قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ: بمرأى منهم، بحيث تتمكّن صورته في أعينهم، تمكّن الرّاكب على المركوب.
لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ بفعله أو قوله. أو: يحضرون عقوبتنا له.
قالُوا أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ حين أحضروه.
قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ :
قيل : أسند الفعل إليه تجوّزا. لأنّ غيظه لما رأى من زيادة تعظيمهم له، تسبّب لمباشرته إيّاه. أو تقريرا لنفسه مع الاستهزاء والتّبكيت على أسلوب تعريضيّ. كما لو قال لك من لا يحسن الخطّ فيما كتبته بخطّ رشيق: أ أنت كتبته؟ فقلت: بل كتبته أنت! أو حكاية لما يلزم من مذهبهم جوازه.و قيل :، أسند إلى ضمير «فتى» أو «إبراهيم». وقوله: «كبيرهم هذا» مبتدأ وخبر، ولذلك وقف على فعله.
و ما روي أنّه- عليه السّلام- قال: «لإبراهيم ثلاث كذبات» تسمية للمعاريض كذبا، لمّا شابهت صورتها صورته. والأحسن أنّه في المعنى متعلّق بقوله: إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ وما بينهما اعتراض.
روي عن الصّادق- عليه السّلام- أنّه إنّما قال إبراهيم: إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ، فكبيرهم فعل. وإن لم ينطقوا، فلم يفعل كبيرهم شيئا. فما نطقوا، وما كذب إبراهيم.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: فلمّا نهاهم إبراهيم- عليه السّلام- واحتجّ عليهم في عبادتهم الأصنام، فلم ينتهوا. فحضر عيد لهم. فخرج نمرود وجميع أهل مملكته إلى عيدهم. وكره أن يخرج إبراهيم معه. فوكّله ببيت الأصنام.
فلمّا ذهبوا، عمد إبراهيم- عليه السّلام- إلى طعام، فأدخله بيت أصنامهم.
فكان يدنو من صنم صنم ويقول له: كل وتكلّم. فإذا لم يجبه، أخذ القدّوم، فكسر يده ورجله. حتّى فعل ذلك بجميع الأصنام. ثمّ علّق القدّوم في عنق الكبير منهم الّذي كان في الصّدر.
فلمّا رجع الملك ومن معه من العيد، نظروا إلى الأصنام مكسّرة. فقالوا: مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ وهو ابن آزر.
فجاءوا به إلى نمرود. فقال نمرود لآزر: خنتني وكتمت هذا الولد عنّي! فقال: أيّها الملك، هذا عمل أمّه. وذكرت أنّها تقوم بحجّته.
فدعا نمرود أمّ إبراهيم فقال: ما حملك على ما كتمت أمر هذا الغلام، حتّى فعل بآلهتنا ما فعل !؟ فقالت، أيّها الملك، نظرا منّي لرعيّتك. قال: وكيف ذلك!؟ قال:
رأيتك تقتل أولاد رعيّتك، فكان يذهب النّسل. فقلت: إن كان هذا الّذي تطلبه، دفعته إليك، لتقتله وتكفّ عن قتل أولاد النّاس. وإن لم يكن ذلك، بقي لنا ولدنا. وقد ظفرت به، فشأنك. فكفّ عن أولاد النّاس، فصوّب رأيها.
ثمّ قال لإبراهيم: من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال إبراهيم:فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ.
فقال الصّادق- عليه السّلام-: واللّه ما فعله كبيرهم [و ما كذب إبراهيم] .
فقيل فكيف ذلك؟ فقال: إنّما قال: فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا، إن نطق. وإن لم ينطق، فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا.
و في كتاب معاني الأخبار بإسناده إلى صالح بن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن قول اللّه- عزّ وجلّ- في قصّة إبراهيم- عليه السّلام-: قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ. قال: ما فعله كبيرهم، وما كذب إبراهيم- عليه السّلام.
فقلت فكيف ذاك؟ قال: إنّما قال إبراهيم: فَسْئَلُوهُمْ، إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ، فكبيرهم فعل. وإن لم ينطقوا، فلم يفعل كبيرهم شيئا. فما نطقوا، وما كذب إبراهيم- عليه السّلام.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن الحسن الصّيقل قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّا قد روينا عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول يوسف : أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ، فقال: واللّه ما سرقوا، وما كذب. وقال إبراهيم: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ. فقال: واللّه ما فعلوا، وما كذب.
قال: فقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: ما عندكم فيها يا صيقل؟ قلت: ما عندنا فيها إلّا التّسليم.
قال: فقال: إنّ اللّه أحبّ اثنين، وأبغض اثنين. أحبّ الخطر فيما بين الصّفين.
و أحبّ الكذب في الإصلاح. وأبغض الخطر في الطّرقات. وأبغض الكذب في غير الإصلاح. إنّ إبراهيم- عليه السّلام- إنّما قال: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا إرادةالإصلاح، ودلالة على أنّهم لا يفعلون. وقال يوسف إرادة الإصلاح.
أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن معمّر بن عمر ، عن عطاء، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال:
قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لا كذب على مصلح. ثمّ تلا : أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ. ثمّ قال: واللّه ما سرقوا، وما كذب. ثمّ تلا: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ. ثمّ قال: واللّه ما فعلوه، وما كذب.
محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: الكلام ثلاثة: صدق، وكذب، وإصلاح بين النّاس.
و في روضة الكافي : الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال: قيل لأبي جعفر- عليه السّلام- وأنا عنده: إنّ سالم بن أبي حفصة وأصحابه، يروون عنك أنّك تكلّم على سبعين وجها لك منها المخرج.
فقال: ما يريد سالم منّي. أ يريد أن أجيء بالملائكة!؟ واللّه، ما جاءت بهذا النّبيّون! ولقد قال إبراهيم- عليه السّلام-: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا. وما فعله، وما كذب.
فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ: وراجعوا عقولهم.
فَقالُوا: فقال بعضهم لبعض:
إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ بهذا السّؤال وبعبادة ما لا ينطق ولا يضرّ ولا ينفع، لا من ظلمتموه بقولكم: إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ.
ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ: انقلبوا إلى المجادلة بعد ما استقاموا بالمراجعة.
شبّه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشّيء مستعليا على أعلاه.و قرئ : «نكّسوا»- بالتّشديد- و«نكسوا»، أي: نكسوا أنفسهم.
لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ، فكيف تأمر بسؤالها.
و هو على إرادة القول. أي: قائلين مخاطبا لإبراهيم.
قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ :
إنكار لعبادتهم لها، بعد اعترافهم بأنّها جمادات لا تنفع ولا تضرّ، فإنّه ينافي الألوهيّة.
أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ:
تضجّر منه على إصرارهم بالباطل البيّن. و«أفّ» صوت المتضجّر. ومعنا: قبحا ونتنا. واللّام لبيان المتأفّف له.
أَ فَلا تَعْقِلُونَ قبح صنيعكم؟
قالُوا: لمّا عجزوا عن المحاجّة، أخذا في المضارّة:
حَرِّقُوهُ، فإنّ النّار أهول ما يعاقب به.
وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ بالانتقام لها.
إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ : إن كنتم ناصريها، نصرا مؤزّرا.
قيل : القائل رجل من أكراد فارس اسمه «هيون» خسف به الأرض.
و قيل : نمرود.
و قيل : فجمعا الحطب، حتّى أنّ الرّجل يمرض فيوصي بكذا وكذا من ماله، فيشترى به حطب. وحتّى أنّ المرأة لتغزل فتشتري به حطبا. حتّى بلغوا من ذلك ما أرادوا. فلمّا أرادوا أن يلقوا إبراهيم- عليه السّلام- في النّار، لم يدروا كيف يلقونه. فجاء إبليس، فدلّهم على المنجنيق. وهو أوّل منجنيق صنعت. فوضعوه فيها. ثمّ رموه.
قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً : ذات برد وسلام. أي: ابردي بردا غير ضارّ.قيل : وفيه مبالغات: جعل النّار المسخّرة لقدرته مأمورة مطيعة. وإقامة «كوني ذات برد» مقام «ابردي». ثمّ حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه.
و قيل : نصب «سلاما» بفعله. أي: وسلّمنا سلاما عليه.
قيل : وكانت النّار بحالها، لكنّه- تعالى- دفع عنه أذاها، كما [ترى] في السّمندر . ويشعر به قوله:
عَلى إِبْراهِيمَ :
و في الحديث الآتي ما ينافيه:
و في كتاب الاحتجاج عن الصّادق- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: إنّ إبراهيم لمّا ألقي في النّار، قال: اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد، لمّا أنجيتني منها . فجعلها اللّه بردا وسلاما.
و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب: وفي حديث أبي حمزة الثّماليّ أنّه دخل عبد اللّه بن عمر على زين العابدين- عليه السّلام- وقال: يا ابن الحسين، أنت الّذي تقول: «إنّ يونس بن متّي إنّما لقي من الحوت ما لقي، لأنّه عرضت عليه ولاية جدّي، فتوقّف عندها»!؟ قال: بلى، ثكلتك أمّك! قال: فأرني آية ذلك، إن كنت من الصّادقين. فأمر بشدّ عينيه بعصابة، وعينيّ بعصابة. ثمّ أمر بعد ساعة بفتح أعيننا. فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه.
فقال ابن عمر: يا سيّدي، ذمّتي ، في رقبتك. اللّه [اللّه] في نفسي! فقال: هيه
و أريه إن كنت من الصّادقين. ثمّ قال: يا أيّتها الحوت! قال: فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبّيك، لبّيك، يا وليّ اللّه! فقال: من أنت؟ قال: [أنا] حوت يونس يا سيّدي. قال: أنبئنا بالخبر.
قال: يا سيّدي، إنّ اللّه- تعالى- لم يبعث نبيّا من آدم إلى أن صار جدّك محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- إلّا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت. فمن قبلها من الأنبياء، سلم وتخلّص. ومن توقّف عنها، وتتعتع في حملها، لقي ما لقي آدم من المعصية ، وما لقى نوح من الغرق، وما لقي ابراهيم من النّار، وما لقي يوسف من الجبّ، وما لقي أيّوب من البلاء، وما لقي داود من الخطيئة، إلى أن بعث اللّه يونس، فأوحى اللّه إليه أن يا يونس، تولّ أمير المؤمنين.
