وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ: من الشّجر والجبال والأبنية وغيرها.
ظِلالًا: تتقون بها حرّ الشّمس.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: ما يستظلّ به.
وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً: مواضع تسكنون بها من الكهوف والبيوتالمنحوتة فيها. جمع، كن.
وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ: ثيابا من الصّوف والكتان والقطن وغيرها.
تَقِيكُمُ الْحَرَّ: خصّه بالذّكر، اكتفاء بأحد الضّدين، أو لأن وقاية الحرّ كانت أهم عندهم.
و في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن الحرّ والبرد، ممّا يكونان؟
فقال لي: يا أبا أيّوب، إنّ المرّيخ كوكب حارّ وزحل كوكب بارد. فإذا بدأ المرّيخ في الارتفاع، انحطّ زحل. وذلك في الرّبيع. فلا يزالان كذلك كلّما ارتفع المريخ درجة، انحطّ زحل درجة، ثلاثة أشهر، حتّى ينتهي المرّيخ في الارتفاع وينتهي زحل في الهبوط فيجلو المريخ، فلذلك يشتدّ الحرّ. فإذا كان آخر الصّيف وأوّل الخريف، بدأ زحل في الارتفاع وبدأ المرّيخ في الهبوط. فلا يزالان كذلك كلّما ارتفع زحل درجة، انحطّ المرّيخ درجة. حتّى ينتهي المرّيخ في الهبوط وينتهي زحل في الارتفاع، فيجلو زحل. وذلك أوّل الشّتاء وآخر الخريف، فلذلك يشتدّ البرد. وكلّما ارتفع هذا، هبط هذا. وكلّما هبط هذا، ارتفع هذا. فإذا كان في الصّيف يوم بارد، فالفعل في ذلك للقمر. وإذا كان في الشّتاء يوم حار، فالفعل في ذلك للشّمس. هذا تقدير العزيز العليم، وأنا عبد ربّ العالمين.
وَ سَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ، يعني: الدّروع والجواشن. والسّربال يعمّ كلّ ما يلبس.
كَذلِكَ: كإتمام هذه النّعم الّتي تقدّمت.
يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ، أي: تنظرون في نعمته، فتؤمنون به وتنقادون لحكمه .
و قرئ : «تسلمون» من السّلامة، أي: تشكرون فتسلمون من العذاب. أو تنظرون فيها، فتسلمون من الشّرك.و قيل»
: تسلمون من الجراح بلبس الدّروع.
فَإِنْ تَوَلَّوْا: أعرضوا، ولم يقبلوا منك.
فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ : فلا يضرّك. فإنّما عليك البلاغ، وقد بلّغت. وهذا من إقامة السّبب مقام المسبّب.
يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ، أي: يعرف المشركون نعمة اللّه الّتي عدّدها عليهم وغيرها، حيث يعترفون بها وبأنّها من اللّه.
ثُمَّ يُنْكِرُونَها: بعبادتهم غير المنعم بها، وقولهم: إنّها بشفاعة آلهتنا، أو بسبب كذا. أو بإعراضهم من أداء حقوقها.
و قيل : نِعْمَتَ اللَّهِ [نبوة] محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-. عرفوها بالمعجزات، ثمّ أنكروها عنادا، ومعنى «ثمّ»: استبعادا لإنكار بعد المعرفة.
وَ أَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ : الجاحدون عنادا.
و ذكر الأكثر، إمّا لأنّ بعضهم لم يعرف الحقّ لنقصان العقل والتّفريط في النّظر، أو لم تقم عليه الحجّة لأنّه لم يبلغ حدّ التّكليف. وإمّا لأنّه يقام مقام الكلّ، كما في قوله:
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
و في تفسير العيّاشي : عن جعفر بن أحمد ، عن العمركيّ، عن النّيشابوريّ، عن عليّ بن جعفر بن محمّد، عن أخيه، موسى بن جعفر- عليهما السّلام- أنّه سئل عن هذه الآية: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها.
قال: عرفوه ثمّ أنكروه.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها.
قال: نِعْمَتَ اللَّهِ هم الأئمّة. والدّليل على أنّ الأئمّة نعمة اللّه قول اللّه: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً .
قال الصّادق- عليه السّلام-: نحن، واللّه، نعمة اللّه التي أنعم اللّه بها علىعباده. وبنا فاز من فاز.
و في أصول الكافي : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الهاشميّ قال: حدّثني أبي، عن أحمد بن عيسى قال: حدّثني جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه- عليهم السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها.
قال: لمّا نزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ اجتمع نفر من أصحاب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في مسجد المدينة.
فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟
فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية، نكفر بسائرها. وإن آمنّا فإنّ هذا ذلّ حين يسلّط علينا ابن أبي طالب.
فقالوا: قد علمنا أنّ محمّدا صادق فيما يقول، ولكنّا نتولّاه ولا نطيع عليّا عليه السلام في ما أمرنا.
