1- ف، ]تحف العقول[ أما بعد أيها الناس فإنا نحمد ربنا و إلهنا و ولي النعمة علينا ظاهرة و باطنة بغير حول منا و لا قوة إلا امتنانا علينا و فضلا ليبلونا أ نشكر أم نكفر فمن شكر زاده و من كفر عذبه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا و أشهد أن محمدا عبده و رسوله بعثه رحمة للعباد و البلاد و البهائم و الأنعام نعمة أنعم بها و منا و فضلا ص فأفضل الناس أيها الناس عند الله منزلة و أعظمهم عند الله خطرا أطوعهم لأمر الله و أعملهم بطاعة الله و أتبعهم لسنة رسول الله ص و أحياهم لكتاب الله فليس لأحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله و طاعة رسوله و اتباع كتابه و سنة نبيه ص هذا كتاب الله بين أظهرنا و عهد نبي الله و سيرته فينا لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند عن الله عز و جل يقول الله يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب و كذلك أهل طاعته و طاعة رسول الله يقول الله في كتابه إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ ثم صاح بأعلى صوته يا معاشر المهاجرين و الأنصار و يا معاشر المسلمين أ تمنون على الله و على رسوله بإسلامكم و لله و لرسوله المن عليكم إن كنتم صادقين ثم قال ألا إنه من استقبل قبلتنا و أكل ذبيحتنا و شهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله أجرينا عليه أحكام القرآن و أقسام الإسلام ليس لأحد على أحد فضل إلا بتقوى الله و طاعته جعلنا الله و إياكم من المتقين و أوليائه و أحبائه الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ ثم قال ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها و ترغبون فيها و أصبحت تعظكم و ترميكم ليست بداركم و لا منزلكم الذي خلقتم له و لا الذي دعيتم إليه ألا و إنها ليست بباقية لكم و لا تبقون عليها فلا يغرنكم عاجلها فقد حذرتموها و وصفت لكم و جربتموها فأصبحتم لا تحمدون عاقبتها فسابقوا رحمكم الله إلى منازلكم التي أمرتم أن تعمروها فهي العامرة التي لا تخرب أبدا و الباقية التي لا تنفد رغبكم الله فيها و دعاكم إليها و جعل لكم الثواب فيها فانظروا يا معاشر المهاجرين و الأنصار و أهل دين الله ما وصفتم به في كتاب الله و نزلتم به عند رسول الله ص و جاهدتم عليه فيما فضلتم به أ بالحسب و النسب أم بعمل و طاعة فاستتموا نعمه عليكم رحمكم الله بالصبر لأنفسكم و المحافظة على من استحفظكم الله من كتابه ألا و إنه لا يضركم تواضع شيء من دنياكم بعد حفظكم وصية الله و التقوى و لا ينفعكم شيء حافظتم عليه من أمر دنياكم بعد تضييع ما أمرتم به من التقوى فعليكم عباد الله بالتسليم لأمره و الرضا بقضائه و الصبر على بلائه فأما هذا الفيء فليس لأحد فيه على أحد أثرة قد فرغ الله عز و جل من قسمة فهو مال الله و أنتم عباد الله المسلمون و هذا كتاب الله به أقررنا و عليه شهدنا و له أسلمنا و عهد نبينا بين أظهرنا فسلموا رحمكم الله فمن لم يرض بهذا فليتول كيف شاء فإن العامل بطاعة الله و الحاكم بحكم الله لا وحشة عليه أولئك الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ و نسأل الله ربنا و إلهنا أن يجعلنا و إياكم من أهل طاعته و أن يجعل رغبتنا و رغبتكم فيما عنده أقول ما سمعتم و أستغفر الله لي و لكم
2- ف، ]تحف العقول[ لما رأت طائفة من أصحابه بصفين ما يفعله معاوية بمن انقطع إليه و بذله لهم الأموال و الناس أصحاب دنيا قالوا لأمير المؤمنين ع أعط هذا المال و فضل الأشراف و من تخوف خلافه و فراقه حتى إذا استتب لك ما تريد عدت إلى أحسن ما كنت عليه من العدل في الرعية و القسم بالسوية فقال أ تأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام و الله لا أطور به ما سمر به سمير و ما أم نجم في السماء نجما و لو كان مالهم مالي لسويت بينهم فكيف و إنما هي أموالهم ثم أزم طويلا ساكتا ثم قال من كان له مال فإياه و الفساد فإن إعطاءك المال في غير وجهه تبذير و إسراف و هو يرفع ذكر صاحبه في الناس و يضعه عند الله و لم يضع امرؤ ماله في غير حقه و عند غير أهله إلا حرمه شكرهم و كان خيره لغيره فإن بقي معه منهم من يريه الود و يظهر له الشكر فإنما هو ملق و كذب و إنما يقرب لينال من صاحبه مثل الذي كان يأتي إليه قبل فإن زلت بصاحبه النعل و احتاج إلى معونته و مكافاته فأشر خليل و آلم خدين مقالة جهال ما دام عليهم منعما و هو عن ذات الله بخيل فأي حظ أبور و أخس من هذا الحظ و أي معروف أضيع و أقل عائدة من هذا المعروف فمن أتاه مال فليصل به القرابة و ليحسن به الضيافة و ليفك به العاني و الأسير و ليعن به الغارمين و ابن السبيل و الفقراء و المهاجرين و ليصبر نفسه على الثواب و الحقوق فإنه يحوز بهذه الخصال شرفا في الدنيا و درك فضائل الآخرة