إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَ لا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أَ تَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ ، أي: أ تأتون من بين [من] عداكم من العالمين الذّكران لا يشارككم فيه غيركم. أو تأتون الذّكران من أولاد آدم مع كثرتهم وغلبة الإناث فيهم كأنّهنّ قد أعوزنكم، فالمراد بالعالمين على الأوّل: كلّ من ينكح، وعلى الثّاني: النّاس.
وَ تَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ: لاستمتاعكم.
مِنْ أَزْواجِكُمْ: لبيان إن أريد به جنس الإناث. أو للتّبعيض إن أريد العضو المباح منهنّ، فيكون تعريضا بأنّهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم أيضا.
بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ : متجاوزون عن حدّ الشّهوة حيث زادوا على سائر النّاس بل الحيوانات. أو مفرطون في المعاصي، وهذا من جملة ذلك. أو أحقّاء بأن توصفوا بالعدوان لارتكابكم هذه الجريمة.
قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ: عمّا تدّعيه. أو عن نهينا. أو تقبيح أمرنا.
لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ : من المنفيّين من بين أظهرنا. ولعلّهم كانوا يخرجون من أخرجوه على عنف وسوء حال.
قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ : من المبغضين غاية البغض. وهو أبلغ من أن [يقول: إنّي] لعملكم، قال: لدلالته على أنّه معدود في زمرتهم، مشهور بأنّه من جملتهم.
رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ، أي: من شؤمه وعذابه.
فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ : أهل بيته والمتبعين له على دينه بإخراجهم من بينهم وقت حلول العذاب بهم.
إِلَّا عَجُوزاً: هي امرأة لوط.
فِي الْغابِرِينَ : مقدّرة في الباقين في العذاب، إذ أصابها حجر فيالطّريق فأهلكها، لأنّها كانت مائلة إلى القوم راضية بفعلهم.
و قيل : لأنّها كانت تدلّ أهل الفساد على أضيافه.
و قيل : كائنة فيمن بقي في القرية، فإنّها لم تخرج مع لوط.
ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ : أهلكناهم.
وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً قيل : أمطر اللّه على شذاذ القوم حجارة فأهلكهم .
فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ «اللّام» فيه للجنس حتّى يصحّ وقوع المضاف إليه فاعل «ساء». والمخصوص بالذّمّ محذوف، وهو مطرهم.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ .
«الأيكة» غيضة تنبت ناعم الشّجر، يريد، غيضة بقرب مدين يسكنها طائفة، فبعث اللّه إليهم شعيبا- عليه السّلام-، كما بعث إلى مدين، وكان أجنبيّا منهم، فلذلك قال: إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَ لا تَتَّقُونَ . ولم يقل: أخوهم شعيب.
و قيل: الأيكة شجر ملتفّ، وكان شجرهم الدّوم وهو المقل.
و قرأ : ابن كثير ونافع وابن عامر [: «ليكة»] بحذف الهمزة، وإلقاء حركتها على اللّام.
و قرئت كذلك مفتوحة، على أنّها ليكة، وهي اسم بلدتهم، وإنّما كتبت هاهنا وفي «ص» بغير الألف اتباعا للّفظ.و في جوامع الجامع : كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ
و في الحديث: أنّ شعيبا أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة.
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ،