1- أقول قد مضى في باب من ينبغي مصادقته عن الباقر عن أبيه عن جده ع قال قال أمير المؤمنين ع من كتم سره كانت الخيرة بيده و كل حديث جاوز اثنين فشا
2- ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن سهل عن الحارث بن الدلهاث عن الرضا ع قال لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال سنة من ربه و سنة من نبيه و سنة من وليه فالسنة من ربه كتمان سره قال الله عز و جل عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ و أما السنة من نبيه فمداراة الناس فإن الله عز و جل أمر نبيه بمداراة الناس و قال خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ و أما السنة من وليه فالصبر على البأساء و الضراء فإن الله عز و جل يقول وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ
مع، ]معاني الأخبار[ علي بن أحمد بن محمد عن الأسدي عن سهل عن مبارك مولى الرضا عنه ع مثله
3- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن المتوكل و ابن عصام و المكتب و الوراق و الدقاق جميعا عن الكليني عن علي بن إبراهيم العلوي عن موسى بن محمد المحاربي عن رجل قال قال المأمون للرضا ع أنشدني أحسن ما رويته في كتمان السر فقال ع
و إني لأنسى السر كيلا أذيعه فيا من رأى سرا يصان بأن ينسىمخافة أن يجري ببالي ذكره فينبذه قلبي إلى ملتوى الحشافيوشك من لم يفش سرا و جال في خواطره أن لا يطيق له حبسا
4- ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن اليقطيني عن الدهقان عن درست عن أبي عبد الله ع قال أربعة يذهبن ضياعا مودة تمنحها من لا وفاء له و معروف عند من لا يشكر له و علم عند من لا استماع له و سر تودعه عند من لا حصافة له
5- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله ع قال طوبى لعبد نومة عرف الناس فصاحبهم ببدنه و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه فعرفهم في الظاهر و لم يعرفوه في الباطن
6- ل، ]الخصال[ أبي عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن ابن محبوب عن ابن عطية عن الثمالي عن علي بن الحسين ع قال وددت أني افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي النزق و قلة الكتمان
أقول قد مر في الأبواب السابقة وصية أمير المؤمنين ع إلى ابنه و قد أوردنا بعضها في باب التقية و بعضها في كتاب العلم
7- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله ع قال كتمان سرنا جهاد في سبيل الله
8- مع، ]معاني الأخبار[ ابن المتوكل عن الحميري عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن سنان قال قال أبو عبد الله ع طوبى لعبد نومة عرف الناس فصاحبهم ببدنه و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه فعرفوه في الظاهر و عرفهم في الباطن
9- مع، ]معاني الأخبار[ ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن الحسين بن سفيان عن سلام بن أبي عمرة عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل أنه سمع أمير المؤمنين ع يقول إن بعدي فتنا مظلمة عمياء متشككة لا يبقى فيها إلا النومة قيل و ما النومة يا أمير المؤمنين قال الذي لا يدري الناس ما في نفسه
10- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن البرقي عن النهيكي عن علي بن جعفر عن أخيه ع ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله رجل زوج أخاه المسلم أو أخدمه أو كتم له سرا
11- ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن أبي عبد الله الرازي عن ابن أبي عثمان عن أحمد بن عمر عن يحيى الحلبي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول سبعة يفسدون أعمالهم الرجل الحليم ذو العلم الكثير لا يعرف بذلك و لا يذكر به و الحكيم الذي يدبر ماله كل كاذب منكر لما يؤتى إليه و الرجل الذي يأمن ذا المكر و الخيانة و السيد الفظ الذي لا رحمة له و الأم التي لا تكتم عن الولد السر و تفشي عليه و السريع إلى لائمة إخوانه و الذي يجادل أخاه مخاصما له
12- لي، ]الأمالي للصدوق[ قال الصادق ع لبعض أصحابه لا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك فإن الصديق قد يكون عدوك يوما ما
13- ف، ]تحف العقول[ عن أبي جعفر الثاني ع قال إظهار الشيء قبل أن يستحكم مفسدة له
سن، ]المحاسن[ أبو يوسف النجاشي عن يحيى بن ملك عن الأحول و غيره عن أبي عبد الله ع مثله
14- ختص، ]الإختصاص[ قال أمير المؤمنين ع جمع خير الدنيا و الآخرة في كتمان السر و مصادقة الأخيار و جمع الشر في الإذاعة و مواخاة الأشرار
15- الدرة الباهرة، قال الصادق ع سرك من دمك فلا يجرين من غير أوداجك
16- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع الظفر بالحزم و الحزم بإجابة الرأي و الرأي بتحصين الأسرار
و قال ع صدر العاقل صندوق سره
