر ونافع «فتوكّل» على الإبدال من جواب الشّرط.الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ
: في صلواتك.
و قيل : حين تقوم للإنذار وأداء الرّسالة.
و قيل : حين تقوم باللّيل، لأنّه لا يطّلع عليه أحد غيره.
وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ : تصرّفك فيما بين المصلّين بالقيام والرّكوع والسّجود والقعود.
و المعنى: يراك حين تقوم إلى الصّلاة منفردا، وإذا صلّيت في جماعة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه- قال: حدّثني محمّد بن الوليد، عن محمّد بن الفرات، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ
في النّبوّة وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال: في أصلاب النّبيّين- صلوات اللّه عليهم-.
و في مجمع البيان : وقيل: معناه: وتقلّبك في أصلاب الموحّدين من نبيّ إلى نبيّ حتّى أخرجك نبيّا ... عن ابن عبّاس في رواية عطاء وعكرمة، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه- عليهما السّلام- قالا: في أصلاب النّبيّين نبيّ بعد نبيّ [حتّى أخرجه] من صلب أبيه، عن نكاح غير سفاح من لدن آدم.
و روى جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لا ترفعوا قبلي ولا تضعوا قبلي، فإنّي أراكم من خلفي، كما أراكم من أمامي، ثمّ تلا هذه الآية.
و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه- قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الخثعميّ، عن عبّاد بن يعقوب، عن الحسن بن حمّاد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال: في عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأهل بيته- صلوات اللّه عليهم أجمعين-.و روى الشّيخ في أماليه ، بإسناده: عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين- صلوات اللّه عليهم أجمعين- قال: كان ذات يوم جالسا في الرّحبة والنّاس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنّك بالمكان الّذي أنزلك اللّه [به] وأبوك يعذّب بالنّار، [و ابنه قسيم النّار؟] .
فقال له: (مه) فضّ اللّه فاك، والّذي بعث محمّدا بالحقّ نبيّا، لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه اللّه فيهم، أبي يعذّب بالنّار وابنه قسيم (الجنّة و) النّار؟! ثمّ قال: والّذي بعث محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- بالحقّ [نبيّا] ، إنّ نور أبي طالب يوم القيامة يطفئ أنوار الخلق إلّا خمسة أنوار: نور محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- ونوري ونور فاطمة ونوري الحسن والحسين ومن ولده من الأئمّة، لأنّ نوره من نورنا الّذي خلقه اللّه- عزّ وجلّ- من قبل خلق آدم بألفي عام.
و جاء في ابتداء خلق نوره الكريم نبأ عظيم لا يحتمله إلّا ذو القلب السّليم والدّين القويم والطّريق المستقيم، ينبئ عن فضله وفضل أهل بيته- عليهم أفضل الصّلاة والتّسليم- وهو:
ما نقله الشّيخ أبو جعفر الطّوسي - قدّس اللّه روحه-: عن الشّيخ أبي محمّد الفضل بن شاذان، بإسناده، عن رجاله، عن جابر بن يزيد الجعفيّ، عن الإمام العالم موسى بن جعفر الكاظم- صلوات اللّه عليهما- قال: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- خلق نور محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- من نور اخترعه من نور عظمته وجلاله، وهو نور لاهوتيته الّذي تبدّى من لاه ، أي: من إلهيّته، من إتّيّته الّذي تبدّى منه وتجلّى لموسى بنعمران- عليه السّلام- به في طور سيناء، فما استقرّ له ولا طاق موسى لرؤيته، ولا ثبت له حتّى خرّ صاعقا مغشيّا عليه وكان ذلك النّور نور محمّد - صلّى اللّه عليه وآله-.
فلمّا أراد أن يخلق محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- منه قسّم ذلك النّور شطرين:
فخلق من الشّطر الأوّل محمّدا، ومن الشّطر الآخر عليّ بن أبي طالب- صلوات اللّه عليهما.
و لم يخلق من ذلك النّور غيرهما، خلقهما اللّه بيده ونفخ فيهما بنفسه من نفسه لنفسه، وصوّرهما على صورتهما، وجعلهما أمناء له وشهداء على خلقه، وخلفاء على خليقته، وعينا له عليهم، ولسانا له إليهم، قد استودع فيهما علمه وعلّمهما البيان واستطلعهما على غيبه (و على نفسه) وجعل أحدهما نفسه والآخر روحه، لا يقوم واحد بغير صاحبه، ظاهرهما بشريّة وباطنهما لاهوتيّة، ظهرا للخلق على هياكل النّاسوتيّة حتّى يطيقوا رؤيتهما، وهو قوله. وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ. فهما مقاما ربّ العالمين وحجابا خالق الخلائق أجمعين، بهما فتح [اللّه] بدء الخلق، وبهما يختم الملك والمقادير.
