الآيات المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ إلى قوله تعالى قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ
1- ج، ]الإحتجاج[ سئل علي بن الحسين ع عن الكلام و السكوت أيهما أفضل فقال ع لكل واحد منهما آفات فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت قيل كيف ذلك يا ابن رسول الله ص قال لأن الله عز و جل ما بعث الأنبياء و الأوصياء بالسكوت إنما بعثهم بالكلام و لا استحقت الجنة بالسكوت و لا استوجبت ولاية الله بالسكوت و لا توقيت النار بالسكوت إنما ذلك كله بالكلام ما كنت لأعدل القمر بالشمس إنك تصف فضل السكوت بالكلام و لست تصف فضل الكلام بالسكوت
-2 لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن الحميري عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد عن الصادق عن آبائه ع أن أمير المؤمنين ع قال جمع الخير كله في ثلاث خصال النظر و السكوت و الكلام فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو و كل سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة و كل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو فطوبى لمن كان نظره عبرا و سكوته فكرا و كلامه ذكرا و بكى على خطيئته و آمن الناس شره
ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس عن أبي أيوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع عن أمير المؤمنين ع مثله سن، ]المحاسن[ أبي عمن ذكره عن الصادق ع مثله لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن هاشم عن ابن مرار عن يونس عن أبي أيوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع و ذكر مثله ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس مثله مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن اليقطيني مثله
3- لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الباقر عن آبائه ع عن أمير المؤمنين ع قال لا حافظ أحفظ من الصمت
-4 لي، ]الأمالي للصدوق[ الدقاق عن الصوفي عن الروياني عن عبد العظيم الحسني عن سليمان الجعفري عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال مر أمير المؤمنين ع علي بن أبي طالب برجل يتكلم بفضول الكلام فوقف عليه ثم قال يا هذا إنك تملي على حافظيك كتابا إلى ربك فتكلم بما يعنيك و دع ما لا يعنيك
5- مع، ]معاني الأخبار[ لي، ]الأمالي للصدوق[ قال رسول الله أعظم الناس قدرا من ترك ما لا يعنيه
6- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن سعدان بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال النوم راحة للجسد و النطق راحة للروح و السكوت راحة للعقل
7- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن موسى عن الصوفي عن الروياني عن عبد العظيم عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال المرء مخبوء تحت لسانه
أقول سيأتي في باب مواعظه بإسناد آخر
8- ب، ]قرب الإسناد[ ابن عيسى عن البزنطي عن الرضا ع قال من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت إن الصمت باب من أبواب الحكمة إن الصمت يكسب المحبة و هو دليل على الخير
9- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ل، ]الخصال[ أبي عن الكمنداني عن ابن عيسى عن البزنطي عنه ع مثله و فيه أنه دليل على كل خير
10- ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إن على لسان كل قائل رقيبا فليتق الله العبد و لينظر ما يقول
و قال من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
11- ل، ]الخصال[ حمزة العلوي عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن زياد بن مروان عن أبي وكيع عن أبي إسحاق عن الحارث عن أمير المؤمنين ع قال ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان
12- ثو، ]ثواب الأعمال[ ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن موسى بن عمران عن علي بن الحسن بن رباط عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع قال لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا ما دام ساكتا فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا
ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن محمد بن يحيى عن الأشعري مثله
13- ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه ع قال إن داود قال لسليمان عليهما جميعا السلام يا بني إياك و كثرة الضحك فإن كثرة الضحك تترك العبد حقيرا يوم القيامة يا بني عليك بطول الصمت إلا من خير فإن الندامة على طول الصمت مرة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرات يا بني لو أن الكلام كان من فضة ينبغي للصمت أن يكون من ذهب
14- ثو، ]ثواب الأعمال[ ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن محمد بن السندي عن علي بن الحكم عن إبراهيم بن مهزم عن الثمالي عن علي بن الحسين ع قال إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على جوارحه فيقول كيف أصبحتم فيقولون بخير إن تركتنا و يقولون الله الله فينا و يناشدونه و يقولون إنما نثاب بك و نعاقب بك
15- ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن أيوب بن نوح عن ربيع بن محمد المسلي عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله ع قال ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت و المشي إلى بيته
كتاب الغايات، مرسلا مثله و فيه مثل الصمت
16- ل، ]الخصال[ أبي عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال أبو ذر رحمة الله عليه اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال و كلمة للآخرة و الثالثة تضر و لا تنفع فلا تردها الخبر
17- ل، ]الخصال[ القاسم بن محمد السراج عن محمد بن أحمد الضبي عن محمد بن عبد العزيز عن عبيد الله بن موسى عن سفيان الثوري عن الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليه قال يا سفيان أمرني والدي ع بثلاث و نهاني عن ثلاث فكان فيما قال لي يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم و من يدخل مداخل السوء يتهم و من لا يملك لسانه يندم ثم أنشدني