و قال ع من كتم سره كانت الخيرة بيده
و قال ع المرء أحفظ لسره
17- أعلام الدين، قال الصادق ع صدرك أوسع لسرك
18- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة عن علي بن الحسين ع قال وددت و الله أني افتديت خصلتين في شيعة لنا ببعض لحم ساعدي النزق و قلة الكتمان
بيان لوددت بكسر الدال و فتحها أي أحببت و يقال فداه يفديه فداء و افتدى به و فاداه أعطى شيئا فأنقذه و كأن المعنى وددت أن أهلك و أذهب تينك الخصلتين من الشيعة و لو انجر الأمر إلى أن يلزمني أن أعطي فداء عنهما بعض لحم ساعدي أو يقال لما كان افتداء الأسير إعطاء شيء لأخذ الأسير ممن أسره استعير هنا لإعطاء الشيعة لحم الساعد لأخذ الخصلتين منهم أو يكون على القلب و المعنى إنقاذ الشيعة من تينك الخصلتين و النزق بالفتح الطيش و الخفة عند الغضب و المراد بالكتمان إخفاء أحاديث الأئمة و أسرارهم عن المخالفين عند خوف الضرر عليهم و على شيعتهم أو الأعم منه و من كتمان أسرارهم و غوامض أخبارهم عمن لا يحتمله عقله
19- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن أبي أسامة زيد الشحام قال قال أبو عبد الله ع أمر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شيء الصبر و الكتمان
بيان فصاروا منهما أي بسببهما أي بسبب تضييعهما على غير شيء من الدين أو ضيعوهما بحيث لم يبق في أيديهم شيء منهما الصبر على البلايا و أذى الأعادي و كتمان الأسرار عنهم كما مر في قوله تعالى بِما صَبَرُوا وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
20- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يونس بن عمار عن سليمان بن خالد قال قال أبو عبد الله ع يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله و من أذاعه أذله الله
بيان أعزه الله خبر و احتمال الدعاء بعيد
-21 كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكير عن رجل عن أبي جعفر ع قال دخلنا عليه جماعة فقلنا يا ابن رسول الله إنا نريد العراق فأوصنا فقال أبو جعفر ع ليقو شديدكم ضعيفكم و ليعد غنيكم على فقيركم و لا تبثوا سرنا و لا تذيعوا أمرنا و إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به و إلا فقفوا عنده ثم ردوه إلينا حتى يستبين لكم و اعلموا أن المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم و من أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدونا كان له مثل أجر عشرين شهيدا و من قتل مع قائمنا كان له مثل أجر خمسة و عشرين شهيدا
بيان جماعة منصوب على الحالية أي مجتمعين معا ليقو شديدكم أي بالإغاثة و الإعانة و رفع الظلم أو بالتقوية في الدين و دفع الشبه عنه و ليعد يقال عاد بمعروفه من باب قال أي أفضل و الاسم العائدة و هي المعروف و الصلة و لا تبثوا سرنا أي الأحكام المخالفة لمذهب العامة عندهم و لا تذيعوا أمرنا أي أمر إمامتهم و خلافتهم و غرائب أحوالهم و معجزاتهم عند المخالفين بل الضعفة من المؤمنين إذ كانوا في زمان شديد و كان الناس يفتشون أحوالهم و يقتلون أشياعهم و أتباعهم. و أما إظهارها عند عقلاء الشيعة و أمنائهم و أهل التسليم منهم فأمر مطلوب كما مر فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله كأنه محمول على ما إذا كان مخالفا لما في أيديهم أو على ما إذا لم يكن الراوي ثقة أو يكون الغرض موافقته لعمومات الكتاب كما ذهب إليه الشيخ من عدم العمل بخبر الواحد إلا إذا كان موافقا لفحوى الكتاب و السنة المتواترة على التفصيل الذي ذكره في صدر كتابي الحديث و إلا فقفوا عنده أي لا تعملوا به و لا تردوه بل توقفوا عنده حتى تسألوا عنه الإمام و قيل المراد أنه إذا وصل إليكم منا حديث يلزمكم العمل به فإن وجدتم عليه شاهدا من كتاب الله يكون لكم مفرا عند المخالفين إذا سألوكم عن دليله فخذوا المخالفين به و ألزموهم و أسكتوهم و لا تتقوا منهم و إن لم تجدوا شاهدا فقفوا عنده أي فاعملوا به سرا و لا تظهروه عند المخالفين ثم ردوه إلى العلم بالشاهد إليها أي سلونا عن الشاهد له من القرآن حتى نخبركم بشاهده من القرآن فعند ذلك أظهروه لهم و لا يخفى ما فيه. لهذا الأمر أي لظهور دولة القائم ع
22- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عبد الأعلى قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إنه ليس من احتمال أمرنا التصديق له و القبول فقط من احتمال أمرنا ستره و صيانته من غير أهله فأقرئهم السلام و قل لهم رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه حدثوهم بما يعرفون و استروا عنهم ما ينكرون ثم قال و الله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مئونة من الناطق علينا بما نكره فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه و ردوه عنها فإن قبل منكم و إلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه و يسمع منه فإن الرجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى له فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم فإن هو قبل منكم و إلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم و لا تقولوا إنه يقول و يقول فإن ذلك يحمل علي و عليكم أما و الله لو كنتم تقولون ما أقول لأقررت أنكم أصحابي هذا أبو حنيفة له أصحاب و هذا الحسن البصري له أصحاب و أنا امرؤ من قريش قد ولدني رسول الله ص و علمت كتاب الله و فيه تبيان كل شيء بدء الخلق و أمر السماء و أمر الأرض و أمر الأولين و أمر الآخرين و أمر ما كان و ما يكون كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني
تبيان كأن المراد بالتصديق الإذعان القلبي و بالقبول الإقرار الظاهري فقط أو مع العمل و من في الموضعين للتبعيض أي ليست أجزاء احتمال أمرنا أي قبول التكليف الإلهي في التشيع منحصرة في الإذعان القلبي و الإقرار الظاهري بل من أجزائه ستره و صيانته أي حفظه و ضبطه من غير أهله و هم المخالفون و المستضعفون من الشيعة و الضمير في فأقرئهم راجع إلى المحتملين أو مطلق الشيعة بقرينة المقام و في القاموس قرأ عليه أبلغه كأقرأه أو لا يقال أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا و قال الجر الجذب كالاجترار و قوله حدثوهم بيان لكيفية اجترار مودة الناس بما يعرفون أي من الأمور المشتركة بين الفريقين و المئونة المشقة فتحملوا عليه أي احملوا أو تحاملوا عليه أو تكلفوا أن تحملوا عليه بمن يثقل عليه أي يعظم عنده أو يثقل عليه مخالفته و قيل من يكون ثقيلا عليه لا مفر له إلا أن يسمع منه في القاموس حمله على الأمر فانحمل أغراه به و حمله الأمر تحميلا فتحمله تحملا و تحامل في الأمر و به تكلفه على مشقة و عليه كلفه ما لا يطيق و قال لطف كنصر لطفا بالضم رفق و دنا و الله لك أوصل إليك مرادك بلطف انتهى. و دفن الكلام تحت الأقدام كناية عن إخفائه و كتمه إنه يقول و يقول أي لا تكرروا قوله في المجالس و لو على سبيل الذم فإن ذلك يحمل أي الضرر علي و عليكم أو يغري الناس علي و عليكم لو كنتم تقولون ما أقول أي من التقية و غيرها أو تعلنون ما أعلن له أصحاب أي ترونهم يسمعون قوله و يطيعون أمره مع جهالته و ضلالته و أنا امرؤ من قريش و هذا شرف و اللذان تقدم ذكرهما ليسا منهم قد ولدني رسول الله ص أي أنا من ولده فيدل على أن ولد البنت ولد حقيقة كما ذهب إليه جماعة من أصحابنا و من قرأ ولدني على بناء التفعيل أي أخبر بولادتي و إمامتي في خبر اللوح فقد تكلف كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني أي أعلم جميع ذلك من القرآن بعلم يقيني كأني أنظر إلى جميع ذلك و هي نصب عيني و في القاموس هذا نصب عيني بالضم و الفتح أو الفتح لحن
23- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الربيع بن محمد المسلي عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله ع قال قال لي ما زال سرنا مكتوما حتى صار في يدي ولد كيسان فتحدثوا به في الطريق و قرى السواد
بيان المراد بولد كيسان أولاد المختار الطالب بثأر الحسين ع و قيل المراد بولد كيسان أصحاب الغدر و المكر الذين ينسبون أنفسهم من الشيعة و ليسوا منهم في القاموس كيسان اسم للغدر و لقب المختار بن أبي عبيد المنسوب إليه الكيسانية و في الصحاح سواد البصرة و الكوفة قراهما و قيل السواد ناحية متصلة بالعراق أطول منها بخمسة و ثلاثين فرسخا و حده في الطول من الموصل إلى عبادان و في العرض من العذيب إلى حلوان و تسميتها بالسواد لكثرة الخضرة فيها
24- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر ع يقول و الله إن أحب أصحابي إلي أورعهم و أفقههم و أكتمهم لحديثنا و إن أسوأهم عندي حالا و أمقتهم الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا و يروى عنا فلم يقبله اشمأز منه و جحده و كفر من دان به و هو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج و إلينا أسند فيكون بذلك خارجا من ولايتنا
بيان الشمز نفور النفس مما تكره و تشمز وجهه تمعر و تقبض و اشمأز و انقبض و اقشعر أو ذعر و الشيء كرهه و المشمئز النافر الكاره و المذعور انتهى و هو لا يدري إشارة إلى قوله تعالى بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ و يدل على عدم جواز إنكار ما وصل إلينا من أخبارهم و إن لم تصل إليه عقولنا بل لا بد من رده إليهم حتى يبينوا
25- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى عن حريز عن معلى بن خنيس قال قال أبو عبد الله ع يا معلى اكتم أمرنا و لا تذعه فإنه من كتم أمرنا و لم يذعه أعزه الله به في الدنيا و جعله نورا بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة يا معلى من أذاع أمرنا و لم يكتمه أذله الله به في الدنيا و نزع النور من بين عينيه في الآخرة و جعله ظلمة تقوده إلى النار يا معلى إن التقية من ديني و دين آبائي و لا دين لمن لا تقية له يا معلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية يا معلى إن المذيع لأمرنا كالجاحد له
بيان قد مر مضمونه في آخر الباب السابق و كأنه ع كان يخاف على المعلى القتل لما يرى من حرصه على الإذاعة و لذلك أكثر من نصيحته بذلك و مع ذلك لم تنجع نصيحته فيه و إنه قد قتل بسبب ذلك و تأتي أخبار نكال الإذاعة في بابها إن شاء الله
26- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي عن مروان بن مسلم عن عمار قال قال لي أبو عبد الله ع أخبرت بما أخبرتك به أحدا قلت لا إلا سليمان بن خالد قال أحسنت أ ما سمعت قول الشاعر
فلا يعدون سري و سرك ثالثا ألا كل سر جاوز اثنين شائع
بيان قوله أخبرت إما على بناء الإفعال بحذف حرف الاستفهام أو على بناء التفعيل بإثباته و فيه مدح عظيم لسليمان إن حمل قوله أحسنت على ظاهره و إن حمل على التهكم فلا و هو أوفق بقوله أ و ما سمعت فإن سليمان كان ثالثا و لا يعدون نهي غائب من باب نصر مؤكد بالنون الخفيفة و المراد بالاثنين الشخصين و كون المراد بهما الشفتين فيه لطف لكن لا يناسب هذا الخبر فتدبر و قيل كأن الاستشهاد للإشعار بأن هذا مما يحكم العقل الصريح بقبحه و لا يحتاج إلى السماع عن صاحب الشرع
27- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن مسألة فأبى و أمسك ثم قال لو أعطيناكم كلما تريدون كان شرا لكم و أخذ برقبة صاحب هذا الأمر قال أبو جعفر ع ولاية الله أسرها إلى جبرئيل و أسرها جبرئيل إلى محمد ص و أسرها محمد ص إلى علي ع و أسرها علي ع إلى من شاء الله ثم أنتم تذيعون ذلك من الذي أمسك حرفا سمعه قال أبو جعفر ع في حكمة آل داود ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه فاتقوا الله و لا تذيعوا حديثنا فلو لا أن الله يدافع عن أوليائه و ينتقم لأوليائه من أعدائه أ ما رأيت ما صنع الله بآل برمك و ما انتقم الله لأبي الحسن ع و قد كان بنو الأشعث على خطر عظيم فدفع الله عنهم بولايتهم لأبي الحسن أنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة و ما أمهل الله لهم فعليكم بتقوى الله و لا تغرنكم الحياة الدنيا و لا تغتروا بمن قد أمهل له فكأن الأمر قد وصل إليكم
تبيان قوله عن مسألة كأنها كانت مما يلزم التقية فيها أو من الأخبار الآتية التي لا مصلحة في إفشائها أو من الأمور الغامضة التي لا تصل إليها عقول أكثر الخلق كغرائب شئونهم و أحوالهم ع و أمثالها من المعارف الدقيقة و أخذ بصيغة المجهول عطفا علي كان أو على صيغة التفضيل عطفا على شر أو نسبة الأخذ إلى الإعطاء إسناد إلى السبب و صاحب هذا الأمر الإمام ع ولاية الله أي الإمامة و شئونها و أسرارها و علومها ولاية الله و إمارته و حكومته و قيل المراد تعيين أوقات الحوادث و لا يخفى ما فيه إلى من شاء الله أي الأئمة. ثم أنتم ثم للتعجب و قيل استفهام إنكاري من الذي أمسك الاستفهام للإنكار أي لا يمسك أحد من أهل هذا الزمان حرفا لا يذيعه فلذا لا نعتمد عليهم أو لا تعتمدوا عليهم في حكمة آل داود أي الزبور أو الأعم منه أي داود و آله مالكا لنفسه أي مسلطا عليها يبعثها إلى ما ينبغي و يمنعها عما لا ينبغي أو مالكا لأسرار نفسه لا يذيعها مقبلا على شأنه أي مشتغلا بإصلاح نفسه متفكرا فيما ينفعه فيجلبه و فيما يضره فيجتنبه عارفا بأهل زمانه فيعرف من يحفظ سره و من يذيعه و من تجب مودته أو عداوته و من ينفعه مجالسته و من تضره حديثنا أي الحديث المختص بنا عند المخالفين و من لا يكتم السر فلو لا الفاء للبيان و جزاء الشرط محذوف أي لانقطعت سلسلة أهل البيت و شيعتهم بترككم التقية أو نحو ذلك. أ ما رأيت ما صنع الله بآل برمك أقول دولة البرامكة و شوكتهم و زوالها عنهم معروفة في التواريخ و ما انتقم الله لأبي الحسن أي الكاظم ع أي من البرامكة ترون أعمال هؤلاء الفراعنة أي بني عباس و أتباعهم و الحاصل أنه تعالى قد ينتقم لأوليائه من أعدائه و قد يمهلهم إتماما للحجة عليهم فاتقوا الله في الحالتين و لا تذيعوا سرنا و لا تغتروا بالدنيا و حبها فيصير سببا للإذاعة للأغراض الباطلة أو للتوسل بالمخالفين لتحصيل الدنيا أو باليأس عن الفرج استبطاء فكان الأمر قد وصل إليكم بشارة بقرب ظهور أمر القائم ع و بيان لتيقن وقوعه
28- كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن عمر بن أبان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول قال رسول الله ص طوبى لعبد نومة عرفه الله و لم يعرفه الناس أولئك مصابيح الهدى و ينابيع العلم ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة ليسوا بالمذاييع البذر و لا بالجفاة المراءين