ثمّ اقتبس من نور محمّد فاطمة ابنته، كما اقتبس نور عليّ من نوره، واقتبس من نور فاطمة [و عليّ] الحسن والحسين، كاقتباس المصابيح، هم خلقوا من الأنوار وانتقلوا من ظهر إلى ظهر، وصلب إلى صلب، ومن رحم إلى رحم في الطّبقة العليا من غير نجاسة، بل نقلا بعد نقل، لا من ماء مهين ولا نطفة جشرة كسائر خلقه، بل أنوار انتقلوا من أصلاب الطّاهرين إلى أرحام المطهّرات، لأنّهم صفوة الصّفوة، اصطفاهم لنفسه وجعلهم خزّان علمه وبلغاء عنه إلى خلقه، أقامهم مقام نفسه لأنّه لا يرى ولا يدرك ولا تعرف كيفيّته ولا إنّيّته ، فهؤلاء النّاطقون المبلّغون عنه، المتصرّفون في أمره ونهيه، فبهم يظهر قدرته، ومنهم ترىآياته ومعجزاته، وبهم ومنهم عرّف عباده نفسه ، وبهم يطاع أمره، ولولاهم ما عرف اللّه ولا يدرى كيف يعبد الرّحمن، فاللّه يجري أمره كيف يشاء فيما يشاء لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ.
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ: بما تقوله.
الْعَلِيمُ : بما تنويه.
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ ، تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ لمّا بيّن أنّ القرآن لا يصحّ أن يكون ممّا تنزّلت به الشّياطين، أكّد ذلك بأن بيّن أنّ محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- لا يصح لأن يتنزّلوا عليه من وجهين:
أحدهما أنّه إنّما يكون على شرّير كذّاب كثير الإثم، فإنّ اتّصال الإنسان بالغائبات لما بينهما من التّناسب والتّوادّ، وحال محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- على خلاف ذلك.
و ثانيهما قوله: يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ ، أي: الأفاكون يلقون السّمع إلى الشّياطين فيتلقّون منهم ظنونا وأمارات [لنقصان علمهم] فيضمّون إليها على حسب تخيّلاتهم أشياء لا يطابق أكثرها،
كما جاء في الحديث: الكلمة يحفظها الجنّيّ فيقرّها في أذن وليّه فيزيد فيها أكثر من مائة كذبة.
و ليس كذلك محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- فإنّه أخبر من مغيبات كثيرة لا تحصى، وقد طابق كلّها.
و قد فسّر الأكثر بالكلّ لقوله: كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ والأظهر أنّ الأكثريّة باعتبار أقوالهم، على معنى: أنّ هؤلاء قلّ من يصدّق منهم فيما يحكى عن الجنّيّ.
و قيل : الضّمائر للشّياطين، أي: يلقون السّمع إلى الملأ الأعلى قبل أن يرجموا فيختطفون منهم بعض المغيبات ويوحون به إلى أوليائهم. أو يلقون مسموعهم منهم إلى أوليائهم وأكثرهم كاذبون فيما يوحون به إليهم إذ يسمعونهم، لا على نحو ما تكلّمت به الملائكة، لشرارتهم أو لقصور فهمهم أو ضبطهم أو إفهامهم.
و في كتاب الخصال : عن رجل، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ قال:
هم سبعة: المغيرة، وبنان، وصائد، وحمزة بن عمارة البربريّ، والحارث الشّاميّ، وعبد اللّه بن الحارث، وأبو الخطّاب.
وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ قيل : وأتباع محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- ليسوا كذلك، وهو استئناف أبطل كونه شاعرا، وقدّر بقوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ : لأنّ أكثر مقدّماتهم خيالات لا حقيقة لها، وأغلب كلماتهم في النّسيب بالحرم والغزل والابتهار وتمزيق الأعراض والقدح في الأنساب والوعد الكاذب والافتخار الباطل ومدح من لا يستحقّه والإطراء فيه، وإليه أشار بقوله: وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ وكأنّه لمّا كان إعجاز القرآن من جهة المعنى واللّفظ، وقد قدحوا في المعنى بأنّه ممّا تنزّلت به الشّياطين وفي اللّفظ بأنّه من جنس كلام الشّعراء، تكلّم في القسمين وبيّن منافاة القرآن لهما ومضادّة حال الرّسول لحال أربابهما.و قرأ نافع «يتبعهم» بالتّخفيف.
و قرئ ، بالتّشديد وتسكين العين، تشبيها لتبعه بعضد.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: نزلت في الّذين غيّروا دين اللّه وخالفوا أمر اللّه- عزّ وجلّ-. هل رأيتم شاعرا قطّ تبعه أحد؟ إنّما عنى بذلك: الّذين وضعوا دينا بآرائهم فتتبعهم النّاس على ذلك.
