الآيات البقرة وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ و قال تعالى وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ و قال تعالى وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ آل عمران وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ و قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا الأعراف وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا الأنفال وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ يونس وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ هود فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ و قال تعالى وَ اصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ يوسف فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ و قال فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً و قال إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ الرعد وَ الَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ إلى قوله تعالى سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ إبراهيم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ و قال وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا النحل الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و قال تعالى وَ لَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ و قال تعالى وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ الكهف سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً طه فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ الأنبياء وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ الحج وَ الصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ المؤمنون إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ الفرقان أَ تَصْبِرُونَ وَ كانَ رَبُّكَ بَصِيراً و قال تعالى أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً القصص أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا و قال تعالى وَ لا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ العنكبوت نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الروم فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ لقمان وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ و قال تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ التنزيل وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ سبأ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ يس فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ الصافات سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ص اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ و قال تعالى إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ الزمر إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ المؤمن فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ الطلاق سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً المعارج فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا و قال تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً المدثر وَ لِرَبِّكَ فَاصْبِرْ الدهر وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً و قال فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ البلد وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أ لم نشرح فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً العصر وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ
1- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه و علي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله ع يا حفص إن من صبر صبر قليلا و إن من جزع جزع قليلا ثم قال عليك بالصبر في جميع أمورك فإن الله عز و جل بعث محمدا ص فأمره بالصبر و الرفق فقال وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ و قال تبارك و تعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيئة فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ فصبر ص حتى نالوه بالعظائم و رموه بها فضاق صدره فأنزل الله عز و جل عليه وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ثم كذبوه و رموه فحزن لذلك فأنزل الله عز و جل قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فألزم النبي ص نفسه الصبر فتعدوا فذكروا الله تبارك و تعالى و كذبوه فقال قد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي و لا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله عز و جل وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فصبر في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالأئمة و وصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ فعند ذلك قال ص الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد فشكر الله عز و جل ذلك له فأنزل الله عز و جل وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ فقال ص إنه بشرى و انتقام فأباح الله عز و جل له قتال المشركين فأنزل الله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ فقتلهم الله على أيدي رسول الله ص و أحبائه و جعل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة فمن صبر و احتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله عينه في أعدائه مع ما يدخر له في الآخرة
بيان صبر قليلا نصب قليلا إما على المصدرية أو الظرفية أي صبر صبرا قليلا أو زمانا قليلا و هو زمان العمر أو زمان البلية في جميع أمورك فإن كل ما يصدر عنه من الفعل و الترك و العقد و كل ما يرد عليه من المصائب و النوائب من قبله تعالى أو من قبل غيره يحتاج إلى الصبر إذ لا يمكنه تحمل ذلك بدون جهاده مع النفس و الشيطان و حبس النفس عليه وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ أي من الخرافات و الشتم و الإيذاء وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا بأن تجانبهم و تداريهم و لا تكافيهم و تكل أمرهم إلى الله كما قال وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أي دعني و إياهم و كل إلي أمرهم فإني أجازيهم في الدنيا و الآخرة أُولِي النَّعْمَةِ النعمة بالفتح لين الملمس أي المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا و هم صناديد قريش و غيرهم ادْفَعْ أول الآية هكذا وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ أي في الجزاء و حسن العاقبة و لا الثانية مزيدة لتأكيد النفي ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ كذا في أكثر نسخ الكتاب و تفسير علي بن إبراهيم و السيئة غير مذكورة في المصاحف و كأنه ع زادها تفسيرا و ليست في بعض النسخ و هو أظهر و قيل المعنى ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها و هي الحسنة على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات و إنما أخرج مخرج الاستئناف على أنه جواب من قال كيف أصنع للمبالغة و لذلك وضع أحسن موضع الحسنة كذا ذكره البيضاوي. و قيل اسم التفضيل مجرد عن معناه أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه على سبيل الفرض أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو أو المكافاة و تلك الحسنة هي الإحسان في مقابل الإساءة و معنى التفضيل حينئذ بحاله لأن كلا من العفو و المكافاة أيضا حسنة إلا أن الإحسان أحسن منهما و هذا قريب
مما ذكره الزمخشري من أن لا غير مزيدة و المعنى أن الحسنة و السيئة متفاوتتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق وَ ما يُلَقَّاها أي ما يلقى هذه السجية و هي مقابلة الإساءة بالإحسان إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا فإنها تحبس النفس عن الانتقام وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ من الخير و كمال النفس و قيل الحظ العظيم الجنة يقال لقاه الشيء أي ألقاه إليه حتى نالوه بالعظائم يعني نسبوه إلى الكذب و الجنون و السحر و غير ذلك و افتروا عليه أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ كناية عن الغم بِما يَقُولُونَ من الشرك أو الطعن فيك و في القرآن و الاستهزاء بك و به فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أي فنزه ربك عما يقولون مما لا يليق به متلبسا بحمده في توفيقك له أو فافزع إلى الله فيما نالك من الغم بالتسبيح و التحميد فإنهما يكشفان الغم عنك وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ للشكر في توفيقك أو رفع غمك أو كن من المصلين فإن في الصلاة قطع العلائق عن الغير. إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ الضمير للشأن أي ما يقولون إنك شاعر أو مجنون أو أشباه ذلك فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ قال الطبرسي رحمه الله اختلف في معناه على وجوه. أحدها أن معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا و إن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا و هو قول أكثر المفسرين.
