قال الطبرسي رحمه الله : وادي النمل هو واد بالطائف ، وقيل : بالشام.
بينما كان سليمان عليه السلام يسير مع جنوده مروا بوادي النمل ، فخرجت رئيستهم ونادت بقية النمل ، ان ادخلوا بيوتكم لا يحطمنكم جنود سليمان ، وذلك في قوله تعالى : « حتى اذا اتوا على وادي النمل قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسم ضاحكا من قولها ... » (8).
لما سمعها سليمان عليه السلام وقف بجنوده حتى دخل النمل مساكنهم فتبسم ضاحكا من قولها ، وسبب ضحكه ، التعجب لانه رأى ما لا عهد له به ، وقيل : فتبسم من حذرها.
وهذا يدل على ان سليمان وجنوده كانوا ركبانا ومشاة على الارض ولم تحملهم الريح ، لان الريح لو حملتهم بين السماء والارض لما خافت النملة ان يطؤوها بارجلهم ، ولعل هذه القصة كانت قبل تسخير الله الريح لسليمان عليه السلام.
فان قيل : كيف عرفت النملة سليمان وجنوده حتى قالت هذه المقالة ؟
قلنا : اذا كانت مأمورة بطاعته فلابد ان يخلق الله لها من الفهم ما تعرف به امور طاعته ، ولا يمنع ان يكون لها فهم ما تستدرك به ذلك.
وقد علمنا انها تشق ما تجمع من الحبوب بنصفين مخافة ان تصيبه الندى فينبت ، الا الكزبرة فانها تكسرها باربع ـ قطع ـ لانها تنبت اذا قطعت بنصفين ، فمن هداها الى هذا فانه يهديها الى تمييز ما يحطمها مما لا يحطمها.
وروي لما سمع سليمان قول النملة دعاها وقال :
علي بالنملة ، فلما اتي بها قال سليمان : يا ايتها النملة اما علمت اني نبي الله ، واني لا اظلم احدا ؟ قالت النملة : بلى ، قال سليمان : فَلِمَ حذرتيهم ظلمي ؟ قالت النملة : خشيت ان ينظروا الى زينتك فيفتتنوا بها فيبعدوا عن الله تعالى ذكره ويعبدون غيره (9).
________________________________________
8 ـ النمل : 19.
9 ـ البحار : ج 14 ص 92.