قال: فنزلت هذه الآية يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها، يعني : ولاية عليّ- عليه السّلام-. وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ بالولاية.
وَ يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً قيل : هو نبيّها يشهد لهم وعليهم بالكفر والإيمان.
و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب : أبو حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً.
قال: نحن الشّهود على هذه الأمّة.
و في مجمع البيان : قوله: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً.
قال: لكلّ زمان وأمّة إمام، تبعث كلّ أمّة مع إمامها.ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا: في الاعتذار، إذ لا عذر لهم.
و قيل : في الرّجوع إلى الدّنيا. و«ثمّ» لزيادة ما يحيق بهم من شدّة المنع عن الاعتذار، واستبعاد لما يتمنّونه من جواز الاعتذار.
وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ : ولا هم يسترضون . من العتبى، وهي الرّضا.
و انتصاب «يوم» بمحذوف، تقديره: اذكر، أو خوّفهم، أو يحيق بهم ما يحيق وكذا قوله:
وَ إِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ: عذاب جهنّم.
فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ، أي: العذاب.
وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ : يمهلون.
وَ إِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ: أوثانهم الّتي دعوها شركاء. أو الشّياطين الّذين شاركوهم في الكفر بالحمل عليه.
قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ: نعبدهم أو نطيعهم، وهو اعتراف بأنّهم كانوا مخطئين في ذلك. أو التماس لأن يشطر عذابهم.
فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ ، أي: أجابوهم بالتّكذيب في أنّهم شركاء للّه. أو أنّهم ما عبدوهم حقيقة وإنّما عبدوا أهواءهم، كقوله: كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ. ولا يمتنع إنطاق اللّه الأصنام به حينئذ. أو في أنّهم حملوهم على الكفر وألزموهم إيّاه، كقوله: وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي.
وَ أَلْقَوْا: وألقى الّذين ظلموا.
إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ: الاستسلام لحكمه بعد الاستكبار في الدّنيا.
وَ ضَلَّ عَنْهُمْ: وبطل.
ما كانُوا يَفْتَرُونَ : من أنّ آلهتهم ينصرونهم ويشفعونهم حين كذّبوهم وتبرّؤوا منهم.
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: بالمنع عن الإسلام، والحمل على الكفر.
زِدْناهُمْ عَذاباً: لصدّهم.فَوْقَ الْعَذابِ: المستحقّ بكفرهم.
بِما كانُوا يُفْسِدُونَ : بكونهم مفسدين بصدّهم.
وَ يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، يعني: نبيّهم. فإنّ نبيّ كلّ أمّة يبعث منهم.
وَ جِئْنا بِكَ: يا محمّد.
شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ: على أمّتك.
وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ: استئناف. أو حال بإضمار «قد».
تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ: من أمور الدّين.
وَ هُدىً وَرَحْمَةً: للجميع. وإنّما حرمان المحروم من تفريطه.
وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ : خاصّة.
في مجمع البيان : قوله: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ.
قال: كفروا بعد النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- وصدّوا عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-. زِدْناهُمْ عَذاباً (الآية). ثمّ قال: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، يعني: من الأئمّة. ثمّ قال لنبيّه: وَجِئْنا بِكَ يا محمّد: شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ، يعني: على الأئمّة. فرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- شهيد على الأئمّة، وهم شهداء على النّاس.
و في تفسير العيّاشي : عن منصور، عن حمّاد اللّحّام قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: نحن، واللّه، نعلم ما في السّماوات وما في الأرض وما في الجنّة وما في النّار وما بين ذلك.
قال: فبقيت أنظر إليه.
فقال: يا حمّاد، إنّ ذلك في كتاب اللّه ثلاث مرات.
قال: ثمّ تلا هذه الآية يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ.إنّه من كتاب فيه تبيان كلّ شيء.
عن عبد اللّه بن الوليد قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: قال لموسى:
وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. فعلمنا أنّه لم يكتب لموسى الشّيء كلّه. وقال اللّه لعيسى: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ. وقال اللّه لمحمّد- عليه وآله السّلام-: وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ.
عن يونس ، عن عدّة من أصحابنا قالوا: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّي لأعلم خبر السّماوات وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن، كأنّه في كفّي.
قال: من كتاب اللّه أعلمه. إنّ اللّه يقول: فيه تبيان كلّ شيء.
و في عيون الأخبار ، في باب مجلس الرّضا- عليه السّلام- مع أهل الأديان والمقالات في التّوحيد. قال الرّضا- عليه السّلام- في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- وما جاء به وأمر كلّ نبيّ بعثه اللّه. ومن آياته أنّه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا، لم يتعلّم كتابا ولم يختلف إلى معلّم. ثمّ جاء بالقرآن الّذي فيه قصص الأنبياء- عليهم السّلام- وأخبارهم حرفا حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.