عود لسانك قول الخير تحظ به إن اللسان لما عودت معتادموكل بتقاضي ما سننت له في الخير و الشر فانظر كيف تعتاد
أقول قد مضى في باب جوامع المكارم
18- ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن علي بن مهزيار بإسناده رفعه قال يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء تسعة منها في اعتزال الناس و واحدة في الصمت
ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن محمد بن يحيى عن الأشعري عن ابن معروف مثله
19- مع، ]معاني الأخبار[ ل، ]الخصال[ في وصايا أبي ذر قال قال رسول الله ص على العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه
و قال ص عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان و عون لك على أمر دينك
20- ل، ]الخصال[ ماجيلويه عن عمه عن هارون عن ابن زياد عن الصادق عن أبيه ع قال قال رسول الله ص ثلاث منجيات تكف لسانك و تبكي على خطيئتك و تلزم بيتك
21- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن حماد بن عيسى قال قال أبو عبد الله ع إن أردت أن تقر عينك و تنال خير الدنيا و الآخرة فاقطع الطمع مما في أيدي الناس و عد نفسك في الموتى و لا تحدثن نفسك أنك فوق أحد من الناس و اخزن لسانك كما تخزن مالك
22- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب و أحمد بن محمد عن أبيه عن ابن أسباط و الحجال أنهما سمعا الرضا ع يقول كان العابد من بني إسرائيل لا يتعبد حتى يصمت عشر سنين
23- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن موسى بن عمر عن موسى بن بكر عن رجل عن أبي عبد الله ع قال أتى النبي أعرابي فقال له أ لست خيرنا أبا و أما و أكرمنا عقبا و رئيسنا في الجاهلية و الإسلام فغضب النبي ص و قال يا أعرابي كم دون لسانك من حجاب قال اثنان شفتان و أسنان فقال ص فما كان في أحد هذين ما يرد عنا غرب لسانك هذا أما إنه لم يعط أحد في دنياه شيء هو أضر له في آخرته من طلاقة لسانه يا علي قم فاقطع لسانه فظن الناس أنه يقطع لسانه فأعطاه دراهم
24- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما أوصى به أمير المؤمنين ع عند وفاته الزم الصمت تسلم
25- مع، ]معاني الأخبار[ عن الحسن بن علي صلوات الله عليه قال نعم العون الصمت في مواطن كثيرة و إن كنت فصيحا
26- مع، ]معاني الأخبار[ علي بن عبد الله بن أحمد المذكر عن علي بن أحمد الطبري عن الحسن بن علي بن زكريا عن خراش مولى أنس عن أنس قال خرج رسول الله ص على أصحابه فقال من ضمن لي اثنين ضمنت له الجنة فقال أبو هريرة فداك أبي و أمي يا رسول الله ص أنا أضمنهما لك ما هما قال فقال رسول الله ص من ضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه ضمنت له الجنة
يعني من ضمن لي لسانه و فرجه و أسباب البلايا تنفتح من هذين العضوين و جناية اللسان الكفر بالله و تقول الزور و البهتان و الإلحاد في أسماء الله و صفاته و الغيبة و النميمة و كل ذلك من جنايات اللسان و جناية الفرج الوطء حيث لا يحل النكاح و لا ملك يمين قال الله تبارك و تعالى وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ
27- لي، ]الأمالي للصدوق[ قال أمير المؤمنين ع اخزن لسانك و عد كلامك يقل كلامك إلا بخير
28- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن التمار عن محمد بن أحمد عن جده عن علي بن حفص عن إبراهيم بن الحارث عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله ص لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسو القلب إن أبعد الناس من الله القلب القاسي
29- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما أوصى به أمير المؤمنين ع إلى ابنه ع يا بني إنه لا بد للعاقل من أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه و ليعرف أهل زمانه
30- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الحسن بن حمزة الحسني عن علي بن إبراهيم فيما كتب إلينا على يد أبي نوح الكاتب عن أبيه عن ابن بزيع عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع أنه قال لأصحابه اسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم الموقفة لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه و ليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه حتى يجد له موضعا فرب متكلم في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه و لا يمارين أحدكم سفيها و لا حليما فإنه من مارى حليما أقصاه و من مارى سفيها أرداه و اذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه و اعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالإحسان مأخوذ بالإجرام
31- ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين ع لا تقطعوا أنهاركم بكذا و كذا و فعلنا كذا و كذا فإن معكم حفظة يحفظون علينا و عليكم
و قال ع كفوا ألسنتكم و سلموا تسليما تغنموا
32- ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن عبد العظيم الحسني عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن الفضل عن محمد بن سليمان عن رجل عن الباقر ع قال لا تقطع النهار عنك بكذا و كذا فإن معك من يحصي عليك الخبر
33- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن عبيد الله بن الحسن بن إبراهيم العلوي عن أبيه عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع قلت أربعا أنزل الله تصديقي بها في كتابه قلت المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر فأنزل الله تعالى وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ قلت فمن جهل شيئا عاداه فأنزل الله بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ و قلت قدر أو قيمة كل امرئ ما يحسن فأنزل الله في قصة طالوت إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ و قلت القتل يقل القتل فأنزل الله وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ
34- فس، ]تفسير القمي[ قال أمير المؤمنين ع طوبى لمن أنفق الفضل من ماله و أمسك الفضل من كلامه
35- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ إن آدم ع لما كثر ولده و ولد ولده كانوا يحدثون عنده و هو ساكت فقالوا يا أبة ما لك لا تتكلم فقال يا بني إن الله جل جلاله لما أخرجني من جواره عهد إلي و قال أقل كلامك ترجع إلى جواري
36- ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن معاوية بن حكيم عن معمر بن خلاد عن الرضا عن أبيه ع قال قال أبو عبد الله ع نجاة المؤمن في حفظ لسانه
و قال أمير المؤمنين ع من حفظ لسانه ستر الله عورته
37- سن، ]المحاسن[ ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن مالك بن أعين و عن ابن فضال عن أبي جميلة النخاس عن مالك بن أيمن قال قال أبو عبد الله ع أ ما ترضون أن تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تكفوا ألسنتكم و تدخلوا الجنة قال و رواه أبي عن علي بن النعمان عن ابن مسكان
38- مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع الصمت شعار المحققين بحقائق ما سبق و جف القلم به و هو مفتاح كل راحة من الدنيا و الآخرة و فيه رضا الرب و تخفيف الحساب و الصون من الخطايا و الزلل قد جعله الله سترا على الجاهل و زينا للعالم و معه عزل الهواء و رياضة النفس و حلاوة العبادة و زوال قسوة القلب و العفاف و المروة و الظرف فأغلق باب لسانك عما لك بد منه لا سيما إذا لم تجد أهلا للكلام و المساعد في المذاكرة لله و في الله و كان ربيع بن خثيم يضع قرطاسا بين يديه و يكتب ما يتكلم ثم يحاسب نفسه في عشيته ما له و ما عليه و يقول أوه نجا الصامتون و بقينا و كان بعض أصحاب رسول الله ص يضع حصاة في فمه فإذا أراد أن يتكلم بما علم أنه لله و في الله و لوجه الله أخرجها و إن كثيرا من الصحابة كانوا يتنفسون تنفس الغرقى و يتكلمون شبه المرضى و إنما سبب هلاك الخلق و نجاتهم الكلام و الصمت فطوبى لمن رزق معرفة عيب الكلام و صوابه و علم الصمت و فوائده فإن ذلك من أخلاق الأنبياء و شعار الأصفياء و من علم قدر الكلام أحسن صحبة الصمت و من أشرف على ما في لطائف الصمت و ائتمنه على خزائنه كان كلامه و صمته كله عبادة و لا يطلع على عبادته إلا الملك الجبار
39- مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع الكلام إظهار ما في قلب المرء من الصفا و الكدر و العلم و الجهل
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع المرء مخبوء تحت لسانه فزن كلامك و اعرضه على العقل و المعرفة فإن كان لله و في الله فتكلم به و إن كان غير ذلك فالسكوت خير منه و ليس على الجوارح عبادة أخف مئونة و أفضل منزلة و أعظم قدرا عند الله من الكلام في رضا الله و لوجهه و نشر آلائه و نعمائه في عبادة أ لا ترى أن الله عز و جل لم يجعل فيما بينه و بين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم من مكنونات علمه و مخزونات وحيه غير الكلام و كذلك بين الرسل و الأمم ثبت بهذا أنه أفضل الوسائل و الكلف و العبادة و كذلك لا معصية أنغل على العبد و أسرع عقوبة عند الله و أشدها ملامة و أعجلها سأمة عند الخلق منه و اللسان ترجمان الضمير و صاحب خبر القلب و به ينكشف ما في سر الباطن و عليه يحاسب الخلق يوم القيامة و الكلام خمر تسكر العقول ما كان منه لغير الله و ليس شيء أحق بطول السجن من اللسان قال بعض الحكماء احفظ لسانك عن خبيث الكلام و في غيره لا تسكت إن استطعت فأما السكينة فهي هيئة حسنة رفيعة من الله عز و جل لأهلها و هم أمناء أسراره في أرضه
40- سر، ]السرائر[ ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر ع يقول إنما شيعتنا الخرس
-41 ضه، ]روضة الواعظين[ قال علي بن الحسين ع حق اللسان إكرامه عن الخنا و تعويده الخير و ترك الفضول التي لا فائدة لها و البر بالناس و حسن القول فيهم
و قال رسول الله ص تقبلوا لي ست خصال أتقبل لكم بالجنة إذا حدثتم فلا تكذبوا و إذا وعدتم فلا تخلفوا و إذا ائتمنتم فلا تخونوا و غضوا أبصاركم و احفظوا فروجكم و كفوا أيديكم و ألسنتكم
و قال الصادق ع كونوا لنا زينا و لا تكونوا علينا شينا قولوا للناس حسنا و احفظوا ألسنتكم و كفوها عن الفضول و قبيح القول
و قال أمير المؤمنين ع الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت في وثاقه فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك فرب كلمة سلبت نعمة و لا تقل ما لا تعلم فإن الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه و من كثر كلامه كثر خطاؤه و من كثر خطاؤه قل حياؤه و من قل حياؤه قل ورعه و من قل ورعه مات قلبه و من مات قلبه دخل النار
42- جع، ]جامع الأخبار[ قال رسول الله ص راحة الإنسان في حبس اللسان و قال حبس اللسان سلامة الإنسان
و قال ع بلاء الإنسان من اللسان
و قال ع سلامة الإنسان في حفظ اللسان
و قال ع ذلاقة اللسان رأس المال و قال ع البلاء موكل بالمنطق و قال ع فتنة اللسان أشد من ضرب السيف
و قال أمير المؤمنين ع ضرب اللسان أشد من ضرب السنان
و قال الصادق ع نجاة المرء في حفظ لسانه
قال النبي ص في الوصية لعلي يا علي من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار
و قال رسول الله ص من تقي من مئونة لقلقه و قبقبه و ذبذبه دخل الجنة
و قال ص طوبى لمن أنفق فضلات ماله و أمسك فضلات لسانه
و قال ص إن الله تعالى عند لسان كل قائل و قال لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه
43- ختص، ]الإختصاص[ عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع في وصيته لمحمد بن الحنفية و اعلم أن اللسان كلب عقور إن خليته عقر و رب كلمة سلبت نعمة فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك
44- ختص، ]الإختصاص[ عن الثمالي عن علي بن الحسين ع قال إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على جوارحه فيقول كيف أصبحتم فيقولون بخير إن تركتنا و يقولون الله الله فيناشدونه و يقولون إنما نثاب بك و نعاقبك بك
45- ختص، ]الإختصاص[ معاوية بن وهب قال قال الصادق ع كان أبي يقول قم بالحق و لا تعرض لما نابك و اعتزل عما لا يعنيك