بيان قال في النهاية في حديث علي أنه ذكر آخر الزمان و الفتن ثم قال خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة النومة بوزن الهمزة الخامل الذكر الذي لا يؤبه له و قيل الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر و أهله و قيل النومة بالتحريك الكثير النوم و أما الخامل الذي لا يؤبه له فهو بالتسكين و من الأول حديث ابن عباس أنه قال لعلي ما النومة قال الذي يسكت في الفتنة و لا يبدو منه شيء انتهى. و قوله ع عرفه الله على بناء المجرد كأنه تفسير للنومة أي عرفه الله فقط دون الناس أو عرفه الله بالخير و الإيمان و الصلاح أي اتصف بها واقعا و لم يعرفه الناس بها و يمكن أن يقرأ على بناء التفعيل أي عرفه الله نفسه و أولياءه و دينه بتوسط حججه ع و لم تكن معرفته من الناس أي من سائر الناس ممن لا يجوز أخذ العلم عنه لكنه بعيد أولئك مصابيح الهدى أولئك إشارة إلى جنس عبد النومة و فيه إشارة إلى أن المراد بالناس الظلمة و المخالفون لا أهل الحق من المؤمنين المسترشدين و هذا وجه جمع حسن بين أخبار مدح العزلة كهذا الخبر و ذمها و هو أيضا كثير أو باختلاف الأزمنة و الأحوال فإنه يومئ إليه أيضا هذا الخبر كذا قوله و ينابيع العلم فإنه يدل على انتفاع الناس بعلمهم. ينجلي أي ينكشف و يذهب عنهم كل فتنة مظلمة أي الفتنة التي توجب اشتباه الحق و الدين على الناس و انجلاؤها عنهم كناية عن عدم صيرورتها سببا لضلالتهم بل هم مع تلك الفتن المضلة على نور الحق و اليقين ليسوا بالبذر المذاييع
قال في النهاية في حديث فاطمة ع عند وفاة النبي ص قالت لعائشة إني إذا لبذرة البذر الذي يفشي السر و يظهر ما يسمعه
و منه حديث علي ع في صفة الصحابة ليسوا بالمذاييع البذر جمع بذور يقال بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب أي أفشيته و فرقته و قال المذاييع جمع مذياع من أذاع الشيء إذا أفشاه و قيل أراد الذين يشيعون الفواحش و هو بناء مبالغة. و قال الجفاء غلظ الطبع و منه في صفة النبي ص ليس بالجافي و لا بالمهين أي ليس بالغليظ الخلقة و الطبع أو ليس بالذي يجفو أصحابه و في القاموس البذور و البذير النمام و من لا يستطيع كتم سره و رجل بذر ككتف كثير الكلام انتهى و قيل الجافي هو الكز الغليظ السيئ الخلق كأنه جعله لانقباضه مقابلا لمنبسط اللسان الكثير الكلام و المراد النهي عن طرفي الإفراط و التفريط و الأمر بلزوم الوسط
29- كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن الأصفهاني عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع طوبى لكل عبد نومة لا يؤبه له يعرف الناس و لا يعرفه الناس يعرفه الله منه برضوان أولئك مصابيح الهدى ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة و يفتح لهم باب كل رحمة ليسوا بالبذر المذاييع و لا الجفاة المراءين و قال قولوا الخير تعرفوا به و اعملوا الخير تكونوا من أهله و لا تكونوا عجلا مذاييع فإن خياركم الذين إذا نظر إليهم ذكر الله و شراركم المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة المبتغون للبراء المعايب
تبيان قال في النهاية فيه رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبر قسمه لا يبالى به و لا يلتفت إليه يقال ما وبهت له بفتح الباء و كسرها وبها و وبها بالسكون و الفتح و أصل الواو الهمزة انتهى يعرف الناس أي محقهم و مبطلهم فلا ينخدع منهم يعرفه الله كأن بناء التفعيل هنا أظهر و قوله منه متعلق بيعرفه أي من عنده و من لدنه كما أراد بسبب رضاه عنه أو متلبسا برضاه و ربما يقرأ منه بفتح الميم و تشديد النون أي نعمته التي هي الإمام أو معرفته و يفتح له باب كل رحمة أي من رحمات الدنيا و الآخرة كالفوائد الدنيوية و التوفيقات الأخروية و الإفاضات الإلهية و الهدايات الربانية. و قولوا الخير تعرفوا به أي لتعرفوا به أو قولوه كثيرا حتى تصيروا معروفين بقول الخير و على الأول مبني على أن الخير مما يستحسنه العقل و كفى بالمعروفية به ثمرة لذلك و كذا الوجهان جاريان في الفقرة الأخيرة و العجل بضمتين جمع العجول و هو المستعجل في الأمور الذي لا يتفكر في عواقبها الذين إذا نظر إليهم ذكر الله على بناء المجهول فيهما أي يكون النظر في أعمالهم و أطوارهم لموافقتها للكتاب و السنة و إشعار بفناء الدنيا و إيذانها بإيثار رضى الله و حبه مذكرا لله سبحانه و ثوابه و عقابه و في القاموس النم التوريش و الإغراء و رفع الحديث إشاعة له و إفسادا و تزيين الكلام بالكذب و النميمة الاسم المفرقون بين الأحبة بنقل حديث بعضهم إلى بعض صدقا أو كذبا ليصير سبب العداوة بينهم و أمثال ذلك المبتغون للبراء المعايب أي الطالبون لمن برئ من العيب مطلقا أو ظاهرا العيوب الخفية ليظهروه للناس أو يفتروا عليهم حسدا و بغيا و في القاموس برأ المريض فهو بارئ و بريء و الجمع ككرام و برئ من الأمر يبرأ و يبرأ نادر براء و براءة و بروءا تبرأ و أبرأك منه و برأك و أنت بريء و الجمع بريئون و كفقهاء و كرام و اشراف و أنصباء و رخال
30- كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عمن أخبره قال قال أبو عبد الله ع كفوا ألسنتكم و الزموا بيوتكم فإنه لا يصيبكم أمر تخصون به أبدا و لا تزال الزيدية لكم وقاء أبدا
بيان كفوا ألسنتكم أي عن إفشاء السر عند المخالفين و إظهار دينكم و الطعن عليهم و الزموا بيوتكم أي لا تخالطوا الناس كثيرا فتشتهروا فإنه لا يصيبكم أي إذا استعملتم التقية كما ذكر لا يصيبكم أمر أي ضرر من المخالفين تخصون به أي يكون مخصوصا بالشيعة الإمامية فإنهم حينئذ لا يعرفونكم بذلك و هم إنما يطلبون من ينكر مذهبهم مطلقا من الشيعة و أنتم محفوظون في حصن التقية و الزيدية لعدم تجويزهم التقية و طعنهم على أئمتنا بها يجاهرون بمخالفتهم فالمخالفون يتعرضون لهم و يغفلون عنكم و لا يطلبونكم فهم وقاء لكم و في المصباح الوقاء مثل كتاب كل ما وقيت به شيئا و روى أبو عبيدة عن الكسائي الفتح في الوقاية و الوقاء أيضا انتهى و قيل المراد أنهم يظهرون ما تريدون إظهاره فلا حاجة لكم إلى إظهاره حتى تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
31- كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبي الحسن ع قال إن كان في يدك هذه شيء فإن استطعت أن لا تعلم هذه فافعل قال و كان عنده إنسان فتذاكروا الإذاعة فقال احفظ لسانك تعز و لا تمكن الناس من قياد رقبتك فتذل
إيضاح إن كان في يدك هذه شيء هذه غاية المبالغة في كتمان سرك من أقرب الناس إليك فإنه و إن كان من خواصك فهو ليس بأحفظ لسرك منك من قياد رقبتك القياد بالكسر حبل تقاد به الدابة و تمكين الناس من القياد كناية عن تسليط المخالفين على الإنسان بسبب ترك التقية و إفشاء الأسرار عندهم
32- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله ع قال إن أمرنا مستور مقنع بالميثاق فمن هتك علينا أذله الله
بيان المقنع اسم مفعول على بناء التفعيل أي مستور و أصله من القناع بالميثاق أي بالعهد الذي أخذ الله و رسوله و الأئمة ع أن يكتموه عن غير أهله و قوله أذله الله خبر و يحتمل الدعاء
33- كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد و محمد بن يحيى جميعا عن علي بن محمد بن سعد عن محمد بن مسلم عن محمد بن سعيد بن غزوان عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن عيسى بن أبي منصور قال سمعت أبا عبد الله ع يقول نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح و همه لأمرنا عبادة و كتمانه لسرنا جهاد في سبيل الله قال لي محمد بن سعيد اكتب هذا بالذهب فما كتبت شيئا أحسن منه
بيان نفس المهموم لنا أي المتفكر في أمرنا الطالب لفرجنا أو المغتم لعدم وصوله إلينا المغتم لظلمنا أي لمظلوميتنا تسبيح أي يكتب لكل نفس ثواب تسبيح و همه لأمرنا أي اهتمامه بخروج قائمنا و سعيه في أسبابه و دعاؤه لذلك عبادة أي ثوابه ثواب المشتغل بالعبادة و كتمانه لسرنا جهاد لأنه لا يحصل إلا بمجاهدة النفس قال لي هو كلام محمد بن مسلم اكتب هذا بالذهب أي بمائه و لعله كناية عن شدة الاهتمام بحفظه و الاعتناء به و نفاسته و يحتمل الحقيقة و لا منع منه إلا في القرآن كما سيأتي في كتابه فما كتبت بالخطاب و يحتمل التكلم
34- كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن محمد بن عجلان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله عز و جل عير أقواما بالإذاعة في قوله عز و جل وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة
بيان يقال ذاع الخبر يذيع ذيعا أي انتشر و أذاعه غيره أي أفشاه وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ قال البيضاوي أي مما يوجب الأمن أو الخوف أَذاعُوا أي أفشوه كان يفعله قوم من ضعفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول الله أو أخبرهم الرسول بما أوحي إليه من وعد بالظفر أو تخويف من الكفرة أذاعوا لعدم حزمهم و كانت إذاعتهم مفسدة و الباء مزيدة أو لتضمن الإذاعة معنى التحدث وَ لَوْ رَدُّوهُ أي ردوا ذلك الخبر إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ أي إلى رأيه و رأي كبار الصحابة البصراء بالأمور أو الأمراء لَعَلِمَهُ أي لعلمه على أي وجه يذكر الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ أي يستخرجون تدبيره بتجاربهم و أنظارهم و قيل كانوا يسمعون أراجيف المنافقين فيذيعونها فيعود وبالا على المسلمين و لو ردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم حتى سمعوه منهم و يعرفوا أنه هل يذاع لعلم ذلك من هؤلاء الذين يستنبطونه من الرسول و أولي الأمر أي يستخرجون علمه من جهتهم انتهى. و في الأخبار أن أولي الأمر الأئمة ع و على أي حال تدل الآية على ذم إذاعة ما في إفشائه مفسدة و الغرض التحذير عن إفشاء أسرار الأئمة ع عند المخالفين فيصير مفسدة و ضررا على الأئمة ع و على المؤمنين و يمكن شموله لإفشاء بعض غوامض العلوم التي لا تدركها عقول عامة الخلق
