الآيات البقرة خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ و قال الله تعالى فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ و قال تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ و قال تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ و قال تعالى وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ و قال تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ آل عمران فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ و قال تعالى رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا المائدة وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ و قال تعالى وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً و قال تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ الأنعام إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَ الْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ و قال تعالى وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ و قال تعالى وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً و قال وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ و قال قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ و قال تعالى فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ الأعراف وَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ و قال كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ و قال تعالى لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ الأنفال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ و قال إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ التوبة وَ طُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ و قال تعالى وَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ و قال سبحانه وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ و قال تعالى ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ يونس وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ لَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ و قال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ و قال تعالى كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ هود ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوا يُبْصِرُونَ و قال تعالى مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ الرعد قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ إلى قوله تعالى أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ إلى قوله سبحانه أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ و قال تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ النحل أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَ ما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ و قال تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ و قال تعالى مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً إسراء وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا الكهف وَ رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ و قال تعالى وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً الأنبياء لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ و قال تعالى قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَ لا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ الحج وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ و قال
تعالى أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ و قال تعالى لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ الفرقان أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا و قال تعالى وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً الشعراء يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ و قال تعالى قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَ وَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ و قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ و قال تعالى كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ النمل إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ ما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ الروم فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ إلى قوله تعالى كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لقمان وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً التنزيل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَ فَلا يَسْمَعُونَ الأحزاب ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ و قال تعالى وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ و قال تعالى وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً و قال تعالى وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ و قال تعالى وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ و قال تعالى ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ و قال لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فاطر وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ يس وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ و قال تعالى لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا الصافات وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ الزمر أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ المؤمن كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ و قال تعالى وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ لَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ السجدة فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ و قال وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ الزخرف أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ مَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ الجاثية أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ محمد وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ و قال تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها الفتح هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ الحجرات أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى
ق وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ و قال تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ الحديد أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ المجادلة أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ الصف فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ المنافقين فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ إلى قوله تعالى كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ التغابن وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ الملك وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ و قال تعالى أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أ لم نشرح أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
1- كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله ع قال ما من قلب إلا و له أذنان على إحداهما ملك مرشد و على الأخرى شيطان مفتن هذا يأمره و هذا يزجره الشيطان يأمره بالمعاصي و الملك يزجره عنها و هو قول الله عز و جل عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ
تبيين اعلم أن معرفة القلب و حقيقته و صفاته مما خفي على أكثر الخلق و لم يبين أئمتنا ع ذلك إلا بكنايات و إشارات و الأحوط لنا أن نكتفي من ذلك بما بينوه لنا من صلاحه و فساده و آفاته و درجاته و نسعى في تكميل هذه الخلقة العجيبة و اللطيفة الربانية و تهذيبها عن الصفات الذميمة الشيطانية و تحليتها بالأخلاق الملكية الروحانية لنستعد بذلك للعروج إلى أعلى مدارج الكمال و إفاضة المعارف من حضرة ذي الجلال و لا يتوقف ذلك على معرفة حقيقية القلب ابتداء فإنه لو كان متوقفا على ذلك لأوضح موالينا و أئمتنا ع لنا ذلك بأوضح البيان و حيث لم يبينوا ذلك لنا فالأحوط بنا أن نسكت عما سكت عنه الكريم المنان لكن نذكر هنا بعض ما قيل في هذا المقام و نكتفي بذلك وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ فاعلم أن المشهور بين الحكماء و من يسلك مسلكهم أن المراد بالقلب النفس الناطقة و هي جوهر روحاني متوسط بين العالم الروحاني الصرف و العالم الجسماني يفعل فيما دونه و ينفعل عما فوقه و إثبات الأذن له على الاستعارة و التشبيه قال بعض المحققين القلب شرف الإنسان و فضيلته التي بها فاق جملة من أصناف الخلق باستعداده لمعرفة الله سبحانه التي في الدنيا جماله و كماله و فخره و في الآخرة عدته و ذخره و إنما استعد للمعرفة بقلبه لا بجارحة من جوارحه فالقلب هو العالم بالله و هو العامل لله و هو الساعي إلى الله و هو المتقرب إليه و إنما الجوارح أتباع له و خدم و آلات يستخدمها القلب و يستعملها استعمال الملك للعبيد و استخدام الراعي للرعية و الصانع للآلة. و القلب هو المقبول عند الله إذا سلم من غير الله و هو المحجوب عن الله إذا صار مستغرقا بغير الله و هو المطالب و المخاطب و هو المثاب و المعاقب و هو الذي يستسعد بالقرب من الله تعالى فيفلح إذا زكاه و هو الذي يخيب و يشقى إذا دنسه و دساه. و هو المطيع لله بالحقيقة به و إنما الذي ينتشر على الجوارح من العبادات أنواره و هو العاصي المتمرد على الله و إنما الساري على الأعضاء من الفواحش آثاره و بإظلامه و استنارته تظهر محاسن الظاهر و مساويه إذ كل إناء يترشح بما فيه. و هو الذي إذا عرفه الإنسان فقد عرف نفسه و إذا عرف نفسه فقد عرف ربه و هو الذي إذا جهله الإنسان فقد جهل نفسه و إذا جهل نفسه فقد جهل ربه و من جهل بقلبه فهو بغيره أجهل و أكثر الخلق جاهلون بقلوبهم و أنفسهم و قد حيل بينهم و بين أنفسهم ف أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ و حيلولته بأن لا يوفقه لمشاهدته و مراقبته و معرفة صفاته و كيفية تقلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن و أنه كيف يهوي مرة إلى أسفل السافلين و يتخفض إلى أفق الشياطين و كيف يرتفع أخرى إلى أعلى عليين و يرتقي إلى عالم الملائكة المقربين. و من لم يعرف قلبه ليراقبه و يراعيه و يترصد ما يلوح من خزائن الملكوت عليه و فيه فهو ممن قال الله تعالى فيه وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ فمعرفة القلب و حقيقة أوصافه أصل الدين و أساس طريق السالكين. فإذا عرفت ذلك فاعلم أن النفس و الروح و القلب و العقل ألفاظ متقاربة المعاني فالقلب يطلق لمعنيين أحدهما اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر و هو لحم مخصوص و في باطنه تجويف و في ذلك التجويف دم أسود و هو منبع الروح و معدنه و هذا القلب موجود للبهائم بل هو موجود للميت. و المعنى الثاني هو لطيفة ربانية روحانية لها بهذا القلب الجسماني تعلق و قد تحيرت عقول أكثر الخلق في إدراك وجه علاقته فإن تعلقها به يضاهي تعلق
الأعراض بالأجسام و الأوصاف بالموصوفات أو تعلق المستعمل للآلة بالإله أو تعلق المتمكن بالمكان و تحقيقه يقتضي إفشاء سر الروح و لم يتكلم فيه رسول الله ص فليس لغيره أن يتكلم فيه. و الروح أيضا يطلق على معنيين أحدهما جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني و ينتشر بواسطة العروق الضوارب إلى سائر أجزاء البدن و جريانها في البدن و فيضان أنوار الحياة و الحس و السمع و البصر و الشم منها على أعضائها يضاهي فيضان النور من السراج الذي يدار في زوايا الدار فإنه لا ينتهي إلى جزء من البيت إلا و يستنير به. فالحياة مثالها النور الحاصل في الحيطان و الروح مثالها السراج و سريان الروح و حركتها في الباطن مثاله مثال حركة السراج في جوانب البيت بتحريك محركة و الأطباء إذا أطلقوا اسم الروح أرادوا به هذا المعنى و هو بخار لطيف أنضجته حرارة القلب. و المعنى الثاني هو اللطيفة الربانية العالمة المدركة من الإنسان و هو الذي شرحناه في أحد معنيي القلب و هو الذي أراده الله تعالى بقوله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي و هو أمر عجيب رباني يعجز أكثر العقول و الأفهام عن درك كنه حقيقته. و النفس أيضا مشترك بين معاني و يتعلق بغرضنا منه معنيان أحدهما أن يراد به المعنى الجامع لقوة الغضب و الشهوة في الإنسان و هذا الاستعمال هو الغالب على الصوفية لأنهم يريدون بالنفس الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان فيقولون لا بد من مجاهدة النفس و كسرها و إليه الإشارة بقوله ص أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك. المعنى الثاني هو اللطيفة التي ذكرناها التي هو الإنسان في الحقيقة و هي نفس الإنسان و ذاته و لكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب أحوالها فإذا سكنت تحت الأمر و زايلها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات سميت النفس المطمئنة قال تعالى يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فالنفس بالمعنى الأول لا يتصور رجوعها إلى الله فإنها مبعدة عن الله تعالى و هو من حزب الشيطان و إذا لم يتم سكونها و لكنها صارت مدافعة للنفس الشهوانية و معترضة عليها سميت النفس اللوامة لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره في عبادة مولاها قال الله تعالى وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ و إن تركت الاعتراض و أذعنت و أطاعت لمقتضى الشهوات و دواعي الشيطان