مكّيّة، غير ثلاث آيات في آخرها. وهي مائة [و ثمان] وعشرون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده إلى أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة النّحل في كلّ شهر، كفي المغرم في الدّنيا وسبعين نوعا من أنواع البلاء ، أهونه الجنون والجذام والبرص، وكان مسكنه في جنّة عدن وهي وسط الجنّان.
و في مجمع البيان : أبي بن كعب عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: من قرأها، لم يحاسبه اللّه- تعالى- بالنّعم الّتي أنعمها عليه في دار الدّنيا . وإن مات في يوم تلاها أو ليلته، اعطي . من الأجر، كالّذي مات وأحسن الوصيّة.
أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ قيل : كانوا يستعجلون ما أوعدهم الرّسول- صلّى اللّه عليه وآله- من قيام السّاعة أو إهلاك اللّه- تعالى- إيّاهم، كما فعل يوم بدر، استهزاء وتكذيبا، ويقولون: إن صحّ ما
يقوله ، فالأصنام تشفع لنا وتخلّصنا. فنزلت.
و المعنى: أنّ الأمر الموعود به بمنزلة الآتي المتحقّق، من حيث أنّه واجب الوقوع، فلا تستعجلوا وقوعه، فإنّه لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم عنه.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: نزلت لمّا سألت قريش رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أن ينزّل عليهم العذاب.
و في تفسير العيّاشيّ : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ اللّه إذا أخبر أنّ شيئا كائن، فكأنّه قد كان.
و في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى ابان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: أوّل من يبايع القائم جبرئيل، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه. ثمّ يضع رجلا على بيت اللّه الحرام ورجلا على بيت المقدس، ثمّ ينادي بصوت ذلق تسمعه الخلائق: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ.
عن عليّ بن مهزيار ، عن القائم- عليه السّلام- حديث طويل. فيه أنّه- عليه السّلام- تلا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ.
فقلت: سيّدي يا ابن رسول اللّه، ما الأمر؟
قال: نحن أمر اللّه وجنوده .
و روى الشّيخ المفيد في كتاب الغيبة، بإسناده: عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في هذه الآية قال: هو أمرنا، يعني: قيام قائمنا آل محمّد. أمرنا اللّه أن لا نستعجل به، فيؤيّده إذا أتى ثلاثة: جنود الملائكة، والمؤمنون، والرّعب.
و خروجه- عليه السّلام-، كخروج رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- من مكّة. وهو قوله:كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ.
سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ : تبرّأ وجلّ عن أن يكون له شريك، فيدفع ما أراد بهم.
و قرأ حمزة والكسّائي، بالتّاء، على وفق قوله: فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ. والباقون، بالياء، على تلوين الخطّاب، أو على أنّ الخطّاب للمؤمنين، أو لهم ولغيرهم لما نقل: أنّه لمّا نزلت أَتى أَمْرُ اللَّهِ فوثب النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- ورفع النّاس رؤوسهم، فنزلت فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ.
يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ قيل : بالوحي. أو القرآن، فإنّه يحيى به القلوب الميّتة بالجهل، أو يقوم في الدّين مقام الرّوح في الجسد.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، يعني: بالقوّة الّتي جعلها اللّه فيهم.
و عن أبي جعفر - عليه السّلام- يقول: بالكتاب والنّبوّة.
و قرأ ابن كثير وأبو عمرو: «و ينزل» من أنزل.
و عن يعقوب ، مثله. وعنه: «تنزّل»، بمعنى: تتنزّل.
و قرأ أبو بكر: «تنزّل» على المضارع المبنيّ للمفعول، من التّنزيل.
مِنْ أَمْرِهِ: بأمره. أو من أجله.
عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ: أن يتّخذه رسولا.
و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن أسباط، عن الحسين بن أبي العلا، عن سعد الإسكاف قال: أتى رجل أمير المؤمنين- عليه السّلام- يسأله عن الرّوح: أليس هو جبرئيل؟
فقال له أمير المؤمنين- عليه السّلام-: جبرئيل من الملائكة والرّوح غير جبرئيل [فكرّر ذلك على الرّجل.
فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم أنّ الرّوح غير جبرئيل.]
فقال له أمير المؤمنين- عليه السّلام-: إنّك ضالّ تروي عن أهل الضّلال. يقول اللّه- عزّ وجلّ- لنبيّه: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ، يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ. والرّوح غير الملائكة- عليهم السّلام-.
و في كتاب بصائر الدّرجات : عن الباقر- عليه السّلام- أنّه سئل عن هذه الآية.
فقال: جبرئيل الّذي نزل على الأنبياء، والرّوح يكون معهم ومع الأوصياء لا يفارقهم يفقّههم ويسدّدهم من عند اللّه. (الحديث).
أَنْ أَنْذِرُوا: بأن أنذروا، أي: أعلموا. من أنذرته بكذا: إذا أعلمته.
أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ : أنّ الشّأن لا إله إلّا أنا فاتّقون. أو خوّفوا أهل الكفر والمعاصي، بأنّه لا إله إلّا أنا.
قوله: «فاتّقون» رجوع إلى مخاطبتهم بما هو المقصود.
و «أن» قيل : هي مفسّرة، لأنّ الرّوح بمعنى الوحي الدّالّ على القول. أو مصدريّة في موضع الجرّ بدلا من الرّوح، أو النّصب بنزع الخافض. أو مخفّفة من الثّقيلة.
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ : منهما، أو ممّا يفتقر في وجوده أو بقائه إليهما وممّا لا يقدر على خلقهما.
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ: جماد لا حسّ لها ولا حراك، سيّالة لا تحفظ الوضع والشّكل.
فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ: منطيق مجادل.
مُبِينٌ : للحجّة. أو خصيم مكافح لخالقه قائل: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: خلقه من قطرة ماء منتن، فيكون خصيما متكلّما بليغا.
وَ الْأَنْعامَ: الإبل والبقر والغنم.
و انتصابها بمضمر يفسّره: خَلَقَها لَكُمْ، أو بالعطف على «الإنسان».
و خَلَقَها لَكُمْ بيان ما خلقت لأجله. وما بعده تفصيل له.فِيها دِفْءٌ.
«الدّفء» اسم لما يدفأ به، فيقي البرد ، كما أنّ الملأ اسم لما يملأ به. وهو الدّفاء من لباس معمول من صوف أو وبر.
و في كتاب الخصال : عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه- عليهم السّلام-، عن عليّ- عليه السّلام- قال: سئل النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: أيّ المال خير؟
قال: زرع زرعه صاحبه وأدّى حقّه يوم حصاده.
قيل: وأيّ مال بعد الزّرع خير؟
قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواقع القطر، يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة.
قيل: فأيّ المال بعد الغنم خير؟
قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير.
قيل: فأيّ المال بعد البقر خير؟
قال: الرّاسيات في الوحل المطعمات في المحل . نعم المال النّخل. من باعه، فإنّما ثمنه بمنزلة رماد على شاهقة اشتدّت به الرّيح في يوم عاصف، إلّا أن يخلف مكانها.
قيل: يا رسول اللّه، فأيّ المال بعد النّخل خير؟
فسكت.
فقال له الرّجل: فأين الإبل؟
قال: فيها الشّقاء والجفاء والعناء وبعد الدار ، تغدو مدبرة [و تروح مدبرة] ، لا يأتي خيرها إلّا من جانبها الأشأم.عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ- عليهم السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: الغنم إذا أقبلت، أقبلت. وإذا أدبرت، أقبلت. والبقر إذا أقبلت، أقبلت. وإذا أدبرت، أدبرت. والإبل أعناق الشّياطين، إذا أقبلت، أدبرت. وإذا أدبرت، أدبرت. ولا يجيء خيرها إلّا من جانب الأشأم.
قيل: يا رسول اللّه، فمن يتّخذها بعد ذا؟
قال: فأين الأشقياء الفجرة؟
عن الحارث قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: عليكم بالغنم والحرث، فإنّهما يروحان بخير ويغدوان بخير. قال: فقيل له:
يا رسول اللّه، فأين الإبل؟
قال: تلك أعناق الشّياطين، ويأتي خيرها من الجانب الأشأم.
قيل: يا رسول اللّه، إن سمع النّاس بذلك تركوها.
فقال إذا لا يعدمها الأشقياء الفجرة.
عن أمير المؤمنين - عليه السّلام-: أفضل ما يتّخذه الرّجل في منزله لعياله الشّاة.
فمن كان في منزله شاة، قدّست عليه الملائكة [في كلّ يوم مرّة ومن كانت عنده شاتان، قدست عليه الملائكة] مرتين في كلّ يوم، وكذلك في الثّلاث. تقول: بورك فيكم.
عن الحسن بن مصعب قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ للّه- تعالى- في كلّ يوم وليلة ملكا ينادي: مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلولا بهائم رتّع وصبية رضّع وشيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّا وترضّون بها رضّا.
وَ مَنافِعُ: نسلها ودرّها وظهورها. وإنّما عبّر عنها بالمنافع، ليتناول عوضها وللاختصار.
وَ مِنْها تَأْكُلُونَ ، أي: تأكلون ما يؤكل منها، كاللّحوم والشّحوم والألبان.
و تقديم الظّرف، للمحافظة على رؤوس الآي. أو لأنّ الأكل منها هو المعتادو المعتمد عليه في المعاش، وأمّا الأكل من سائر الحيوانات المأكولة فعلى سبيل التّداوي أو التّفكّه.
وَ لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ: تردّونها من مراعيها إلى مراحها بالعشيّ.
وَ حِينَ تَسْرَحُونَ : تخرجونها بالغداة إلى المراعي. فإنّ الأفنية تتزيّن بها في الوقتين، ويجلّ أهلها في أعين النّاظرين إليها.
و تقديم الإراحة، لأنّ الجمال فيها أظهر. فإنّها تقبل ملأى البطون حافلة الضّروع، ثمّ تأوى إلى الحظائر حاضرة لأهلها.
و قرئ : «حينا» على أنّ «تريحون» و«تسرحون» وصفان له، بمعنى: تريحون فيه وتسرحون فيه.
وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ: أحمالكم.
إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إن لم تكن الأنعام ولم تخلق، فضلا عن أن تحملوها على ظهوركم إليه.
إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ: إلّا بكلفة ومشقّة.
و قرئ ، بالفتح. وهو لغة فيه.
و قيل : المفتوح مصدر شقّ الأمر عليه، وأصله: الصّدع. والمكسور، بمعنى:
النّصف، كأنّه ذهب نصف قوته بالتّعب.
إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ : حيث رحمكم بخلقها، لانتفاعكم وتيسير الأمر عليكم.
و في الكافي : أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى [عن عبد اللّه بن يحيى] الكاهليّ قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول ويذكر الحجّ، فقال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: هو أحد الجهادين، هو جهاد الضّعفاء ونحن الضّعفاء. أمّا إنّه ليس شيء أفضل من الحجّ إلّا الصّلاة. وفي الحجّ هاهنا صلاة، وليس في الصّلاة قبلكم حج. لا تدع الحجّ وأنت تقدر عليه. أما ترى أنّه يشعث رأسك،و يقشف فيه جلدك، وتمتنع فيه من النّظر إلى النّساء. وإنّا نحن هاهنا ونحن قريب، ولنا مياه متّصلة ما نبلغ الحجّ حتّى يشقّ علينا، فكيف أنتم في بعد البلاد. وما من ملك ولا سوقة يصل إلى الحجّ، إلّا بمشقّة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردّها. وذلك قوله- عزّ وجلّ-: وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ (الآية).