و يؤيده ما روي أن رسول الله ص لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك فقال و الله إني لأعلم أنه صادق و لكنا متى كنا تبعا لعبد مناف
فأنزل الله هذه الآية. و ثانيها أن المعنى لا يكذبونك بحجة و لا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان
و يدل عليه ما روي عن علي ع أنه كان يقرأ لا يكذبونك و يقول إن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك
و ثالثها أن المراد لا يصادفونك كاذبا تقول العرب قاتلناكم فما أجبناكم أي ما أصبناكم جبناء و لا يختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفيف لأن أفعلت و فعلت يجوزان في هذا الموضع إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه. و رابعها أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به لأنك كنت عندهم أمينا صادقا و إنما يدفعون ما أتيت به و يقصدون التكذيب بآيات الله و يقوي هذا الوجه قوله وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ و قوله وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ و لم يقل و كذبك قومك و ما روي أن أبا جهل قال للنبي ص ما نتهمك و لا نكذبك و لكنا نتهم الذي جئت به و نكذبه. و خامسها أن المراد أنهم لا يكذبونك بل يكذبونني فإن تكذيبك راجع إلي و لست مختصا به لأنك رسولي فمن رد عليك فقد رد علي و ذلك تسلية منه تعالى للنبي ص. وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ أي بالقرآن و المعجزات يَجْحَدُونَ بغير حجة سفها و جهلا و عنادا و دخلت الباء لتضمين معنى التكذيب قال أبو علي الباء تتعلق بالظالمين. ثم زاد في تسلية النبي ص بقوله وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا أي صبروا على ما نالهم منهم من التكذيب و الأذى في أداء الرسالة حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا إياهم على المكذبين و هذا أمر منه تعالى لنبيه بالصبر على أذى كفار قومه إلى أن يأتيه النصر كما صبرت الأنبياء و بعده وَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ أي لا يقدر أحد على تكذيب خبر الله على الحقيقة و لا على إخلاف وعده وَ لَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ أي خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم و نصرناهم على قومهم. قوله ع فذكروا الله أي نسبوا إليه ما لا يليق بجنابه وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ قيل هذه إشارة إلى حسن التأني و ترك التعجيل في الأمور و تمهيد للأمر بالصبر. و أقول يحتمل أن يكون توطئة للصبر على وجه آخر و هو بيان عظم قدره و أنه قادر على الانتقام منهم وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ أي من تعب و إعياء و هو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم الأحد و فرغ منه يوم الجمعة و استراح يوم السبت و استلقى على العرش فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ أي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث فإن من قدر على خلق العالم بلا إعياء قدر على بعثهم و الانتقام منهم أو ما يقول اليهود من الكفر و التشبيه. قوله ع ثم بشر على بناء المجهول و قبل الآية في سورة التنزيل هكذا وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً و في أكثر نسخ الكتاب و جعلناهم و كأنه تصحيف و في بعضها وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ كما في المصاحف. ثم إنه يرد أن الظاهر من سياق الآية رجوع ضمير منهم إلى بني إسرائيل فكيف تكون بشارة للنبي ص و إيتائه القرآن في عترته و كيف وصفوا بالصبر و الجواب ما عرفت أن ذكر القصص في القرآن لإنذار هذه الأمة و تبشيرهم مع أنه قد قال رسول الله ص إنه يقع في هذه الأمة ما وقع في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل فذكر قصة موسى و إيتائه الكتاب و جعل الأئمة من بني إسرائيل أي هارون و أولاده ذكر نظير لبعثة النبي ص و إيتائه القرآن و جعل الأئمة من أخيه و ابن عمه و أولاده كما قال ص أنت مني بمنزلة هارون من موسى. و قد يقال إن قوله فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ المراد به لا تكن في تعجب من سقوط الكتاب بعدك و عدم عمل الأمة به فإنا نجعل بعدك أمة يهدون بالكتاب كما جعلنا في بني إسرائيل أمة يهدون بالتوراة و المفسرون ذكروا فيه وجوها الأول أن المعنى لا تكن في شك من لقائك موسى ليلة الأسرى الثاني
من لقاء موسى الكتاب الثالث من لقائك الكتاب الرابع من لقائك الأذى كما لقي موسى الأذى. وَ جَعَلْناهُ أي موسى ع أو المنزل عليه يَهْدُونَ أي الناس إلى ما فيه من الحكم و الأحكام بِأَمْرِنا إياهم أو بتوفيقنا لهم لَمَّا صَبَرُوا أي لصبرهم على الطاعة أو على أذى القوم أو عن الدنيا و ملاذها كما قيل وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ لا يشكون في شيء منها و يعرفونها حق المعرفة فشكر الله ذلك له إشارة إلى الصبر على جميع الأحوال أو ذلك القول الدال على الرضا بالصبر و شكر الله تعالى لعباده عبارة عن قبول العمل و مقابلته بالإحسان و الجزاء في الدنيا و الآخرة. وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صدر الآية وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ يعني بني إسرائيل في ظهر الآية فإن القبط كانوا يستضعفونهم فأورثهم الله بأن مكنهم و حكم لهم بالتصرف و أباح لهم بعد إهلاك فرعون و قومه مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا أي أرض الشام شرقها و غربها أو أرض الشام و مصر و قيل كل الأرض لأن داود و سليمان كانا منهم و ملكا الأرض الَّتِي بارَكْنا فِيها بإخراج الزرع و الثمار و ضروب المنافع وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ. قال الطبرسي ره معناه صح كلام ربك بإنجاز الوعد بإهلاك عدوهم و استخلافهم في الأرض و إنما كان الإنجاز تماما للكلام لتمام النعمة به و قيل إن كلمة الحسنى قوله سبحانه وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ إلى قوله يَحْذَرُونَ و قال الْحُسْنى و إن كانت كلمات الله كلها حسنة لأنها وعد بما يحبون و قال الحسن أراد وعد الله لهم بالجنة بِما صَبَرُوا على أذى فرعون و قومه وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ أي أهلكنا ما كانوا يبنون من الأبنية و القصور و الديار وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ من الأشجار و الأعناب و الثمار و قيل يَعْرِشُونَ يسقفون من القصور و البيوت. فقال ص إنه بشرى أي لي و لأصحابي و انتقام من أعدائي و وجه البشارة ما مر أن ذكر هذه القصة تسلية للنبي ص بأني أنصرك على أعدائك و أهلكهم و أنصر الأئمة من أهل بيتك على الفراعنة الذين غلبوا عليهم و ظلموهم في زمن القائم ع و أملكهم جميع الأرض فظهر الآية لموسى و بني إسرائيل و بطنها لمحمد و آل محمد صلى الله عليهم. فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الآية هكذا فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ قيل أي من حل و حرم وَ خُذُوهُمْ أي و أسروهم و الأخيذ الأسير وَ احْصُرُوهُمْ أي و احبسوهم أو حيلوا بينهم و بين المسجد الحرام وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ أي كل ممر لئلا ينتشروا في البلاد و انتصابه على الظرف و قال تعالى في سورة البقرة وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ يقال ثقفه أي صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه. فقتلهم الله أي في غزوة بدر و غيرها و عجل له الثواب ثواب صبره و في بعض النسخ و جعل له ثواب صبره و الأول أظهر و موافق للتفسير و الحاصل أن هذه النصرة و قتل الأعداء كان ثوابا عاجلا على صبره منضما مع ما ادخر له في الآخرة من مزيد الزلفى و الكرامة و احتسب أي كان غرضه القربة إلى الله ليكون محسوبا من أعماله الصالحة حتى يقر الله عينه أي يسره في أعدائه بنصره عليهم مع ما يدخر له في الآخرة من الأجر الجميل و الثواب الجزيل
2- كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال الصبر رأس الإيمان
بيان قال المحقق الطوسي قدس سره الصبر حبس النفس عن الجزع عند المكروه و هو يمنع الباطن عن الاضطراب و اللسان عن الشكاية و الأعضاء عن الحركات غير المعتادة انتهى و قد مر و سيأتي أن الصبر يكون على البلاء و على فعل الطاعة و على ترك المعصية و على سوء أخلاق الخلق قال الراغب الصبر الإمساك في ضيق يقال صبرت الدابة حبستها بلا علف و صبرت فلانا حلفته حلفة لا خروج له منها و الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام و ربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبرا لا غير و يضاده الجزع و إن كان في محاربة سمي شجاعة و يضاده الجبن و إن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر و يضاده الضجر و إن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا و يضاده الإذاعة و قد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا و نبه عليه بقوله وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ وَ الصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ و سمي الصوم صبرا لكونه كالنوع له و قوله اصْبِرُوا وَ صابِرُوا أي احبسوا أنفسكم على العبادة و جاهدوا أهواءكم و قوله عز و جل وَ اصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ أي تحمل الصبر بجهدك و قوله أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا أي بما تحملوه من الصبر في الوصول إلى مرضاة الله. قوله رأس الإيمان هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس و وجه الشبه ما سيأتي في رواية علاء بن الفضيل و وجهه أن الإنسان ما دام في تلك النشأة هو مورد للمصائب و الآفات و محل للحوادث و النوائب و العاهات و مبتلى بتحمل الأذى من بني نوعه في المعاملات و مكلف بفعل الطاعات و ترك المنهيات و المشتهيات و كل ذلك ثقيل على النفس لا تشتهيها بطبعها فلا بد من أن تكون فيه قوة ثابتة و ملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس على هذه الأمور الشاقة و رعاية ما يوافق الشرع و العقل فيها و ترك الجزع و الانتقام و سائر ما ينافي الآداب المستحسنة المرضية عقلا و شرعا و هي المسماة بالصبر و من البين أن الإيمان الكامل بل نفس التصديق أيضا يبقى ببقائه و يفنى بفنائه فلذلك هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد
3- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها و إن تداكت عليه المصائب لم تكسره و إن أسر و قهر و استبدل باليسر عسرا كما كان يوسف الصديق الأمين لم يضرر حريته أن استعبد و قهر و أسر و لم يضرره ظلمة الجب و وحشته و ما ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إذ كان مالكا فأرسله و رحم به أمه و كذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا و وطنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا
إيضاح الحر ضد العبد و المراد هنا من نجا في الدنيا من رق الشهوات النفسانية و أعتق في الآخرة من أغلال العقوبات الربانية فهو كالأحرار عزيز غني في جميع الأحوال قال الراغب الحر خلاف العبد و الحرية ضربان الأول من لم يجر عليه حكم السبي نحو الْحُرُّ بِالْحُرِّ و الثاني من لم يتملكه قواه الذميمة من الحرص و الشره على القنيات الدنيوية و إلى العبودية التي تضاد ذلك أشار النبي ص بقوله تعسر عبد الدرهم تعسر عبد الدينار و قول الشاعر و رق ذوي الأطماع رق مخلد و قيل عبد الشهوة أذل من عبد الرق انتهى. و في القاموس الحر بالضم خلاف العبد و خيار كل شيء و الفرس العتيق و من الطين و الرمل الطيب. إن نابته نائبة صبر لها أي إن عرض له حادثة أو نازلة أو مصيبة صبر عليها أو حمل عليه مال يؤخذ منه أداه و لا يذل نفسه بالبخل فيه قال في النهاية في حديث خيبر قسمها نصفين نصفا لنوائبه و نصفا بين المسلمين النوائب جمع النائبة و هي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات و الحوادث و قد نابه ينوبه نوبا و منه الحديث احتاطوا لأهل الأموال في النائبة و الواطئة أي الأضياف الذين ينوبونهم. و إن تداكت عليه المصائب أي اجتمعت و ازدحمت قال في النهاية في حديث علي ع ثم تداككتم علي تداكك الإبل الهيم على حياضها أي ازدحمتم و أصل الدك بالكسر انتهى لم تكسره أي لم تعجزه عن الصبر و لم تحمله على الجزع و ترك الرضا بقضاء الله تعالى و إن أسر إن وصلية و استبدل باليسر عسرا عطف على أسر و في بعض النسخ و استبدل بالعسر يسرا فهو عطف على قوله لم تكسره فيكون غاية للصبر أن استعبد على بناء المجهول فاعل لم يضرر و المراد بحريته عزه و رفعته و صبره على تلك المصائب و رضاه بقضاء الله و اختياره طاعة الله و عدم تذلله للمخلوقين و ما ناله أي من ظلم الإخوان و سائر الأحزان أن من الله أي في أن من الله أو بدل اشتمال للضمير في لم يضرره أو بتقدير إلى فالظرف متعلق بلم يضرر في الموضعين على سبيل التنازع. و أقول يحتمل أن يكون ما ناله عطفا على الضمير في لم يضرره و أن من الله بيانا لما بتقدير من أو بدلا منه فيحتمل أن يكون فاعل نال يوسف و قيل اللام فيه مقدر أي لأن من الله فيكون تعليلا لقوله لم يضرر في الموضعين أو ما ناله مبتدأ و أن من الله خبره و الجملة معطوفة على لم يضرره أو يكون الواو بمعنى مع أي لم يضرره ذلك مع ما ناله و أن من بيان لما و العاتي من العتو بمعنى التجبر و التكبر و التجاوز عن الحد و الجبار بائعه في مصر أو العزيز فالمراد بصيرورته عبدا له أنه صار مطيعا له.
مع أنه قد روى الثعلبي و غيره أن ملك مصر كان ريان بن الوليد و العزيز الذي اشترى يوسف ع كان وزيره و كان اسمه قطفير فلما عبر يوسف رؤيا الملك عزل قطفير عما كان عليه و فوض إلى يوسف أمر مصر و ألبسه التاج و أجلسه على سرير الملك و أعطاه خاتمه و هلك قطفير في تلك الليالي فزوج الملك يوسف زليخا امرأة قطفير و كان اسمها راعيل فولدت له ابنين أفرائيم و ميشا فلما دخلت السنة الأولى من سني الجدب هلك فيها كل شيء أعدوه في السنين المخصبة فجعل أهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام. فباعهم أول سنة بالنقود حتى لم يبق بمصر دينار و لا درهم إلا قبضه و باعهم السنة الثانية بالحلي و الجواهر حتى لم يبق في أيدي الناس منها شيء و باعهم السنة الثالثة بالمواشي و الدواب حتى احتوى عليها أجمع و باعهم السنة الرابعة بالعبيد و الإماء حتى لم يبق عبد و لا أمة في يد أحد و باعهم السنة الخامسة بالضياع و العقار و الدور حتى احتوى عليها و باعهم السنة السادسة بأولادهم حتى استرقهم و باعهم السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر حر و لا حرة إلا صار عبدا له. ثم استأذن الملك و أعتقهم كلهم و رد أموالهم إليهم فظهر أن الله ملكه جميع أهل مصر و أموالهم عوضا عن مملوكيته صلوات الله عليه لهم فهذه ثمرة الصبر و الطاعة. و المراد بإرساله إرساله إلى الخلق بالنبوة و برحم الأمة به نجاتهم عن العقوبة الأبدية بإيمانهم به أو عن القحط و الجوع أو الأعم. و كذلك الصبر يعقب خيرا يعقب على بناء الإفعال قال الراغب أعقبه كذا أورثه ذلك قال تعالى فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ و فلان لم يعقب أي لم يترك ولدا انتهى أي كما أن صبر يوسف ع أعقب خيرا عظيما له كذلك صبر كل أحد يعقب خيرا له و من ثم قيل اصبر تظفر و قيل.
إني رأيت للأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثرو قل من جد في أمر يطالبه فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
-4 كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن ابن بكير عن حمزة بن حمران عن أبي جعفر ع قال الجنة محفوفة بالمكاره و الصبر فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة و جهنم محفوفة باللذات و الشهوات فمن أعطى نفسه لذتها و شهواتها دخل النار
بيان مضمونه متفق عليه بين الخاصة و العامة.
فقد روى مسلم عن أنس قال قال رسول الله ص حفت الجنة بالمكاره و حفت النار بالشهوات
و هذا من بديع الكلام و قال الراوندي في ضوء الشهاب يقال حف القوم حول زيد إذا أطافوا به و استداروا و حففته بشيء أي أدرته عليه يقال حففت الهودج بالثياب و يقال إنه مشتق من حفافي الشيء أي جانبيه يقول ص المكاره مطيفة محدقة بالجنة و هي الطاعات و الشهوات محدقة مستديرة بالنار و هي المعاصي و هذا مثل يعني أنك لا يمكنك نيل الجنة إلا باحتمال مشاق و مكاره و هي فعل الطاعات و الامتناع عن المقبحات و لا التفصي عن النار إلا بترك الشهوات و هي المعاصي التي تتعلق الشهوة بها فكأن الجنة محفوفة بمكاره تحتاج أن تقتطعها بتكلفها و النار محفوفة بملاذ و شهوات تحتاج أن تتركها.
