1- مع، ]معاني الأخبار[ ل، ]الخصال[ عن علي بن عبد الله الأسواري عن أحمد بن محمد بن قيس السجزي عن عمرو بن حفص عن عبيد الله بن محمد بن أسد عن الحسين بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد البصري عن ابن جريح عن عطاء عن عبيد بن عمير الليثي عن أبي ذر رحمه الله قال دخلت يوما على رسول الله ص و هو في المسجد جالس وحده فاغتنمت خلوته فقال لي يا أبا ذر إن للمسجد تحية قلت و ما تحيته قال ركعتان تركعهما فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع فمن شاء أقل و من شاء أكثر قلت يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله عز و جل فقال إيمان بالله و جهاد في سبيله قلت أي المؤمنين أكمل إيمانا قال أحسنهم خلقا قلت و أي المؤمنين أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه و يده قلت و أي الهجرة أفضل قال من هجر السوء قلت فأي الليل أفضل قال جوف الليل الغابر قلت فأي الصلاة أفضل قال طول القنوت قلت فأي الصدقة أفضل قال جهد من مقل إلى فقير في سر قلت ما الصوم قال فرض مجزي و عند الله أضعاف كثيرة قلت فأي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنا و أنفسها عند أهلها قلت فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده و أهريق دمه في سبيل الله قلت فأي آية أنزلها الله عليك أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة و فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة قلت يا رسول الله كم النبيون قال مائة ألف و أربعة و عشرون ألف نبي قلت كم المرسلون منهم قال ثلاثة عشر جماء غفيراء قلت من كان أول الأنبياء قال آدم قلت و كان من الأنبياء مرسلا قال نعم خلقه الله بيده و نفخ فيه من روحه ثم قال يا أبا ذر أربعة من الأنبياء سريانيون آدم و شيث و أخنوخ و هو إدريس ع و هو أول من خط بالقلم و نوح ع و أربعة من الأنبياء من العرب هود و صالح و شعيب و نبيك محمد و أول نبي من بني إسرائيل موسى و آخرهم عيسى بينهما ستمائة نبي قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب قال مائة كتاب و أربعة كتب أنزل الله على شيث خمسين صحيفة و على إدريس ثلاثين صحيفة و على إبراهيم عشرين صحيفة و أنزل التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان قلت يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم قال كانت أمثالا كلها و كان فيها أيها الملك المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض و لكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها و إن كانت من كافر و على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه عز و جل و ساعة يحاسب فيها نفسه و ساعة
يتفكر فيما صنع الله عز و جل إليه و ساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال فإن هذه الساعة عون لتلك الساعات و استجمام للقلوب و توزيع لها و على العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه و على العاقل أن يكون طالبا لثلاث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال كانت عبرا كلها و فيها عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح و لمن أيقن بالنار لم يضحك و لمن يرى الدنيا و تقلبها بأهلها لم يطمئن إليها و لمن يؤمن بالقدر كيف ينصب و لمن أيقن بالحساب لم لا يعمل قلت يا رسول الله هل في أيدينا مما أنزل الله عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم و موسى قال يا أبا ذر اقرأ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت زدني قال عليك بتلاوة القرآن و ذكر الله كثيرا فإنه ذكر لك في السماء و نور لك في الأرض قلت زدني قال الصمت فإنه مطردة للشياطين و عون لك على أمر دينك قلت زدني قال إياك و كثرة الضحك فإنه يميت القلب و يذهب بنور الوجه قلت زدني قال انظر إلى من هو تحتك و لا تنظر إلى من هو فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك قلت يا رسول الله زدني قال صل قرابتك و إن قطعوك قلت زدني قال أجب المساكين و مجالستهم قلت زدني قال قل الحق و إن كان مرا قلت زدني قال لا تخف في الله لومة لائم قلت زدني قال ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك و لا تجد عليهم فيما تأتي ثم قال كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال يعرف من الناس ما يجهل من نفسه و يستحيي لهم مما هو فيه و يؤذي جليسه بما لا يعنيه ثم قال ص يا أبا ذر لا عقل كالتدبير و لا ورع كالكف و لا حسب كحسن الخلق