و في أصول الكافي : عن أبي جعفر حديث طويل، وفيه يقول- عليه السّلام-: إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا وجميع الجنّ والشّياطين تزور أئمّة الضّلال، ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة، حتّى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر في خلق اللّه، أو قال: قيّض اللّه- عزّ وجلّ- من الشّياطين بعددهم ثمّ زاروا وليّ الضّلالة، فأتوه بالإفك والكذب حتّى لعلّه يصبح فيقول: رأيت كذا وكذا. فلو سأل وليّ الأمر عن ذلك لقال: رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا. حتّى يفسّر له تفسيرا، ويعلمه الضّلالة الّتي هو عليها.
و في كتاب معاني الأخبار : أبي- رحمه اللّه- قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ قال: هل رأيت شاعرا يتّبعه أحد؟ إنّما هم قوم تفقّهوا لغير الدّين فضلّوا وأضلوا.
و في مجمع البيان : وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ و
روى العيّاشيّ، بالإسناد، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: هم تعلّموا وتفقّهوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا.
و في الحديث عن الزّهريّ قال: حدّثني عبد الرّحمن بن كعب بن مالك [أنّ كعب بن
مالك] قال: يا رسول اللّه، ما ذا تقول في الشّعراء ؟
قال: إنّ المؤمن مجاهد بسيفه ولسانه، والّذي نفسي بيده، لكأنّما ترضخونهم بالنّبل.
و قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لحسّان بن ثابت: اهجهم، أو هاجهم، وروح القدس معك ... رواه البخاريّ ومسلم في الصّحيحين.
و في اعتقادات الإمامية للصّدوق- رحمه اللّه-: وسئل الصّادق- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ.
قال: هم القصّاص.
و في جوامع الجامع : قال- عليه السّلام- لكعب بن مالك: اهجهم، فو الّذي نفسي بيده، لهو أشدّ عليهم من النّبل.
و قال لحسّان بن ثابت: قل وروح القدس معك.
و في كتاب تلخيص الأقوال في أحوال الرّجال : روى الكشّي من طريق ضعيف، عن الصّادق- عليه السّلام- أنّه قال: علّموا أولادكم شعر العبديّ، يشير إلى الشّيعة.
و في كتاب الكشّي في حديث آخر، بإسناده إلى سماعة قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: يا معشر الشّيعة، علّموا أولادكم شعر العبديّ فإنّه على دين اللّه.
و بإسناده إلى محمّد بن مروان قال: كنت قاعدا عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام- [و معروف بن خربوذ ، فكان ينشدني الشّعر وأنشده ويسألني وأسأله وأبو عبد اللّه- عليه السّلام-] يسمع.فقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال: لئن يمتلئ جوف الرّجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا.
فقال معروف: إنّما يعني بذلك: الّذي يقول الشّعر.
فقال: ويحك، أو ويلك، قد قال ذلك رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن جمهور، بإسناده يرفعه إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ فقال: من رأيتم من الشّعراء يتّبع؟ إنّما عنى: هؤلاء الفقهاء الّذين يشعرون قلوب النّاس بالباطل، فهم الشّعراء الّذين يتّبعون.
و ممّا يدلّ على أنّ مطلق الشّعر وإنشاءه ليس مذموما
ما رواه في كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى إبراهيم الكرخيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة، وقد هممت أن أتزوّج.
فقال: انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك وأمانتك فإن كنت لا بد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق:
ألا إنّ النساء خلقن شتّى فمنهنّ الغنيمة والغرام
ومنهنّ الهلال إذا تجّلى لصاحبه ومنهنّ الظلام
فمن يظفر بصالحهنّ يسعد ومن يغبن فليس له انتقام
و في الكافي : بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسين، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا أراد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أن يتزوّج خديجة بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش ...