و في كتاب علل الشّرائع : أبي- رحمه اللّه- قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان وفضالة، عن القاسم الكاهليّ قال:
سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يذكر الحجّ. وذكر، مثل ما نقلناه عن الكاهليّ سواء.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ.
قال: حين ترجع من المرعى.
قوله: وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ.
قال: إلى مكة والمدينة وجمع البلدان.
وَ الْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ: عطف على «الأنعام».
لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً: ولتتزيّنوا بها زينة.
و قيل : هي معطوفة على محلّ «لتركبوها». وتغيير النّظم لأنّ الزّينة بفعل الخالق والرّكوب ليس بفعله، ولأنّ المقصود من خلقها الرّكوب وأمّا التّزيّن بها فحاصل بالعرض.
و قرئ ، بغير واو. وعلى هذا يحتمل أن يكون علّة «لتركبوها»، أو مصدرا في موقع الحال من أحد الضّميرين، أي: متزيّنين، أو متزيّنا بها.
في تفسير العيّاشيّ : عن زرارة، عن أحدهما- عليهما السّلام- قال: سألته عن أبوال الخيل [و البغال] والحمير.قال: نكرّهها .
فقلت: أليس لحمها حلالا؟
فقال: أليس قد بيّن اللّه لكم وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وقال: [في الخيل] وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً. فجعل للأكل الأنعام الّتي قصّ اللّه في الكتاب، وجعل للرّكوب الخيل والبغال والحمير. وليس لحومها بحرام، ولكن النّاس عافوها.
و في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن غير واحد، عن أبان، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب، فصعد إبراهيم وإسماعيل- عليهما السّلام- على جبل جياد ثمّ صاحا: ألا هلا .
قال: فما بقي [فرس] إلّا أعطاهما بيده، وأمكن من ناصيته.
عنه، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
عنه»، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن معمّر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال:
سمعته يقول: الخير كلّه معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة.
و في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى عبدوس بن أبي عبيدة قال: سمعت الرّضا- عليه السّلام- يقول: أوّل من ركب الخيل إسماعيل، وكانت وحشيّة لم تركب، فحشرها اللّه- عزّ وجلّ- على إسماعيل من جبل منى. وإنّما سمّيت الخيل: العراب، لأنّ أوّل من ركبها إسماعيل.
و بإسناده إلى محمّد بن يعقوب: عن عليّ بن محمّد بإسناده قال: قال علي- عليهالسّلام- لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل: أوّل من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل. وأوّل من ركب البغل ابن آدم- عليه السّلام- وذلك كان له ابن يقال له: معد، وكان عشوقا للدّوابّ. وأوّل من ركب الحمار حوّاء.
و في كتاب الخصال : عن امّ الدرداء، عن أبي الدردا، قال : قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من أصبح معافي في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه، فكأنّما حيزت له الدّنيا. يا بن آدم، يكفيك من الدّنيا ما سدّ جوعتك ووارى عورتك. فإن يكن بيت يكنّك، فذاك. وإن يكن دابّة تركبها، فبخ بخ فلق الخبز وماء الجرّ ، وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب.
عن نافع بن عبد الحارث قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من سعادة المسلم سعة المسكن والجار الصّالح والمركب الهنيء.
عن أبي عبد اللّه - عليه السّلام- قال: سمعت أبي يحدّث، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: خمس لا أدعهنّ حتّى الممات: ركوب الحمار مردوفا . (الحديث).
و عن الإمام الباقر - عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: خمس لست بتاركهنّ حتّى الممات: ركوب الحمار مردوفا . (الحديث).
عن يعقوب بن سالم ، رفع الحديث إلى أمير المؤمنين- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لا يرتدف ثلاثة على دابّة، فإنّ أحدهم ملعون، وهو المقدّم.
عن الحسين بن زيد ، قال: بلغني أنّ اللّه- تعالى- خلق الخيل من أربعة أشياء:من البحر الأعظم المحدق بالدّنيا، ومن النّار، ومن دموع ملك يقال له: إبراهيم، ومن بئر طيبة.
