الآيات النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ الآية المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى الأنعام وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى الأعراف قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ و قال سبحانه وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ حمعسق وَ أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ و قال تعالى اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ الْمِيزانَ الحجرات وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ الحديد لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ
أقول قد مضى كثير من الأخبار في باب جوامع المكارم
1- مع، ]معاني الأخبار[ لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الصادق ع قال قال رسول الله ص أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه و كره لهم ما يكره لنفسه
2- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ في خبر الشيخ الشامي قال أمير المؤمنين ع يا شيخ ارض للناس ما ترضى لنفسك و آت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك
3- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد البرقي عن القاسم بن محمد الجوهري عن حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله ع قال أحبوا للناس ما تحبون لأنفسكم
4- ل، ]الخصال[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره
5- ل، ]الخصال[ عنهما عن البرقي عن عبد الله بن حماد عن عبد الله بن محمد الغفاري عن جعفر بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال رسول الله ص من واسى الفقير و أنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقا
6- ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما ناصح الله عبد مسلم في نفسه فأعطى الحق منها و أخذ الحق لها إلا أعطي خصلتين رزقا من الله يقنع به و رضى عن الله ينجيه
ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن ابن عيسى مثله
7- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن السعدآبادي عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عز و جل يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه و رجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة و رجل قال الحق فيما عليه و له
ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن البرقي مثله
8- مع، ]معاني الأخبار[ ل، ]الخصال[ لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن الكمنداني عن ابن عيسى عن ابن أبي نجران عن ابن حميد عن ابن قيس عن الباقر ع قال أوحى الله تعالى إلى آدم ع يا آدم إني أجمع لك الخير كله في أربعة كلمات واحدة منهن لي و واحدة لك و واحدة فيما بيني و بينك و واحدة فيما بينك و بين الناس فأما التي لي فتعبدني و لا تشرك بي شيئا و أما التي لك فأجازيك بعملك أحوج ما تكون إليه و أما التي بيني و بينك فعليك الدعاء و علي الإجابة و أما التي فيما بينك و بين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك
9- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن الفضل عن الرضا ع قال استعمال العدل و الإحسان مؤذن بدوام النعمة
10- ل، ]الخصال[ جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة عن جده الحسن عن عمرو بن عثمان عن سعيد بن شرحبيل عن ابن لهيعة عن أبي مالك قال قلت لعلي بن الحسين ع أخبرني بجميع شرائع الدين قال قول الحق و الحكم بالعدل و الوفاء بالعهد
11- ل، ]الخصال[ فيما أوصى به النبي ص عليا يا علي سيد الأعمال ثلاث خصال إنصافك الناس من نفسك و مواساتك الأخ في الله عز و جل و ذكرك الله تبارك و تعالى على كل حال يا علي ثلاث من حقائق الإيمان الإنفاق من الإقتار و إنصاف الناس من نفسك و بذل العلم للمتعلم
و بإسناد آخر قال يا علي ثلاث لا تطيقها هذه الأمة المواساة للأخ في ماله و إنصاف الناس من نفسه و ذكر الله على كل حال
12- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما أوصى به أمير المؤمنين ع عند وفاته أوصيك بالعدل في الرضا و الغضب
و فيما كتب ع لمحمد بن أبي بكر أحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك و أهل بيتك و اكره لهم ما تكره لنفسك و أهل بيتك فإن ذلك أوجب للحجة و أصلح للرعية
13- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الحسن بن حمزة العلوي عن أحمد بن عبد الله عن جده البرقي عن أبيه عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الحذاء قال قال أبو عبد الله ع أ لا أخبرك بأشد ما افترض الله على خلقه إنصاف الناس من أنفسهم و مواساة الإخوان في الله عز و جل و ذكر الله على كل حال فإن عرضت له طاعة الله عمل بها و إن عرضت له معصيته تركها
14- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الفحام عن محمد بن الحسن النقاش عن إبراهيم بن عبد الله عن الضحاك بن مخلد عن الصادق ع قال ليس من الإنصاف مطالبة الإخوان بالإنصاف
15- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن جعفر الرزاز عن جده محمد بن عيسى القيسي عن محمد بن الفضيل الصيرفي عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين ع قال رجل للنبي ص علمني عملا لا يحال بينه و بين الجنة قال لا تغضب و لا تسأل الناس شيئا و ارض للناس ما ترضى لنفسك
أقول سيأتي أخبار كثيرة من هذا الباب في باب ذكر الله و باب مواساة الإخوان
16- مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع قال مر رسول الله ص بقوم يربعون حجرا فقال ما هذا قالوا نعرف بذلك أشدنا و أقوانا فقال ع أ لا أخبركم بأشدكم و أقواكم قالوا بلى يا رسول الله قال أشدكم و أقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم و لا باطل و إذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق و إذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحق
أقول قد مضى بإسناد آخر في باب صفات المؤمن
17- سن، ]المحاسن[ أبي عن الحسن عن معاوية عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما ناصح الله عبد في نفسه فأعطى الحق منها و أخذ الحق لها إلا أعطي خصلتين رزق من الله يسعه و رضى عن الله ينجيه
18- ختص، ]الإختصاص[ عن أبي حمزة قال سمعت فاطمة بنت الحسين ع تقول قال رسول الله ص ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصال الإيمان الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل و إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق و إذا قدر لم يتعاط ما ليس له
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن محبوب ابن بنت الأشج الكندي عن محمد بن عيسى بن هشام عن الحسن بن علي بن فضال عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عن آبائه ع قال عاصم و حدثني أبو حمزة عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين ع عن أبيها عن النبي ص مثله
19- نوادر الراوندي، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال قال رسول الله ص السابقون إلى ظل العرش طوبى لهم قيل يا رسول الله و من هم فقال الذين يقبلون الحق إذا سمعوه و يبذلونه إذا سئلوه و يحكمون للناس كحكمهم لأنفسهم هم السابقون إلى ظل العرش
20- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله ع قال قال لي أ لا أخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه قال نعم قال إن من أشد ما فرض الله على خلقه إنصافك الناس من نفسك و مواساتك أخاك المسلم في مالك و ذكر الله كثيرا أما إني لا أعني سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و إن كان منه لكن ذكر الله عند ما أحل و ما حرم فإن كان طاعة عمل بها و إن كان معصية تركها
21- نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع في قول الله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ العدل الإنصاف و الإحسان التفضل