و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء. حتّى، واللّه، ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد. حتّى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن، إلّا وأنزله اللّه فيه.
عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حسين بن المنذر، عن عمر بن قيس العتيق، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمّة، إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله- صلّى اللّه عليه وآله-. وجعل لكلّ شيء حدّا، وجعل عليه دليلا يدلّ عليه، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدّا.عليّ ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: ما من شيء، إلّا وفيه كتاب أو سنّة.
عليّ بن إبراهيم [عن أبيه] ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر- عليه السّلام-: إذا حدّثتكم بشيء، فاسألوني من كتاب اللّه.
ثمّ قال في بعض حديثه: إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السّؤال.
فقيل له: يا بن رسول اللّه، أين هذا من كتاب اللّه؟ قال: إنّ اللّه- عزّ وجلّ- يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.
و قال: لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً. وقال: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عمّن حدّثه، عن المعلّى بن خنيس قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: ما من أمر يختلف فيه اثنان، إلّا وله أصل في كتاب اللّه- عزّ وجلّ-. ولكن لا تبلغه عقول الرّجال.
محمّد بن يحيى ، عن بعض أصحابه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: أيّها النّاس، إنّ اللّه- تبارك وتعالى- أرسل إليكم الرّسول- صلّى اللّه عليه وآله-.
إلى أن قال: فجاءهم بنسخة ما في الصّحف الأولى، وتصديق [الّذي بين يديه، وتفصيل الحلال من ريب الحرام. ذلك القرآن فاستنطقوه] ولن ينطق لكم.
أخبركم عنه، أنّ فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون. فلو سألتموني عنه، لأخبرتكم .
محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن حمّاد بن
عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: قد ولدني رسول اللّه، وأنا أعلم بكتاب اللّه. وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السّماء وخبر الأرض وخبر الجنّة وخبر النّار وخبر ما كان وخبر ما هو كائن. أعلم ذلك، كما أنظر إلى كفّي. إنّ اللّه يقول: فيه تبيان كلّ شيء.
عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النّعمان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كتاب اللّه فيه تبيان ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم، ونحن نعلمه.
عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن [محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي المغرا، عن سماعة، عن] أبي الحسن، موسى- عليه السّلام- قال: قلت له: أكلّ شيء في كتاب اللّه وسنّة نبيّه- صلّى اللّه عليه وآله-. أو تقولون فيه؟
قال: بل كلّ شيء في كتاب اللّه وسنّة نبيّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه المؤمن، عن عبد الأعلى، مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: واللّه، إنّي لأعلم كتاب اللّه من أوّله إلى آخره، كأنّه في كفّي. فيه خبر السّماء وخبر الأرض وخبر ما كان و[خبر] ما هو كائن. قال اللّه- عزّ وجلّ-: فيه تبيان كلّ شيء.
عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة. وعدّة من أصحابنا، منهم عبد الأعلى، وأبو عبيدة، وعبد اللّه بن بشر الجثعميّ سمعوا أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: إنّي لأعلم ما في السّماوات وما في الأرض، وأعلم ما في الجنّة، وأعلم ما في النّار، وأعلم ما كان وما يكون.
قال: ثمّ سكت هنيئة، فرأى أنّ ذلك كبر على من سمعه.
فقال: علمت ذلك من كتاب اللّه- عزّ وجلّ-. يقول: فيه تبيان كل شيء.
محمّد بن يحيى الأشعري ، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن النّضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيّ، عن أيّوب بن الحرّ قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: إنّ اللّه- عزّ ذكره- ختم بنبيّكم النّبيّين، فلا نبيّ بعده أبدا . وختم بكتابكم الكتب، فلا كتاب بعده أبدا. وفيه تبيان كلّ شيء. وخلقكم وخلق السّماوات والأرض، ونبأ ما قبلكم، وفصل ما بينكم، وخبر ما بعدكم، وأمر الجنّة والنّار، وما أنتم صائرون إليه.
محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الأعلى قال:
سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: وأنا امرؤ من قريش، قد ولدني رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-، وعلمت كتاب اللّه. وفيه تبيان كلّ شيء، بدء الخلق، وأمر السّماء وأمر الأرض، وأمر الأوّلين وأمر الآخرين، وأمر ما كان و[أمر] ما يكون، كأنّي أنظر إلى ذلك نصب عيني.
عليّ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ العزيز الجبّار أنزل عليكم كتابه، وهو الصّادق البارّ. فيه خبركم، وخبر من قبلكم، وخبر من بعدكم، وخبر السّماء والأرض. ولو أتاكم من يخبركم عن ذلك، لتعجّبتم.
و في نهج البلاغة ، في كلام له- عليه السّلام- في ذمّ اختلاف العلماء في الفتيا:
أم أنزل اللّه دينا ناقصا، فاستعان بهم على إتمامه. أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى. أم أنزل [اللّه- سبحانه-] دينا تامّا، فقصّر رسول اللّه عن تبليغه وأدائه.