و في عيون الأخبار عن الرّضا- عليه السّلام- حديث طويل. وفيه قال- عليه السّلام-: وإنّ إبراهيم- عليه السّلام- لمّا وضع في [كفّة] المنجنيق، غضب جبرئيل- عليه السّلام. فأوحى اللّه- تعالى- إليه: ما يغضبك يا جبرئيل؟ فقال: [يا ربّ] خليلك- ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره- سلّطت عليه عدوّك وعدوّه.
فأوحى اللّه- عزّ وجلّ- إليه: اسكت! إنّما يعجل الّذي يخاف الفوت مثلك.
فأمّا أنا، فإنّه عبدي، آخذه إذا شئت.
قال: فطابت نفس جبرئيل. فالتفت إلى إبراهيم- عليه السّلام- فقال: هل لك من حاجة؟ قال: أمّا إليك، فلا! فأهبط اللّه- عزّ وجلّ- عندها خاتما فيه ستّة أحرف: «لا إله إلّا اللّه. محمّد رسول اللّه. لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم. فوّضت أمري إلى اللّه. أسندت ظهريإلى اللّه حسبي اللّه». فأوحى اللّه- جلّ جلاله- إليه أن تختّم بهذا الخاتم، فإنّي أجعل النّار عليك بردا وسلاما.
و في كتاب الخصال عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر- عليه السّلام- مثله سواء.
و في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من خبر الشّاميّ وما سأل عنه أمير المؤمنين- عليه السّلام- في جامع الكوفة، حديث طويل. وفيه: فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن يوم الأربعاء والتّطيّر منه وثقله وأيّ أربعاء هو.
فقال- عليه السّلام-: آخر أربعاء في الشّهر، وهو المحاق. وفيه قتل قابيل هابيل [أخاه] . ويوم الأربعاء ألقي إبراهيم في النّار. ويوم الأربعاء وضعوه في المنجنيق.
و في كتاب الخصال : عن داود بن كثير [الرقّي] ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: انّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- نهى عن قتل ستّة: النّحلة، والنّملة، والضّفدع، والصّرد، والهدهد، والخطّاف- إلى أن قال:
و أمّا الضّفدع، فإنّه لمّا أضرمت النّار على إبراهيم- عليه السّلام- شكت هوامّ الأرض إلى اللّه- تعالى- واستأذنته أن تصبّ عليها الماء. فلم يأذن اللّه لشيء منها إلّا الضّفدع. فاحترق ثلثاه وبقي الثّلث.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة بإسناده إلى أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل يذكر فيه القائم- عليه السّلام. وفيه: إذا نشر راية رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- انحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر ملكا كلّهم ينتظر القائم- عليه السّلام. وهم الّذين كانوا مع نوح- عليه السّلام- في السّفينة،و الّذين كانوا مع إبراهيم حيث ألقي في النّار.
و بإسناده إلى مفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه الصّادق- عليه السّلام- قال:
سمعته يقول: أ تدري [ما كان] قميص يوسف- عليه السّلام؟ قال: قلت: لا. قال:
إنّ إبراهيم- عليه السّلام- لمّا أقدت له النّار، نزل إليه جبرئيل- عليه السّلام- بالقميص ، وألبسه إيّاه. قلم يضرّه معه حرّ ولا برد.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في مجمع البيان : وروي الواحديّ بالإسناد مرفوعا إلى أنس بن مالك، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- [قال:] إنّ نمرود الجبّار لمّا ألقى إبراهيم في النّار، نزل إليه جبرئيل بقميص من الجنّة، وطنفسة من الجنّة. فألبسه القميص، وأقعده على الطّنفسة.
و قعد معه يحدّثه.
و في كتاب علل الشّرائع بإسناده إلى عبد اللّه بن هلال قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: لمّا ألقي إبراهيم- عليه السّلام- في النّار، تلقّاه جبرئيل- عليه السّلام- في الهواء وهو يهوي. فقال: يا إبراهيم، أ لك حاجة؟ فقال: أمّا إليك، فلا!
و بإسناده إلى محمّد بن أورمة، عن الحسن بن عليّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا ألقي إبراهيم في النّار، أوحى اللّه- عزّ وجلّ- إليها: وعزّتي وجلالي، لئن آذيته، لأعذّبنّك.
و قال: لمّا قال اللّه- عزّ وجلّ-: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ما انتفع أحد بها ثلاثة أيّام، وما سخّنت ماءهم.
و في أصول الكافي : إسحاق قال: حدّثني الحسن بن ظريف قال:
اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب فيها إلى أبي محمّد. فكتبت أسأله عن القائم إذا قام بما يقضي، وأين مجلسه الّذي يقضي فيه بين النّاس. وأردت أن أسأله عن شيء لحمّى الرّبع. فأغفلت خبر الحمّى. فجاع الجواب:
سألت عن القائم، فإذا قام، قضى بين النّاس بعلمه- كقضاء داود عليه السّلام- لا يسأل البيّنة.
و كنت أردت أن تسأل الرّبع، فأنسيت. فاكتب في ورقة، وعلّقه على المحموم، فإنّه يبرأ بإذن اللّه- إن شاء اللّه-: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ.
فعلّقنا عليه ما ذكر أبو محمّد- عليه السّلام- فأفاق.