سميت النفس الأمارة بالسوء قال الله تعالى إخبارا عن يوسف ع وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ و قد يجوز أن يقال الأمارة بالسوء هي النفس بالمعنى الأول فإذن النفس بالمعنى الأول مذمومة غاية الذم و بالمعنى الثاني محمودة لأنها نفس الإنسان أي ذاته و حقيقته العالمة بالله تعالى و بسائر المعلومات. و العقل أيضا مشتركة لمعان مختلفة و المناسب هنا معنيان أحدهما العلم بحقائق الأمور أي صفته العلم الذي محله القلب و الثاني أنه قد يطلق و يراد به المدرك المعلوم فيكون هو القلب أعني تلك اللطيفة. فإذن قد انكشف لك أن معاني هذه الأسامي موجودة و هو القلب الجسماني و الروح الجسماني و النفس الشهوانية و العقل العلمي و هذه أربعة معان يطلق عليها الألفاظ الأربعة و معنى خامس و هي اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان و الألفاظ الأربعة بجملتها يتوارد عليها فالمعاني خمسة و الألفاظ أربعة و كل لفظ أطلق لمعنيين. و أكثر العلماء قد التبس عليهم اختلاف هذه الألفاظ و تواردها فتراهم يتكلمون في الخواطر و يقولون هذا خاطر العقل و هذا خاطر الروح و هذا
خاطر النفس و هذا خاطر القلب و ليس يدري الناظر اختلاف معاني هذه الأسماء و حيث ورد في الكتاب و السنة لفظ القلب فالمراد به المعنى الذي يفقه من الإنسان و يعرف حقيقة الأشياء و قد يكنى عنه بالقلب الذي في الصدر لأن بين تلك اللطيفة و بين جسم القلب علاقة خاصة فإنها و إن كانت متعلقة بسائر البدن و مستعملة له و لكنها تتعلق به بواسطة القلب فتعلقها الأول بالقلب فكأنه محلها و مملكتها و عالمها و مطيتها و لذا شبه القلب بالعرش و الصدر بالكرسي. ثم قال في بيان تسلط الشيطان على القلب اعلم أن القلب مثال قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب و مثاله أيضا مثال هدف تنصب إليه السهام من الجوانب أو هو مثال مرآة منصوبة يجتاز عليها أنواع الصور المختلفة فيتراءى فيها صورة بعد صورة و لا يخلو عنها أو مثال حوض ينصب إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة إليه و إنما مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب في كل حال إما من الظاهر فالحواس الخمس و إما من الباطن فالخيال و الشهوة و الغضب و الأخلاق المركبة في مزاج الإنسان فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب و إن كف عن الإحساس و الخيالات الحاصلة في النفس تبقى و ينتقل الخيال من شيء إلى شيء و بحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال و المقصود أن القلب في التقلب و التأثر دائما من هذه الآثار و أخص الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر و أعني بالخواطر ما يعرض فيه من الأفكار و الأذكار و أعني به إدراكاته علوما إما على سبيل التجدد و إما على سبيل التذكر فإنها تسمى خواطر من حيث إنها تخطر بعد أن كان القلب غافلا عنها و الخواطر هي المحركات للإرادات فإن النية و العزم و الإرادة إنما تكون بعد خطور المنوي بالبال لا محالة فمبدأ الأفعال الخواطر ثم الخاطر يحرك الرغبة و الرغبة تحرك العزم و يحرك العزم النية و النية تحرك الأعضاء. و الخواطر المحركة للرغبة تنقسم إلى ما يدعو إلى الشر أعني ما يضر في العاقبة و إلى ما يدعو إلى الخير أعني ما ينفع في الآخرة فهما خاطران مختلفان
فافتقرا إلى اسمين مختلفين فالخاطر المحمود يسمى إلهاما و الخاطر المذموم أعني الداعي إلى الشر يسمى وسواسا. ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر حادثة و كل حادث لا بد له من سبب و مهما اختلفت الحوادث دل على اختلاف الأسباب هذا ما عرف من سنة الله عز و جل في ترتيب المسببات على الأسباب فمهما استنار حيطان البيت بنور النار و أظلم سقفه و اسود بالدخان علمت أن سبب السواد غير سبب الاستنارة كذلك لأنوار القلب و ظلماته سببان مختلفان فسبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملكا و سبب الخاطر الداعي إلى الشر يسمى شيطانا و اللطف الذي به يتهيأ القلب لقبول إلهام الملك يسمى توفيقا و الذي به يتهيأ لقبول وسواس الشيطان يسمى إغواء و خذلانا فإن المعاني المختلفة تفتقر إلى أسامي مختلفة. و الملك عبارة عن خلق خلقه الله شأنه إفاضة الخير و إفادة العلم و كشف الحق و الوعد بالمعروف و قد خلقه الله و سخره لذلك و الشيطان عبارة عن خلق شأنه ضد ذلك و هو الوعد بالشر و الأمر بالفحشاء و التخويف عند الهم بالخير بالفقر و الوسوسة في مقابلة الإلهام و الشيطان في مقابلة الملك و التوفيق في مقابلة الخذلان و إليه الإشارة بقوله تعالى وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فإن الموجودات كلها متقابلة مزدوجة إلا الله تعالى فإنه لا مقابل له بل هو الواحد الحق الخالق للأزواج كلها و القلب متجاذب بين الشيطان و الملك فقد قال ص للقلب لمتان لمة من الملك إيعاد بالخير و تصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله و لمة من العدو إيعاد بالشر و تكذيب بالحق و نهي عن الخير فمن وجد ذلك فليتعوذ من الشيطان ثم تلا الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ الآية. و لتجاذب القلب بين هاتين اللمتين
قال رسول الله ص قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن
و الله سبحانه منزه عن أن يكون له إصبع مركبة من دم و لحم و عظم ينقسم بالأنامل و لكن روح الإصبع سرعة التقليب و القدرة على التحريك و التغيير فإنك لا تريد إصبعك لشخصها بل لفعلها في التقليب و الترديد و كما أنك تتعاطى الأفعال بأصابعك فالله تعالى إنما يفعل ما يفعله باستسخار الملك و الشيطان و هما مسخران بقدرته في تقليب القلوب كما أن أصابعك مسخرة لك في تقليب الأجسام مثلا. و القلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملائكة و الشياطين صلاحا متساويا ليس يترجح أحدهما على الآخر و إنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى و الإكباب على الشهوات أو الإعراض عنها و مخالفتها فإن اتبع الإنسان مقتضى الشهوة و الغضب ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى و صار القلب عش الشيطان و معدنه لأن الهوى هو مرعى الشيطان و مرتعه و إن جاهد الشهوات و لم يسلطها على نفسه و تشبه بأخلاق الملائكة صار قلبه مستقر الملائكة و مهبطهم. و لما كان لا يخلو قلب عن شهوة و غضب و حرص و طمع و طول أمل إلى غير ذلك من صفات البشرية المتشعبة عن الهوى لا جرم لم يخل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة و لذلك
قال رسول الله ص ما منكم من أحد إلا و له الشيطان قالوا و لا أنت يا رسول الله قال و لا أنا إلا أن الله عز و جل أعانني عليه فأسلم فلم يأمرني إلا بخير