و قال في وصيته لابنه الحسن ع يا بني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك و بين غيرك فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك و اكره له ما تكره لها و لا تظلم كما لا تحب أن تظلم و أحسن كما تحب أن يحسن إليك و استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك و ارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك و لا تقل ما لا تعلم و قل ما تعلم و لا تقل ما لا تحب أن يقال لك
22- كا، ]الكافي[ عن محمد عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن الحسن بن أبي حمزة عن جده أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال كان رسول الله ص يقول في آخر خطبته طوبى لمن طاب خلقه و طهرت سجيته و صلحت سريرته و حسنت علانيته و أنفق الفضل من ماله و أمسك الفضل من قوله و أنصف الناس من نفسه
إيضاح طوبى أي الجنة أو شجرتها المعروفة أو أطيب الأحوال في الدنيا و الآخرة لمن طاب خلقه بضم الخاء أي تخلق بالأخلاق الحسنة و يحتمل الفتح أيضا أي يكون مخلوقا من طينة حسنة و طهرت سجيته أي طبيعته من الأخلاق الرذيلة فعلى الأول يكون تأكيدا لما سبق و في المصباح السجية الغريزة و الجمع سجايا و صلحت سريرته أي قلبه بالمعارف الإلهية و العقائد الإيمانية و بالخلو عن الحقد و النفاق و قصد إضرار المسلمين أو بواطن أحواله بأن لا تكون مخالفة لظواهرها كالمراءين و في القاموس السر ما يكتم كالسريرة و حسنت علانيته بكونها موافقة للآداب الشرعية و أنفق الفضل من ماله بإخراج الحقوق الواجبة و المندوبة أو الأعم منهما و مما فضل من الكفاف و أمسك الفضل من قوله بحفظ لسانه عما لا يعنيه. و أنصف الناس من نفسه أي كان حكما و حاكما على نفسه فيما كان بينه و بين الناس و رضي لهم ما رضي لنفسه و كره لهم ما كره لنفسه و كأن كلمة من للتعليل أي كان إنصافه الناس بسبب نفسه لا بانتصاف حاكم و غيره قال في المصباح نصفت المال بين الرجلين أنصفه من باب قتل قسمته نصفين و أنصفت الرجل إنصافا عاملته بالعدل و القسط و الاسم النصفة بفتحتين لأنك أعطيته من الحق ما يستحقه بنفسك
23- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله ع قال من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة أنفق و لا تخف فقرا و أفش السلام في العالم و اترك المراء و إن كنت محقا و أنصف الناس من نفسك
بيان من يضمن لي أربعة من للاستفهام و يقال ضمنت المال و به ضمانا فأنا ضامن و ضمين التزمته بأربعة أبيات التزمها له في الجنة ثم بين ع الأعمال على سبيل الاستئناف كأن السائل قال ما هي حتى أفعلها قال أنفق أي فضل مالك في سبيل الله و ما يوجب رضاه و لا تخف فقرا فإن الإنفاق موجب للخلف و أفش السلام في العالم أي انشر التسليم و أكثره أي سلم على كل من لقيته إلا ما استثني مما سيأتي في بابه في القاموس فشا خبره و عرفه و فضله فشوا و فشوا و فشيا انتشر و أفشاه و اترك المراء أي الجدال و المنازعة و إن كان في المسائل العلمية إذا لم يكن الغرض إظهار الحق و إلا فهو مطلوب كما قال تعالى وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ و قد مر الكلام فيه
24- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن جارود أبي المنذر قال سمعت أبا عبد الله ع يقول سيد الأعمال ثلاثة إنصاف الناس من نفسك حتى لا ترضى بشيء إلا رضيت لهم مثله و مواساتك الأخ في المال و ذكر الله على كل حال ليس سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله فقط و لكن إذا ورد عليك شيء أمر الله عز و جل به أخذت به و إذا ورد عليك شيء نهى الله عز و جل عنه تركته
تبيان سيد الأعمال أي أشرفها و أفضلها حتى لا ترضى بشيء أي لنفسك أي لا يطلب منهم من المنافع إلا مثل ما يعطيهم و لا ينيلهم من المضار إلا ما يرضى أن يناله منهم و يحكم لهم على نفسه و مواساتك الأخ في المال أي جعله شريكك في مالك و سيأتي الأخ في الله فيشمل نصرته بالنفس و المال و كل ما يحتاج إلى النصرة فيه. قال في النهاية قد تكرر ذكر الأسوة و المواساة و هي بكسر الهمزة و ضمها القدوة و المواساة المشاركة و المساهمة في المعاش و الرزق و أصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا و في القاموس الأسوة بالكسر و الضم القدوة و