و في كتاب الاحتجاج للطّبرسيّ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل، يقول فيه- عليه السّلام-: قولنا إنّ إبراهيم خليل اللّه، فإنّما هو مشتقّ من الخلّة. والخلّة إنّما معناها: الفقر والفاقة. وقد كان خليلا إلى ربّه فقيرا، وإليه منقطعا، وعن غيره متعفّفا معرضا مستغنيا.
و ذلك لمّا أريد قذفه في النّار، فرمي به في المنجنيق، فبعث اللّه- عزّ وجلّ- إلى جبرئيل وقال له: أدرك عبدي. فجاءه، فلقيه في الهواء. فقال له: كلّفني ما بدا لك. فقد بعثني اللّه لنصرتك. فقال [إبراهيم] : حسبي اللّه ونعم الوكيل. إنّي لا أسأل غيره. ولا حاجة لي إلّا إليه. فسمّي خليله، أي: فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عمّن سواه.
و عن معمّر بن راشد قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: إن إبراهيم- عليه السّلام- لمّا ألقي في النّار، قال: اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد، لمّا أنجيتني منها . فجعلها [اللّه عليه] بردا وسلاما.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.و روي عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ- عليهم السّلام- قال: إنّ يهوديّا من يهود الشّام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين- عليه السّلام-:
فإنّ إبراهيم- عليه السّلام- قد أسلمه قومه إلى الحريق، فصبر. فجعل اللّه- عزّ وجلّ- النّار عليه بردا وسلاما. فهل فعل بمحمّد- صلّى اللّه عليه وآله- شيئا من ذلك؟
قال له عليّ- عليه السّلام-: لقد كان كذلك. ومحمّد- صلّى اللّه عليه وآله- لمّا نزل بخيبر، سمّته الخيبريّة. فصيّر اللّه السّمّ في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله.
فالسّمّ يحرق إذا استقرّ في الجوف، كما أنّ النّار تحرق. فهذا من قدرته لا تنكره.
و في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: خالف إبراهيم- صلّى اللّه عليه- قومه، وعاب آلهتهم- إلى قوله:
فلمّا تولّوا عنه مدبرين إلى عيد لهم، دخل إبراهيم- صلّى اللّه عليه- إلى آلهتهم بقدّوم. فكسرها إلّا كبيرا لهم، ووضع القدّوم في عنقه. فرجعوا إلى آلهتهم، فنظروا إلى ما صنع بها. فقالوا: واللّه، ما اجترأ عليها، ولا كسرها، إلّا الفتى الّذي [كان يعيبها ويبرأ منها. فلم يجدوا له قتلة أعظم من النّار.
فجمع له الحطب، واستجادوه. حتّى إذا كان اليوم الّذي] يحرق فيه، برز له نمرود وجنوده، وقد بني له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النّار.
و وضع إبراهيم- عليه السّلام- في منجنيق. وقالت الأرض: يا ربّ، ليس على ظهري أحد يعبدك غيره. يحرق بالنّار!؟ قال الرّبّ: إن دعاني، كفيته.
فذكر أبان، عن محمّد بن مروان، عمّن رواه، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّ دعاء إبراهيم- صلّى اللّه عليه- يومئذ كان: يا أحد يا أحد، يا صمد [يا صمد] ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. ثمّ قال: توكّلت على اللّه. فقال الرّبّ- تبارك وتعالى-: كفيت. فقال للنّار: كُونِي بَرْداً.
قال: فاضطربت أسنان إبراهيم- صلّى اللّه عليه- من البرد، حتّى قال اللّه- عزّ وجلّ-: وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ. وانحطّ جبرئيل- عليه السّلام- فإذا هو جالس مع إبراهيم- صلّى اللّه عليه- يحدّثه في النّار.
قال نمرود: من اتّخذ إلها، فليتّخذ مثل إله إبراهيم- عليه السّلام.
قال: فقال عظيم من عظمائهم: إنّي عزمت على النّار أن لا تحرقه. فأخذ عنق من النّار نحوه، حتّى أحرقه.
قال: فآمن له لوط، فخرج مهاجرا إلى الشّام هو وسارة ولوط.
عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، وعدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد، جميعا عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخيّ قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: إنّ إبراهيم لمّا كسر أصنام نمرود، [أمر به نمرود] فأوثق. وعمل له حيرا ، وجمع له فيه الحطب، وألهب فيه النّار. ثمّ قذف إبراهيم- صلّى اللّه عليه- في النّار، لتحرقه. ثمّ اعتزلوها حتّى خمدت النّار. ثمّ أشرفوا على الحير ، فإذا هم بإبراهيم سليما مطلقا من وثاقه.
فأخبر نمرود خبره. فأمرهم أن ينفوا إبراهيم من بلاده، وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله. فحاجّهم إبراهيم- عليه السّلام- عند ذلك فقال: إن أخذتم ماشيتي ومالي، فإنّ حقّي عليكم أن تردّوا عليّ ما ذهب من عمري في بلادكم.
و اختصموا إلى قاضي نمرود. فقضى على إبراهيم أن يسلّم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم. وقضى على أصحاب نمرود أن يردّوا على إبراهيم ما ذهب من عمره في بلادهم.
فأخبر بذلك نمرود. فأمرهم أن يخلّوا سبيله وسبيل ماشيته وماله، وأن يخرجوه.
و قال: إنّه إن بقي في بلاد لكم، أفسد دينكم، وأضرّ بآلهتكم.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
وَ أَرادُوا بِهِ كَيْداً: مكرا في إضراره.
فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ : أخسر من كلّ خاسر، لمّا عاد سعيهم برهاناقاطعا على أنّهم على الباطل وإبراهيم على الحقّ، وموجبا لمزيد درجته واستحقاقهم أشدّ العذاب.
وَ نَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ :
أي: من العراق إلى الشّام. وبركاته العامّة أنّ أكثر الأنبياء بعثوا فيه، فانتشرت في العالمين شرائعهم الّتي هي مبادي الكمالات والخيرات الدّينيّة والدّنيويّة.
و قيل : كثرة النّعم والخصب الغالب.
و
في الحديث السّابق المنقول عن تفسير عليّ بن إبراهيم - متّصلا بقوله: وإن ينطق ولم يفعل كبيرهم هذا شيئا:
فاستشار [نمرود] قومه في إبراهيم. فقالوا: حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ.
فقال الصّادق- عليه السّلام-: كان فرعون إبراهيم لغير رشده، وأصحابه لغير رشدهم. فإنّهم قالوا لنمرود. حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ. وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدهم»
. فإنّه فمّا استشار أصحابه في موسى- عليه السّلام- قالوا:
أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ.
فجلس إبراهيم- عليه السّلام- وجمع له الحطب. حتّى إذا كان اليوم الّذي ألقى فيه نمرود إبراهيم في النّار، برز نمرود وجنوده، وقد كان بني لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم- عليه السّلام- كيف تأخذه النّار. فجاء إبليس، واتّخذ لهم المنجنيق. لأنّه لم يقدر أحد أن يتقارب من تلك النّار [عن غلوه سهم وكان الطائر من مسيرة فرسخ يرجع عنها أن يتقارب من النار] وكان الطّائر إذا مرّ في الهواء يحترق.
فوضع إبراهيم- عليه السّلام- في المنجنيق. وجاء أبوه، فلطمه لطمة وقال له:
ارجع عمّا أنت عليه! وأنزل الرّبّ- تبارك وتعالى- ملائكة إلى السّماء الدّنيا. ولم يبق شيء إلّا طلبإلى ربّه. وقالت الأرض: يا ربّ، ليس على ظهري يعبدك غير، فيحرق! وقالت الملائكة: [يا ربّ] خليلك إبراهيم يحرق! فقال اللّه- عزّ وجلّ-: أما إنّه إن دعاني، كفيته.
و قال جبرئيل- عليه السّلام-: يا ربّ، خليلك إبراهيم- ليس في الأرض أحد يعبدك غيره-، سلّطت عليه عدوّه يحرقه بالنّار! فقال: اسكت! إنّما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت. هو عبدي، آخذه إذا شئت. فإن دعاني، أجبته.
فدعا إبراهيم- عليه السّلام- ربّه بسورة الإخلاص: يا اللّه، يا واحد، يا أحد، يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، نجنّي من النّار برحمتك.
قال: فالتقى معه جبرئيل- عليه السّلام- في الهواء- وقد وضع في المنجنيق- فقال: يا إبراهيم، هل لك إليّ من حاجة؟ فقال إبراهيم- عليه السّلام-: أمّا إليك، فلا! وأمّا إلى ربّ العالمين، فنعم. فدفع إليه خاتما عليه مكتوب: «لا إله إلّا اللّه. محمّد رسول اللّه. لا حول ولا قوّة إلّا باللّه . فوّضت أمري إلى اللّه [أسندت ظهري إلى اللّه.
حسبي اللّه] .
فأوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى النّار: كُونِي بَرْداً. فاضطربت أسنان إبراهيم- عليه السّلام- من البرد. حتّى قال: وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ. وانحطّ جبرئيل- عليه السّلام. وجلس معه يحدّثه في النّار.
و نظر نمرود فقال: من اتّخذ إلها، فليتّخذ مثل إله إبراهيم. فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود: إنّي عزمت على النّار أن لا تحرقه. فخرج عمود من النّار نحو الرّجل، فأحرقه . فآمن له لوط. فخرج مهاجرا إلى الشّام.
و نظر نمرود إلى إبراهيم- عليه السّلام- في روضة خضراء في النّار، ومعه شيخ يحدّثه . فقال لآزر: [يا آزر] ما أكرم ابنك على ربّه.قال: وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم. وكان الضّفدع يذهب بالماء ليطفئ به النّار.
قال: ولمّا قال اللّه- عزّ وجلّ- للنّار: كُونِي بَرْداً وَسَلاماً لم تعمل النّار في الدّنيا ثلاثة أيّام. ثمّ قال اللّه- عزّ وجلّ-: وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ.
فقال اللّه- عزّ وجلّ-: وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ. [يعني:] إلى الشّام وسواد الكوفة.
وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً: عطيّة. فهي حال منهما. أو: ولد [ولد] .
أو: زيادة على ما سأل. وهو إسحاق. فتختصّ بيعقوب. ولا بأس به للقرينة.
و في كتاب معاني الأخبار : أبي- رحمه اللّه- قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن عيسى بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، عن أحمد بن محمد البزنطيّ، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً. قال: ولد الولد نافلة.
وَ كُلًّا- يعني الأربعة- جَعَلْنا صالِحِينَ بأن وفّقناهم للصّلاح، وحملناهم عليه، فصاروا كاملين.
وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يقتدى بهم.
