رأت في المنام والدة الشيخ مرتضى الانصاري وهو من مراجع القرن الثاني عشر الهجري أن الإمام الصادق (ع) أهدى لها قرآناً مذهّباً ! وكان تفسير هذه الرؤيا ان الله سيرزقها ولداً عالماً يروّج لفقه أهل البيت (ع) الذي أحياه الإمام الصادق (ع) وهكذا أصبح ولدها الشيخ الأنصاري المرجع الاعلى للطائفة الشيعية في العالم .
ورد انه بعد عودته من كل درس كان يمر على منزل والدته الصالحة ليلقي عليها السلام والتحية ، يجلس عندها ويتحدث لها عن التاريخ الإسلامي والدين ويلاطفها بالقصص الفكاهية ذات المعاني الهادفة حتى يدخل السرور على قلب أمه التي عانت في حياتها كثيراً . ذات يوم خاطبها مازحاً وهويذكّرها أيام زمان :
هل تذكرين يا أماه يوم كنت أدرس المقدمات ( العلوم الابتدائية الدينية ) ، كنت ترسليني لشراء حاجيات للطبخ وأنا اؤجل ذلك إلى انتهائي من دروسي وأنت تغضبين عليّ وتقولين : أنا بلا خلف ( يعني بلا ولد يعينها ) فهل لا تزالين اليوم بلا خلف يا أماه ؟
فترد عليه أمه العجوز وهي مازحة أيضاً : أجل اليوم كذلك بلا معين ! لأنك في تلك الايام لم تكن تحضر حاجيات البيت واليوم صرت شيئاً في هذه الدنيا ، تحتاط في إعطائنا من بيت مال المسلمين ، فلا زلت تجعلنا في ضيق !
وهذه الأم التي تحملت طول عمرها صعوبات الفقر ، ذات مرة فتحت لسان عتابها على ولدها المرجع الكبير قائلة : كم هي الأموال التي تبعثها اليك الشيعة من أطراف البلاد الإسلامية ؟ فلماذا لا تساعد بها أخاك منصور ، انه محتاج ولا يكفيه ما بيده ، أعطه قدر حاجته !
فنهض الشيخ مرتضى الانصاري وقدّم اليها مفتاح الغرفة التي كان يحفظ فيها أموال المسلمين وهو يقول لها :رأي مقدار تريدين خذيه لابنك ولكنك مسؤولة أمام الله يوم القيامة!
كان الشيخ يعرف كيف يعالج عاطفة أمه المؤمنة التي كانت تتألم من الفقر وتفكر عاطفياً لولدها منصور ولقد استفاد الشيخ من شعورها الديني من دون أن يجرح قلبها الحنون .
لذلك حصل الشيخ على الموقف الذي كان يتوقعه من أمه التقية النقية والتي قالت له : أبداً لن أرمي بنفسي في مهالك يوم القيامة من أجل رفاه أيام لولدي ، هيهات ذلك .