وصى لقمان عليه السلام بالتواضع والبشاشة وعدم التكبر فيقول : « ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الارض مرحا ان الله لا يحب كل مختال فخور » (1).
« تُصَعّر » : من مادة ( صعر ) وهو في الاصل مرض يصيب البعير فيؤدي الى اعوجاج رقبته.
« والمرح » : يعني الغرور والبطر الناشئ من النعمة.
من وصايا لقمان في المشي يقول : ولا تمشي في الارض مرحا انك لن تخرق الارض ولا تبلغ الجبال طولا ، وان كل يوم ياتيك يوم جديد يشهد عليك عند رب كريم.
« والمختال » : من مادة « الخيال » و « الخيلاء » ، وتعني الشخص الذي يرى نفسه عظيما وكبيرا ، نتيجة سلسلة من التخيلات والاوهام.
و « الفخور » : من مادة « الفخر » ويعني الشخص الذي يفتخر على الآخرين. جدا وغير مرضيتين ، وهما اساس تضعيف الانسان وقطع روابطه الاجتماعية ، وهما : التكبر وعدم الاهتمام بالآخرين ، والغرور والعجب بالنفس ، ومن كانت به هذه الصفات يسقط الى الهاوية.
حيث قال الحكيم : يا بني اياك والتجبر والتكبر والفخر فتجاور ابليس في داره.
علما ان مثل هذه الصفات مرض نفسي واخلاقي يجب علاجه عند الحكماء ومحاربته ، ومحاربة كل مظاهر التكبر والغرور ، وعلى هذا نرى الحكيم لقمان يضع اصبعه على هذا الداء الخطير ويعطينا الدواء ويقول : « واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير » (2).
امرنا الحكيم الاعتدال في المشي ، كما اوصى برعاية الاعتدال في العمل والكلام وخفض الصوت ، والسبب في التاكيد على هذه الصفات المهمة ، لانها تعطي طابع عن شخصية الانسان واخلاقه ، وتنعكس على اعماله.
ففي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من مشى على الارض اختيالا لعنته الارض ومن تحتها ومن فوقها » (3).
وجاء في حديث عن الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام قال : « من علامات الفقه : العلم ، والحلم والصمت ، ان الصمت باب من ابواب الحكمة » (4).
وهذا ليس بمعنى ان الانسان يجب ان يكون صامتا وساكتا دائما ، بل المراد ان يكون الكلام في محله ومختصرا ونافعا ، وقد جاء في روايات عديدة على انه لا ينبغي للمؤمن ان يسكت في المواضع التي يلزم فيها الكلام ، وان الانبياء بعثوا بالكلام لا بالسكوت.
وان وسيلة الوصول الى الجنة والخلاص من النار هي الكلام في الموضع المناسب ، وما ينتفع منه الناس.
________________________________________
1 ـ لقمان : 18.
2 ـ لقمان : 19.
3 ـ ثواب الاعمال ، وامالي الصدوق.
4 ـ الوسائل ص 532.