-35 كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد الخزاز عن أبي عبد الله ع قال من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقنا قال و قال للمعلى بن خنيس المذيع حديثنا كالجاحد له
بيان يدل على أن المذيع و الجاحد متشاركون في عدم الإيمان و براءة الإمام منهم و فعل ما يوجب لحوق الضرر بل ضرر الإذاعة أقوى لأن ضرر الجحد يعود إلى الجاحد و ضرر الإذاعة يعود إلى المذيع و إلى المعصوم و إلى المؤمنين و لعل مخاطبة المعلى بذلك لأنه كان قليل التحمل لأسرارهم و صار ذلك سببا لقتله
و روى الكشي بإسناده عن المفضل قال دخلت على أبي عبد الله ع يوم قتل فيه المعلى فقلت له يا ابن رسول الله أ لا ترى إلى هذا الخطب الجليل الذي نزل بالشيعة في هذا اليوم قال و ما هو قلت قتل المعلى بن خنيس قال رحم الله المعلى قد كنت أتوقع ذلك إنه أذاع سرنا و ليس الناصب لنا حربا بأعظم مئونة علينا من المذيع علينا سرنا فمن أذاع سرنا إلى غير أهله لم يفارق الدنيا حتى يعضه السلاح أو يموت بحبل
36- كا، ]الكافي[ عن يونس عن ابن مسكان عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله ع من أذاع علينا حديثا سلبه الله الإيمان
بيان سلبه الله الإيمان أي يمنع منه لطفه فلا يبقى على الإيمان
37- كا، ]الكافي[ عن يونس بن يعقوب عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطإ و لكن قتلنا قتل عمد
بيان كان المعنى أنه مثل قتل العمد في الوزر كما سيأتي في خبر آخر كمن قتلنا لا أن حكمه حكم العمد في القصاص و غيره
38- كا، ]الكافي[ عن يونس عن العلاء عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول يحشر العبد يوم القيامة و ما ندي دما فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له هذا سهمك من دم فلان فيقول يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني و ما سفكت دما فيقول بلى سمعت من فلان رواية كذا و كذا فرويتها عليه فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها و هذا سهمك من دمه
بيان و ما ندي دما في بعض النسخ مكتوب بالياء و في بعضها بالألف و كأن الثاني تصحيف و لعله ندي بكسر الدال مخففا و دما إما تميز أو منصوب بنزع الخافض أي ما ابتل بدم و هو مجاز شائع بين العرب و العجم قال في النهاية فيه من لقي الله و لم يتند من الدم الحرام بشيء دخل الجنة أي لم يصب منه شيئا و لم ينله منه شيء كأنه نالته نداوة الدم و بلله يقال ما نديني من فلان شيء أكرهه و لا نديت كفي له بشيء و قال الجوهري المنديات المخزيات يقال ما نديت بشيء تكرهه و قال الراغب ما نديت بشيء من فلان أي ما نلت منه ندى و منديات الكلم المخزيات التي تعرق و أقول يمكن أن يقرأ على بناء التفعيل فيكون دما منصوبا بنزع الخافض أي ما بل أحدا بدم أخرجه منه و يحتمل إسناد التندية إلى الدم على المجاز و ما ذكرنا أولا أظهر و قرأ بعض الفضلاء بدا بالباء الموحدة أي ما أظهر دما و أخرجه و هو تصحيف
39- كا، ]الكافي[ عن يونس عن ابن سنان عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع و تلا هذه الآية ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ قال و الله ما قتلوهم بأيديهم و لا ضربوهم بأسيافهم و لكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا و اعتداء و معصية
بيان قوله و تلا الواو للاستئناف أو حال عن فاعل قال المذكور بعدها أو عن فاعل روى المقدر أو للعطف على جملة أخرى تركها الراوي ذلِكَ إشارة إلى ما سبق من ضرب الذلة و المسكنة و البوء بالغضب بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي بالمعجزات أو بآيات الكتب المنزلة وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ كشعيا و يحيى و زكريا و غيرهم ذلِكَ بِما عَصَوْا قيل أي جرهم العصيان و التمادي و الاعتداء فيه إلى الكفر بالآيات و قتل النبيين فإن صغار المعاصي سبب يؤدي إلى ارتكاب كبارها. قال و الله ما قتلوهم هذا يحتمل وجوها الأول أن قتل الأنبياء لم يصدر من اليهود بل من غيرهم من الفراعنة و لكن اليهود لما تسببوا إلى ذلك بإفشاء أسرارهم نسب ذلك إليهم الثاني أنه تعالى نسب إلى جميع اليهود أو آباء المخاطبين القتل و لم يصدر ذلك من جميعهم و إنما صدر من بعضهم و إنما نسب إلى الجميع لذلك فقوله ما قتلوهم أي جميعا الثالث أن يكون المراد في هذه الآية غير القاتلين و على التقادير يمكن أن يكون المراد بغير الحق أي بسبب أمر غير حق و هو ذكرهم الأحاديث في غير موضعها فالباء للآلة و قوله تعالى ذلِكَ بِما عَصَوْا يمكن أن يراد به أن ذلك القتل أو نسبته إليهم بسبب أنهم عصوا و اعتدوا في ترك التقية كما قال ع فصار أي الإذاعة قتلا و اعتداء و معصية و هذا التفسير أشد انطباقا على الآية من تفسير سائر المفسرين
40- كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ فقال أما و الله ما قتلوهم بأسيافهم و لكن أذاعوا سرهم و أفشوا عليهم فقتلوا
بيان مضمونة موافق للخبر السابق و هذه الآية في آل عمران و السابقة في البقرة
41- كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حسين بن عثمان عمن أخبره عن أبي عبد الله ع قال من أذاع علينا شيئا من أمرنا فهو كمن قتلنا عمدا و لم يقتلنا خطأ
بيان قوله و لم يقتلنا خطأ إما تأكيد أو لإخراج شبه العمد فإنه عمد من جهة و خطأ من أخرى
42- كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن نصر بن صاعد مولى أبي عبد الله ع عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله ع يقول مذيع السر شاك و قائله عند غير أهله كافر و من تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج قلت ما هو قال التسليم
بيان مذيع السر شاك كأن المعنى مذيع السر عند من لا يعتمد عليه من الشيعة شاك أي غير موقن فإن صاحب اليقين لا يخالف الإمام في شيء و يحتاط في عدم إيصال الضرر إليه أو أنه إنما يذكره له غالبا لتزلزله فيه و عدم التسليم التام و يمكن حمله على الأسرار التي لا تقبلها عقول عامة الخلق و ما سيأتي على ما يخالف أقوال المخالفين و قيل الأول مذيع السر عند مجهول الحال و الثاني عند من يعلم أنه مخالف قلت ما هو أي ما المراد بالتمسك بالعروة الوثقى قال التسليم للإمام في كل ما يصدر عنه مما تقبله ظواهر العقول أو لا تقبله و مما كان موافقا للعامة أو مخالفا لهم و إطاعتهم في التقية و حفظ الأسرار و غيرهما
43- كا، ]الكافي[ عن علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن رجل من الكوفيين عن أبي خالد الكابلي عن أبي عبد الله ع أنه قال إن الله عز و جل جعل الدين دولتين دولة آدم و هي دولة الله و دولة إبليس فإذا أراد الله أن يعبد علانية كانت دولة آدم و إذا أراد الله أن يعبد في السر كانت دولة إبليس و المذيع لما أراد الله ستره مارق من الدين
بيان جعل الدين دولتين قيل المراد بالدين العبادة و دولتين منصوب بنيابة ظرف الزمان و الظرف مفعول ثان لجعل و الدولة نوبة ظهور حكومة حاكم عادلا كان أو جائرا و المراد بدولة آدم دولة الحق الظاهر الغالب كما كان لآدم ع في زمانه فإنه غلب على الشيطان و أظهر الحق علانية فكل دولة حق غالب ظاهر فهو دولة آدم و هي دولة الحكومة التي رضي الله لعباده و كانت في الموضعين تامة فإذا علم الله صلاح العباد في أن يعبدوه ظاهرا سبب أسباب ظهور دولة الحق فكانت كدولة آدم و إذا علم صلاحهم في أن يعبدوه سرا و تقية وكلهم إلى أنفسهم فاختاروا الدنيا و غلب الباطل على الحق فمن أظهر الحق و ترك التقية في دولة الباطل لم يرض بقضاء الله و خالف أمر الله و ضيع مصلحة الله التي اختارها لعباده فهو مارق أي خارج عن الدين غير عامل بمقتضاه أو خارج عن العبادة غير عامل بها قال في القاموس مرق السهم من الرمية مروقا خرج من الجانب الآخر و الخوارج مارقة لخروجهم عن الدين
44- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع قال من استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد و ضيق المحابس
بيان كأن استفتاح النهار على المثال أو لكونه أشد أو كناية عن كون هذا منه على العمد و القصد لا على الغفلة و السهو و يحتمل أن يكون الاستفتاح بمعنى الاستنصار و طلب النصرة كما قال تعالى وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا و قال إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ أي يظهر الفتح و يهدد المخالفين بذكر الأسرار التي ذكرها الأئمة ع تسلية للشيعة كانقراض دولة بني أمية أو بني العباس في وقت كذا فقوله نهاره أي في جميع نهاره لبيان المداومة عليه حر الحديد أي ألمه و شدته من سيف أو شبهه و العرب تعبر عن الراحة بالبرد و عن الشدة و الألم بالحر
قال في النهاية في حديث علي ع أنه قال لفاطمة ع لو أتيت النبي ص فسألته خادما يقيك حر ما أنت فيه من العمل
و في رواية حار ما أنت فيه يعني التعب و المشقة من خدمة البيت لأن الحرارة مقرونة بهما كما أن البرد مقرون بالراحة و السكون و الحار الشاق المتعب و منه حديث عيينة بن حصن حتى أذيق نساءه من الحر مثل ما أذاق نسائي يريد حرقة القلب من الوجع و الغيظ و المشقة و ضيق المحابس أي السجون و في بعض النسخ المجالس و المعنى واحد