وَ يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ .
و قيل : لمّا فصّل الحيوانات الّتي يحتاج إليها غالبا احتياجا ضروريّا أو غير ضروريّ، أجمل غيرها. ويجوز أن يكون إخبارا بأنّ له من الخلائق ما لا علم لنا به، وأن يراد به ما خلق في الجنّة والنّار ممّا لم يخطر على قلب بشر.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: العجائب الّتي خلقها في البرّ والبحر.
وَ عَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ: بيان مستقيم الطّريق الموصل إلى الحقّ. أو إقامة السّبيل وتعديلها، رحمة وفضلا. أو عليه قصد السّبيل الّذي يصل إليه من يسلكه لا محالة.
يقال: سبيل قصد وقاصد، أي: مستقيم، كأنّه يقصد الوجه الّذي يقصده السّالك لا يميل عنه.
و المراد بالسّبيل: الجنس، ولذلك أضاف إليه القصد. وقال: وَمِنْها جائِرٌ:
مائل عن القصد، أو عن اللّه- تعالى-.
و تغيير الأسلوب لأنّه ليس بحقّ على اللّه- تعالى- أن يبيّن طريق الضّلالة، أو لأنّ المقصود بيان سبيله. وتقسيم السّبيل إلى القصد والجائر، إنّما جاء بالعرض.
و قرئ : «و منكم جائر»، أي: عن القصد.
وَ لَوْ شاءَ: اللّه.
لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ، أي: ولو شاء هدايتكم أجمعين لهداكم إلى قصد السّبيل هداية مستلزمة للاهتداء.
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ: من السّحاب، أو من جانب السّماء.
ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ: ما تشربونه.
و «لكم» صلة «أنزل». أو خبر «شراب»، و«من» تبعيضيّة متعلّقة به.
و تقديمها يوهم حصر المشروب فيه ولا بأس به، لأنّ مياه العيون والآبار منه لقوله:
فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ وقوله: فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ.
وَ مِنْهُ شَجَرٌ: ومنه يكون شجر.
قيل : يعني: الشّجر الّذي ترعاه المواشي.
و قيل : كلّ ما ينبت على الأرض شجر. قال:
نعلفها اللّحم إذا عزّ الشّجر والخيل في إطعامها اللّحم ضرر
فِيهِ تُسِيمُونَ : ترعون. من سامت الماشية، وأسامها صاحبها.
و أصلها: السّومة، وهي العلامة. لأنّها تؤثر بالرّعي علامات.
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وقرأ أبو بكر، بالنّون، على التّفخيم.
وَ الزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ: وبعض كلّها، إذ لم ينبت في الأرض كلّ ما يمكن من الثّمرات.
قيل : ولعلّ تقديم ما يسام فيه على ما يؤكل منه، لأنّه سيصير غذاء حيوانيّا هو أشرف الأغذية. ومن هذا تقديم الزّرع، والتّصريح بالأجناس الثّلاثة، وترتيبها.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ : على وجود الصّانع وحكمته. فإنّ من تأمّل أنّ الحبّة تقع في الأرض، وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشقّ أعلاها ويخرج منها ساق الشّجر، وينشقّ أسفلها فيخرج منها عروقها، ثمّ تنمو ويخرج منها الأوراق والأزهار والأكمام والثّمار، ويشتمل كلّ منها على الأجسام المختلفة الأشكال والطّبائع مع اتّحاد الموادّ ونسبة الطّبائع السّفليّة والتّأثيرات الفلكيّة إلى الكلّ، علم أنّ ذلك ليس إلّا بفعل فاعل مختار مقدّس عن منازعة الأضداد والأنداد.
وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ: بأن هيّأها لمنافعكم.
مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ: حال من الجميع، أي: نفعكم بها كونها مسخّرات للّه خلقها للّه ودبّرها كيف شاء. أو لما خلقن له بإيجاده وتقديره، أو لحكمه. وفيه إيذان بالجواب عمّا عسى أن يقال: إنّ المؤثّر في تكوين النّبات حركات الكواكب وأوضاعها،فإنّ ذلك إن سلم فلا ريب في أنّها أيضا ممكنة الذّات والصّفات واقعة على بعض الوجوه المحتملة، فلا بدّ لها من موجد مخصّص مختار واجب الوجود دفعا للدّور والتسلسل.
أو مصدر ميميّ، جمع لاختلاف الأنواع .
و قرأ حفص: وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ على الابتداء والخبر، فيكون تعميما للحكم بعد تخصيصه. ورفع ابن عامر الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ أيضا.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ : جمع الآية وذكر العقل، لأنّها تدلّ أنواعا من الدّلالة ظاهرة لذوي العقول السّليمة غير محوجة إلى استيفاء وفكر، كأحوال النّبات.
وَ ما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ: عطف على «اللّيل»، أي: وسخر لكم ما خلق لكم فيها من حيوان ونبات.
مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ: أصنافه، فإنّها تتخالف باللّون غالبا.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ : أنّ اختلافها في الطّبائع والهيئات والمناظر ليس إلّا بصنع صانع حكيم.
وَ هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ: جعله بحيث تتمكّنون من الانتفاع به بالرّكوب والاصطياد والغوص.
لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا: هو السّمك.
و وصفه بالطّراوة، لأنّه أرطب اللّحوم فيسرع إليه الفساد فيسارع إلى أكله، ولإظهار قدرته في خلقه عذبا طريّا في ماء زعاق.
وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها، كاللّؤلؤ والمرجان.
وَ تَرَى الْفُلْكَ: السّفن.
مَواخِرَ فِيهِ: جواري فيه، تشقّه بحيزومها. من المخر، وهو شقّ الماء.
و قيل : صوت جري الفلك.
وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ: من سعة رزقه بركوبها للتّجارة.وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، أي: تعرفون نعم اللّه، فتقومون بحقّها.
وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ: جبالا ثوابت.
أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ: كراهة أن تميل بكم وتضطرب.
قيل: وذلك، لأنّ الأرض قبل أن تخلق فيها الجبال كانت كرة خفيفة بسيطة الطّبع، وكان من حقّها أن تتحرّك بالاستدارة، كالأفلاك أو أن تتحرّك بأدنى سبب للتّحريك. فلمّا خلقت الجبال على وجهها، تفاوتت جوانبها وتوجّهت الجبال بثقلها نحو المركز فصارت، كالأوتاد الّتي تمنعها عن الحركة.
و قيل : لمّا خلق اللّه الأرض جعلت تمور، فقالت الملائكة: ما هي بمقرّ أحد على ظهرها. فأصبحت وقد أرسيت بالجبال.
و في كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثوريّ: عن الصّادق- عليه السّلام- حديث طويل. يقول فيه- عليه السّلام-: وأمّا «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السّماء منه، وبه يمسك اللّه الأرض أن تميد بأهلها.
و في أصول الكافي : أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كان أمير المؤمنين- عليه السّلام- باب اللّه الّذي لا يؤتى إلّا منه، وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك. وكذلك يجري الأئمّة الهدى واحدا بعد واحد، جعلهم اللّه أركان الأرض أن تميد بأهلها.
الحسين بن محمّد الأشعريّ ، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور القمّيّ، عن محمّد بن سنان قال: حدّثنا المفضّل قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول.
و ذكر، كالحديث السّابق.
عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسين ، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، شباب الصّيرفي قال: حدّثنا سعيد الأعرج، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-. ثمّ ذكر مثله- أيضا-.
محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد جميعا، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن حسّان قال: حدّثني أبو عبد اللّه الرّياحيّ، عن أبي الصّامت الحلوانيّ ، عن أبي جعفر- عليه السّلام-. ثمّ ذكر مثله- أيضا- بتغيير يسير.
و هذه الأحاديث الأربعة طويلة أخذت منها موضع الحاجة.