يَهْدُونَ النّاس إلى الحقّ بِأَمْرِنا لهم بذلك، وإرسالنا إيّاهم حتّى صاروا مكمّلين.
وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ ليحثّوهم عليه، فيتمّ كمالهم بانضمام العمل إلى العلم. وأصله أن تفعل الخيرات ثمّ فعلا الخيرات ثمّ فعل الخيرات وكذلك قوله:
وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ:
و هو من عطف الخاصّ على العامّ للتفضيل. وحذف تاء الإقامة المعوّضة من إحدى الألفين، لقيام المضاف إليه مقامها.وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ : موحّدين مخلصين في العبادة. ولذلك قدّم الصّلة.
و في عيون الأخبار عن الرّضا- عليه السّلام- حديث طويل في وصف الإمامة والإمام وذكر فضل الإمام، يقول فيه- عليه السّلام-: ثمّ أكرمه اللّه- عزّ وجلّ- بأن جعلها في ذرّيّة وأهل الصّفوة والطّهارة. فقال- عزّ وجلّ-: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ.
لم تزل في ذرّيّته يرثها بعض عن بعض، قرنا فقرنا، حتّى ورثها النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله. فقال اللّه - جلّ جلاله-: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ.
فكانت له خاصّة، فقلّدها [- صلّى اللّه عليه وآله- عليّا- عليه السّلام- بأمر اللّه- عزّ وجلّ- على رسم ما فرض اللّه- تعالى. فصارت في ذرّيته الأصفياء] الّذين آتاهم اللّه- تعالى- العلم والإيمان بقوله - تعالى-: قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ.
فهي في ولد عليّ [بن أبي طالب- عليه السّلام-] خاصّة إلى يوم القيامة، إذ لا نبيّ بعد محمّد- صلّى اللّه عليه وآله.
و في أصول الكافي مثله سواء.
و في كتاب سعد السّعود لابن طاوس- رحمه اللّه- نقلا عن تفسير أبي العبّاس بن عقدة وعثمان بن عيسى، عن المفضّل، عن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: ما الصّبر الجميل؟
قال: ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى النّاس. إنّ إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرّهبان عابد من العباد في حاجة. فلمّا رآه الرّاهب، حسبه إبراهيم. فوثب إليه. فاعتنقه فقال: مرحبا بك يا خليل الرّحمن! فقال يعقوب: لست بإبراهيم، ولكنّي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل في فضل عليّ وفاطمة- عليهما السّلام. وفيه قال- صلّى اللّه عليه وآله-: وارزقهما ذرّية طاهرة طيّبة مباركة. واجعل في ذرّيّتهما البركة. واجعلهم أئمّة يهدون بأمرك إلى طاعتك، ويأمرون بما يرضيك.
و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال:
إنّ الأئمّة في كتاب اللّه- عزّ وجلّ- إمامان. قال اللّه- تبارك وتعالى-:
وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لا بأمر النّاس. يقدّمون ما أمر اللّه قبل أمرهم، وحكم اللّه قبل حكمهم. قال : وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ يقدّمون أمرهم قبل أمر اللّه، وحكمهم قبل حكم اللّه، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب اللّه.
و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا. قال أبو جعفر- عليه السّلام-:
يعني الأئمّة من ولد فاطمة. يوحى إليهم بالرّوح في صدورهم . ثمّ ذكر ما أكرمهم اللّه به فقال: فِعْلَ الْخَيْراتِ. فعليهم منه أفضل الصلوات وأوفر التّحيّات.
وَ لُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً: حكمة. أو: نبوّة. أو: فصلا بين الخصوم.
وَ عِلْماً بما ينبغي علمه للأنبياء.وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ: قرية سدوم.
الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ:
يعني: اللّواطة. وصفها بصفة أهلها، أو أسندها إليها، على حذف المضاف وإقامتها مقامه.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: وَنَجَّيْناهُ، يعني: لوطا مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ. قال: كانوا ينكحون الرّجال.
إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ :
فإنّه كالتّعليل.
وَ أَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا، أي: في أهل رحمتنا. أو: في جنّتنا.
إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى.
وَ نُوحاً إِذْ نادى: إذ دعا اللّه على قومه بالهلاك. مِنْ قَبْلُ: من قبل المذكورين. فَاسْتَجَبْنا لَهُ دعاءه. فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ من الطّوفان أو أذي قومه. والكرب: الغمّ الشّديد.
وَ نَصَرْناهُ: مطاوع انتصر. أي: جعلناه منتصرا. مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ ، لاجتماع الأمرين:
تكذيب الحقّ، والانهماك في الشّرّ. ولعلّهما لم يجتمعا في قوم إلّا وقد أهلكهم اللّه- تعالى.
وَ داوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ: في الزّرع.
و قيل : في كرم تدلّ عنا قيده.
إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ: رعته ليلا.
وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ : لحكم الحاكمين والمتحاكمين عالمين.
و في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن المعلّى أبي عثمان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ
. فقال:
لا يكون النّفش إلّا باللّيل. إنّ على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنّهار، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنّهار. وإنّما رعيها بالنّهار وأرزاقها. فما أفسدت، فليس عليها. وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية باللّيل عن حرث النّاس. فما أفسدت باللّيل، فقد ضمنوا. وهو النّفش.
