جاء في قوله تعالى : « وقالوا لا تذرن ءالهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا » (1).
كان رؤساء قوم نوح عليه السلام يضعون الخطط الشيطانية الواسعة لتضليل الناس ورفضهم لدعوة نوح عليه السلام ، ومن اهم هذه الاساليب ترغيب الناس وتشويقهم على عبادة الاصنام ، وقد تم انتخاب خمسة من كبار الاصنام وجعلوا لهم اسماء مشخصة ، كما نسبوا لكل صنم من هذه الاصنام الخمسة عمل خاص به.
علما ، وكما تشير بعض الروايات الى عدم وجود عبادة الاصنام قبل عصر نوح عليه السلام وان قوم نوح هم الذين اوجدوها.
من هنا يتعين ان المدة بين زمن ادم ونوح عليه السلام كان اناس صالحون طيبون ، ولكن الشيطان اغواهم وعمد الى استغلالهم وترغيبهم على صنع تماثيل ، وبعض هذه التماثيل تمثل كبار اولئك الصالحين بحجة تقديسهم واجلالهم ، وبعد مرور الزمن نسبت الاجيال التي تلت هؤلاء ، وتصورت ان هذه التماثيل هي موجودات محترمة نافعة ويجب عبادتها ، كما وسوس لهم الشيطان ، اخذوا يعبدونها ويعتقدون بها واستولى عليهم الشيطان.
وقد لقبت هذه الاصنام الخمسة كما ذكرتهم الاية المباركة وهم : « ودا ، وسوعا ، ويغوث ، ويعوق ، ونسرا » ، ولذا كان رؤساؤهم المستغلون لهم يعتمدون على عبادتهم لها.
ضل قوم نوح معتكفين على عبادة هذه الاصنام الخمسة حتى انتقلت هذه الاصنام الى الجاهلية العربية ، وانتخبت كل قبيلة واحدة من هذه الاصنام لهما ، « او انتقلت اسمائها اليهم ثم صنعوا تماثيل وسموها باسمائهم » في المسالة اختلاف.
وقيل : ان قبيلة بني كلب في اراضي دومة الجندل ، انتخبت الصنم « ود » ، واتخذت قبيلة هديل « سواعا » ، واتخذت قبيلة بني قطيف او قبيلة بني مذحج « يغوث » واتخذت قبيلة همدان « يعوق » وقبيلة ذي الكلاع « نسرا ».
فان ثلاثة من الاصنام كانت في اليمن وهي « يغوث ، ويعوق ، ونسرا » ولكنها اندثرت عندما سيطر ذو نؤاس على اليمن ، واعتنق اهلها اليهودية (2) ويقول المؤرخ الشهير الواقدي : كان الصنم « ود » على صورة رجل ، و « سواع »
على صورة امرأة ، و « يغوث » على صورة اسد ، و « يعوق » على صورة فرس ، و « نسر » على صورة نسر « الطائر المعروف » (3).
وبالطبع ان هناك اصناما اخرى كانت لعرب الجاهلية ، منها « هبل » الذي كان اكبر اصنامها التي وضعوها داخل الكعبة والصنم « اساف » و « نائلة » و « اللات » و « العزى » وغير ذلك من الاصنام التي كانت داخل وخارج الكعبة المشرفة.
ضلت الاصنام معلقة داخل الكعبة وحواليها تعبد وتقدس الى ان ظهر الاسلام ، وبعث النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ، وفتح مكة ، وحمل علي بن ابي طالب عليه السلام على كتفه ، وكسر اكبر اصنامها « هبل » وبه انتهت عبادة الاصنام وظهرت عبادة الله تعالى.
________________________________________
1 ـ نوح : 23.
2 ـ تفسير مجمع البيان ج 10 ص 364 والامثل : ج 19 ص 63.
3 ـ نفس المصدر.