و روي أن الله تعالى لما خلق الجنة قال لجبرئيل ع انظر إليها فلما نظر إليها قال يا رب لا يتركها أحد إلا دخلها فلما حفها بالمكاره قال انظر إليها فلما نظر إليها قال يا رب أخشى أن لا يدخلها أحد و لما خلق النار قال له انظر إليها فلما نظر إليها قال يا رب لا يدخلها أحد فلما حفها بالشهوات قال انظر إليها فلما نظر إليها قال يا رب أخشى أن يدخلها كل أحد
و فائدة الحديث إعلام أن الأعمال المفضية إلى الجنة مكروهة قرن الله بها الكراهة و بالعكس منها الأعمال الموصلة إلى النار قرن بها الشهوة ليجاهد الإنسان نفسه فيتحمل تلك و يجتنب هذه
5- كا، ]الكافي[ عن علي أبيه عن ابن محبوب عن عبد الله بن مرحوم عن أبي سيار عن أبي عبد الله ع قال إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه و الزكاة عن يساره و البر مطل عليه و يتنحى الصبر ناحية فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة و الزكاة و البر دونكم صاحبكم فإن عجزتم عنه فأنا دونه
توضيح البر يطلق على مطلق أعمال الخير و على مطلق الإحسان إلى الغير و على الإحسان إلى الوالدين أو إليهما و إلى ذوي الأرحام و المراد هنا أحد المعاني سوى المعنى الأول قال الراغب البر خلاف البحر و تصور منه التوسع فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير و ينسب ذلك إلى الله تارة نحو إنه هو البر الرحيم و إلى العبد تارة فيقال بر العبد ربه أي توسع في طاعته فمن الله تعالى الثواب و من العبد الطاعة و بر الوالدين التوسع في الإحسان إليهما و ضده العقوق. مطل بالطاء المهملة من قولهم أطل عليه أي أشرف و في بعض النسخ بالمعجمة و هو قريب المعنى من الأول لكن التعدية بعلى بالأول أنسب دونكم اسم فعل بمعنى خذوا و يدل ظاهرا على تجسم الأعمال و الأخلاق في الآخرة و من أنكره يأوله و أمثاله بأن الله تعالى يخلق صورا مناسبة للأعمال يريه إياها لتفريحه أو تحزينه أو الكلام مبني على الاستعارة التمثيلية و تنحي الصبر و تمكثه في إعانته يناسب ذاته فتفطن
6- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله ع قال دخل أمير المؤمنين ع المسجد فإذا هو برجل على باب المسجد كئيب حزين فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما لك قال يا أمير المؤمنين أصبت بأبي و أخي و أخشى أن أكون قد وجلت فقال له أمير المؤمنين عليك بتقوى الله و الصبر تقدم عليه غدا و الصبر في الأمور بمنزلة الرأس من الجسد فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد و إذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور
بيان أصبت على بناء المجهول بأبي و أخي أي ماتا و أخشى أن أكون قد وجلت الوجل استشعار الخوف و كأن المعنى أخشى أن يكون حزني بلغ حدا مذموما شرعا فعبر عنه بالوجل أو أخشى أن تنشق مرارتي من شدة الألم أو أخشى الوجل الذي يوجب الجنون عليك اسم فعل بمعنى ألزم و الباء للتقوية بتقوى الله أي في الشكاية و الجزع و غيرهما مما يوجب نقص الإيمان و كأنه إشارة إلى قوله تعالى وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. تقدم على بناء المعلوم من باب علم بالجزم جزاء للأمر في عليك أو بالرفع استئنافا بيانيا و ضمير عليه راجع إلى الصبر بتقدير مضاف أي جزائه أو إلى الله أي ثوابه و قيل إلى كل من الأب و الأخ أو إلى الأخ فإن فوته جزء أخير للعلة أو إلى الأب لأنه الأصل و الكل بعيد غدا أي في القيامة أو عند الموت أو سريعا
7- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن ع قال قال لي ما حبسك عن الحج قال قلت جعلت فداك وقع علي دين كثير و ذهب مالي و ديني الذي قد لزمني هو أعظم من ذهاب مالي فلو لا أن رجلا من أصحابنا أخرجني ما قدرت أن أخرج فقال لي إن تصبر تغتبط و إن لا تصبر ينفذ الله مقاديره راضيا كنت أم كارها
بيان الاغتباط مطاوع غبطه تقول غبطته أغبطه غبطا و غبطة فاغتبط هو كمنعته فامتنع و الغبطة أن تتمنى حال المغبوط لكونها في غاية الحسن من غير أن تريد زوالها عنه و هذا هو الفرق بينها و بين الحسد و في القاموس الغبطة بالكسر حسن الحال و المسرة و قد اغتبط و قال الاغتباط التبجح بالحال الحسنة انتهى. و الاغتباط إما في الآخرة بجزيل الأجر و حسن الجزاء أو في الدنيا أيضا بتبديل الضراء بالسراء فإن الصبر مفتاح الفرج.
و قد قال أمير المؤمنين ع أضيق ما يكون الحرج أقرب ما يكون الفرج مع أن الكاره تزداد مصيبته فإن فوات الأجر مصيبة أخرى و الكراهة الموجبة لحزن القلب مصيبة عظيمة و من ثم قيل المصيبة للصابر واحدة و للجازع اثنتان بل له أربع مصيبات الثلاثة المذكورة و شماتة الأعداء و من ثم قيل الصبر عند المصيبة مصيبة على الشامت
8- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن جميل و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عليك و الذكر ذكران ذكر الله عز و جل عند المصيبة و أفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك فيكون حاجزا
توضيح صبر خبر مبتدإ محذوف أي أحدهما صبر و حسن أيضا خبر مبتدإ محذوف أي هو حسن و يحتمل أن يكون صبر مبتدأ و حسن خبره فتكون الجملة استئنافا بيانيا و قوله ذكر الله خبر مبتدإ محذوف ليس إلا فيكون أي الذكر و الفاء بيانية حاجزا أي مانعا عن فعل الحرام
9- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر عن العرزمي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل و التجبر و لا الغنى إلا بالغصب و البخل و لا المحبة إلا باستخراج الدين و اتباع الهوى فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر و هو يقدر على الغنى و الصبر على البغضة و هو يقدر على المحبة و صبر على الذل و هو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي
تبيين لا ينال الملك فيه أي السلطنة إلا بالقتل لعدم إطاعتهم إمام الحق فيتسلط عليهم الملوك الجورة فيقتلونهم و يتجبرون عليهم و ذلك من فساد الزمان و إلا لم يتسلط عليهم هؤلاء و لا الغنى إلا بالغصب و البخل و ذلك من فساد الزمان و أهله لأنهم لسوء عقائدهم يظنون أن الغنى إنما يحصل بغصب أموال الناس و البخل في حقوق الله و الخلق مع أنه لا يتوقف على ذلك بل الأمانة و أداء الحقوق أدعى إلى الغنى لأنه بيد الله أو لأنه لفسق أهل الزمان منع الله عنهم البركات فلا يحصل الغنى إلا بهما. و لا المحبة أي جلب محبة الناس إلا باستخراج الدين أي طلب خروج الدين من القلب أو بطلب خروجهم من الدين و اتباع الهوى أي الأهواء النفسانية أو أهوائهم الباطلة و ذلك لأن أهل تلك الأزمنة لفسادهم لا يحبون أهل الدين و العبادة فمن طلب مودتهم لا بد من خروجه من الدين و متابعتهم في الفسوق و صبر على البغضة أي بغضة الناس له لعدم اتباعه أهواءهم و صبر على الذل كأنه ناظر إلى نيل الملك فالنشر ليس على ترتيب اللف فالمراد بالعز هنا الملك و الاستيلاء أو المراد بالملك هناك مطلق العز و الرفعة و يحتمل أن تكون الفقرتان الأخيرتان ناظرتين إلى الفقرة الأخيرة و لم يتعرض للأولى لكون الملك عزيز المنال لا يتيسر لكل أحد و الأول أظهر.