و إنّ داود- عليه السّلام- حكم للّذي أصاب زرعه، رقاب الغنم. وحكم سليمان- عليه السّلام- الرّسل والثّلّة - وو اللّبن والصّوف- في ذلك العام.
فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ:
الضّمير للحكومة أو الفتوى.
و قرئ : «فأفهمناها».
وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً:
في الكافي : أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد اللّه بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قلت له: قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ. قلت:
حين حكما في الحرث كان قضيّة واحدة.
فقال: إنّه كان أوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى النّبيّين قبل داود- إلى أن بعث اللّه داود-: أيّ غنم نفشت في الحرث، فلصاحب الحرث رقاب الغنم. ولا يكون النّفش إلّا باللّيل. فإنّ على صاحب الزّرع أن يحفظه بالنّهار. وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم باللّيل.
فحكم داود بما حكمت به الأنبياء- عليهم السّلام- من قبله. وأوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى سليمان- عليه السّلام-: أيّ غنم نفشت في زرع، فليس لصاحب الزّرع إلّا ما خرج من بطونها.
و كذلك جرت السّنّة بعد سليمان- عليه السّلام. وهو قول اللّه- عزّ وجلّ-:وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً. فحكم كلّ واحد منهما بحكم اللّه- عزّ وجلّ.
محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن البقر والإبل والغنم، تكون في الرّعي فتفسد شيئا، هل عليها ضمان. فقال: إن أفسدت نهارا، فليس عليها ضمان، من أجل أنّ أصحابه يحفظونه. وإن أفسدت ليلا، فإنّه عليها ضمان.
و في أصول الكافي : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن محمّد ، عن بكر بن صالح، عن محمّد بن سليمان، عن عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ الإمامة عهد من اللّه- عزّ وجلّ- معهود لرجال مسمّين. ليس للإمام أن يزويها عن الّذي يكون من بعده.
إنّ اللّه- تبارك وتعالى- أوحى إلى داود- عليه السّلام- أن اتّخذ وصيّا من أهلك، فإنّه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيّا إلّا وله وصيّ من أهله.
و كان لداود- عليه السّلام- [أولاد عدّة، وفيهم غلام كانت أمّه عند داود، وكان لها محبّا. فدخل داود- عليه السّلام- عليها، حين أتاه الوحي، فقال] لها: إنّ اللّه- عزّ وجلّ- أوحي إليّ يأمرني أن أتّخذ وصيّا من أهلي. فقالت له امرأته: فليكن ابني.
قال: ذلك أريد.
و كان السّابق في علم اللّه المحتوم عنده أنّه سليمان. فأوحى اللّه- تبارك وتعالى- إلى داود أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري. فلم يلبث داود أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم. فأوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى داود أن اجمع ولدك. فمن قضى بهذه القضيّة فأصاب، فهو وصيّك من بعدك.فجمع داود- عليه السّلام- ولده. فلمّا أن قصّ الخصمان، قال سليمان- عليه السّلام-: يا صاحب الكرم، متى دخلت غنم هذا الرّجل كرمك؟ قال: دخلته ليلا.
قال: قد قضيت عليك- يا صاحب الغنم- بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا.
ثمّ قال له داود: فكيف لم تقض برقاب الغنم، وقد قوّم ذلك علماء بني إسرائيل، فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان: إنّ الكرم لم يجتثّ من أصله، وإنّما أكل حمله، وهو عائد في قابل.
فأوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى داود: انّ القضاء في هذه القضيّة ما قضى سليمان به.
يا داود! أردت أمرا، وأردنا أمرا غيره. فدخل داود على امرأته فقال: أردنا أمرا، وأراد اللّه أمرا غيره. ولم يكن إلّا ما أراد اللّه- عزّ وجلّ. فقد رضينا بأمر اللّه- عزّ وجلّ- وسلّمنا.
و كذلك الأوصياء- عليهم السّلام- ليس لهم أن يتعدّوا بهذا الأمر، فيجاوزون صاحبه إلى غيره.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن عبد اللّه بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كان في بني إسرائيل رجل له كرم . ونفشت فيه غنم رجل آخر باللّيل وقضمته وأفسدته. فجاء صاحب الكرم إلى داود، فاستعدى على صاحب الغنم. فقال داود- عليه السّلام-: اذهبا إلى سليمان- عليه السّلام- ليحكم بينكما.
فذهبا إليه. فقال سليمان- عليه السّلام-: إن كان الغنم أكلت الأصل والفرع، فعلى صاحب الغنم أن يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها. وإن كانت ذهبت بالفرع، ولم تذهب بالأصل، فإنّه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم.
و كان هذا حكم داود، وإنّما أراد أن يعرّف بني إسرائيل أنّ سليمان وصيّه بعده.
و لم يختلفا في الحكم. ولو اختلف حكمهما، لقال: كنّا لحكمهما شاهدين.و في من لا يحضره الفقيه : روى جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ قال: لم يحكما. إنّما كانا يتناظران، ففهّمناها سليمان.
و روى الوشّاء ، عن أحمد بن عمر الحلبيّ قال: سألت أبا الحسن- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ. قال: كان حكم داود- عليه السّلام- رقاب الغنم. والّذي فهّم اللّه- عزّ وجلّ- سليمان أنّ الحكم لصاحب الحرث باللّبن والصّوف ذلك العام كلّه.