آساه بماله مواساة أناله منه و جعله فيه أسوة أو لا يكون ذلك إلا من كفاف فإن كان من فضله فليس بمواساة و قال واساه آساه لغة رديئة انتهى و ذكر الله على كل حال سواء كانت الأحوال شريفة أو خسيسة كحال الجنابة و حال الخلاء و غيرهما ليس أي ذكر الله سبحان إلخ أي منحصرا فيها كما تفهمه العوام و إن كان ذلك من حيث المجموع و كل واحد من أجزائه ذكرا أيضا و لكن العمدة في الذكر ما سيذكر و اعلم أن الذكر ثلاثة أنواع ذكر باللسان و ذكر بالقلب و الأول يحصل بتلاوة القرآن و الأدعية و ذكر أسماء الله و صفاته سبحانه و دلائل التوحيد و النبوة و الإمامة و العدل و المعاد و المواعظ و النصائح و ذكر صفات الأئمة ع و فضائلهم و مناقبهم فإنه روي عنهم إذا ذكرنا ذكر الله و إذا ذكر أعداؤنا ذكر الشيطان و بالجملة كل ما يصير سببا لذكره تعالى حتى المسائل الفقهية و الأخبار المأثورة عنهم ع. و الثاني نوعان أحدهما التفكر في دلائل جميع ما ذكر و تذكرها و تذكر نعم الله و آلائه و التفكر في فناء الدنيا و ترجيح الآخرة عليها و أمثال ذلك مما مر في باب التفكر و الثاني تذكر عقوبات الآخرة و مثوباتها عند عروض شيء أمر الله به أو نهى عنه فيصير سببا لارتكاب الأوامر و الارتداع عن النواهي. و قالوا الثالث من الأقسام الثلاثة أفضل من الأولين و من العامة من فضل الأول على الثالث مستندا بأن في الأول زيادة عمل الجوارح و زيادة العمل تقتضي زيادة الأجر و الحق أن الأول إذا انضم إلى أحد الأخيرين كان المجموع أفضل من كل منهما بانفراده إلا إذا كان الذكر القلبي بدون الذكر اللساني أكمل في الإخلاص و سائر الجهات فيمكن أن يكون بهذه الجهة أفضل من المجموع و أما الذكر اللساني بدون الذكر القلبي كما هو الشائع عند أكثر الخلق أنهم يذكرون الله باللسان على سبيل العادة مع غفلتهم عنه و شغل قلبهم بما يلهي عن الله فهذا الذكر لو كان له ثواب لكانت له درجة نازلة من الثواب و لا ريب أن الذكر القلبي فقط أفضل منه و كذا المواعظ و النصائح التي يذكرها الوعاظ رئاء من غير تأثر قلبهم به فهذا أيضا لو لم يكن صاحبه معاقبا فليس بمثاب و أما الترجيح بين الثاني و الثالث فمشكل مع أن لكل منها أفرادا كثيرة لا يمكن تفصيلها و ترجيحها ثم إن العامة اختلفوا في أن الذكر القلبي هل تعرفه الملائكة و تكتبه أم لا فقيل بالأول لأن الله تعالى يجعل له علامة تعرفه الملائكة بها و قيل بالثاني لأنهم لا يطلعون عليها
25- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن المعلى عن يحيى بن أحمد عن أبي محمد الميثمي عن رومي بن زرارة عن أبيه عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع في كلام له ألا إنه من ينصف الناس من نفسه لم يزده الله إلا عزا
بيان كلمة من شرطية
26- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عز و جل يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده و رجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة و رجل قال بالحق فيما له و عليه
إيضاح هم أقرب الخلق أي بالقرب المعنوي كناية عن شمول لطفه و رحمته تعالى لهم أو المراد به القرب من عرشه تعالى أو من الأنبياء و الأوصياء الذين إليهم حساب الخلق و على الأول ليس المراد بالغاية انقطاع القرب بعده بل المراد أن في جميع الموقف الذي الناس فيه خائفون و فازعون و مشغولون بالحساب هم في محل الأمن و القرب و تحت ظل العرش و بعده أيضا كذلك بالطريق الأولى و قوله حتى يفرغ إما على بناء المعلوم و المستتر راجع إلى الله أو على بناء المجهول و الظرف نائب الفاعل لم تدعه أي لم تحمله من دعا يدعو قدرة بالتنوين و الإضافة إلى الضمير بعيد أي قدرة على الحيف و هو الجور و الظلم و يمكن حمله هنا على ما يشمل الانتقام بالمثل المجوز أيضا فإن العفو أفضل و في الخصال قدرته. و رجل مشى بين اثنين بالمشي الحقيقي أو كناية عن الحكم بينهما أو الأعم منه و من أداء رسالة أو مصالحة بشعيرة مبالغة مشهورة في القلة و المراد ترك الميل بالكلية فيما له و عليه أي فيما ينفعه في الدنيا أو يضره فيها
27- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن زرارة عن الحسن البزاز عن أبي عبد الله ع قال في حديث له أ لا أخبركم بأشد ما فرض الله على خلقه فذكر ثلاثة أشياء أولها إنصاف الناس من نفسك
بيان كأن المراد بالفرض أعم من الواجب و السنة المؤكدة
28- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك و مواساة الأخ في الله و ذكر الله على كل حال
بيان في الله أي الأخ الذي أخوته لله لا للأغراض الدنيوية أو هو متعلق بالمواساة أي تكون المواساة لله لا للشهرة و الفخر و على التقديرين ما فيه المواساة يشمل غير المال أيضا
29- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن زرارة عن الحسن البزاز قال قال لي أبو عبد الله ع أ لا أخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه ثلاث قلت بلى قال إنصاف الناس من نفسك و مواساتك أخاك و ذكر الله في كل موطن أما إني لا أقول سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و إن كان هذا من ذاك و لكن ذكر الله في كل موطن إذا هجمت على طاعة أو على معصية
بيان بأشد ما فرض الله على خلقه ثلاث ليس ثلاث في بعض النسخ و هو أظهر و على تقديره بدل أو عطف بيان للأشد أو خبر مبتدأ محذوف إذا هجمت على بناء المعلوم أو المجهول في القاموس هجم عليه هجوما انتهى إليه بغتة أو دخل بغير إذن و فلانا أدخله كأهجمه انتهى و في بعض النسخ إذا هممت و الأول أكثر و أظهر
30- كا، ]الكافي[ بالإسناد عن ابن محبوب عن أبي أسامة قال قال أبو عبد الله ع ما ابتلي المؤمن بشيء أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها قيل و ما هن قال المواساة في ذات يده و الإنصاف من نفسه و ذكر الله كثيرا أما إني لا أقول سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و لكن ذكر الله عند ما أحل له و ذكر الله عند ما حرم عليه
بيان أشد عليه أي في الآخرة يحرمها على بناء المجهول و هو بدل اشتمال للخصال أي من حرمان خصال ثلاث يقال حرمه الشيء كضربه و علمه حريما و حرمانا بالكسر منعه فهو محروم و من قرأ على بناء المعلوم من قولهم حرمته إذا امتنعت فعله فقد أخطأ و اشتبه عليه ما في كتب اللغة في ذات يده أي الأموال المصاحبة ليده أي المملوكة له فإن الملك ينسب غالبا إلى اليد كما يقال ملك اليمين قال الطيبي ذات الشيء نفسه و حقيقته و يراد به ما أضيف إليه و منه إصلاح ذات البين أي إصلاح أحوال بينكم حتى يكون أحوال ألفة و محبة و اتفاق ك عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بمضمراتها و في شرح جامع الأصول في ذات يده أي فيما يملكه من ملك و أثاث
-31 كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد رفعه قال جاء أعرابي إلى النبي ص و هو يريد بعض غزواته فأخذ بغرز راحلته فقال يا رسول الله علمني عملا أدخل به الجنة فقال ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فأته إليهم و ما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم خل سبيل الراحلة
بيان فأخذ بغرز راحلته قال الجوهري الغرز ركاب الرحل من جلد عن أبي الغوث قال فإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب و قال رحل البعير أصغر من القتب و الراحلة الناقة التي تصلح لأن ترحل و يقال الراحلة المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى انتهى أن يأتيه الناس إليك كأنه على الحذف و الإيصال أي يأتي به الناس إليك أو هو من قولهم أتى الأمر أي فعله أي يفعله الناس منتهيا إليك و يمكن أن يقرأ على بناء التفعيل من قولهم أتيت الماء تأتيه أي سهلت سبيله و قال في المصباح أتى الرجل يأتي أتيا جاء و أتيته يستعمل لازما و متعديا
32- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الكريم عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ما أوسع العدل إذا عدل فيه و إن قل
33- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي مثله
