وقال أصلح الله باله: وأخبر الشيخ باقر المزبور عن رجل صادق اللهجة كان حلاقا وله أب كبير مسن، وهو لا يقصر في خدمته، حتّى أنه يحمل له الابريق إلى الخلاء، ويقف ينتظره حتّى يخرج فيأخذه منه ولا يفارق خدمته إلا ليلة الأربعاء فانه يمضي إلى مسجد السهلة ثمّ ترك الرواح إلى المسجد، فسألته عن سبب ذلك، فقال: خرجت أربعين أربعاء فلما كانت الأخيرة لم يتيسر لي أن أخرج إلى قريب المغرب فمشيت وحدي وصار الليل، وبقيت أمشي حتّى بقي ثلث الطريق، وكانت الليلة مقمرة.
فرأيت أعرابيا على فرس قد قصدني فقلت في نفسي هذا سيسلبني ثيابي فلما انتهى إلي كلمني بلسان البدو من العرب، وسألني عن مقصدي، فقلت: مسجد السهلة.
فقال: معك شيء من المأكول؟
فقلت: لا.
فقال: أدخل يدك في جيبك _ هذا نقل بالمعنى _ وأما اللفظ (دورك يدك لجيبك).
فقلت: ليس فيه شيء.
فكرر عليّ القول بزجر حتّى أدخلت يدي في جيبي، فوجدت فيه زبيبا كنت اشتريته لطفل عندي، ونسيته فبقي في جيبي.
ثمّ قال لي الأعرابي: أوصيك بالعود، أوصيك بالعود، أوصيك بالعود _ والعود في لسانهم اسم للأب المسن.
ثمّ غاب عن بصري فعلمت أنه المهدي عليه السلام وأنه لا يرضى بمفارقتي لأبي حتّى في ليلة الأربعاء فلم أعد.