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ مرسلا مثله أقول و رواه الشيخ جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات مرسلا مثلهما أيضا و لكن إلى قوله ص و فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة و قال اختصرناه و أخذنا منه موضع الحاجة
2- ل، ]الخصال[ عن الحسن بن علي بن محمد العطار عن محمد بن محمود عن محمد بن منصور الفقيه و إسماعيل و المكي و حمدان جميعا عن المكي بن إبراهيم و حدثني محمد بن أبي عبد الله الشافعي عن مجاهد بن أعين عن عبد الصمد بن الفضل البلخي عن مكي بن إبراهيم عن هشام بن حسان و الحسن بن دينار عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله ص بسبع أوصاني أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي و أوصاني بحب المساكين و الدنو منهم و أوصاني أن أقول الحق و إن كان مرا و أوصاني أن أصل رحمي و إن أدبرت و أوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم و أوصاني أن أستكثر من قول لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فإنها من كنوز الجنة
3- من كتاب مكارم الأخلاق، يقول مولاي أبي طول الله عمره الفضل بن الحسن هذه الأوراق من وصية رسول الله ص لأبي ذر الغفاري التي أخبرني بها الشيخ المفيد أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد الله المقري الرازي و الشيخ الأجل الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه رحمه الله إجازة قالا أملى علينا الشيخ الأجل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي و أخبرني بذلك الشيخ العالم الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني في مشهد الرضا ع قال أخبرنا الشيخ الإمام أبو علي الحسن بن محمد الطوسي قال حدثني أبي الشيخ أبو جعفر رحمه الله قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن المطلب الشيباني قال حدثنا أبو الحسين رجاء بن يحيى العبرتائي الكاتب سنة أربع عشرة و ثلاثمائة و فيها مات قال حدثنا محمد بن الحسن بن شمون قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن الفضل بن يسار عن وهب بن عبد الله الهنائي قال حدثني أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبي الأسود قال قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه فحدثني أبو ذر قال دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله ص في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله ص و علي إلى جانبه جالس فاغتنمت خلوة المسجد فقلت يا رسول الله بأبي أنت و أمي أوصني بوصية ينفعني الله بها فقال نعم و أكرم بك يا أبا ذر إنك منا أهل البيت و إني موصيك بوصية فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير و سبله فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان يا أبا ذر اعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك و اعلم أن أول عبادة الله المعرفة به فهو الأول قبل كل شيء فلا شيء قبله و الفرد فلا ثاني له و الباقي لا إلى غاية فاطر السماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما من شيء و هو الله اللطيف الخبير وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ثم الإيمان بي و الإقرار بأن الله تعالى أرسلني إلى كافة الناس بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و اعلم يا أبا ذر أن الله عز و جل جعل أهل بيتي في أمتي كسفينة نوح من ركبها نجا و من رغب عنها غرق و مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان آمنا يا أبا ذر احفظ ما أوصيك به تكن سعيدا في الدنيا و الآخرة يا أبا ذر نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة و الفراغ يا أبا ذر اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك و صحتك قبل سقمك و غناك قبل فقرك و فراغك قبل شغلك و حياتك قبل موتك يا أبا ذر إياك و التسويف بأملك فإنك بيومك و لست بما بعده فإن يكن غد لك فكن في الغد كما كنت في اليوم و إن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم يا أبا ذر كم من مستقبل يوما لا يستكمله و منتظر غدا لا يبلغه يا أبا ذر لو نظرت إلى الأجل و مصيره لأبغضت الأمل و غروره يا أبا ذر كن كأنك في الدنيا غريب أو كعابر سبيل و عد نفسك من أصحاب القبور يا أبا ذر إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء و إذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح و خذ من صحتك قبل سقمك و حياتك قبل موتك فإنك لا تدري ما اسمك غدا يا أبا ذر إياك أن تدركك الصرعة عند العثرة فلا تقال العثرة و لا تمكن من الرجعة و لا يحمدك من خلفت بما تركت و لا يعذرك من تقدم عليه