و في جامع الأخبار الرواية هكذا و قال أمير المؤمنين ع إنه سيكون زمان لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل و الجور و لا يستقيم لهم الغنى إلا بالبخل و لا يستقيم لهم الصحبة في الناس إلا باتباع أهوائهم و الاستخراج من الدين فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر و هو يقدر على الغنى و صبر على الذل و هو يقدر على العز و صبر على بغضة الناس و هو يقدر على المحبة أعطاه الله ثواب خمسين صديقا
10- كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن أبي عبد الله عن إسماعيل بن مهران عن درست بن أبي منصور عن عيسى بن بشير عن أبي حمزة قال قال أبو جعفر ع لما حضرت أبي علي بن الحسين ع الوفاة ضمني إلى صدره و قال يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة و بما ذكر أن أباه أوصاه يا بني اصبر على الحق و إن كان مرا
بيان اصبر على الحق أي على فعل الحق من ارتكاب الطاعات و ترك المنهيات و إن كان مرا ثقيلا على الطبع لكونه مخالفا للمشتهيات النفسانية غالبا أو على قول الحق و إن كان مرا على الناس فالصبر على ما يترتب على هذا القول من بغض الناس و أذيتهم أو على سماع الحق الذي ألقي إليك و إن كان مرا عليك مكروها لك كمن واجهك بعيب من عيوبك فتصدقه و تقبله أو أطلعك على خطاء في الاجتهاد أو الرأي فتقبله و يمكن التعميم ليشتمل الجميع
11- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه رفعه عن أبي جعفر ع قال الصبر صبران صبر على البلاء حسن جميل و أفضل الصبرين الورع عن المحارم
12- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى قال أخبرني يحيى بن سليم الطائفي قال أخبرني عمرو بن شمر اليماني يرفع الحديث إلى علي ع قال قال رسول الله ص الصبر ثلاثة صبر على المصيبة و صبر على الطاعة و صبر على المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض و من صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش و من صبر على المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش
بيان حتى يردها أي المصيبة و شدتها بحسن عزائها أي بحسن الصبر اللائق لتلك المصيبة ثلاثمائة درجة أي من درجات الجنة أو درجات الكمال فالتشبيه من تشبيه المعقول بالمحسوس و في الصحاح التخم منتهى كل قرية أو أرض و الجمع تخوم كفلس و فلوس انتهى و يدل على أن ارتفاع الجنة أكثر من تخوم الأرض إلى العرش و لا ينافي ذلك كون عرضها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ مع أنه قد قيل في الآية وجوه مع بعضها رفع التنافي أظهر
-13 كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن علي بن الحكم عن يونس بن يعقوب قال أمرني أبو عبد الله ع أن آتي المفضل و أعزيه بإسماعيل و قال أقرئ المفضل السلام و قل له إنا قد أصبنا بإسماعيل فصبرنا فاصبر كما صبرنا إنا أردنا أمرا و أراد الله أمرا فسلمنا لأمر الله عز و جل
توضيح الظاهر أنه المفضل بن عمر و يدل على مدح عظيم له و أنه كان من خواص أصحابه و أحبائه و إسماعيل ولده الأكبر الذي كان يظن الناس أنه الإمام بعده ع فلما مات في حياته علم أنه لم يكن إماما و هذا هو المراد بقوله ع أردنا أمرا أي إمامته بظاهر الحال أو بشهوة الطبع أو المراد إرادة الشيعة كالمفضل و أضرابه و أدخل ع نفسه تغليبا و مماشاة و يدل على لزوم الرضا بقضاء الله و التسليم له و قيل المعنى أردنا طول عمر إسماعيل و أراد الله موته و أغرب من ذلك أنه قال عزي المفضل بابن له مات في ذلك الوقت بذكر فوت إسماعيل
14- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة عن أبي حمزة الثمالي قال قال أبو عبد الله ع من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد
بيان قوله ع مثل أجر ألف شهيد فإن قيل كيف يستقيم هذا مع أن الشهيد أيضا من الصابرين حيث صبر حتى استشهد قلت يحتمل أن يكون المراد بهم شهداء سائر الأمم أو المعنى مثل ما يستحق ألف شهيد و إن كان ثوابهم التفضلي أضعاف ذلك و قيل المراد بهم الشهداء الذين لم تكن لهم نية خالصة فلم يستحقوا ثوابا عظيما و الأوسط كأنه أظهر
15- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار و عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص قال الله عز و جل إني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا فمن أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف و ما شئت من ذلك و من لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني قال ثم تلا أبو عبد الله ع قول الله تعالى الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ فهذه واحدة من ثلاث خصال وَ رَحْمَةٌ اثنتان وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ثلاث ثم قال أبو عبد الله ع هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا
بيان بين عبادي قرضا القرض القطع و ما سلفت من إساءة أو إحسان و ما تعطيه لتقضاه و المعنى أعطيتهم مقسوما بينهم ليقرضوني فأعوضهم أضعافها لا ليمسكوا عليها و قيل أي جعلتها قطعة قطعة و أعطيت كلا منهم نصيبا فمن أقرضني منها قرضا أي نوعا من القرض كصلة الإمام و الصدقة و الهدية إلى الإخوان و نحوها و ما شئت من ذلك أي من عدد العطية و الزيادة زائدا على السبعمائة كما قال تعالى وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ و قيل إشارة إلى كيفية الثواب المذكور و التفاوت باعتبار تفاوت مراتب الإخلاص و طيب المال و استحقاق الأخذ و صلاحه و قرابته و أشباه ذلك و القسر القهر لرضوا بها مني أي رضا كاملا الَّذِينَ صدر الآية وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ. قال الطبرسي قدس الله روحه أي نالتهم نكبة في النفس و المال فوطنوا أنفسهم على ذلك احتسابا للأجر و المصيبة المشقة الداخلة على النفس لما يلحقها من المضرة و هو من الإصابة كأنها يصيبها بالنكبة قالُوا إِنَّا لِلَّهِ إقرارا بالعبودية أي نحن عبيد الله و ملكه وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هذا إقرار بالبعث و النشور أي نحن إلى حكمه نصير
و لهذا قال أمير المؤمنين ع إن قولنا إِنَّا لِلَّهِ إقرار على أنفسنا بالملك و قولنا وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إقرار على أنفسنا بالهلك
و إنما كانت هذه اللفظة تعزية عن المصيبة لما فيها من الدلالة على أن الله تعالى يجبرها إن كانت عدلا و ينصف من فاعلها إن كانت ظلما و تقديره إِنَّا لِلَّهِ تسليما لأمره و رضا بتدبيره وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثقة بأنا نصير إلى عدله و انفراده بالحكم في أموره صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ثناء جميل من ربهم و تزكية و هو بمعنى الدعاء لأن الثناء يستحق دائما ففيه معنى اللزوم كما أن الدعاء يدعى به مرة بعد مرة ففيه معنى اللزوم و قيل بركات من ربهم عن ابن عباس و قيل مغفرة من ربهم وَ رَحْمَةٌ أي نعمة أي عاجلا و آجلا فالرحمة النعمة على المحتاج و كل أحد يحتاج إلى نعمة الله في دنياه و عقباه وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ أي المصيبون طريق الحق في الاسترجاع و قيل إلى الجنة و الثواب انتهى قوله هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا أي فكيف من أنفق بطيب نفسه
16- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال إنا صبر و شيعتنا أصبر منا قلت جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم قال لأنا نصبر على ما نعلم و شيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون
تبيين الصبر بضم الصاد و تشديد الباء المفتوحة جمع الصابر أصبر منا أي الصبر عليهم أشق و أشد لأنا نصبر على ما نعلم أقول يحتمل وجوها. الأول و هو الأظهر أن المعنى أنا نصبر على ما نعلم نزوله قبل وقوعه و هذا مما يهين المصيبة و يسهلها و شيعتنا تنزل عليهم المصائب فجاءة مع عدم علمهم بها قبل وقوعها فهي عليهم أشد و يؤيده ما مر في مجلد الإمامة أن قوله تعالى ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ نزل فيهم ع فتدبر. الثاني أن المعنى أنا نصبر على ما نعلم كنه ثوابه و الحكمة في وقوعه و رفعة الدرجات بسببه و شيعتنا ليس علمهم بجميع ذلك كعلمنا و هذه كلها مما يسكن النفس عند المصيبة و يعزيها. الثالث أنا نصبر على ما نعلم عواقبه و كيفية زواله و تبدل الأحوال بعده كعلم يوسف ع في الجب بعاقبة أمره و احتياج الإخوة إليه و كذا علم الأئمة ع برجوع الدولة إليهم و الانتقام من أعدائهم و ابتلاء أعدائهم بأنواع العقوبات في الدنيا و الآخرة و هذا قريب من الوجه الثاني
17- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد الله ع قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان
كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن حماد عن ربعي عن الفضيل عنه ع مثله
كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي محمد عبد الله السراج رفعه إلى علي بن الحسين ع قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد و لا إيمان لمن لا صبر له
18- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة
بيان الوبال الشدة و الثقل و العذاب أي صارت النعمة مع عدم الشكر نكالا و عذابا عليهم في الدنيا و الآخرة و صار البلاء على الصابر نعمة في الدنيا و الآخرة
19- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبان بن أبي مسافر عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا قال اصبروا على المصائب
و في رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال صابروا على المصائب
20- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن محمد بن عيسى عن علي بن محمد بن أبي جميلة عن جده أبي جميلة عن بعض أصحابه قال لو لا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا
بيان التفطر التشقق من الفطر و هو الشق و الصفا جمع الصفاة و هي الحجر الصلد الضخم لا تنبت و فيه إيماء إلى أن الصبر من لوازم الإيمان و من لم يصبر عند البلاء لا يستحق اسمه كما مر أنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد و يشعر بكثرة ورود البلايا على المؤمن
21- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه و القاساني عن الأصبهاني عن سليمان بن داود عن يحيى بن آدم عن شريك عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع قال مروة الصبر في حال الحاجة و الفاقة و التعفف و الغناء أكثر من مروة الإعطاء
بيان المروة هي الصفات التي بها تكمل إنسانية الإنسان و الفاقة الفقر و الحاجة و التعفف ترك السؤال عن الناس و هو عطف على الصبر و الغنى بالغين المعجمة أيضا الاستغناء عن الناس و إظهار الغنى لهم و في بعض النسخ بالمهملة بمعنى التعب فعطفه على الحاجة حينئذ أنسب و تخلل العطف في البين مما يبعده فالأظهر على تقديره عطفه على الصبر أيضا
22- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر قال قلت لأبي جعفر ع يرحمك الله ما الصبر الجميل قال ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس
بيان إلى الناس ظاهره عموم الناس و ربما يخص بغير المؤمن.