و اللّه- سبحانه- يقول: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ. وفيه تبيان كلّ شيء.إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ: بالتّوسط في الأمور.
و في كتاب الخصال : عن السّكونيّ، عن أبي عبد اللّه، جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ- عليهم السّلام- [عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-] قال: تكلّم النّار يوم القيامة ثلاثة: أميرا وقارئا وذا ثروة من المال. فتقول للأمير: يا من وهب اللّه له سلطانا ولم يعدل. فتزدرده، كما يزدرد الطّير حبّ السّمسم. وتقول للقارئ (الحديث).
وَ الْإِحْسانِ، أي: إحسان الطّاعات. وهو إمّا بحسب الكمّيّة، كالتّطوّع بالنّوافل.
أو بحسب الكيفيّة، كما قال- صلّى اللّه عليه وآله-: الإحسان، أن تعبد اللّه، كأنّك تراه. فإن لم تكن تراه، فإنّه يراك.
وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى: وإعطاء الأقارب ما يحتاجون إليه. وهو تخصيص بعد تعميم، للمبالغة.
وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ: عن الإفراط في مشايعة القوّة الشّهويّة، كالزّنا. فإنّه أقبح أحوال الإنسان وأشنعها.
وَ الْمُنْكَرِ: ما ينكره العقل.
وَ الْبَغْيِ: بالاستعلاء والاستيلاء على النّاس، والتّجبّر عليهم بغير حقّ.
و في كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى عمرو بن عثمان التّيميّ القاضي قال: خرج أمير المؤمنين- عليه السّلام- على أصحابه وهم يتذاكرون المروءة.
فقال: أين أنتم من كتاب اللّه- تعالى-.
قالوا: يا أمير المؤمنين، في أيّ موضع؟
فقال: في قوله- عزّ وجلّ-: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ. فالعدل الإنصاف. والإحسان التّفضّل.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: «العدل» شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدارسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. و«الإحسان» أمير المؤمنين- عليه السّلام-. و«الفحشاء» المنكرون. و«البغي» فلان وفلان وفلان.
و في كتاب الخصال : عن أبي مالك قال: قلت لعليّ بن الحسين- عليهما السّلام-: أخبرني بجميع شرائع الدّين. قال: قول الحقّ، والحكم بالعدل، والوفاء بالعهد. [هذه جميع شرائع الدّين] .
عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: في كتاب عليّ- عليه السّلام- ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ حتّى يرى وبالهنّ: البغي، وقطعية الرّحم، واليمين الكاذبة.
و في كتاب التّوحيد : حدّثنا محمّد بن القسم، المفسّر- رضي اللّه عنه- قال:
حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد [و عليّ بن محمّد بن زياد] وعليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ، الرّضا، عن أبيه، عن جدّه- عليهم السّلام-، عن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال: ما عرف اللّه من شبّهه بخلقه، ولا وصفه بالعدل من نسب إليه ذنوب عباده.
و في تفسير العيّاشي : عن سعد عن أبي جعفر- عليه السّلام- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ.
قال: يا سعد: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وهو محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.
«و الإحسان» وهو عليّ. وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وهي قرابتنا، أمر اللّه العباد بمودّتنا وإيتائنا. نهاهم عن الفحشاء والمنكر، من بغى على أهل البيت ودعا إلى غيرنا.
عن إسماعيل الحريريّ قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: قول اللّه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ.
قال: اقرأ، كما أقول لك، يا إسماعيل: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى حقه.
قلت: جعلت فداك، إنّا لا نقرأ هكذا في قراءة زيد.قال: ولكنّا نقرؤها هكذا في قراءة عليّ- عليه السّلام-.
قلت: فما يعني بالعدل؟
قال: شهادة أن لا إليه إلّا اللّه.
قلت: ما الإحسان؟
قال: شهادة أنّ محمّدا رسول اللّه.
قلت: فما يعني بإيتاء ذي القربى حقّه؟
قال: أداء إمامة إلى إمام بعد إمام. وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ قال: ولاية فلان وفلان.
عن عامر بن كثير ، وكان داعية الحسين بن عليّ- عليهما السّلام-، عن موسى بن أبي الغدير، عن عطاء الهمدانيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللّه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى.
قال: «العدل» شهادة أن لا إله إلا اللّه. «و الإحسان» ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-. ويَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ الأوّل. «و المنكر» الثّاني. «و البغي» الثّالث.
و في رواية سعد الإسكاف ، عنه قال: يا سعد، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ، وهو محمّد. فمن أطاعه، فقد عدل. «و الإحسان» عليّ. فمن تولّاه، فقد أحسن والمحسن في الجنّة. وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى قرابتنا. أمر اللّه العباد بمودّتنا [و إيتائنا.] ونهاهم عن الفحشاء والمنكر، من بغى علينا أهل البيت ودعا إلى غيرنا.