بما اشتغلت به يا أبا ذر كن على عمرك أشح منك على درهمك و دينارك يا أبا ذر هل ينتظر أحد إلا غنى مطغيا أو فقرا منسيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر أو الساعة ف السَّاعَةُ أَدْهى وَ أَمَرُّ يا أبا ذر إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه و من طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة يا أبا ذر من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة يا أبا ذر إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل لا أعلمه تنج من تبعته و لا تفت بما لا علم لك به تنج من عذاب الله يوم القيامة يا أبا ذر يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون ما أدخلكم النار و قد دخلنا الجنة لفضل تأديبكم و تعليمكم فيقولون إنا كنا نأمر بالخير و لا نفعله يا أبا ذر إن حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد و إن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد و لكن أمسوا و أصبحوا تائبين يا أبا ذر إنكم في ممر الليل و النهار في آجال منقوصة و أعمال محفوظة و الموت يأتي بغتة و من يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا و من يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة و لكل زارع مثل ما زرع يا أبا ذر لا يسبق بطيء بحظه و لا يدرك حريص ما لم يقدر له و من أعطي خيرا فإن الله أعطاه و من وقي شرا فإن الله وقاه يا أبا ذر المتقون سادة و الفقهاء قادة و مجالستهم زيادة إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه و إن الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه يا أبا ذر إن الله تبارك و تعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثلة و الإثم عليه ثقيلا وبيلا و إذا أراد بعبد شرا أنساه ذنوبه يا أبا ذر لا تنظر إلى صغر الخطيئة و لكن انظر إلى من عصيت يا أبا ذر إن نفس المؤمن أشد ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه يا أبا ذر من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه و من خالف قوله فعله فإنما يوبخ نفسه يا أبا ذر إن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه يا أبا ذر دع ما لست منه في شيء و لا تنطق فيما لا يعنيك و اخزن لسانك كما تخزن ورقك يا أبا ذر إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا و فوقهم قوم في الدرجات العلي فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا فيقال هيهات هيهات إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون و يظمئون حين تروون و يقومون حين تنامون و يشخصون حين تحفظون يا أبا ذر جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة و حبب إلي الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام و إلى الظمآن الماء و إن الجائع إذا أكل شبع و إن
الظمآن إذا شرب روي و أنا لا أشبع من الصلاة يا أبا ذر أيما رجل تطوع في يوم و ليلة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة يا أبا ذر ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك الجبار و من يكثر قرع باب الملك يفتح له يا أبا ذر ما من مؤمن يقوم مصليا إلا تناثر عليه البر ما بينه و بين العرش و وكل به ملك ينادي يا ابن آدم لو تعلم ما لك في الصلاة و من تناجي ما انفتلت يا أبا ذر طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة ألا و هم السابقون إلى المساجد بالأسحار و غير الأسحار يا أبا ذر الصلاة عماد الدين و اللسان أكبر و الصدقة تمحو الخطيئة و اللسان أكبر و الصوم جنة من النار و اللسان أكبر و الجهاد نباهة و اللسان أكبر يا أبا ذر الدرجة في الجنة كما بين السماء و الأرض و إن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع لذلك فيقول ما هذا فيقال هذا نور أخيك فيقول أخي فلان كنا نعمل جميعا في الدنيا و قد فضل علي هكذا فيقال له إنه