46- ختص، ]الإختصاص[ قال الصادق ع استمعوا مني كلاما هو خير من الدرهم المدقوقة لا تكلمن بما لا يعنيك و دع كثيرا من الكلام فيما يعنيك حتى تجد له موضعا فرب متكلم بحق في غير موضعه فعنت و لا تمارين سفيها و لا حليما فإن الحليم يقليك و السفيه يرديك و اذكر أخاك إذا تغيب عنك بأحسن مما تحب أن يذكرك به إذا تغيبت عنه و اعلم أن هذا هو العمل و اعمل عمل من يعلم أنه مجزي بالإحسان مأخوذ بالإجرام
47- ختص، ]الإختصاص[ قال أمير المؤمنين ع لابنه محمد بن الحنفية لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كل ما تعلم
48- ختص، ]الإختصاص[ عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال عيسى ابن مريم طوبى لمن كان صمته فكرا و نظره عبرا و وسعه بيته و بكى على خطيئته و سلم الناس من يديه و لسانه
49- ختص، ]الإختصاص[ قال الرضا ع ما أحسن الصمت لا من عي و المهذار له سقطات
مشكاة الأنوار، عن موسى بن جعفر ع مثله
50- ختص، ]الإختصاص[ داود الرقي عن أبي عبد الله ع قال الصمت كنز وافر و زين الحليم و ستر الجاهل
51- ختص، ]الإختصاص[ قال الرضا ع الصمت باب من أبواب الحكمة و إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير
و قال ع من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت
52- ختص، ]الإختصاص[ قال الصادق ع لا يزال الرجل المؤمن يكتب محسنا ما دام ساكتا فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا
و قال قال رسول الله ص الرجل الصالح يجيء بخبر صالح و الرجل السوء يجيء بخبر سوء
53- ختص، ]الإختصاص[ قال رسول الله ص إن كان الشر في شيء ففي اللسان
54- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ محمد بن سنان عن جعفر بن إبراهيم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من علم موضع كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه
و قال أبو عبد الله ع قال رسول الله ص إياكم و جدال كل مفتون فإن كل مفتون ملقن حجته إلى انقضاء مدته فإذا انقضت مدته أحرقته فتنته بالنار
55- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه ع عن علي قال سمعت رسول الله ص حين يقول الكلام ثلاثة فرابح و سالم و شاحب فأما الرابح فالذي يذكر الله و أما السالم فالذي يقول ما أحب الله و أما الشاحب فالذي يخوض في الناس
56- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ محمد بن سنان عن ابن مسكان عن الصيقل قال كنت عند أبي عبد الله ع جالسا فبعث غلاما له أعجميا في حاجة إلى رجل فانطلق ثم رجع فجعل أبو عبد الله ع يستفهمه الجواب و جعل الغلام لا يفهمه مرارا قال فلما رأيته لا يتعبر لسانه و لا يفهمه ظننت أن أبا عبد الله ع سيغضب عليه قال و أحد أبو عبد الله ع النظر إليه ثم قال أما و الله لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي القلب ثم قال إن الحياء و العي عي اللسان لا عي القلب من الإيمان و الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق
-57 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه رفعه قال قال رسول الله ص و هل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم
58- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله ع قال سمعت أبي ع يقول من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
59- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن عبد الرزاق بن سليمان بن غالب عن الفضل بن المفضل بن قيس بن رمانة عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه
60- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن عيسى الضرير عن محمد بن زكريا المكي عن كثير بن طارق عن زيد بن علي عن أبيه ع قال سئل علي بن أبي طالب ع من أفصح الناس قال المجيب المسكت عند بديهة السؤال
61- دعوات الراوندي، قال الصادق ع لا تتكلم بما لا يعنيك و دع كثيرا من الكلام فيما يعنيك
62- نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع اللسان سبع إن خلي عنه عقر
و قال ع هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه
و قال ع إذا تم العقل نقص الكلام
و قال ع المرء مخبوء تحت لسانه
و قال ع لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل
و قال ع من كثر كلامه كثر خطاؤه و من كثر خطاؤه قل حياؤه و من قل حياؤه قل ورعه و من قل ورعه مات قلبه و من مات قلبه دخل النار
و قال ع من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه
و قال ع الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت وثاقه فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك فرب كلمة سلبت نعمة و جلبت نقمة
و قال ع لا تقل ما لا تعلم و لا تقل كل ما تعلم فإن الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة
و قال ع تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه
و قال ع رب قول أنفذ من صول
و قال ع إياكم و تهزيع الأخلاق و تصريفها و اجعلوا اللسان واحدا و ليختزن الرجل لسانه فإن هذا اللسان جموح بصاحبه و الله ما أرى عبدا يتقي تقوى تنفعه حتى يختزن لسانه و إن لسان المؤمن من وراء قلبه و إن قلب المنافق من وراء لسانه لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه فإن كان خيرا أبداه و إن كان شرا واراه و إن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له و ما ذا عليه
و لقد قال رسول الله لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه فمن استطاع منكم أن يلقى الله سبحانه و هو نقي الراحة من دماء المسلمين و أموالهم سليم اللسان من أعراضهم فليفعل
و من كلام له ع ألا إن اللسان بضعة من الإنسان فلا يسعده القول إذا امتنع و لا يمهله النطق إذا اتسع و إنا لأمراء الكلام و فينا تنشبت عروقه و علينا تهدلت غصونه و اعلموا رحمكم الله أنكم في زمان القائل فيه بالحق قليل و اللسان عن الصدق كليل و اللازم للحق ذليل الخبر
و قال في وصيته لابنه الحسن ع تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك و حفظ ما في الوعاء بشد الوكاء