و في شرح الآيات الباهرة : وروى الحسن بن أبي الحسن الدّيلميّ، عن رجاله، بإسناده إلى عطيّة بن الحارث، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ.
قال: «العدل» شهادة الإخلاص، وأنّ محمّدا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.
«و الإحسان» ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-. والإتيان بطاعتهما- صلوات اللّه عليهما-. وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى الحسن والحسين والأئمّة من ولده- عليهم السّلام-.وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ وهو من ظلمهم وقتلهم ومنع حقوقهم. وموالاة أعدائهم، فهي المنكر الشّنيع والأمر الفظيع.
يَعِظُكُمْ: بالأمر والنّهي، والميز بين الخير والشّرّ.
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ : تتّعظون.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه قال: حدّثنا موسى بن عمران قال: حدّثني الحسن بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم قال: جاء رجل إلى أبي عبد اللّه، جعفر بن محمّد الصّادق- عليه السّلام- وأنا عنده.
فقال: يا ابن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ (الآية). وقوله:
أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ.
فقال: نعم، ليس للّه في عباده أمر إلا العدل والإحسان. فالدّعاء من اللّه عامّ والهدي خاصّ، مثل قوله: يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ولم يقل: ويهدي جميع من دعا إلى صراط مستقيم.
و في مجمع البيان : وجاءت الرّواية، أن عثمان بن مظعون قال: كنت أسلمت استحياء من رسول اللّه، لكثرة ما كان يعرض عليّ الإسلام ولم يقرّ الإسلام في قلبي.
فكنت ذات يوم عنده حال تأمّله، فشخص بصره نحو السّماء، كأنّه يستفهم شيئا. فلمّا سرى عنه ، سألته عن حاله.
فقال: نعم، بينا أنا أحدّثكم إذا رأيت جبرئيل في الهواء أتاني بهذه الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ.
[و قرأها عليّ] إلى آخرها، فقرّ الإسلام في قلبي. وأتيت عمّه، أبا طالب فأخبرته.
فقال: يا آل قريش، اتّبعوا محمّدا ترشدوا. فإنّه لا يأمركم إلّا بمكارم الأخلاق.
و أتيت الوليد بن المغيرة، وقرأت عليه هذه الآية.فقال: إن كان محمّد قاله، فنعم ما قال. وإن قاله ربّه، فنعم ما قال.
فأنزل اللّه أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى، يعني: قوله: نعم ما قال. ومعنى قوله: وَأَكْدى أنّه لم يقم على ما قاله وقطعه.
و عن عكرمة قال: إنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قرأ هذه الآية على الوليد بن المغيرة.
فقال: يا بن أخي، أعد.
فأعاد.
فقال: إنّ له حلاوة، وأنّ عليه لطلاوة ، وأنّ أعلاه لمثمر، وأنّ أسفله لمغدق، وما هو قول البشر.
و في روضة الواعظين : وقال- صلّى اللّه عليه وآله-: جماع التّقوى في قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ (الآية).
و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن يزيد بن معاوية، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في خطبة له يوم الجمعة، الخطبة الأولى: الحمد للّه نحمده ونستعينه.
و ذكر خطبة طويلة وآخرها. ويكون آخر كلامه: إنّ اللّه يقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. ثمّ يقول: الّلهمّ اجعلنا ممّن يذّكّر فتنفعه الذّكرى. ثمّ ينزل.
وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ قيل : يعني البيعة لرسول اللّه على الإسلام لقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ.
و قيل : كلّ أمر يجب الوفاء به.
و قيل : النّذور.و قيل : الإيمان باللّه.
وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ: أيمان البيعة، أو مطلق الأيمان.
بَعْدَ تَوْكِيدِها: بعد توثيقها بذكر اللّه- تعالى-. ومنه: أكّد، بقلب الواو همزة.
وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا: شاهدا بتلك البيعة. فإنّ الكفيل مراع لحال المكفول به، رقيب عليه.
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ : في نقض الأيمان والعهود.
و في تفسير العيّاشي : عن زيد بن الجهم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال:
سمعته يقول: لمّا سلّموا على عليّ- عليه السّلام- بإمرة المؤمنين، قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- للأوّل: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقال: أمن اللّه أو من رسوله؟
قال: نعم، من اللّه ومن رسوله.
ثمّ قال لصاحبه: قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقال: أمن اللّه أو من رسوله؟
[قال: نعم من اللّه ومن رسوله] .
ثمّ قال: يا مقداد، قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
قال: فلم يقل ما قال صاحباه.
ثمّ قال: قم، يا أبا ذرّ، فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقام وسلّم.