كان أفضل منك عملا ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى يا أبا ذر الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر و ما أصبح فيها مؤمن إلا حزينا فكيف لا يحزن المؤمن و قد أوعده الله جل ثناؤه أنه وارد جهنم و لم يعده أنه صادر عنها و ليلقين أمراضا و مصيبات و أمورا تغيظه و ليظلمن فلا ينتصر يبتغي ثوابا من الله تعالى فما يزال فيها حزينا حتى يفارقها فإذا فارقها أفضى إلى الراحة و الكرامة يا أبا ذر ما عبد الله عز و جل على مثل طول الحزن يا أبا ذر من أوتي من العلم ما لا يبكيه لحقيق أن يكون قد أوتي علم ما لا ينفعه لأن الله نعت العلماء فقال جل و عز إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً يا أبا ذر من استطاع أن يبكي فليبك و من لم يستطع فليشعر قلبه الحزن و ليتباك إن القلب القاسي بعيد من الله تعالى و لكن لا تشعرون يا أبا ذر يقول الله تبارك و تعالى لا أجمع على عبد خوفين و لا أجمع له أمنين فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة و إذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة يا أبا ذر إن العبد ليعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيمن ذنب ذنوبه فيقول أما إني كنت مشفقا فيغفر له يا أبا ذر إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها و يعمل المحقرات حتى يأتي الله و هو عليه غضبان و إن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها فيأتي الله عز و جل آمنا يوم القيامة يا أبا ذر إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة فقلت و كيف ذلك بأبي أنت و أمي يا رسول الله قال يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائبا منه فارا إلى الله عز و جل حتى يدخل الجنة يا أبا ذر الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من اتبع نفسه و هواها و تمنى على الله عز و جل الأماني يا أبا ذر إن أول شيء يرفع من هذه الأمة الأمانة و الخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا يا أبا ذر و الذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة
أو ذباب ما سقى الكافر منها شربة من ماء يا أبا ذر الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا من ابتغى به وجه الله و ما من شيء أبغض إلى الله تعالى من الدنيا خلقها ثم عرضها فلم ينظر إليها و لا ينظر إليها حتى تقوم الساعة و ما من شيء أحب إلى الله تعالى من الإيمان به و ترك ما أمر بتركه يا أبا ذر إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى أخي عيسى ع يا عيسى لا تحب الدنيا فإني لست أحبها و أحب الآخرة فإنما هي دار المعاد يا أبا ذر إن جبرئيل أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال لي يا محمد هذه خزائن الدنيا و لا ينقصك من حظك عند ربك فقلت يا حبيبي جبرئيل لا حاجة لي فيها إذا شبعت شكرت ربي و إذا جعت سألته يا أبا ذر إذا أراد الله عز و جل بعبد خيرا فقهه في الدين و زهده في الدنيا و بصره بعيوب نفسه يا أبا ذر ما زهد عبد في الدنيا إلا أنبت الله الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه و يبصره عيوب الدنيا و داءها و دواءها و أخرجه منها سالما إلى دار السلام يا أبا ذر إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فإنه يلقي الحكمة فقلت يا رسول الله من أزهد الناس قال من لم ينس المقابر و البلى و ترك فضل زينة الدنيا و آثر ما يبقى على ما يفنى و لم يعد غدا من أيامه و عد نفسه في الموتى يا أبا ذر إن الله تبارك و تعالى لم يوح إلي أن أجمع المال و لكن أوحى إلي أن فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ يا أبا ذر إني ألبس الغليظ و أجلس على الأرض و ألعق أصابعي و أركب الحمار بغير سرج و أردف خلفي فمن رغب عن سنتي فليس مني يا أبا ذر حب المال و الشرف أذهب لدين الرجل من ذئبين ضاريين في زرب الغنم فأغارا فيها حتى أصبحا فما ذا أبقيا منها قال قلت يا رسول الله الخائفون الخائضون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا أ هم يسبقون الناس إلى الجنة فقال لا و لكن فقراء المسلمين فإنهم يتخطون رقاب الناس فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى تحاسبوا فيقولون بم نحاسب فو الله ما ملكنا فنجود و نعدل و لا أفيض علينا فنقبض و نبسط و لكنا عبدنا ربنا حتى دعانا