لما كبر ادريس وآتاه الله النبوة ، واطاعه القليل من قومه ، فنوى الخروج مع اصحابه من القرية التي كان يسكن فيها ، فثقل على اصحابه الرحيل من اوطانهم فقالوا له : واين نجد اذا رحلنا مثل هذا النهر (1) ، فقال لهم : اذا هاجرنا لله رزقنا غيره.
فخرج وخرجوا معه اصحابه الى ان وصلوا الى اقليم فرأوا النيل وراوا واديا خاليا من ساكن ، فوقف ادريس على النيل ، وسبح الله وقال لجماعته : بابليون ، فسمي الاقليم ببابل. (2) وسمته العرب ـ مصر ـ نسبة الى مصر بن حام.
واقام النبي ادريس ومن معه بمصر يدعو الخلائق الى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله عزوجل.
وتكلم الناس في ايامه باثنين وسبعين لسانا ، وعلمه الله عزوجل منطقهم ليعلم كل فرقة منهم بلسانها ، ورسم لهم تمدين المدن ، وجمع له طالبي العلم بكل مدينة فعرفهم السياسة المدنية ، وقررها لهم قواعدها ، فبنت كل فرقة من الامم مدنا في ارضها.
وكانت عدة المدن التي انشئت في زمانه مائة مدينة وثماني وثمانين مدينة ، وعلمهم العلوم.
وكان ادريس عليه السلام اول من اسس المدن.
واول من استخرج الحكمة وعلم النجوم ، فان الله عزوجل افهمه سر ذلك وتركيبه ، وافهمه عدد السنين والحساب.
واقام للامم سننا في كل اقليم تليق كل سنة باهلها.
وقسم الارض الى اربعة ارباع ، وجعل على كل ربع ملكا يسوس امر المعمورة من ذلك الربع.
________________________________________
1 ـ بابل ـ بالسريانية النهر.
2 ـ بابل ـ بالسريانية النهر.