63- كنز الكراجكي قال أمير المؤمنين ع من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه من كثر كلامه كثر خطاؤه و من كثر خطاؤه قل حياؤه و من قل حياؤه قل ورعه و من قل ورعه مات قلبه و من مات قلبه دخل النار إذا فاتك الأدب فالزم الصمت العافية عشرة أجزاء تسعة منها في اعتزال الناس و واحدة في الصمت إلا عن ذكر الله عز و جل كم من نظرة جلبت حسرة و كم من كلمة سلبت نعمة من علم لسانه أمره قومه المرء يعثر برجله فيبرى و يعثر بلسانه فيقطع رأسه احفظ لسانك فإن الكلمة أسيرة في وثاق الرجل فإن أطلقها صار أسيرا في وثاقها عاقبة الكذب شر عاقبة خير القول الصدق و في الصدق السلامة و السلامة مع الاستقامة لا حافظ أحفظ من الصمت إياكم و النمائم فإنها تورث الضغائن هانت عليه نفسه من أمر عليه لسانه الصمت نور إن الله عز و جل جعل صورة المرأة في وجهها و صورة الرجل في منطقه
64- كتاب الإمامة و التبصرة، عن سهل بن أحمد عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت عن سوء فسلم
و منه بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص الرجل الصالح يجيء بخبر صالح و الرجل السوء يجيء بخبر سوء
و منه عن أحمد بن علي عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص السكوت خير من إملاء الشر و إملاء الخير خير من السكوت
و قال ص السكوت ذهب و الكلام فضة
و منه عن الحسن بن حمزة العلوي عن علي بن محمد بن أبي القاسم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص الصمت كنز وافر و زين الحليم و ستر الجاهل
و قال ع الصمت عبادة لمن ذكر الله
65- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن البزنطي قال قال أبو الحسن الرضا ع من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت إن الصمت باب من أبواب الحكمة إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير
بيان كأن المراد بالفقه العلم المقرون بالعمل فلا ينافي كون مطلق العلم من علاماته أو المراد بالفقه التفكر و التدبر في الأمور قال الراغب الفقه هو التوصل إلى غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم قال تعالى فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ إلى غير ذلك من الآيات و الفقه العلم بأحكام الشريعة انتهى. و قيل أراد العلم فيما يقول و الصمت عما لا يعلم أو يضر و قيل المراد بالعلم آثاره أعني إثبات الحق و إبطال الباطل و ترويج الدين و حل المشكلات انتهى. و أقول
قد مر بسند آخر عنه ع من علامات الفقيه الحلم و الصمت
و يظهر من بعض الأخبار أن الفقه هو العلم الرباني المستقر في القلب الذي يظهر آثاره على الجوارح. إن الصمت باب من أبواب الحكمة أي سبب من أسباب حصول العلوم الربانية فإن بالصمت يتم التفكر و بالتفكر يحصل الحكمة أو هو سبب لإفاضة الحكم عليه من الله سبحانه أو الصمت عند العالم و عدم معارضته و الإنصات إليه سبب لإفاضة الحكم منه أو الصمت دليل من دلائل وجود الحكمة في صاحبه. يكسب المحبة أي محبة الله أو محبة الخلق لأن عمدة أسباب العداوة بين الخلق الكلام من المنازعة و المجادلة و الشتم و الغيبة و النميمة و المزاح و في بعض النسخ يكسب الجنة و في سائر نسخ الحديث المحبة. إنه دليل على كل خير أي وجود كل خير في صاحبه أو دليل لصاحبه إلى كل خير
66- كا، ]الكافي[ عن محمد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن شيعتنا الخرس
بيان الخرس بالضم جمع الأخرس أي هم لا يتكلمون باللغو و الباطل و فيما لا يعلمون و في مقام التقية خوفا على أئمتهم و أنفسهم و إخوانهم فكلامهم قليل فكأنهم خرس
67- كا، ]الكافي[ بالإسناد عن ابن محبوب عن أبي علي الجواني قال شهدت أبا عبد الله ع و هو يقول لمولى له يقال له سالم و وضع يده على شفتيه و قال يا سالم احفظ لسانك تسلم و لا تحمل الناس على رقابنا
بيان ضمير شفتيه للإمام ع و رجوعه إلى سالم بعيد تسلم أي من معاصي اللسان و مفاسد الكلام و لا تحمل الناس على رقابنا أي لا تسلطهم علينا بترك التقية و إذاعة أسرارنا
-68 كا، ]الكافي[ عن محمد عن ابن عيسى عن عثمان بن عيسى قال حضرت أبا الحسن صلوات الله عليه و قال له رجل أوصني فقال احفظ لسانك تعز و لا تمكن الناس من قيادك فتذل رقبتك
إيضاح قال الراغب الوصية التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من قولهم أرض واصية متصلة النبات يقال أوصاه و وصاه و القياد ككتاب حبل تقاد به الدابة و تمكين الناس من القياد كناية عن تسلطهم و إعطاء حجة لهم على إيذائه و إهانته بترك التقية و نسبة الإذلال إلى الرقبة لظهور الذل فيها أكثر من سائر الأعضاء و فيه ترشيح للاستعارة السابقة لأن القياد يشد على الرقبة
69- كا، ]الكافي[ عن محمد عن ابن عيسى عن الهيثم بن أبي مسروق عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لرجل أتاه أ لا أدلك على أمر يدخلك الله به الجنة قال بلى يا رسول الله قال أنل مما أنالك الله قال فإن كنت أحوج ممن أنيله قال فانصر المظلوم قال فإن كنت أضعف ممن أنصره قال فاصنع للأخرق يعني أشر عليه قال فإن كنت أخرق ممن أصنع له قال فاصمت لسانك إلا من خير أ ما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة
توضيح أنل مما أنالك الله أي أعط المحتاجين مما أعطاك الله تعالى قال الجوهري نال خيرا ينال نيلا أي أصاب و أناله غيره و الأمر فيه نل بفتح النون للأخرق أي الجاهل بمصالح نفسه و في القاموس صنع إليه معروفا كمنع صنعا بالضم و صنع به صنيعا قبيحا فعله و الشيء صنعا بالفتح و الضم عمله و صنعة الفرس حسن القيام عليه و أصنع أعان آخر و الأخرق تعلم و أحكم و اصطنع عنده صنيعة اتخذها و في النهاية الخرق بالضم الجهل و الحمق و قد يخرق خرقا فهو أخرق و الاسم الخرق بالضم و منه الحديث تعين ضائعا أو تصنع لأخرق أي جاهل بما يجب أن يعمله و لم يكن في يده صنعة يكسب بها انتهى. و الظاهر أن يعني من كلام الصادق ع و يحتمل كونه كلام بعض الرواة أي ليس المراد نفعه بمال و نحوه بل برأي و مشورة ينفعه و فيه حث على إرشاد كل من لم يعلم أمرا من مصالح الدين و الدنيا. فإن كنت أخرق أي أشد خرقا و إن كان نادرا فاصمت على بناء المجرد و الإفعال في القاموس الصمت و الصموت و الصمات السكوت كالإصمات و التصميت و أصمته أسكته لازمان متعديان و المراد بالخير ما يورث ثوابا في الآخرة أو نفعا في