بيان العدل ضد الجور و يطلق على ملكة للنفس تقتضي الاعتدال في جميع الأمور و اختيار الوسط بين الإفراط و التفريط و يطلق على إجراء القوانين الشرعية في الأحكام الجارية بين الخلق قال الراغب العدل ضربان مطلق يقتضي العقل حسنه و لا يكون في شيء من الأزمنة منسوخا و لا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الإحسان إلى من أحسن إليك و كف الأذية عمن يكف أذاه عنك و عدل يعرف كونه عدلا بالشرع و يمكن أن يكون منسوخا في بعض الأزمنة كالقصاص و أرش الجنايات و لذلك قال فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ و قال وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فسمي ذلك اعتداء و سيئة و هذا النحو هو المعني بقوله إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ فإن العدل هو المساواة في المكافاة إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا و الإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه و الشر بأقل منه انتهى. و قوله ع إذا عدل فيه يحتمل وجوها الأول أن يكون الضمير راجعا إلى الأمر أي ما أوسع العدل إذا عدل في أمر و إن قل ذلك الأمر الثاني أن يكون الضمير راجعا إلى العدل و المراد بالعدل الأمر الذي عدل فيه فيرجع إلى المعنى الأول و يكون تأكيدا الثالث إرجاع الضمير إلى العدل أيضا و المعنى ما أوسع العدل الذي عدل فيه أي يكون العدل واقعيا حقيقيا لا ما يسميه الناس عدلا أو يكون عدلا خالصا غير مخلوط بجور أو يكون عدلا ساريا في جميع الجوارح لا مخصوصا ببعضها و في جميع الناس لا يختص ببعضهم الرابع ما قيل إن عدل على المجهول من بناء التفعيل و المراد جريانه في جميع الوقائع لا أن يعدل إذا لم يتعلق به غرض فالتعديل رعاية التعادل و التساوي و على التقادير يحتمل أن يكون المراد بقوله و إن قل بيان قلة العدل بين الناس
34- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن محبوب عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره
بيان رضي به على بناء المجهول حكما بالتحريك تميز أو حال عن ضمير به و المعنى أنه يجب أن يكون الحاكم بين الناس من أنصف الناس من نفسه و يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أي من أنصف الناس من نفسه لم يجنح إلى حاكم بل رضي أن تكون نفسه حكما بينه و بين غيره و الأول أظهر
-35 كا، ]الكافي[ عن محمد عن ابن عيسى عن ابن سنان عن يوسف بن عمران بن ميثم عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله عز و جل إلى آدم ع أني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات قال يا رب و ما هن قال واحدة لي و واحدة لك و واحدة فيما بيني و بينك و واحدة فيما بينك و بين الناس قال يا رب بينهن لي حتى أعلمهن قال أما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا و أما التي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه و أما التي بيني و بينك فعليك الدعاء و علي الإجابة و أما التي بينك و بين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك و تكره لهم ما تكره لنفسك
توضيح سأجمع لك الكلام أي الكلمات الحقة الجامعة النافعة فتعبدني هذه الكلمة جامعة لجميع العبادات الحقة و الإخلاص الذي هو من أعظم شروطها و معرفة الله تعالى بالوحدانية و التنزيه عن جميع النقائص و التوكل عليه في جميع الأمور قوله تعالى أحوج ما تكون إليه أحوج منصوب بالظرفية الزمانية فإن كلمة ما مصدرية و أحوج مضاف إلى المصدر و كما أن المصدر يكون نائبا لظرف الزمان نحو رأيته قدوم الحاج فكذا المضاف إليه يكون نائبا له و نسبة الاحتياج إلى الكون على المجاز و تكون تامة و إليه متعلق بالأحوج و ضميره راجع إلى الجزاء الذي هو في ضمن أجزيك. قوله فعليك الدعاء كأن الدعاء مبتدأ و عليك خبره و كذا على الإجابة و يحتمل أن يكون بتقدير عليك بالدعاء
36- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن غالب بن عثمان عن روح بن أخت المعلى عن أبي عبد الله ع قال اتقوا الله و اعدلوا فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون
بيان و اعدلوا أي في أهاليكم و معامليكم و كل من لكم عليهم الولاية
و روي عن النبي ص كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته
فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون بين الناس من أمراء الجور فلا ينبغي لكم أن تفعلوا ما تلومون غيركم عليه
37- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن محبوب عن ابن وهب عن أبي عبد الله ع قال العدل أحلى من الشهد و ألين من الزبد و أطيب ريحا من المسك
إيضاح أحلى من الشهد من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس لإلف أكثر الخلق بتلك المشتهيات البدنية الدنية
38- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن عثمان بن جبلة عن أبي جعفر علي قال قال رسول الله ص ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم و رجل لم يقدم رجلا و لم يؤخر رجلا حتى يعلم أن ذلك لله رضى و رجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي ذلك العيب عن نفسه فإنه لا ينفي منها عيبا إلا بدا له عيب و كفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس
تبيين يوم لا ظل إلا ظله الضمير راجع إلى الله أو إلى العرش فعلى الأول يحتمل أن يكون لله تعالى يوم القيامة ظلال غير ظل العرش و هو أعظمها و أشرفها يخص الله سبحانه به من يشاء من عباده و من جملتهم صاحب هذه الخصال و قيل على الأخير ينافي ظاهرا
ما روي عن النبي ص أن أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله
و من ثم قيل إن في القيامة ظلالا بحسب الأعمال تقي أصحابها من حر الشمس و النار و أنفاس الخلائق و لكن ظل العرش أحسنها و أعظمها و قد يجاب بأنه يمكن أن لا يكون هناك إلا ظل العرش يظل بها من يشاء من عباده المؤمنين و لكن ظل العرش لما كان لا ينال إلا بالأعمال و كانت الأعمال تختلف فيحصل لكل عامل ظل يخصه من ظل العرش به حسب عمله و إضافة الظل إلى الأعمال باعتبار أن الأعمال سبب لاستقرار العامل فيه. و قال الطيبي في ظل عرش الله أي في ظل الله من الحر و الوهج في الموقف أو أوقفه الله في ظل عرشه حقيقة و قال النووي قيل الظل عبارة عن الراحة و النعيم نحو هو في عيش ظليل و المراد ظل الكرامة لا ظل الشمس لأن سائر العالم تحت العرش و قيل يحتمل جعل جزء من العرش حائلا تحت فلك الشمس و قيل أي كنه من المكاره و وهج الموقف و يوم لا ظل إلا ظله أي دنت منهم الشمس و اشتد الحر و أخذهم العرق و قيل أي لا يكون من له ظل كما في الدنيا. قوله ع لم يقدم رجلا بكسر الراء في الموضعين و هي عبارة شائعة عند العرب و العجم في التعميم في الأعمال و الأفعال أو التقديم كناية عن الفعل و التأخير عن الترك كما يقال في التردد في الفعل و الترك يقدم رجلا و يؤخر أخرى و أما قراءة رجلا بفتح الراء و ضم الجيم فهو تصحيف قوله ع حتى ينفي قيل حتى هنا مثله في قوله تعالى حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ في التعليق على المحال لتتمة الخبر و كفى بالمرء شغلا الباء زائدة و شغلا تميز و المعنى من شغل بعيوب نفسه و إصلاحها لا يحصل له فراغ ليشتغل بعيوب الناس و تفتيشها و لومهم عليها
39- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن جعفر بن إبراهيم الجعفري عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من واسى الفقير من ماله و أنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقا
بيان بنو غفار ككتاب رهط أبي ذر رضي الله عنه فذلك المؤمن حقا أي المؤمن الذي يحق و يستأهل أن يسمى مؤمنا لكماله في الإيمان و صفاته
40- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن سنان عن خالد بن نافع بياع السابري عن يوسف البزاز قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما تدارى اثنان في أمر قط فأعطى أحدهما النصف صاحبه فلم يقبل منه إلا أديل منه
بيان في القاموس تداروا تدافعوا في الخصومة و أديل منه أي جعلت الغلبة و النصرة له عليه يقال أدالنا الله على عدونا أي نصرنا عليه و جعل الغلبة لنا و في الصحيفة أدل لنا و لا تدل منا و في الفائق أدال الله زيدا من عمرو نزع الله الدولة من عمرو و آتاها زيدا
41- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ع قال إن لله جنة لا يدخلها إلا ثلاثة أحدهم من حكم في نفسه بالحق