فأجبنا يا أبا ذر إن الدنيا مشغلة للقلوب و الأبدان و إن الله تبارك و تعالى سائلنا عما نعمنا في حلاله فكيف بما نعمنا في حرامه يا أبا ذر إني قد دعوت الله جل ثناؤه أن يجعل رزق من يحبني الكفاف و إن يعطي من يبغضني كثرة المال و الولد يا أبا ذر طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة الذين اتخذوا أرض الله بساطا و ترابها فراشا و ماءها طيبا و اتخذوا كتاب الله شعارا و دعاءه دثارا يقرضون الدنيا قرضا يا أبا ذر حرث الآخرة العمل الصالح و حرث الدنيا المال و البنون يا أبا ذر إن ربي أخبرني فقال و عزتي و جلالي ما أدرك العابدون درك البكاء و إني لأبني لهم في الرفيق الأعلى قصرا لا يشاركهم فيه أحد قال قلت يا رسول الله أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا و أحسنهم له استعدادا يا أبا ذر إذا دخل النور القلب انفسح القلب و استوسع قلت فما علامة ذلك بأبي أنت و أمي يا رسول الله قال الإنابة إلى دار الخلود و التجافي عن دار الغرور و الاستعداد للموت قبل نزوله يا أبا ذر اتق الله و لا ترى الناس أنك تخشى الله فيكرموك و قلبك فاجر
يا أبا ذر ليكن لك في كل شيء نية حتى في النوم و الأكل يا أبا ذر ليعظم جلال الله في صدرك فلا تذكره كما يذكره الجاهل عند الكلب اللهم أخزه و عند الخنزير اللهم أخزه يا أبا ذر إن لله ملائكة قياما من خيفته ما رفعوا رءوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة فيقولون جميعا سبحانك و بحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد يا أبا ذر و لو كان لرجل عمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ و لو أن دلوا صبت من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من مغربها و لو زفرت جهنم زفرة لم يبق ملك مقرب و لا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه يقول رب نفسي نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق ع يقول يا رب أنا خليلك إبراهيم فلا تنسني يا أبا ذر لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض أفضل مما يضيئها القمر ليلة البدر و لوجد ريح نشرها جميع أهل الأرض و لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه و ما حملته أبصارهم يا أبا ذر اخفض صوتك عند الجنائز و عند القتال و عند القرآن يا أبا ذر إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر و الخشوع و اعلم أنك لاحق به يا أبا ذر اعلم أن كل شيء إذا فسد فالملح دواؤه فإذا فسد الملح فليس له دواء و اعلم أن فيكم خلقين الضحك من غير عجب و الكسل من غير سهو يا أبا ذر ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة و القلب ساه يا أبا ذر الحق ثقيل مر و الباطل خفيف حلو و رب شهوة ساعة تورث حزنا طويلا يا أبا ذر لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله تبارك و تعالى أمثال الأباعر ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها يا أبا ذر لا تصيب حقيقة الإيمان حتى ترى الناس كلهم حمقاء في دينهم عقلاء في دنياهم يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون لحسابك غدا و زن نفسك قبل أن توزن و تجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية يا أبا ذر استحي من الله فإني و الذي نفسي بيده لأظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي أستحي من الملكين اللذين معي يا أبا ذر أ تحب أن تدخل الجنة قلت نعم فداك أبي قال فاقصر من الأمل و اجعل الموت نصب عينيك و استح من الله حق الحياء قال قلت يا رسول الله كلنا نستحي من الله قال ليس ذلك الحياء و لكن الحياء من الله أن لا تنسى المقابر و البلى و الجوف و ما وعى و الرأس و من حوى و من أراد كرامة الآخرة فليدع زينة الدنيا فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله يا أبا ذر يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح يا أبا ذر مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر يا أبا ذر إن الله يصلح بصلاح العبد ولده و ولد ولده و يحفظه في دويرته و الدور حوله ما دام فيهم يا أبا ذر إن ربك عز و جل يباهي الملائكة بثلاثة نفر رجل في أرض قفر فيؤذن ثم يقيم ثم يصلي فيقول ربك للملائكة انظروا إلى عبدي يصلي و لا يراه