إلى أن قال- عليه السّلام-: ودخل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بأهله، وقال رجل من قريش يقال له: عبد اللّه بن غنم:
هنيئا مريئا خديجة قد جرت لك الطّير فيما كان كان منك بأسعد
تزوّجت من من خير البريّة كلّها ومن ذا الّذي في النّاس مثل محمّد
وبشّر به البرّان عيسى بن مريم وموسى بن عمران فيا قرب موعد
أقرّت به الكتّاب قدما بأنّه رسول من البطحاء هاد ومهتدي
عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أبي الأصبغ، عن بندار بن عاصم، رفعه، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال: ما توسّل إليّ أحد بوسيلة ولا تذرّع بذريعة أقرب له إلى ما يريده منّي من رجل سلف إليه منّي يد أتبعتها أختها وأحسنت ربّها، فإنّي رأيت منع الآخر يقطع لسان شكر الأوائل ، ولا سخت نفسي بردّ بكر الحوائج ، وقد قال الشّاعر:
وإذا بليت ببذل وجهك سائلا فابذله للمتكرّم المفضال
إنّ الجواد إذا حباك بموعد أعطاكه سلسا بغير مطال
وإذا السّؤال مع النّوال وزنته رجح السّؤال وخفّ كلّ نوال
و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، متّصلا بقوله: فيتبعهم النّاس على ذلك. آخر ما نقلناه عنه سابقا، ويؤكّد [ذلك] قوله- جلّ ذكره-: أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ، يعني:
يناظرون بالأباطيل، ويجادلون بالحجج المضلّة ، وفي كلّ مذهب يذهبون.
وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ قال: يعظون النّاس ولا يتّعظون، وينهون عن المنكر [و لا ينتهون] ، ويأمرون بالمعروف ولا يعملون، [و هم الّذين قال اللّه- عزّ وجلّ- منهم
أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ أي في كلّ مذهب يذهبون وأنّهم يقولون مالا يفعلون] وهم الّذين غصبوا آل محمّد- صلوات اللّه عليهم- حقّهم.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا قيل : استثناء للشّعراء المؤمنين الصّالحين الّذين يكثرون ذكر اللّه، [و يكون أكثر] أشعارهم في التّوحيد والثّناء على اللّه- تعالى- والحثّ على طاعته، [و لو قالوا] هجوا أرادوا به الانتصار ممّن هجاهم ومكافحة هجاة المسلمين، كعبد اللّه بن رواحة، وحسّان بن ثابت، والكعبين ،
و كان- صلّى اللّه عليه وآله- يقول له : اهجهم، فو الّذي نفسي بيده، [لهو] أشدّ عليهم من النّبل. وقال لحسّان: قل وروح القدس معك.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، متّصلا بقوله: وهم الّذين غصبوا آل محمّد- صلوات اللّه عليهم- حقّهم. ثمّ ذكر آل محمّد- صلوات اللّه عليهم- وشيعتهم المهتدين، فقال- جلّ ذكره-: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا.
و في كتاب معاني الأخبار : قد روي في خبر آخر، عن الصّادق- عليه السّلام- أنّه سئل عن قول اللّه- عزّ وجلّ- وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً ما هذا الذّكر الكثير؟
قال: من سبّح تسبيح فاطمة الزّهراء- عليها السّلام- فقد ذكر اللّه الذّكر الكثير.
و في أصول الكافي : عليّ [بن إبراهيم] ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من أشدّ ما فرض اللّه على خلقه ذكر اللّه كثيرا.ثمّ قال: لا أعني: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر، وإن كان منه، ولكن ذكر اللّه عند ما أحلّ وحرّم، فإن كان طاعة عمل بها وإن كان معصية تركها.
ابن محبوب ، عن أبي أسامة قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: ما ابتلي المؤمن بشيء أشدّ عليه من [خصال] ثلاث يحرمها.
قيل: وما هنّ؟
قال: المواساة في ذات يده، والإنصاف من نفسه، وذكر اللّه كثيرا. أما إنّي لا أقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه [و اللّه أكبر،] ولكن ذكر اللّه عند ما أحلّ له، وذكر اللّه عند ما حرّم عليه.
عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو، عن أبي المغرا الخصّاف رفعه قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: من ذكر اللّه- عزّ وجلّ- في السّرّ فقد ذكر اللّه كثيرا، إنّ المنافقين كانوا يذكرون اللّه علانية ولا يذكرونه في السّرّ، فقال اللّه- عزّ وجلّ-: يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
.
وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ : تهديد شديد لما في «سيعلم» من الوعيد البليغ، وفي «الّذين ظلموا» من الإطلاق والتّعميم، وفي «أيّ منقلب ينقلبون»، أي: بعد الموت من الإبهام والتّهويل.
و قرئ : «أي منفلت ينفلتون.» من الانفلات، وهو النّجاة، والمعنى: أنّ الظّالمين يطمعون أن ينفلتوا من عذاب اللّه، وسيعلمون أنّ ليس لهم وجه من وجوه الانفلات.
و في جوامع الجامع : قرأ الصّادق- عليه السّلام-: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمّد حقّهم».
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : ثمّ ذكر أعداءهم ومن ظلمهم فقال- جلّ ذكره-:وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمّد حقّهم أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ هكذا، واللّه، نزلت.
و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب: وفي أثر : أنّهم لمّا صلبوا رأس الحسين- عليه السّلام- على الشّجرة سمع منه: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.