الدنيا بلا مضرة أحد فالمباح غالبا مما ينبغي السكوت عنه و الأمر لمطلق الطلب الشامل للوجوب و الرجحان. و اختلف في المباح هل يكتب أم لا نقل عن ابن عباس أنه لا يكتب و لا يجازى عليه و الأظهر أنه يكتب لعموم قوله تعالى ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ و قوله سبحانه كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ و لدلالة كثيرة من الروايات عليه و قد أوردناها في كتاب العدل و عدم المجازات لا يدل على عدم الكتابة إذ لعل الكتابة لغرض آخر كالتأسف و التحسر على تضييع العمر فيما لا ينفع مع القدرة على فعل ما يوجب الثواب و يدل الخبر على أن كمال خصلة واحدة من تلك الخصال يوجب الجنة و يحتمل اشتراطها بترك الكبائر أو نحوه أو يكون الجر إليها كناية عن القرب منها و قيل يمكن أن يراد أن الخصلة الواحدة تجر إلى أسباب الدخول في الجنة و هي الخصال الأخر فإن الخير بعضه يفضي إلى بعض
70- كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله ع قال قال لقمان لابنه يا بني إن كنت زعمت أن الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب
تبيين يدل على أن السكوت أفضل من الكلام و كأنه مبني على الغالب و إلا فظاهر أن الكلام خير من السكوت في كثير من الموارد بل يجب الكلام و يحرم السكوت عند إظهار أصول الدين و فروعه و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و يستحب في المواعظ و النصائح و إرشاد الناس إلى مصالحهم و ترويج العلوم الدينية و الشفاعة للمؤمنين و قضاء حوائجهم و أمثال ذلك فتلك الأخبار مخصوصة بغير تلك الموارد أو بأحوال عامة الخلق فإن غالب كلامهم إنما هو فيما لا يعنيهم أو هو مقصور على المباحات
و قد مر في كتاب العقل في حديث هشام أن أمير المؤمنين ع كان يقول إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال يجيب إذا سئل و ينطق إذا عجز القوم عن الكلام و يشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق
71- كا، ]الكافي[ عن علي عن محمد بن عيسى عن يونس عن الحلبي رفعه قال قال رسول الله ص أمسك لسانك فإنها صدقة تصدق بها على نفسك ثم قال و لا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه
بيان فإنها أي الإمساك و التأنيث بتأويل الخصلة أو الفعلة أو الصفة أي صفة أنه صدقة أو باعتبار تأنيث الخبر و تشبيه الإمساك بالصدقة على النفس باعتبار أنه ينفعها في الدنيا و الآخرة كما أن الصدقة تنفع الفقير و باعتبار أنه معط يدفع عنه البلايا و يوجب قربه من الحق كالصدقة فالتشبيه كامل من الجهتين. و لا يعرف عبد إلخ أشار ع بذلك إلى أن الإيمان لا يكمل إلا باستقامة اللسان على الحق و خزنه عن الباطل كالغيبة و النميمة و القذف و الشتم و الكذب و الزور و الفتوى بغير الحق و القول بالرأي و أشباهها من الأمور التي نهى الشارع عنها و ذلك لأن الإيمان عبارة عن التصديق بالله و برسوله و الاعتقاد بحقية جميع ما جاء به النبي ص و هو يستلزم استقامة اللسان و هي إقراره بالشهادتين و جميع العقائد الحقة و لوازمها و إمساكه عما لا ينبغي و من البين أن الملزوم لا يستقيم بدون استقامة اللازم
و قد أشار إليه النبي ص بقوله لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه
و أيضا كلما يتناول اللسان من الأباطيل و الأكاذيب تدخل مفهوماتها في القلب و هو ينافي استقرار حقيقة الإيمان فيه
72- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله ع في قوله عز و جل أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ قال يعني كفوا ألسنتكم
بيان الآية في سورة النساء هكذا أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَ لا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا. و قال المفسرون قِيلَ لَهُمْ أي بمكة كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ أي أمسكوا عن قتال الكفار فإني لم أؤمر بقتالهم فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ بالمدينة خافوا من الناس و قتلهم إياهم كَخَشْيَةِ اللَّهِ من عقابه أَوْ أَشَدَّ وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ و هو أن نموت بآجالنا و كذا في تفسير علي بن إبراهيم أيضا و في بعض الأخبار أن ذلك أمر لشيعتنا بالتقية إلى زمان القائم ع.
كما قال الصادق ع أ ما ترضون أن تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تكفوا و تدخلوا الجنة
و عن الباقر ع أنتم و الله أهل هذه الآية
و في بعض الأخبار كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ مع الحسن ع كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين ع إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ إلى خروج القائم فإن معه الظفر. فهذا الخبر إما تفسير لظهر الآية كما ذكرناه أولا أو لبطنها بتنزيل الآية على الشيعة في زمن التقية و هذا أنسب بكف الألسن تقية فإن أحوال أمير المؤمنين ع في أول أمره و آخره كان شبيها بأحوال الرسول في أول الأمر حين كونه بمكة و ترك القتال لعدم الأعوان و أمره في المدينة بالجهاد لوجود الأنصار و كذا حال الحسن ع في الصلح و الهدنة و حال الحسين ع عند وجود الأنصار ظاهرا و حال سائر الأئمة ع في ترك القتال و التقية مع حال القائم. فالآية و إن نزلت في حال الرسول فهي شاملة لتلك الأحوال أيضا لمشابهتها لها و اشتراك العلل بينها و بينها. و أما تفسيره ع كف الأيدي بكف الألسن على الوجهين يحتمل وجوها. الأول أن يكون المعنى أن المراد بكف الأيدي عن القتال الكف عنها. و مما يوجب بسطها بسط الأيدي و هي الألسنة فإن مع عدم كف الألسنة ينتهي الأمر إلى القتال شاءوا أم أبوا فالنهي عن بسط الأيدي يستلزم النهي عن بسط الألسنة فالنهي عن القتال في زمن الهدنة يستلزم الأمر بالتقية. الثاني أن يكون المراد بكف الأيدي كف الألسن إطلاقا لاسم المسبب على السبب أو الملزوم على اللازم. الثالث أن يكون المراد بالأيدي في الآية الألسن لتشابههما في القوة و كونهما آلة المجادلة و هذا أبعد الوجوه كما أن الأول أقربها
73- كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن الحلبي رفعه قال قال رسول الله ص نجاة المؤمن من حفظ لسانه