و إنما كان هذا لأن الشيطان لا يتصرف إلا بواسطة الشهوة فمن أعانه الله على شهوته حتى صار لا ينبسط إلا حيث ينبغي و إلى الحد الذي ينبغي فشهوته لا تدعوه إلى الشر فالشيطان المتدرع بها لا يأمر إلا بالخير و مهما غلب على القلب ذكر الدنيا و مقتضيات الهوى وجد الشيطان مجالا فوسوس و مهما انصرف القلب إلى ذكر الله تعالى ارتحل الشيطان و ضاق مجاله و أقبل الملك و ألهم. فالتطارد بين جندي الملائكة و الشياطين في معركة القلب دائم إلى أن ينفتح القلب لأحدهما فيسكن و يستوطن و يكون اجتياز الثاني اختلاسا و أكثر القلوب قد فتحها جنود الشيطان و ملكوها فامتلأت بالوساوس الداعية إلى إيثار العاجلة و اطراح الآخرة و مبدأ استيلائها اتباع الهوى و لا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان و هو الهوى و الشهوات و عمارته بذكر الله إذ هو مطرح أثر الملائكة و لذلك قال الله تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ و كل من اتبع الهوى فهو عبد الهوى لا عبد الله فلذلك تسلط عليه الشيطان و قال تعالى أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ إشارة إلى أن الهوى إلهه و معبوده فهو عبد الهوى لا عبد الله. و لا يمحو وسوسة الشيطان عن القلب إلا ذكر شيء سوى ما يوسوس به لأنه إذا حضر في القلب ذكر شيء انعدم عنه ما كان فيه من قبل و لكن كل شيء سوى ذكر الله و سوى ما يتعلق به فيجوز أن يكون أيضا مجالا للشيطان فذكر الله سبحانه هو الذي يؤمن جانبه و يعلم أنه ليس للشيطان فيه مجال. و لا يعالج الشيطان إلا بضده و ضد جميع وساوس الشيطان ذكر الله تعالى و الاستعاذة به و التبري عن الحول و القوة و هو معنى قولك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و ذلك لا يقدر عليه إلا المتقون الذين الغالب عليهم ذكر الله و إنما الشيطان يطوف بقلوبهم في أوقات الفلتات على سبيل الخلسة قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. و قال مجاهد في قوله مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ قال هو منبسط على قلب الإنسان فإذا ذكر الله سبحانه خنس و انقبض و إذا غفل انبسط على قلبه. فالتطارد بين ذكر الله و وسوسة الشيطان كالتطارد بين النور و الظلام و بين الليل و النهار و لتطاردهما قال الله تعالى اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ و في الحديث أن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس و إن نسي الله التقم قلبه. و كما أن الشهوات ممتزجة بلحم الآدمي و دمه فسلطنة الشيطان أيضا سارية في لحمه و دمه و محيطة بالقلب من جوانبه و لذا قال ص إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع و ذلك لأن الجوع يكسر الشهوة و مجرى الشيطان الشهوات و لأجل اكتناف الشهوات للقلب من جوانبه قال الله تعالى إخبارا عن إبليس لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ. و قال رسول الله ص إن الشيطان قعد لابن آدم في طرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال له أ تسلم و تترك دينك و دين آبائك فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال أ تهاجر و تدع أرضك و نساءك فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال أ تجاهد و هو تلف النفس و المال فتقاتل فتقتل فتنكح نساؤك و تقسم مالك فعصاه فجاهد قال رسول الله ص فمن فعل ذلك فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة فقد ذكر ص معنى الوسوسة فإذن الوسواس معلوم بالمشاهدة. و كل خاطر فله سبب و يفتقر إلى اسم تعرفه فاسم سببه الشيطان و لا يتصور أن ينفك عنه آدمي و إنما يختلفون بعصيانه و متابعته و لذا قال ص ما من أحد إلا و له شيطان. و قد اتضح بهذا النوع من استبصار معنى الوسوسة و الإلهام و الملك و الشيطان و التوفيق و الخذلان فبعد هذا نظر من ينظر في ذات الشيطان و أنه جسم لطيف أو ليس بجسم و إن كان جسما فكيف يدخل في بدن الإنسان ما هو جسم فهذا الآن غير محتاج إليه في علم المعاملة بل مثال الباحث عن هذا كمثال
من دخل في ثوبه حية و هو محتاج إلى دفع ضراوتها فاشتغل بالبحث عن لونها و طولها و عرضها و ذلك عين الجهل لمصادفة الخواطر الباعثة على الشرور و قد علمت و دل ذلك على أنه عن سبب لا محالة و علم أن الداعي إلى الشر المحذور المستقبل عدو فقد عرف العدو فينبغي أن يشتغل بمجاهدته. و قد عرف الله سبحانه عداوته في مواضع كثيرة من كتابه ليؤمن به و يحترز عنه فقال تعالى إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ و قال تعالى أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فينبغي للعبد أن يشتغل بدفع العدو عن نفسه لا بالسؤال عن أصله و نسبه و مسكنه. نعم ينبغي أن يسأل عن سلاحه ليدفعه عن نفسه و سلاح الشيطان الهوى و الشهوات و ذلك كاف للعالمين فأما معرفة صفة ذاته و حقيقة الملائكة فذلك ميدان العارفين المتغلغلين في علوم المكاشفات و لا يحتاج في المعاملة إلى معرفته إلى آخر ما حققه في هذا المقام. و أقول ما ذكره أن دفع الشيطان لا يتوقف على معرفته حق لكن تأويل الملك و الشيطان بما أومأ إليه في هذا المقام و صرح به في غيره مع تصريح الكتاب بخلافه جرأة على الله تعالى و على رسوله كما حققناه في المجلد الرابع عشر و التوكل على الله العليم الخبير و إنما بسطنا الكلام في هذا المقام ليسهل عليك فهم الأخبار الماضية و الآتية. و شيطان مفتن بكسر التاء المشددة أو المخففة أي مضل في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة و إعجابك بالشيء فتنه يفتنه فتنا و فتونا و أفتنه و الضلال و الإثم و الكفر و الفضيحة و العذاب و إذابة الذهب و الفضة و الإضلال و الجنون و المحنة و اختلاف الناس في الآراء و فتنه يفتنه أوقعه في الفتنة كفتنه و أفتنه قال سبحانه إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ قال البيضاوي مقدر باذكر أو متعلق بأقرب يعني في قوله وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أي هو أعلم بحاله من كل قريب حين يتلقى أي يتلقى الحفيظان ما يتلفظ به عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ أي عن اليمين قعيد و عن الشمال قعيد أي مقاعد كالجليس فحذف الأول لدلالة الثاني عليه كقوله
فإني و قيار بها لغريب
و قيل يطلق الفعيل للواحد و المتعدد وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ. ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ما يرمى به من فيه إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ ملك يرقب عمله عَتِيدٌ معد حاضر و لعله يكتب عليه ما فيه ثواب أو عقاب انتهى. و أقول ظاهر أكثر الأخبار الواردة من طريق الخاص و العام أن المتلقيين و الرقيب العتيد هما الملكان الكاتبان للأعمال فصاحب اليمين يكتب الحسنات و صاحب الشمال يكتب السيئات و ظاهر هذا الخبر أن الرقيب و العتيد الملك و الشيطان بل المتلقيين أيضا و يحتمل أن يكون هذا بطن الآية أو يكون الرقيب العتيد صاحب اليمين و يكون الزاجر و الكاتب متحدا
2- كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن للقلب أذنين فإذا هم العبد بذنب قال له روح الإيمان لا تفعل و قال له الشيطان افعل و إذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان
بيان فإذا هم العبد للنفس طريق إلى الخير و طريق إلى الشر و للخير مشقة حاضرة زائلة و لذة غائبة دائمة و للشر لذة حاضرة فانية و مشقة غائبة باقية و النفس يطلب اللذة و يهرب عن المشقة فهو دائما متردد بين الخير و الشر فروح الإيمان يأمره بالخير و ينهاه عن الشر و الشيطان بالعكس و هنا يحتمل وجوها. الأول أن يكون المراد به الملك كما صرح به في بعض الأخبار و سمي بروح الإيمان لأنه مؤيد له و سبب لبقائه فكأنه روحه و به حياته. الثاني أن يراد به العقل فإنه أيضا كذلك و متى لم يغلب الهوى و الشهوات النفسانية العقل لم يرتكب الخطيئة فكأن العقل يفارقه في تلك الحالة الثالث أن يراد به الروح الإنساني من حيث اتصافه بالإيمان فإنها من هذه الجهة روح الإيمان فإذا غلبها الهوى و لم يعمل بمقتضاها فكأنها فارقته. الرابع أن يراد به قوة الإيمان و كماله و نوره فإن كمال الإيمان باليقين و اليقين بالله و اليوم الآخر لا يجتمع مع ارتكاب الكبائر و الذنوب الموبقة فمفارقته كناية عن ضعفه فإذا ندم بعد انكسار الشهوة مما فعل و تفكر في الآخرة و بقائها و شدة عقوباتها و خلوص لذاتها يقوى يقينه فكأنه يعود إليه. الخامس أن يراد به نفس الإيمان و تكون الإضافة للبيان فإن الإيمان الحقيقي ينافي ارتكاب موبقات المعاصي كما أشير إليه بقولهم ع لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن فإن من آمن و أيقن بوجود النار و إيعاد الله تعالى على الزنا أشد العذاب فيها كيف يجترئ على الزنا و أمثالها إذ لو أوعده بعض الملوك على فعل من الأفعال ضربا شديدا أو قتلا بل ضربا خفيفا أو إهانة و علم أن الملك سيطلع عليه لا يرتكب هذا الفعل و كذا لو كان صبي من غلمانه أو ضعيف من بعض خدمه فكيف الأجانب حاضرا لا يفعل الأمور القبيحة فكيف يجتمع الإيمان بأن الملك القادر القاهر الناهي الآمر مطلع على السرائر و لا يخفى عليه الضمائر مع ارتكاب الكبائر بحضرته و هل هذا إلا من ضعف الإيمان و لذا قيل الفاسق إما كافر أو مجنون. السادس أن يقال في الكافر ثلاثة أرواح هي موجودة في الحيوانات و هي الروح الحيوانية و القوة البدنية و القوة الشهوانية فإنهم ضيعوا الروح التي بها يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان و جعلوها تابعة للشهوات النفسانية و القوى البهيمية فإما أن تفارقهم بالكلية كما قيل أو لما صارت باطلة معطلة فكأنها فارقتهم و لذا قال تعالى إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا. و في المؤمنين أربعة أرواح فإنه يتعلق بهم روح يصيرون به أحياء بالحياة المعنوية الأبدية فهي مع الأرواح البدنية تصير أربعا و في الأنبياء و الأوصياء ع روح خامس هو روح القدس و هذا على بعض الوجوه قريب من الوجه الثالث. و الحاصل أن الإنسان في بدو الأمر عند كونه نطفة جماد و لها صورة جمادية ثم يترقى إلى درجة النباتات فتتعلق به نفس نباتية ثم يترقى إلى أن تتعلق به نفس حيوانية هي مبدأ للحس و الحركة ثم يترقى إلى أن تتعلق به روح آخر هو مبدأ الإيمان و منشأ سائر الكمالات ثم يترقى إلى أن يتعلق به روح القدس فيحيط بجميع العوالم و يصير محلا للإلهامات الربانية و الإفاضات السبحانية و قال بعضهم بناء على القول بالحركة في الجوهر إن الصورة النوعية الجمادية المنوية تترقى و تتحرك إلى أن تصير نفسا نباتية ثم تترقى إلى أن تصير نفسا حيوانيا و روحا حيوانيا ثم تترقى إلى أن تصير نفسا مجردا على زعمه مدركة للكليات ثم تترقى إلى أن تصير نفسا قدسيا و روح القدس و على زعمه يتحد بالعقل. هذا ما حضرني مما يمكن أن يقال في حل هذه الأخبار باختلاف مسالك العلماء و مذاهبهم في تلك الأمور و الأول أظهر على قواعد متكلمي الإمامية و ظواهر الأخبار و الله المطلع على غوامض الأسرار و حججه صلوات الله عليهم ما تعاقب الليل و النهار. و أقول البارز في قوله ع على بطنها راجع إلى المرأة المزني بها في الزنا ذكره على سبيل المثال
-3 كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله ع قال ما من مؤمن إلا و لقلبه أذنان في جوفه أذن ينفث فيها الوسواس الخناس و أذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك و ذلك قوله وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ
بيان في جوفه تأكيد لئلا يتوهم أن المراد بهما الأذنان اللتان في الرأس لأن لهما أيضا طريقا إلى القلب و قال البيضاوي مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ أي الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة و أما المصدر فبالكسر كالزلزال و المراد به الموسوس سمي به مبالغة الْخَنَّاسِ الذي عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر الإنسان ربه الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ إذا غفلوا عن ذكر ربهم و ذلك كالقوة الوهمية فإنها تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست و أخذت توسوسه و تشككه مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ بيان للوسواس أو للذي أو متعلق بيوسوس أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنة و الناس و قيل بيان للناس على أن المراد به ما يعم القبيلين و فيه تعسف إلا أن يراد به الناسي كقوله يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ فإن نسيان حق الله يعم الثقلين. و قال الطبرسي قدس سره فيه أقوال أحدها أن معناه من شر الوسوسة الواقعة من الجنة و الوسواس حديث النفس بما هو كالصوت الخفي و أصله الصوت الخفي و الوسوسة كالهمهمة و منه قولهم فلان موسوس إذا غلب عليه ما يعتريه من المرة يقال وسوس يوسوس وسواسا و وسوسة و توسوس و الخنوس الاختفاء بعد الظهور خنس يخنس. و ثانيها أن معناه من شر ذي الوسواس و هو الشيطان كما جاء في الأثر أنه يوسوس فإذا ذكر ربه خنس ثم وصفه الله تعالى بقوله الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ أي بالكلام الخفي الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير سماع ثم ذكر أنه مِنَ الْجِنَّةِ و هو الشياطين وَ النَّاسِ عطف على الوسواس. و ثالثها أن معناه من شر ذي الوسواس الخناس ثم فسره بقوله من الجنة و الناس فوسواس الجنة هو وسواس الشيطان و في وسواس الإنس وجهان أحدهما أنه وسوسة الإنسان من نفسه و الثاني إغواء من يغويه من الناس و يدل عليه شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ فشيطان الجن يوسوس و شيطان الإنس يأتي علانية و يري أنه ينصح و قصده الشر. قال مجاهد الخناس الشيطان إذا ذكر الله سبحانه خنس و انقبض و إذا لم يذكر الله انبسط على القلب و يؤيده
ما روي عن النبي ص أن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله سبحانه خنس و إن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس
و قيل الخناس معناه الكثير الاختفاء بعد الظهور و هو المستتر المختفي عن أعين الناس لأنه يوسوس من حيث لا يرى بالعين و قيل إن المعنى يلقي الشغل في قلوبهم بوسواسه و المراد أن له رفقا به يوصل الوسواس إلى الصدر و هو أغرب من خلوصه بنفسه إلى الصدر.
