كان الشيخ جعفر المحلاتي (قدس سره) من العلماء الكبار في مدينة شيراز الإيرانية ، وكان ـ في بداية أمره ـ ميسور الحال ، يبذل الأموال والأعطيات للفقراء والمحتاجين ، إلاّ أنه ابتلي في شيخوخته بفقر مدقع .
ولقد حدث نزاع ـ ذات يوم ـ بين أبناء ( مؤيد الملك ) وإخوته ، على تولّي الموقوفات التي تركها ( المؤيد ) بعد وفاته .
اختصم الطرفان عند الشيخ عبد الكريم الحائري ، لكنه رفـض البتّ فـي القضية مع وجود الشيخ جعفر المحلاتي في شيراز .
رفعـوا القضية إلـى مراجع آخرين ، لكنهم كرّروا عليهم نفس جواب الحائـري ، فأضطر المتخاصمون إلى رفعها إلى الشيخ محلاتي ولكن عبر وسطاء.
عرض الوسيط الموضوع على الشيخ المحلاتي ، وقدّم الوثائق والحجج للطرفين ، ثم أظهر له أن الجميع قد ارتضوه حكماً فيما بينهم وإن المهم عندهم هو إنهاء النـزاع ، وعرض عليه الوسيط مبلغ أربعة آلاف تومان لقاء أتعابه في القضية ، وكان هذا المبلغ يعدّ كبيراً ومغرياً في ذلك الزمان .
لكن الشيخ مع ذلك ، اعتذر عن البت في النـزاع .
قال له الوسيط : شيخنا ، إن أطراف النـزاع مستعدون لدفع عشرة آلاف تومان (1) إن أصدرت الحكم ، ولا فرق عندهم فيمن تختاره لتولّي الموقوفات ، سواءً أكان منهم أم من غيرهم .
وبعد إصرار متبادل من الشيخ ومن الوسيط ، أمسك الشيخ لحيته بيده وقال: إنهم يريدون إحراق لحيتي البيضاء بنار جهنم !
هذا الرفض صدر من الشيخ فـي وقت لم يكن يملك المـال لشـراء طعام العشاء ، الأمر الذي اضطرّه إلى بيع قدر من قدور المنـزل ، لشراء عدّة أرغفة من الخبز لعائلته .
(1) وكان هذا المبلغ يعادل عشرة آلاف دولار .