ثمّ قال: يا سلمان، قم وسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقام وسلّم حتّى إذا خرجا وهما يقولان: لا واللّه، لا نسلّم له ما قال اللّه فأنزل اللّه- تبارك وتعالى- على نبيّه وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا بقولكم: أمن اللّه ومن رسوله. إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ.و في تفسير عليّ بن إبراهيم : أنّه حدّثني أبي رفعة قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: لمّا نزلت الولاية، وكان من قول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بغدير خم:
سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقالا : أمن اللّه ورسوله ؟
فقال لهما : الّلهمّ نعم، حقّا من اللّه ومن رسوله. إنّه أمير المؤمنين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين. يقعده اللّه يوم القيامة على الصّراط، فيدخل أولياءه الجنّة ويدخل أعداءه النّار.
فأنزل اللّه- عزّ وجلّ-: وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ، يعني: قول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من اللّه ومن رسوله.
وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها: ما غزلته، مصدر، بمعنى المفعول.
مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ: متعلّق ب «نقضت» [، أي: نقضت غزلها] من بعد إبرام وإحكام.
أَنْكاثاً: طاقات، نكثت فتلها. جمع، نكث. وانتصابه على الحال من «غزلها». أو المفعول الثّاني «لنقضت»، فإنّه بمعنى: صيّرت.
قيل : المراد به: تشبيه النّاقض بمن هذا شأنه.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : عن الصّادق- عليه السّلام-: الّتي نقضت غزلها امرأة من بني تميم بن مرّة، يقال لها: ريطة بنت كعب بن سعد بن تميم بن [كعب ابن] لؤيّ بن غالب. كانت حمقاء، تغزل الشّعر. فإذا غزلته نقضته، ثمّ عادت فغزلته.
فقال اللّه: كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها (الآية).
إنّ اللّه أمر بالوفاء ونهى عن نقض العهد،فضرب لهم مثلا.
تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ: حال من الضّمير في «و لا تكونوا». أو في الجارّ الواقع موقع الخبر، أي: ولا تكونوا متشبّهين بامرأة هذا شأنها، متّخذي أيمانكم مفسدة ودخلا بينكم.
و أصل الدّخل: ما يدخل في الشّيء، ولم يكن منه.
أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ: بأن تكون جماعة أزيد عددا وأوفر مالا من جماعة.
و المعنى: لا تغدروا بقوم لكثرتكم وقلّتهم، أو لكثرة منابذتهم وقوّتهم، كقريش. فإنّهم كانوا إذا رأوا شوكة في أعادي حلفائهم، نقضوا عهدهم وحالفوا أعداءهم.
إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ: الضّمير ل أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ لأنّه بمعنى المصدر، أي:
يختبركم بكونهم أربى. لينظر أ تتمسّكون بحبل الوفاء بعهد اللّه وبيعة رسوله، أم تغترّون بكثرة قريش وشوكتهم وقلّة المؤمنين [و ضعفهم] .
و قيل : الضّمير للأربى .
و قيل : للأمر بالوفاء.
وَ لَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ : إذا جازاكم على أعمالكم بالثّواب والعقاب.
وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً: متّفقة على الإسلام.
وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ: بالخذلان.
وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ: بالتّوفيق.
وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ : سؤال تبكيت ومجازاة.
وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ: تصريح بالنّهي عنه، بعد التّضمين تأكيدا ومبالغة في قبح المنهيّ.فَتَزِلَّ قَدَمٌ، أي: عن حجّة الإسلام.
بَعْدَ ثُبُوتِها: عليها، والمراد: أقدامهم. وإنّما وحّد ونكّر للدّلالة على أنّ زلل قدم واحدة عظيم، فكيف بأقدام كثيرة.
وَ تَذُوقُوا السُّوءَ: العذاب في الدّنيا.
بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: بسبب صدوركم عن الوفاء. أو صدّكم غيركم عنه، فإنّه من نقض البيعة وارتدّ جعل ذلك سنّة لغيره.
وَ لَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ : في الآخرة.
و في الجوامع : عن الصّادق- عليه السّلام-: نزلت هذه الآية في ولاية عليّ والبيعة له حين قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : عن الصّادق- عليه السّلام- أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم.
فقيل: يا ابن رسول اللّه، نحن نقرؤها : هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ.
قال: ويحك، وما أربى. وأومأ بيده فطرحها.
قال: إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ، يعني: بعليّ بن أبي طالب يختبركم. وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ- إلى قوله-: لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً. قال: على مذهب واحد وأمر واحد. وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ قال: يعذّب بنقض العهد. وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ. قال: يثبت.
وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
قوله: وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ. قال: هو مثل لأمير المؤمنين- عليه السّلام-. فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها، يعني: بعد مقالة النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- فيه.
وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، يعني: عن عليّ. وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
[و في تفسير العيّاشي ، في الحديث السّابق: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها بعد ما سلّمتم على عليّ بإمرة المؤمنين. وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
، يعني: عليا. وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ] .
عن عبد الرّحمن [قال ابن عبّاس] بن سالم الأشلّ، عنه قال: كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً عائشة، هي نكثت أيمانها.