و روى العياشي عن الصادق ع قال قال رسول الله ص ما من مؤمن إلا و لقلبه في صدره أذنان أذن ينفث فيها الملك و أذن ينفث فيها الوسواس الخناس فيؤيد الله المؤمن بالملك و هو قوله سبحانه وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ
و قال رحمه الله في قوله تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ أي ثبت في قلوبهم الإيمان بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب و قيل كتب في قلوبهم علامة الإيمان و معنى ذلك أنها سمة لمن شاهدهم من الملائكة على أنهم مؤمنون وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي قواهم بنور الإيمان و يدل عليه قوله و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و قيل معناه قواهم بنور الحجج و البرهان حتى اهتدوا للحق و عملوا به و قيل قواهم بالقرآن الذي هو حياة القلوب من الجهل و قيل أيدهم بجبرئيل في كثير من المواطن ينصرهم و يدفع عنهم. و قال البيضاوي بِرُوحٍ مِنْهُ أي من عند الله و هو نور القلب أو القرآن أو النصر على العدو و قيل الضمير للإيمان فإنه سبب لحياة القلب انتهى
و روي عن طريق العامة أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم
قال الأزهري معناه أنه لا يفارق ابن آدم ما دام حيا كما لا يفارقه دمه و قال هذا على طريق ضرب المثل و جمهورهم حملوه على ظاهره و قالوا إن الشيطان جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الآدمي بلطافة هيأته فيجري في العروق التي هي مجاري الدم إلى أن يصل إلى قلبه فيوسوسه على حسب ضعف إيمان العبد و قلة ذكره و كثرة غفلته و يبعد عنه و يقل تسلطه و سلوكه إلى باطنه بمقدار قوته و يقظته و دوام ذكره و إخلاص توحيده. و نقل عن ابن عباس أنه تعالى جعله بحيث يجري من بني آدم مجرى الدم و صدور بني آدم مسكن له كما قال مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ إلخ و الجنة الشياطين و كما
قال النبي ص إن الشيطان ليجثم على قلب بني آدم له خرطوم كخرطوم الكلب إذا ذكر العبد الله عز و جل خنس أي رجع على عقبيه و إذا غفل عن ذكر الله وسوس فاشتق له اسمان من فعليه الوسواس من وسوسته عند غفلة العبد و الخناس من خنوسه عند ذكر العبد
قيل و الناس عطف على الجنة و الإنس لا يصل في وسوسته بذاته إلى باطن الآدمي فكذا الجنة في وسوسته و أجيب بأن الإنس ليس له ما للجن من اللطافة فعدم وصول الإنس إلى الجوف لا يستلزم عدم وصول الجن إليه. ثم إن الله تعالى بلطفه جعل للإنسان حفظة من الملائكة و أعطاهم قوى الإلهام و الإلمام بهم في بواطن الإنسان في مقابلة لمة الشيطان كما روي أن للملك لمة بابن آدم و للشيطان لمة لمة الملك إيعاد بالخير و تصديق بالحق فمن وجد ذلك فليحمد الله و لمة الشيطان إيعاد بالشر و تكذيب بالحق فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بالله من الشيطان. و في النهاية في حديث ابن مسعود لابن آدم لمتان لمة من الملك و لمة من الشيطان اللمة الهمة و الخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أو الشيطان به و القرب منه فما كان من خطرات الخير فهو من الملك و ما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان
4- ل، ]الخصال[ الخليل بن أحمد عن محمد بن إبراهيم الدبيلي عن أبي عبد الله ع عن سفيان عن مجاهد عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله ص في الإنسان مضغة إذا هي سلمت و صحت سلم بها سائر الجسد فإذا سقمت سقم لها سائر الجسد و فسد و هي القلب
5- شي، ]تفسير العياشي[ في حديث إسحاق بن عمار في قول الله خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أ قوة في الأبدان أم قوة في القلوب قال فيهما جميعا
6- ل، ]الخصال[ الخليل عن أبي العباس السراج عن قتيبة عن رشيد بن سعد البصري عن شراحيل بن يزيد عن عبد الله بن عمر و أبي هريرة عن النبي ص قال إذا طاب قلب المرء طاب جسده و إذا خبث القلب خبث الجسد
7- لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الصادق ع قال قال رسول الله ص شر العمى عمى القلب
8- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما أوصى به أمير المؤمنين ع ابنه يا بني إن من البلاء الفاقة و أشد من ذلك مرض البدن و أشد من ذلك مرض القلب و إن من النعم سعة المال و أفضل من ذلك صحة البدن و أفضل من ذلك تقوى القلوب
9- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال القلوب ثلاثة قلب منكوس لا يعثر على شيء من الخير و هو قلب الكافر و قلب فيه نكتة سوداء فالخير و الشر فيه يعتلجان فما كان منه أقوى غلب عليه و قلب مفتوح فيه مصباح يزهر فلا يطفأ نوره إلى يوم القيامة و هو قلب المؤمن
10- مع، ]معاني الأخبار[ العطار عن أبيه عن ابن أبان عن ابن أورمة عن محمد بن خالد عن هارون عن المفضل عن سعد الخفاف عن أبي جعفر ع قال القلوب أربعة قلب فيه نفاق و إيمان و قلب منكوس و قلب مطبوع و قلب أزهر أنور قلت ما الأزهر قال فيه كهيئة السراج فأما المطبوع فقلب المنافق و أما الأزهر فقلب المؤمن إن أعطاه الله عز و جل شكر و إن ابتلاه صبر و أما المنكوس فقلب المشرك ثم قرأ هذه الآية أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و أما القلب الذي فيه إيمان و نفاق فهم قوم كانوا بالطائف فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك و إن أدرك على إيمانه نجا
11- ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من علامات الشقاء جمود العين و قسوة القلب و شدة الحرص في طلب الرزق و الإصرار على الذنب
12- ل، ]الخصال[ في وصية النبي ص إلى علي ع يا علي أربع خصال من الشقاء جمود العين و قساوة القلب و بعد الأمل و حب البقاء
13- ع، ]علل الشرائع[ محمد بن موسى البرقي عن علي بن محمد ماجيلويه عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان رفعه إلى أمير المؤمنين ع أنه قال أعجب ما في الإنسان قلبه و له مواد من الحكمة و أضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص و إن ملكه اليأس قتله الأسف و إن عرض له الغضب اشتد به الغيظ و إن سعد بالرضا نسي التحفظ و إن ناله الخوف شغله الحذر و إن اتسع له الأمن استلبته الغرة و إن جددت له النعمة أخذته العزة و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع و إن استفاد مالا أطغاه الغنى و إن عضته فاقة شغله البلاء و إن جهده الجوع قعد به الضعف و إن أفرط في الشبع كظته البطنة فكل تقصير به مضر و كل إفراط به مفسد
شا، ]الإرشاد[ مرسلا مثله
14- ع، ]علل الشرائع[ بهذا الإسناد عن محمد بن سنان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول لرجل اعلم يا فلان إن منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس الواجب الطاعة عليهم أ لا ترى أن جميع جوارح الجسد شرط للقلب و تراجمة له مؤدية عنه الأذنان و العينان و الأنف و الفم و اليدان و الرجلان و الفرج فإن القلب إذا هم بالنظر فتح الرجل عينيه و إذا هم بالاستماع حرك أذنيه و فتح مسامعه فسمع و إذا هم القلب بالشم استنشق بأنفه فأدى تلك الرائحة إلى القلب و إذا هم بالنطق تكلم باللسان و إذا هم بالحركة سعت الرجلان و إذا هم بالشهوة تحرك الذكر فهذه كلها مودية عن القلب بالتحريك و كذلك ينبغي للإمام أن يطاع للأمر منه