و
في مجمع البيان : واختلف في الحكم الذي حكما به: فقيل: إنّه كان كرما قد بدت عنا قيده. فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم. فقال سليمان: غير هذا- يا نبيّ اللّه- أرفق . قال: [و ما ذاك؟] قال: يدفع الكرم إلى صاحب الغنم، فيقوم عليه حتّى يعود كما كان. ويدفع الغنم إلى صاحب الكرم، فيصيب منها، حتّى إذا عاد الكرم كما كان. ثمّ دفع كلّ واحد منهما إلى صاحبه ماله. وروي ذلك عن أبي جعفر [و أبي عبد اللّه] - عليهما السّلام.
وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ: يقدّسن اللّه معه.
و قيل : بلسان الحال. أو بصوت يتمثّل له. أو يخلق اللّه فيها الكلام.
و قيل : يسرن معه. من السّباحة.
و هو حال أو استئناف لبيان وجه التّسخير. و«مع» متعلّقة ب «سخّرنا» أو «يسبّحن».
وَ الطَّيْرَ:
عطف على الجبال. أو مفعول معه.و قرئ بالرّفع، على الابتداء، أو العطف على الضّمير، على ضعف.
وَ كُنَّا فاعِلِينَ لأمثاله، فليس ببدع منّا، وإن كان عجيبا عندكم.
و في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة بإسناد إلى هشام بن سالم، عن الصّادق- عليه السّلام- أنّه قال في حديث يذكر فيه قصّة داود- عليه السّلام-: انّه خرج يقرأ الزّبور. وكان إذا قرأ الزّبور، لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر إلّا جاوبه .
و في كتاب الاحتجاج للطّبرسي- رحمه اللّه-: روي عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ- عليهم السّلام- قال: إنّ يهوديّا من يهود الشّام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين- عليه السّلام-: فإنّ هذا داود، بكى على خطيئته حتّى سارت الجبال معه لخوفه. فقال له عليّ- عليه السّلام-:
لقد كان كذلك. ومحمّد- صلّى اللّه عليه وآله- أعطي ما هو أفضل من هذا. إنّه كان إذا قام إلى الصّلاة، سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي ، من شدّة البكاء. وقد آمنه اللّه- عزّ وجلّ- من عقابه، فأراد أن يتخشّع لربّه ببكائه، ويكون إماما لمن اقتدى به.
و لئن سارت الجبال وسبّحت معه، لقد عمل لمحمّد- صلّى اللّه عليه وآله- ما هو أفضل من هذا، إذ كنّا معه على جبل حراء، إذ تحرّك الجبل، فقال له: قرّ! قليس عليك إلّا نبيّ أو صدّيق شهيد. فقرّ الجبل مجيبا لأمره، منتهيا إلى طاعته.
و لقد مررنا معه بجبل وإذا الدّموع تخرج من بعضه. فقال له [النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-] يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول اللّه، كان المسيح مرّ بي، وهو يخّوف النّاس بنار وقودها النّاس والحجارة. فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة. قال له: لا تخفف.
تلك الحجارة الكبريت. فقرّ الجبل وسكن وهدأ، وأجاب لقوله.و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب، عن كتاب الإرشاد للزّهريّ: قال سعيد بن المسيّب: كان النّاس لا يخرجون إلى مكّة حتّى يخرج عليّ بن الحسين- عليهما السّلام.
فخرج، وخرجت معه. فنزل في بعض المنازل. فصلّى ركعتين، فسبّح في سجوده. فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبّحوا معه. ففزعت منه. فرفع رأسه فقال: يا سعيد، أفزعت؟ قلت:
نعم يا ابن رسول اللّه. فقال: هذا التّسبيح الأعظم.
و في رواية سعيد بن المسيّب قال: كان القوم لا يحجّون حتّى يحجّ زين العابدين- عليه السّلام. وكان يتّخذ لهم السّويق الحلو والحامض، ويمنع نفسه. فسبق يوما إلى الرّحل. فألفيته وهو ساجد. فو الّذي نفس سعيد بيده، لقد رأيت الشّجر والمدر والرّحل والرّاحلة يردّون عليه مثل كلامه.
وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ: عمل الدّرع. وهو في الأصل اللّباس. قال:
ألبس لكلّ حالة لبوسها إمّا نعيمها وإمّا بؤسها
لَكُمْ:
متعلّق ب «علّمنا». أو صفة ل «لبوس».
لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ:
بدل منه، بدل الاشتمال، بإعادة الجارّ. والضّمير ل «داود» أو ل «لبوس».
و قرئ بالتّاء للصّنعة أو للبوس على تأويل الدرع.
و قرئ بالنّون.
فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ ذلك؟
أمر أخرجه في صورة الاستفهام، للمبالغة والتّقريع.
و في الكافي : أحمد بن أبي عبد اللّه، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة،
عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: انّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- قال: أوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى داود- عليه السّلام- إنّك نعم العبد، لولا أنّك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا.
قال: فبكى داود- عليه السّلام- أربعين صباحا. فأوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى الحديد أن لن لعبدي داود- عليه السّلام. فألان اللّه- عزّ وجلّ- له الحديد. فكان يعمل في كلّ يوم درعا، فيبيعها بألف درهم. فعمل ثلاثمائة وستّين درعا، فباعها بثلاثمائة وستّين ألفا، واستغنى عن بيت المال.