و في كتاب الخصّال : عن الصّادق، عن أبيه، عن جدّه - عليهم السّلام-: أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: [ما خلق اللّه- عزّ وجلّ- خلقا إلّا وقد أمّر عليه اخر يغلبه وذلك] إنّ اللّه- تبارك وتعالى- لمّا خلق البحار فخرت وزخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق اللّه الفلك فأدارها به وذلّلها. ثمّ أنّ الأرض فخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق اللّه الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا منعها من أن تميد بأهلها، وذلّت الأرض واستقرّت.
و في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى أبي هراسة: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله.
و بإسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرّضا- عليه السّلام- ولا تخلو الأرض من قائم منّا ظاهر أو خاف . ولو خلت يوما بغير حجّة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله.
و بإسناده له آخر إلى أبي هراسة: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لو أنّ الإمام رفع من الأرض لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله.
و بإسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش: عن الصّادق، جعفر بن محمّد، عن
أبيه، محمّد بن عليّ، عن أبيه، عليّ بن الحسين- عليهم السّلام- حديث طويل. يقول فيه: وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها .
و بإسناده إلى الحسين بن عليّ بن أبي حمزة الثّماليّ: عن أبيه، عن الصّادق- عليه السّلام-، جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه- عليهم السّلام-، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: وبهم يمسك اللّه- عزّ وجلّ- السّماء أن تقع على الأرض إلّا بأذنه، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.
و يروى في الأخبار الصّحيحة عن أئمّتنا- عليهم السّلام-: أنّ من رأى رسول اللّه أو واحدا من الأئمّة- صلوات اللّه عليهم- قد دخل مدينة أو قرية في منامه، فإنّه أمن لأهل تلك المدينة أو القرية ممّا يخافون ويحذرون، وبلوغ لما يأملون ويرجون.
وَ أَنْهاراً: وجعل فيها أنهارا. لأنّ «ألقى» فيه معناه.
وَ سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ : لمقاصدكم، أو إلى معرفة اللّه- تعالى-.
وَ عَلاماتٍ: معالم يستدلّ بها السّابلة، من جبل ومنهل وريح ونحوها.
وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ : باللّيل في البراري والبحار. والمراد بالنّجم:
الجنس. ويدلّ عليه قراءة: «و بالنّجم» بضمّتين، وضمّة وسكون على الجمع.
و قيل : الثّريّا، والفرقدان، وبنات نّعش، والجدي.
قيل : ولعلّ الضّمير لقريش، لأنّهم كانوا كثير الأسفار للتّجارة مشهورين بالاهتداء في مسايرهم بالنّجوم.
و إخراج الكلام عن سنن الخطاب وتقديم النّجم وإقحام الضّمير، للتّخصيص، كأنّه قيل: وبالنّجم هؤلاء خصوصا يهتدون. فالاعتبار بذلك والشّكر عليه ألزم لهم وأوجب عليهم.
و في أصول الكافي : الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن أبي داود المسترق قال: حدّثنا داود الجصّاص قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.قال: النجم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. و«العلامات» الأئمّة- عليهم السّلام-.
الحسين بن محمّد ، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أسباط بن سالم قال: سأل الهيثم أبا عبد اللّه- عليه السّلام- وأنا عنده عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.
[فقال: رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- النّجم. و«العلامات» الأئمّة- عليهم السّلام-.
الحسين بن محمّد ، عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرّضا- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ] .
قال: نحن العلامات، والنّجم رسول اللّه.
و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب: داود الجصّاص، عن الصّادق. والوشّاء عن الرّضا- عليهما السّلام-: «النّجم» رسول اللّه. و«العلامات» الأئمّة.
عن الرّضا- عليه السّلام-: قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لعليّ- عليه السّلام-: أنت نجم بني هاشم.
و عنه قال- عليه السّلام-: أنت أحد العلامات.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن النّضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: «النّجم» رسول اللّه. و«العلامات» الأئمّة- عليهم السّلام-.
حدّثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام- قال: قلت له: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ.
قال: «النّجم» رسول اللّه. وقد سمّاه اللّه- عزّ وجلّ- في غير موضع، فقال:
وَ النَّجْمِ إِذا هَوى. وقال: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ. فالعلامات الأوصياء،و النّجم رسول اللّه.
و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
و في مجمع البيان : وروى أبو الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- : إنّ اللّه جعل النّجوم أمانا لأهل السّماء، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض.
و في أمالي شيخ الطّائفة - قدّس سرّه- بإسناده إلى أبي بصير: عن أبي عبد اللّه، جعفر بن محمّد- عليهما السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.
قال: «النّجم» رسول اللّه.
و «العلامات» الأئمّة- عليهم السّلام-.
و في تفسير العيّاشي : عن المفضّل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما- عليهما السّلام- في قوله: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.
قال: هو أمير المؤمنين- عليه السّلام-.
عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن- عليه السّلام- في قول اللّه- تعالى-:
وَ عَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.
قال: نحن العلامات. والنجم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
[عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-:]»
وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ. قال: هو الجدي. لأنّه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة، وبه يهتدون أهل البرّ والبحر.
[عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله:
وَ عَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.قال: ظاهر وباطن الجدي وعليه تبنى القبلة وبه يهتدي أهل البرّ والبحر لأنه] لا يزول. يعني معناه: الظاهر الجدي، والباطن رسول اللّه.
أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ: إنكار بعد إقامة الدلائل المتكاثرة على كمال قدرته، وتناهي حكمته، والتفرّد بخلق ما عدّد من مبدعاته لأنّ يساويه ويستحقّ مشاركته ما لا يقدر على خلق شيء من ذلك، بل على إيجاد شيء ما. وكان حقّ الكلام: أ فمن لا يخلق، كمن يخلق. لكنّه عكس تنبيها على أنّهم بالإشراك باللّه- سبحانه وتعالى- جعلوه من جنس المخلوقات، فحصل التّشابه، وجاز جعل كلّ منهما مشبّها بها.
و المراد بمن «لا يخلق»: كلّ ما عبد من دون اللّه، مغلّبا فيه أولو العلم منهم. أو الأصنام، وأجروها مجرى أولي العلم، لأنّهم سمّوها آلهة ومن حقّ الإله أن يعلم. أو للمشاكلة بينه وبين من يخلق. أو للمبالغة، وكأنّه قيل: إنّ من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم، فكيف بما لا علم عنده.
أَ فَلا تَذَكَّرُونَ : فتعرفوا فساد ذلك. فإنّه لجلائه، ، كالحاصل للعقل الّذي يحضر عنده بأدنى تذكّر والتفات.
وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها: لا تضبطوا عددها، فضلا أن تطيقوا القيام بشكرها. أتبع ذلك تعداد النّعم وإلزام الحجّة على تفرّده باستحقاق العبادة، تنبيها على أنّ وراء ما عدّد نعما لا تنحصر، وأنّ حقّ عبادته غير مقدور.
إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ: حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكرها.
رَحِيمٌ : لا يقطعها لتفريطكم فيه، ولا يعاجلكم فيه بالعقوبة على كفرانها.
وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ : من عقائدكم وأعمالكم. وهو وعيد وتزييف للشّرك باعتبار العلم.
وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أي: والآلهة الّذين تعبدونهم من دونه.
و قرأ أبو بكر: «يدعون» بالياء.
و قرأ حفص ثلاثتها، بالياء.لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً: لمّا نفى المشاركة بين من يخلق وبين من لا يخلق، بيّن أنّهم لا يخلقون شيئا، ليتّضح أنّهم لا يشاركونه. ثمّ أكّد ذلك بأن أثبت لهم صفات تنافي الألوهيّة، فقال: وَهُمْ يُخْلَقُونَ : لأنّهم ذوات ممكنة، مفتقرة الوجود إلى التّخليق. والإله ينبغي أن يكون واجب الوجود.