كان المرحـوم الشيخ أحمد النراقـي (1) (قدس سره) من العلماء الأجلاّء والأغنياء الموفوري الحال ، كان له فـي ما يملك بستان واسع زاخر بالخيرات والنعم .
وذات يوم التقاه صوفي ، عند دخوله الحمام . قال الصوفي للنراقي : كيف تدّعي لنفسك الزهد والدين ، ولك ما لك من الأملاك مما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين ؟!
فلم يجبه النراقي ، حـتى إذا فرغا من الحمّام توجه إلى صاحبه قائلاً : أيّها المرشد ! هل ذهبت إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء ؟
أجاب الصوفي بالنفي ، فدعاه النراقي لصحبته إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وافق الصوفي وانطلقا معاً ، وبعد عـدّة خطوات طلب الصّوفـي من النراقي أن يمهله عدّة لحظات حتى يعود !
قال النراقي : لماذا ؟
قال الصوفـي بعد أن ضرب يده بالأخرى : لقد نسيت كشكولي (2) فـي الحمّام ، ولابّد أن أصحبه معي.
قال النراقي : أيها الصوفي ، إنك شهدت بأن لـي ثروة طائلـة ، وأموالاً كثيرة ، لكنني أودعتها عند ربّي حينما عزمت على السفر إلى العتبات المقدّسة ، وأخرجت حبّها من قلبي ، وأما أنت فلم تستطع أن تترك كشكولاً واحداً ولم تملك أن تنـزع حبّه من قلبك ، فإن الزهد ـ كما قال الإمام علي (عليه السلام) ـ (أن لا يملكك شيء لا أن لا تملك شيئاً) .
(1) الشيخ احمد بن مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني ، من العلماء الإجلاء الذي اشتهر بعلمه وأخلاقه وتواضعه ، وكان يسكن مدينة كاشان ويدرس فيها ، توفى سنة 1382هـ ، من مؤلفاته : عوائد الأيام ، مستند الشيعة في أحكام الشريعة ، منهاج الوصول إلى علم الأصول ، مفتاح الأحكام في أصول الفقه ، جامع السعادات .
(2) الكشكول : وعاء للمتسوّل يجمع فيه ما يأخذه من أيدي الناس .