أقول قد مضى في باب الإغضاء عن عيوب الناس
عن الباقر ع أنه قال إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء ساعة كذا و ساعة كذا
15- ل، ]الخصال[ عن الصادق ع عن حكيم أنه قال قلب الكافر أقسى من الحجر
16- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين ع في حديث طويل يقول فيه ألا إن للعبد أربع أعين عينان يبصر بهما أمر دينه و دنياه و عينان يبصر بهما أمر آخرته فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما الغيب و أمر آخرته و إذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه
17- ب، ]قرب الإسناد[ ابن سعد عن الأزدي عن أبي عبد الله ع قال إن للقلب أذنين روح الإيمان يساره بالخير و الشيطان يساره بالشر فأيهما ظهر على صاحبه غلبه
-18 فس، ]تفسير القمي[ سعيد بن محمد عن بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس في قوله مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ يريد الشيطان على قلب ابن آدم له خرطوم مثل خرطوم الخنزير يوسوس ابن آدم إذا أقبل على الدنيا و ما لا يحب الله فإذا ذكر الله عز و جل خنس يريد رجع
19- فس، ]تفسير القمي[ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال القلب السليم الذي يلقى الله و ليس فيه أحد سواه
20- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن إدريس عن أبيه عن سهل عن الحسن بن علي بن النعمان عن ابن أسباط عن ابن الجهم قال قلت للرضا ع جعلت فداك أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك فقال انظر كيف أنا عندك
21- ب، ]قرب الإسناد[ ابن سعد عن الأزدي عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع إن الشك و المعصية في النار ليسا منا و لا إلينا و إن قلوب المؤمنين لمطوية بالإيمان طيا فإذا أراد الله إنارة ما فيها فتحها بالوحي فزرع فيها الحكمة زارعها و حاصدها
22- لي، ]الأمالي للصدوق[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عن ابن مغيرة و محمد بن سنان معا عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ع قال كان أبي ع يقول ما شيء أفسد للقلب من الخطيئة إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أسفله أعلاه و أعلاه أسفله
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الغضائري عن الصدوق مثله
-23 ع، ]علل الشرائع[ أبي عن محمد العطار عن المقرئ الخراساني عن علي بن جعفر عن أخيه عن أبيه ع قال أوحى الله عز و جل إلى موسى ع يا موسى لا تفرح بكثرة المال و لا تدع ذكري على كل حال فإن كثرة المال تنسي الذنوب و إن ترك ذكري يقسي القلوب
24- ع، ]علل الشرائع[ القطان عن أحمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن مروان بن مسلم عن الثمالي عن ابن طريف عن ابن نباتة قال قال أمير المؤمنين ع ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب و ما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب
25- مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع إعراب القلوب على أربعة أنواع رفع و فتح و خفض و وقف فرفع القلب في ذكر الله و فتح القلب في الرضا عن الله و خفض القلب في الاشتغال بغير الله و وقف القلب في الغفلة عن الله أ لا ترى أن العبد إذا ذكر الله بالتعظيم خالصا ارتفع كل حجاب كان بينه و بين الله من قبل ذلك و إذا انقاد القلب لمورد قضاء الله بشرط الرضا عنه كيف ينفتح القلب بالسرور و الروح و الراحة و إذا اشتغل قلبه بشيء من أسباب الدنيا كيف تجده إذا ذكر الله بعد ذلك و آياته منخفضا مظلما كبيت خراب خاويا و ليس فيه العمارة و لا مونس و إذا غفل عن ذكر الله كيف تراه بعد ذلك موقفا محجوبا قد قسي و أظلم منذ فارق نور التعظيم فعلامة الرفع ثلاثة أشياء وجود الموافقة و فقد المخالفة و دوام الشوق و علامة الفتح ثلاثة أشياء التوكل و الصدق و اليقين و علامة الخفض ثلاثة أشياء العجب و الرياء و الحرص و علامة الوقف ثلاثة أشياء زوال حلاوة الطاعة و عدم مرارة المعصية و التباس العلم الحلال بالحرام
-26 ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ روي أن لله في عباده آنية و هو القلب فأحبها إليه أصفاها و أصلبها و أرقها أصلبها في دين الله و أصفاها من الذنوب و أرقها على الإخوان
27- شي، ]تفسير العياشي[ عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله ع قال قلت له إني أفرح من غير فرح أراه في نفسي و لا في مالي و لا في صديقي و أحزن من غير حزن أراه في نفسي و لا في مالي و لا في صديقي قال نعم إن الشيطان يلم بالقلب فيقول لو كان لك عند الله خير ما أدال عليك عدوك و لا جعل بك إليه حاجة هل تنتظر إلا مثل الذي انتظر الذين من قبلك فهل قالوا شيئا فذاك الذي يحزن من غير حزن و أما الفرح فإن الملك يلم بالقلب فيقول إن كان الله أدال عليك عدوك و جعل بك إليه حاجة فإنما هي أيام قلائل أبشر بمغفرة من الله و فضل و هو قول الله الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا
28- شي، ]تفسير العياشي[ عن سلام قال كنت عند أبي جعفر ع فدخل عليه حمران بن أعين فسأله عن أشياء فلما هم حمران بالقيام قال لأبي جعفر ع أخبرك أطال الله بقاك و أمتعنا بك إنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى يرق قلوبنا و تسلو أنفسنا عن الدنيا و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس و التجار أحببنا الدنيا قال فقال أبو جعفر ع إنما هي القلوب مرة يصعب عليها الأمر و مرة يسهل ثم قال أبو جعفر ع أما إن أصحاب رسول الله ص قالوا يا رسول الله نخاف علينا النفاق قال فقال لهم و لم تخافون ذلك قالوا إنا إذا كنا عندك فذكرتنا روعنا و وجلنا و نسينا الدنيا و زهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة و الجنة و النار و نحن عندك و إذا دخلنا هذه البيوت و شممنا الأولاد و رأينا العيال و الأهل و المال يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك و حتى كأنا لم نكن على شيء أ فتخاف علينا أن يكون هذا النفاق فقال لهم رسول الله ص كلا هذا من خطوات الشيطان ليرغبكم في الدنيا و الله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها و أنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة و مشيتم على الماء و لو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا لكي يذنبوا ثم يستغفروا فيغفر لهم إن المؤمن مفتن تواب أ ما تسمع لقوله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ
29- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي جميلة عن عبد الله بن جعفر عن أخيه قال إن للقلب تلجلجا في الخوف يطلب الحق فإذا أصابه اطمأن به و قرأ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ
30- شي، ]تفسير العياشي[ عن سليمان بن خالد قال قد سمعت أبا عبد الله ع أن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء و فتح مسامع قلبه و وكل به ملكا يسدده و إذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء و شد عليه مسامع قلبه و وكل به شيطانا يضله ثم تلا هذه الآية فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ الآية
و رواه سليمان بن خالد عنه نكتة من نور و لم يقل بيضاء
31- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن خيثمة قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن القلب ينقلب من لدن موضعه إلى حنجرته ما لم يصب الحق فإذا أصاب الحق قر ثم ضم أصابعه ثم قرأ هذه الآية فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً قال و قال أبو عبد الله ع لموسى بن أشيم أ تدري ما الحرج قال قلت لا فقال بيده و ضم أصابعه كالشيء المصمت لا يدخل فيه شيء و لا يخرج منه شيء
32- شي، ]تفسير العياشي[ عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله ع في قول الله يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ قال هو أن يشتهي الشيء بسمعه و بصره و لسانه و يده أما إن هو غشي شيئا بما يشتهي فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر لا يقبل الذي يأتي يعرف أن الحق ليس فيه
و في خبر هشام عنه ع قال يحول بينه و بين أن يعلم أن الباطل حق
33- شي، ]تفسير العياشي[ عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله ع وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ قال هو أن يشتهي الشيء بسمعه و بصره و لسانه و يده أما إنه لا يغشى شيئا منها و إن كان يشتهيه فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر لا يقبل الذي يأتي يعرف أن الحق ليس فيه
34- شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر عن أبي جعفر ع قال هذا الشيء يشتهيه الرجل بقلبه و سمعه و بصره لا يتوق نفسه إلى غير ذلك فقد حيل بينه و بين قلبه إلا ذلك الشيء
و في خبر يونس بن عمار عن أبي عبد الله ع قال يستيقن القلب أن الحق باطل أبدا و لا يستيقن أن الباطل حق أبدا
35- شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله ع قال إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين عين في الرأس و عين في القلب ألا و الخلائق كلهم كذلك ألا و إن الله فتح أبصاركم وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ
36- جا، ]المجالس للمفيد[ أبو غالب الزراري عن الحميري عن ابن عيسى عن الأهوازي عن محمد بن سنان عن صالح بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال تبحروا قلوبكم فإن أنقاها من حركة الواحش لسخط شيء من صنع الله فإذا وجدتموها كذلك فاسألوه ما شئتم
-37 غو، ]غوالي اللئالي[ روى أنس بن مالك قال قال رسول الله ص ناجى داود ربه فقال إلهي لكل ملك خزانة فأين خزانتك قال جل جلاله لي خزانة أعظم من العرش و أوسع من الكرسي و أطيب من الجنة و أزين من الملكوت أرضها المعرفة و سماؤها الإيمان و شمسها الشوق و قمرها المحبة و نجومها الخواطر و سحابها العقل و مطرها الرحمة و أثمارها الطاعة و ثمرها الحكمة و لها أربعة أبواب العلم و الحلم و الصبر و الرضا ألا و هي القلب
38- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن صباح الحذاء عن أبي أسامة قال زاملت أبا عبد الله ع قال فقال لي اقرأ فافتتحت سورة من القرآن فقرأتها فرق و بكى ثم قال يا أبا أسامة ارعوا قلوبكم بذكر الله عز و جل و احذروا النكت فإنه يأتي على القلب تارة أو ساعات الشك من صباح ليس فيه إيمان و لا كفر شبه الخرقة البالية أو العظم النخر يا أبا أسامة أ ليس ربما تفقدت قلبك فلا تذكر به خيرا و لا شرا و لا تدري أين هو قال قلت له بلى إنه ليصيبني و أراه يصيب الناس قال أجل ليس يعرى منه أحد قال فإذا كان ذلك فاذكروا الله عز و جل و احذروا النكت فإنه إذا أراد بعبد خيرا نكت إيمانا و إذا أراد به غير ذلك نكت غير ذلك قال قلت ما غير ذلك جعلت فداك ما هو قال إذا أراد كفرا نكت كفرا
39- أسرار الصلاة، عن النبي ص قال قلب المؤمن أجرد فيه سراج يزهر و قلب الكافر أسود منكوس
و عن سفيان بن عيينة قال سألت الصادق عن قول الله عز و جل إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال السليم الذي يلقى ربه و ليس فيه أحد سواه و قال و كل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط و إنما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة
و قال النبي ص لو لا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت
-40 نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص القلوب أربعة قلب فيه إيمان و ليس فيه قرآن و قلب فيه إيمان و قرآن و قلب فيه قرآن و ليس فيه إيمان و قلب لا إيمان فيه و لا قرآن فأما الأول كالتمرة طيب طعمها و لا طيب لها و الثاني كجراب المسك طيب إن فتح و طيب إن وعاه و الثالث كالآس طيب ريحها و خبيث طعمها و الرابع كالحنظل خبيث ريحها و طعمها
و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص إن لله آنية في الأرض فأحبها إلى الله ما صفا منها و رق و صلب و هي القلوب فأما ما رق منها فالرقة على الإخوان و أما ما صلب منها فقول الرجل في الحق لا يخاف في الله لومة لائم و أما ما صفا ما صفت من الذنوب القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال
و قال الحسن بن علي العسكري ع إذا نشطت القلوب فأودعوها و إذا نفرت فودعوها
41- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع لقد علق بنياط هذا الإنسان بضعة و هي أعجب ما فيه و ذلك القلب و له مواد من الحكمة و أضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع و إن أسعده الرضا نسي التحفظ و إن غاله الخوف شغله الحذر و إن اتسع له الأمن استلبته الغرة و إن جددت له النعمة أخذته العزة و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع و إن أفاد مالا أطغاه الغنى و إن عضته الفاقة شغله البلاء و إن جهده الجوع قعد به الضعف و إن أفرط به الشبع كظته البطنة فكل تقصير به مضر و كل إفراط له مفسد
و قال ع إن للقلوب شهوة و إقبالا و إدبارا فأتوها من قبل شهوتها و إقبالها فإن القلب إذا أكره عمي
و قال ع إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة
و قال ع ألا و إن من البلاء الفاقة و أشد من الفاقة مرض البدن و أشد من مرض البدن مرض القلب ألا و إن من النعم سعة المال و أفضل من سعة المال صحة البدن و أفضل من صحة البدن تقوى القلوب
42- عدة الداعي، روي عن النبي ص على كل قلب جاثم من الشيطان فإذا ذكر اسم الله خنس و ذاب و إذا ترك ذكر الله التقمه الشيطان فجذبه و أغواه و استزله و أطغاه