غيري فينزل سبعين ألف ملك يصلون وراءه و يستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم و رجل قام من الليل فصلى وحده فسجد و نام و هو ساجد فيقول الله تعالى انظروا إلى عبدي روحه عندي و جسده ساجد و رجل في زحف فر أصحابه و ثبت هو و يقاتل حتى يقتل يا أبا ذر ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة و ما من منزل ينزله قوم إلا و أصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم يا أبا ذر ما من صباح و لا رواح إلا و بقاع الأرض تنادي بعضها بعضا يا جار هل مر بك ذاكر لله تعالى أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا لله فمن قائلة لا و من قائلة نعم فإذا قالت نعم اهتزت و انشرحت و ترى أن لها الفضل على جارتها يا أبا ذر إن الله جل ثناؤه لما خلق الأرض و خلق ما فيها من الشجر لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة فلم تزل الأرض و الشجر كذلك حتى تتكلم فجرة بني آدم بالكلمة العظيمة قولهم اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً فلما قالوها اقشعرت الأرض و ذهبت منفعة الأشجار يا أبا ذر إن الأرض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا يا أبا ذر إذا كان العبد في أرض قي يعني قفر فتوضأ أو تيمم ثم أذن و أقام و صلى أمر الله عز و جل الملائكة فصفوا خلفه صفا لا يرى طرفاه يركعون بركوعه و يسجدون بسجوده و يؤمنون على دعائه يا أبا ذر من أقام و لم يؤذن لم يصل معه إلا ملكاه اللذان معه يا أبا ذر ما من شاب يدع لله الدنيا و لهوها و أهرم شبابه في طاعة الله إلا أعطاه الله أجر اثنين و سبعين صديقا يا أبا ذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين يا أبا ذر الجليس الصالح خير من الوحدة و الوحدة خير من جليس السوء و إملاء الخير خير من السكوت و السكوت خير من إملاء الشر يا أبا ذر لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي و لا تأكل طعام الفاسقين يا أبا ذر أطعم طعامك من تحبه في الله و كل طعام من يحبك في الله عز و جل يا أبا ذر إن الله عز و جل عند لسان كل قائل فليتق الله امرؤ و ليعلم ما يقول يا أبا ذر اترك فضول الكلام و حسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك يا أبا ذر كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع يا أبا ذر ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان يا أبا ذر إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم و إكرام حملة القرآن العاملين و إكرام السلطان المقسط يا أبا ذر ما عمل من لم يحفظ لسانه يا أبا ذر لا تكن عيابا و لا مداحا و لا طعانا و لا مماريا يا أبا ذر لا يزال العبد يزداد من الله بعدا ما ساء خلقه يا أبا ذر الكلمة الطيبة صدقة و كل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة يا أبا ذر من أجاب داعي الله و أحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة فقلت بأبي أنت و أمي يا رسول الله كيف تعمر مساجد الله قال لا ترفع فيها الأصوات و لا يخاض فيها بالباطل و لا يشتر فيها و لا يباع و اترك اللغو ما دمت فيها فإن لم تفعل فلا تلومن يوم القيامة إلا نفسك يا أبا ذر إن الله تعالى يعطيك ما دمت جالسا في المسجد بكل نفس تنفست درجة في الجنة و تصلي عليك الملائكة و تكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات و تمحى عنك عشر سيئات يا أبا ذر أ تعلم في أي شيء أنزلت هذه الآية اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قلت لا أدري فداك أبي و أمي قال في انتظار الصلاة خلف الصلاة
يا أبا ذر إسباغ الوضوء في المكاره من الكفارات و كثرة الاختلاف إلى المساجد فذلكم الرباط يا أبا ذر يقول الله تبارك و تعالى إن أحب العباد إلي المتحابون من أجلي المتعلقة قلوبهم بالمساجد و المستغفرون بالأسحار أولئك إذا أردت بأهل الأرض عقوبة ذكرتهم فصرفت العقوبة عنهم يا أبا ذر كل جلوس في المسجد لغو إلا ثلاثة قراءة مصل أو ذكر الله أو سائل عن علم يا أبا ذر كن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل فإنه لا يقل عمل بالتقوى و كيف يقل عمل يتقبل يقول الله عز و جل إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ يا أبا ذر لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه فيعلم من أين مطعمه و من أين مشربه و من أين ملبسه أ من حل ذلك أم من حرام يا أبا ذر من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله عز و جل من أين