حدثني سيد الفقهاء، وسناد العلماء، العالم الرباني المؤيد بالألطاف الخفية السيد مهدي القزويني الساكن في الحلة السيفية، صاحب التصانيف الكثيرة والمقامات العالية أعلى الله تعالى مقامه فيما كتب بخطه قال: حدثني والدي الروحاني وعمي الجسماني جناب المرحوم المبرور العلامة الفهامة، صاحب الكرامات، والإخبار ببعض المغيبات، السيد محمّد باقر نجل المرحوم السيد أحمد الحسيني القزويني أن في الطاعون الشديد الذي حدث في أرض العراق من المشاهد وغيرها في عام ست وثمانين بعد المائة والألف، وهرب جميع من كان في المشهد الغروي من العلماء المعروفين وغيرهم، حتّى العلامة الطباطبائي والمحقق صاحب كشف الغطاء وغيرهما بعد ما توفي منهم جم غفير، ولم يبق إلا معدودين من أهله، منهم السيد رحمه الله.
قال: وكان يقول: كنت أقعد اليوم في الصحن الشريف، ولم يكن فيه ولا في غيره أحد من أهل العلم إلا رجلا معمما من مجاوري أهل العجم، كان يقعد في مقابلي وفي تلك الأيام لقيت شخصا معظما مبجلا في بعض سكك المشهد ما رأيته قبل ذلك اليوم ولا بعده، مع كون أهل المشهد في تلك الأيام محصورين، ولم يكن يدخل عليهم أحد من الخارج، قال: ولما رآني قال ابتداء منه: أنت ترزق علم التوحيد بعد حين.
وحدثني السيد المعظم، عن عمه الجليل أنه رحمه الله بعد ذلك في ليلة من الليالي قد رأى ملكين نزلا عليه بيد أحدهما عدة ألواح فيها كتابة، وبيد الآخر ميزان فأخذا يجعلان في كل كفة من الميزان لوحا يوزنونها ثمّ يعرضون الألواح المتقابلة عليّ فأقرؤها وهكذا إلى آخر الألواح، وإذا هما يقابلان عقيدة كل واحد من خواص أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخواص أصحاب الأئمة عليهم السلام مع عقيدة واحد من علماء الإمامية من سلمان وأبي ذر إلى آخر البوابين، ومن الكليني والصدوقين، والمفيد والمرتضى، والشيخ الطوسي إلى بحر العلوم خالي العلامة الطباطبائي ومن بعده من العلماء.
قال: فاطلعت في ذلك المنام على عقائد جميع الإمامية من الصحابة وأصحاب الأئمة عليهم السلام وبقية علماء الامامية، وإذا أنا محيط بأسرار من العلوم لو كان عمري عمر نوح عليه السلام وأطلب هذه المعرفة، لما أحطت بعشر معشار ذلك وذلك بعد أن قال الملك الذي بيده الميزان للملك الآخر الذي بيده الألواح: اعرض الألواح على فلان، فانا مأمورون بعرض الألواح عليه، فأصبحت وأنا علامة زماني في العرفان.
فلما جلست من المنام، وصليت الفريضة وفرغت من تعقيب صلاة الصبح فإذا بطارق يطرق الباب، فخرجت الجارية فأتت إلي بقرطاس مرسول من أخي في الدين المرحوم الشيخ عبد الحسين الأعشم(1) فيه أبيات يمدحني فيها فإذا قد جرى على لسانه في الشعر تفسير المنام على نحو الاجمال، قد ألهمه الله تعالى ذلك وأما أبيات المدح فمنها قوله شعرا:
نرجو سعادة فالي إلى سعادة فالك *** بك اختتام معال قد افتتحن بخالك
|
|
|
وقد أخبرني بعقائد جملة من الصحابة المتقابلة مع بعض العلماء الإمامية، ومن جملة ذلك عقيدة المرحوم خالي العلامة بحر العلوم في مقابلة عقيدة بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين هم من خواصه وعقيدة علماء آخرين الذين يزيدون على السيد المرحوم المذكور أو ينقصون إلا أن هذه الامور لما كانت من الأسرار التي لا يمكن إباحتها لكل أحد، لعدم تحمل الخلق لذلك، مع أنه رحمه الله أخذ عليّ العهد ألا أبوح به لأحد وكانت تلك الرؤيا نتيجة قول ذلك القائل الذي تشهد القرائن بكونه المنتظر المهدي.
قلت: وهذا السيد المبجل كان صاحب أسرار خاله العلامة بحر العلوم وخاصته، وصاحب القبة المواجهة لقبة شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام، في النجف الأشرف، وحدثني السيد المعظم المزبور وغيره بجملة من كراماته ذكرناها في دار السلام.
(1) هكذا في النسخة ولعل الصحيح الشيخ عبد الحسين الأعسم.