بيان نجاة المؤمن أي من مهالك الدنيا و الآخرة حفظ لسانه الحمل على المبالغة و في بعض النسخ من حفظ لسانه أي هو من أعظم أسباب النجاة فكأنها منحصرة فيه و الحاصل أنه لا ينجو إلا من حفظ لسانه
74- كا، ]الكافي[ بالإسناد عن يونس عن مثنى عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع يقول كان أبو ذر يقول يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شر فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك و ورقك
بيان يا مبتغي العلم أي يا طالبه و فيه ترغيب على التكلم بما ينفع في الآخرة أو في الدنيا أيضا إذا لم يضر بالآخرة فاختم على لسانك أي إذا كان اللسان مفتاحا للشر فاخزنه حتى لا يجري عليه ما يوجب خسارك و بوارك كما أن ذهبك و فضتك تخزنهما لتوهم صلاح عاجل فيهما فاللسان أولى بذلك فإنه مادة لصلاح الدنيا و الآخرة و فساده يوجب فساد الدارين و في القاموس الورق مثلثة و ككتف و جبل الدراهم المضروبة و الجمع أوراق و في المصباح و منهم من يقول هو النقرة مضروبة أو غير مضروبة و قال الفارابي الورق المال من الدراهم
و في نهج البلاغة قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت في وثاقه فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك فرب كلمة سلبت نعمة و جلبت نقمة
75- كا، ]الكافي[ عن حميد بن زياد عن الخشاب عن ابن بقاح عن معاذ بن ثابت عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله ع قال كان المسيح ع يقول لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم و لكن لا يعلمون
بيان قساوة القلب غلظه و شدته و صلابته بحيث يتأبى عن قبول الحق كالحجر الصلب يمر عليه الماء و لا يقف فيه و فيه دلالة على أن كثرة الكلام في الأمور المباحة يوجب قساوة القلب و أما الكلام في الأمور الباطلة فقليله كالكثير في إيجاب القساوة و النهي عنه و كان في الحديث إشارة إلى قوله سبحانه أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قال البيضاوي الآية في حمزة و علي و أبي لهب و ولده
76- كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن ابن أبي نجران عن أبي جميلة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال ما من يوم إلا و كل عضو من أعضاء الجسد يكفر اللسان يقول نشدتك الله أن نعذب فيك
تبيين في النهاية في حديث الخدري إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان أي تذل و تخضع و التكفير هو أن ينحني الإنسان و يطأطئ رأسه قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه و قال نشدتك الله و الرحم أي سألتك بالله و بالرحم يقال نشدتك الله و أنشدك الله و بالله و ناشدتك الله و بالله أي سألتك و أقسمت عليك و تعديته إلى مفعولين إما لأنه بمنزلة دعوت أو لأنهم ضمنوه معنى ذكرت فأما أنشدتك بالله فخطأ انتهى. و كان الكلام بلسان الحال و فيه استعارة تمثيلية قوله أن نعذب كان في الكلام تقديرا أي تكف نفسك من أن نعذب فيك أي بسببك
77- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن إبراهيم بن مهزم الأسدي عن أبي حمزة عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول كيف أصبحتم فيقولون بخير إن تركتنا و يقولون الله الله فينا و يناشدونه و يقولون إنما نثاب و نعاقب بك
إيضاح قوله ع يشرف كان إشرافه كناية عن تسلطه عليها و كونها تحت حكمه و الله منصوب بتقدير اتق أو احذر و التكرار للتأكيد و الحصر و قوله إنما نثاب ادعائي بناء على الغالب و الحاصل أن العمدة في ثوابنا و عقابنا أنت
78- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن قيس أبي إسماعيل و ذكر أنه لا بأس به من أصحابنا رفعه قال جاء رجل إلى النبي ص فقال يا رسول الله أوصني فقال احفظ لسانك قال يا رسول الله أوصني قال احفظ لسانك قال يا رسول الله أوصني قال احفظ لسانك ويحك و هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم
تبيان جاء رجل في روايات العامة أن الرجل كان معاذ بن جبل و ويح كأنه منصوب على النداء كما يصرح به كثيرا ورد للتعجب من حاله كيف استصغر ما أوصاه به و لم يكتف و طلب غيره بتكرار السؤال و في النهاية ويح كلمة ترحم و توجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها و قد يقال بمعنى المدح و التعجب و هي منصوبة على المصدر. و قال في الحديث و هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم أي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه واحدتها حصيدة تشبيها بما يحصد من الزرع و تشبيها للسان و ما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد به. و في القاموس كبه قلبه و صرعه كأكبه و كبكبه فأكب و هو لازم و متعد و قال المنخر بفتح الميم و الخاء و بكسرهما و ضمهما و كمجلس و ملمول الأنف انتهى و الحصر كما مر و كأنه إشارة إلى قوله تعالى فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ و قد وردت أخبار بأن الغاوين قوم وصفوا عدلا ثم خالفوه إلى غيره
79- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عمن رواه عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه و حضر عذابه
بيان من لم يحسب من باب نصر من الحساب أو كنعم من الحسبان بمعنى الظن و الأول أظهر و هذا رد على ما يسبق إلى أوهام أكثر الخلق من الخواص و العوام أن الكلام ليس مما يترتب عليه عقاب فيجترءون على أنواع الكلام بلا تأمل و تفكر مع أن أكثر أنواع الكفر و المعاصي من جهة اللسان لأن اللسان له تصرف في كل موجود و موهوم و معدوم و له يد في العقليات و الخياليات و المسموعات و المشمومات و المبصرات و المذوقات و الملموسات فصاحب هذا الحسبان الباطل لا يبالي بالكلام في أباطيل هذه الأمور و أكاذيبها فيجتمع عليه من كل وجه خطيئة فتكثر خطاياه. و أما غير اللسان فخطاياه قليلة بالنسبة إليه فإن خطيئة السمع ليست إلا المسموعات و خطيئة البصر ليست إلا المبصرات و قس عليهما سائر الجوارح و المراد بحضور عذابه حضور أسبابه و قيل إنما حضر عذابه لأنه أكثر ما يكون يندم على بعض ما قاله و لا ينفعه الندم و لأنه قلما يكون كلام لا يكون موردا للاعتراض و لا سيما إذا كثر
80- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح فيقول يا رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا فيقول له خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض و مغاربها فسفك بها الدم الحرام و انتهب بها المال الحرام و انتهك بها الفرج الحرام و عزتي و جلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئا من جوارحك
بيان خرجت منك كلمة أي من الفتاوي الباطلة أو الأعم منها و من أحكام الملوك و غيرهم و سائر ما يكون سببا لأمثال ذلك و قوله من جوارحك إما بتقدير مضاف أي جوارح صاحبك أو الإضافة للمجاورة و الملابسة أو للإشارة إلى أن سائر الجوارح تابعة له و هو رئيسها و كأن الكلام مبني على التمثيل و السؤال و الجواب بلسان الحال و يحتمل أن يكون الله تعالى يعطيه حياة و شعورا و قدرة على الكلام كما قيل في شهادة الجوارح
81- كا، ]الكافي[ بالإسناد المتقدم قال قال رسول الله ص إن كان في شيء شؤم ففي اللسان
بيان الشؤم أصله الهمز و قد يخفف بل الغالب عليه التخفيف لكن الجوهري و الفيروزآبادي لم يذكراه إلا مهموزا قال الجوهري الشؤم نقيض اليمن يقال رجل مشوم و مشئوم و قد شأم فلان على قومه يشأمهم فهو شائم إذا جر عليهم الشؤم و قد شئم عليهم فهو مشئوم إذا صار شؤما عليهم انتهى و قال في النهاية فيه إن كان الشوم في شيء ففي ثلاث المرأة و الدار و الفرس أي إن كان ما يكره و يخاف عاقبته ثم قال و الواو في الشوم همزة و لكنها خففت فصارت واوا و غلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة و الشؤم ضد اليمن يقال تشاءمت بالشيء و تيمنت به. و أقول الحديث الذي أورده مروي في طرقنا أيضا فالحصر في هذا الخبر بالنسبة إلى أعضاء الإنسان و كثرة شؤم اللسان لكثرة المضرات و المفاسد المترتبة عليها ظاهرة قد سبق القول فيها
82- كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل و الحسين بن محمد عن المعلى جميعا عن الوشاء قال سمعت الرضا ع يقول كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين
إيضاح صمت قبل ذلك أي عما لا ينبغي و تلك المدة ليصير الصمت ملكة له ثم كان يشتغل بالعبادة و الاجتهاد فيها لتقع العبادة صافية خالية عن المفاسد. و أقول يحتمل أن يكون الصمت في تلك المدة للتفكر في المعارف اليقينية و العلوم الدينية حتى يكمل في العلم و يستحق لتعليم العباد و إرشادهم و تكميل نفسه بالأعمال الصالحة أيضا فيأمن عن الخطاء و الخطل في القول و العمل ثم يشرع في أنواع العبادات التي منها هداية الخلق و تعليمهم و تكميلهم
كما مر عن أمير المؤمنين ع كل سكوت ليس فيه فكرة فهو سهو
و قال الكاظم ع دليل العقل التفكر و دليل التفكر الصمت
و مثله كثير. و هذا وجه حسن لم يسبقني إليه فطن و إن كان بفضل المفيض المالك جل ما أوردته في هذا الكتاب كذلك
83- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن الغفاري عن جعفر بن إبراهيم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قال رسول الله ص من رأى موضع كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه
إيضاح الغفار ككتاب حي من العرب من رأى موضع كلامه من عمله أي يعلم أن كلامه أكثر من سائر أعماله أو يعلم أنه محسوب من أعماله و مجازى به كما مر و الأول هنا أظهر و يمكن إدراج المعنيين فيه فيما يعنيه أي يهمه و ينفعه
84- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن عثمان بن عيسى عن سعيد بن يسار عن منصور بن يونس عن أبي عبد الله ع قال في حكم آل داود على العاقل أن يكون عارفا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه
بيان في حكم آل داود أي الزبور أو الأعم منه و مما صدر عنه ع أو عنهم من الحكم على العاقل أي يجب أو يلزم عليه أن يكون عارفا بزمانه أي بأهل زمانه ليميز بين صديقه و عدوه الواقعيين و بين من يضله و من يهديه و بين من تجب متابعته و من تجب مفارقته و مجانبته فلا ينخدع منهم في دينه و دنياه و يعلم موضع التقية و العشرة و العزلة و الحب و البغض و في الحديث و العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس و في حديث آخر عارفا بأهل زمانه مستوحشا من أوثق إخوانه
و في وصية أمير المؤمنين للحسن صلوات الله عليهما يا بني إنه لا بد للعاقل من أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه و ليعرف أهل زمانه
قوله ع مقبلا على شأنه أي يكون دائما مشتغلا بإصلاح نفسه و محاسبتها و معالجة أدوائها و تحصيل ما ينفعها و الاجتناب عما يرديها و يضر بها و لا يصرف شيئا من عمره فيما لا يعنيه حافظا للسانه عن اللغو و الباطل
كما قال أمير المؤمنين ع إذا تم العقل نقص الكلام
85- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن رباط عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع قال لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا ما دام ساكتا فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا
بيان يكتب محسنا إما لإيمانه أو لسكوته فإنه من الأعمال الصالحة كما ذكره الناظرون في هذا الخبر و أقول الأول عندي أظهر و إن لم يتفطن به الأكثر لقوله ع فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا لأنه على الاحتمال الثاني يبطل الحصر لأنه يمكن أن يتكلم بالمباح فلا يكون محسنا و لا مسيئا إلا أن يعم المسيء تجوزا بحيث يشمل غير المحسن مطلقا و هو بعيد. فإن قيل يرد على ما اخترته أن في حال التكلم بالحرام ثواب الإيمان حاصل له فيكتب محسنا و مسيئا معا فلا يصح الترديد قلت يمكن أن يكون المراد بالمحسن المحسن من غير إساءة كما هو الظاهر فتصح المقابلة مع أن بقاء ثواب استمرار الإيمان مع فعل المعصية في محل المنع
و يومي إلى عدمه قولهم عليهم السلام لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن
و أمثاله مما قد مر بعضها و يمكن أن يكون هذا أحد محامل هذه الأخبار و أحد علل ما ورد أن نوم العالم عبادة أي هو في حال النوم في حكم العبادة لاستمرار ثواب علمه و إيمانه و عدم صدور شيء منه يبطله في تلك الحالة