و في أصول الكافي ، [محمد بن يحيى عن] محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن زيد بن الجهم الهلاليّ ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: لمّا نزلت ولاية عليّ بن أبي طالب وكان من قول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- للنّاس: سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، فكان مما أكّد اللّه- سبحانه- عليهما في ذلك اليوم، يا زيد، قول رسول اللّه [لهما] فسلّما عليه بإمرة المؤمنين.
فقالا: أمن اللّه أو من رسوله، يا رسول اللّه؟
فقال لهما رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من اللّه ومن رسوله.
فأنزل اللّه- عزّ وجلّ-: وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ، يعني به: قول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- لهما، وقولهما: أمن اللّه أو من رسوله. وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هي أزكى من أئمتكم.
قال: قلت: جعلت فداك، أئمّة؟
قال: اي، واللّه، أئمّة.
قلت: فإنا نقرأ: «أربى».
قال: ما أربى- وأومأ بيده فطرحها. إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ، يعني: بعليّ- عليه السّلام-. وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ يوم القيامة عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [أئمة هي أزكى من أئمّتكم.
قال: قلت:- جعلت فداك- إنّما نقرأها أن تكون أمّة هي أربى من أمّة فقال:ويحك يا زيد! وما أربى ان تكون- واللّه- أزكى من أئمّتكم إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ، يعني: عليا. وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ] فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها، يعني: مقالة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في عليّ- عليه السّلام-. وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، يعني به: عليّا. وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
وَ لا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ: ولا تستبدلوا بعهد اللّه وبيعة رسوله.
ثَمَناً قَلِيلًا: عوضا يسيرا من متاع الدّنيا.
إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ: من النّصر والتّنعّم في الدّنيا والثّواب في الآخرة.
هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ: مما يعدونكم.
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ : إن كنتم من أهل العلم والتّمييز.
ما عِنْدَكُمْ: من أعراض الدّنيا.
يَنْفَدُ: ينقضي ويفنى.
وَ ما عِنْدَ اللَّهِ: من خزائن رحمته.
باقٍ: لا ينفذ. وهو تعليل للحكم السّابق، ودليل على أنّ نعيم أهل الجنّة باق.
وَ لَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ: على مشاقّ التّكاليف.
بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ : بجزاء أحسن من أعمالهم.
مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى: بيّنه بالنّوعين، دفعا للتّخصيص.
وَ هُوَ مُؤْمِنٌ: إذ لا اعتداد بأعمال الكفرة في استحقاق الثّواب.
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً: في الدّنيا يعيش عيشا طيّبا. فإنّه إن كان موسرا فظاهر، وإن كان معسرا كان يطيب عيشه بالقناعة والرّضا بالقسمة وتوقع الأجر العظيم في الآخرة. بخلاف الكافر، فإنّه إن كان معسرا فظاهر، وإن كان موسرا لم يدعه الحرص وخوف الفوات أن يتهنّأ بعيشه.
و قيل : في الآخرة.و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً.
قال: القنوع بما رزقه اللّه.
و في مجمع البيان : [و سئل- عليه السّلام- عن قول اللّه- تعالى-: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً.] فيه أقوال- إلى قوله-: ثانيها،
أنّها القناعة والرّضا بما قسم اللّه- تعالى-.
و روي ذلك عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-.
قال ابن عباس : إنّ رجلا من حضر موت يقال له: عبدان الأشرع .
قال: يا رسول اللّه، إنّ امرأ القيس الكنديّ جاورني في أرضي فاقتطع من أرضي فذهب بها منّي، والقوم يعلمون أنّي لصادق لكنّه أكرم عليهم منّي.
فسأل رسول اللّه امرأ القيس عنه.
فقال: لا أدري ما يقول.
فأمره أن يحلف.
فقال عبدان : إنّه فاجر لا يبالي أن يحلف.
فقال: إن لم يكن لك شهود، فخذ بيمينه.
فلمّا قام ليحلف، أنظره فانصرفا. فنزل قوله: وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ (الآيتان).
فلمّا قرأها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال امرأ القيس: أمّا ما عندي فينفد وهو صادق فيما يقول، لقد اقتطعت أرضه ولا أدري كم هي. فليأخذ من أرضي ما شاء ومثلها معها بما أكلت من ثمرتها.
فنزل فيه: مَنْ عَمِلَ صالِحاً (الآية).و في كتاب معاني الأخبار : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قيل له: أنّ أبا الخطّاب يذكر عنك أنّك قلت له: إذا عرفت الحقّ، فاعمل ما شئت.
[قال: لعن اللّه أبا الخطّاب، واللّه ما قلت هكذا. ولكنّي قلت له: إذا عرفت الحقّ، فاعمل ما شئت] من خير يقبل منك. إنّ اللّه- عزّ وجلّ- يقول: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ . ويقول- تبارك وتعالى-: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً
وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ : من الطّاعة.