لقول أمير المؤمنين ع من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى الله و من شكاها إلى كافر فكأنما شكا الله
23- كا، ]الكافي[ عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن بعض أصحابه عن أبان عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي النعمان عن أبي عبد الله ع أو أبي جعفر ع قال من لا يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز
بيان من لا يعد أي لم يجعل الصبر ملكة راسخة في نفسه يدفع صولة نزول النوائب و المصائب به يعجز طبعه و نفسه عن مقاومتها و تحملها فيهلك بالهلاك الصوري و المعنوي أيضا بالجزع و تفويت الأجر و ربما انتهى به إلى الفسق بل الكفر. أقول قد مضى الأخبار في باب جوامع المكارم و باب صفات خيار العباد و في باب الشكر و سيأتي في أبواب المواعظ
24- لي، ]الأمالي للصدوق[ قال النبي ص من يعرف البلاء يصبر عليه و من لا يعرفه ينكره
25- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله ع قال اصبروا على المصائب و قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصابرون فيقوم فئام من الناس ثم ينادي أين المتصبرون فيقوم فئام من الناس قلت جعلت فداك و ما الصابرون و ما المتصبرون قال الصابرون على أداء الفرائض و المتصبرون على اجتناب المحارم
26- فس، ]تفسير القمي[ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ قال نزلت في الأئمة ع و شيعتهم الذين صبروا
و حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله ع قال نحن صبر و شيعتنا أصبر منا لأنا صبرنا بعلم و صبروا بما لا يعلمون
27- فس، ]تفسير القمي[ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا قال الأئمة ع
و قال الصادق ع نحن صبر و شيعتنا أصبر منا و ذلك أنا صبرنا على ما نعلم و صبروا هم على ما لا يعلمون
28- ب، ]قرب الإسناد[ ابن سعد عن الأزدي عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول ألا إن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كل يوم كقطر المطر إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان في أهل أو مال أو نفس فإذا أصاب أحدكم مصيبة في أهل أو مال أو نفس أو رأى عند آخر غفيرة فلا تكون له فتنة فإن المرء المسلم ما لم يغش دناءة تظهر تخشعا لها إذ ذكرت و يغرى بها لئام الناس كان كالياسر الفالج الذي ينتظر أول فوزة من قداحه توجب له المغنم و تدفع عنه المغرم فذلك المرء المسلم البريء من الخيانة و الكذب ينتظر إحدى الحسنيين إما داعي الله فما عند الله خير له و إما رزق الله فإذا هو ذو أهل و مال و معه دينه و حسبه المال و البنون حرث الدنيا و العمل الصالح حرث الآخرة و قد يجمعهما الله عز و جل لأقوام
29- ب، ]قرب الإسناد[ ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي ع قال لا يذوق المرء من حقيقة الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الفقه في الدين و الصبر على المصائب و حسن التقدير في المعاش
أقول قد مضى بسند آخر في باب صفات المؤمن
30- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن البرقي عن عبد الرحمن بن حماد عن عمر بن مصعب عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال العبد بين ثلاثة بلاء و قضاء و نعمة فعليه في البلاء من الله الصبر فريضة و عليه في القضاء من الله التسليم فريضة و عليه في النعمة من الله عز و جل الشكر فريضة
سن، ]المحاسن[ عبد الرحمن بن حماد مثله
31- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن البرقي عن المعلى عن محمد بن جمهور عن جعفر بن بشير عن أبي بحر عن شريح الهمداني عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث بن الأعور قال قال أمير المؤمنين ع ثلاث بهن يكمل المسلم التفقه في الدين و التقدير في المعيشة و الصبر على النوائب
32- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن البرقي عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قال رسول الله ص قال الله جل جلاله إني أعطيت الدنيا بين عبادي فيضا فمن أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة منهن عشرا إلى سبعمائة ضعف و ما شئت و من لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه قسرا أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا مني الصلاة و الهداية و الرحمة إن الله عز و جل يقول الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ واحدة من الثلاث وَ رَحْمَةٌ اثنتين وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ثلاثة ثم قال أبو عبد الله ع هذا لمن أخذ منه شيئا قسرا
33- ل، ]الخصال[ أبي عن علي عن أبيه عن حماد بن عيسى عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع في وصيته لابنه محمد بن الحنفية إياك و العجب و سوء الخلق و قلة الصبر فإنه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاثة صاحب و لا يزال لك عليها من الناس مجانب الخبر
34- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال علي بن الحسين ع أخذوا الناس ثلاثة من ثلاثة أخذوا الصبر عن أيوب ع و الشكر عن نوح ع و الحسد عن بني يعقوب ع
35- ع، ]علل الشرائع[ أحمد بن محمد بن عيسى العلوي عن محمد بن إبراهيم بن أسباط عن أحمد بن محمد بن زياد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن عيسى بن جعفر العلوي عن آبائه عن عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ع أن النبي ص قال علامة الصابر في ثلاث أولها أن لا يكسل و الثانية أن لا يضجر و الثالثة أن لا يشكو من ربه عز و جل لأنه إذا كسل فقد ضيع الحق و إذا ضجر لم يؤد الشكر و إذا شكا من ربه عز و جل فقد عصاه
36- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن صباح الحذاء عن الثمالي عن أبي جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إذا كان يوم القيامة جمع الله عز و جل الخلائق في صعيد واحد و نادى مناد من عند الله يسمع آخرهم كما يسمع أولهم يقول أين أهل الصبر قال فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم ما كان صبركم هذا الذي صبرتم فيقولون صبرنا أنفسنا على طاعة الله و صبرناها عن معصيته قال فينادي مناد من عند الله صدق عبادي خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب الخبر
37- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الفحام عن المنصوري عن عم أبيه عن أبي الحسن الثالث عن آبائه ع قال قال الصادق ع في قول الله عز و جل في قول يعقوب فَصَبْرٌ جَمِيلٌ قال بلا شكوى
38- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه رفعه قال سأل النبي ص جبرئيل ع ما تفسير الصبر قال تصبر في الضراء كما تصبر في السراء و في الفاقة كما تصبر في الغنى و في البلاء كما تصبر في العافية فلا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه من البلاء
39- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص قال قال أبو عبد الله ع يا حفص إن من صبر صبر قليلا و إن من جزع جزع قليلا ثم قال عليك بالصبر في جميع أمورك فإن الله بعث محمدا ص و أمره بالصبر و الرفق فقال وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا و قال ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيئة فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ فصبر رسول الله حتى قابلوه بالعظام و رموه بها فضاق صدره فأنزل الله تعالى وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ثم كذبوه و رموه فحزن لذلك فأنزل الله قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فألزم نفسه الصبر ص فتعدوا و ذكروا الله تبارك و تعالى و كذبوه فقال رسول الله ص لقد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي و لا صبر لي على ذكرهم إلهي فأنزل الله وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فصبر ص في جميع أحواله ثم بشر في الأئمة ع من عترته و وصفوا بالصبر فقال وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ فعند ذلك قال ص الصبر من الإيمان كالرأس من البدن فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ فقال ص آية بشرى و انتقام فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي رسول الله ص و أحبائه و عجل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة
40- ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الله بن مرحوم عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه و الزكاة عن يساره و البر مطل عليه و يتنحى الصبر ناحية قال فإذا دخل الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة و الزكاة و البر دونكم صاحبكم فإن عجزتم عنه فأنا دونه
41- سن، ]المحاسن[ أبي عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع ثلاث من أبواب البر سخاء النفس و طيب الكلام و الصبر على الأذى
42- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه أن خلادة بنت أوس بشرها بالجنة و أعلمها أنها قرينتك في الجنة فانطلق إليها فقرع الباب عليها فخرجت و قالت هل نزل في شيء قال نعم قالت ما هو قال إن الله تعالى أوحى إلي و أخبرني أنك قريني في الجنة و أن أبشرك بالجنة قالت أ و يكون اسم وافق اسمي قال إنك لأنت هي قالت يا نبي الله ما أكذبك و لا و الله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به قال داود ع أخبريني عن ضميرك و سريرتك ما هو قالت أما هذا فسأخبرك به أخبرك أنه لم يصبني وجع قط نزل بي كائنا ما كان و لا نزل ضر بي و حاجة و جوع كائنا ما كان إلا صبرت عليه و لم أسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية و السعة و لم أطلب بها بدلا و شكرت الله عليها و حمدته فقال داود صلوات الله عليه فبهذا بلغت ما بلغت ثم قال أبو عبد الله ع و هذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين
43- ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ أروي أن الصبر على البلاء حسن جميل و أفضل منه الصبر عن المحارم
و روي إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصابرون فيقوم عنق من الناس فيقال لهم اذهبوا إلى الجنة بغير حساب قال فتلقاهم الملائكة فيقولون لهم أي شيء كانت أعمالكم فيقولون كنا نصبر على طاعة الله و نصبر عن معصية الله فيقولون نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ
و نروي أن في وصايا الأنبياء صلوات الله عليهم اصبروا على الحق و إن كان مرا
و أروي أن اليقين فوق الإيمان بدرجة واحدة و الصبر فوق اليقين
و نروي أنه من صبر للحق عوضه الله خيرا مما صبر عليه
و نروي أن الله تبارك و تعالى أوحى إلى رسول الله ص أني آخذك بمداراة الناس كما آخذك بالفرائض
و نروي أن المؤمن أخذ من الله جل و عز الكتمان و عن نبيه ع مداراة الناس و عن العالم ع الصبر في البأساء و الضراء
و روي في قول الله عز و جل اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قال اصْبِرُوا على طاعة الله و امتحانه وَ صابِرُوا قال الزموا طاعة الرسول و من يقوم مقامه وَ رابِطُوا قال لا تفارقوا ذلك يعني الأمرين و لعل في كتاب الله موجبة و معناها أنكم تفلحون
و أروي عن العالم ع الصبر على العافية أعظم من الصبر على البلاء يريد بذلك أن يصبر على محارم الله مع بسط الله عليه في الرزق و تحويله النعم و أن يعمل بما أمره به فيها
و نروي لا يصلح المؤمن إلا بثلاث خصال الفقه في الدين و التقدير في المعيشة و الصبر على النائبة
44- مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور و الصفاء و الجزع يظهر ما في بواطنهم من الظلمة و الوحشة و الصبر يدعيه كل أحد و لا يثبت عنده إلا المخبتون و الجزع ينكره كل أحد و هو أبين على المنافقين لأن نزول المحنة و المصيبة يخبر عن الصادق و الكاذب و تفسير الصبر ماء يستمر مذاقه و ما كان عن اضطراب لا يسمى صبرا و تفسير الجزع اضطراب القلب و تحزن الشخص و تغير السكون و تغير الحال و كل نازلة خلت أوائلها من الإخبات و الإنابة و التضرع إلى الله تعالى فصاحبها جزوع غير صابر و الصبر ماء أوله مر و آخره حلو من دخله من أواخره فقد دخل و من دخله من أوائله فقد خرج و من عرف قدر الصبر لا يصبر عما منه الصبر قال الله عز و جل في قصة موسى و خضر وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فمن صبر كرها و لم يشك إلى الخلق و لم يجزع بهتك ستره فهو من العام و نصيبه ما قال الله عز و جل وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ أي بالجنة و المغفرة و من استقبل البلاء بالرحب و صبر على سكينة و وقار فهو من الخاص و نصيبه ما قال الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
45- جا، ]المجالس للمفيد[ محمد بن محمد بن طاهر عن ابن عقدة عن أحمد بن يوسف عن الحسين بن محمد عن أبيه عن آدم بن عيينة بن أبي عمران الهلالي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا طويلا و كم من لذة ساعة قد أورثت حزنا طويلا
46- جع، ]جامع الأخبار[ علي بن موسى الرضا ع بإسناده عن علي بن الحسين قال خمسة لو رحلتم فيهن لأصبتموهن لا يخاف عبد إلا ذنبه و لا يرجو إلا ربه و لا يستحي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم و الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد و لا إيمان لمن لا صبر له
قال علي ع عن النبي ص قال الصبر ثلاثة صبر على المصيبة و صبر على الطاعة و صبر عن المعصية فمن صبر على المصيبة أعطاه الله تعالى ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة ما بين السماء و الأرض و من صبر على الطاعة كان له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة ما بين الثرى إلى العرش و من صبر عن المعصية أعطاه الله سبعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة ما بين منتهى العرش إلى الثرى مرتين
و قال أمير المؤمنين ع أيها الناس عليكم بالصبر فإنه لا دين لمن لا صبر له
و قال ع إنك إن صبرت جرت عليك المقادير و أنت مأجور و إنك إن جزعت جرت عليك المقادير و أنت مأزور
عن أبي عبد الله ع قال الصبر رأس الإيمان
عنه قال ع الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان
قال رسول الله ص حاكيا عن الله تعالى إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله و ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا سئل محمد بن علي ع عن الصبر الجميل فقال شيء لا شكوى فيه ثم قال و ما في الشكوى من الفرج فإنما هو يحزن صديقك و يفرح عدوك
و قال أمير المؤمنين ع إن الصبر و حسن الخلق و البر و الحلم من أخلاق الأنبياء
و قال أمير المؤمنين ع إنه سيكون زمان لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل و الجور و لا يستقيم لهم الغنى إلا بالبخل و لا يستقيم لهم الصحبة في الناس إلا باتباع أهوائهم و الاستخراج من الدين فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر و هو يقدر على الغنى و صبر على الذل و هو يقدر على العز و صبر على بغضة الناس و هو يقدر على المحبة أعطاه الله ثواب خمسين صديقا