أدخله النار يا أبا ذر من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله عز و جل يا أبا ذر إن أحبكم إلى الله جل ثناؤه أكثركم ذكرا له و أكرمكم عند الله عز و جل أتقاكم له و أنجاكم من عذاب الله أشدكم له خوفا يا أبا ذر إن المتقين الذين يتقون الله عز و جل من الشيء الذي لا يتقى منه خوفا من الدخول في الشبهة يا أبا ذر من أطاع الله عز و جل فقد ذكر الله و إن قلت صلاته و صيامه و تلاوته للقرآن يا أبا ذر أصل الدين الورع و رأسه الطاعة يا أبا ذر كن ورعا تكن أعبد الناس و خير دينكم الورع يا أبا ذر فضل العلم خير من فضل العبادة و اعلم أنكم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا و صمتم حتى تكونوا كالأوتار ما ينفعكم ذلك إلا بورع يا أبا ذر إن أهل الورع و الزهد في الدنيا هم أولياء الله حقا يا أبا ذر من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر قلت و ما الثلاث فداك أبي و أمي قال ورع يحجزه عما حرم الله عز و جل عليه و حلم يرد به جهل السفيه و خلق يداري به الناس يا أبا ذر إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله و إن سرك أن تكون أكرم الناس فاتق الله و إن سرك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يد الله عز و جل أوثق منك بما في يديك يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ يا أبا ذر يقول الله جل ثناؤه و عزتي و جلالي لا يؤثر عبدي هواي على هواه إلا جعلت غناه في نفسه و همومه في آخرته و ضمنت السماوات و الأرض رزقه و كففت عليه ضيعته و كنت له من وراء تجارة كل تاجر يا أبا ذر لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت يا أبا ذر أ لا أعلمك كلمات ينفعك الله عز و جل بهن قلت بلى يا رسول الله قال احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة و إذا سألت فاسأل الله عز و جل و إذا استعنت فاستعن بالله فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة فلو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشيء لم
يكتب لك ما قدروا عليه و لو جهدوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك ما قدروا عليه فإن استطعت أن تعمل لله عز و جل بالرضا في اليقين فافعل و إن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا و إن النصر مع الصبر و الفرج مع الكرب و إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً يا أبا ذر استغن بغنى الله يغنك الله فقلت و ما هو يا رسول الله قال غداءة يوم و عشاءة ليلة فمن قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس يا أبا ذر إن الله عز و جل يقول إني لست كلام الحكيم أتقبل و لكن همه و هواه فإن كان همه و هواه فيما أحب و أرضى جعلت صمته حمدا لي و ذكرا و وقارا و إن لم يتكلم يا أبا ذر إن الله تبارك و تعالى لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أموالكم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم يا أبا ذر التقوى هاهنا التقوى هاهنا و أشار إلى صدره يا أبا ذر أربع لا يصيبهن إلا مؤمن الصمت و هو أول العبادة و التواضع لله سبحانه و ذكر الله تعالى على كل حال و قلة الشيء يعني قلة المال يا أبا ذر هم بالحسنة و إن لم تعملها لكيلا تكتب من الغافلين يا أبا ذر من ملك ما بين فخذيه و بين لحييه دخل الجنة قلت يا رسول الله إنا لنؤخذ بما ينطق به ألسنتنا قال يا با ذر و هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم إنك لا تزال سالما ما سكت فإذا تكلمت كتب لك أو عليك يا أبا ذر إن الرجل يتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوي في جهنم ما بين السماء و الأرض يا أبا ذر ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له ويل له يا أبا ذر من صمت نجا فعليك بالصدق و لا تخرجن من فيك كذبة أبدا قلت يا رسول الله فما توبة الرجل الذي يكذب متعمدا فقال الاستغفار و صلوات الخمس تغسل ذلك يا أبا ذر إياك و الغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا قلت يا رسول الله و لم ذاك بأبي أنت و أمي قال لأن الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه و الغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها يا أبا ذر سباب المسلم فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه من معاصي الله و حرمة ماله كحرمة دمه قلت يا رسول