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ: إذا أردت قراءته، كقوله: «إذا قمتم إلى الصّلاة».
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ : فاسأل اللّه أن يعيذك من وساوسه، لئلّا يوسوسك في القراءة.
و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن عليّ بن الحسن بن عليّ، عن عبّاد بن يعقوب، عن عمرو بن مصعب، عن فرات بن أحنف، عن أبي جعفر - عليه السّلام- قال: سمعته يقول: أوّل كل كتاب نزل من السّماء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. فإذا قرأت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فلا تبالي ألّا تستعيذ. وإذا قرأت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. سترتك فيما بين السّماء والأرض.
و في روضة الكافي ، في خطبة طويلة لأمير المؤمنين- عليه السّلام-. يقول فيها: أستعيذ باللّه من الشّيطان الرّجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (إلى آخر السّورة).
و في عوالي اللّئالي : وروى عبد اللّه بن مسعود قال: قرأت على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. فقلت: أعوذ باللّه السّميع العليم.فقال لي: قل : أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم. هكذا اقرأنيه جبرئيل، [عن القلم، عن اللّوح المحفوظ] .
و في قرب الإسناد للحميريّ، بإسناده إلى حنان بن سدير قال: صلّيت خلف أبي عبد اللّه- عليه السّلام- المغرب.
قال: فتعوّذ بإجهار : أعوذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم، وأعوذ باللّه أن يحضرون. ثمّ جهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم.
و في تهذيب الأحكام : محمّد بن عليّ بن محبوب، عن عبد الصّمد بن محمّد، عن حنان بن سدير، مثله.
و في كتاب الاحتجاج للطّبرسيّ، بإسناده إلى محمّد بن عليّ، الباقر- عليه السّلام- حديث. يقول فيه حاكيا عن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: فأوحي إليّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (الآية).
و في تفسير العيّاشي : عن سماعة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ.
قلت: فكيف أقول؟
قال: تقول: أستعيذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم.
قال: إنّ الرّجيم أخبث الشّياطين.
قال: قلت: لم سمّي الرّجيم؟
قال: لأنّه يرجم.
قلت: فما ينفلت منه شيء؟
قال: لا.
قلت: فكيف سمّي الرّجيم ولم يرجم بعد؟
قال: يكون في العلم أنّه رجيم.عن الحلبيّ ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن التّعوّذ من الشّيطان، عند كلّ سورة نفتحها؟
قال: نعم، فتعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم.
و ذكر: أنّ الرّجيم أخبث الشّياطين.
فقلت: لم سمّي الرّجيم؟
قال: لأنّه يرجم؟
فقلت : هل ينفلت شيئا إذا رجم؟
قال: لا، ولكن يكون في العلم أنّه رجيم.
و في كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ قال:
سمعت أبا الحسن، عليّ بن محمّد العسكريّ- عليهما السّلام- يقول: معنى الرّجيم: أنّه مرجوم باللّعن مطرود من [مواضع] الخير، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه. وأنّ في علم [اللّه] السّابق [أنّه] إذا خرج القائم- عليه السّلام- لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة، كما كان قبل ذلك مرجوما باللّعن.
و في مصباح الشّريعة : قال الصّادق- عليه السّلام- في كلام طويل: فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب جامع ، وبدن فارغ، وموضع خال. فإذا خشع للّه قلبه، فرّ منه الشّيطان الرّجيم. قال اللّه- تعالى-: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ.
و في مجمع البيان : والاستعاذة عند التّلاوة [مستحبة غير] واجبة بلا خلاف، في الصّلاة وخارج الصّلاة.
إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ: تسلّط وولاية.
عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ : على أولياء اللّه المؤمنين بهو المتوكّلين. فإنّهم لا يطيعون أوامره ولا يقبلون وساوسه، إلّا فيما يحتقرون على ندور وغفلة. ولذلك أمروا بالاستعاذة، لئلّا يتوهّم منه أنّ له سلطانا.
إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ: يحبّونه ويطيعونه.
وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ : باللّه، أو بسبب الشّيطان.
و في الكافي : عليّ بن محمّد، عن عليّ بن العبّاس ، [عن الحسن بن عبد الرّحمن] ، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قلت له: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.
فقال: يا أبا محمّد، يسلّط واللّه من المؤمن على بدنه ولا يسلّط على دينه. [و قد سلّط على أيّوب فشوّه خلقه، ولم يسلّط على دينه.] وقد يسلّط من المؤمنين على أبدانهم، ولا يسلّط على دينهم.
قلت: قوله- عزّ وجلّ-: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ.
قال: الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ يسلّط على أبدانهم وعلى أديانهم.
و في تفسير العيّاشي : عن حمّاد بن عيسى، رفعه إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن قول اللّه: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ.
قال: ليس له أن يزيلهم عن الولاية. فأمّا الذّنوب وأشباه ذلك، فإنّه ينال منهم، كما ينال من غيرهم.