ان موسى عليه السلام ناجاه الله تبارك وتعالى ، فقال في مناجاته له :
يا موسى لا يطول في الدنيا املك فيقس لذلك قلبك ، وقاسي القلب مني بعيد ، يا موسى كن كمسرتي فيك ، فان مسرتي ان اطاع فلا اعصى ، وامت قلبك بالخشية وكن خَلق الثياب جديد القلب تخفى على اهل الارض ، وتعرف في اهل السماء جلس البيوت مصباح الليل ، واقنت بين يدي قنوت الصابرين وصح الي من كثرة الذنوب صياح الهارب من عدوه ، واستعن بي على ذلك فاني نعم العون ونعم المستعان.
يا موسى كن امامهم في صلاتهم وامامهم فيما يتشاجرون ، واحكم بينهم بما انزلت عليك ، فقد انزلته حكما وبرهانا نيرا ونورا ينطق بما في الاولين وبما هو كائن في الاخرين.
يا موسى كن اذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا ، وعفر وجهك لي في التراب ، واسجد لي بمكارم بدنك واقنت بين يدي في القيام وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل ، واحي بتوراتي ايام الحياة وعلم الجهال محامدي وذكرهم آلائي ونعمتي ، وقل لهم لا يتمادون في غيي ما هم فيه فان اخذي اليم شديد.
يا موسى ارحم من هو اسفل منك في الخلق ، ولا تحسد من هو فوقك ، فان الحسد ياكل الحسنات كما تاكل النار الحطب.
يا موسى الموت لاقيك لا محالة فتزود زاد من هو على ما يتزود واردا.
يا موسى مر عبادي يدعوني على ما كانوا بعد ان يقروا لي اني ارحم الراحمين مجيب المضطرين ، واكشف السوء وابدل الزمان وآتي بالرخاء واشكر اليسير واثيب الكثير ، واغني الفقير وانا الدائم العزيز ، فمن لجا اليك وانضوى اليك من الخاطئين ، فقل : اهلا وسهلا يا رحب الفناء بفناء رب العالمين ، واستغفر لهم وكن لهم كاحدهم ، ولا تستطل عليهم بما انا اعطيتك فضله ، وقل لهم : فليسالوني من فضلي ورحمتي ، فانه لا يملكها احد غيري وانا ذو الفضل العظيم.
يا موسى ان الحسنة عشرة اضعاف ، ومن السيئة الواحدة الهلاك ، لا تشرك ما بي لا يحل لك ان تشرك به ، قارب وسدد وادع دعاء الطايع الراغب فيما عندي النادم على ما قدمت يداه ، فان سواد الليل يمحوه النهار ، وكذلك السيئة تمحوها الحسنة ، وعشوة الليل تاتي على ضوء النهار ، وكذلك السيئة تاتي على الحسنة الجليلة فتسودها (1).
عن ابي عبد الله عليه السلام قال :
مكتوب في التوراة اشكر من انعم عليك ، وانعم على من شكرك فانه لا زوال للنعماء اذا شكرت ، ولا بقاء لها اذا كفرت الشكر زيادة في النعم وامان من الغير.
ابي عبد الله عليه السلام قال : اوحى الله عزوجل الى موسى :
يا موسى اشكرني حق شكري ، فقال يا رب كيف اشكرك حق شكرك ، وليس من شكر اشكرك به الا وانت انعمت به علي ، قال : يا موسى الآن شكرتني حين قلت ان ذلك مني.
عن ابي عبد الله عليه السلام قال : اوحى الله تعالى الى موسى :
يا موسى لا تفرح بكثرة المال ولا تدع ذكري على كل حال ، فان كثرة المال تنسي الذنوب وان ترك ذكري يقسي القلوب.
قال ابو عبد الله عليه السلام : قال الله عزوجل لموسى عليه السلام :
يابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك الى ذلك ، ولا تتبعه نفسك فان الحاسد ساخط لنعمتي ضاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني.
يا موسى لو وكلتك الى نفسك لتنظر لها اذا لغلب عليك حب الدنيا وزهرتها ، يا موسى نافس في الخير اهله واسبقهم اليه فان الخير كاسمه واترك من الدنيا ما بك الغنى عنه ولا تنظر عينيك الى كل مفتون بها وموكل الى نفسه واعلم ان كل فتنة بدؤها حب الدنيا ، ولا تغبط احدا بكثرة المال فان مع كثرة المال كثرة الذنوب لواجب الحقوق ، ولا تغبطن احدا برضا الناس عنه حتى تعلم ان الله راض عنه ، ولا تغبطن احدا بطاعة الناس له فان طاعة الناس له واتباعهم اياه على غير الحق هلاك له ولمن اتبعه (2).
________________________________________
1 ـ الجواهر السنية : ط قم ، ص 31 ـ 39.
2 ـ نفس المصدر : ص 45.