الله و ما الغيبة قال ذكرك أخاك بما يكره قلت يا رسول الله فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به قال اعلم أنك إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته و إذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته يا أبا ذر من ذب عن أخيه المسلم الغيبة كان حقا على الله عز و جل أن يعتقه من النار يا أبا ذر من اغتيب عنده أخوه المسلم و هو يستطيع نصره فنصره نصره الله عز و جل في الدنيا و الآخرة فإن خذله و هو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا و الآخرة يا أبا ذر لا يدخل الجنة قتات قلت و ما القتات قال النمام يا أبا ذر صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله عز و جل في الآخرة يا أبا ذر من كان ذا وجهين و لسانين في الدنيا فهو ذو لسانين في النار يا أبا ذر المجالس بالأمانة و إفشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك و اجتنب مجلس العشيرة يا أبا ذر تعرض أعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة في يومين الإثنين و الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا كان بينه و بين أخيه شحناء فقال اتركوا عمل هذين حتى يصطلحا يا أبا ذر إياك و هجران أخيك فإن العمل لا يتقبل من الهجران
يا أبا ذر أنهاك عن الهجران و إن كنت لا بد فاعلا فلا تهجره فوق ثلاثة أيام كملا فمن مات فيها مهاجرا لأخيه كانت النار أولى به يا أبا ذر من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار يا أبا ذر من مات و في قلبه مثقال ذرة من كبر لم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك فقال يا رسول الله إني ليعجبني الجمال حتى وددت أن علاقة سوطي و قبال نعلي حسن فهل يرهب على ذلك قال كيف تجد قلبك قال أجده عارفا للحق مطمئنا إليه قال ليس ذلك بالكبر و لكن الكبر أن تترك الحق و تتجاوزه إلى غيره و تنظر إلى الناس و لا ترى أن أحدا عرضه كعرضك و لا دمه كدمك يا أبا ذر أكثر من يدخل النار المستكبرون فقال رجل و هل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله قال نعم من لبس الصوف و ركب الحمار و حلب العنز و جالس المساكين يا أبا ذر من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر يعني ما يشتري من السوق يا أبا ذر من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله عز و جل إليه يوم القيامة يا أبا ذر أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه و لا جناح عليه فيما بينه و بين كعبيه يا أبا ذر من رفع ذيله و خصف نعله و عفر وجهه فقد برئ من الكبر يا أبا ذر من كان له قميصان فليلبس أحدهما و ليلبس الآخر أخاه يا أبا ذر سيكون ناس من أمتي يولدون في النعيم و يغذون به همتهم ألوان الطعام و الشراب و يمدحون بالقول أولئك شرار أمتي يا أبا ذر من ترك لبس الجمال و هو يقدر عليه تواضعا لله عز و جل فقد كساه حلة الكرامة يا أبا ذر طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة و أذل نفسه في غير مسكنة و أنفق مالا جمعه في غير معصية و رحم أهل الذل و المسكنة و خالط أهل الفقه و الحكمة طوبى لمن صلحت سريرته و حسنت علانيته و عزل عن الناس شره طوبى لمن عمل بعلمه و أنفق الفضل من ماله و أمسك الفضل من قوله يا أبا ذر البس الخشن من اللباس و الصفيق من الثياب لئلا يجد الفخر فيك مسلكا يا أبا ذر يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم و شتائهم يرون أن لهم الفضل بذلك على غيرهم أولئك تلعنهم ملائكة السماوات و الأرض يا أبا ذر أ لا أخبرك بأهل الجنة قلت بلى يا رسول الله قال كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره
أقول وجدت في بعض نسخ الأمالي و كانت مصححه قديمة أملى علينا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن قدس الله روحه يوم الجمعة الرابع من المحرم سنة سبع و خمسين و أربعمائة قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل و ساق الحديث إلى آخره و رواه الشيخ في أماليه عن جماعة عن أبي المفضل قال حدثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي الكاتب سنة أربع عشرة و ثلاثمائة و فيها مات عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن الفضيل بن يسار عن وهب بن عبد الله بن أبي ذبى الهنائي عن أبي الحرب بن أبي الأسود الدؤلي مثله و رواه الورام في جامعه أيضا