قال النبي ص من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد
و قال ع الجزع عند البلاء تمام المحنة
و قال ع كل نعيم دون الجنة حقير و كل بلاء دون النار يسير
47- أقول روى السيد بن طاوس في كتاب سعد السعود من تفسير أبي العباس بن عقدة عن عثمان بن عيسى عن الفضل عن جابر قال قلت لأبي عبد الله ع ما الصبر الجميل قال ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان إلى عابد من العباد في حاجة فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه و قال مرحبا بك يا خليل الرحمن فقال يعقوب لست بإبراهيم و لكني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقال له الراهب فما بلغ بك ما أرى من الكبر قال الهم و الحزن و السقم فما جاوز صغير الباب حتى أوحى الله إليه يا يعقوب شكوتني إلى العباد فخر ساجدا على عتبة الباب يقول رب لا أعود فأوحى الله إليه أني قد غفرتها لك فلا تعودن لمثلها فما شكا مما أصاب من نوائب الدنيا إلا أنه قال إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ
محص، ]التمحيص[ عن جابر مثله
48- ختص، ]الإختصاص[ قال أمير المؤمنين ع الصبر صبران فالصبر عند المصيبة حسن جميل و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عليك و الذكر ذكران ذكر الله عز و جل عند المصيبة و أكبر من ذلك ذكر الله عند ما حرم الله فيكون ذلك حاجزا
-49 محص، ]التمحيص[ عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران ما خلقت خلقا هو أحب إلي من عبدي المؤمن إني إنما أبتليه لما هو خير له و أزوي عنه لما هو خير له و أعطيه لما هو خير له و أنا أعلم بما يصلح عليه حال عبدي المؤمن فليرض بقضائي و ليشكر نعمائي و ليصبر على بلائي أكتبه في الصديقين إذا عمل برضاي و أطاع لأمري
50- محص، ]التمحيص[ عن أبي عبد الله ع قال إن العبد ليكون له عند الله الدرجة لا يبلغها بعمله فيبتليه الله في جسده أو يصاب بماله أو يصاب في ولده فإن هو صبر بلغه الله إياها
51- محص، ]التمحيص[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال ما من مؤمن إلا و هو مبتلى ببلاء منتظر به ما هو أشد منه فإن صبر على البلية التي هو فيها عافاه الله من البلاء الذي ينتظر به و إن لم يصبر و جزع نزل به من البلاء المنتظر أبدا حتى يحسن صبره و عزاؤه
52- محص، ]التمحيص[ عن الثمالي عن أبي عبد الله ع قال من ابتلي من شيعتنا فصبر عليه كان له أجر ألف شهيد
53- محص، ]التمحيص[ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال يا إسحاق لا تعدن مصيبة أعطيت عليها الصبر و استوجبت عليها من الله ثوابا بمصيبة إنما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها و ثوابها إذا لم يصبر عند نزولها
54- محص، ]التمحيص[ روى أحمد بن محمد البرقي في كتابه الكبير عن أبي عبد الله ع قال قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا و لكل نعمة شكرا و لكل عسر يسرا أصبر نفسك عند كل بلية و رزية في ولد أو في مال فإن الله إنما يقبض عاريته و هبته ليبلو شكرك و صبرك
55- محص، ]التمحيص[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن الله أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة
و عنه ع أنه قال لم يستزد في محبوب بمثل الشكر و لم يستنقص من مكروه بمثل الصبر
56- محص، ]التمحيص[ عن ربعي عن أبي عبد الله ع قال إن الصبر و البلاء يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء و هو صبور و إن الجزع و البلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء و هو جزوع
57- محص، ]التمحيص[ قال أمير المؤمنين ع إن للنكبات غايات لا بد أن ينتهي إليها فإذا حكم على أحدكم بها فليتطأطأ لها و يصبر حتى يجوز فإن إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها
و كان يقول الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فمن لا صبر له لا إيمان له
و كان يقول الصبر ثلاثة الصبر على المصيبة و الصبر على الطاعة و الصبر عن المعصية
و قال أبو عبد الله ع الصبر صبران الصبر على البلاء حسن جميل و أفضل منه الصبر على المحارم
58- محص، ]التمحيص[ عن ابن عميرة قال قال أبو عبد الله ع اتقوا الله و اصبروا فإنه من لم يصبر أهلكه الجزع و إنما هلاكه في الجزع أنه إذا جزع لم يؤجر
59- محص، ]التمحيص[ جابر بن عبد الله أن أمير المؤمنين ع قال من كنوز الجنة البر و إخفاء العمل و الصبر على الرزايا و كتمان المصائب
60- دعوات الراوندي، قال أمير المؤمنين ع صبرك على محارم الله أيسر من صبرك على عذاب القبر من صبر على الله وصل إليه
نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع الصبر صبران صبر على ما تكره و صبر مما تحب
و قال ع لا يعدم الصبور الظفر و إن طال به الزمان
و قال ع من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع
و قال ع عند تناهي الشدة تكون الفرجة و عند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء
61- كنز الكراجكي، قال رسول الله ص بالصبر يتوقع الفرج و من يدمن قرع الباب يلج
و قال أمير المؤمنين ع الصبر مطية لا تكبو و القناعة سيف لا ينبو
و قال ع أفضل العبادة الصبر و الصمت و انتظار الفرج
و قال ع الصبر جنة من الفاقة
و قال ع من ركب مركب الصبر اهتدى إلى ميدان النصر
62- مشكاة الأنوار، قال الصادق ع إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها و إن تداكت عليه المصائب لم تكسره و إن أسر و قهر و استبدل بالعسر يسرا كما كان يوسف الصديق الأمين ع لم يضره حزنه أن استعبد و قهر و أسر و لم تضرره ظلمة الجب و وحشته و ما ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد أن كان مالكا له فأرسله فرحم به أمة و كذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا تظفروا و واظبوا على الصبر تؤجروا
أقول و رواه الكليني في الكافي أيضا بأدنى تغيير
63- و منه، عن الباقر ع قال من صبر و استرجع و حمد الله عند المصيبة فقد رضي بما صنع الله و وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ و من لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء و هو ذميم و أحبط الله أجره
و عن أبي عبد الله ع قال المؤمن يطبع على الصبر على النوائب
64- و منه، عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله عز و جل إلى داود ع أن قرينك في الجنة خلادة بنت أوس فأتها و أخبرها و بشرها بالجنة و أعلمها أنها قرينك في الآخرة فانطلق داود ع إليها فقرع الباب عليها فخرجت إليه فقال أنت خلادة بنت أوس قالت يا نبي الله لست بصاحبتك التي تطلب قال لها داود أ لست خلادة بنت أوس من سبط كذا و كذا قالت بلى قال فأنت هي إذا فقالت يا نبي الله لعل اسما وافق اسما فقال لها داود ما كذبت و لا كذبت و إنك لأنت هي فقالت يا نبي الله ما أكذبك و لا و الله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به قال لها داود خبريني عن سريرتك ما هي قالت أما هذا فسأخبرك به أنه لم يصبني وجع قط نزل بي من الله تبارك و تعالى كائنا ما كان و لا نزل بي مرض أو جوع إلا صبرت عليه و لم أسأل الله كشفه حتى هو يكون الذي يحوله عني إلى العافية و السعة لم أطلب بها بدلا و شكرت الله عليها و حمدته قال لها داود ع فبهذا النعت بلغت ما بلغت ثم قال أبو عبد الله ع هذا و الله دين الله الذي ارتضاه للصالحين
65- المؤمن، بإسناده عن أحدهما ع قال ما من عبد مسلم ابتلاه الله بمكروه و صبر إلا كتب له أجر ألف شهيد
و عن أبي الحسن ع قال ما من أحد يبليه الله عز و جل ببلية فصبر عليها إلا كان له أجر ألف شهيد