1 ـ الله سبحانه وتعالى يأمر نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، رغم مكانته العالية بان يتخذ من داود اسوة له في تحمل الصبر ، وذلك في قوله تعالى : « اصبر على ما يقولون واذكر ... » (1).
2 ـ القرآن وصف داود عليه السلام بالعبد ، وفي الحقيقة ان اهم خصوصية لداود هي : عبوديته لله ، قال تعالى « عبدنا داود » ونقرا شبيه هذا المعنى بشأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة المعراج « سبحان الذي اسرى بعبده ... » (2).
3 ـ امتلاكه للقدرة والقوة ، في طاعة الباري عزوجل والاحتراز عن ارتكاب المعاصي وحسن تدبيره لشؤون مملكته ، في قوله تعالى : « ذا اليد » وجاءت ايضا بشأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين » (3).
4 ـ وصفه بالاواب ، ونفي رجوعه المتكرر والمستمر الى الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : « انه اواب ».
5 ـ تسخير الجبال معه لتسبح في الصباح والمساء ، وهذا الأمر يعد من مفاخره ، قال تعالى : « انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق ».
6 ـ مناجاة الطيور وتسبيحها الله مع داود ، وهذه من النعم التي انعمها الله على داود ، قال تعالى : « والطير محشورة ».
فكل الطيور والجبال مسخرة لداود ومطيعة لاوامره ، وتسبح معه ، حتى الحديد الانه الله له يعمل وينسج منه الدروع ، « ... والنا له الحديد » (4).
7 ـ استمرار الجبال والطيور في التسبيح مع داود ، وفي كل مرة يسبح فيها تعود الجبال والطيور وتسبح معه ، وعلى هذا قال تعالى : « كل له اواب » تسبح الله عزوجل وتعود اليه.
واحتمال آخر هو : ان كل ذرات العالم تعود اليه ومطيعة لاوامره تعالى.
8 ـ اعطاه الله الملك والحكومة التي احكمت اسسها ، اضافة الى وضع كل الوسائل المادية والمعنوية التي يحتاجها لنيل اهدافه تحت تصرفه ، قال تعالى : « وشددنا ملكه » اي ثبتنا واحكمنا مملكته ، بحيث كان الاعداء يحسبون لمملكته الف حساب.
9 ـ منحه ثروة مهمة اخرى ، وهي العلم والمعرفة التي تفوق الحد الطبيعي ، والتي هي منبع خير كثير ومصدر كل بركة واحسان اينما كانت ، قال تعالى :
« وآتيناه الحكمة » الحكمة التي يقول بشانها القرآن المجيد : « ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا » (5) ، وتعني العلم والمعرفة وحسن التدبير في امور البلاد ومقام النبوة والحكومة.
10 ـ واخيرا فقد من الله عليه بمنطق قوي وحديث مؤثر ونافذ ، وقدرة كبيرة على القضاء والتحكيم بصورة حازمة وعادلة ، قال تعالى : « وفصل الخطاب ».
وقد استخدمت عبارة « فصل الخطاب » لانه كلمة الخطاب تعني اقوال طرفي النزاع ، اما « فصل » فانها تعني القطع والفصل ، وتعني هذه العبارة : قضاء بالعدل ، والمنطق القوي والتفكر العميق وسموه.
حقا ان اسس اي حكومة لا يمكن ان تصبح محكمة وقوية ومنتصرة بدون هذه الصفات : العلم ، والمنطق ، وتقوى الله ، والقدرة على ضبط النفس ، ونيل مقام العبودية لله تعالى ....
وروي ان معنى « داود » انه داوى جرحه بود وقيل : داوى وده بالطاعة حتى قيل عبد.
وعن ابي جعفر عليه السلام قال : ان الله تبارك وتعالى لم يبعث الانبياء ملوكا في الارض الا اربعة بعد نوح : ذو القرنين واسمه عياش ، وداود ، وسليمان ، ويوسف عليهم السلام. (6)
وعنه عليه السلام قال : اوحى الله تعالى الى داود عليه السلام انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا. (7)
قال : فبكى داود عليه السلام فأوحى الله تعالى الى الحديد ان لن لعبدي داود ، فالان الله له الحديد ، فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بالف درهم ، فعمل ثلثمائة وستين درعا ، فباعها بثلثمائة وستين الفا ، واستغنى عن بيت المال. (8)
________________________________________
1 ـ ص : 17.
2 ـ الاسراء : 1.
3 ـ الانفال : 62.
4 ـ سبأ : 10.
5 ـ البقرة : 269.
6 ـ 7 ـ قصص الانبياء للجزائري : ص 378 و383.
8 ـ قصص الانبياء للجزائري : ص 378 و383.